هو
أبو الطيب أحمد بن الحسين بن عبد الجبار الجعفي ، ولد في محلة كندة بالكوفة حوالي
سنة 915 ، وكان والده يعرف بعبدان السقاء ، يسقي الماء لأهل قبيلته ، لذا نجد
الشاعر دائما يترفع عن ذكر نسبه ، ويستعيض عنها بقدر نفسه وجليل أعماله ، فيقول :
لا
بقومي شَرُفت بل شرفوا بي * ونفسي فخرت لا بجدودي
وقد
لاحظ عليه أبوه وهو صغير علامات النباهة والذكاء فألحقه بإحدى مدارس الكوفة ، ثم
رحل إلى بادية السماوة لينهل من ينابيع اللغة العربية الفصيحة ، حيث فتح لها قلبه
فأعطته أسرارها ، فكان شاعر اللغة العربية بحق[1] .
سبب تسمية المتنبي
بهذا الاسم ؟
كثيرة
هي الروايات التي تضاربت حول سبب تسمية أبي الطيب المتنبي بهذا الاسم ، إلا أنهم
اتفقوا على أنه سجن في فترة عرفت صراعات وفتن ودعوات سياسية مختلفة ، وفرق دينية
متباينة ، فأدلى المتنبي بدلوه في هذا المضمار ، وهو الإنسان الطموح .
ومن
هذه الروايات أنه خرج إلى بلاد الشام مدعيا النبوة ، منصبا نفسه داعية من دعاة
مذهب الإسماعيلية ، فحُبس حتى استتاب ثم أطلق سراحه .
في
حين يرى آخرون أن أصل لقب المتنبي يعود لبعض أبيات شعره ، ولتعاليه الدائم وتعاظمه
، وهو ما يذهب إليه ابن جني ، حيث يرى أن سبب هذا اللقب يعود إلى قول المتنبي :
أنا
في أمة تداركها الله * غريب كصالح في ثمود
ويبدو
أن دعوى المتنبي كانت سياسية ، إذ هو نفسه يعترف بها فيقول :
ما
مُقامي بأرض نخلة إلا * كمقام المسيح بين اليهود
دعوات
أثارت عليه الأقاويل والضغائن ، فلا عجب أن يلقب بالمتنبي ، وعلى كل حال لا يهمنا دعوى هذا الشاعر بقدر ما يهمنا ما خلفه لنا
من أبيات خالدة تحمل سحر اللغة العربية الأخّاذ .[2]
أبو
الطيب المتنبي : الشاعر الباحث عن المجد[3]
ظل
المتنبي يتنقل مرتحلا في أنحاء البلاد يبحث عن المجد والسؤدد ، ممتلكا طموحا يناطح
السحاب ، لكن الحاجة إلى المال كانت تدفعه إلى المدح قصد التكسب ، لكن قلما جاد
عليه ممدوحوه بما يرضي نفسه ، ويقول في ذلك :
أين
فضلي إذا قنعتُ من الدهـ * ر بعيش معجّل التنكيد
ضاق
صدري وطال في طلب الرز * ق قيامي وقل عنه قعودي
ويقول
أيضا :
أظمتني
الدنيا فلما جئتها * مستسقيا مطرت علي مصائبا
أبو الطيب المتنبي في رحاب سيف
الدولة[4]
بعد أن ذاع صيت الشاعر الطموح ،
وأبياته التي تسحر الألباب ، وصل صداه إلى أمير حلب سيف الدولة ، فدعاه إلى
الانضمام إلى بلاطه ، فقبل المتنبي بشروط وهي : ألا ينشد الأمير وهو واقف وألا
يقبل الأرض بين يديه . فوافق الأمير .
ومنذ
ذاك الحين أصبح المتنبي شاعر سيف الدولة المقرب ، والمحفوف بكرمه وعطفه ، حيث
يصحبه في حله وترحاله ، الشيء الذي أوغر صدور سائر الشعراء والأدباء حقدا وحسدا ،
وتمكنوا في النهاية من إشعال الفتنة بينه وبين الأمير ، فرحل غاضبا متوجها إلى
دمشق .
وفي
ذلك يقول :
أزل
حسد الحساد عني بكبتهم * فأنت الذي صيّرتهم لي حُسّدا
ويقول
أيضا :
وفي
كل يوم تحت ضبني شويعر * ضعيف يقاويني قصير يطاول
أبو الطيب المتنبي في رحاب كافور
الإخشيدي[5]
بعد رحيل المتنبي عن بلاط سيف
الدولة ، توجه إلى دمشق أين قرر أن يبدأ رحلة جديدة من نشد العلو والطموح
اللامتناهي ، فسمع عنه حاكم مصر كافور الإخشيدي ، فضمه إليه وأكرمه ، وقد مدحه
المتنبي بقصائد عدة ، وإن لم تكن بقدر ممدوحه الأول .
