يعتبر الفرد جزء من المجتمع الذي يعيش فيه،
فهو يحتاج إلى مساعدة الآخرين خلال مراحل حياته، وتعتبر الأسرة أو مجتمع يتعرف
عليه الفرد لينتقل بعد ذلك إلى مجتمعات أخرى تتوافق وفترات حياته، فيكسب من خلال
عدة مهارات ومعارف وخبرات جديدة تسهل له الاندماج داخل المجتمع الأكبر وأخذ مكانة
اجتماعية مناسبة، ويتمكن من لعب الدور المنوط به حتى يقدم الخدمة لنفسه ومجتمعه.
وخلال هذه
المرحلة ينتقل الفرد من جماعة إلى الأخرى وقد تلتقي هذه الجماعات في فترة واحدة من
حياته وتجمعه علاقات مع أفرادها يتأثر بهم ويتأثرون به، وبالتالي ترسخ فيه قيم
تعارفوا عليها ومعايير اشتركوا في إرساء سمحت لهم بتكوين جماعة واحدة تضمهم من
خلال هذا نحن نسعى إلى إيضاح الدور الذي يلعبه النشاط البدني والرياضي في تنمية
العلاقات الاجتماعية.
يدل مفهوم الجماعة في كتب علم النفس الاجتماعي على أنها "مجموعة من
الأفراد الذين يقيمون علاقات متبادلة فيما بينهم "وقد أولى علم النفس
الاجتماعي اهتماما بالغا بدراسة الجماعات الصغيرة أو المحدودة وذلك اعتمادا على
العناصر الآتية، متابعة الهدف المشترك
الشعور المتبادل، وتوفر العلاقات العاطفية.[1]
ويذكر الدكتوران سعد جلال ومحمد علاوي:
"أن الجماعة عبارة عن فردين أو أكثر يسلكون تبعا للمعايير المشتركة ولكل
منهما دور في الجماعة يؤديه مع تداخل هذه الأدوار مع بعضها البعض، والسعي لتحقيق
هدف مشترك، ويقوم هذا كله على ما يسمى بعملية التفاعل بين الأعضاء.[2]
وعليه يمكن اقتراح التعريف التالي
"الجماعة هي مجموعة اجتماعية معرفة ومهيكلة ، تتميز بعدد محدود من الأعضاء
الذين يقيمون علاقات متبادلة داخلها ويؤيدون أدوار محددة وفقا لمعايير السلوك
والقيم المشتركة أثناء متابعتهم لأهدافهم ".
2/خصائص الجماعة :
هناك خصائص عامة تشترك فيها معظم الجماعات والتي
تتمثل فيما يلي:[3]
- حجم
الجماعة، حيث يتراوح عدد أفرادها بين (8-15) فردا.
- وجود
أهداف مشتركة تضمن لهم إشباع حاجاتهم أو تستجيب لطموحاتهم ومصالحهم.
- وجود
لغة معينة يستطيع الأفراد من خلالها الاتصال ببعضهم البعض .
- تحديد
المراكز والأدوار داخل الجماعة والتي تحدد طبيعة الشخص الاجتماعية التي يحتلها في
التنظيم.
- وجود
التنافس بين الجماعات الذي يعمل على زيادة درجة التماسك.
- شعور
مشترك بين أفرادها بالانتماء لنفس المجموعة .
