الأوضــــــــــاع
السياسية
إن
الوضع السياسي لأي بلد هو نتاج تفاعل اقتصادي واجتماعي وانعكاسا له[1]،
فان الوضع الاقتصادي السيء للعراق كان له الدور الكبير في تحريك الاحداث، والتأثير
في اتخاذ القرارات السياسية تجاه الكويت قبل غزوها، وقد ساعد في دلك بيئة سياسية دولية وعربية
واقليمية مشجعة لصناع القرار من أجل تخليص الاقتصاد العراقي من أزمته[2].
وقد أدت الحرب العراقية الإيرانية الى شرخ في
تماسك البنية الاجتماعية للعراق[3]. فبعد
انتهاء حرب الخليج الاولى خرج العراق كقوة اقليمية حيث شعر بأنه خرج منتصرا خاصة لامتلاكه
مليون جندي نظامي، كما كان بحوزته عقب الحرب ترسانة معتبرة من الأسلحة مما حفز الرئيس
العراقي صدام حسين[4]
على ابقاء وحدات من الجيش بعد الحرب في
مناطق الأكراد في الشمال، ورابطت وحدات أخرى في مناطق الشيعة في الجنوب، هذه
الحشود ساعدت على تحقيق استقرار أمني مؤقت
احتاجه صدام حسين لمواجهة استحقاقات ما بعد الحرب واقامة بيئة داخلية ملائمة[5].
عندما
خرج العراق من حربه مع ايران بقوة عسكرية هائلة، فذلك قد أعطى للرئيس العراقي الشعور بمشاركة الدول الكبرى في صنع
القرار السياسي والاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وأن لا يتلقى أوامر التنفيذ[6]،
وبأن لا بد لها من فرض سيطرتها وهيمنتها على المنطقة[7]،
حيث تمكنت من المحافظة على علاقاتها السياسية مع دول العالم كما أسست لها حضور سياسي مميز في الندوات والمؤتمرات العالمية
وهدا رأي السياسيين حول العراق[8].
كما كان
هناك تطبيع للعلاقات الأمريكية العراقية، بل أن امريكا اعتبرت العراق كقوة اقليمية
يمكن التعامل معها ويظهر ذلك من خلال اللقاءات ما بين الطرفين الأمريكي والعراقي[9]،
ومن بين هذه اللقاءات، المقابلة الشهيرة التي جمعت الرئيس العراقي صدام حسين
والسفيرة الأمريكية ابريل غلاسبي في بغداد يوم 25 جويلية 1990 ، وكان الحوار الدي
دار بينهما حول التعاون بين البلدين في المجالين الدبلوماسي والاقتصادي[10].
كما
ادعت العراق أنها صاحبة الحق في الوصاية على توزيع الثروات الطبيعية في المنطقة[11]،
لذا أخذت تطالب بحقها في زعامة العرب، حيث رأت أنها الاقدر والأجدر على حماية
المنطقة ، وقد صرح الرئيس العراقي بأنه لن يسمح بوجود قوات أجنبية بالمنطقة لأنه
لم يعد لوجودها مبرر، وأوضح بأن دول المنطقة قادرة على حماية نفسها بنفسها[12].
ويبدو
ان هشاشة النظام العربي، وعدم قدرته على حل الخلافات العربية في اطار ميثاق
الجامعة العربية الذي بقي حبرا على ورق سمح بقيام تحالفات داخله، حيث مارس الرئيس
صدام حسين ذلك بنفسه[13]، بقيامه
بتوطيد علاقاته مع دول الخليج العربي وصلت الى حد قيام مجلس تعاون في كل من القطاع
الثقافي والعسكري والصناعي لمجلس التعاون
الخليجي.
كما وطدت علاقاتها مع مصر والأردن وكان نتيجة هذا
التعاون بين العراق ودول الخليج وبين العراق ومصر والاردن أن أنشأ[14]مجلس
التعاون العربــــــــــي عام 1989[15]
الذي سعى صدام لتشكيله رغبة منه في التمهيد لغزو الكويت حيث كان يزعم أن هذا
المجلس هو نواة لوحدة عربية شاملة يقودها صدام. بعدها مباشرة قام بغزو الكويت[16].
لقد ظلت
العراق مقتنعة بأنها المنتصرة بعد الحـــــرب حيث واصلت في ممــــــــــــــــارسة
سياستها بناء على هذه القناعة، وكانت هناك عوامل عدة رسخت هده القنــــاعة بالنسبة
للعراق من بينها انها ضحت لأجل الامة العربية، وهي وحدها القــــــــــــــــادرة
على مواجهة اسرائيل والدفـــــــــــاع عن الحــــــقوق العربية[17]،
وقد رأت بأنها اصبحت قوة فاعلة في تجميع الصف العربي والارتقاء به في اتجاه
التضامن الدي يمكنه في مواجهة اسرائيل[18].
وقد بدا
الرئيس العراقي يتحدث عن قوة بلده وقدراته وان العراق على وشك تخطي عتبة العالم الثالث[19]،
لذا يجب أن يكون لها دور مميز في منطقة الخليج العربي[20].
ويبدو أن العراق كانت تسعى لفرض هيمنتها على
منطقة الخليج العربي[21]،
حيث صرح الرئيس العراقي صـــدام حســــــين يوم 23 فيفري 1989 في عمــــان خـــــــلال
اجتمـــــاع لمجلس التعاون العربي، بأن العراق ستمارس اكبر نفوذ في المنطقة لتسيطر
على الخليج وبترولها، كما أنها ستوطد
نفودها كقوة عظمى لا تنافس.
غير أن
هدا الخطاب فجر خلافا حـــــادا بين كل من الرئــــــيس العراقي صــــــــــدام
حسين والرئيس المصري حسني مبارك، حيث ان الرئيس المصري رفض محاولة الهيمنة
العراقية على دول الخليج[22].
لقد كـــــانت
العراق تهدف الى توحيد العرب في دولـــة واحدة لإنهاء الهيمنة الأجنبية، لدلك
طالبت بلعب دور الحامي لمنطقة الخليج العربي، كما أنها قامت بالضغط على تلك الدول
للتخلي على الحماية الأمريكية واشراك العراق بالدور الاساسي في الخليج.
كما
بدأ الرئيس العراقي صدام حسين بفرض هيمنته على المنطقة من خلال لعب دور على الساحة
اللبنانية عبر دعم ميشال عون عام 1989 بالأسلحة الثقيلة والدبابات والصواريخ
لمواجهة الجيش السوري في لبنان[23]،
لكن العراق سرعان ما أوقفت تلك المساعدات بناء على طلب من الولايات المتحدة
الامريكية[24].
وبالرغم من شعور العراق بأنها خرجت قوية من
حربها مع ايران الا أنه كان هناك ظهور نتيجة جديدة الا وهي موقع السعودية على
الخليج والبحر الأحمر بالنسبة للعراق، لذا اعتبرت العراق أن المملكة العربية
السعودية جزءا من أمنها القومي وبالتالي اصبحت تعتبر السعودية كإيران منافسة لها
في منطقة الخليج[25]
.
من جهة أخرى تميزت الحياة السياسية في العــــــــــراق
بتدخل ايـــــــــــــران في تحريـــــــض المعارضة الشيعية في العراق ضد نظام
البعث، وفي المقابل فان العراق لم يتوقف بدوره عن دعم منظمة مجاهدي خلق الايرانية[26].
كما تمكنت العراق من احباط المحاولات الايرانية
لاستغلال الشيعة العراقيين في الجنوب، وكذلك احباط محاولات ايران للتدخل في شؤون
الاكراد بالشمال بهدف تفكيك الدولة العراقية من خلال فصل الجنوب الشيعي الدي يوجد
به الاماكن الايرانية المقدسة عن العراق في الشمال[27]،
ما ادى بالعراق الى قمع التنظيمات الشيعية واعدام عدد من رجالها عام 1989[28] .
قامت العراق بتأمين خطوط التموين بعد أن تأكدت
بانه من السهل على ايران أن تغلق الممر الضيق في شط العرب وتمنع العراق من استبراد
المواد اللازمة أو تصدير بضائعها[29]،
كما كان هناك ايضا اعادة للعلاقات الديبلوماسية بين العراق وايران فـــــــي
14اكتوبر 1989[30]،
الا أن التدخل الايراني بقي الى غاية الاحتلال الامريكي للعراق[31] .
المبحث
الثاني
الاوضاع الاقتصادية
إن الوضع في بــداية التسعينات لم يكــن
يبشر بالخير[32]،
وهذا ما جاء في تـقـــــــــــــــــرير ســــــــــري وضعه مصرفي حول الأوضاع
الاقتصادية في العراق في مستهل عــام 1990 جاء فيه:( إن صورة السبعينات البراقة
تلاشت وحل محلها وضع اقتصادي مظلم، وخراب واسع في جميع انحاء البلاد، وضاع الأمل
بالنسبة للأجيال القادمة، ترى هل هنـــــاك ما يمكن عمله لتغيير هدا الواقع
المؤلم؟...انه في ظل الحكــــــومة الحاضــــــرة، لابد أن يســـــــــير الوضع من
سيء إلى اسوأ ) .
إن هذا التقرير يعتبر أحسن تعبير عن حالة
العراق الاقتصادية بعد انتهاء الحـــــــرب العراقية الايرانية في الثامن اغسطس
1988[33]، وعليه
فان العــــراق خـــرج من حربه وهو منهك تماما، حيث تكبد خسائر كبيرة استهلكت كل
احتياطه.
تؤكد الدراسات الاقتصادية أن اقتصاد العراق
عانى كثيرا بسبب تلك الحــــــــرب التـــي
قضت كليا على انتعاشه الاقتصادي وذلك أنه خــرج بديون باهظة عربية وغربية،
وقد ادت الضائقة الاقتصادية الــى حصوله على مساعدات من دول الخليج العـــربية[34]،
مثل السعودية والكويت والامارات العربية، تلك الديون ادت الى انهيار الدينار
العراقي بشكل كبير[35].
وعليه فــــان أوضاع الــــعراق قبل حرب
الخليج الثانية تميزت بحالة اقتصادية سيئة للغاية، وذلك بسبب الديون اقترضها
العراق من دول الخليج التي ساندته في حربه ضد ايران[36]،
وأصبح العراق مثقلا بالديون حيث خرج مدانا في نهاية الحرب بمبلغ 100 مليار دولار[37]،
كان معظمها لدول خليجية مثل الكويت والامارات[38].
وبسبب الوضع الاقتصادي المتدهور قامت
القيادة العـــــــــــراقية بإطـــــــــــلاق الحــــــــــــريات الاقتصادية
حيث سمحت بتشجيع القطاع الخاص على العمل والانتاج[39]،
فقد اتخذ صدام حسين اجراءات لتحسين الوضع الاقتصادي منها خصخصة شركات عامة كبرى،
توسيع القطاع الخاص لتشجيع العراقيين في الداخل والخارج على اخراج ودائعــــــهم
واستثمــــــارها، وحصول مئات الأشخاص على رخص للقيام بمشاريع تجارية.
لكـــــن
عائدات هده الخصخصة كانت ضعيفة، كما أن الترخيص لمشاريع عــــامــــــة استثمارية
لم تحقق الانطلاقة الاقتصادية المرجوة، فعمد صدام حسين الى تسريح 200 ألف جندي، مما
أثار الشغب في البلاد نظرا للفقر والبطالة، فبدأ في توظيف 100 الف في قطاع التصنيع
العسكري، لكن هده التدابير لم تؤتي ثمارها
لأن الأمور في العـــــــراق كانت تسير نحو الأسفل، وأضحى الرئيس العراقي متعطشا
للحصول على الأموال لإنقاذ نظامه وإنقاذ البلاد من الانهيار[40] .
من ناحية أخرى فان التجارة العراقية أصبحت
غير كافية لتغطية حاجــات العـــــــــــــــراق، وبدلك أصبح الاقتصاد يعتمد على
التجارة الخارجية في مقابل تقليل التجارة المحلية، وهدا الأمر انعكس على تحقيق
التنمية الاقتصادية[41]، واضحى
العراق مضطرا لاستراد المـــــــــــواد الغذائية الأساسية، ما دفعه الى طلب
الحصول على مساعدات امريكية من القمح والمال. ومما زاد من مصاعبه هي مطالبة الدول الدائنة
بديونها التي عجز العراق عن تسديد فوائدها، وفي الوقت ذاته توقفت المملكة العربية
السعودية والكويت عن الاستمرار فــــي تقديم المساعدات له بعد انتهاء الحرب، كما
فشلت جهوده في الحصول على قــــــــــــــروض جديدة منهما.
من اجل حل هذه المعضلة قام صـــدام حسين
بالتخطيط لغزو الكـــــويت، وتســـــــــخير مواردها المالية والنفطية لمواجهة
الالتزامات الملحة للعراق[42]،
ويبدو أن هذا الطريق كان صعب لحل مشكلاته الداخلية، فقد كان يعني خضوع الكويت
للعراق، وأن تلغى ديونه.
من جهة أخرى فإن احتياطه من النفط سيرتفع
الى ثلاثة أضعاف بفرض سيطرته على النفط الكويتي، كما سيتمكن في الوقت نفسه من
السيطرة على الاستثمارات الكويتية العالمية التي تصل الى 200 مليار دولار، إضافة
الى توسيع سواحله المطلة على الخليج العربي.
لكن النتائج كانت عكس توقعات الرئيس العراقي
صدام حسين، (انهيار اقتصادي ، تحطم جانب من قوته العسكرية، معاناة الشعب العراقي
على جميع الاصعدة)، أدى الى حدوث توتر اجتماعي وقلق سياسي.
وقد
زادت الضغوط الاقتصادية الناتجة عن انخفاض سعر النفط وتزايد حصص الانتاج لبعض دول
الخليج الوضع تأزما، حيث قامت كل من السعودية والكويت بزيادة انتاجهما النفطي، هذه
الزيادة أدت الى فائض نفطي وانخفاض ملحوظ في سعر برميل النفط وبالتالي انخفاض دخل
العراق[43].
أصبح العراق يقوم باستيراد كميات كبير من
السلع بغرض تلبية حاجات الاستهلاك المحلي بسبب ضعف الاهتمام بالتنمية الصناعية
والزراعية، كما ارتفع التضخم وانخفض الانتاج بسبب انفاق مبالغ كبيرة على الجانب
العسكري[44].
ان العراق تعرضت لتدمير معظم محطات ضخ
النفط، وبالتالي كان هناك شلل شبه تام في قدراتها على تصدير النفط[45]،
ويبدو أن ما زاد الوضعية الاقتصادية ســــوءا وتأزمـــــــا هو عندما تلاعبت كل من
الكويت والامارات العربية بحصص الانتــــــــاج النفطية، كمــــــــــــا تلاعبتا
بأسعار النفط في الأسواق العالمية، وأيضا رفضت الحكومة الكويتية طلب العراق المتمثل
في التنازل رسميا عن ديونها، من هنا بـــــــــدأ الرئيس العراقــــــي يفكــــر
فعـــــليا بغزو الكويت بهدف ضمها[46] .
