الأسلوب الإنشـــائي
1/ تعريف الأسلوب الإنشائي:
الإنشـــاء لغة:
الإنشــاءُ في اللغة هُو الإيحـــاد, فنقول:
أنشــأ الديث أو الكلام, أي وضعه و ابتدأهُ.
الإنشــــاء في الاصطلاح:
أمـــا الانشاء اصطلاحـــا فهو كلام لا يحتمل
الصدق و الكذب, و لا يصح أن يقـــال لقائله إنه صادق فيه او كاذب, لأنه إمـــا أن
يطلب منه حدوث فِعل, أو نهي عنــه أو سؤال لرجـــاء فهمه, فهو أمر و نهي و استفهـــام.
2/ أقسام أسلوب الاستفهـــام:
ينقسم أسلوب الاستفهـــام إلى قسمين همـــا:
1- الانشاء غير الطلبي:
و هو ما يستدعي مطلوبـــا غير حاصل وقت الطلب, و
هو الأسلوب الذي يصاغ بصيغ: المدح, الذم, القسم , التعحب, و الرجـــاء و أيضـــا
بــ (رب و لعل).
2- الانشاء الطلبي:
و هو الذي يستدعي مطلوبـــا غير حاصل في اعتقاد
المتكلم وقت الطلب, و يكون هذا الاسلوب الانشائي بصيغ: الأمر, النهي,
الاستفهـــام, التمني و الدعـــاء.
أسلوب
الأمـــــــــــر
1/ تعريف أسلوب الأمــر:
الأمـــر هو أحد الأساليب
الانشائية, و يُراد به طلب حصول الفعل من المخاطب على وجه الإستعلاء و له أربع صيغ.
2/ صيغ أسلوب الأمـــر:
لأسلوب الأمـــر -كمـــا
أسلفنـــا-أربعُ صيغ هي:
1- صيغة فعلِ لأمر:
- نحو قوله تعالى: {يَا يَحْيَى
خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ} الآية 12 من سورة مريم.
- و نحو قول لَقيط بن يعمر الإيادي:
صونوا جيادكم واجلوا سيوفكم ***
و جددوا للقسي النَبل و الشرعا
2- صيغة المضارع المجزوم بلام الأمر:
- نحو قوله عز و جل: { لِيُنفِقْ
ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا
آتَاهُ اللَّهُ } الآية 7 من سورة الطلاق.
- و نحو قوله تعالـــى: {
وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ
بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}
الآية 104 من سورة آل عمران.
3- صيغة اسم فعل الأمـــر:
و يأتي الأسلوب بصيغة من صيغ فعل
الأمر الكثيرة, نحو قولك: حَذَارِ, إيَاكَ, ( و ما يصاغ منهـــا كــ: إياكمــا,
إياكم, إياكن ...), آمين, حَيَّ, هَلُّمَ, عَلَيْكَ..
- نحو قول حكيـــم: " و عليكم
بمكارم الأخلاق فإنهـــا رفعة".
- و نحو قولك: إيَّاك و الخطر
الداهـــم.
4- صيغة المصدر النائب عن الفعل:
- نحو قوله تعالـــى: { وَقَضَى
رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} الآية
23 من سورة الإسراء.
3/ الأغراض البلاغية لأسلوب
الأمـــر:
قد تَخْرُجُ صيغ الأمر المذكورة
سالفــا عن معنـــا الأصلي (الأمر) إلى معان أخرى تدعى بالأغراض البلاغية, و
تُدْرَكُ مَعَانيهـــا من سياق الكلام و الحالةِ النفسية لقائِلهــــا. نذكر
منهــا ما يأتي:
- الدعاء:
* نحو قوله تعالى: { ربنا اغفر لنا
ذنوبنا و كفر عنا سيئاتنا و توفنا مع الأبرار} الأية 193 من سورة الإسراء.
* و نحو قولك: رب اشرح لي صدري, و
يسر لي أمري.
- التعجيز:
* نحو قوله تعالى: { إِن كُنتُمْ
فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن
مِّثْلِهِ} الآية 22 من سورة البقرة.
- الاستنكـــار:
* نحو قول أبي القاسم الشابي:
تأمل هنالك أنى حصدت *** رؤوس
الورى و زهور الأمل
- النصح و الارشاد:
* نحو قول لقيط بن يعمر الايادي
لقومه:
قوموا قياماً على أمشاط أرجلكم
*** ثم افزعوا قد ينال الأمن من فزعــا
- التهديد:
* نحو قوله تعالى: { قُلْ
تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ} الآية 30 من سورة إبراهيم.