ولقد
خاب ظن شاعرنا وتبددت طموحاته حين لم يهبه كافور ما يسد رغبته التواقة للتملك ،
فقد كان هدف شاعرنا أن ينال ضيعة أو إمارة ، وفي ذلك يقول :
إذا
لم تنط بي ضيعة أو ولاية * فجودك يكسوني وشغلك يسلب
لكن
لم يتأتى له ذلك ، الشيء الذي جعله يحن لأيامه الزاهية رفقة سيف الدولة ، واعتلته
رغبة من اليأس والتشاؤم .
وفي
ذلك يقول :
ولما
صار ود الناس خبا * جَزَيتُ على ابتسام بابتسام
وصرت
أشك فيمن أصطفيه * لعلمي أنه بعض الأنام
يقول
البرقوقي شارح ديوان المتنبي : ‘ وليس
بعيدا أن يكون كافور كره من الشاعر إلحاحه في طلبه ، ومداومته على التذكير بالوعد
، في لغة يصح أن تسمى تأنيبا وتوبيخا ، فصح في عزمه ألا ينيله طلبته . ‘
وفاة
المتنبي ( الشاعر الذي قتله شعره)[6]
لم
يطب للمتنبي مستقر في أي موضع من الأرض ، لا سيما أنه لم يجد ما يطمح إليه في بلاط
كافور ، فقرر الرحيل خفية في ليلة عيد حزينة ، نظم فيها قصيدته المشهورة :
عيد
بأي حال عدت يا عيد * بما مضى أم لأمر فيك تجديد
وظل
يتنقل ما بين بغداد وفارس ، ينشد العطايا والهبات ، دون أن يمس ذلك بكبريائه ومجده
الذي علته ضبابة من السراب البعيد .
هجا
الأمير كافور لبخله وتنكره ، وفي ذات الوقت حنّ لأميره الحمداني ، والذي أرسل إليه
يدعوه لمرافقته مثل الأيام الخوالي ، لكن نفس شاعرنا أبت إلا أن تنشد أهدافها
الشخصية .[7]
وقد
كان السبب الرئيسي في وفاة المتنبي – أو بالأحرى مقتله – أنه هجا رجلا يدعى ضبة
بكلام فاحش وخاض في عرضه وعرض أمه ، ومن ذلك قوله :
ما
أنصف القوم ضبة * وأمه الطرطبة
وإنما
قلت ما قلـ * ـت رحمة لا محبة
وما
يشق على الكلـ * ـب أن يكون ابن كلبة
وكان
لضبة هذا خال يدعى فاتك بن أبي جهل الأسدي ، وكان اسما على مسمى حيث فتك ثأرا وانتقاما
بالمتنبي ، حيث تعرض له حين خرج من فارس إلى بلده العراق ، فقتله وابنه وغلامه ،
وذلك في أواخر رمضان حولي سنة 965 م .
وبذلك
انطفأت شمعة من الكبرياء والعظمة قلما وجدت في شاعر عُرف في تاريخ الأدب العربي ، شاعر قتله شعره ، وظل إلى آخر رمق يدافع عن مبدأ التملك ونشد
العلو والسؤدد ، ذلكم كان شاعرنا المتنبي الذي شغل الدنيا والناس .
مؤلفات المتنبي
– ديوان المتنبي الكبير الذي يحوي ثمين ما جادت به قريحة الشاعر ، وقد عنى بشرحه :
الواحدي – أبو العلاء المعري – ناصيف اليازجي – إبراهيم اليازجي – البرقوقي
…وغيرهم ، وتنوعت أغراض ديوانه ما بين مدح ورثاء ، وفخر وهجاء ، وغزل وحكم .
مكانة المتنبي بين شعراء عصره
لا يختلف الباحثون على أن
المتنبي شاعر ذو وزن ثقيل في ديوان العرب ، وأحد أكثر شعراء العرب شهرة ، ولقد
اهتم أهل الأدب بتتبع ودراسة سيرته ، وأضحت أشعاره مضرب الأمثال والحكم ، وشخصيته
محط الإعجاب والحسد والغيرة .
شخصية
تجمع بين الفتوة والطموح المتقد ، والكبرياء والاعتزاز بالنفس ، ولقد بقيت أشعاره
خالدة شاهدة على عبقرية هذا الشاعر الفذ الذي قل أن يجود زمان الشعر بمثله .
مميزات و خصائص شعر المتنبي:[8]
حب العظمة ، الثقة في النفس ،
الحكمة و الفلسفة ، صفات طبعت خصائص شعر المتنبي والذي تنوعت مصادره وأغراضه ، وقد
تمكن بفضل ما أوتي من بيان ومعرفة بلغة الضاد ، أن يصوغ أبيات جرت على ألسنة الناس
مجرى الحكم والأمثال .