المبحث
الثالث
علاقة
العراق بمجلس التعاون الخليجي
ان العلاقة بين العراق ومجلس التعاون
الخليجي هي علاقة عدائية متجذرة، بــــدأت في القرن العشرين منذ فترة الحكم
العثماني، وقد كان هذا العداء نتيجة لتشعب الأنظمة السياسية التي كانت قائمة على
اساس القبلية وليس على أساس المواطنة.
ورغم هذا الاختلاف الا أنه كان هناك ظهور نزاعات
بين الايديولوجيات السياسية للدولة العراقية المختلفة عن بقية دول مجلس التعاون
الخليجي، وقد ترجم ذلك في واقع العلاقات بين هذه الدول والعراق حيث كانت هناك
نزاعات حدودية واقليمية.
وقد تفاقمت النزاعات القديمة بين العراق
والسعودية، فعندما كان النظام الملكـــي
هو السائد في العراق فانه اختار نظام ملكي دستوري ليبرالي، بينما اتخذت السعـــودية
نظـــــــــام حكم وراثي للعائلة المالكة، وبالتالي استحكمت الخلافات بين العراق
ودول مجلس التعاون في كل المجالات السياسية الاقتصادية والاجتماعية، حتى أصبح
العراق باختلافاته الكثيرة عن مجلس التعاون عنصرا
شاذا غريبا وكيانا اجنبيا، رغم وجــــوده في قلـــــب المنطقـــــــــــــة
جغرافيا، وهذا ما يفسر عدم دعوته للانضمام لمجلس تعاون دول الخليج العربي[47].
اذن فقد امتازت العلاقات العراقية-الخليجية
بالتباين، حيث كان يسعى كل طرف لإيجاد موقع قوة وتمركز له في المنطقة، خاصة في ظل
تنامي القوة العسكرية للعراق، بحيث أصبح الصراع عربي-عربي من اجل الهيمنة، وكانت
التهديدات العراقية السابقة حول الكويت تدل على أن العراق يحاول اثارة القضايا
السابقة أهمها أن الكويت جزءا لا يتجزأ من العراق[48].
عند اندلاع الحرب العراقية الايرانية طرأ
جديد على العلاقات الكويتية العراقية، حيث بدأ تخوف دول الخليج من التطورات
الخطيرة في المنطقة، ونتيجة[49]
للهاجس الأمني بدأ الشروع في اقامة منظمة اقليمية وهي مجلس التعاون الخليجي[50]، الذي تأسس في ايار عام 1981 كإجراء أمني لدول
الخليج بعد قيام الحرب العراقية الايرانية[51].
هذه
الحرب التي وضعت دول المجلس في مأزق، هل تساند ايران وهي الحـــــــلقة الأضعف، أم
العراق الذي سبب اختلالات في المنطقة بإعلانه الحرب على ايران، وفي النهاية كان
الموقف هو مساندة العراق بحكم انها دولة عربية[52].
وقد تم وضع القانون الأساسي لمجلس التعاون
الخليجي في لحظات الخطر التي كانت تضغط على أنظمة الحكم في المنطقة، وينص هذا
المشروع التنموي الى وحدة المنطقة، لكن هذا الأمر لم ينفذ ولا يوجد هناك ما يشير
الى أن ميزة مجلس التعاون تتجه نحو ذلك
الهدف.
وقد
كان موقف الكويت المنحاز لتأييد ودعــــــم العراق في الحرب تعبيرا توجه سياسة
الكويت الخارجية منذ الاستقلال، والقائمة على اساس التوازن، وكان الانــــــــدفاع
فــــــــي دلك التأييد قد ساهم مع دول مجلس التعاون الخليجي الى دعم وتثبيت
النظام العراقي[53]
.
لقد كان
انتهاء الحرب العراقية الايرانية في 1988م وما افرزته من علاقات وديــــــــــة
وعلاقات تقارب قوية بين العراق ودول المجلس، بداية لخلق نواة خليجية عربية كــــــــان
من الممكن أن تكون شبيهة بالاتحاد الأوروبي، كما كان متوقعا أن يكــــــــون
هـــــــــــذا التضــــــــامن الخليجي العربي قوة لوقف الأطماع والتوجهات
الايرانية، واجبارها على احترام سيادة الدول العربية خاصة مع امكانية اقامة علاقات
حسن الجوار مع ايران[54].
ولكن هده التوقعات جات بالعكس تماما عندما أصيب
النظام العربــــــي والاقليمــــــــــــــي بأسوأ نكسة باتت تهدد الوجود العــــربي
ذاته، وهي دخول القوات العراقية للكويت واحتلالها في اغسطس 1990م.
بعدما
رشح العراق نفسه لقيادة العالم العربي المنقسم على نفسه[55]،
وما نتج عنه فيما بعد من اختلال في العراق ذاته، وعليه فهذا التطور قد يفتح بابا
واسعا بأن يصبح عضو في مجلس تعاون دول الخليج بمباركة امريكية وغربية لاحتواء
العراق في سياق السياسات التي رسمتها امريكا لفترة ما بعد الاحتلال، حتى لا ينجذب
العراق الجديد الضعيف الى الجناح الشرقي في ايران أو الجناح الغربي في سوريا، ولعل
في ذلك مصلحة للعـــــــــــــــراق ولدول المنطقة لدفع مخاطر التقسيم والحرب
الأهلية[56].
يعتبر
الاحتلال العراقي للكويت تحديا كبيرا لدول مجلس التعاون الخليجـــي، حيث شكل لها
تهديدا أمنيا غير مسبوق، مما دفعها لاتخاذ موقف موحد بأن جعل هذه الدول اكثر
تماسكا لإحساسها بالخطر المشترك، وقد أخذت المملكة العربية السعودية علــــــــــــــى
عاتقها قيادة دول مجلس التعاون الخليجي ولعبت دورا مهما في حرب الخليج الثانيــــــــــــــــة
بإخراج العراق من الكويت[57].
ـ عبد المالك خلف التميمي، ابحاث في تاريخ الكويت، الطبعة الأولى ،
دار قرطاس للنشر، الكويت ، 1998 م ، ص 85[1]
ـ تركي الحمد، الغزو: الأسباب الموضوعية والمبررات الايديولوجية،
الطبعة الأولى، عالم المعرفة، الكويت، 1995 م، ص 102[2]
ـ كمال ديب، موجز تأريخ العراق من ثورة العشرين الى الحروب الأمريكية
والمقاومة والتحرير وقيام الجمهورية الثانية، ط1 ، دار الفارابي[3]
، بيروت، لبنان،
2013 م ، ص 18 .
ـ دام
حسين : هو رابع رئيس لجمهورية الراق في الفترة ما بين عام 1979 م وحتى 09 افريل
عام 2003 م، ونائب رئيس الجمهورية[4]
العراقية من عام 1975 م الى عام 1979 م وقد سطع
نجمه بعد الانقلاب الدي قام به حزب البعث في ثورة 17 تموز 1968 م . دعا لتبني الأفكار
القومية والتحضر الاقتصادي (انظر، عبد الوهاب، كيالي، موسوعة السياسة، ج5 ، دار الهدى
، بيروت، 2001 م،ص 42. )
ـ محمد
سهيل طقوش، تاريخ العراق الحديث والمعاصر، الطبعة الأولى، دار النفس، بيروت،
لبنان، 2015 م ، ص 371 .[5]
ـ اسلام محمد المغير، الحرب العراقية الايرانية 1980، 1988، رسالة
ماجستير في التاريخ الحديث والمعاصر، (بحث تكميلي)، قسم[7]
التاريخ والأثار ، كلية الآداب ، الجامعة الاسلامية،
غزة، 2015 م، ص 228.
ـ حسن
طوالبة، مناقشة في النزاع العراقي الايراني، مكتبة مدبولي ، القاهرة، 1984 م ،ص ص
81ـ82 . [8]
ـ بيار سالينجر، اريك لوران، المفكرة المخفية لحرب الخليج الثانية،
الطبعة الثانية، شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، بيروت، 1991 ،.[10]
ـ فتحي
العفيفي، الخليج العربي النزاعات السياسية وحرب التغيير الاستراتيجي، مركز
الاهرام، القاهرة، الطبعة الأولى، ص 145 . [11]
ـ ابراهيم حسن، الصراع الدولي في الخليج العربي، العدوان العراق على
الكويت: الأبعاد والنتائج العربية
والدولية، مؤسسة الشراع[14]
العربي، الكويت، الطبعة الأولى ، 1996 م، ص ص
24 ـ 25
- تأسس
مجلس التعاون العربي في 16 فيفري 1989م ببغداد ويضم الدول التالية: جمهورية مصر
العربية ، الجمهورية العراقية، المملكة [15]
الهاشمية الأردنية والجمهورية العربية اليمنية. يهدف الى تحقيق أعلى مستويات
التنسيق والتعاون والتضامن ما بين دوله ( انظر: الجريدة الرسمية ، العدد 20 ، الصادر
في 18 مايو 1989 ، ص ص 728- 731 ). ).
ـ احمد طه خلف الله، سقوط العرب في الحرب على العراق، الاسباب
والنتائج، دار الكتاب العربي، الطبعة الأولى، القاهرة، 2004،. [16]
ـ محمد
ادريس، النظام الاقليمي العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، الطبعة
الأولى،2000 ، ص 505 .[17]
ـ الان قريش، دومينيك فيدال، مفاهيم الفهم حر معلنة، ترجمة ابراهيم
العريس، دار قرطبة، الطبعة الاولى، 1991، ص 146 .
[30]
ـ فاطمة نيشاني ، فتيحة حمادو، الحرب العراقية اليرانية والدور
الديبلوماسي للجزائر في حل الأزمة 1980-1988 ، مذكرة.[38]
تخرج مقدمة لنيل شهادة الماستر، تخصص تاريخ حديث
ومعاصر، كلية العلوم الانسانية والاجتماعيو والعلوم الاسلامية، جامعة أحمد دراية ،
أدرار، 2015-2016، ص 57.
ـ وليد عبد الناصر ، الابعاد الاقليمية لأمن الخليج بعد الحرب
العراقية الايرانية، السياسة الدولية، عدد 95 ، يناير، 1989 م ، ص 182 . [45]
ـ محمد سالم، العراق ما جرى واحتمالات المستقبل،
عين للبحوث والدراسات الانسانية والاجتماعية، الامارات العربية، الطبعة الاولى،
2003 ، ص
84 .
ـ محمد مقروف، العلاقات الخارجية لمجلس التعاون لدول الخليج العربي،
مدكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون، فرع القانون الدولي.[48]
ـ هو منظمة اليمية تضم دول الخليج العربي، يتشكل من ست دول هي
السعودية والكويت وقطر والبحرين وعمان، ( أنظر بدرية عبد الله[50]
العوظي، مجلس التعاون لدول الخليج العربية قضايا
الأمن واسئلة المستقبل، ط1، مركز دراسات الوحدة العربية ، بيروت، 2009 ، ص4 (وكدلك
انظر عبد المالك خلف التميمي، ص 32.).
ـ عبد المالك خلف التميمي، المرجع نفسه، ص 32. [51]
ـ السعيد بو شول، واقع التكامل الاقتصادي لدول مجلس التعاون لدول
الخليج العربي وافاقه، مدكرة لنيل شهادة الماجستير في علوم التسيير. [52]
ان
العوامل التي ادت الى غزو العراق للكويت يمكن ارجاعها الى مجموعة من التغييرات
السياسية، و الاقتصادية، في البيئة الداخلية و الخارجية التي سعت فيها القيادة
العراقية منذ وصول الجناح العسكري لحزب البعث الى السلطة في عام 1968 م الى اقامة
قاعدة للنفوذ السياسي للخليج العربي، ومحاولة نشره في المنطقة العربية ورفع شعار
الدفاع عن عروبة الخليج ضد الاطماع الايرانية تحت غطاء تحقيق الدولة العربية
الواحدة[1] .
1-
الأسباب التاريخية
ان النظام العراقي كان دائما يربط تدخلاته في الكويت بمبررات عراقية، وذلك
بان للعراق حق تاريخي في الكويت والتي اعتبرها جزءا لا يتجزأ منه كما كانت في عهد
الدولة العثمانية، وهذا الحق هو اعادة ترسيم الحدود بين العراق و الكويت على شكل يمّكن
العراق من ضم مساحات من الكويت خاصة في الشمال، وكذلك الحصول على جزيرتي وربة و
بوبيان[2]
لتوسيع الواجهة البحرية للعراق، و يبدو انه من اهم النقاط التي ادت الى غزو العراق
للكويت هي مشكلة الحدود[3].
لقد كان ارتباط القضية العراقية مع الكويت منذ عام 1913 م ، حيث قامت
الدولة العثمانية بالاتفاق مع بريطانيا على رسم الحدود ، في الاتفاقية المسماة
باتفاقية انجلو[4]
.وفي اعقاب الحرب العالمية الاولى ظلت الكويت هدفا لجميع الانظمة السياسية التي
تعاقبت على حكم العراق ، حيث كانت تتعرض لانتهاك حدودها تارة و التهديد بضمها تارة
اخرى[5].
وقد تم توقيع معاهدة العقير التي وقعهـــا المندوب البريطانـــي كوكـــس،
مع كـــل من الحكومة العراقية و السعودية ولم يحصل العراق من خلالها على منفذ بحري
، بالرغم من انه كان دائما يطالب بذلك[6].
وتم ترسيم الحدود بين الدول الثلاث في هذه المعاهدة. وعندما استقلت العراق
سنة 1932م اصبح الوضع جد متأزما بين العراق و الكويت ، وذلك لان الملك غازي بن
فيصل[7] ،
طالب بالكويت وانها جزء لا يتجزأ عن العراق.
و في سنة 1938م قام الملك غازي بن فيصل[8]
بفتح اذاعة خاصة في قصره الملكي ، وكانت هذه الاذاعة خاصة لبث حملته لضم الكويت
الى مملكة العراق ، الا ان بريطانيا رفضت هــذا الامر[9].
وبقيت فكرة ضم الكويت دائما تراود الملك غازي الى ان وافته المنية في حادث
سيارة سنة 1939م[10].
أما فترة الاربعينيات وبداية الخمسينيات فان العلاقة بين العراق و الكــويت تميزت
بالهدوء نوعا ما[11]. واما في عهد حكـــم نــوري السعيد حرص ايضــا
علـــى ضــم الكويت[12]،
وكان متمنيا ذلك في الاتحاد الهاشمي الذي تأسس في فبراير عام 1958م.
ويبدو ان حرص نوري السعيد على انضمام الكويت لهذا الاتحاد كان من ورائه
دوافع تمثلت في ادراكه لأهمية الكويت الاقتصادية و مقدراتها على دعم الاتحاد وسد
العجز في ميزانيته ، وايضا الاهمية التي يمثلها انضمــام الكـــويت، لان حكامـــها
لا يرتبطون بالأســرة الهاشمية ، مما يجعل قيام الاتحاد اكثر تقبلا في المنطقة .
