JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->

مذكرة مكملة لنيل شهادة الماستر في الفلسفة المشروع الأخلاقي عند طه عبد الرحمان

خط المقالة

 

المبحث الأول: موقف طه عبد الرحمان النقدي للنظريات الأخلاقية

إن الوقوف على موقف طه عبد الرحمان من الفكر الأخلاقي يستوجب منا بيان كيفية استقباله للفلسفة الأخلاقية، بدءا من اليونان و وصولا إلى الفكر الغربي الحديث و العربي معا. فكيف كان موقفه من ذلك؟.


1-موقف طه عبد الرحمان من فلسفة الأخلاق الیونانیة (الأرسطیة):

لقد كان موقف طه عبد الرحمن من الأخلاق كما تصورتها  الفلسفة الیونانیة و على الخصوص الفكر الأخلاقي للمعلم أرسطو موقفا نقدیا، وذلك لما له من تأثیر على المسار التاریخي للفكر الفلسفي والأخلاقي عموما والفكر العربي والإسلامي خصوصا، وفي هذا الإطار یقول طه عبد الرحمن: " وأما أرسطو فقد سار في الأخلاق على نهجه المألوف في  وضع قواعد العلوم، فوضع أصول هذا العلم في كتابین أساسیین : الأخلاق إلى أودیموس في خمس مقالات،  والأخلاق إلى نیقوماخوس في عشر مقالات، وقد أحاط المسلمون بالنظریة الأخلاقیة الأرسطیة بفضل نص الترجمة الكاملة لكتاب الأخلاق إلى نیقوماخوس، وقد تناولوه بالشرح ومن جملة من شرحه " الفااربي" وابن رشد"[1]

و المقصود بالنهج هنا هو العقلانية الأرسطية  والتي ینتقدها طه عبد الرحمن و يعتبرها عقلانیة مجردة كما جاء  في كتابه سؤال الأخلاق حیث یقول :"العقلانیة على قسمین كبیرین، فهناك العقلانیة المجردة من الأخلاقية ... وهناك العقلانیة المسددة بالأخلاقیة.[2]

و لا شك أن عقلانیة أرسطو هي عقلانیة مجردة ، والحقیقة أن الأخلاقیة هي ما به یكون الإنسان إنسانا، ولیست العقلانیة كما هو سائد في النفوس منذ قرون بعیدة، لذا يجب أن تظهر الأخلاقیة في كل فعل من الأفعال التي یأتیها الإنسان مهما كان متغلغلا في التجرید، بل تكون هذه الأفعال متساویة في نسبتها إلى الأخلاقیة، حتى أنه لا فرق في ذلك بین فعل تأملي مجرد وفعل سلوكي مجسد.[3]

و من هذا فان  العقلانیة عند طه عبد الرحمن أنواع:

- العقلانیة البرهانیة  )المجردة( التي نجدها مفصولة عن الأخلاق.
-العقلانیة الحجاجیة )المسددة( .

-العقلانیة المؤيدة مرتبطة بالأخلاق.

 و ما دام الفكر الأرسطي ینتمي إلى العقلانیة البرهانیة فانه لا يمكن الاعتماد على القیم الأخلاقیة التي تحدث عنها أرسطو من فضیلة وشجاعة وعدل.... وغیرها  من الفضائل.

حیث یقول طه عبد الرحمن: " إذا كان المقصود بالفلسفة البرهانیة فلسفة تكون عبارة عن جملة من الأدلة التي تستوفي نفس المقتضیات المنطقیة التي تستوفیها الأدلة في العلوم الدقیقة فلا وجود لمثل هذه الفلسفة على الرغم من أنف مجموعة الفلاسفة من أمثال " أرسطو" و" ابن رشد" و" دیكارت" و" سبینوزا " و" لایبنتز ".[4]

استعمال معيار التقويم لذلك لزم علينا أن نطلب تعريفا آخر لا يقع في هذا الإخلال و لا في هذه الاساءة[5].

و مجمل القول أن طه عبد الرحمان يرفض القيم الأخلاقية التي نادى إليها أرسطو حيث يقول: " إن أرسطو يستهل حديثه عن الأخلاق في كتابه (الأخلاق إلى نيقوماخوس) بالكلام عن الخبر الأسمى بوصفه المقصد الأقصى الذي تتجه إليه أفعال الانسان، فيقول أن البحث فيه ينبغي أن يختص بأفضل العلوم رتبة. و أن لا علم أشرف من علم السياسة، إذن هو الذي يعين من بين العلوم أوجبها للمدن، و يعين من بين أصنافها أوجبها لكل طبقة من مواطنيها... و متى كان علم السياسة يستخدم كل العلوم العلمية الأخرى، و كان هو الذي يشرع ما يجب فعله و ما يجب تركه".[6]

و يصيف لنا قائلا: "إن هذه الأخلاق التابعة للسياسة و الخادمة للمدينة عرض لها بسبب هذه التبعية و هذه الخدمة القصور من وجهتين:

1-أن هذه الأخلاق موضوعة وضعا إنسانیا، فتعلقت بالإرادة الإنسانیة من دون الارادة  الإلهیة.
2
- أنها موضوعة لفئة من الناس، فتعلقت بالمواطنة المدنیة دون الفطرة الإنسانیة.[7]
2- موقف طه عبد الرحمن من فلسفة الأخلاق الحدیثة ( دیكارت - كانط (
2-1- موقفه  من فلسفة الأخلاق الديكارتية:

لم تبقى الحداثة الغربية وليدة الغرب ، بل انتشرت إلى أقطار العالم، و ما زاد من انتشارها هو الانقلاب الذي أحدثه ديكارت من خلال فلسفته، فقد قلب الموازين من اليقين إلى الشك ، فبعدما أن كانت تؤمن أوربا باللاموت و اعتباره مصدر وثيق، أقلبه ديكارت إلى الشك أي الفلسفة فلسفة العقل.

