JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->

التركيبة البشرية للسكان في الأندلس

خط المقالة

 


التركيبة البشرية للسكان في الأندلس

      يعتبر الشعب الإسباني شعبا أوروبيا ينتمي إلى أوروبا الغربية ، متشبعا بثقافة روما وحضارتها ، ولغتها التي عملت على ترسيخها فيه[1] .

     فالشعب الإسباني الإيبيري ، كان قبل الفتح الإسلامي شعبا نصرانيا في غالبيته يدين بالولاء للكنيسة الكاثوليكية ، وكان يضم مجموعات قليلة من اليهود[2]، وقد طرأ تغيرا كبيرا على المكون الاجتماعي في إسبانيا جراء تعاقب الحضارات على هذه البلاد قبل الفتح الإسلامي وبعده،  ومما لاشك فيه أن الدارس لبلاد الأندلس ينبغي عليه أن يطلع على المكون الاجتماعي لهذه البلاد على مرحلتين، قبل دخول الإسلام إليها وبعدها، لكي تتضح له الرؤيا جيدا، وعلى هذا الأساس يمكننا تقسيم التركيبة السكانية في بحثنا هذا إلى قسمين : ما قبل الفتح، وما بعده، لنلقي نظرة سريعة عن التركيبة البشرية في الأندلس تكون تمهيدا لموضوعنا.

أــ قبل فتح الأندلس

     لاشك أن إسبانيا كانت مأهولة بالسكان منذ القِدم ،وتوجد فيها أعداد كبيرة من البشر ذوي الأصول القديمة لسكان إسبانيا ، ويعود هذا إلى مزيج من العناصر الإيبيرية Iberos التي هاجرت إليها من قديم الزمن من المغرب ، والسلتية (كلتية) celtos  التي جاءتها من أوروبا من الشمال[3].

     بالإضافة إلى وجود جماعات يهودية قديمة ، إلى جانب الرومان والقوط ، إلى أن جاء الفاتحون من البربر والعرب فأضافوا عناصر جديدة إلى العناصر القديمة ، وبهذا أصبحت الأندلس مزدحمة بالأجناس المختلفة ، فكان من الطبيعي أن تتصل هذه العناصر ببعضها عن طريق المصاهرة ، أو الجوار ، أو الحرب ، وتشكل مجتمعا جديدا في لأندلس([4]).

ب ـ بعد فتح الأندلس

1ــ العرب 

     من أهم سكان بلاد الأندلس العرب حيث كان العنصر العربي هــــو القـــــــائد والمسيطر عليها منذ بداية دخولهم مع موسى بن نصير سنة (93) واستقرارهم بعد الفتح، حيث بلــــــغ عددهم حوالي ثمانية عشر ألف عبارة عن جنود فاتحين[5]، ثم بدأت تأتي الوفود والطلائع ، وكل طالعة أعطي لها اسم معين ، فالذين دخلوا مع موسى يسمَّون بالبلديين ، أما طالعة بلج بن بشر القشري يسمون بالشاميين[6].

     وقد توافد العرب إلى بلاد الأندلس على عدة مراحل ودفعات، حيث قسمهم المؤرخون إلى فئتين رئيسيتين: بنوا هاشم الذين وفدوا من الحجاز واليمن والعراق والشام ومصر، ثم فئة ثانية من سادات العرب ومواليهم[7]، واستقر هؤلاء العرب في هذه البلاد الجديدة ، نظرا خصوبة أرضها ،وسكنوا بصفة عامة في مدن السهول الخصبة ، خصوصا منحدر الوادي الكبير وقرب منحدرات التجه وشنيل وإبرة قرب مرسيا[8].

 2 ــ البربر

     من أول العناصر البشرية التي حازت قصب السبق في دخول الأندلس هم البربر الذين خاضوا معركة الفتح الأساسية مع القوط ،فقد كان جيش الفاتحين بقيادة طارق بن زياد جله من البربر، وكان عددهم نحو اثني عشر ألفا، وبعد الفتح استمرت هجرة البربر[9]، مثل العرب وقد انتشروا منذ العصر الأول في شبه الجزيرة كلها، وكان دخول زناتة مع الطلائع الأولى للفتح ثم تبتعها صنهاجة، وقد اختاروا الأماكن التي تلائم طبائعهم للاستقرار فيها، فمَن كان منهم من أهل الحاضرة استقر في المدن، ومن كان من أهل البادية استقر في القرى[10].

3 ــ الموالي

     موالي الأندلس كانوا موالي نعمة وليس موالي عتاقة ، ومولى النعمة هو الذ يُنْعم عليه بالولاء كشارة من شارات الإعزاز والتقدير، وقد وجد هذا النظام في الأنـــدلس منذ بداية دخول المسلمين لها ، وكان الموالي إما مشارقة مرتبطين بالولاء لبني أُمية ، أو مغاربة ، أو إسبان دخلوا في الولاء لبني أمية[11].

     وكان أغلب الموالي من البربر الذين دخلوا في ولاء بني أمية ، وأما الباقون كانوا من أهل الشام والعراق وبلاد الفرس، وبهــــذا زاد عـــــدد الموالي وأصبحوا يؤلـــــــــــفون طائفة قـــــــوية تعرف بالأُمويين نظرا لموالاتهم لبني أمية[12].

4ــ المولدون

     دخل العرب والبربر إلى بلاد الأندلس جنود فاتحين تاركين وراءهم عوائلهم وأهليهم، وقد ارتبط الكثير منهم بالسكان الأصلين وتصاهروا منهم ،فأثمر هذا الزواج المشترك عن ظهور عنصر مسلم جديد عرف باسم المولدين، وقد تزايد عددهم فيما بعد على عهد الدولة الأموية حتى صاروا يشكلون معظم سكان البلاد[13].