يبدو ان نـوري السعيد حـاول اقناع كل من بريطانيا و الولايات المتحـــدة
بالفــوائد المحققــــة من انضمام الكويت لهذا الاتحاد، كما حاول اقناعهم بان
الاتحاد يمكنه ايقاف المد الشيوعي بالمنطقة، بحيث طلب من الحكومة البريطانية ان
تمنح استقلال الكــويت حتي تكون مؤهلة للانضمام، وطالب بإبرام معاهدة مع الكويت
للحفـاظ على مصالحها الاقتصــادية واستثماراتها النفطية، وفي حال رفضت الكويت ذلك
يكفي انضمامها للجنة الاقتصادية للاتحاد، في مقابل اعتراف العراق بالحدود القائمة[13]،
لكن الكويت رفضــت ذلك حيث اعلن عبد الله السالم الصباح[14]
ان بلاده لن تحصل على[15]
أي مكاسب مــن هذا الانضمام، و بالرغم من هذا الرفض الا ان نوري السعيد حاول كسب
ود الكويت كي تستجيب للانضمام للاتحاد الهاشمي[16].
بعد الانقلاب العسكري الذي قام به السكرتير الخاص لنوري السعيد[17]،
سقطــت الملكية في العراق[18]،
بحيث انفرد عبد الكريم قاسم بالسلطة في العراق واتجه بالحكم اتجاه اشتراكي، وخلال
حكمه حدثت ازمة الكويت عندما اعلنت بريطانيا انهاء معاهدة الحماية واستقلال الكويت
في 19 جوان 1961 م حيث رفضت الحكومة العراقية هذا الاستقـلال، من خلال محاولة عبد
الكريم قاسم الاعلان ان الكويت احــدى محافظات العــراق، وانــه سيعين لها محافظا،
وانتهت هذه الازمة بتدخل من مصر والجامعة العــربية وبريطــانيا و السعودية بقوات
حالت دون تحقيق عبد الكريم قاسم لتهديده بضم الكويت[19].
وبعد رحيل الرئيس عبد الكريم قاسم تحسنت العلاقة بين العراق و الكويت[20]،
وهذا التحسن في العلاقة ادى الى ابرام اتفاقية في 14اكتوبر1963م جاء فيها ما يلي:
ـ ان تعترف الجمهورية العراقية
باستقلال الكويت وسيادتها التامة وفق ما كان عليه في عام 1932م.
ـ تعمل الحكومتان على توطيد العلاقات
الاخوية ما بين البلدين والتطلع نحو الوحدة العربية.
ـالعمل على اقامة تعاون ثقافي و تجاري
واقتصادي ما بين البلدين[21].
وفي سنة 1968م عين صدام حسين نائب للرئيس
حسن البكر[22].
وقد دامت الـهدنه ما بين العراق و الكويت عشر سنوات. وفي عام 1973م قامـت القـوات
العـراقية بالتدخـل فــي المنطقة الواقعة قرب الحدود العراقية، وهي منطقة صامتة
الكويتية، ومن هنا بدأت الازمة تتزايد، الا انه بعدما حسم العراق نزاعه في شط
العرب، الذي كان متنازعا عليه مع ايران في اتفاقية الجزائر في 1975م وافق على سحب
قواته من الحدود الكويتــية[23].
وبعد انطـــلاق الحـــرب العراقيــة
الايرانية بعــام أي سنة 1981م طــرحت الكويت مشــروع اقامة مجلس التعاون الخليجي،
و ايدتها في هذا الطرح السعودية وباقي امارات الخليــج هــذا المجــلس كــان اول
تجمــع اقليمــي فـي المنطقــة العــربية، يتحدث عــن العــلاقات الاقتصــادية
والثقافية و الاجتماعية والصحية و الاعلام والامن في الــدول الاعضــاء[24]،
بحيث دعمــت الكويت العراق اعلاميا واقتصاديا، وكان هذا الدعم مبني وفقا لراي مجلس
التعاون الخليجي، لأنه في نظرهم ان انتصار ايران في الحرب يعني سيطرتها على
المنطقة[25].
ويبدو ان موقف الكويت ودعمها للعراق هو ترجمة
لموقف القوى الفاعلة في للمنطقة مثل السعودية والولايات المتحدة الامريكية ضد
ايران الاصولية[26]،
وقد بلغت المساعدات الكويتية للعراق اثناء حربها مع ايران 14 مليار دولار. ويبدو
ان دول الخليج كانت تأمل في غد افضل وانه سيكون الامن والسلم ما بين البلدين ويتم
ترسيم الحدود نهائيا.
على الرغم من كل هذه المعطيات الا ان
المفاجأة وقعت وعكس ما كان متوقعا حيث قام العراق بغزو الكويت في عام 1990م[27].
2-
الاسباب الاقتصادية
لقد ارادت الحكومة العراقية بناء نفسها بعد انتهائها من الحـرب مع أيــران
ويبدو ان ذلك كان يحتاج الى دعم مالي كبير، يمكنها من ذلك، وكانت تأمل من دول
الخليج ان تقدم لها هذا الدعم، حيث كانت العراق ترى انها هي من ضحت من اجل دفع
الخطر الايــراني لحماية الدول الخليجية، كما انها كانت تريد من هذه الدول عدم
مطالبتها بالديون المستحقة عليها، الا ان الكويت رفضت ذلك[28].
من هذا
المنطلق بدأت المشاكل تتفاقم ما بين البلدين حول النقاط التالية:
-
الديون العراقية للكويت.
-
وايضا حقول النفط المشتركة بينهما على الحدود[29].
على الرغم من ان المساعدات الكويتية للعراق
اثناء حربها مع ايران وصلت المساعدات الى ما يقارب 14 مليار دولار، الا انه بحلول
عام 1990م تدهورت العلاقات بينهما، واصبحت سيئة للغاية.
الخلاف حول انتاج النفط[30]:
حيث اتهم العراق الكويت و الامارات بخفض سعر النفط من خلال تجاوزهما كمية الانتاج
المحددة لهما من قبل منظمة الاوبك، وهذا الانخفـاض انعكس سلبا على الاقتصاد
العراقي ما ادى الى تأزم في العلاقات بين العراق والكويت[31].
وكان ايضا من اسباب الخلاف ما بين البلدين هو اتهام العراق للكــويت بإنتاجها
كـــمية كبــيرة من النفط بلغت مليون وثمانمائة الف برميل يوميا عــام 1989م،
وبهذا تجاوزت حصتها الانتاجية المتفق عليها في الاوبيك ب سبعمئة الف برميل.
لقد قام الرئيس العراقي صدام حسين بتوجيه
اتهـام للكويت خــلال اجتمــاع طـــارئ للجامعة العربية في ايارعام 1990 م، بان
هذه الاخيرة قد افرطت بتزويد السوق العالمية بنفطها ما تسبب في انخفاض اسعار النفط
عالميا، حيث ان هذا الانتاج كان يكلف العـراق خسارة تقدر ب14 مليار دولار سنويا[32]،
كما ان هذا الانخفاض ينعكس على الاقتصـــاد العراقي، الامر الذي ســاهم في تأزم
العلاقات بينهما[33].
وقد
كان من اسباب الخلاف بين العراق و الكويت هو اتهامه لها بسحب النفط من حقل الرميلة[34]،
مستغلة انشغال العراق بحربه مع ايران، بحيث اعتبرت العـــراق بان الكويت قامت بهذا
التصرف بالتنسيق مع المملكة العربية السعــودية وبعلــم الولايــات المتحدة
الامريكية، بهدف تقليص دخل العراق لكي تصبح عاجزة عن تنفيذ برامجهــا التنموية[35].
يبدو ان الكــويت لم تفصح عن قيمة النفط
المستخرج من حقــل الرمــيلة، الا ان العـــراق قدّره بقيمة مليارين واربعمئة الف
دولار امريكي، لكن القضية الرئيسية و الحقيقية هي السيطـــرة على احتياطات النفط
وهي قضية جـوهرية فــي الـنزاع بين الطرفين[36].
ادت الزيادة في انتاج النفط الى سقوط كبــير في الاسعــار ما انعكــس علــى الاقتصاد العراقي بالسلب،
حيث اعتقدت الحكومة ان ازمتها لن تحل الا بارتفاع اسعار النفط ولمدة طويلة، واعتبر
ان زيادة الانتاج من طـرف الكــويت يعتبر شكـــلا من اشكال الاستفزاز، والاكثر من
ذلك انه بمثابة اعلان حرب اقتصادية ضد نظامه لــغرض اضعافه.
بسبب هذه الاوضاع قام العراق بمطالبة الدول
الخليجية و خاصة الكويت والسعودية بتقديم مساعدات له قدرت ب30 مليار دولار، في حين
طالبتــه تلك الــدول بديونها والتي بلغت كذلك 30 مليار دولار، وقد استغلت الكويت
الوضع وطالبت العراق بأنــهاء ترسيم الحدود بين البلدين، الا ان العراق رفض
الاستجابة للمطالب الكويتية، ما ادى الى غزوه للكويت في اوت 1990م[37].
في حين هناك سبب غير مباشر لهذه الحرب تمثل
في الدور الذي لعبته امريكا، على لسان سفيرتها ابريل غالاسبي، حيث ذكرت انها لم
تعقد أي اتفاق دفاع مشترك مع دول الخليج، الامر الذي مثل دعوة صريحة منها للغزو
دون تدخلها فيه، ويعتبر هذا التصريح بمثابة حجة للولايات المتحدة الامريكية للدفاع
عن مصالحها في المنطقة[38].
-
الاسباب السياسية
لقد كان للوضع الاقتصادي المتأزم في العراق
التأثير الكبير في اتخاذ القـــــرارات السياسية اتجاه الكويت، وقد ساعده في ذلك
كما ذكرنا سابقا، بيئة سياسيه دوليه و عربية واقليمية مشجعة لصناع القرار في بغداد
لسلوك معين من اجل تحرير ذلك الاقتصـاد من ازمته[39]،
في المقابل كان العالم في تلك الفترة يمر بمرحلة شبه انتقالية، تمثلت في انهيار
الاتحــاد السوفياتي وبداية انسحابه من الساحة الدولية، في نفس الوقت الذي بدأت
فيه امريكا بالانفراد باتخاذ القرارات العالمية والهيمنة، بصفة عامة، وبعد انتهاء
الحرب العراقية الايرانية اعتبرت امريكا العراق قوة اقليمية يمكن التعامل معها،
وهذا ما دلت عليه اللقاءات الثنائية بين البلدين[40].
اذا بعد اتهام العراق للكويت باستغلالها
لحقل الرميلة المشترك بينهما جاء الدور بعد ذلك على جزيرتي وربة وبوبيان حينما
طالب الرئيس صدام بهما، من خلال زيارته لدول الخليج، وقد عبّر عن ذلك المسؤول
الكويتي في عمان بقوله:( ان صدام لا يريد الجزيرتين وحدهما بل يريد الكويت كلها[41]
).
في 17 جويلية انعقد مؤتمر للأوبيك بالرياض
حضره العراق بحيث طالب فيه كل من الكويت والامارات بعدم التلاعب والتآمر بحصص
الانتاج، ومن هنا بدأت الازمة تتفاقم لتشمل كل دول الخليج مع العراق وقد قال صدام
عن حربه مع ايران: (يعود
الفضل الى
اسلحتنا الجديدة في ان الإمبرياليين[42]
لن يستطيعـــوا بعد اليوم شـــن هــــجوم عسكري علينا ولهذا اختاروا شن حرب عصابات
اقتصادية بمساعدة عملائهم من زعماء الخليج، فسياستهم التي تبقي على اسعار النفط
منخفضة خنجر مسموم في ظهر العراق)، وذكر لأول مرة التهديد بالدخول العسكري بقولة:
(ان عجزت الكلمات عن حمايتنا فلن يكون هناك خيار سوى اعادة الامور الى نصابها
واستعادة حقوقنا[43]).
وفي 23 جويلية 1990م حشد العراق 30 الف جندي
على حدوده مع الكويت[44]،
من اجل وضع يده على كافة موجودات الكويت واحتياطاته النفطية كي يحل مشكلاته
المالية: ومن جهة اخرى ترتفع شعبيته في الشارع العربي، خلال استعادة ما استولت
عليه احدى اكثر الدول ثراء. وفي 27 من نفس الشهر 1990م عقدت منظمة الدول المصدرة
للنفط اجتماعا بجنيف، حيث قررت فيه رفع سعر البرميل الى 21 دولار كسعــر مرجـــعي،
وتحديد سقف انتاج المنظمة وحصص كل اعضائها[45]،
في الوقت الذي عقد فيه لقاء بين الوفدين العراقي و الكويتي بالرياض، وبوساطة
سعودية برئاسة الملك فهد، حيث قبلت الكويت ببعض الشروط العراقية من بينها الغاء
ديونه، وقرضه 9 مليار دولار، مقابل اشتراط الكويت لحل المشكل الحدودي بينهما، مما
اغضب الوفد العــراقي الـــذي قـــام بالانسحاب من الاجتماع[46].
والجدير بالذكران القصور الدبلوماسي العربي
بدا جليا وواضحا منذ البداية، وحتى قبل غزو العراق للكويت فالجامعة العربية لم
تستطع تسوية هذا النزاع وحل المشكل ما بين الدولتين من منطلق الوقاية قبل العلاج،
بل اختارت حدوث الصدام بين الاخــوة لتجريم هذا او ذاك، كما ظلت غائبة او مغيبة
ومشلولة تماما امام الازمة حتى وقعت الكارثة، ما أدى الى تدخل اطراف اجنبية فيها مدفوعين
بأحقادهم واطماعهم ومصالحهم دون غرض نبيل مطلقا[47]،
ولقد عقدت الجامعة دورة طارئة لها فــي تـونس حضــرها العراق ممثلا في شخص طارق
عزيز حاملا رسالة من الرئيس العراقي صدام حسين الى الامين العام للجامعة الشاذلي
القليبي، فحواها شكوى ضد الكويت لتجاوزه الحد في انتاج النفط، بل اكثر من ذلك الى
اتهامه بإقامة نقاط عسكرية على اراضي عراقية، وسرقته ما يساوي 2.4 مليون برميل من
النفط من حقل الرميلة، كما اتهمــت ايضا الكويت والامارات صراحة بانهما ضالعتان في
مؤامرة استعمارية على الامة العربية،
كانت هذه الدورة للجامعة العربية فاشلة بكل
المقاييس، بحيث لم تحضرها الكـثير من الدول العربية منها السعــودية ومصــر، وقد
عــبر عن هذا المــوقف الـــزعيــم الـــراحل عرفات (رحمه الله) بقوله: (ان القضية
خطيرة ولكن كثرة الدول العربية لا تكترث لها، ترى ما الذي تفعله؟ هل تقوم بتحدي سعر البطاطا؟ ثم اضاف:
(نحــن مقتنعون بان بعض الدول تتامر علينا[48]...)