وكان للكوجيتو الديكارتي الأثر الواضح على مختلف الفلسفات، و بذلك امتد تأثيره إلى المذاهب و الانساق الفلسفية الكبرى.

وحتى في الوطن العربي كان محل اختلاف و تباين، و هناك من اعتبره خارج مجال التداول الاسلامي ولا يمكن الأخذ به.

لذلك نجد الفيلسوف طه عبد الرحمان من الذين تعرضوا لنقد " الكوجيتو الديكارتي" خاصة في مسألة الترجمة و اعتبره خارج المجال التداول الاسلامي ، و اجتهد من خلال مشروعه أن يقد فلسفة جديدة تضاهي فلسفة الكوجيتو الديكارتية.[8]

و من هذا قدم طه عبد الرحمن انتقاده للكوجیتو الدیكارتي الذي يتأسس على  مقولة: " أنا أفكر، إذن أنا موجود"،  الذي سلك فيه مسلك الشك لیقلبه طه عبد الرحمن إلى مقولة  " أنظر تجد" بحیث رأى أن هذه المقولة تتوافق وتحقق شروط المجال التداولي الإسلامي منطلقة من الیقین وصولا إلیه، فإذا دیكارت أقام نسقه الفلسفي على الشك، فإن طه عبد الرحمن أقامه على منهج  الیقین.

لقد حاول طه عبد الرحمن في سنة 1995 في مضمون  كتابه "فقه الفلسفة" إعادة ضبط ترجمة كوجیتو دیكارت من عبارة " أنا أفكر إذن فأنا موجود" إلى ترجمة جدیدة، لتأصیل المعنى هي " أنظر تجد " ومن خلال هذه النقطة الجريئة هناك من أید طه عبد الرحمن في محاولته تقریب المفاهیم الفلسفیة الغربیة لتلاءم خصوصیة اللغة العربیة والثقافة الإسلامیة، وهناك من انتقد موقفه هذا مثل علي حرب من خلال مؤلفه "الفكر والحدث" ، و الهدف من نظریة الترجمة هذه هي أنها تسعى إلى التمييز  بین الفلسفة والترجمة فهو یقول في كتابه "فقه الفلسفة: " السبب في ظهور الفلسفة هو ارادة  إنسانیة تمثلت في كون الإنسان قرر أن یستخدم العقل في تحصیل المعرفة بأسباب الوجود، بینما یبدو أن السبب في ظهور الترجمة هو ارادة  إلهیة تجلت في كون الإله شاء أن تختلف الألسنة منها بین بني الإنسان وأن تنزل الصحف المقدسة ببعض، ففلسفة الترجمة هي:

النظر في الترجمة من جوانبها الثلاث: الجانب الوجودي" ، والجانب المعرفي، والجانب الأخلاقي" هي النظر في بعض الخصائص الكلیة للترجمة".[9]

ونرى أن الكوجيتو الديكارتي كلما زاد شكا زاد تفكيرا، عكس الكوجيتو عند طه عبد الرحمان كلما زاد يقينا زاد تقربا الى الله ، ويقول طه عبد الرحمان في هذا الصدد "إن الاصل الظاهر في كل أمر فلسفي في محل للإيمان هو استواء اليقين في وجود هذا الإيمان والشك فيه فإن تفرع عليه وجود الإيمان كان الأصل الحقيقي فيه اليقين تفرع عليه عدم الإيمان كان الاصل الحقيقي فيه الشك يعني أن كل تفلسف محله إيمان أي منبعه"[10]

- إذن الكوجيتو الديكارتي جاء لتحرير العقل الأوروبي من هيمنة وسيطرة الكنيسة والدعوة إلى إعمال العقل من أجل الإبداع .

- بينما الكوجيتو عند طه عبد الرحمان جاء لتحرير العقل العربي من التقليد الأعمى والدعوة الى التجديد والتميز .

- مما سبق ذكره نلاحظ ان الكوجيتو عند طه عبد الرحمان يربطربطا محكما بين العقل والحواس ، وبالتالي يصبح العقل عنده فعلا من الافعال او سلوك من السلوكات وفي هذا يقول طه عبد الرحمان : "بل نتعداه الى حصول التفاعل بينهما فكما أن في الحس عقل فكذلك في العقل حس"[11]

2-2-موقفه من الأخلاق الكانطية :

نستكلم هنا على موقف طه عبد الرحمان من النظرية الأخلاقية للفيلسوف الألماني كانط التي ارتبطت نظريته بالأخلاق اللادينية :

- إن المشروع الأخلاقي الكانطي يعتبر من أهم المشاريع في الفلسفة الحديثة وذلك لإرتباط معيار القيم الأخلاقية أي قوانين ما يجب أن يكون ، وفي هذا يقول "لا يوجد شيء يمكن عده خيرا على وجه الإطلاق ودون قيد ، اللهم إلا شيء واحد هو الإرادة الخيرة "[12] ويقصد هنا بالإرادة الخيرة النية الطيبة التي وحدها يمكن أن تعد خيرا في ذاته أو خيرا مطلقا أو خير غير مشروط .

حيث أعتبر كانط الأخلاق مفصولة عن المصدر الإلاهي ، وهذا الأمر الذي أدى بطه عبد الرحمان إلى بيان مواطن النقص و الضعف في هذا التصور الدنيوي المحض للأخلاق وذلك بقدرة العقل على الإيصال إلى قوانين أخلاقية مطلقة .

ولهذا فإن طه عبد الرحمان يقرر حقائق فطرية غابت عن كانط في التصور العقلاني للتعبد:

1- إن التعبد للإله هو الاصل في الخلق الحق .

2- إن عبادة الأخلاق أولى بالوثنية من غيرها ، وذلك لكونها تعلق بما سوى الله .

