JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
الصفحة الرئيسية

بحث حول منظمة النيباد

خط المقالة
بحث حول منظمة النيباد


تمثل التنمية فى أفريقيا معضلة رئيسية فشلت معظم الجهود المبذولة فى التغلب عليها، حيث فرضت على الدول الإفريقية منذ نيل استقلالها في ستينات القرن الماضي، تحديات ومشاكل مزمنة ومستجدة، وإذا كانت المزمنة معروفة، وتختصر في ثالوث الفقر والتخلف والمرض، فان المستجدة برزت في العقد الأخير من القرن العشرين، بعد هيمنة العولمة على المشهد الدولي، وأوجدت ضرورة ملحة لقيام تكتلات اقتصادية، وتشكيل كيان اقتصاديو سياسي متكامل للنهوض بالتنمية، من هنا جاءت مبادرة الشراكة الجديدة من أجل أفريقيا *نيباد * لتعبر عن موقف أفريقي موحد وواضح تجاه قضايا القارة الملحة.
وقد سعت الدول الأفريقية إلى تكوين مبادرة جديدة نابعة من وجدان زعمائها، تستند إلى رؤية جماعية واقتناع مشترك، بأن عليهم واجبا ملحا يستلزم استئصال الفقر ووضع بلدانهم على طريق التنمية، لاسيما إذا كانت القارة غنية بمواردها الطبيعية والبشرية الهائلة التي تضمن لها التقدم والازدهار، بشرط التوصل إلى منظومة متكاملة من الأطر والسياسات المتناغمة للنهوض بالقارة التي عاشت تحت نير الاستعمار الذى استنزف ثرواتها واستعبد أبناءها.

تعريف النيباد
هى مبادرة استراتيجية لإعادة هيكلة افريقي او تخليصها من التخلف وتعزيز التنمية المستقلة والنهوض بالاقتصاد والاستثمار في الشعوب الافريقية ومواجهة التحديات الحالية التي تواجها القارة الافريقية والتي تتمثل فى الفقر المتزايد والتخلف واستمرار التهميش…. من هنا فوضت منظمة الوحدة الافريقية ) O.A.U ( خلال الاجتماع ال 37 لها في زامبيا يوليو ٢٠٠١ رؤساء الدول المؤسسة أو ما يعرفوا بالخمسة الكبار (مصر، الجزائر، السنغال، نيجيريا وجنوب افريقيا) بتصميم هيكل متكامل للتنمية الاجتماعية- الاقتصادية في القارة.