تنوع اغراض شعر المتنبي : المدح
يشغل
المدح القسم الأكبر من ديوان المتنبي ، ولا غرابة في ذلك ، فتلك العادة التكسبية
كانت نوعا من تقلد المناصب وطلب العيش الرغيد ، مقابل ما يملكون من موهبة ولسان
يقطر كلمات تصل القاصي والداني ، وكأن لسان الشاعر كوسائل الإعلام الآن .
ويحترم
في أسلوب مدحه القاعدة التقليدية القديمة ، فتراه يستهل القصيدة بمقدمة غزلية ،
ويصف الراحلة ، ثم يصل إلى غرض القصيدة الرئيسي وهو التغني بالممدوح .
يقول
في مدح سيف الدولة في واقعة انتصاره على الروم :
وقفتَ
وما في الموت شك لواقف * كأنك في جفن الردى وهو نائم
تمر
بك الأبطال كلمى هزيمة * ووجهك وضاح وثغرك باسم
تنوع
اغراض شعر المتنبي : الرثاء
رثى
المتنبي أحباءه بحزن عميق ، جسدتها أبياته الباكية الثائرة المتجهمة ، وقد رثى
جدته التي يعتبرها والدته فقال :
أحن
إلى الكأس التي شربت بها * وأهوى لمثواها التراب وما ضما
أتاها
كتابي بعد يأس وترحة * فماتت سرورا بي ، فمتّ بها غما
حرام
على قلبي السرور فإنني * أعد الذي ماتت به بعدها سمّا
ورثى
خولة أخت سيف الدولة :
يا
أُختَ خَيرِ أَخٍ يا بِنتَ خَيرِ أَبٍ * كِنايَةً
بِهِما عَن أَشرَفِ النَسَبِ
أُجِلُّ
قَدرَكِ أَن تُسمى مُؤَبَّنَةً * وَمَن
يَصِفكِ فَقَد سَمّاكِ لِلعَرَبِ
لا
يَملِكُ الطَرِبُ المَحزونُ مَنطِقَهُ * وَدَمعَهُ
وَهُما في قَبضَةِ الطَرَبِ
غَدَرتَ
يا مَوتُ كَم أَفنَيتَ مِن عَدَدِ * بِمَن
أَصَبتَ وَكَم أَسكَتَّ مِن لَجَبِ
وَكَم
صَحِبتَ أَخاها في مُنازَلَةٍ * وَكَم
سَأَلتَ فَلَم يَبخَل وَلَم تَخِبِ
طَوى
الجَزيرَةَ حَتّى جاءَني خَبَرٌ * فَزِعتُ
فيهِ بِآمالي إِلى الكَذِبِ
حَتّى
إِذا لَم يَدَع لي صِدقُهُ أَمَلاً * شَرِقتُ
بِالدَمعِ حَتّى كادَ يَشرَقُ بي
تَعَثَّرَت
بِهِ في الأَفواهِ أَلسُنُها * وَالبُردُ
في الطُرقِ وَالأَقلامُ في الكُتُبِ
اقرأ
أيضا : من روائع شعر المتنبي في الرثاء
تنوع
اغراض شعر المتنبي : الوصف[9]
أبدع
المتنبي في جانب الوصف ، وإن كان ميله لجانب وصف النفوس والمظاهر الاجتماعية أكثر
منها وصف الطبيعة والكون ، فترك لنا لوحات خالدة وبارعة في الجمال .
قال
يصف أسدا :
يطأ
الثرى مترفقا من تيهه * فكأنه آس يجس عليلا
ويردّ
عفرته إلى يأفوخه * حتى تصير لرأسه إكليلا
وقال
يصف لنا هول المعارك والحروب :
أتوك
يجرون الحديد كأنما * سروا بجياد ما لهن قوائم
إذا
برقوا لم تعرف البيض منهم * ثيابهم من مثلها والعمائم
تنوع
اغراض شعر المتنبي : الغزل
طبيعة
أبي الطيب المعتز بنفسه جعلت لون الغزل في أشعاره لا يخلو من عاطفة وجدانية ذات
معاني وحكم ، وقد حاول أن يأتي بأفضل ما في جعبته ليتفوق على شعر من سبقوه ، حتى
أنه كان يصل أحيانا لدرجة الغلو والمبالغة خصوصا في مطلع قصائده :
قال
المتنبي :
تَشتَكي
ما اشتكَيتُ مِن ألمِ الشّوْ * قِ إلَيها وَالشّوْقُ حَيثُ النُّحولُ
وَإذا
خامَرَ الهَوَى قَلبَ صَبٍّ * فَعَلَيْهِ لِكُلّ عَينٍ دَلِيلُ
زَوِّدينَا
من حُسنِ وَجْهِكِ ما دا * مَ فَحُسنُ الوُجوهِ حَالٌ تحُولُ
وَصِلِينَا
نَصِلْكِ في هَذِهِ الدّنـ * يَا فإنّ المُقَامَ فيها قَليلُ
ويقول
في قصيدة أخرى :
تقولين
ما في الناس مثلك عاشق * جدي مثل من أحببته تجدي مثلي
اقرأ
أيضا : من روائع شعر المتنبي في الحب
تنوع اغراض شعر المتنبي : الهجاء[10]
لم يكن الهجاء فنا يرغب فيه
المتنبي بقدر ما هو وسيلة يلجأ إليها في أوقات خاصة تقتضي شكوى وسخطا وتذمرا ، إذ
كان يرى مكانته كشاعر يناشد العلياء لا تسمح له بأن يميل إلى هذا النوع من الشعر .