نتيجة لهذا يعترض طه عبد الرحمان على موقف كانط في مسألة واحدة أساسية هي تقديم المعرفة الخلقية على الاعتقاد الديني وذلك من جانبين هما :

أولهمــــــــا : وقوع كانط بمقتضى هذا التقديم في شبه التناقض ، حيث أنه خالف بمبدأ التجرد المطلق من الأغراض ، والذي تقوم عليه نظرية الواجب التي اعتمدها ، واشاهد هو إقرار كانط بالعجز عن التأكد مما إذا كان الإنسان قد قام بعمل أخلاقي .

ثانيهمــــــــا : تقدم تخلق المؤمن على ايمانه المتخلق بحيث أن تخلقه يقتضي بأن تكون أخلاقه ثمرة لإيمانه فيكون بناء الأخلاق على الايمان عبارة عن بناء يقام على الذي هو أعلى فيزداد الخلق إرتقاء .

وعليه يؤكد طه عبد الرحمان أن الاصل في تخلق المؤمن أن يرتقي بأخلاقه في الأفق الروحي ، بينما الأصل في ايمان المتخلق أن ينزل ايمانه الى السياق المادي والارتقاء بالروح مقدم على النزول المادي .

ولما كان التصور الاخلاقي الكانطي مبني على مبدأ الإرادة الخيرة كان موقف طه عبد الرحمان موقفا نقديا حيث يقول "وهكذا بفضل مبدأ الارادة الخيرة ، يبدو ان صرح الاخلاق في غنى عن الاقامة على قاعدة الايمان بالله او قاعدة ارادته المطلقة بمعنى أن الأخلاق لا تحتاج الى الدين بل تكتفي بذاتها ، حيث ان كانط جعل من الدين فرعا من الاخلاق في الحين ان الدين هو الأصل والأخلاق هي الفرع .

وهكذا يتضح ان هذين المعتقدين الدينيين (خلود اروح) و (وجود الإله) اللذين هاهنا أنزلا منزلتين ، جاء تابعين للأخلاق ".[13]

- من خلال كل ما سبق نستنتج ان طه عبد الرحمان يرفض الاخلاق الكانطية رفضا تاما ، وهذا بصريح العبارة "إنه لا مجال للشك في ان كانط اقام نظريته الأخلاقية العلمانية على قواعد دينية مع ادخال الصنعة عليها ، حيث استبدل مكان الإله مع قياس أحكامه على أحكامه ، فإذن ليس لهذه النظرية من وصف العلمانية الا الظاهر بحيث تصير العلمانية عنها هنا عبارة عن ديانية خفية مثلها مثل الديانة الجلية في الاخلاق ... "[14]

3- موقف طه عبد الرحمان من النظريات الاخلاقية المعاصرة :

3-1- موقفه من الاخلاقية الغربية المعاصرة :

قدم طه عبد الرحمان مقاربة استشكالية للحداثة بما هي مساءلة أخلاقية ، تقصد تأسيس حداثة إسلامية ، طريقة مخصوصة في التفلسف تدعونا الى عدم تقليد نمط التفكير الحداثي في سياقه الغربي ، يضمن هذا البناء موقفا ايجابيا من الحداثة يغير وجهة الجدل الفكري الحاصل في الثقافة العربية من ( جدل الحضارة الاسلامية – الحضارة الغربية والشرق – الغرب والاسلام – الحداثة الى جدل الاستقلال – التبعية والابداع – التقليد والتحضر – التخلف )[15]

-ينطلق طه عبد الرحمان في تقويم الحداثة الغربية ، بناء على التسليم بالتفاوت الثقافي والحضاري بين الامم ومن دعوى مفادها ( كما ان هناك حداثة غير اسلامية فكذلك ينبغي ان تكون حداثة اسلامية )[16] قاصدا وضع حداثة أخلاقية ، تجعل من التقدم المعنوي الروحي هو الاصل تجاوزا لآفات الحداثة الغربية التي تفصل التقدم اعادي عن التقدم الاخلاقي .

لذلك يشرع الفيلسوف طه عبد الرحمان في تقديم نقدا أخلاقي للحداثة الغربية معتمدا في ذلك على أصالة الأخلاق الإسلامية .

فالنقد الذي قدمه فيلسوفنا هو نقد موضوعي يتماشى وروحه الفلسفية لان هناك انسجام وتلاحم من فعل النقد والفلسفة في فكره ، وليس هناك تباعدا فشتانا بين من يستعمل النقد من أجل النقد فقط ، أو من يستعمله كمرحلة مؤقتة في بحثه ، وبين من يؤمن به ويعيش به ومعه ، اذن نلاحظ ان فعل النقد في كتبه لم يكن غائبا أو متجاهلا أو مؤقتا وانما كان أسلوب حياة وطريقة تفكير لديه .[17]

أما مجال العلم والتقنية الذي فرضته الحداثة الغربية قد قطع أي صلة بالأخلاق او الدين بصفة عامة كل ما يشكل وبأخذ طابعا روحيا أو دينيا غير وجه الحياة في العالم ، وما رافقه من اختراع للآلات ، الامر الذي نجم سيادة نوع الايمان المتطرف بالعم الذي أدى الى ازمات أخلاقية حقيقة.

وفي هذا السياق يعتقد طه عبد الرحمان ان الحضارة الاوروبية التي انتجت العلم والتقنية وآمنت بالعقل وحده هي حضارة ناقصة ، لأنها أفرزت جملة من الآفات التي يتخبط فيها المجتمع الأوروبي او المجتمع الحداثي [18] ، وقد بين طه عبد الرحمان في مؤلفه "سؤال الاخلاق" جملة من النقائص في العقلانية الاوروبية والتي كان لها تأثيرها على الحضارة العربية والاسلامية وهي : 

أ‌-     النسبية : التي ترى ان كل شيء نسبي في العلم ولا توجد حقيقة مطلقة كذلك الاخلاق والقيم نسبية أيضا .