نشأة وتطور المنظمة:
مرت المبادرة بعدة مراحل وتطورات حتى أصبحت في شكلها الحالي، ففي البداية قامت مصر والجزائر ونيجيريا وجنوب أفريقيا بطرح ما أسموه برنامج شراكة الألفية لإنعاش أفريقيا والمعروف اختصارا ب )ماب  MAP ( أواخر العام 2000 بالعاصمة الجزائرية خلال مؤتمر رؤساء الدول والحكومات السادس والثلاثين لمنظمة الوحدة الأفريقية، وتم الاتفاق في البداية على الإطار العام الذي تقوم عليه الشراكة، حيث تم تحديدا لقطاعات التى يجب أن تعمل فيها الحكومات والتى يجب أن تكون لها الأولوية فى جذب الاستثمارات الأجنبية وتوجيه القطاع الخاص إليها وهى قطاعات التكنولوجيا الجديدة والمعلومات والاتصالات وتعزيز الأمن وتشجيع الاستثمارات الأجنبية المباشرة.ثم بادرت السنغال بوضع خطة جديدة لحل مشاكل القارة الأفريقية فجاءت خطة “أوميجاوالتى تهدف إلى إحراز التنمية فى أفريقيا والعمل على خلق تنمية متواصلة لشعوب القارة ومحاربة أسباب التخلف، على أربعة محاور هي: تدعيم البنية الاساسية بما في ذلك المعلومات والاتصالات، والاهتمام بالتعليم وتنمية الموارد البشرية، والصحة،
والزاراعة.
بعد ذلك تم طرح المبادرتين أمام قمة سرت غيرالعادية في مبادرة واحدة – وتزامن ذلك مع طرحة فكرة تفعيل منظمة الوحدة الافريقية وتحويلها الى الاتحاد الافريقي ولاقت قبوال واسعا من القادة  الأفارقة، ودعوا إلى دمجهما في مبادرة واحدة تتقدم بها القارة السمراء إلى الشركاء الدوليين، وتعبر عن موقف أفريقي موحد وواضح تجاه قضايا القارة الملحة، وتم تشكيل لجنة لتنفيذ المبادرة من رؤساء 15 دولة أفريقية، لكي تتولي إدارة جميع الامور المتعلقة بتنفيذ المبادرة، وفي أول اجتماع لهذه اللجنة بالعاصمة النيجيرية ابوجا في 23 أكتوبر 2001، تم إعلان الصيغة النهائية للمبادرة، مع تغيير اسمها إلي “الشراكة الجديدة لتنمية أفريقيا… نيبـــــاد
وتم اعتماد الوثيقة الإستراتيجية الإطارية لهذه المنظمة في مؤتمر القمة الـسابع والثلاثين لمنظمة الوحدة الأفريقية عام 2001، االمنعقد في العاصمة الزامبية لوساكا، ووضع القادة المشاركين فى المؤتمر وثيقة إستراتيجية للشراكة الجديدة حول التحديات التي تواجه القارة .
أهداف المنظمة:
· القضاء على الفقر.
· مساعدة الدول الافريقية على المشاركة الفعالة في مسيرة التقدم والتنمية.
· الحيلولة دون محاولات تهميش القارة في مسار العولمة وتفعيل اندماج أفريقيا في الاقتصاد العالمي.
· تجاوز إقصاء المرأة أو عزلها.
وبدأت الدول الخمس المؤسسة – الجزائر ومصر ونيجيريا والسنغال وجنوب أفريقيا- في صياغة مجموعة من الإجراءات الاقتصادية  والإجتماعية لتطوير أفريقيا، الا أن أزمات القارة الاقتصادية أدت الى خروج المبادرة من إطارها الإفريقي الى الإطار العالميم بهدف الحصول على الدعم.
حيث تبنت دول مجموعة الثمانى الصناعية “نيباد” وذلك فى إطار سعيها إلى العمل على تخفيف حدة الفقر بين الدول النامية من ناحية ودفع عجلة التنمية بها من ناحية أخرى وفى عام 2000 عقدت قمة مجموعة الثمانى فى أوكيناوا باليابان، ورغم أن قادة الثمانية اختلفوا فيما بينهم على كيفية حتقيق التنمية المنشودة فى القارة، إلا أنهم قرروا إلغاء ما يقرب من مائة ألف مليون دلار أمريكى من الديون، وفى نفس الوقت أكدوا عزمهم على التزام دول القارة بالشروط المفروضة عليهم لتخفيف ديونها ولقد كانت أفريقيا ممثلة تمثيلاً جيدا فى القمة حيث شارك فيها الرئيس النيجيرى ورئيس جنوب أفريقيا ممثلا عن دول عدم االنحياز والرئيس الجزائري ممثلا لمنظمة الوحدة األفريقية.
وفى اجتماع المجموعة فى جنوة بإيطاليا فى يوليو 2001 حظيت القارة الأفريقية باهتمام كبير من قبل قادة مجموعة الثمانى سواء من حيث المشاركة الأفريقية أو القرارات التى اتخذت، وقد رحب المشاركين بالنيباد، ووافقوا على الإلتزام بمبادئ أساسية، هى تعزيز الدميقرارطية وترسيخ الحكم السياسي الجيد، ومنع المنازعات وادارتها وتسويتها، وخرجت القمة بعدد من القرارات الهامة .
انجازات المنظمة:




- استفادة أفريقيا من الصندوق الذى تقرر إنشاؤه لمكافحة مرض الإيدز .
- الإستفادة من الصندوق الخاص بدعم التعليم فى الدول النامية . 
- قرر زعماء الدول الثمانى إلغاء ديون الدول الاكثر فقرا وقد جنحت بعض الدول الافريقية فى التأهل لخفض ديونها بمقدار 53 مليار دوالر أمريكى مقارنة بحجم الدين الأصلي الذى يبلغ 74 مليار دولار حيث وصل عدد هذه الدول 23 دولة منها بنين وبوركينا فاسو وغينيا الاستوائية ومدغشقر وغينيا بيساو وزامبيا والكاميرون وتشاد وغينيا ومالى وموريتانيا وموزمبيق والنيجر ورواندا والسنغال وتنزانيا وأوغندا( . 
- وافقت القمة على إقامة شراكة جديدة مع أفريقيا للمساعدة على عملية التنمية. 
هيكل وآليات المبادرة 
يتكون الهيكل المشرف على تنفيذ المبادرة من:
1- قمة الرؤساء الافارقة: حيث تكون مسئولة عن تقديم الإطار العام للسياسات الخاصة بالمبادرة.
2- لجنة التنفيذ والمتابعة المكونة من 15 رئيسا، وهى مسئولة عن إعداد التقارير الخاصة بتطورات المبادرة وتقديمها خلال القمم الافريقية وتتولى هذه اللجنة: إقرار السياسات، وتحديد الاولويات ، واعتماد برنامج العمل الخاص بالمبادرة ، والعمل على تقييم وتحليل اللجنة وإقرار ما يلزم بشأنها.
3- لجنة التسيير المكونة من ممثلين قام بتعينهم رؤساء الدول الخمس التى أعلنت المبادرة ، وتقوم بالعمل على ضمان تنفيذ برنامج العمل، ومراجعة أعمال السكرتارية، واعتماد الشروط التفضيلية والمواصفات للمشروعات والبرامج المحددة ، والقيام بالتشاور والتباحث مع الدول الافريقية وشركاء التنمية الافريقية حول المشروعات والبرامج .
4- السكرتارية، وتتكون من هيئة العاملين فى مكتب يتشكل لهذا الغرض ومقره بريتوريا فى جنوب أفريقيا ووظيفتها هى: التنظيم والإعداد ، تقديك الدعم الاداري والمساندة الادارية لأعمال لجنة التسيير، ولمصر ممثل فيها يتولي متابعة قطاعي الزراعة والنفاذ للاسواق‏,‏ اللذين تختص مصر بتنسيق ملفيهما.‏‏
أولويات واهداف النيباد:
يعد برنامج عمل الوثيقة بمثابة الذراع التنموية للاتحاد الافريقي، كونه يجمع بين الاهداف التنموية البحتة، لاحداث الإنعاش الاقتصادي الكفيل بإحداث تقدم معيشي واجتماعي للقارة، وبني الاطار السياسي الملائم لتنفيذ هذا البرنامج، نظرا لاستحالة تحقيق التنمية في غياب الدميقراطية الحقيقية ومعاييرها العالمية التي تقوم على التعددية السياسية وتسمح بوجود الكثير من الاحزاب ومجتمع مدني فاعل، واحترام حقوق الانسان والحكم الراشد المكرس للسلم والامن ، تتبلور أبرز أهداف نيباد حول النقاط التالية:
أهداف المنظمة:
اولا: تهيئة بيئة العمل الملائمة للتنمية المستدامة من خلال 
نشر السلم والأمن
ترسيخ الشوري والديمقراطية والادارة السليمة على الصعيدين السياسي والاقتصادي وعلى صعيد مؤسسات المجتمع المدني.
§التعاون والتكامل على الصعيد الاقليمي .
ثانيا: العمل على تشجيع الاستثمار الزراعي وتنمية الموارد البشرية مع التركيز على الصحة والتعليم والتقنية الحديثة من خلال :
§تدعيم اقتصاد القارة عن طريق زيادة وتنويع الانتاج والصادرات، لا سيما التصنيع الزراعي ، والصناعة التحويلية، وتحويل المعادن الخام م إلى مواد مصنعة.
§النهوض بقطاع السياحة بالقارة .
§دفع عجلة التجارة فيما بين البلدان الافريقية والوصول بصادراتها إلى الأسواق العالمية.
ثالثاً: تعبئة الموارد عن طريق ما يلي:
§زيادة االدخار والاستثمار علي المستوي المحلي.
§زيادة حصة أفريقيا من التجارة العالمية وجذب المزيد من الاستثمارات الاجنبية.
§زيادة تدفقات رأس المال من خلال تخفيض الديون وزيادة المعونة.
أما الاهداف المحددة بإطار زمني، فتتمثل في تحقيق نمو في الناتج المحلي الاجمالي بمعدل ٧٪ سنوياً على الاقل لمدة ١٥ سنة وضمان تحقيق القارة لاهداف التنمية المستديمة العالمية المتفق عليها من قبل الامم المتحدة ، والمتعلقة بتخفيف الفقر، والتعليم والصحة والبيئة وغيرها، ومن ذلك، خفض نسبة السكان الذين يعيشون في حالة فقر شديد إلى النصف خلال الفترة )١٩٩٠ – ٢٠١٥(، والحاق جميع الاطفال في سن الدراسة بالتعليم الابتدائي بحلول 2015، وتقليل معدلات الوفيات بينهم إلى ثلثي النسبة الحالية وذلك خلال الفترة ذاتها، والمساواة بين الجنسين.
أما شروط التنمية المستدامة – وهي الشروط الاساسية التي يتوقف عليها جناح النيباد في تحقيق أهدافها – فقد طرحتها الوثيقة في شكل عدد من المبادرات التي يلتزم القادة الافارقة فرادي ومجتمعين بالعمل علي تنفيذها وهي:
§مبادرة السلام والامن .
§مبادرة الدميقراطية والحكم السياسي الرشيد.
وفيما يتعلق بالاولويات القطاعية قدمت النيباد برامج للعمل في مختلف القطاعات ذات الاولوية، وتغطي البرامج المجالات الاتية:
1البنية الاساسية، وبصفة خاصة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والطاقة، والنقل والمياه والصرف الصحي.
)2تنمية الموارد البشرية، وتشمل تخفيف الفقر، والتعليم والصحة وتحويل اتجاه هجرة العقول الأفريقية.
3الزراعة
4مبادرة البيئة
5الثقافة
6العلم والتكنولوجيا
وفي كل من هذه المجالات، حددت النيباد الأهداف الرئيسية المطلوب تحقيقها وعدداً من الإجراءات والسياسات المقترح اتخاذها لتحقيق تلك الأهداف، لتحقيق النتائج الرئيسية المرجوة من النيباد، والتى تتمثل فى:
§تعزيز التكامل الإقليمي والقاري لتحقيق النمو الإقتصادي الكستدام والتنمية.
§تعزيز قدرة الدول الأعضاء والمجموعات الاقتصادية الإقليمية لرصد وتقييم تنفيذ برنامج النيباد.
§تنفيذ استراتيجيات النمو الفعالة وبرامج القضاء على الفقر.
§ضمان مشاركة المجتمع ا لمدني والقطاع الخاص بحيث يصبح جزاً لا يتجزأ من عمليات التنمية .

