خير عادة يعتادها الطفل أن لا يتعود على شيء *
* هل تؤدي العادة دائما وظيفة ايجابية في
التكيف مع الواقع ؟
الطريقة:
جدلية :
مقدمة : ( طرح المشكلة )
إذا كانت العادة سلوكا مكتسبا يتميز
بالآلية و التكرار لأفعال اكتسبها الإنسان في الماضي، ألا يكون الإنسان في هذه
الحالة سجين هذا الماضي ؟ وتكون العادة بذلك سلوكا سلبيا يقيد إرادة الإنسان في
التغيير ؟ ولكن في المقابل لو تخيلنا حياة الإنسان بدون العادة لوجدناها سلسلة من
التفكير المستمر و الممل في الأمور التافهة و البسيطة .
ومن هنا نطرح التساؤل التالي : هل العادة سلوك سلبي أم ايجابي ؟
وكيف يمكن للإنسان أن يتخلص من
سلبيات العادة ليستفيد من ايجابياتها ؟
العرض : ( محاولة حل المشكلة )
يرى بعض الفلاسفة أن العادة سلوك يؤثر
سلبا على حياة الإنسان و يظهر هذا التأثير من خلال الجمود الذي يطغى على سلوك
الإنسان ، ومن أهم الفلاسفة الذين تبنو هذا الموقف الفيلسوف الفرنسي جون جاك روسو
*الذي اعتبرها بمثابة السجن للإنسان الذي يتعود على سلوكات معينة بحيث لا يستطيع
التخلص منها وتقف أمام كل تجديد أو تغيير و تضعف بذلك إرادة الإنسان حتى تنتهي
تماما هذه الإرادة بفعل تحكم العادة في سلوك الإنسان ، بالإضافة إلى أن الأفعال و
السلوكات الني تعود عليها الإنسان يقوم بها دون وعي منه أي دون تفكير وبذلك تذهب
أهم ميزة في الإنسان ألا وهي التفكير أو العقل ، وقد سار في نفس الاتجاه عالم
الاجتماع الفرنسي *إميل دوركايم * الذي اعتبر العادة تعرقل كل إبداع وكل تجديد ويقول
الفيلسوف الفرنسي *اوغست كونت* * العادة جمود *
كذلك هناك بعض العادات السيئة التي
لا يستطيع بعض الناس الإفلات منها مثل التدخين و القمار وغيرها من السلوكات التي
تتعارض مع القيم الدينية و الأخلاقية .
ولكن إذا كانت العادة جمود يجب
القضاء عليه ، فإننا لا نستطيع في هذه الحالة أن نتصور حياة الإنسان بدونها ، إن
الإنسان في المراحل الأولى من حياته يتعلم المشي و الكلام ليمشي بعد ذلك بسهولة
دون أن يتعثر ويتكلم كذلك بسهولة وطلاقة ، فهذا الموقف قد اغفل أن للعادة دور هام
في التكيف مع محيط الإنسان
من هذا المنطلق رأى فلاسفة آخرون
بان العادة لها دور أساسي في حياة الإنسان و بالتالي نظروا إليها نظرة ايجابية
تقوم على اعتبار العادة المحرك الأساسي لسلوك الإنسان وتكيفه مع متطلبات الواقع ،
ولعل أهم هؤلاء الفلاسفة نجد الفيلسوف اليوناني *أرسطو * الذي اعتبر أن العادة
أداة في يد الإنسان تساعده على القيام بكل الإعمال بسهولة إلى درجة انه شبه العادة
بالغريزة حين اعتبرها طبيعة ثانية . بالإضافة إلى أن العادة تساعد على الاختصار في
الجهد والوقت الذي تستغرقه بعض الأعمال ، كذلك يرى الفيلسوف الفرنسي
*مان دي بيران* أن العادة تقرب
ادراكاتنا الحسية من الدقة و السهولة و السرعة لترتفع بها إلى قمة الكمال ومن
ناحية أخرى فان العادات الاجتماعية تساهم في تماسك المجتمعات وتقرب الأفراد من
بعضهم البعض .
غير أننا لو نظرنا إلى هذا الموقف
نظرة ناقدة لوجدنا فيه بعض النقائص ، منها أن العادات ليست كلها حسنة إذ أن هناك
الكثير من العادات السيئة التي تضر بصاحبها و بالمجتمع كعادة الإدمان على المخدرات
كذلك العادات تقتل روح المبادرة و التجديد
إن العادة يمكن أن تكون على وجهان
مختلفان ،أي سلاح ذو حدين إما أن تكون سيئة وروتينية وقاتلة لأي مبادرة وتجديد ،
وإما أن تكون حسنة ومساعدة على التكيف مع الواقع ، ويجب على الإنسان الواعي المدرك
اخذ كل ما ينفعه منها والتخلي عن كل ما من شانه أن يضره منها ، وبالإرادة فقط
يستطيع الإنسان إن يتخلص من كل العادات السيئة التي اكتسبها
خاتمة : ( حل المشكلة )
وهكذا نستنتج في الأخير أن العادة
سلوك مكتسب لا نستطيع بأي حال من الأحوال أن نتخلى عنه ، ولكن ما نستطيع فعله هو
اختيار العادات التي نتعلمها و اكتساب الإرادة القوية للإقلاع عنها حين نرى فيها
فسادا وانحرافا .