3/ أنواع الجماعة :
3-1/ الجماعة الأولية :
الجماعة الأولية هي تلك الجماعة التي تتكون
من عدد صغير أو محدود عن الأفراد من (2-10) أعضاء ،فهي جماعة محدودة تتخللها
علاقات المودة وتحدد بالبعد الرقمي الذي يمكن كل واحد منها من الدخول في علاقات مع
الآخرين. وتعتبر الأسرة مثال للجماعة
الأولية فهي، جماعة تجمع بين أفرادها أواصر الصداقة والحب والمعرفة الشخصية
وتربطهم ببعضهم علاقات مباشرة ووثيقة، كما تتوافر فيها علاقة الوجه للوجه والاتصال
الشخصي بين أعضائها وفيما يسود الحب والانصياع لمعايير الجماعة حيث تكون لها قدرة
تطبيقية القواعد الضابطة في سياسة ثواب وعقاب وفقا لسلوك أفرادها [4]
3-2/ الجماعة الثانوية :
أما الجماعة الثانوية فتعرف من خلال مفهوم
التنظيم الذي يضع الأفراد في الأنساق الاجتماعية ويضبط سلوكاتهم بواسطة السلوكات
والتصرفات الرسمية والمواثيق وتتميز علاقات الأفراد في هذا النوع من الجماعات يعدم
التماسك والترابط فيما بينهم مقارنة بالجماعة الأولية فهي "جماعات كبيرة إلى
حد ما لا يتوفر بين أعضائها الطابع غير الشخصي، فعلاقات أفرادها أكثر عمومية ودون
تعمق أو انتظام في اللقاء، ومثلها أبناء الحي الواحد أو المدينة الصغيرة أو القرية
المحددة.[5]
4-1/ مفهوم العلاقات الاجتماعية :
يعتبر مصطلح العلاقات الاجتماعية من أهم محاور
الدراسات في المجال علم النفس الاجتماعي، فهو يشير إلى الموقف الذي من خلاله يدخل
شخصان أو أكثر في سلوك معين أو علاقة ما وفي هذا يقول الدكتور محمد مصطفى زيدان
"أنه يمكن قيام علاقة اجتماعية بين فردين إذا كان وجود أحدهما ونشاطه يؤثر في
تصرفات الفرد الآخر في حالاته النفسية، وعلى هذا يمكن قيام علاقة اجتماعية بين
شريكين أو صديقين بل يمكن أن تقوم علاقة اجتماعية بين غريمين ".[6]
وفي هذا الصدد يذكر الدكتور فؤاد البهي السيد
أن :«العلاقات الاجتماعية تدل على الصلة التي تقوم بين شخصين أو أكثر ».[7]
أو هي كما عرفها الدكتوران خير الدين علي
عوييس وعصام الهلايلي على أنها «روابط تنشأ على أساس التفاعل الاجتماعي، تقوم بين
فرد أو شخصين أو أفراد أو شخصيات أخرى بين الجماعات الاجتماعية لوصفهم ممارسين
لأنواع مختلفة من النشاط، ويمتازون فيما بينهم بمواقفهم الاجتماعية وأدوارهم في
حياة المجتمع».[8]
ومن كل هذا فإن للعلاقات الاجتماعية أثر في
التفاعل الاجتماعي الذي يحدث بين الأفراد في مختلف مجالات الحياة الإنسانية، فلا
بد من وجود علاقات اجتماعية بين الأفراد وهذا بغية الحفاظ على الدعم الاجتماعي حتى
يخفف من حدة العناء ويزيد من الشعور بالسعادة وكذلك يوفر تقديرا للذات والثقة بها
ويولد المشاعر الإيجابية والتآلف والتآزر فيما بينهم.
سنذكر أنواع العلاقات الإنسانية كما قررها
الدكتور "محمد مصطفى" في كتابه (علم
النفس الاجتماعي).[9]
4-2-1/علاقة عرضية :
يتصف هذا المستوى من العلاقات بخلوه من
المؤثرات الثابتة المحدودة ومن أمثلتها الحشد العام من الناس الذين يسيرون في
الطريق العام ولا يكاد يحسون بأي صلة تجمعهم.
4 -2-2/ علاقة طفيلية :
قوام هذا النوع من العلاقات اعتماد كل فرد
على آخر اعتمادا كليا أو ما يقاربه، ومن أمثلتها تطفل الأطفال على أبائهم .
4-2-3/علاقات عامة : ويبدو هذا المستوى في كل علاقة عابرة لا تنطوي
على حق الفرد أو واجب عليه، وتقوم علاقات هذا النوع على بعض الاتجاهات النفسية،
ومن أمثلتها العلاقات التي تنشأ بين زملاء المرحلة خلال أحاديثهم العابرة .