انطلاقا من المعطيات السابقة، خاصة
التحسن الملحوظ في العلاقات ما بين امريكا
والعراق، تصور صدام انه بالإمكان اغتنام الفرصة وتحقيق مبتغاه دون عناء حتــى وان
غاب الحليف التقليدي المتمثل في الاتحاد السوفياتي عن الساحة الدولية[49]،
لكن القيادة العراقية وعلى راسها صدام حسين اغفلت من حساباتها عدة متغيرات،
وقــراءتها قــراءة خاطئة تماما يمكن تلخيصها في النقاط التالية:
1- ان و.م.ا لا يمكن ان تثق في رئيس
عربي خاصة في شخص صدام حسين وتجعل معظم الاحتياط العالمي تحت سيطرته، وبين يديه
ترسانة من الاسلحة، لان امريكا تدرك بانه سينقلب عليها بمجرد اشتداد ساعده.
2- الثاني ان الولايات المتحدة الامريكية قد اصبحت راعي[50]
للنظام الدولي الجــديد[51]،
فلن تسمح ان تكون رعايتها هذه محل شك لذا كان ردها حاسما بعد وقوع الغزو بتوقيف
الجزاءات الغير عسكرية (الحصار والمقاطعة)، وانتهاء باستخدام القوة العسكرية .
3- ان النظام الدولي الجديد لم يكن يسمح باختلال توازن القوى الاقليميــة،
نتيجــة الانهيار الايراني وبروز العراق كقوة اقليمية تهدد منطقة الخليج العربي،
ومن الناحية الاقليمية ان نذكر النقاط التالية :
4- خروج ايران من المعادلة الاقليمية وبروز العراق كقوة، الصيغة الهشــة
لمجلــس التعاون الخليجي، اضافة الى استبعاد كل من العراق واليمن من نادي الاغنياء
مما ادى الى زيادة الشرخ في الصف العربي، الصراع الذي كان قائما بين الحكومة
الكويتيــة والمعارضة، وكذلك بروز صدام حسين كزعيم عربي ابرزته اجهزة الاعلام
العربية بعد خروجه منتصرا من الحرب الخليج الاولى، وكذلك قيام تحالفات داخل النظام
العربي الهش[52].
المبحث
الثاني:
مجريات الحرب
والموقف الدولية والعربية
1ـ مجريات
الحرب: قبل التكلم عن مجريات الحرب ووقائعها لابد أن نذكر ان الدول العربية
حاولت احتواء الازمة، وعدم السماح لها بالتطور، وعليه فان دبلوماسية كل مــن مصر
والسعودية والاردن نشطت في هذا الصدد، الا ان الاتهامات ظلت قائمــة[53]،
وتعــد المذكرة التي ارسلها طارق عزيز وزير خارجية العراق الى الشاذلي القليبي
امين عـــام الجامعة العربية، وما تبعها من مذكرات اخرى متبادلة بين الجانبين،
بداية الانهيار الحقيقي للعلاقات الكويتية العراقية، وتعد التهامات التي وجهها
العراق بمثابة انذار بالغزو[54].
ان قيام
العراق بحشد قواته على حدود الكــويت جعل الكــويتيين يتخــوفون مـــن تعرضهم
لهجوم عراقي، مما ادى بهم الى مطالبة الرئيس المصري بمعالجة الموقـف، واخذ ضمانة
من العراقيين بعدم استخدام القوة[55].
حين ذاك قام
الرئيس المصري بإجراء مفاوضات بين الطرفين في المملكة العربيــة السعودية من اجل
تهدئة الوضع واستبعاد أي تدخل اجنبي في المنطقة، غير ان الرئـيس العراقي صدام حسين
لم يتوقع ان يكون هناك تدخل خارجي في
المنطقة، وقبل الوساطة المصرية، وقد كانت هناك ايضا
وساطة اردنية وذلك خلال زيارة الملك حسين لكل من العراق والكويت والرياض، لتهدئة
الازمة وتجنيب المنطقة نتائج لا تحمد عقباها بحيث عقد اجتماع بين الطرفين في
السعودية يوم 31-07-1990 الا انها لم تخرج بحل يرضي الطرفين[56]،
لان كل طرف متمسك بآرائه وله وجهة نظر مخالفة عن الاخر، وبالتالي خرج اجتماع جدة
بالتهديد والوعيد وقطعت المفاوضات بعد ساعتين، وعاد كل وفد الى بلاده[57].
واثر فشل كل
المحاولات الدبلوماسية لحل النزاع بين العراق والكويت في 2 اوت 1990م قام العراق
بغزو الكويت واعلنها صدام محافظة عراقية[58]،
وقد كان هناك اعداد عسكري مسبق لهذا الغزو، حيث انه وبعد انتهاء اجتماع جدة كانت
هناك تحركات عسكرية غير مسبوقة تشهدها العراق، و كان هناك انتشار للشرطة العراقية،
وقد تم السيطرة على حركة الشاحنات العسكرية وكذا حركة السيارات التي كانت تنقل
مئات الاطنان من الذخائر للجنود، في مقابل ذلك كانت هناك سيارات على طريق بغداد
وام قصر وصفوان بغداد ومئات السيارات والشاحنات العسكرية تحمل دبابات وعربات مدرعة،
وتم تمركز الفرق بمنطقة صفوان القريبة من الحدود الكويتية، بحيث فتحت هذه الفرق
قيادات لها ميدانية على بعد من 10 الى 18 كلم على الحدود الكويتية حتى بدا التحرك[59].
وقد تم
تدعيم هذه الفرق بنظارات ميدانية ليلية، وكــذلك اجهزة للــرؤية في الليـــل
كالقنابل وطلقات الاشارة الضوئية الملونة وغيرها[60] ،
كما تم تجهــيز كــل من القـــوات الجـــوية الجنوبية في منطقة الرميلة و جليبة
بالوقود والقنابل وطائرات الميراج اف وطائـــرات هليكوبتر تصل الى قاعدة الرميلة
الجوية، وكذا تمركز المجموعتين 65و68 مـن فـــرقة الكوماندوس في المنطقة التي تقع
في شمال صفوان وام قصر، ودعمهمـا بكميات هائلــة من قطع الغيار والذخيرة
والامدادات الغذائية من اجل العملية الهجومية، ويقول احد الضباط العراقيين(بان
الرئيس صدام حسين صمم الخطة العامة لحركة القوات، واختيــار توقيت المعركة يبدا في
الساعة الثانية عشرة لدخول القوات العراقية للأراضي الكويتيــة، واذا قضي الامر
تجاوز مراكز الدفاع والمقاومة والاستمرار في التقدم).
وقد قــدرت
القوات العراقية ب2167 قطعة مدفعية و 423 دبـــابة و 155 الف جندي، 144 طائرة كانت
هذه بقيادة اللواء نجم الدين عبد الله . كل هذه القوات لاحتـــلال قصر دسمان
والموانئ الجنوبية الكويتية وكذلك لاحتلال جزيرتي وربة وبوبيان و2 فوج استطلاع ،
و2 كتيبة مغاوير كوماندوس والكتيبتان همـــا 65 و 68 قـــوات خاصــة بالإضافة الى
6 الوية مدفعية ميدان[61]،
اما الجانب الكويتي فقـدرت قواتـه ب16 الــف في القوات البرية، 2100 جندي في
القوات البحرية ، 2200 جندي في القــوات الجويــة، و1500 جندي في الحرس الاميري و
الحرس الوطني وقوات الحدود مجهزة ب275 دبابة و 200 عربة قتال مدرعة و 132 قطعة
مدفعية ميدان، و 156 قذائف صاروخيــة منها 12 قاذف صاروخ ارض ارض و صواريخ امون
وسكاي وغراد، وهي مشكلة في 2 لواء مدرع مرقمة 80.90 و 2لواء مشاة ميكانيكي منها
اللواء 35 لواء مدفعية ذاتيـة الحركة وثلاثة كتائب صواريخ مضادة للدبابات من طراز
تاو، و 10 كتيبة للطائرات من طراز سكاي هوك وكتائب صواريخ مضادة للطائرات من طراز
امون[62] .
فيما يخص
القوات البحرية فقد ضمت 2 زوارق صاروخية ، 15 زورق ساحلي و 4 سفن مائية و 2 سفن
مساعدة، و 50 زورق بحري وكذا 80 طائرة مقاتلة قاذفة و 18 هليكوبتر مسلح ب2 مقاتلات
قاذفة من طراز سكاي هوك، وسرب طائــرات تــدريب وهجوم ارتي هوك، و3 طائرات نقل سي
9-4 طائرات نقل 100 هليكوبتر[63].
بعدما تم الاعداد العسكري للغزو قامت العراق
بشن هجوم عسكري على الكويت في 2 اوت 1990 م ، استغرق الهجوم يومين حيث انتهى
باستلاء القوات العراقية علـى جميع الاراضي الكويتية[64]،
وقد قام الجيش العراقي بعد دخوله للكويت بالكثير من عمليات الاعدام دون محاكمة
بالنسبة للمعارضين للتدخل، وكانت تلك العمليات الاعدامية تجــري امام الملك في
الساحات العمومية[65]،
وبعد ذلك قامت الحكومة العراقية بتشكيل حكومة كويتية مؤقتة يتراسها علاء حسن
واعلنت عن ضم الكــويت لها يــوم 9 اوت 1990م، والغاء جميع السفارات الدولية في
الكويت كما اعلن العراق ان الكويت هي المحافظة 19 ، وفي مقابل ذلك كانت موجهة
كويتية معتبرة في وجه القوات العراقية ، الحقت بها خسائر كبيرة في اعداد الجنود
وكذا الالة العسكرية العراقية[66] .
وعليه بعد
وقوع الكويت تحت الاحتلال العراقي والسيطرة على جميـع اراضيــه اصدر مجلس قيادة
الثورة العراقي بيانا اتهم فيه حكام الكويت بالغدر والخيانة ، وكان هذا البيان يوم
3 اوت 1990 حيث ادعى العراق ان دخول قواته جاء للوقوف بجـانب الثورة واستجابة لطلب
حكومة الكويت الحرة المؤقتة والتعاون معها ، كما صدر في ذات البيان ادعاء العراق
بانها ستسحب قواتها حالا عندمــا تستقــر الاوضــاع في الكويت ، وعندما تطلب
الحكومة الكويتية الحرة المؤقتة هذا الطلب [67].
كما ان
حكومة الكويت الحرة المؤقتة اذاعت بيانها الاول، حيث اوضحت ان القوى الوطنية التي
رفضت النفي والاستبداد قررت تسلم زمام المسؤولية والاطاحة بالنظام المستبد والعميل
وكذا عزل جابر الاحمد الصباح وسعد العبد الله السالم الصباح وحل المجلس الوطني ،
واعلن البيان ان حكومة الكويت الحرة المؤقتة ستتولى تامين اقرار النظام العام
ومعالجة القضايا السياسية في الكويت ، وذكر ايضا ان حكـومة الكــويت الحرة المؤقتة
تعتبر من اولى واجباتها ومسؤولياتها الوطنية والقومية والاخلاقية دفع الاذى الذي
الحقه العهد السابق وستعمل على معالجة مسالة الحدود والعلاقة مع العراق على قاعدة
الاخوة وفق ما تتطلبه المصلحة القومية العليا ، كما اكد البيان على ان حكومة الكويت
الحرة المؤقتة حريصة على سلامة الاجانب وحماية حقوقهم ومصالحهم وامنهم[68].
ويبدو ان الجيش الكويتي لم يبدي أي مقاومة
حقيقية تذكر[69]
وذلك لعدة عوامل منها : افتقار الجيش الكويتي للخــبرة وحجمـه المتواضع في مقــابل
الجيش العراقي الضـخم [70]
بالإضافة الى ان ولي العهد ادرك انــه لا امـل في وقف الحـرب وغادر القصــر نحـو
السعودية [71]
وتم بعد ذلك الاستلاء على كامل الاراضي الكويتية .
ان الغزو
العراقي للكويت احدث ازمة جعلت الدول العربية والغربية والاقليمية تعطي لهذه
الازمة اهتماما كبيرا ، نظرا لتأثيرها الكبير على امن الخليج الذي ترتبط به
المصالح الغربية.
المواقف
العربية والدولية
المواقف
العربية: عندما قام العراق بغزو الكويت كان من الطبيعي ان يستفزهذا الغزو الدول
العربية المعرضة للخطر من جانب النظام العراقي، فسعت الى حماية نفسها بكــل
الوسائل[72]،
وقد كشف الغزو عن عدم وجود اتفاق بين الاطراف العربية حول الازمة.
موقف مجلس التعاون الخليجي : وهي الدول التي تمثل المنطقة التي دارت فيها
الاحداث الناتجة عن الغزو العراقي للكويت، وقد شارك فيها اطراف عالميـــة واقليمية
ومحلية، حيث اثرت هذه الازمة سلبا على منطقة الخليج العربي سواء على الصــعيد
السياسي او الامني او الاقتصادي ، وقد كان موقف المجلس اتجاه الازمة ان اصدر بيانا
في 3 اوت 1990م، حيث اعتبر ان الاحتلال العراقي للكويت هو اعتداء على سيادة
واستقلال دولة عضو في المجلس، كما عبر عن استنكاره لهذا العدوان وطالب بانسحاب
القوات العراقية الفوري و العودة الى مواقعها، كما طالب الجامعة العربية باتخاذ
مــوقف موحد[73].
وفي 7 اوت عقد بمدينة جدة اجتماع للمرة
الثانية والذي اكد على تسوية النزاعات بالوسائل السلمية وعدم التدخل في الشؤون
الداخلية لأية دولة، وكذا امتنــاع الـــدول الاعضاء عن استخدام القوة او
التهــديد ضد سلامــة ووحــدة الاراضي والاستقــلال
السياسي[74]،
وكان هناك اجتماع اخر لدول مجلس التعاون الخليجي لإقرار خطط موحدة لجيوش دول
المجلس والتنسيق فيما بينها من اجل استقبال القوات الاجنبية والعربية، وقد تم عقد
هذا الاجتماع اثراعلان الولايات المتحدة الامريكية ارسال قواتها الى المنطقة[75].
كما اعرب وزراء الاعلام لدول مجلس التعاون في 15 اوت 1990 في مدينة جدة في
الاجتماع الذي عقد من اجل مناقشة اثار الاعتداء الذي تعرضت له الكويت من طرف
العراق عن اسفهم وان هذا الاحتلال قد شكل تهديد وعدم استقرار لبقية دوله وقد تقرر
مايلي :
-عبر الوزراء عن بالغ اسفهم واستنكارهم وشجبهم للاحتلال
- تأكيد الوزراء على حق جميع دول المجلس في اتخاذ
الاجراءات الضرورية للدفاع عن امنها واستقرارها وصيانة مصالحها وحفظ ثرواتها
الوطنية
- تأكيدهم على تمسكهم بجميع القرارات التي
صدرت عن المنظمات الدولية بشان الاحتلال العراقي للكويت منها قرار مجلس الجامعة
العربية الصادر في 3 اوت 1990م وقرار مجلس الامن 660 الصادر في 2 اوت 1990 م وكذا
القرار 661 في 6 اوت 1990م
- مطالبة العراق بالانسحاب الفوري و الغير
مشروط من الكويت[76].