لكنه
حينما كان يضطر إليه فكان يوجه سهاما قاتلة لمن طالهم هجاءه فلا تقوم لهم قائمة
بعد ذلك ، وفي ذلك يقول الأديب المؤرخ حنا الفاخوري :
–
‘ ...فهجاء المتنبي اذن انتقام
لكرامته ، واثئار من زمانه ، واشمئزاز من الدناءات ، واحتقار للؤم ، واستصغار
للناس . لقد سخط كثيرا وأصبح صدره كبركان يثور ، إن هاجه أحد عربد وقذف حممه . ‘
قال
يهجو كافور الإخشيدي :
ما
كنتُ أحسبني أحيا إلى زمن * يسيء بي فيه عبد وهو محمود
جوعان
يأكل من زادي ويمسكني * لكي يقال : عظيم القدر مقصود
أولى
اللئام كُويفير بمعذرة * في كل لؤم وبعض العذر تفنيد
تنوع
اغراض شعر المتنبي : الفخر
يبدو أن الفخر يجري في كيان
وشخصية المتنبي مجرى الدم في العروق ، ولا عجب ! فهو الشخصية الشامخة بأنفتها
وكبريائها ، الطموحة دائما إلى العلو والرفعة ، لذا كان الفخر يغلب على جل قصائده
إن لم يكن كلها .
قال
مفتخرا في أبيات خالدة :
سيعلم
الجمع ممن ضم مجلسنا * بأنني خير من تسعى به قدم
الخيل
والليل والبيداء تعرفني * والسيف والرمح والقرطاس والقلم
وقال
أيضا :
كأني
دحوت الأرض من خبرتي بها * كأني بنى الاسكندر السد من غرمي
اقرأ
أيضا : أجمل أبيات المتنبي في عزة النفس
أبو
الطيب المتنبي شاعر الحكمة[11]
إذا
كان المتنبي بارعا في الفخر ، متفننا في المدح ، حاد اللسان في الهجاء ، رقيق
القلب في الرثاء ، فإنه في الحكمة هو السيد الفيلسوف الذي تعلم من الحياة ، فسطر
أبياتا كتبت له الخلود والتربع على عرش شعراء الحكمة .
قال
المتنبي في سنّة الحياة :
إنما
أنفس الأنيس سباع * يتفارسن جهرة واغتيالا
من
أطاق التماس شيء غلابا * واغتصابا لم يلتمسه سؤالا
وقال
أيضا :
يدفن
بعضنا بعضا وتمشي * أواخرنا على هام الأوالي
أما
نظرة المتنبي للناس في زمانه فيقول عنهم في هذه الأبيات :
أذمّ
إلى هذا الزمان أُهيلهُ * فأعلمهم فدم وأحزمهم وغد
وأكرمهم
كلب وأبصرهم عمٍ * وأسهدهم فهد وأشجعهم قرد
ويقول
طالبا المجد في أجمل صوره :
إذا
غامرت في شرف مروم * فلا تقنع بما دون النجوم
شخصية المتنبي من خلال شعره[12]
تشكلت شخصية المتنبي وعرفت
تحولات مهمة وذلك خلال أربعة مراحل من حياته :
1
– أبو الطيب المتنبي ومرحلة الفتوة
وهي
مرحلة ما قبل اتصاله بسيف الدولة ، حيث كانت دماء الفتوة والطيش والشباب تفوح من
كيان شاعرنا الطموح ، فكان شعره ترجمانا لهواجس نفسه الطموحة المغرورة التي اندفعت
ثائرة بكا قوة ، باحثة عن مكان بين العظماء .
وفي
ذلك يقول :
ردي
حياض الردى يا نفس واتركي * حياض خوف الردى للشاء والنعم
2
– أبو الطيب المتنبي عند سيف الدولة
في
أركان بلاط سيف الدولة انبرى المتنبي في نعم الأمير ظافرا غانما ، وقد بلغ من
العمر آنذاك الرابعة والثلاثين ، فكان ذا تجربة ورزانة ، ذاق فيها كيد الحساد ،
ومحاولاتهم النيل منه ، فكانت شخصيته الشعرية تتفرق بين قلب فرح بالنعمة ، وبين
قلب مكسور من كيد الحساد الذين دفعوه إلى الرحيل .