4-2-4/ علاقات متبادلة :
ويقوم هذا المستوى على بعض الاتجاهات النفسية
المتبادلة التي تؤدي إلى المنفعة المشتركة
ويتميز بنوع خاص من التفاهم والارتباط بين الأفراد ومن أثلتها علاقة العامل
بصاحب العمل .
4-2-5/علاقات اجتماعية:
يبلغ مستوى
العلاقات ذروته وغايته حينما يصل إلى المستوى الاجتماعي الصحيح والعلاقات
الاجتماعية بأنواعها المختلفة وهي موضوع دراسة علم النفس الاجتماعي .(فؤاد البهي السيد ، مرجع السابق، ص 75):
5- مستويات
العلاقات الاجتماعية:
إن العلاقات الاجتماعية تختلف من
خلال أساس تكوينها والقيمة التي ترتكز عليها
ويمكن تلخيص هذه المستويات في سبع أنواع
هي:[10]
1- القيادة:هي
تلك العلاقة التي تتصف بالإيجاب حيث يتمتع بها القائد الذي يعتبره المطلقة بالنسبة
للآخرين المنخرطين في هذه العلاقة.
2-التبعية: في هذه العلاقة
يتقبل الأفراد الطاعة وتنفيذ الأوامر والإخلاص في الواجبات وهي نوعان’استبدادية
وتعاونية’ فالاستبدادية يقوم فيها الأفراد بواجباتهم بسبب الخوف وتبعية الآخرين’ أما
التعاونية فيتم التعاون وذلك للطاعة والتقدير الموجود بين الأفراد.
3-الصداقة: هي أحسن
العلاقات لان لها جانبها الرومانسي العميق’فهي صلة تقنية عميقة الجذور عاطفيا’فهي
تمتاز بالمحبة والاحترام والتقدير وهذه العلاقات من العلاقات التي تدوم طويلا بين الأفراد.
4-الزمالة أو التجاور: هي
تلك العلاقات التي يمكن أن تكون بين العامل مع زميله في العمل أو بين التلميذ
وزميله في الدراسة’أو بين الجيران فهي علاقة مرتبطة بعوامل زمنية أو مكانية.
5-الانعزالية: هي تلك
العلاقة التي تظهر البعد المقصود من الفرد فهي عبارة عن إنشاء علاقة نتيجة المشاكل
المختلفة لهذا يحاول الفرد خلق هذه العلاقة لكي ينسى تلك المشاكل.
6-العدوانية: هي اخطر
العلاقات لأنها تؤدي إلى تهديد المجتمع لذلك الصراع الموجود بين أفرادها’وتعتبر
تهديد لكيان الفرد الأخر فهي كره وعداء بين الأفراد.
7-الحيادية:إن الفرد في هذه العلاقة
لايعرف تلك الزعامة أو الزمالة ولا الصداقة والأعداء أو كره’وهو غير انعزالي فهي
علاقة يكون الفرد فيها حياديا ولا يبدي بآرائه نحو الآخرين.[11]
نستنتج مما سبق أن الفرد يكون علاقاته بأشكال
مختلفة وأنها لا تكون دائمة تلك العلاقات التي تمتاز بالمحبة والصداقة والتقدير بل
هناك علاقات مبنية على العداء والكراهية التي تكون خطيرة على الفرد والمجتمع عامة.[12]
6-العلاقات الاجتماعية
في المجال التربوي:
إن أي مجال مهما كان نوعه ومهما
كانت خصائصه إلا وسعى القائمون على هذا المجال أو ذلك إلى تحسين طريقة العمل’ وخلق
جو يحفز على الأداء الجيد’مع الحفاظ على دور كل واحد ومكانته في العمل ’والتربية
البدنية والرياضية باعتبارها احد هذه الميادين من المجال التربوي’فالأساتذة يهدفون
أساسا إلى مساعدة الفرد لاجتماعي السليم مع القدرة على مدى ما يحقق الفرد من صفات
التعاون’وإنكار الذات والقيادة والتبعية وحريته في الرأي تتفق وصالح الجماعة
والمجتمع كله.