وقد اجتمعت اللجنة المالية الرباعية لدول مجلس التعاون التي تشكلت بعد الغزو
المكونة من السعودية، الكويت ، الامارات العربية المتحدة و قطر للاتفاق على حجم
المسـاعدات التي تقدمـها الدول الاعضاء للدول المتضررة من الازمة بهدف مساعدة تلك
الــدول علــى تطبـــيق قرارات المقاطعة الاقتصادية ضد العراق ، وجعل الحصار
الاقتصـادي اكثر احكـــاما عليه، حيث ذكرت اللجنة ان تلتزم الدول المتضررة بثلاث
شروط لمنح هذه المساعدات:
ـ ان تطبق الدولة قرارات مجلس الامن وخصوصا قرارات مقاطعة
العراق.
ـ ان يكون موقفها منطلقا من رفض الاحتلال العراقي
ـ ان يكون اقتصادها قد تأثر بشكل كبير من الازمة[77].
موقف دول مجلس التعاون العربي:
ان الغزو العراقي للكويت بين ضعف مجلس
التعاون العربي وبين ايضا منذ البداية الانقسام الحاصل في الصف العربي، ولان
العراق هو عضو في هذا المجلس الامر الذي
جعل كل عضو
من اعضائه يعمل على حدى[78].
الموقف المصري:
من اجل
احتواء الازمة بذلت مصر الكثير من المساعي، لكن مع تصلب المــوقف العراقي تغير
الموقف فقررت القيادة المصرية ارسال قوات مصرية الى الخليج العربي ضمن القوات
متعددة الجنسيات، حفاظا على الامن العربي واجبار العراق على الانصياع الى القرارات
الدولية ومنها ميثاق الدول المتحدة وجامعة الدول العربية[79].
وقد كانت
نظرة مصر الى غزو الكويت انه مخالف لكل الاعراف والمواثيق بينما كان النظــام
العــراقي يرى انه تخليا عن مناصرة العرب، وكان موقف مصر حكــومة وشعــبا مع
التدخـل العسكري الدولي في اطار قرارات الامم المتحدة في حالة ما اذا انسحب
العـراق من الكويت[80].
موقف الاردن:
كان الموقف
الاردني تارة في اتجاه التأييد الكامل للسياسة العراقية، وتارة اخرى البعد النسبي
عن هذا الخط[81].
موقف اليمن:
في البداية
كان الاستنكار هو النغمة الاساسية ضد الغزو، ثم تحول هذا الموقف مع دخول الولايات
المتحدة الامريكية الى نوع من التعاطف والتأييد والدعم للعراق[82].
موقف السودان:
كان السودان مساندا للعراق حكومة وشعبا وذلك
الموقف الرسمي الذي وضع السودان في خانه الاقطار العربية التي عرفت باسم دول الحل
العربي ، وكان عدم اهتمامهم بالكويت هو ان الحرب جاءت مفاجئة[83].
موقف فلسطين:
وقف
الفلسطينيون الى جانب الحكومة العراقية[84].
موقف لبنان:
رفضت الحكومة اللبنانية التدخل العراقي
للكويت في نفس الوقت كان هناك من يحمل تعاطف مع الحكومة العراقية[85].
موقف سوريا:
رفضت الحكومة السورية هذا التدخل على عكس
الشعب الذي ناصر العراقيين على ذلك[86].
موقف دول
الاتحاد المغاربي[87].
موقف
الجزائر:
لقد كان الموقف الجزائري من العدوان سريعا
وحاسما حيث اصدرت بيانا اكدت فيه التنديد الشديد بالعدوان، وطالبت القوات العراقية
بالانسحاب الفوري ومن دون شروط و التأكيد على سيادة الكويت واستقلالها على الجانب
الشعبي الذي تعاطف مع صدام في اجتياحه للكويت، وقد رفضت الجزائر التدخل العسكري[88].
موقف تونس:
نددت تونس بالاعتداء العراقي على الكويت
واكدت على ان الجامعة العربية تبقى الاطار القانوني الملائم لتسوية الازمة بالطرق
السلمية[89].
موقف ليبيا:
بعد وقوع العدوان مباشرة قامت وزارة
الخارجية الليبية بإصدار بيان كان غامضا نوعا ما في تحديد الموقف الليبي من
الازمة، حيث دعت الحكومة الليبية الى الالتزام بمواثيق الجامعة العربية والتمسك
بالحل السلمي للازمة، كما اشار البيان ايضا الى ان السياسة النفطية لبعض الدول
اضرت بالمصالح الاقتصادية للامة العربية، في اشارة منها الى تبني وجهة نظر من حيث
اسباب النزاع[90].
موقف المغرب:
تميز الموقف المغربي بالتشدد في ادانة
العدوان العراقي على الكويت، من خلال اصداره لبيان ادانت فيه هذا التصرف العراقي
اتجاه الكويت وان ذلك يتنافى مع مبادئ الامم المتحدة والجامعة العربية[91].
موقف
موريتانيا:
لقد كان موقف موريتانيا الموقف الوحيد من بين دول
الاتحــاد المغــاربي المــؤيد والمساند للعدوان طوال الازمة وورد بيان بعد
العدوان لم ينص على أي ادانه بالنسبة للعراق بطريقة مباشرة او غير مباشرة[92].
الموقف
الدولي من التدخل العراقي للكويت
موقف الدول
الكبرى
موقف
الولايات المتحدة الامريكية:
لقد كان
للولايات المتحدة الامريكية في منطقة الخليج العربي ثلاث اهداف منذ الحرب العالمية
الثانية وهي:
ـ محاربة
النفوذ السياسي ، المحافظة على مصالحها البترولية وحماية اسرائيل[93]،
ولما اصبحت العراق قوة تمثل مصد قلق للدول الكبرى ولاسيما الو.م.ا تم دورها كقوة
عظمى في نظام دولي جديد وخاصة بعد عجز دول الخليج الدفاع عن نفسها وطل المساعدة من
جهات اخرى[94].
ولإدارة
الازمة سطرت الولايات المتحدة الامريكية مجموعة من الاهداف يمكن اجمالها فيما يلي:
ـ اجبار
العراق على الانسحاب من الكويت دون شروط
ـ عدم
استبعاد العمل العسكري كحل لتحرير الكويت ، وتدمير القوة العسكرية العراقية.
ـ العمل على
جعل الكيان الصهيوني طرفا فاعلا في المنطقة[95].
وقد قام
الرئيس الامريكـي جورج بوش، فور سماعه بالغزو بإصدار بيان جاء فيه: ان العدوان على
الكــويت هــو اعتداء سافر وعمل ليس له ما يبرره مع المطالبة بالانسحاب الفوري ولا
مشروط للقوات العراقية من الكــويت، وارســل بــوش مجمــوعة مــن الطــائرات الى
السعــودية. وقــامت الولايات المتحدة الامريكية بتجميد كل الاموال العراقية
والكويتية في بنوكها[96].
موقف الاتحاد
السوفياتي :
قام بإصدار بيان ادان فيه العدوان وكان ذلك
في 2 اوت 1990م جاء فيه ان على العراق الانسحاب الفوري واللا مشروط ،الالتزام بوقف
الامدادات العسكرية السوفياتية للعراق (اكثر من 53بالمئة من العتاد الحربي للعراق
مصدرة من الاتحاد السوفياتي)، اصدار بيان مشترك بين الاتحاد السوفياتي و الامريكي
يوم 4 اوت 1990م اعلنا فيه ادانتهما
للعدوان واهمية فرض عقوبات اقتصادية ومالـية للعــراق حتى تتراجع ولـوان الطرف
السوفياتي كان دائم الاصرار على استبعاد الخيار العسكري[97].
الموقف
الاوربي الغربي :
اتفقت الدول الغربية على ضرورة اتخاذ موقف
حازم ومتشدد حيال العراق وذلك لوجود اهداف مشتركة بين تلك الدول اهمها : الحرص على
تامين الامدادات النفطية الخليجية لدول أوروبا الغربية، و السعي من اجل ضمان امن
دول الخلــيج الصــديقة للغرب ، وعدم ترك فرصة للعراق لتأكيد هيمنته الاقليمية
للمنطقة[98].
وكان هذا
الموقف منسق مع الموقف الامريكي وتجسد هذا التنسيق فيما يلي:
المشاركة في
الجهد الدولي داخل الامم المتحدة لفرض عقــوبات اقتصــادية على العراق، التعاون مع
الولايات المتحدة الامريكية لتعزيز الوجود العسكري الغــربي في الخليـج العربي حيث
قامت غالبية الدول الاوربية وعلى راسها بريطانيا وفرنسا بإرسال وحـدات عسكرية الى
المنطقة، كما صدر بيان الادانة بمجرد ورود انباء عن قيام العراق بالتدخل في الكويت
ودعوا الى عقد جلسات عدة لمجلس الامن حيث قاموا بإصـدار مجمــوعة من القرارات منذ
بداية الازمة ، مع العلم ان بريطانيا اكبر الفاعلين بحكم تاريخها في المنطقة[99].
موقف الصين:
قامت بإصدار بيان ادانة العدوان يوم 2 اوت
1990م والاعتراض على القرار العراقي بضمه للكويت في 8 اوت 1990م، الموافقة على
العقوبات الاقتصادية التي فرها مجلس الامن على العراق ووقف بيع السلاح للعراق، عدم
الاعتراف بصراحة علــى قرارات مجلس الامن ذات الصلة بالعدوان العراقي رغم امتناعها
عن التصويت الذي يجيز القوة ضد العراق[100].
موقف الدول
الاقليمية (تركيا ، ايران و الكيان الصهيوني):
تعتبر مواقف هذه الدول اكثر تعقيدا وذلك
لأنها ترتبط عادة بعلاقات يغلب عليهــا الطابع الجغرافي مع العالم العربي، كما ان
مصالح هذه الدول الثلاث تلتقي في ميدانين هما: معارضة العدوان العراقي مع الكويت،
وتفضيل الخيار العسكري اتجاه العراق والهدف من ذلك منع العراق من ان تكون قوة
اقليمية، وكان لكل دولة اسباب ، فتركيا وايران سبب مشاكلهما الحدودية معه[101]،
حيث ادانت الحكومة التركية التدخل العـراقي للكويت من خلال بيان اوضحت فيه ان ذلك
يعتبر انتهاك في حق الكويتيين[102].
اما اسرائيل فإنها كانت في صراع مصيري مع العراق، مع العلم ان اسرائيل لم تستخدم
القوة العسكرية بالرغم من الاستفزازات المتتالية لها، وان تم اقناعها بعدم
المشاركة في أي عمل عسكري حتى لا يعطي ذلك دفعا قويا للقيادة العراقية، ويعمل علـى
استمــالت بعض الاطراف العربية الحاقدة على اسرائيل ومن ثم انقسام التحالف الدولي[103].
المبحث
الثالث
نتائج الحرب:
لقد كانت لهذه الحرب اثار اقتصادي وسياسية وتدمير للبنى الاساسية للعراق
والكويت معا، وتآكل القوائم المالية للدول الخليجية لدفعها القسم الاكبر من نفقات
الحرب[104].
النتائج على
المستوى العراقي
لقد خلفت هذه الحرب التحالفية خسائر كبيرة
في صفوف العراقيين المدنيين، وذلك من خلال حصد اكثر من 220 الف مدني وجرح اكثر من
500 الف شخص واسر حوالي 60 الف جندي عراقي، اما بالنسبة للخسائر العسكرية فقد
قدرتها الدوائر الغربية بأكثر من 2140 قطعة مدفعية ثقيلة و3700 دبابة و 97 طائرة
و6 حوامات. 110 الف عسكري قد قتلوا بالإضافة الى تدمير نصف الوحدات الدفاعية
العراقية.
بالنسبة للجانب الاقتصادي فقد دمرت معظم
المراكز الحساسة للاقتصاد العراقي[105]،
وادت ايضا الى انخفاض النمو الاقتصادي في العراق وتدمير البنية التحتية الاساسية،
بالأحرى بنية مشروعة التحتي النهضوي[106]،
من تدمير لشبكة المياه والري والطــــرق والكهرباء والاتصالات وكذا تهديم
المستشفيات والمداس والمعاهد والجامعات، وقد ادى هذا الامــر الى اخراج العراق
بالكامل من القرن العشرين والدفع به الى محور التخلف[107].
وقد كانت هناك نتائج اخرى جديرة بالذكر حيث
تمثلت في تخلي العراق عن فكرة ضم الكويت وقبوله القرارات الدولية كافة[108]،
وبالتالي رهن جزء كبير مــن عائداته لصالــح التعويضات الدولية، كذلك تمكنت كل من
تركيا وايران من استغــلال الحــالة العراقية بعد الهزيمة لجني مكاسب سياسية على
حساب العراق، وفقدان هذه الاخــيرة المناعة الامنيــة لمواجهة مطامع الدولتين
المجاورتين لها، وقد بدأت كــل منهمــا فــي اختراق المنطقة العربية واستغلالها[109].
ان تدهور موقع العراق في خارطة القوى
العربية كان له تداعياته على مختلف اعضاء النظام[110]،
كما تم تدمير واشعال الكثير من ابار النفط والتي قدرت بأكثر من 727 بئر من اصل
1080 بئر، وقدرت قيمة المفقود من النفط والغاز الطبيعي بحوالي 120 مليون دولار
يوميا، ما ادى الى فقد قيمة النفط المحروق لان تكاليف اعادة اعمار القطاع النفطي
قد تصل الى 80 مليار دولار حسب تقديرات وزارة المالية الكويتية[111]،
كما تم تدمير المؤسسات والمنشآت الحكومية والتي حدث بسببها خسائر بمليارات
الــدولارات، وكذا وجود دائم لقوات اجنبية في الكويت[112].
بسبب حرق اكثر من 227 بئر نفطي كان له الاثر
المدمر لجميع عناصر البيئـــة، حيث تعرضت الكويت ودول الخليج العربي لاحد اسوا
الكوارث البيئية جراء ممارسات النظام العراقي اثناء الغزو، حيث كان مدى تأثير ابار
النفط الكويتية حتى على الصين شرقا[113].
وقد نتج من جراء قيام الجيش العراقي بضخ النفط في مياه الخليج العربي تكّون اكثر
من 128 بقعة نفطية، حيث اعتبرت اكبر حادث اسكاب نفطي.
كما تأثرت البيئة الصحراوية ايضا بفعل ذلك
العمل، حيث أن القيام بحفر الخنادق الدفاعية وزرع الالغام الارضية من طرف الجيش العراقي كان له الاثر الكبير في تفكك
التربة[114].
لقد تعرض الكثر من اهل الكويت الى اضطرابات
وامراض نفسية نتيجة الحرب المفزعة كالغضب والاكتئاب والعصبية وغيرها[115].
ان قرار ترسيم الحدود الذي اصدره مجلس الامن
في منتصف ماي 1993م ادى بالعراق
الى اعادته لــ 11 بئر - خاصة منها الواقعة في منطقة الرميلة - الى
ملكية الكويت[116].