وها
هو يقول في إحدى القصائد الخالدة :
أنا
الذي نظر الأعمى إلى أدبي * وأسمعت كلماتي من به صمم
3
–أبو الطيب المتنبي في مصر[13]
يبدو
أن تجربة الشاعر في مصر لم ترقى أبدا لمطامعه وتطلعاته ، فلم تنجح محاولاته
التكسبية في المدح سواء للأمير كافور أو غيره من وجهاء مصر في نيل بغيته ومراده ،
فتجرع الحسرات والأحزان ، وتكونت له شخصية ساخطة اتخذت من لسان الهجاء سلاحا فتاكا .
وله
في هذه الفترة بيتا شهيرا يترجم تجربته بمصر ، فيقول :
ما
كل ما يتمنى المرء يدركه * تجري الرياح بما لا تشتهي السفن
4
– أبو الطيب المتنبي في فارس
والعراق[14]
كانت
آخر المحطات التي كونت شخصية المتنبي ، وفيها وصل شاعرنا إلى درجة من التعب
والإنكسار ، وانطفاء لتلك الشعلة الثائرة ، وقد لجأ الشاعر في هذه المرحلة لضروب
من الحكم ووصف الطبيعة ، وكأنه اختار أن يتقاعد ويريح نفسه المحملة بالأثقال
وخيبات الأمل .
يقول
ذاكرا الأشجار :
وألقى
الشرق منها في ثيابي * دنانيرا تفر من البنان
لها
ثمر تشير إليك منه * بأشربة وقفن بلا أوان
وأمواه
تصل بها حصاها * صليل الحلي في أيدي الغواني
روائع شعر المتنبي [15]
من
قصيدة وا حر قلباه :
واحَرَّ
قَلباهُ مِمَّن قَلبُهُ شَبِمُ * وَمَن
بِجِسمي وَحالي عنده سَقَمُ
مالي
أُكَتِّمُ حُبّاً قَد بَرى جَسَدي * وَتَدَّعي
حُبَّ سَيفِ الدَولَةِ الأُمَمُ
إِن
كانَ يَجمَعُنا حُبٌّ لِغُرَّتِهِ * فَلَيتَ
أَنّا بِقَدرِ الحُبِّ نَقتَسِمُ
قَد
زُرتُهُ وَسُيوفُ الهِندِ مُغمَدَة * وَقَد
نَظَرتُ إِلَيهِ وَالسُيوفُ دَمُ
فَكانَ
أَحسَنَ خَلقِ اللَهِ كُلِّهِمِ * وَكانَ
أَحسَنَ مافي الأَحسَنِ الشِيَمُ
يا
أَعدَلَ الناسِ إِلّا في مُعامَلَتي * فيكَ
الخِصامُ وَأَنتَ الخَصمُ وَالحَكَمُ
أُعيذُها
نَظَراتٍ مِنكَ صادِقَةً * أَن
تَحسَبَ الشَحمَ فيمَن شَحمُهُ وَرَمُ
وَما
اِنتِفاعُ أَخي الدُنيا بِناظِرِهِ * إِذا
اِستَوَت عِندَهُ الأَنوارُ وَالظُلَمُ
أَنا
الَّذي نَظَرَ الأَعمى إِلى أَدَبي * وَأَسمَعَت
كَلِماتي مَن بِهِ صَمَمُ
أَنامُ
مِلءَ جُفوني عَن شَوارِدِها * وَيَسهَرُ
الخَلقُ جَرّاها وَيَختَصِمُ
وَجاهِلٍ
مَدَّهُ في جَهلِهِ ضَحِكي * حَتّى
أَتَتهُ يَدٌ فَرّاسَةٌ وَفَمُ
إِذا
نَظَرتَ نُيوبَ اللَيثِ بارِزَةً * فَلا
تَظُنَّنَّ أَنَّ اللَيثَ مُبتَسِمُ
وَمُرهَفٍ
سِرتُ بَينَ الجَحفَلَينِ بِهِ * حَتّى
ضَرَبتُ وَمَوجُ المَوتِ يَلتَطِمُ
فَالخَيلُ
وَاللَيلُ وَالبَيداءُ تَعرِفُني * وَالسَيفُ
وَالرُمحُ وَالقِرطاسُ وَالقَلَمُ
صَحِبتُ
في الفَلَواتِ الوَحشَ مُنفَرِداً * حَتّى
تَعَجَّبَ مِنّي القورُ وَالأَكَمُ
من
قصيدة على قدر أهل العزم :
عَلى
قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتي العَزائِمُ * وَتَأتي
عَلى قَدرِ الكِرامِ المَكارِمُ
وَتَعظُمُ
