JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->

أهل الذمة وعلاقاتهم مع المسلمين

خط المقالة

 

تعريف أهل الذمة لغة واصطلاحا


أــ لغة

الأهل في اللغة : أهل الرجل وعشيرته وذوو قرباه[1] ، قال الله تعالى {فَٱبْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ ۦوَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا}[2] ، ومعناه أقرب الناس إليهما. وأهل المذهب من يدين به ،وأهل الإسلام من يدين به ، وأهل الأمر ولاته[3].    

والذِّمة بالكسر: العهد والكفالة ، وهم القوم المعَاهَدون[4]، وتعني أيضا الحماية ، وقد جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم « وذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم»[5] أي بأمانهم .

الذمي :هو غير المسلم الذي تعاقد مع المسلمين على أن يدفع لهم الجزية ، ويكون له ما للمسلمين ، وعليه ما عليهم[6].

ب ــ اصطلاحا

أهل الذمة هم المعَاهدون من النصارى واليهود ، وغيرهم ممن يقيم في دار الإسلام[7]، ويلحق بهم كل من يدين بغير دين الإسلام ، من مشركي العرب ، والمجوس، والشيوعيين ، وعبدة الأوثان ، وعبدة النار[8]، وذلك لقوله تعالى: {قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ولا بِاليَوْمِ الآخِرِ ولا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللَّهُ ورَسُولُهُ ولا يَدِينُونَ دِينَ الحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ حَتّى يُعْطُوا الجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وهم صاغِرُونَ}[9].

وبالتعبير المعاصر: هم المواطنون من غير المسلمين ، في المجتمع الإسلامي[10].

حقوقــهم وواجباتـــــهم

أ-  الحقوق  

العلاقة بين المسلمين وغيرهم من أهل الديانات الأخرى ، وخاصة الكتاب ،مبنية على التعايش السلمي، وبذل المودة ونشر التسامح بينهم، وهذا في حالة السلم، وذلك مصداقا لقول الله تعالى: {لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَم ْيُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ  إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَىٰ إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ(9)}[11] .

1ــ حق الحماية:

       من أهم حقوق أهل الذمة على المسلمين ، سواء دولةً أو مجتمعًا ، فقد ضمنت لهم الشريعة الإسلامية كافة حقوقهم ، وتكفلت بحمايتهم من أي عدوان، أو ظلم قد يتعرضون إليه، أو انتقاص في حق من حقوقهم ، أو تكليفهم بأكثر من طاقتهم ، فقد صح عن النبي ــصلى اله عليه وسلم ــ  أنه قال:« ألا من ظلم معاهَدا أو أنتقص من حقه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئًا بغير طيب نفس فأنا حجيجه يوم القيامة»[12]

     وقد أكد جميع فقهاء المسلمين على ضرورة الوفاء بحماية الذميين ، ودفع الظلم عنهم وفاءً بما التزم به المسلمون، حينما أعطوهم عهد الذمة وبها صاروا في حماية المسلمين[13].   

فدين الإسلام لم يكن دين اضطهاد للأقليات الدينية أو العرقية ، بل يعمل على انصهار جميع طبقات المجتمع مع بعضها ، والمساواة فيما بينها ، للمحافظة على كيان الدولة التي تحمي الجميع دون تمييز ، بعرق ، أو لون ، أو دين .

2ــ حرمة الدم :   أكدت الشريعة الإسلامية على حرمة دماء أهل الذمة ، وشددت النصوص النبوية فــي حرمتها وعدم المساس بها، قال النبي ــ صلى اله عليه وسلم ــ  « من قتل معَاهدا لم  يرح رائحة الجنة  وعن ريحها توجد من مسيرة أربعين  عاما»[14].

واستنادا لهذا الحديث ، أجمع فقهاء الإسلام على أن قتل لمعاهَد من أكبر الكبائر ، وكما حرم الإسلام دماءهم من السفك ، حرم أجسادهم من الضرب ، والتعذيب، حتى ولو تأخروا في أداء واجباتهم المالية المقررة عليهم كالجزية والخراج[15].