ب- الإسترقاقية : حيث اصبح الانسان العربي عبدا للحضارة العلمية الحديثة على حساب دينه وقيمه وحضارته .

ج- الفوضوية : حيث أدى شيوع المنهج العلمي والعقلي الى نشر الفوضى واللامبالاة في الحضارة الغربية [19].

3-1-1- نقد طه عبد الرحمان للحضارة الغربية :

يرى طه عبد الرحمان ان الحداثة الغربية لا تقوم على الاساس الاخلاقي ، وبالتالي هذه الاخيرة هدامة لكل أصول الحداثة الاسلامية وليست بناءة .

لهذا سعى طه عبد الرحمان الى الابتعاد على المسلمات التي إنبنى عليها التطبيق الغربي ويضع لنا في المقابل مسلمات اخرى ينبني عليها التطبيق الاسلامي [20] وهي :

أ-التمديد الأخلاقي للعقلانية الغربية :

إن النقد الأخلاقي للحداثة الغربية كان نتيجة الإخلال بالصفات الاخلاقية لانه لا وجود لنظام الحياة إذا لم تكن هناك أخلاق كما أن الوجود الإسائي  لا يتحقق إلا بالقيمة الاخلاقية

ويقول طه عبد الرحمان في هذا الصدد : "القيمة الاخلاقية أسبق على غيرها من القيم بحيث لا فعل يأتيه الانسان إلا ويقع ابتداء تحت التقويم الأخلاقي "[21] ، وبهذا يتضح لنا أن الحداثة الإسلامية هي في حقيقتها حداثة أخلاقية .

ب- انفصال العلم عن الأخلاق :

إن النقائص التي حددها طه عبد الرحمان في الحضارة الغربية جعلت الحضارة الغربية نحو اتجاه واحد هو (تأليه الطبيعة والعلم على حساب الدين والاخلاق ، والروح ،والقيم ، والانسان أي اتجاه مادي صرف) وبالتالي أصبح الطابع المادي هو ما يميز الحداثة الغربية ، ومنه أصبح النموذج المعرفي الغربي متحيزا للموضوعي (المادي) على حساب ذاتي ، أي لا شيء خارج المرئي أو الملموس ، ومنه يمكن القول ان المادة هي مبدأ أصل النظام المعرفي الغربي ، ومن جراء ذلك يصبح العلم هو عقلنة للطبيعة ،مستبعدا كل غائية علما أن الغائية هي مبدأ الفكر الديني ، إن لم نقل يقطع صلته بها [22].

-يحاول طه عبد الرحمان أن يتملك الحداثة ، ضمن رؤية مغايرة لنقدها والتملك لا يكون إلا مغايرة ، وهو يرى أن ازمة الحداثة في شقها النظري ، و أيضا في شقها العملي ، ليست سوى أزمة أخلاق فإذا كانت العقلانية شعار العقل الحديث ، فإن هذه العقلانية بحسب طه عبد الرحمان ليست سوى عقلانية مضيقة ، وليست عقلانية موسعة ومن ثم فقد وقعت في أزمة قصد ، ناتجة عن فصل العقل عن الغيب ومن ثم فصل الأخلاق عن الدين ، وجعلها دنيوية غير مسددة بالوحي الإلاهي [23].

ج- مواجهة الحداثة :

يدعو طه عبد الرحمان من خلال مشروعه الفكري الأخلاقي الى ضرورة إعادة النظر في الحداثة الغربية نتيجة الإنتقادات التي وجهت لها ، لعقل أهم هذه الانتقادات أنها حداثة عقلانية أكثر مما هي أخلاقية[24] خاصة اذا اعتبرنا أن الأخلاق هي من الصفات الضرورية التي تنبني عليها المجتمعات ، فما بالك في انعدامها أصلا ، لذلك عما طه عبد الرحمان جاهدا على التصدي لها ومحاربتها بشتى الطرق والوسائل .

د-مواجهة العولمة :

إن العولمة تسعى بفعلها المستمر الى الباس كل أنواع التنمية لباس التنمية الاقتصادية الرأسمالية ، أي ادخالها في سياق المبادلات التجارية الحرة ، حتى انه يجوز الكلام بهذا الصدد عن واقع التسلط الاقتصادي حيث ان التنمية هنا بمثابة هدف حضاري أفرزته مقتضيات الحداثة الغربية [25] .

ومن هذا قد نتج عن العولمة تغيرات كبيرة ثقافية اقتصادية ، مما جعل الباحثين والمفكرين يتوقعون حدوث الكثير من التغيرات العميقة .

وهنا يقول طه عبد الرحمان : "فالعولمة هي السعي الى تعقيل العالم بما يجعله يتحول الى مجال واحد من العلاقات الاخلاقية أو قل مجال علاقي أخلاقي واحد " ، ومن هذا المفهوم الخاص للعولمة من الضروري الارتقاء بالتعقيل المادي المضيق للعولمة الى مستوى التعقيل الروحي الموسع وذلك على ضوء مبادئ مادية [26] تتمثل في :

ü    مبدأ الفضل : مفاده التنمية الصالحة لا تكون الا بتكامل المقوم الاقتصادي مع المقومات الأخرى للتنمية ، ودوام اتصاله بالأفق الروحي .

ü    مبدأ الاعتبار :  مفاده ان العلم لا يكون بالنظر في حكمة الشيء قبل سببه ، وفي مآله قبل حاله ، أي أن العلم لا يجب أن يورث المضار.

ü    مبدأ التعارف : مفاده ان التواصل السليم لا يكون الا بالكلام الطيب من المتكلمين بعضهم أكرم من بعض أي تكون العلاقات مبنية على الحوار والتفاهم .