المشاكل التي تعيق عمل المنظمة:
الأسباب الخارجية
تتعلق بعلاقة الدول الأفريقية بالقوى الخارجية, ومن أهم هذه الأسباب المساعدات الخارجية وأزمة الديون. فقد بدأت الدول الأفريقية في الاعتماد على المساعدات والقروض الخارجية منذ استقلالها وحصلت عليها من دول المعسكرين الشرقي والغربي في إطار ظروف الحرب الباردة ورغبة كل معسكر في استقطاب حلفاء له في القارة. وبعد انتهاء الحرب الباردة أصبحت المساعدات الغربية إلى دول القارة الأفريقية مساعدات مشروطة بالتحول الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان.
وقضية المساعدات والقروض الخارجية تثير عدة تساؤلات, فهل بالفعل تقدم هذه المساعدات والقروض لدعم التنمية في الدول الأفريقية المستقبلة لها، أم أنها تقدم لتحقيق أغراض خاصة للدول المانحة سواء لدعم بعض الأنظمة السياسية الأفريقية التي تحقق مصالحها أو كوسيلة لدفع الدول المستقبلة للمعونات لوضع سياسات تعزز من السيطرة الاقتصادية لهذه الأطراف الخارجية؟.
ولا شك أن الاعتماد على هذه المساعدات والقروض الخارجية يخلق قيدا من التبعية قد لا يمكن التخلي عنه, فقد اعتمدت دول القارة إبان الحرب الباردة على المساعدات التي كانت بمثابة مبدأ ثابت في علاقاتها مع القوى الخارجية واعتبرت أن هذا المبدأ سيظل ثابتا. لكن ذلك المبدأ تغير إلى آخر أكثر واقعية بدأت الولايات المتحدة التركيز عليه في إطار علاقاتها مع دول القارة, وهو مبدأ التجارة وليس المساعدات باعتباره أكثر ملاءمة لتحقيق مصالحها.
ولكن من ناحية أخرى غالبا ما يثار أن الفقر والافتقار إلى المهارات يجعل مساعدة الدول الغنية للقارة الأفريقية أمرا حتميا في السنوات القادمة. ومازالت العديد من الدول الأفريقية تعتبر المساعدات الخارجية بندا هاما في ميزانياتها. وطالما ظل هذا الوضع ساريا فستسير خطط التنمية وفقا لما تراه الدول المانحة, أو كما قال الرئيس التنزاني السابق جوليوس نير يري "إن الاستقلال لا يمكن أن يكون استقلالا حقيقيا إذا اعتمدت الدولة على المنح والقروض لتحقيق التنمية".
وقد وصلت نسبة الديون في كثير من دول القارة إلى معدلات عالية, فارتفع متوسط نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في دول أفريقيا جنوب الصحراء من 51% إلى حوالي 100% خلال عامي 1982 و1992. ويمكن ملاحظة أن هناك عدة دول أفريقية يزيد حجم الديون على ناتجها المحلي الإجمالي ولا يوجد سوى عدد محدود من الدول التي تعتبر ديونها في مستوى التحكم.
والمصادر الرئيسية لهذه المساعدات والقروض تأتي من بريطانيا وفرنسا -كدول استعمارية سابقة تسعى إلى حماية مصالحها في أفريقيا- والولايات المتحدة واليابان والتي تسعى إلى تأمين وصول بعض المواد الخام إليها من بعض الدول الأفريقية، هذا بالإضافة إلى المؤسسات المالية الدولية كصندوق النقد والبنك الدوليين. وهذه المؤسسات بدأت منذ الثمانينيات في ربط قروضها ومساعداتها ببرامج التكيف الهيكلي التي تتضمن تطبيق سياسات الخصخصة وتخفيض التعريفات الجمركية على الواردات الغربية وتخفيض الدعم عن بعض السلع الأساسية، ثم بدأت تلك المشروطية الاقتصادية تقترن بالمشروطية السياسية التي تتطلب تحقيق الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان كشروط للحصول على المساعدات والقروض.
وعلى مدى أكثر من 40 عاما تلقت فيها الدول الأفريقية المساعدات والقروض الخارجية مازال يثار العديد من التساؤلات: ماذا حققت تلك المساعدات؟ ولماذا لم تؤد إلى تحسين مستويات المعيشة أو توفير شروط تحقيق التنمية المستدامة؟.