3 ــ حرية العقيدة 

     ضمن الإسلام الحرية الدينية لأهل الذمة ، ومنع إكراههم على دخــول دين الإسلام ، وهذا بصريح القرآن الكريم ، قال اله تعالى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيــعٌ عَلِيمٌ}[16] .قال أهل التفسير: لا إجبار لأحد على دخول الإسلام ، فقد ظــــهر الـــحق مـن الباطل[17].

     وبهذا الأمر الإلهي ترك المسلمون للنصارى كنائسهم ، بعد فتح البلاد ولم يتعـــــــرضوا لها، إلا ما كان على طيب نفس منهم ، والدليل على ذلك لما أراد المسلمون توسيع مسجد قرطبة ، اشترى عبد الرحمن الداخل نصف الكنيسة الذي كانوا يتقاسمونه مع النصارى -  برضاهم - ، وأصبح هو المسجد الجامع في قرطبة ، وأذن للنصارى ببناء كنيسة عوضا عن القديمة[18].

أما ما كان على سبيل الدعوة لله دون إكراه إجبار، فذلك أمر أجازه القرآن الكريم ،قال الله تعالى في الدعوة بالحسنى:{ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}[19].

4 ــ الحق في العمل والكسب : جعل الإسلام حرمة أموال أهل الذمة كحرمة دمائهم ، فهم كغيرهم من مواطــــــــــــــني الدولة ، وذلك لحديث النبي  ــ صلى الله عليه وسلم ــ  ( ... أو أخذ منه شيئًا بغير طيب نفس فأنا حجيجه يوم )[20].

وقد قال علي رضي الله عنه : «...إنما بذلوا الجزية لتكون دماؤهم كدمائنا وأموالــــهم كأموالنا... » ، وعلى هذا استقر عمل المسلمين عبر العصور[21] .

     أما ما تفرضه الدولة من ضريبة على تجارتهم ، فإنه في مقابله تفرض على المسلمين دفع الزكاة على نمو أموالهم كذلك ، وقد أجاب الإمام مالك عن هذا التساؤل المطروح بقوله : « وليس على أهل الذمة ولا على المجوس ، في نخيلهم ولا كرومهم ولا زروعهم ولا على مواشيهم صدقة ــ أي زكاة ــ لأن الصدقة إنما وضعت على المسلمين تطهيرا لهم، وردا على فقرائهم ... إلا أن يتّجروا في بلاد المسلمين ، ويختلفوا فيها فيؤخذ منه العشر»[22].

 

 

ب- واجباتـــــــــهم

1ــ الالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية

ونظرا للحقوق التي يتمتعون بها ، فإنهم ملزمون بقوانين ومبادئ الدولة التي يعيشون فيها ، وعدم الخروج عنها ، أو المساس بالشريعة الإسلامية ، وتكمن فيما يلي :

ــ التمرد ونقض العهد المبرم مع المسلمين في عدم الالتزام بدفع الجزية مثلا . ــ التقاتل مع المسلمين بما يوحي الخروج عن الذمة .ــالتجسس على المسلمين وإفشاء ســــــرهم لعدوهم .                                  

ــ المساس بمشاعر المسلمين بسب النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ[23]                         

فالإخلال بواحد من هاته الشروط يعرضهم لنقض العهد معهم ، وتطبيق أحكام الشريعة عليهم ، كل حالة على حدى بما يناسبها من حكم شرعي .

2ــ الإقرار بدفع الجزية :

     الجزية هي الخراج المضروب على رؤوس الكفار ، جزاء الأمــــان الذي أخـــــــــوه من المسلمين رفقا بهم[24] ، وقد فرضها الله عليهم في القرآن الكريم بقوله :{قاتِلُــوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ولا بِاليَوْمِ الآخِرِ ولا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللَّهُ ورَسُولُهُ ولا يَدِينُونَ دِينَ الحَقِّ مِنَ[25] الَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ حَتّى يُعْطُوا الجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وهم صاغِرُونَ}[26].                       