لهذا نجد طه عبد الرحمان يقول : "ان الدين الذي يقدر على قهر العولمة هو دين الاسلام "[27] أي من مهمة المسلمين .

3-2- موقفه من الأخلاقية العربية المعاصرة (الجابري) :

سنتعرف في هذه النقطة على الموقف النقدي لطه عبد الرحمان من فلسفة الاخلاق المعاصرة من حيث هي امتداد للعقلانية الحديثة ، ويتجلى ذلك واضحا في كتابه (تجديد المنهج في تقويم التراث) الذي خصه بدراسة نقدية واعتراضية للكتابات المعاصرة من بينها كتابات محمد عابد الجابري.

نلاحظ أن في الفصول الثلاثة من الباب الاول لكتابه السابق الذكر أنه قد تطرق لموقف محمد عابد الجابري من التراث العربي الاسلامي وفي هذا السياق يقول: (إن الآليات الاستهلاكية التي استخدمها الجابري في تقويم التراث تبنى على مبادئ ثلاث تعارض المبادئ التراثية الأصلية ، وهذه المبادئ المعارضة هي : مبدأ الموضوعية ، مبدأ العلمانية ، مبدأ النظر المتوحد )[28].

-أما في كتابه (سؤال الأخلاق ) فنجده يشير الى موقف بعض الباحثين والمفكرين العرب وخاصة المغاربة منهم ، يقول طه عبد الرحمان :"لقد ظهرت دراسات التراث العربي في النصف الثاني من القرن المنصرم بدع فكرية كثيرة نشرها بعض الباحثين المغاربة والتي تقول بأن العطاء الفكري في الغرب الاسلامي تميز بكونه عطاء عقلانيا برهانيا فبينما ظل في المشرق عطاء عرفانيا خياليا "[29].

فالجابري من خلال طه عبد الرحمان أراد اعادة النظر للتراث العربي الاسلامي إلا أنه وقع في أخطاء كثيرة في معالجته التحليلية ودراسته التقويمية للتراث العربي الاسلامي .

ونفهم من كل هذا أن محمد عابد الجابري قد اهتم بالنقد للتراث لكنه لم يعتمد على الاليات المناسبة لذلك لأنه كانت معالجة الجابري للتراث مفتقرة الى هذا النقد الضروري ، حق القارئ أن يتحفظ في النتائج التي توصل اليها وسائله ، إن لم يذهب به هذا التحفظ الى حد التشكيك في قيمتها الاجرائية [30].

ونستنبط من هذا القول أنه ما دام الجابري قد استعمل وسائل غير مناسبة في دراسته للتراث العربي الاسلامي فإن النتائج التي توصل اليها لا يمكن الأخذ بها ، لأن الجابري قام بقياس التراث بمقاييس غير أصلية ، بل ذهب طه عبد الرحمان الى أبعد من هذا في نقده للجابري متهما اياه بأنه اعتمد على مبادئ لم تعد مستعملة حتى عند الغربين أنفسهم وذلك من خلال قوله : "إن ما أسماه "التصور العلمي في ارقى مراتبه" لا يمكن التسليم به به ، فالمصادر الفرنسية التي اعتمدها في بناء منظوره العلمي من العقل والتي ذكر بعضها تنتمي الى النصف الأول من هذا القرن ان لم يكن بعضها ينتمي الى فترة قبلها "[31]

بقي طه عبد الرحمان يواصل نقده للأسس التي اعتمدها الجابري قائلا : "الحاصل ان استخدم الجابري الآلية المقابلة يخرج خروجا عن الظوابط المنطقية المقررة فيها "[32]

ويؤكد ذلك أكثر (ان التقسيم الثلاثي البرهان ، البيان ، العرفان تقسيم فاسد... ولو أن الجابري قد اعتمد معيار موحدا لكان له الخيار في التقسيمات متعددة )[33].

وخلاصة القول أن طه عبد الرحمان يرفض رفضا تاما جازما ما ذهب إليه محمد عابد الجابري سواء شكلا أو مضمونا حيث يعتبره بدعة شاذة وفي هذا المعني يقول : "إن العقلانية المجردة التي يرفعها هذا الباحث الى أعلى المراتب ، لا تنزل عندنا إلا الرتبة الدنيا من رتب العقلانية ، إذ تعلوها رتبة العقلانية المسددة ومن فوقها رتبة العقلانية المؤيدة "[34].

- نجد عرضنا للموقف النقدي لطه عبد الرحمان للفكر الأخلاقي اليوناني والحديث والمعاصر آن الأوان بنا الانتقال إلى مرحلة البناء والبديل الذي يقترحه كنموذج أخلاقي فما هو هذا البديـــــــل ؟ . 

المبحــث الثانــــــــــــي : النظريــــة الأخلاقيـــــة الطاهائيــــــــة :

حاول طه عبد الرحمان نسج نظرية بديلة تعيد الاعتبار للفكر العربي الاسلامي حيث يقول : "فكان لا بد من وضع نظرية تقدم بشرط التناسب فأبدلنا مفهوم التخلق مكان التعقل ومفهوم التعرف مكان التنكر وأسميناها بنظرية التعبد"[35].

إن الاخلاق البديلة التي اعتمدها طه عبد الرحمان تقوم على جانبين هما :

أولا : البعد الديني فـــي النظريـة الاخلاقيـــة عند طه عبد الرحمـــان :

إن النظرة الاخلاقية لطه عبد الرحمان تبنى على تأكيد الصلة بين الاخلاق والدين أي أن الاخلاق متصلة بالدين اتصالا وثيقا ، ومن هذا فإن رؤيته تقوم على :

1- ان الدين هو الاصل في الأخلاق .

2- الدين هو الأصل في التقويم الأخلاقي للأفعال .