في نوفمبر 1994م اعترفت الحكومة
العراقية بسيادة الكويت واعلنت الامم المتحدة نص القرار الذي اعترف فيه العراق
بشرعية الكويت وكيانه[117]،
مما ادى بالأكراد[118]
الى استغلال ضعف العراق وهزيمته في حرب الخليج الثانية، حيث قاموا بالمطالبة
بالانفصال عن الدولة العراقية لتحقيق افكارهم[119]،
كما استغل الغريمان التقليديان الوضع
فبدأوا يديرون امورهم تحت حماية الطائرات الغربية [120].
النتائج
العربية
مما لا شك فيه ان الخسائر المادية والمعنوية
التي لحقت بالعرب كانت من اكثر النتائج مأساوية وذلك بسبب العدد الكبير من القتلى
والعدد الاكبر من الجرحى والمصابين، حيث كانت الدول العربية الاكثر تضررا دون
غيرها.
لقد بين الغزو العراقي للكويت عن ضعف
التجمعات الاقليمية والعربية مثل مجلس التعاون الخليجي ومجلس التعاون العربي
والاتحاد المغاربي، حيث تحددت المواقف واختلفت التوجهات وانطوت الدول العربية على
نفسها، فقد اظهرت الجامعة العربية افتقار النظام العربي للتدخل في حل النزاعات
العربية واحتوائها بطرق سلمية، وهذا الامر نتج عنه نتائج سلبية متمثلة في الاثار
المباشرة للازمة بما يتراوح ما بين 600 و 800 دولار للدول العربية
المشاركة في التحالف ضد العراق[121]،
التحكم الواضح في سيادة العرب والتي اضحت تتميز بالضعف والتفكك من طرف البلدان
الغربية[122]،
انقسام البلدان العربية واختلافها في المواقف حول الغزو العراقي للكويت، اذ ان قسم
عارض التدخل العراقي للكويت والذي ضم 12 دولة عربية شاركت بدورها في
التحالف الدولـــي ضد العراق ، اما القسم الثاني
فقد تكون من 9 دول
عربية والتي اعلنت رفضها للتدخل
العسكري الاجنبي في الازمة
وقد ادى هذا الاختلاف
الى بروز صــراع سياسي واعلامي[123].
ان أثر هذه الحرب كان شاهدا على تفكك الصف
العربي، فمثلا اصبحت ليبيا اكثر ارتباطا بمصر، وكذلك بالنسبة لموريتانيا التي كانت
داعمة للتدخل العراقي للكويت اضحت اكثر ميلا للدول الافريقية بحكم عوامل الجغرافيا
هذه المعطيات وغيرها ادت الى ضعف العرب[124].
النتائج
الدولية
لقد تحولت ازمة التدخل العراقي في الكويت
الى ازمة اقليمية، لان النظام العربي لم يكن بإمكانه حل الازمة، و كانت هذه
الأخيرة بمثابة تحدي كبير للنظام العالمي الجديد وهو في بدايته، كما اثبت عدم قدرة
الجامعة العربية على حل القضية وادخالها الى مجلس الامن الدولي، الامر الذي مكّن
الغرب والو.م.ا والدول الاقليمية الغير عربية من حل القضية من وجهة نظرهم، وقد
قدرت خسائر الدول الغربية ب 246
جندي امريكي من اصل 537 الف جندي اشتركوا في القتال، وخسرت ايضا
الو.م.ا 34 طائرة من مختلف الانواع وقد قتل 26 جندي بريطاني كما
فقدت 7 طائرات وقتل جنديان فرنسيان[125].
ان الدول الغربية المتحالفة والممثلة في
فرنسا وبريطانيا و الو.م.ا كانت اكبر ربحا
رغم الخسائر التي لحقت بهم، وقد قامت من خلال ذلك بتشجيع الدول الغربية الكبرى على
التحول الى استراتيجية الاحتواء على النظم الاقليمية في العالم الثالث[126].
ومن بين النتائج ايضا خروج الو.م.أ من حرب تحرير الكويت بمزايا اكبر بكثير خاصة
بمنطقة الخليج (العقود ذات القيمة الكبيرة لإعادة اعمار الكويت) وغير العقود من
الدول الكبرى مثل فرنسا وبريطانيا[127].
وباعتبار هزيمة العراق هزيمة سياسية لحركات
التحرر في العالم الثالث ككل، منها ضعف الموقف التفاوضي لحركات ومنظمات العالم
الثالث فيما يتصل بعدد من القضايا المعلقة وهي علاقات الشمال والجنوب، مثل قضية
المديونية وفشل مؤتمر ريودي جانيرو عام 1991[128].
لقد تمكنت دول الجوار الاقليمي و المتمثلة
في ايران وتركيا والكيان الصهيوني من تحقيق بعض المكاسب السياسية والاستراتيجية
على حساب النظام العربي، حيث ان ايران استرجعت بعض الاراضي من شط العرب دون قتال[129]،
اما بالنسبة لتركيا فقد اصبحت تعتبر مركز قوة في المنطقة، بتحقيقها مكاسب كبيرة،
حيث ان دخولها الى جانب قوات التحالف اعطاها حق الاعتراف بالحدود الشمالية وحق
ملاحقتها لعناصر حزب العمال الكردستاني من جهة، ومن جهة اخرى استنزاف خيرات نهري
دجلة والفرات وبناء السدود على مسارهما.
ـ جزيرتي وربة وبوبيان، هما جزيرتان واقعتان شمال الكويت على بعد
كيلومترات قليلة جدا عن الحدود العراقية ، كانت العراق تطالب بهما[2]
ـ دراجي ذويبي ، حرب الخليج الثانية 1990-1991 ، تداعياتها وأثارها،
مذكرة مكملة لنيل شهادة الماستر، تخصص تاريخ العالم المعاصر،[4]
جامعة محمد بوضياف بالمسيلة، كلية العلوم الانسانية
والاجتماعية، قسم التاريخ، السنة الجامعية 2015-2016 ، ص 04 .
ـ أحمد
مشاري العدواني وأخرون، الغزو العراقي للكويت، ط1 ، عالم المعرفة، الكويت، 1995، ص
48 .[5]
ـ قاسم جمال زكريا، تاريخ الخليج العربي الحديث والمعاصر ، دار الفكر
العربي، القاهرة، 1996 ، ج5 ، ص369 .[6]
ـ الخترس فتوح وأخرون، الكويت بين الصراعات الدولية وتوازناتها منذ
منتصف القرن 19 الى مطلع القرن العشرين، ط1 ، عالم المعرفة،.[7]
ـ الملك
غازي بن فيصل هو ثاني ملوك المملكة العراقية حكم من سنة 1933 الى 1939 ( انظر عبد
الوهاب الكيالي، موسوعة السياسة،[8]
ـ صبح
علي، النزاعات الاقليمية في نصف قرن 1945 الى 1995 ، ط2، دار المنهل، بيروت، 2006،
ص 166.[9]
ـ كريمة زهدي القصاص، الاحتلال العراقي للكويت 1990-1991، مذكرة لنيل
شهادة الماجستير في التاريخ، كلية الآداب، الجامعة [11]
الاسلامية ، غزة ، 2006، ص 9 .
ـ فاتح الدوسري، الازمات الكويتية العراقية من 1922-1961 ، مركز
البحوث والدراسات الكويتية، الكويت، 2013، ص 117.[13]
ـ هو عبد الله السالم الصباح أمير دولة الكويت مابين سنتي 1950-1965
في عهده اجري تعديلا على النفط مع شركة النفط الكويتية –[14]
ـعلي ابراهيم علي ، النظرية العامة
للحدود الدولية، دراسة خاصة لمشكلة الحدود بين العراق والكويت وفقا لقرار
مجلس الأمن الدولي رقم .[21]
687، لسنة 1991، دار النهضة العربيية ، القاهرة ، ص ص343-349
ـ جمال
كمال، الأخطاء القاتلة في حرب الخليج، شركة الاعلانات الشرقية، ط1، الكويت، 1991،
ص 24 .[22]
ـ يحياوي عبد القادر، المقاربات العربية وأزمة الخليج، ط1، شركة
الاعلانات الشرقية، الكويت ، 1991، ص 24 . [25]
ـ الأصولية هي حركة فكرية بروتستانتية ظهرت في الغرب في القرن 19 بعد
مؤتمر نياقرا1895، دعوا فيها للتمسك بتعاليم المسيح[26]
لقديم، واسقط هذا المصطلح على تيار الصحوة الاسلامية
للحد من تدفق مسيرته مع ان مصطلح الأصولية في الاسلام محمود وليس مذموم، حيث أن هناك
طائفة من الشيعة يطلق عليها الأصولية ( أنظر مانع محمود الجهني ، الموسوعة الميسرة
للأديان والمذاهب، ج2،ط4، دار الندوة العلمية ، الرياض، 2000، ص 464 ).
ـ احمد
مشاري العدواني، مرجع سابق ، ص60 .[27]
ـ بيار تريزيان، النفط وأزمة الخليج، المستفيدون والمنتصرون في مجالي
الانتاج والتسويق، مجلة الدراسات الفلسطينية، عدد 4، 1990 ،.[31]
.21 ص
ـ يقع حقل الرميلة في الأراضي العراقية بنسبة حوالي من 80الى 90
بالمئة ، اضطرت العراق أثناء حربها مع ايران لوقف انتاجها النفطي.[34]
في حقل الرميلة في حين الكويت واصل انتاجه منها
( انظر بيار تريزيان ، مرجع سابق، ص ص 20-21).
ـ عبد
الناصر السرور، السياسة الخارجية العراقية تجاه و. م. أ ، ص ص 246-247 .[35]
ـ جمال محمد أمين ، الصراع الكويتي في عام 1990- 1991 وتداعياته، كلية
العلوم الانسانية، جامعة حلبجة، العراق، ص 11 . [36]
ـ ونعني الحكم والسيطرة على أقاليم كبيرة، ويمكن تعريفها بسعي دولة
لتوسيع سلطتها وتأثيرها عبر الاستعمار باستخدام القوة العسكرية . [42]
ووسائل أخرى ، وقد لعبت الامبريالية دورا كبيرا في تشكيل العالم المعاصر
وسمحت بسرعة انتشار الأفكار والتقنيات، وساهمت في تشكيل عالم أكثر عولمة ( أنظر الهادي
التيموني، مفهوم الامبريالية في عصر الاستعمار العسكري الى العولمة، ط1، دار محمد الحامي،
بيروت، 2004، ص 239
ـ هو نظام ظهر بعد الحرب الباردة ويعني تحكم امريكا في الاستحواذ
والهيمنة والزعامة الدولية، بمعنى أنه نظام تتحكم فيه القوة (انظر [51]
عاهد. مسلم المشاقبة، صايل فلاح مقداد، النظام الدولي الجديد في ظل بروز
القوى الصاعدة الصين انموذجا ، 1991-2016 ، دراسات العلوم الانسانية والاجتماعية، المجلد
45 ، العدد 2، 2018 ، ص270 )
ـ حمدي حسن، غزو العراق للكويت الدين والهوية والأخرى، في تحليل الحرب
والصراع، مطبعة بلوتو، 1999، ص 7 .[56]
ـ سامي عصاصة، هل انتهت حرب الخليج، دراسة في الأثار في تناقضات
الأزمة، مكتبة بيسان، بيروت ، القاهرة، 1996، ص 105 .[58]
ـ علوم محمد حسين، الاحتلال العراقي والممارسات والوقائع من شاهد
عيان، ط1 ، 1995 ، عالم المعرفة الكويت، ص 165 . [65]
ـ تصريح لمجلس قيادة الثورة في العراق حول الانسحاب من الكويت الصادر
في 3/اوت/1990(انظر موسوعة حرب الخليج ج2 نقلا عن
[67]
ص 40www.
Mmmokatl.co
ـ بيان المجلس الوزاري لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الصدر في
3/08/1990 نقلا عن : [73]
http//suwww.jcc.org
ـ بيان المجلس الوزاري لمجلس التعاون لدول
الخليج العربية الصدر في 7/08/1990 نقلا عن: [74]
http//suwww.jcc.org
ـ الرميحي محمد، ردود الفعل
العربية على غزو وحرب تحرير الكويت، الغزو العراقي للكويت وما تلاه، الكويت، ط1،
دار الساقي، [75]
بيروت، 1994، ص 344
ـ ايمن السيد عبد الوهاب، مصر ومحاولة احتواء الازمة، مجلة السياسة
الدولية، مركز الدراسات الاستراتيجية للاهرام، القاهرة، العدد 102 [78]
كتوبر 1990، ص 29
ـ ثناء فؤاد عبد الله، الاردن وازمة الاختبار الصعب، مجلة السياسة
الدولية، العدد 102، اكتوبر، 1990، ص ص 34-38 .[81]
ـ هناء محمد زكي، الموقف اليمني اتجاه ازمة الخليج، مجلة السياسة
الدولية، العدد 102 ، اكتوبر 1990، ص 39 .[82]
ـ تاسس الاتحاد المغاربي في 17فيفري 1989 بمراكش من خلال عقد اجتماع
جمع القادة المغاربة الخمس( الجزائر ، تونس ، المغرب، ليبيا[87]
موريتانيا) والذي تم فيه الاعلان الرسمي عن قيام اتحاد المغرب العربي،
وكانت لبنته الاولى مؤتمر زرالدة بالجزائر في جوان 1988 وكان ذلك بمناسبة انعقاد مؤتمر عربي للقمة العربية
( انظر : عائشة مصطفاوي اتحاد المغرب العربي ( دراسة في المعوقات والتحديات من
1964 الى 1999 ) ، مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماستر في تاريخ المغرب الحديث والمعاصر
، كلية العلوم الانسانية ، قسم العلوم الانسانية، شعبة التاريخ، 2013-2014 ، ص ص
58-59
ـ قاسم محمد، خريطة التفاعلات العربية في ازمة الخليج، ط1، المركز
القومي لدراسات الشرق الاوسط، القاهرة، 1995، ص 51 . [90]
ـ الغنيم يوسف عبد الله، العدوان العراقي على الكويت، ط2، مركز البحوث
والدراسات الكويتية، الكويت، 1994، ص 184 . [91]
ـ نافعة حسان، ردود الفعل الدولية ازاء الغزو العراقي للكويت، ط1،
عالم المعرفة، الكويت، 1995، ص 473 .[93]
ـ جاد عماد، الغزو في الاطار الاقليمي ( الكيان الصهيوني، تركيا) مجلة
السياسة الدولية، العدد 102، اكتوبر، ص 77 .[101]
ـ علاوة طاهر، أثار حرب الخليج على موازين القوى، مستقبل العالم
الاسلامي، السنة الثانية، 1992 ،العدد6 يصدرها مركز دراسات العالم [104]
الاسلامي، ص 287
ـ الانصاري محفوظ، الأخطاء القاتلة في حرب الخليج الثانية، ط1، مطابع
الأوف ، بيروت ، 1991، ص ص 245-246 . [105]
ـ الريس رياض نجيب وأخرون، عودة الاستعمار من الغزو الثقافي الى حرب
الخليج، ط1، رياض الريس للكتب والنشر، قبرص، 1991،.[106]
ص 200
ـ سعد البزاز، الحرب السرية، خفايا الدور الاسرائيلي في حرب الخليج،
ط2، مركز العالم الثالث للدراسات والنشر، لندن، 1995، ص 107[110]
ـ منصور طلعت ، دراسة في الأثار النفسية والاجتماعية للغزو العراقي
للكويت، ط1، عالم المعرفة، الكويت، 1995، ص 583 .[113]
ـ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 833 الصادر في 27 مارس 1993 بشأن ترسيم
الحدود بين العراق والكويت ( انظر : بن سلطان خالد،[116]
المصدر السابق ، ص 437 ).