في عَينِ الصَغيرِ صِغارُها * وَتَصغُرُ
في عَينِ العَظيمِ العَظائِمُ
يُكَلِّفُ
سَيفُ الدَولَةِ الجَيشَ هَمَّهُ * وَقَد
عَجَزَت عَنهُ الجُيوشُ الخَضارِمُ
وَيَطلِبُ
عِندَ الناسِ ما عِندَ نَفسِهِ * وَذَلِكَ
مالا تَدَّعيهِ الضَراغِمُ
يُفَدّي
أَتَمُّ الطَيرِ عُمراً سِلاحُهُ * نُسورُ
المَلا أَحداثُها وَالقَشاعِمُ
وَما
ضَرَّها خَلقٌ بِغَيرِ مَخالِبٍ * وَقَد
خُلِقَت أَسيافُهُ وَالقَوائِمُ
هَلِ
الحَدَثُ الحَمراءُ تَعرِفُ لَونَها * وَتَعلَمُ
أَيُّ الساقِيَينِ الغَمائِمُ
سَقَتها
الغَمامُ الغُرُّ قَبلَ نُزولِهِ * فَلَمّا
دَنا مِنها سَقَتها الجَماجِمُ
بَناها
فَأَعلى وَالقَنا تَقرَعُ القَنا * وَمَوجُ
المَنايا حَولَها مُتَلاطِمُ
اقرأ
أيضا : شرح قصيدة على قدر أهل العزم للمتنبي
اجمل
اشعار المتنبي [16]
من
قصيدة على قدر عذل العواذل :
عَذلُ
العَواذِلِ حَولَ قَلبِ التائِهِ * وَهَوى
الأَحِبَّةِ مِنهُ في سَودائِهِ
يَشكو
المَلامُ إِلى اللَوائِمِ حَرَّهُ * وَيَصُدُّ
حينَ يَلُمنَ عَن بُرَحائِهِ
وَبِمُهجَتي
يا عاذِلي المَلِكُ الَّذي * أَسخَطتُ
كُلَّ الناسِ في إِرضائِهِ
إِن
كانَ قَد مَلَكَ القُلوبَ فَإِنَّهُ * مَلَكَ
الزَمانَ بِأَرضِهِ وَسَمائِهِ
الشَمسُ
مِن حُسّادِهِ وَالنَصرُ مِن * قُرَنائِهِ
وَالسَيفُ مِن أَسمائِهِ
أَينَ
الثَلاثَةُ مِن ثَلاثِ خِلالِهِ * مِن
حُسنِهِ وَإِبائِهِ وَمَضائِهِ
مَضَتِ
الدُهورُ وَما أَتَينَ بِمِثلِهِ * وَلَقَد
أَتى فَعَجَزنَ عَن نُظَرائِهِ
من
قصيدة بأية حال عدت يا عيد :
عيدٌ
بِأَيَّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ * بِما
مَضى أَم بِأَمرٍ فيكَ تَجديدُ
أَمّا
الأَحِبَّةُ فَالبَيداءُ دونَهُمُ * فَلَيتَ
دونَكَ بيداً دونَها بيدُ
لَولا
العُلى لَم تَجُب بي ما أَجوبُ بِها * وَجناءُ
حَرفٌ وَلا جَرداءُ قَيدودُ
وَكانَ
أَطيَبَ مِن سَيفي مُضاجَعَةً * أَشباهُ
رَونَقِهِ الغيدُ الأَماليدُ
لَم
يَترُكِ الدهر مِن قَلبي وَلا كَبِدي * شيئا تُتَيِّمُهُ
عَينٌ وَلا جيدُ
يا
ساقِيَيَّ أَخَمرٌ في كُؤوسِكُما * أَم
في كُؤوسِكُما هَمٌّ وَتَسهيدُ
أَصَخرَةٌ
أَنا مالي لا تُحَرِّكُني * هَذي
المُدامُ وَلا هَذي الأَغاريدُ
أَكُلَّما
اِغتالَ عَبدُ السوءِ سَيِّدَهُ * أَو
خانَهُ فَلَهُ في مِصرَ تَمهيدُ
صارَ
الخَصِيُّ إِمامَ الآبِقينَ بِها * فَالحُرُّ
مُستَعبَدٌ وَالعَبدُ مَعبودُ
نامَت
نَواطيرُ مِصرٍ عَن ثَعالِبِها * فَقَد
بَشِمنَ وَما تَفنى العَناقيدُ
العَبدُ
لَيسَ لِحُرٍّ صالِحٍ بِأَخٍ * لَو
أَنَّهُ في ثِيابِ الحُرِّ مَولودُ
لا
تَشتَرِ العَبدَ إِلّا وَالعَصا مَعَهُ * إِنَّ
العَبيدَ لَأَنجاسٌ مَناكيدُ
ما
كُنتُ أَحسَبُني أَحيا إِلى زَمَنٍ * يُسيءُ
بي فيهِ كَلبٌ وَهوَ مَحمودُ
وَلا
تَوَهَّمتُ أَنَّ الناسَ قَد فُقِدوا * وَأَنَّ