والقيادة التربوية احد أهم المطالب
التربوية ’فهي تظهر تلقائيا وتحتاج فقط إلى اتفاق بين الأفراد’وإحساسهم بنوع من
الاستقرار في يد فرد واحد’وللقيادة وظائف متعددة يحددها
"كرتش"و"كرتشفليد" وتتلخص هذه الوظائف في الإدارة والتنفيذ
والتخطيط وإبداء الرأي’والاستشارة للجماعة وتمثيلها لدى الغير’وضبط العلاقات
القائمة بين أعضاءها والثواب والعقاب.
فالقائد يحاول إدارة النشاط
الرياضي وهو وسيلة تربوية للأفراد’بجانب انه وسيلة ترويحية فكل نشاط له
قوانينه’ونظامه يجب على كل الأفراد المشاركين في هذا النشاط أو ذلك باحترامها’هذا
الأمر الذي سيحافظ على أصول اللعبة وإتباع السلوك الرياضي المناسب ’ وبالتالي تتعز
العلاقات الاجتماعية داخل الفوج الواحد’وليس هناك سمات ثابتة للقيادة في كل زمان
ومكان’وإنما لكل جماعة ظروفها وأهدافها ومشكلاتها ’ومن ثم فان لها نوعها للقيادة
التي تصلح لظروفها الراهنة ولا تصلح لغيرها.
متطلبات
القيادة التربوية الراشدة من خلال معطيات عدة منها شخصية القائد(متمثلة في معظم الأحيان
في شخص الأستاذ أو المربي)’وكذا ظروف عمل الجماعة نفسهم فذهنية الانفراد تتطلب
طريقة تعامل معينة’وجب على القائد تكييفها مع المواقف التربوية المختلفة وكذا الأهداف
المسطرة.[13]
إن المجتمع
عبارة عن شبكة من العلاقات تظهر من خلال عمليات التفاعل الاجتماعي كالتنافس
والتعاون والصراع والتمثيل، وهذا لإحداث التوازن والاستقرار في المجتمع من خلال
تبادل الأدوار بين أفراده ، لكن مع الحفاظ على المبادئ المتعارف عليها داخل
الجماعة الواحدة مهما كان نوعها وكذلك السعي لتحقيق أهداف معينة، ومهما اختلفت
البيئة التي توجد فيها الجماعة فإنها تظل محافظة على خصائصها التي تميزها كوجود
أفراد ينتمون إليها تجمعهم علاقات تأخذ أشكالا متعددة من التفاعل في الوسط التربوي
الذي يحدث من خلال ممارسة النشاط البدني والرياضي.
[1] (بوخريسة بوبكر : المفاهيم والعمليات الأساسية في
علم النفس الاجتماعي ، منشورات جامعة باجي مختار عنابة 2006 ،ص42).
[2] ( د- سعد جلال –محد حسن علاوي : علم النفس
التربوي الرياضي ، دار المعارف الجامعية ، ط7 ، 1972، ص429).
[3] (بوخريسة بوبكر – مرجع سابق،ص48،49.)
[4] (د- محمود فتحي عكاشة ، المدخل إلى علم النفس
لإجتماعي ، المكتب الجامعي
الحديث الاسكندرية ،مصر 1997،ص26).
[5] (د- محمود السيد أبو النيل ، علم النفس
الاجتماعي دراسات عربية وعالمية ، مطابع دار الشعب ،1998 ، ص150.)
[6] ( محمد مصطفى زيدان ، علم النفس الاجتماعي ، ديوان
المطبوعات الجامعية ، الجزائر ، ص68.).
[7] ( فؤاد البهي السيد ،علم النفس الاجتماعي ص 208 ).
[8] ( خير الدين عويسي ، عصام الهلايلي ، الاجتماع
الرياضي القاهرة دار الفكر العربي 1997، ص 304 .).
[9] ( مصطفى محمد زيدان ، مرجع سابق ، ص68 .).
[10] فؤاد البهي السيد ،علم النفس الاجتماعي ص 208 ).
[11] (فؤاد البهي السيد، المرجع السابق.ص208).
[12] ( محمد عادل الخطاب,كمال الدين زكي,التربية البدنية
للخدمة الاجتماعية,دار الفكر النهضة العربية,1965,ص 14).