الأسباب الداخلية
ولا تنتج مشكلات التنمية الأفريقية من مصادر خارجية فقط حيث توجد عدة مصادر وأسباب داخلية للأزمات الاقتصادية الأفريقية، وهي التي لخصها تقرير البنك الدولي عام 1996 بالقول إن معظم الدول الأفريقية تعاني من أزمة في الحكم وكفاءة الدولة. فهذه الدول ينتشر الفساد في جهازها الإداري والسياسي حيث تنظر النخب الأفريقية لموقعها على أنه مصدر لإثرائها. كما تعاني بعض الدول الأفريقية من عدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي الذي يؤثر في الأداء الاقتصادي. فبعد استقلال الدول الأفريقية دخل العديد منها في حروب أهلية حتى إن بعض الدول لم يتعد النمو السنوي في ناتجها الإجمالي 0.5% في الفترة بين عامي 1965 و1985. وما زالت الصراعات الأهلية دائرة في بعض دول القارة (جنوب السودان والكونغو الديمقراطية وأنغولا).
يضاف إلى ذلك عدم وجود القوة البشرية المناسبة لتحقيق التنمية نظرا لانخفاض مستوى التعليم والرعاية الصحية في كثير من دول القارة. وهناك عدد من دول القارة (ومنها أنغولا وإثيوبيا وموزمبيق) زاد إنفاقها العسكري على إنفاقها على التعليم والصحة. ومن أخطر المشكلات الصحية التي تواجه القارة انتشار مرض الإيدز الذي أعلنت منظمة التجارة العالمية أن حوالي 25 مليون مواطن يعانون منه مما أدى إلى انخفاض متوسط العمر المتوقع في خمس دول أفريقية أواخر عام 2000 إلى أقل من 40 عاما (بوتسوانا وملاوي وسوازيلاند وزيمبابوي وزامبيا).

ومن ناحية أخرى تعاني معظم الدول الأفريقية من تدهور في بنيتها الأساسية اللازمة للتنمية، ولدعم القطاعات الصناعية الأفريقية التي ما زالت لا تحتل نسبة كبيرة من الدخل القومي بسبب عدم وجود عمالة ماهرة، ومحدودية الأسواق المحلية، وعدم توافر التكنولوجيا المتقدمة، مما لا يجعل القارة الأفريقية بصفة عامة مصدرا لجذب الاستثمار الأجنبي، والذي قدر عام 1998 بنحو 5% فقط من إجمالي الاستثمارات الأجنبية الموجهة إلى الدول النامية.
الاسمبريد إلكترونيرسالة