ـ الاكراد هم مكون مهم من مكونات المجتمع
العراقي وكذا دول اخرى في الشرق الاوسط وفي اسيا ويقدرعددهم بـ 25 بالمئة يتوزعون [118]
على 5 دول . 46 بالمئة في تركيا، 71 بالمئة في ايران ( انظر: ميران سهام،
الكتاب الكردي السود،ط1، 2006، ص 12 .
ـ حمدان حمدان، صدام مر من هنا ردا على شربل صدام مر من هناك، ط1،
شبكة البصرة، العراق، 2010 ، ص 65 .[119]
ـ السيد محمد السعيد، مستقبل النظام العربي بعد ازمة الخليج، ط1،
المجلس الوطني للثقافة والفنون والأداب، الكويت ، 1992، ص2 .[123]
ـ طالب يسين، العدوان والحرب العراقية على الكويت، مذكرة ماجستير،
جامعة الجزائر1 ، الجزائر،2010-2011 ،ص152.[127]
تدمير القوة العسكرية العراقية
نتيجة لإصرار صدام حسين على موقفه
الرافض للانسحاب من الكويت[1]،
وامـام التعنت العراقي[2]،
فقد حدث خلاف بينه وبين الو.م.ا عندما قام باحتلال الكويت[3]،
حينهــا قامت امريكا بقيادة تحالف دولي[4] في
كانون الثاني 1991م، وحشد هذا التحــالف قواتــه العسكرية التي تجاوزت 700 الف
جندي في منطقة حفر الباطن على الحدود السعودية الكويتية، وكانت اغلبها من القوات
الامريكية، حيث قدرت بـــ 540 الف جندي، وبلــغ عدد الدول المشاركة 28 دولة من
بينها دول عربية مثل مصر.
بدأت العمليات العسكرية التي اطلق عليها
الرمز عاصفة الصحراء[5]
في صبيحة كانون الثاني بقصف المواقع الجوية[6]،
واطلق عليها العراق في ذلك الوقت بأم المعارك، رغم ان السفيرة الأمريكية غالاسبي
اكدت للرئيس العراقي صدام حسين بان الو.م.ا غيـر راغبة في مشاكل الجوار[7]،
مع ذلك شقت امريكا الحرب على العراق مما بين ان العراق اصبح مستهدفا من القوى
الكبرى، ذلك لأنه يسيطرعلى ثلث نفط العالم مما ادى الى قيام الو.م.ا باستشارة
العديد من الدول في انحاء العالم، لتسخير قواتها العسكرية من اجل تدمير القوة
العسكرية العراقية مدعية انها تريد حماية المملكة العربية السعودية وتحرير دولة
الكويت[8]،
بحيث فقد العراق 60 بالمئة من قدراته العسكرية، وبسبب هــذه الحرب قامت امريكا
بالعديد من الترتيبات تمثلت في العمل على تدمير قدرة العراق العسكرية[9]،
واعقبتها بضربات عسكرية ضدها من الاراضي السعودية مستهدفة البنى التحتية لشــل
فاعلية النظام السياسي بالعراق وملاحقته[10]،
اثر ذلك اصدرت في حقه العديد من القرارات منهــا القرار رقم 687، كما ان الخبراء
في امريكا بدأوا يركزون على اعتبار النفط جزءا من الاستراتيجية الامريكية[11].
لقد تمكنت الو.م.ا وبمساعدة السعودية بعملية
سحب القوة العسكرية العراقية الى ساحة القتال، وتدميرها باعتبارها قوة متمردة
وارهابية، كما اعطت الفرصة الجيدة لأمريكا لوجودها العسكري في المنطقة[12].
لقد ادت هذه الحرب الى تدمير بنية الجيش العراقي،
كما اضعفت الحكومة العراقية الامر الذي دفع الو.م.ا الى تشجيع العراقيين للقيام
بثورة ضد نظام صدام معللة وجودها بتحرير الكويت[13]،
وقد نشر ذلك في احد الجرائد بتاريخ 20-05-1991 - الخطوط العامة للاستراتيجية
الامريكية- حيث ورد فيها ان امريكا لن تسمح لأي قوة في العالم على ان تنافسها في
المنطقة[14]،
ويبدو ان هذا التصور يبرز طبيعة ونوع الدور الأمريكي الراغب في الهيمنة، وبان هناك
مسؤولية امنية عالمية الطابع وفقا للتوجهات الامريكية[15].
غير أن الو.م.ا كانت مهمتها تدمير القدرات
العسكرية والاقتصادية للعراق من خلال وقوفها على تنفيذ القرارات الدولية الخاصة
بتدمير اسلحة الدمار الشامل، وذلك بفرض الحصار الاقتصادي على العراق وتقديم الدعم
لجميع فئات المعارضة داخليا وخارجيا لأسقاط نظام صدام الى ان وصل العراق الى درجة
الفقر والدمار بسبب تلك العـقوبات.
كذلك وكنتيجة لحرب تحرير الكويت، هزم الجيش
العراقي وتم تدمير قوته العسكرية بشكل تام، نظرا لان قوات التحالف كانت قد استعانت
بأسلحة متطورة، حيث بلـغ عــدد الضحايا العراقيين ما بين 25 الف و 65 الف ، كما تم
تصميم شروط وقف اطلاق النار وفق المصلحة الامريكية لتمكين مفتشي الامم المتحدة من
تدمير معظم الصواريخ المتبقية في العراق والاسلحة النووية[16] .
ان التحالف الامريكي الغربي نجح بالفعل والى حد كبير بالحاق هزيمة بالقــوات
العراقية وذلك تحت الضغط الامريكي، ما ادى باستسلام العراق يوم 27 فبراير 1991
وبذلك تم وقف اطلاق النار واعلان انتهاء الغزو العراقي للكويت[17].
لقد سمحت الو.م.ا للعراق ببيع النفط مقابل
الغذاء لأول مرة في عام 1994، وقــد عانى الشعب العراقي محنا قاسية من جراء هذه
القرارات والتي تلتها قرارات اخرى، مثل القرار رقم 706 الذي سمح للعراق ببيع ما
تصل قيمته الى 1.6 مليار دولار من النفط لشراء المواد الغذائية والادوية[18].
وكذا القرار رقم 712 في يوم 19 سبتمبر 1991 الذي سمح كذلك ببيع النفط مقابل
الغذاء، والقرار رقم 986 في 14 افريل 1995 في ظل تصاعد الياس العراقي، ونظرا لهذه
الظروف(تصاعد الياس الانساني ) وافق العراق على القرار .
المبحث الثاني
الحصار
الاقتصادي
بعد الغزو
العراقي للكويت فرض مجلس الامن بتحريض من الو.م.ا حصارا اقتصاديا على العراق[19]،
كان الهدف منه خنق الاقتصاد العراقي لأحكام السيطــرة الامريكية على نفطه[20].
وهذا الحصار الاقتصادي كان شديد الوطأة على العراقيين بحيث دام من 1990 الى 2003
بقيادة الو.م.ا التي عملت على معاقبة الشعب العراقـي بحجــة اسقاط نظام صدام
المستبد، ويعتبر العراق اول بلد تعرض لمثل هذه العقوبات القاسـية المتمثلة في
قرارات مجلس الامن، وكان الهدف الحقيقي منه هو تدمير العــراق كــقوة عربية
وتفتيته الى كيانات عنصرية ودينية متصارعة فيما بينها، وكذا السيطرة على ثرواته
تحت ذريعة نزع اسلحة الدمار الشامل
التي تمـثل غايـة امريكـية
وصهـيونية مشتركة، حيث صدر في ذلك مجموعة من القرارات منها القرار رقم 687 الذي
كــان بموافقة المجموعة الدولية الغرض منها خنق الاقتصاد العراقي، وبصفة خاصة
احكام السيطرة الذاتية من طرف الو.م.ا على النفط العراقي، صدور كذلك قـرار 688
عــام 1991 من طرف مجلس الامن الا ان هذا القرار كان لإدانة قمع السكان العراقيين
في مناطق كثيرة من العراق وطالب مجلس الامن بإنهاء هذا القمع[21]،
ولم يذكر هذا القرار حجم العقوبات.
تم صدور
قرارات سابقة تحمل رقم 706،712،986 من طرف الامم المتحدة ، وقد تصرف مجلس الامن
وفقا للفصل السابع وفحواه : ان العراق لم يمثل للفقرة 2 من القرار 660 لعام 1990
واغتصبت الحكومة الشرعية للكويت بحيث استعمل هذا القرار لفرض الحصار الاقتصادي
وذلك من خلال منع الاستيراد و التصدير من والى العراق، وامتناع الدول عن توفير اية
اموال او موارد مادية للعراق وكذا منع أي عقود معه[22].
في نفس السياق اعلن الصليب الاحمر الدولي في
الشهر الذي اعقب الغزو العراقي للكويت ان الحصار على العراق يتعارض مع القانون
الدولي، بسبب منعه شراء الغذاء و الدواء، ومن ثم فان مجلس الامن قام بتعديل القرار
661 المتعلق بالعقوبات، بحيث سمح للعراق باستيراد امدادات محددة للاستعمال الطبي
اضافة الى المواد الغذائية لظروف انسانية[23].
لقد تسبب الحصار الاقتصادي في تأزم الامور
وصعوبتها في العراق ، وبسبب هذه العقوبات بدأ قلق شعبي يتزايد اكثر فاكثر[24]،
وكنتيجة لهذا الحصار تفشي الفقر والجوع وتدهور مستوى المعيشة، وقد اشرفت الامم
المتحدة بعد ستة اشهر من هذا الحصار بمنح الحكومة العراقية رخصة لشراء الدواء
والغذاء اللذان قدرا بملياري دولار قابلة للتجديد وعرف هذا التدبير باسم النفط
مقابل الغذاء، كما ان الو.م.ا وحلفائها قاموا بتقديم صلاحيات واسعة لتحديد نوع
المواد المستوردة وتحديد وجهتها.
رفض صدام هذا القرار في البداية كما رفض
ايضا التدخل الامريكي فـي الشــؤون العراقية ، بحيث اعتبر ذلك مساسا بسيادة العراق
على ارضه وثرواته غير ان الو.م.ا و بريطانيا رفضتا أي تعديل للقرار وبالتالي يبدو
ان مصير الشعب العراقي ومصلحته لـم يكونا من اولويات الاهتمام الامريكي عدم هذا
الاهتمام ادى الى انعدام اساسيات الحياة على نطاق واسع[25].
في ظل معاناة الشعب العراقي من جراء الحصار
الخانق[26]،
اصدر مجلس الامن في عام 1995 القرار رقم 986 الذي اوجد صيغة دائمة لبرنامـج النفـط
مقابل الغذاء حيث شجع العراق[27]
على تصدير كميات من النفط بقيمة ملياري دولار كل ستة اشهر من اجل شراء الغذاء و
الادوية تحت اشراف لجنة دولية في الامم المتحدة، وكان هذا الامر سياسة امريكية
وبريطانية مقصودة لفصل المناطق الشمالية عن سيطرة صدام حســين واتهامه بهدر
المساعدات[28].
و الملفت للانتباه ان عملية الامم المتحدة من رقابة وتفتيش وبرنامج النفط مقابل
الغذاء كان على عكس ما كان يطبق على دول اخرى مشابهة[29].
وبتاريخ يوم 4 ايار 2002 كان هناك صدور قرار
رقم 1409 من طرف مجلس الامن، بإيعاز من الادارة الامريكية وذلك كمحاولة من اجل
التقليل مـن حـــدة وشـــــــدة العقوبات المفروضة على الشعب العراقي، وقد تضمن
هذا القـرار ما عــرف بعقــوبات ذكية حيث تمت اتاحة المجال باستيراد البضائع
المدنية من ادوية واغذية والتـركيز على حظر البضائع التي تساهم في صناعة الاسلحة،
غير ان هذا القرار الجديد فشل في تحقيق الغاية لأنه لم يميز بين هدف مدني واخر
عسكري، وقوى قبضة الو.م.ا على العراق واتاح لها مواصلة الغطاء الدولي[30].
فبالرغم من ان الو.م.ا وبريطانيا حاولتا
السعي دائما الى توسيع القرارات الى اقصى حد ممكن لخدمة مصالحها، الا ان العراق
حاول دائما الالتزام بنصوص قرارات مجلس الامن، ويبدو ان الرئيس العراقي صدام حسين
قام باستغلال ثغرة التعسف الانجلوامريكي في التطبيق وشجع فرنسا وروسيا والصين على
الوقوف في وجه الهيمنة الانجلوامريكية على الساحة الدولية، ولعل دلائل الخلافات
الدولية نهاية عام 2002 وبداية 2003 حول العرق تؤكد على منحه هذه النظرية العراقية[31].
لقد كانت هناك بوادر لتفتت المجتمع العراقي
في بداية التسعينيات حيث تلاشت منظمات المجتمع المدني وبدا ابناء الطبقة المتوسطة
يبيعون ممتلكاتــهم علــى الارصفــة لسد جوعهم، وعندما اصبحوا لا يجدون ما يبيعونه
اضطروا الى التسول بحيث انتشرت ظاهرة
التسول بشكل كبير، تدهور وضع الاطفال في البلد.
ان الحصار الاقتصادي قد تسبب في دفع الشعب
العراقي الى الخوف والجهل والمرض والظلمة لسنوات طويلة، وساهم في القضاء على الفئة
الوسطى، كما اسهم في اضعاف منظمات المجتمع المدني وتقوية الهيئة الحاكمة في بغداد
وايضا تراجــع دخــل الفرد العراقي السنوي بحيث قام الاف من العراقيين من اصحاب
الكفاءات العالية بالهجرة ، ومن بقي منهم اضطر الى اللجوء لأعمال اضافية لتدبير
معيشته[32].
وفي النهاية فان المجتمع الدولي اصر على
السماح للعراق ببيع النفط للحصول على الغذاء والدواء من خلال صفقة عقدتها معه
الامم المتحدة يمر بمقتضـاها عــبر خطـــوط الانابيب الى تركيا، وقريبا سيصل
الطعام والدواء بكميات كبيرة الى شعب العراق[33].