مِثلَ أَبي البَيضاءِ مَوجودُ
وَأَنَّ
ذا الأَسوَدَ المَثقوبَ مِشفَرُهُ * تطيعُهُ
ذي العَضاريطُ الرَعاديدُ
جَوعانُ
يَأكُلُ مِن زادي وَيُمسِكُني * لِكَي
يُقالَ عَظيمُ القَدرِ مَقصود
3روائع أشعار المتنبي [17]
من
قصيدة كفى بك داء :
كَفى
بِكَ داءً أَن تَرى المَوتَ شافِيا * وَحَسبُ
المَنايا أَن يَكُنَّ أَمانِيا
تَمَنَّيتَها
لَمّا تَمَنَّيتَ أَن تَرى * صَديقاً
فَأَعيا أَو عَدُوّاً مُداجِيا
إِذا
كُنتَ تَرضى أَن تَعيشَ بِذِلَّةٍ * فَلا
تَستَعِدَّنَّ الحُسامَ اليَمانِيا
وَلا
تَستَطيلَنَّ الرِماحَ لِغارَةٍ * وَلا
تَستَجيدَنَّ العِتاقَ المَذاكِيا
فَما
يَنفَعُ الأُسدَ الحَياءُ مِنَ الطَوى * وَلا
تُتَّقى حَتّى تَكونَ ضَوارِيا
حَبَبتُكَ
قَلبي قَبلَ حُبِّكَ مَن نَأى * وَقَد
كانَ غَدّاراً فَكُن أَنتَ وافِيا
وَأَعلَمُ
أَنَّ البَينَ يُشكيكَ بَعدَهُ * فَلَستَ
فُؤادي إِن رَأَيتُكَ شاكِيا
فَإِنَّ
دُموعَ العَينِ غُدرٌ بِرَبِّها * إِذا
كُنَّ إِثرَ الغادِرينَ جَوارِيا
إِذا
الجودُ لَم يُرزَق خَلاصاً مِنَ الأَذى * فَلا
الحَمدُ مَكسوباً وَلا المالُ باقِيا
وَلِلنَفسِ
أَخلاقٌ تَدُلُّ عَلى الفَتى * أَكانَ
سَخاءً ما أَتى أَم تَساخِيا
من
قصيدة أرق على أرق المليئة بالحكم والعبر :
أَرَقٌ
عَلى أَرَقٍ وَمِثلِيَ يَأرَقُ * وَجَوىً
يَزيدُ وَعَبرَةٌ تَتَرَقرَقُ
جُهدُ
الصَبابَةِ أَن تَكونَ كَما أَرى * عَينٌ
مُسَهَّدَةٌ وَقَلبٌ يَخفِقُ
ما
لاحَ بَرقٌ أَو تَرَنَّمَ طائِرٌ * إِلّا
اِنثَنَيتُ وَلي فُؤادٌ شَيِّقُ
جَرَّبتُ
مِن نارِ الهَوى ما تَنطَفي * نارُ
الغَضى وَتَكِلُّ عَمّا تُحرِقُ
وَعَذَلتُ
أَهلَ العِشقِ حَتّى ذُقتُهُ * فَعَجِبتُ
كَيفَ يَموتُ مَن لا يَعشَقُ
وَعَذَرتُهُم
وَعَرَفتُ ذَنبِيَ أَنَّني * عَيَّرتُهُم
فَلَقيتُ فيهِ ما لَقوا
أَبَني
أَبينا نَحنُ أَهلُ مَنازِلٍ * أَبَداً
غُرابُ البَينِ فيها يَنعَقُ
نَبكي
عَلى الدُنيا وَما مِن مَعشَرٍ * جَمَعَتهُمُ
الدُنيا فَلَم يَتَفَرَّقوا
أَينَ
الأَكاسِرَةُ الجَبابِرَةُ الأُلى * كَنَزوا
الكُنوزَ فَما بَقينَ وَلا بَقوا
مِن
كُلِّ مَن ضاقَ الفَضاءُ بِجَيشِهِ * حَتّى
ثَوى فَحَواهُ لَحدٌ ضَيِّقُ
خُرسٌ
إِذا نودوا كَأَن لَم يَعلَموا * أَنَّ
الكَلامَ لَهُم حَلالٌ مُطلَقُ
وَالمَوتُ
آتٍ وَالنُفوسُ نَفائِسٌ * وَالمُستَغِرُّ
بِما لَدَيهِ الأَحمَقُ
وَالمَرءُ
يَأمُلُ وَالحَياةُ شَهِيَّةٌ * وَالشَيبُ
أَوقَرُ وَالشَبيبَةُ أَنزَقُ
افضل
قصائد ابو الطيب المتنبي [18]
من
قصيدة بم التعلل لا أهل ولا وطن :
بِمَ
التَعَلُّلُ لا أَهلٌ وَلا وَطَنُ * وَلا
نَديمٌ وَلا كَأسٌ وَلا سَكَنُ
أُريدُ
مِن زَمَني ذا أَن يُبَلِّغَني * ما
لَيسَ يَبلُغُهُ مِن نَفسِهِ الزَمَنُ
لا
تَلقَ دَهرَكَ إِلّا غَيرَ مُكتَرِثٍ * مادامَ