5 ــ الصقالبة

     وهم الخدم المستجلبون من شمال أوربا ، وأصلهم أسـارى حــــــــــرب، أسرتهـــــــــم الجيوش الجرمانية في حروبها مع السلافيين ثم حُمِلوا إلى الأندلس وبِيعوا بها ، والبعض منهم كان من أسرى القراصنة الذين كانوا يطوفون في مياه البحر الأبيض المتوسط[14].

 6ــ النصارى

      بصفة عامة هم أمة المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ــ عليه السلام ــ  وهو المبعوث حقا بعد موسى ــ عليه السلام ــ  المبشَّر به في التوراة ، وكانت له آيات ظاهرة وبينات زاهرة ودلائل باهرة ، مثل إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص[15].

     أما النصارى في الأندلس فهم طائفة من السكان الأصليين ظلوا محافظين على ديانتهم المسيحية على الرغم من اندماجهم في الحياة الإسلامية الجديدة[16]، وكانوا يكونون أقليات كبيرة في القواعد الرئيسية مثل قرطبة وإشبيلية وطليطلة ، ويتمتعون باستقلال محلي ، ويطبقون شرائعهم وقوانينهم الخاصة بهم[17] .

 

7ــ اليهود

هاد الرجل : أي رجع وتاب ، ولزمهم هذا الاسم لقول موسى عليه السلام : {إناهدنا إليك} أي رجعنا وتضرعنا، وهم أمة موسى عليه السلام : وكتابهم التوراة[18].                

     قد يكون دخول الطلائع الأولى من اليهود إلى إسبانيا مع الفينيقيين في القرن العاشر قبل الميلاد ، كما زُعِمَ أيضا أن مجموعة ثانية دخلت قبل الميلاد أي امنَبُوخُدْ نُصُّر سنة (558) قبل الميلاد، والمؤكد أنهم كانوا موجودين في إسبانيا منذ القرن الرابع ميلادي، حيث صدر قانون في هذ القرن تم بموجبه منع النصارى من التعامل مع اليهود وقطع جميع العلاقات معهم، أو مخالطتهم، أو الزواج منهم، أو مشاركتهم في الأكل والشرب[19]؛ ولهذا كان اليهود من الفئة السكانية التي أعانت المسلمين على الفتح انتقاما من القوط الذين إضطهدوهم[20].

وبصفة عامة ما ذكرناه من فئات بشرية كانت هي الأكثر عددا وأقوى تأثيرا في بلاد الأندلس، وذلك نظرا لأهميتها ودورها الفعال في المساهمة في الحياة العلمية، والاجتماعية ، والاقتصادية ، والسياسية .



حسين مؤنس : فجر الأندلس ، ط1 ، دار المنهل ، بيروت ،2002، ص 453.[1]

حسين مؤنس : المرجع نفسه ، ص 454.[2]

 

3  حسين يوسف دويدار: المجتمع الأندلسي في العصر الأموي ، ط1 ، مطبعة الحسين الإسلامية ، 1994، ص 34 ، أحمد مختار العبادي : (الإسلام في أرض الأندلس ) ، مجلة عالم الفكر ، العدد الثاني ، المجلد العاشر ، وزارة الإعلام الكويت ، 1979م ، ص 59.

  أحمد مختار العبادي: المرجع السابق ، ص60.[4]

 حسين يوسف دويدار: المرجع السابق ، ص 14.[5]

[6] لسان الدين بن الخطيب (ت 776هـ) : الإحاطة في أخبار غرناطة ، (تح ) محمد عبد لله عنان ، ط2 ، الشركة المصرية للطباعة والنشر ، القاهرة ، ج1 1973، ص 102.

[7] القادري بوتشيش : مباحث في التاريخ الاجتماعي للمغرب والأندلس خلال عصر المرابطين ، دار الطليعة ، بيروت ، 1979، ص 36.

أحمد شحلان : التراث العبري اليهودي التسامح الحق ، ط1 ،دار أبي رقاق ، الرباط ، 2006م ، ص 13. [8]

[9]  حسين مؤنس : المرجع السابق ، ص 425؛ محمد الأمين ولد أن : النصارى واليهود من سقوط الدولة الأُموية إلى نهاية دولة المرابطين ، أطروحة دكتوراه في تاريخ الغرب الإسلامي ، قسم التاريخ ، كلية العلوم الإنسانية ، جامعة وهران ، 2012/2013م ، ص 9.

المرجع نفسه ، ص 424 . [10]

المرجع نفسه ، ص- ص 443 - 444.   [11]

حسين يوسف دويدار :  المرجع السابق ، ص 30. [12]

[13]أحمد مختار العبادي : المرجع السابق ، ص 62-65.

[14]  أحمد شحلان : المرجع السابق ، ص 14.

[15]  محمد الأمين ولد أن : المرجع السابق ، ص 12.

[16]  لسان الدين بن الخطيب (ت 776هـ) : المرجع السابق ،  ص 106.

 

[18]  أبو الفتح محمد الشهرستاني (ت 548ه) : المرجع السابق ، ص 250.

 أحمد شحلان : المرجع السابق، ص 16.[19]

[20] ا بن عِذَارِي المراكشي : البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب ،(تح): ليفي بروفنسال، ط3 ، دار الثقافة، بيروت، ج2، 1983 ، ص 12.

 

الاسمبريد إلكترونيرسالة