وتجب الجزية على الذمين الذين أبوا الدخول في الإسلام ، وفضلوا البقاء على ديانتهم السماوية التي كانوا يدينون بها من قبل ، بشروط وهي :

 

-       أن يكون مكلفا ، ولا تجب على الصبي ولا المجنـــــون

-       أن يكون ذكرا حرا ، فلا تؤخذ من النساء ولا من العبيد.

-       أن يكون قادرا على دفعها .

وتسقط الجزية على :

- من أسلم .

- وعن الميت[27] .



[1] السيد محمد مرتضى الحسيني الزبيدي (ت 1205هـ ): تاج العروس من جواهر القاموس ، (تح) عبد الستار أحمد فراج ، ط ، مطبعة حكومة الكويت ، ج28 ، 1965 ، ص40

 سورة النساء ، الآية 35.[2]

[3] أبو الفضل جمال الدين بن المنظور(ت 711هـ): لسان العرب ، دار صاعد ، بيروت ، ج11 ، ص 29.

[4] مجد الدين بن يعقوب الفيروز آبادي (ت 817ه ): القاموس المحيط ، (تح) محمد نعيم العرق السوسي ، ط8 ، دار مؤسسة الرسالة ، بيروت ، 2005م ، ص 1110

[5] أبوعبد الله محمد بن إسماعيل البخاري (ت 205هـ): صحيح البخاري ، دار البصائر ، الجزئر،2010م،ص 590. 

6 الصادق الغرياني :  مدونة الفقه الإسلامي وأدلته، دار ابن حزم ، بيروت ، ج2 ، 2008 ، ص 419.

[7] عبد الكريم زيدان :أحكام أهل الذمة والمستأمنيين في دار الإسلام، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، 1982، ص 22.

[8] الصادق الغرياني :  المرجع السابق ، ص 434.

3  سورة التوبة : الآية 29.                                                                 

4  يوسف القرضاوي : غير المسلمين في المجتمع الإسلامي ، ط3 ، دار الكتب القاهرة ، 1992 ، ص 7.          

 

 سورة الممتحنة : الآية 9.[11]

[12] أبو داود سليمان (ت 675ه ): سنن أبي داود ، (تح) شعيب الأرنؤوط ، ط ، دار الرسالة العالمية ، بيروت ، ج4،2008 ، ص 658.

 يوسف القرضاوي : المرجع السابق، ص 11.[13]

أبوعبد الله محمد بن إسماعيل البخاري (ت 205هـ):المصدر السابق، ص 587.  [14]

يوسف القرضاوي : المرجع السابق، ص 14. [15]

 سورة البقرة: الآية 256.[16]

 محمد علي الصابوني :صفوة التفاسير، ط9، دار الصابوني ،القاهرة ، ج1 ، 1976، ص 163.[17]

حسين مؤنس : المرجع السابق ، ص518. [18]

 سورة النحل : الآية 125.[19]

أبو داود سليمان (ت 675ه ):المصدر السابق، ص 658. [20]

يوسف القرضاوي : المرجع السابق ، ص 15. [21]

مالك بن أنس (ت 179ه ): الموطأ ، ط1 ، دار ابن الجوزي ، القاهرة ، 2011 ، ص170. [22]

 الحبيب بن الطاهر : الفقه المالكي وأدلته ، ط1 ، مؤسسة المعارف ،بيروت ، ج7 ، 2009م ، ص 471.[23]

[24] أبوعبد الله محمد بن قيم الجوزية (751 ):أحكام أهل الذمة ، (تح) يوسف البكري ، ط1 ، دار رمادي، السعودية،97 ، ص 11.

[25]  سورة التوبة : الآية 29

[26]  سورة التوبة: الآية 29

الصادق الغرياني :  المرجع السابق ص 434. [27]

الاسمبريد إلكترونيرسالة