في يوم 22 ايار 2003 أي بعد سقوط بغداد بعدة
اسابيع صدر قرار عن مجلس الامن الدولي رقم 1483 الذي كرس شرعية الاحتلال الامريكي
والبريطاني في العراق عن طريق الغزو، وكانت الو.م.ا قد باشرت قبل صدور القرار
بثلاثة اسابيع في رفع العقوبات الاقتصادية عن العراق وقد كان هذا امرا جيدا
حيث ساعد في دعم عمليات الاغاثة الانسانية
والبدء في اعمار العراق، كما اعلنت وزارة الخارجيـة الامريكيــة فـي ايار 2003 رفع
ما تبقى من العقوبات على العراق حيث قامت الدول الصناعية الكبرى برفع حصارها، وبقي
الحضر على استراد الاثار من العراق وثروة صدام حسين وكبار المسؤولين في الحكومة
العراقية السابقة، ومنح الو.م.ا وبريطانيا تفويضا بتقرير مصير العراق سياسيا
واقتصاديا والاشراف على ادارته وادارة قطاع النفط[34].
المبحث
الثالث
ارتباطات حرب
الخليج الثانية بالاحتلال الامريكي للعراق
ان الو.م.ا
قد أظهرت الأهمية الكبرى لمنطقة الخليج في اجندتها السياسية[35]،
لذلك فان الاستراتيجية الامريكية بالنسبة للشرق الاوسط ليست وليدة حرب الخليج
الثانية، بــل هي اقدم من ذلك بكثير وهي مستمرة لارتباطها بعنصرين هما : تامين
حماية اسرائيـل مـن دول الجوار العربي، وكذلك تامين مصادر النفط اللازمـة
للاقتصـاد الامريكي من هـذه المنطقة بالذات، وكذلك قربها من القوى المنافسة لها[36]،
ومـن ثمـة كـان احتـلال العـراق للكويت في 2اوت 1990 يعتبر اول تهديد للمصالح
الامريكية في منطقة الخليج.
لقد رأت
الو.م.ا أن دولة العراق تسعى للسيطرة على منطقة الخليج العربي الذي يوجد به مخزون
نفطي هائل سيؤدي الى احكام سيطرته على تحديد اسعار النفط مما يؤثر سلبا على الدول
المتقدمة صناعيا ، وبالتالي يؤدي ذلك الى تهديد مصالح امريكا ي منطقة الخليج
العربي[37] .
لقد كان
الغزو العراقي للكويت بداية الهيمنة الامريكية في المنطقـة مـن اجـل تنفيـذ
مشروعها التوسعي[38]،
والحقيقـة الـتي لا هـروب منها هي ان هذا الغزو هو الذي اعطى الو.م.ا فرصة التدخل
لتامين مصالحها ومصالح حلفائها من خلال فرض السلام الامريكي في اطار الشرعية
الدولية، حيث ان دول الخليج قبل الغزو كانت ترفض اقامة قواعد عسكرية اجنبية أو على
الاقل كانت تمنح بعض التسهيلات البحرية بتكتم شديد، اما بعد الغزو اصبحت تصرح بكل
هذه الامور دون حساسية بل لم تتردد معظم دول الخليج العربية في عقد معاهدات دفاعية
ثنائية مع الو.م.ا وغيرها من الدول الغربية[39].
ان الو.م.ا
ومن اجل الحفاظ على بقائها في منطقة الخليج بعد نهاية الحرب، بـدأت تسعى لإيجاد
مبررات لتواجدها من خلال ادعاء بان العراق هي مصدر خطر على دول المنطقة، وعليه
فانه يجب ان تحافظ على بقائها من اجل ردع العراق الذي يهدد المنطقة، غيران هذه
الادعاءات وكل ما كانت تنشره الو.م.ا عن العراق هو مجرد اشــــاعات باطلة، فالعراق
ليست وحدها الدولة القوية في المنطقة، لكن الو.م.ا ارادت تخويــف دول الخليج من
العراق، وبالتالي تطلب تلك الدول منها مساعدتها وحمايتها من الهيمنة العراقية،
وذلك ما نجحت في تحقيقه، حيث تزايد تواجدها في المنطقة بعد حرب الخليج الثانية[40].
ان الو.م.ا
استندت الى جملة من الاسباب جعلتها مبررات لشن الحرب على العراق[41] وهي نزع اسلحة الدمار الشامل وتحرير العراق من
مستبد دكتاتوري وايضا ايقاف دعــم العراق لشبكة الارهاب الدولي وتنظيم القاعدة،
بالإضافة الى الحفاظ على المصالح الامريكية في العراق[42].
حيازة العراق
لأسلحة الدمار الشامل
لقد قامت الو.م.ا وبريطانيا شن حربهما على
العراق كان هدفها نزع اسلحة الدمار
الشامل، رغم ان تقارير اللجنة الدولية للتفتيش ولجنة الوكالة الدولية للطاقة
الذرية اثبتتا عدم وجود مثل هذه الاسلحة في العراق، وهذه التقارير جاءت خلافا لما
اكده وزير خارجية امريكا كولن باول الذي قال في خطابه في جلسة لمجلس الامن:"
ان الادلة التي بحوزة واشنطن بالإضافة الى مواصلة بغداد لعبة القط والفار مع
المفتشين تشير الى ان هذا الاخير اصبح على طريق الحرب"، حيث اكد قادة كل من القـوات الامريكيــة
والبريطانية الغازية من عدم وجود اسلحة للدمار الشامل بالعراق، وقد قام مجلس الامن
بتشكيل لجنة للمراقبة والتفتيش للتأكد من وجود هذه الاسلحة عام 1990 حيث تدخلت
الو.م.ا وبريطانيا بشكل مباشر مما اثر على موضوعية ومصداقية عمل اللجنة واصبحت
اداة لتنفيذ السياسة الامريكية البريطانية وليس شرعية الامم المتحدة[43].
وقد تم اصــدار مجموعة من القرارات بخصوص
نزع اسلـحة الدمار الشامل فــــي العراق والتخطيط للقيام باجتياحه من طرف امريكا،
ومن بين هذه القرارات القرار رقم 687 الذي صدر عام 1991 . ويعتبر اول قرار[44]،
واخر قرار قبل الاحتلال هو القرار رقم 1441 عام 2002 الذي كشف عن المؤشرات
الحقيقية للاحتلال الامريكي[45]،
وقد كان القرار رقم 687 عبارة عن معاهدة سلام فرضت على العراق[46]،
كما اصدر مجلس الامن القرار 1284 بتشكيل لجنة مراقبة وتفتيش والتحقق يطلق عليها
الانيموفيك[47]
، والتي لم
تتوجه الى
بغداد الا في 27 تشرين الثاني 2002 بعد صدور قرار مجلس الامن 1441 [48].
دعم النظام
العراقي للإرهاب الدولي
ان ما حدث في امريكا فيما عرف بأحداث الحادي
عشر من سبتمبر 2001، كان نقطة تحول وانطلاقة في التوجهات الامريكية[49].
وقد جاء هذا الاحتلال باعتبار العراق من الدول الراعية للإرهاب بعد تفجيرات الحادي
عشر من سبتمبر 2001، لذلك فان المحافظين الجدد في الو.م.ا جعلوا من العراق مسرحا
لعملياتهم ، فالعراق ارض محروقة ومنتهية من حيث الواقع الاستخباري، فهي مكشوفة
الاجواء ولا شــيء فيهـا مخفيا على احد، وكل المعلومات الاستخبارية باتت معروفة
سواء عبـر لجنة التفتــيش السابقة او اللاحقة، وبالتالي فلا مفاجات بالنسبة
للأمريكيين على مستوى مسرح العمليات.
بالإضافة الى ذلك تم اختيار العراق- في اطار
الحرب على الارهاب من وجهة نظر المحافظين الجدد- على أنه مخزون نفطي عالمي مهم
لعصب الاقتصاد الأوربي قد اصبح تحت الرعاية الامريكية[50]،
لذلك كان في سلم أولويات السياسة الأمريكية هو اسقاط نظام الحكم العراقي واستبداله
بنظام موالي لها لتستطيع امريكا احداث التغيير المطلوب في منطقة الشرق الاوسط،
والخليج العربي بشكل خاص من اجل تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية وعسكرية لأمريكا في
المنطقة، ومن هنا بدأت امريكـا بوضـع استراتيجــية لتحقيق اهدافها بدءا باحتلال
العراق ثم ترتيب منطقة الشرق الاوسط[51].
الحفاظ على
المصالح الامريكية في العراق
ان
الو.م.ا استغلت الخطر النووي الايراني لتعزيز تواجدها في منطقة الخليج وتحقيق
مصالحها الاستراتيجية[52]،
ويرى البعض ان امريكا هي السبب في توريط العراق في حرب استنزاف مع ايران، حيث كانت
لها مصلحة في زعزعة نظام الحكم الاسلامي بإيران، وبالتالي فقد عمدت امريكا لإطالة
امد الحرب من خلال تزويد العراق بالسلاح والسماح لإسرائيل بإمداد ايران بالسلاح،
ودون تمكين اي من الطرفين من الانتصار من اجل ان تستطيع امريكا ترتيب اوضاعها في
المنطقة، وبالتالي تصبح القوة الوحيدة المسيطرة على المنطقة[53]،
كما ان الو.م.ا قامت بوضع خطة من اجل تحقيق مصالحها تمثلت في[54] :
-
السعي من اجل عدم تمكين كلا من الطرفين
العراقي والايراني من امتلاك أي قدرة تهدد مصالحها في المنطقة.
-
اللجوء الى خيار استخدام القوة العسكرية لحماية
مصالحها حيث قامت بإنهاء التحالف ما بين العراق ودول مجلس التعاون الخليجي الذي
فرضه الخطر الايراني.
كانت لأمريكا اهداف تمثلت في حماية مصادر
الطاقة واستمرار تدفقها وحفظ الكيان الصهيوني، وتامين وجود متواصل للقوات
الامريكية في المنطقة[55]
ومن اجل تحقيق هذا سعت الادارة الامريكية الى تدمير القوة العسكرية العراقية[56].
لقد سعت امريكا للحصول على امتياز النفط
العراقي الذي كان يكلف اقل سع مرات من كلفة النفط الامريكي، بحيث استخدمت امريكا
عدة اساليب في اطار تحقيق تلك المصالح ومن بين هذه الاساليب[57]
ايقاف تصدير النفط العراقي وايضا خفض سعر النفط العالمي .
لقد كان نتيجة هذا الغزو تخبط الشعب العراقي
في دوامة من المشاكل التي عصفت بكافة شرائحه الاجتماعية، حيث اصبح يعاني الكثير من
المشكلات المستعصية التي أعادت المجتمع الى انماط الحياة البدائية، فهو يعاني من
نقص شامل في الخـــدمات الصحية، ويتخبط في مستنقع الفقر والبطالة مما عزز الفوضى
وعدم الأمن والاستقرار وتفكك التركيبة الاجتماعية، كما خلقت مشاكل طائفية بسبب
القمع والاضطهاد والعنف، وكذلك تأثير شديد في
البنية التحتية الاقتصادية التي دمرت بالكامــل، بحيث استهدفت ضرب مواقع
انسانية هامة مثل مراكز التموين والجسور والطرق الرئيسية ومحطـات الاتصال
والكهرباء والمصانع المدنية والورشات والمصانع الحربية ما ادى الى انهيار العراق
بشكل كامل وسريع[58].
ـ العبيدي سعد، أزمة المجتمع العراقي، قواعد نفسية في التدمير
المنظم،ط1، دار الكنوز الأدبية، بيروت، 2003، ص [3]
ـ وهي تسمية اصطلاحية بمعنى الحرب على العراق التي دامت سبعة اسابيع،
وهي عبارة هجومية لتنفيذ قرارات الأمم المتحدة، وقد مرت.[5]
بمرحلتين: تقوم في مرحلتها الأولى على حرب جوية لمدة أربع أسابيع متتالية
ثم يليها هجوم بري يأتي بعد كسر شوكة الجيش العراقي وتعطيل فاعليته القتالية ووضعت
الخطة موضع التنفيذ الميداني يوم : 17/01/1991 في الثالثة صباحا ( أنظر دراجي ذويبي
، مرجع سابق، ص 37 .
ـ جورج ماكاغفرن، وليام بولك، الخروج من
العراق خطة عملية الانسحاب الأن، ط2، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت،2006، ص [17]
52 . ص.
ـ جيني سيمينوس، استهداف العراق العقوبات والغارات في السياسة
الامريكية، مركز دراسات الوحدة العربية، ط1، بيروت،2003، ص15.[20]
ـ العدلي محمود صالح، الشرعية الدولية في ظل النظام العالمي الجديدط1،
دار الفكر الجامعي ، الاسكندرية، ص182. [22]
ـ بينتر ارنت، الاعلام وحرب الخليج، رؤية شاهدد عيان، مركز الامارات
للدرات والبحوثالاستراتيجية، سلسلة محاضرات، الامارات.[33]
ـ محمد قجالي، حرب الخليج الثانية
بين احكام القانون الدولي وتداعيات النظام الدولي الجديد، كلية الحقوق
والعلوم السياسية، القسم العام ، .[36]
جامعة الاخوة منتوري ، قسنطينة، 2007-2008 ، ص ص 32-33
ـ جمال زكريا قاسم، مشكلات الأمن في الخليج العربي منذ الانسحاب
البريطاني الى حرب الخليج الثانية، مركز الامارات للدراساتوالبحوث.[39]
الاستراتيجية، سلسلة محاضرات ،ط1، دولة الامارات العربية المتحدة،
1997 ، ص 17 .
ـ عبد الجواد كمال، النظام الدولي والحرب على العراق، مركز الدراسات
السياسية والاستراتيجية، القاهرة، 2003 ، ص279 . [41]
ـ باسل يوسف، ديبلوماسية حقوق الانسان، المرجعية القانونية والأليات،
بيت الحكمة، بغداد، 2002، ص12 .[44]
ـ خدوري عماد، سراب السلاح النووي العراقي، مذكرات واوهام، الدار
العربية للعلوم، بيروت، 2004، ص30 .[46]
ـ انشأت هذه اللجنة بموجب قرار 1284 المؤرخ في17 ديسمبر 1999 وعين الأمين العام للأمم المتحدة الدكتور هانز
بليكس من السويد). [47]
رئيسا تنفيذيا لها اضافة الى ذلك عين الأمين العام 16 شخصا كاعضاء في
هيئة موفضي اللجنة وتمول اللجنة من حصة صغيرة
من الأموال التي تدرها صادرات النفط من العراق( انظر خالد السهلي ، مرجع سابق، ص
60. .
ـ شعيبي عماد فوزي ، السياسة الأمريكية وصياغة العالم الجديد، دار
كنعان ، ط1، دمشق، 2003 ، ص 106 . [49]
ـ مقلد اسماعيل صبري، أمن الخليج وتحديات الصراع الدولي، دراسة
للسياسات الدولية في الخليج منذ السبعينات، ص 530 .[53]
ـ براون سيوم، وهن التحكم القوة السياسية الخارجية في القرن الحاي
والعشرين، الحوار الثقافي، تعريف فاضل حكتر، بيروت ، 2004،[54]
ص 40 .