3- الدين كله أخلاق أحكاما ومقاصدا .

والنتيجة المترتبة عن هذه الاسس الثلاث هو أن لا أخلاق دون دين ولا دين دون أخلاق ، وهذا ما لم يكن موجود في الحضارة الغربية كما رأينا سابقا ، فالحضارة الغربية اعتبرت أن الأخلاق ليس لها علاقة بالدين ، ومنه فالأخلاق أكثر منها دنيوية على أن تكون أخروية ، وبهذا تكون نظرية طه عبد الرحمان الأخلاقية مبطلة لمسلمات النظريات الاخلاقية غير الاسلامية ، ومبطلة أيضا لمسلمات أخذ العمل بها من طرف بعض علماء المسلمين وهي التفرقة بين العقل والشرع والتفرقة بين العقل والقلب.

- فماهي أركان النظرية الأخلاقية عند طه عبد الرحمان ؟

ان أركان النظرية الأخلاقية الإسلامية عنده ثلاث[36] هي :

مضمون هذا الركن هو أنه يربط بين العقل والشرع حيث يقول :"أن ما يدركه الأول(أي العقل) هو نفسه ما يقره الثاني (الشرع)"[37].

ويتأسس هذا الركن بدوره على مجموعة من الخصائص :

 

1- أخلاق الميثاق الأول أخلاق مؤسسة .

2- أخلاق الميثاق الأول متعدية إلى العالم كله .

3- أخلاق الميثاق أخلاق شاملة .

ثانيها : ركن شق الصدر والأخلاق العميقة :

نلاحظ هنا أن طه عبد الرحمان يستعمل مفاهيم ودلالات دينية ، وهو هنا يقصد تلك الحادثة التي وقعت للرسول صلى الله عليه وسلم وفي هذا يقول : "يرمز القلب في الممارسة الإسلامية إلى ذات كامنة في الإنسان تعبر عن حقيقة وتصدر عنها كل أفعاله ، بحيث إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله "[38].

- ويتأسس هذا الركن كذلك على مجموعة من الخصائص :

1-أخلاق شق الصدر هي أخلاق تطهير .

2-أخلاق شق الصدر هي أخلاق تأهيل .

3-أخلاق شق الصدر هي أخلاق تجديد .

ثالثها : ركن تحويل القبلة والأخلاق الحركية :

نلاحظ هنا أيضا أن طه عبد الرحمان يستخدم مفاهيم ودلالات دينية مثل محسوبية القبلة ومعقولية التعبد[39] وهنا إشارة إلى تلك الحادثة التي وقعت في بداية الدعوة الإسلامية ، وهي حادثة تغير القبلة ، وهذا الركن يتعلق بالجمع بين العقل والحس ويتفرع عنه الأخلاق الاسلامية أخلاق حركية ، لأنها أخلاق إشارة.

ويرى طه عبد الرحمان أن هذا الركن يترتب عنه أخلاق تتصف بالخصائص التالية :

-أخلاق القبلة أخلاق اشارية : يكون كمال التخلق عبارة عن كون الإنسان لا يرى شيئا محسوسا إلا ويرى فيه معنى معقولا ، ومعنى هذا أن القبلة مجرد رمز مادي يحمل دلالات أخلاقية عميقة [40].

-أخلاق القبلة أخلاق انفتاحية : يقول طه عبد الرحمان :"ولما كان المتوجه إليه حسا هو البيت ولكن عقلا هو ربه الحامي له"[41].

-أخلاق القبلة أخلاق اجتماعية :(يكون أصحاب القبلة أكثر من غيرهم قدرة على التخلق بأخلاق الجماعة متى استوفوا شرط سق الصدر والشاهد على ذلك هو تحولهم جماعة من القبلة الى القبلة الثانية )[42] ومعناه أن الاخلاق القبيلة أخلاق جديدة .وفي الاخير ما يمكن أن نخلص اليه هو :

- نظرة طه عبد الرحمان نظرة تجديدية للمسألة الأخلاقية .

-أخلاق طه عبد الرحمان هي أخلاق تحمل صبغة صوفية .

-أن الاخلاق تابعة للدين .

-النظرية الأخلاقية لطه عبد الرحمان تجعل الإسلام هو دين مستقبل .

ثانيــــــــــــــا :  مقاصد النظرية الأخلاقية عند طه عبد الرحمان :

1-مشروع طه عبد الرحمان الفكري والاخلاقي :

يمكن القول إن المشروع الفلسفي الأخلاقي للدكتور طه عبد الرحمان ينقسم منطقيا وليس مرحليا ، الى عناصر ثلاثة :

أولا : التأكيد على تمايز الفكر العربي الإسلامي عن الفلسفية الغربية وفكرها الحداثي ، وبذلك يصبح ممكنا أن تقوم لكل ثقافة فلسفة خاصة ، وفكر حداثي مميز لها .

ثانيا : إعادة الارتباط بين الأخلاق بإعتبارها عمل وليس نظر وبين الفلسفة النظرية عموما ، ومفهوم الحداثة خصوصا ، وبذلك يصبح الفكر النظري والعمل الأخلاقي وجهات لعملة واحدة .

ثالثا : تأسيس مفهوم العمل الأخلاقي على مبادئ وقيم الدين الاسلامي وعلى قراءة معاصرة للقرآن الكريم ، وذلك بإعتبار الدين الإسلامي رسالة انسانية في المقام الأول [43].