يَصحَبُ فيهِ روحَكَ البَدَنُ
فَما
يَدومُ سُرورُ ما سُرِرتَ بِهِ * وَلا
يَرُدُّ عَلَيكَ الفائِتَ الحَزَنُ
مِمّا
أَضَرَّ بِأَهلِ العِشقِ أَنَّهُمُ * هَوُوا
وَما عَرَفوا الدُنيا وَما فَطِنوا
تَفنى
عُيونُهُمُ دَمعاً وَأَنفُسُهُم * في
إِثرِ كُلِّ قَبيحٍ وَجهُهُ حَسَنُ
تَحَمَّلوا
حَمَلَتكُم كُلُّ ناجِيَةٍ * فَكُلُّ
بَينٍ عَلَيَّ اليَومَ مُؤتَمَنُ
ما
في هَوادِجِكُم مِن مُهجَتي عِوَضٌ * إِن
مُتُّ شَوقاً وَلا فيها لَها ثَمَنُ
يا
مَن نُعيتُ عَلى بُعدٍ بِمَجلِسِهِ * كُلٌّ
بِما زَعَمَ الناعونَ مُرتَهَنُ
كَم
قَد قُتِلتُ وَكَم قَد مُتُّ عِندَكُمُ * ثُمَّ
اِنتَفَضتُ فَزالَ القَبرُ وَالكَفَنُ
قَد
كانَ شاهَدَ دَفني قَبلَ قَولِهِمِ * جَماعَةٌ
ثُمَّ ماتوا قَبلَ مَن دَفَنوا
ما
كُلُّ ما يَتَمَنّى المَرءُ يُدرِكُهُ * تَجري
الرِياحُ بِما لا تَشتَهي السُفُنُ
خاتمة
ذلك
هو الشاعر الذي شغل الدنيا والناس ، الشاعر الذي صارت أبياته مضرب الأمثال في
الحكم والمعاني العميقة ، لما تتضمنه من مرونة وجمال مرصع بجواهر من اللغة والبيان .
ولقد
حاولنا أن نختصر قدر الإمكان في هذا البحث المتواضع ، حتى لا نشعر القارئ العزيز
بالملل وطول الفقرات .
[2] محمود محمد الطناحي ، دراسات وبحوث
فى اللغه والادب -2002، الجزء 1،
بيروت: دار الغرب الإسلامي، صفحة 223
[3] المرجع السابق، ص 240.
[4] عبد الرحمن البرقوقي، شرح
ديوان المتنبي، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة 16،15، 17، 18 جزء الأول
[5] المرجع السابق، ص 23-24
[6] أدب الموسوعة العالمية
للشعر العربي، اطّلع عليه بتاريخ 17-2-2021
[7] عبد السلام العبيدي (2011)،
"إشكالية الموت في شعر المتنبي"، مجلة جامعة تكريت، العدد 1، المجلد 18،
صفحة 219، 220
[8] الخصائص الفنية والمعنوية
في مدائح أبي الطيب المتنبي، السنغال: جامعة شيخ أنت جوب بدكار، صفحة 48 -38 ،35-
30 ،24 ،23 ،20،21.
[9] الخصائص الفنية والمعنوية
في مدائح أبي الطيب المتنبي، السنغال: جامعة شيخ أنت جوب بدكار، صفحة 48 -38 ،35-
30 ،24 ،23 ،20،21.
[10] الخصائص الفنية والمعنوية
في مدائح أبي الطيب المتنبي، السنغال: جامعة شيخ أنت جوب بدكار، صفحة 48 -38 ،35-
30 ،24 ،23 ،20،21.
[11] شعر الحكمة عند المتنبي بین
النـزعة العقلیة و المتطلبات الفنیة.، الجزائر: جامعة الأخوة منتوري- قسطنطينة،
صفحة 57، 58.
[12] يوسف أحمد (2006)،
الكافوريات والعضديات في شعر المتنبي، السودان: جامعة أم درمان الإسلامية، صفحة
27. بتصرّف. ↑ علي كنانة، المنفى الشعري العراقي، بيروت - لبنان: مؤسسة الرحاب
الحديثة، صفحة19.
[13] المرجع السابق
[14] المرجع السابق
[15] المرجع السابق
[16] زينب علي عبيد الدليمي (10-3-2018)، "ابو الطيب المتنبي"
[17] المرجع السابق
[18] المرجع السابق