* و نحو قول حسان بن ثابت شاعر
الرسول صلى الله عليه و سلم مخاطبا المشركين:
وإلا فاصبروا لجلاد يوم *** يعز
الله فيه ما يشاء
- التخيير:
* نحو قولك: سافر راجلا أو
راكبـــا.
هـــذا و لأسلوب الأمر أغراض
بلاغية أخرى, تُدركُ من سياق الكلام, و الحالة النفسية للمتحدث, مثل: التحقير, و
التمني, التعجب, التشجيع ...
أسلوب النهــــــــــي
1/ تعريف أسلوب النهي:
النهي هو أحد الأساليب الانشائية, و هو طلب الكف
عن الفعل على جه الاستعلاء.
2/ صيغة أسلوب النهي:
لأسلوب النهي صيغة واحدة فقط, و هي الفعل المضارع
المسبوق بـ (لا) الناهية. نحو قوله تعالـــى:
{ ولا تفسدوا في الارض بعد اصلاحها} الآية 56 من
سورة الأعراف.
و نحو قول أبي القاسم الشابي:
ولا تهـزأن بنـوح الضعيــف *** فمـن يبذر الشّـوك
يجن الجـراح
3/ الأغراض البلاغية لأسلوب النهي:
تخرج صيغة الأمر عن أصلهـــا, و هي طلب الكف عن
الفعل إلى أغراض بلاغية تدرك من سياق الكلام و المعنى المراد من المثال, و كذا
الحالة الننقسية لقائلهـــا, نذكر منهـــا ما يأتي:
- الدعـــاء:
* نحو قوله تعالى: { ربّنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو
أخطأنا ربّنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا...} الآية 286 من
سورة البقرة.
- النصح و الارشاد:
* نحو قوله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا
الصلاة و أنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون} الآية 43 من سورة النســاء.
* و نحو قول لقيط بن يعمر الايادي:
لا تثمروا المال للأعداء إنهم *** إن يظهروا
يحتوكم والتلاد معا
- التحقيـــر:
* نحو قول أبي الطيب المتنبي:
لا تحسبوا من قتلتم كان ذا رمق *** فليس تأكل إلا
الميتةَ الضبع
- التمني:
* نحو قول الخنســـاء راثية أخــاهـــــــا:
أعينيّ جودا ولا تجمُدا *** ألا تبكيانِ لصخرِ
النّدى
- التوبيخ:
* نحو قولك: لا تنه عن منكر و تأت مثله.
أسلوب الاستفهام
1/ تعريف أسلوب الاستفهام:
الاستفهام أحد الاساليب الانشائية, و هو طلب العلم
بشيء لم يكن معلوما من قبل, و ذلك بتوظيف أداة من الأدوات الآتية: الهمزة, هَلْ,
مَا, مَتَى, أَيَّان, كَيْفَ, أَيْنَ, أَنَّى, كَمْ, أَيّ. نحو قولك:
* أ علي مسافر أم أخوه؟
* ما العسجد؟
* أنى كنت البارحة؟
2/ الأغراض البلاغية لاسلوب الاستفهـــام:
يخرج الاستفهام عن حقيقته, و هي طلب شيء مجهول إلى
أغراض بلاغية, نذكر منهـــا ما يأتي:
- النهي:
* نحو قوله تعالى: { أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه إن
كنتم مؤمنين} الآية 13 من سورة التوبة.
التعجب:
* نحو قوله تعالى: { وَقَالُوا مَالِ هَذَا
الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الأَسْوَاقِ} الآية 7 من سورة
الفرقان.
* و نحو قول لقيط بن يعمر الايادي لقومه:
مالي أراكم نياما في بلهنية*** وقد ترون شهاب
الحرب قد سطعا
- التحقير:
* نحو قول حسان بن ثابت مدافعــا عن النبي صلى الله
عليه و سلم:
أتهجوه ولستَ له بكفءٍ *** فشركما لخيركما الفداء
* و نحو قولك: أهذا الذي مدحته كثيرا؟
- التقرير:
* نحو قوله تعالى: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ
وَ وَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ}
* و نحو قوله جل جلاله أيضـــا: { أَفَلَا
يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ}
- التنبيه:
* نحو قول لقيط بن يعمر الايادي مخاطبا قومه:
ماذا يرد عليكم عز أولكم *** إن ضاع آخره أو ذل
واتضعــا
* و قول الشاعر أيضـــا:
هو الفناء الذي يجث أصلكم *** فمن رأى مثل ذا رأيا
أو سمعـــا
هذا و لأسلوب الاستفهام أغراض بلاغية أخرى كالنفي,
الانكار, التشويق و التعظيم ... و تدرك كلهـــا من سياق الكلام و معانيه و كذا
العامل النفسي للقائل