ومن هنا نجد أن طه عبد الرحمان يبحث من خلال مشروعه التجديدي والإحيائي منطلقا من مبدأ (المفاهيم المسؤولة ) التي بحث عن ماهيتها في أعماق التراث والدين ،والسياسة ، والحداثة ، وغيرها ليصنع من خلالها رؤية واضحة وشاملة في معالجة واقع اجتماعي عربي إسلامي عبر تجلياته وآفاقه بمعاني اصطلاحية للمفاهيم التي اختارها مداخل لمضامين كتبه أو مفاهيم عبر من خلالها عن خصوصيات الفكر العربي الاسلامي في معالجته لقضاياه المختلفة من وجهة نظر الفيلسوف والمفكر السياسي ، ليجعل هذه الأمة جوابها الخاص عن أسئلة زمانها ، وإن كان يرى ان الجواب أن الجواب الاسلامي عن أسئلة هذا الزمان تتجلى في حقيقتين اثنتين إحداهما الايمان الذي يتوصل إليه بالنظر المكلوتي في الآيات ، والثانية هي التخلق (التمسك بمكارم الأخلاق).

- أما التعقل فإنه من أهم الفضائل التي تميز الانسان غيره من الكائنات الأخرى ، يقول : "التعقل هو التحفظ في اصطناع تقنية ممكنة والتصون من الإكثار من هذه الوسائل دفعا لسوء العواقب".[44]

-أما التخلق فإنه جوهر الانسان وماهيته ، فماهية الانسان ماهية خلقية ، ان المتخلق الذي يجعل القيم الأخلاقية والروحية هي صلب أفعاله ، أي لا تكون هذه الأفعال نافعة ومشروعة إلا إذا سعت الى تحقيق هذا المقصد الخلقي والروحي .

- فالتخلق عبارة عن الإشتغال الذي يدفع عن الانسان آفة العمل بمبدأ السيادة ويجلب له الحمكة في اختراع التقنية والتأييد في استثمارها [45].

ويعتمد طه عبد الرحمان الى الربط بين هذين المبدأين التعقل والتخلق بوصل الإنسان بمرتبة العبادة ، فمتى وصل العقل الى مرتبة التعبد طمع في تحصيل المعية الإلاهية أثناء سعيه الى ترسيخ الذات الإنسانية وتصير بذلك حركة الإنسان في الكون بفضل العبادة امتدادا لتأمله الحسي الطبيعي وصارت الحسيات عنده معاير للعقليات فالعبادة تعتبر همزة وصل بين النظر والفعل وبالتعبير الطاهائي مجال الاعتبار فمقتضى الاعتبار اذن هو العبور من أحكام النظر الى أسرار العبر فيكون المعتبر هو من يرى -الظواهر على أنها آيات وينسب على الكون الى صاحب هذه الآيات [46].

وهكذا فالمشروع الأخلاقي عند طه عبد الرحمان يسعى الى اضفاء طابع ديني على العلوم ، فالإسلام هو دين البشرية جمعاء .

2-مبادئ وأسس الأخلاق الاسلامية عند طه عبد الرحمان :

ان الاخلاق البديلة التي اعتمدها طه عبد الرحمان في اعادة تأسيس السؤال الأخلاقي تقوم على مبدأين [47] هما :

-المبدأ الأول : يتمثل في أن الأخلاق ليست جملة من الصفات الحسنة التي تكمل سلوك الأشخاص وانما هي مجموعة من الصفات الضرورية لهذا السلوك ، بحيث إذا فقدها الفرد نزل عن رتبته كإنسان .

-المبدأ الثاني : يتمثل في أن الأخلاق لا تنحصر في مجموعة جزئية من أفعال الإنسان بل تشمل كل الأفعال فما من فعل يأتيه الإنسان إلا وينطبق عليه الحكم بالخير والشر ، وهكذا فنظرته الأخلاقية تنبني على التأكد على الصلة بين الأخلاق والدين .

3-النقد الموجه لطه عبد الرحمان :

-يعد طه عبد الرحمان من بين المفكرين والفلاسفة الذين اهتموا بقضايا العالم العربي الإسلامي ، حيث كان يسعى من خلال مشروعه النقدي الى تأسيس لحداثة اسلامية عربية لها مبادئها وأصولها الخاصة بها ، ولكن رغم ذلك لم يسلم هذا المشروع من انتقادات ونقائص ، وهذا ما يجعلنا نطرح السؤال الآتي : فيما تتمثل الإنتقادات التي وجهت للمشروع النقدي لطه عبد الرحمان ؟

- لكن مشروع طه عبد الرحمان النقدي ، وإن بلغ درجة عالية في البيان والتماسك يظل في اعتقادنا الى شرح وتقديم ، فطه عبد الرحمان اذ يدعو الى نقد العقلانية قد يصنف عند دعاة العقلانية في قائمة اللاعقلانين ، واما حين يساهم في نقل الحداثة داعيا بذلك الى وضع اشكاليات النهوض العربي والاسلامي في اطارها الإنساني الأوسع قد يجرد (.....) ، مما قد يجعل مشروعه محط انتقادات سطحية ، الهدف منها في أحيان كثيرة هو تزهيد القراءة فيه [48] أي أن ما قام به طه عبد الرحمان من خلال مشروعه النقدي كان له نوع من التماسك ، وأنه ساهم ولو بقليل في تقديم الأمة العربية وخروجها من بؤرة التخلف ، إلا ان الفلاسفة والمفكرين قدموا ووجهوا له انتقادات ونقائص يجب إعادة النظر فيها ودعوا الى إعادة تمحيصها .اضافة الى ذلك من خلال القول بالنظرة التكاملية والشمولية للتراث وجهت له انتقادات من قبل الفلاسفة وعلى هذا الأساس قدموا بدائل أخرى ، فمنهم من يرى على ضرورة وجوب النظرة التجزيئية مع التراث وآخرون يقرون بوجوب القطعية الكلية مع التراث أمثال عبد الله العروي .



[1] طه عبد الرحمن: تجدید المنهج في تقویم التراث، المركز الثقافي العربي، ط3، الدار البیضاء، المغرب، 2007 ، ص 387.

[2] طه عبد الرحمن، سؤال الأخلاق، ص 14   .

[3] طه عبد الرحمن، سؤال الأخلاق، ص 14-15.

[4] طه عبد الرحمن : حوارات من أجل المستقبل، ط1، دار الهدى للنشر و الطباعة، الدار البيضاء، 2005، ص .52

[5] طه عبد الرحمن، سؤال الأخلاق، ص 64.

[6] طه عبد الرحمن، تجديد المنهج في تقويم التراث، ص ص ، 401-402.

[7] المصدر نفسه، ص 402.

[8] قروش حيزية، الكوجيتولين ديكارت و طه عبد الرحمان، مذكرة لنيل شهادة الماستر في الفلسفة، اشراف مقورة جلول، قسم الفلسفة، كلية العلوم الانسانية و الاجتماعية، جامعة محمد بوضياف، المسيلة، 2016-2017، ص 88.

[9] طه عبد الرحمن، سؤال الأخلاق، ص   104

[10] طه عبد الرحمان : فقه الفلسفة ، كتاب مفهوم والتأثيل ط2 ، الدار البيضاء ، المغرب المركزي العربي ، 2005،ص 30

[11] قرويش حيزين : الكوجيتو بين ديكارت وطه عبد الرحمان ، ص 90 .

[12] ايمانويل كانط : تأسيس ميكافيزيقا الأخلاق ، تر عبد الغفار مكاوى ومراجعه عبد الرحمان بدوي الهيئة المصرية العامة للكتاب ، 1980 ، ص 37

[13] طه عبد الرحمان : سؤال الأخلاق .ص 38

[14] عبد المالك بو منجل : الابداع في مواجهة الاتباع ، قراءات فكر طه عبد الرحمان ، ط 1 ، بيروت لبنان ، المؤسسة العربية للفكر والابداع ،2017 ، ص 68

[15] عبد المالك بومنجل : الابداع في مواجهة الاتباع ، قراءات في فكر طه عبد الرحمان ،ط1 ، بيروت لبنان ، المؤسسة العربية للفكر والابداع ، 2017 ، ص 68 .

[16] طه عبد الرحمان : روح الحداثة ،ص 17.

[17][17] آمال موموهب : القيمة الاخلاقية من منظور طه عبد الرحمان ، مجلة العلوم الانسانية والاجتماعية ، العدد 20 سبتمبر 2017 ، جامعة الجزائر 2 ، ص 140.

[18] طه عبد الرحمان : سؤال الاخلاق ، ص 59.

[19] طه عبد الرحمان : سؤال الاخلاق .ص 59.

[20] جوادي الجيلاني : نقد الحداثة عند طه عبد الرحمان ، مذكرة لنيل شهادة الماستر أكاديمي جامعة قاصدي مرباح ، مراكش، ابراهيم ، قسم العلم الاجتماعية ، كلية العلوم الانسانية والاجتماعية  2017-2016-ص 40.

[21][21] طه عبد الرحمان : روح الحدا ثة ، المدخل الى تأسيس حداثة إسلامية ص 15.

[22] آمال موهوب : القيمة الأخلاقية من منظور طه عبد الرحمان ،ص 139.

[23] كريم محمد : السؤال الاخلاقي في فلسفة طه عبد الرحمان ، من النظر الى العمل ، بتاريخ 14 أكتوبر 2017 شبكة حفريات الكترونية  blog  https//www.hafryat.com/ar/

[24] طه عبد الرحمان ، روح الحداثة ص 210.

[25] المصدر نفسه ص 210.

[26] طه عبد الرحمان : روح الحداثة ، ص 210.

[27] دالي زهية : المشروع الفلسفي لطه عبد الرحمان ،ص 68.

[28] طه عبد الرحمان : تجديد المنهج في تقويم التراث ،ص 41.

[29] طه عبد الرحمان : سؤال الاخلاق ، ص 200.

[30] المصدر نفسه ، الصفحة نفسها

[31] طه عبد الرحمان : تجديد المنهج في تقويم التراث ، ص 42 ص43.

[32] جلول خدة معمرة : الدراسات الفسفية الأخلاقية في الفكر العربي المعاصر ، 146

[33] طه عبد الرحمان : تجديد المنهج في تقويم التراث ص ، 55.

[34] طه عبد الرحمان : سؤال الأخلاق ، ص 200.

[35] طه عبد الرحمان : سؤال الاخلاق ، ص 94.

[36] آمال الموهوب :القيمة الأخلاقية من منظور طه عبد الرحمان ، ص 145.

[37] طه عبد الرحمان : سؤال الأخلاق ، ص 157.

[38] طه عبد الرحمان : سؤال الأخلاق ، ص 160.

[39] عبد اللطيف كمال : أسئلة الفكر الفلسفي في المغرب ، ط1، المغرب ، الدار البضاء ، المركز الثقافي العربي ، 2003،ص 142.

[40] طه عبد الرحمان : سؤال الأخلاق ، ص 166.

[41] طه عبد الرحمان :سؤال الاخلاق ، ص 166.

[42] المصدر نفسه : نفس الصفحة .

[43] غيضان السيد علي ، مشروع طه عبد الرحمان الفلسفي والحق في الابداع الفكري الاسلامي ، قسم العلوم الانسانية والاجتماعية ، مؤمنون بلا حدود ، مؤسسة دراسات وأبحاث ، ص 1.

[44] طه عبد الرحمان : سؤال الاخلاق ، ص 132.

[45] المرجع نفسه ، ص 113.

[46][46] طه عبد الرحمان : سؤال الأخلاق ، ص 113.

[47] آمال موهوب : القيمة الأخلاقية من منظور طه عبد الرحمان ، ص 144.

[48] خالد حاجي : من مضايق الحداثة الى الفضاء الإبداعي والاسلامي والعربي ، ص 155 ص 145

الاسمبريد إلكترونيرسالة