JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->

مدخل مفاهيمي لنظام الزواج

خط المقالة

 

تمهيد:

        يعتبر نظام الزواج ظاهرة اجتماعية وديموغرافية هامة لكونها القاعدة الأساسية لكل بناء أسري ، فهي مرتبطة بشكل كبير بالعادات والقيم السائدة في كل مجتمع ، كما أن الانتماء الديني للأفراد يلزمهم الارتباط بنمط معين، والاختلاف في هذه القيم يؤدي إلى الاختلاف في المفاهيم المرتبطة بالزواج والأهداف المرجوة منه، وبالتالي اختلاف أنماط الزواج التي تميز كل مجتمع عن الآخر.

لذلك كان لابد من وضع الظاهرة في إطار نظري لتقريبنا شيئا فشيئا من إشكالية البحث وبلوغ الأهداف ، وهذا من خلال إعطاء بعض المفاهيم المرتبطة بنظام الزواج  وهذا من خلال التطرق إلى الزواج، وعرض أهم أشكاله، إضافة إلى رؤية الإسلام إلى الزواج، ثم التعرف على ظاهرة تأخر سن الزواج وأهم أسبابه في الجزائر، وفي المطلب الأخير عرضت نبذة عن الزواج الداخلي (زواج الأقارب) في الجزائر وأبعاده وعوامل انخفاضه.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

1- مفهوم نظام الزواج

لقد تم الطرق إلى مفهوم نظام الزواج انطلاقا من عدة زوايا سنعرض أهمها فيما يلي:

1-1- لغة:

- معناه الضّم والتداخل.[1]

- ويعرف المعجم العربي نظام الزواج على أنه: اقتران ذكر بأنثى أو رجل بامرأة بعقد شرعي يقال عنه قران ونكاح.[2]

1-2- اصطلاحا:

1-2-1- من زاوية علم الاجتماع : تعرفه سناء الخولي على أنه : نظام اجتماعي يتصف بقدر من الاستمرار والامتثال للمعايير الاجتماعية ويقتصر على البشر فقط وهو الوسيلة التي يعتمد عليها المجتمع لتنمية المسائل الجنسية بين البالغين وان جميع المجتمعات تفرض الزواج على غالبية أعضائها سواء في الماضي أو الحاضر.[3]

1-2-2- من الناحية القانونية : عرفت المادة الرابعة من قانون الأسرة الجزائري الزواج بأنه : عقد يتم بين رجل وامرأة على الوجه الشرعي ومن أهدافه تكوين أسرة أساسها المودة والرحمة والتعاون وإحصان الزوجين والمحافظة على الأنساب.[4]

1-2-3- الزواج في الدين الإسلامي:  سنة أصلية وضرورية تنظم الحياة والعلاقة الجنسية فمن القرآن قوله تعالى: سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ . (سورة يس: الأية 36)، ومن قول الرسول عليه الصلاة والسلام: "الزواج سنتي فمن رغب عن سنتي فليس مني".

واستخلص من كل هذا أن الزواج هو أساس الوجود البشري اليوم، فمن خلاله يتم الحفاظ على النوع البشري وهذا عن طريق إنجاب الأطفال، ثم إن الزواج هو مصطلح لا يحمل إلا معنى واحد بمجرد تداوله نفهم بأنه تلك العلاقة التي تربط الرجل بالمرأة انطلاقا من عقد معين يتم إبرامه بينهما يختلف إلى عدة أشكال حسب ثقافة وعادات وطقوس وديانة كل مجتمع، ومن هنا سنتعرض إلى أهمها.

 

2- أشكال نظام الزواج

لقد أشارت العديد من الدراسات السوسيولوجية و الأنثربولوجية إلى أن الزواج هو النواة الأولى لتشكيل الأسرة والذي بدوره أخذ عدة أشكال عبر تاريخ البشرية الحافل بالتغيرات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية و السياسية، تم اتفاق معظم هذه الدراسات على وجود خمسة أشكال يتم عليها الزواج نتطرق إليها في ما يلي:

2- -1المشاعية الجنسية (الزواج الجمعي): تذهب الدراسات إلى أن الزّواج كان مشاعا في الحياة البدائية الأولى، ففي هذه المرحلة ساد النظام الزواجى الذي يقوم على الإباحية الجنسية، حيت كانت كل النساء حقا مشاعا لجميع الرجال، وكذا الحال بالنسبة للرجال، فهم حق مشاع بين جميع النساء دون التقيد بنظام يضبط حياتهم الجنسية، فلا وجود لقوانين أو قواعد تنظم ممارساتهم وأنشطتهم في جميع المجالات.[5]

وقد ذكر باخوفن أن النظام الأمي (الأموسي) هو أقدم نظام سارت عليه نظم القرابة والزواج، وذلك نظرا للحياة المشاعية التي كانت تعيشها المجتمعات البدائية، حيث أن المشاعية الجنسية التي كانت تربط الرجال بالنساء يصعب معها تحديد أصول الأبناء من الناحية الأبوية لكثرة الرجال الذين تتصل بهم المرأة، مما يدفعهن بإلحاق الأبناء بنسبهن، وتكون الأم بذلك هي محور القرابة، وذلك ما أكده مورجان أيضا، إذ اعتبر النظام المشاعي في الزواج أول نظام سارت عليه العشائر جميعها، وقد وافق العلامة  فريزر على هذا الرّأي فرأى أنه من الأرجح أن المشاعية الجنسية كانت سائدة عند بعض العشائر في مرحلة ما من مراحل تاريخها، كما جعلت الأم وحدها هي محور القرابة.[6]

إلا أن هذه الحالة لم تدم طويلا لأنها تتنافى وحياة الإنسان وما يجب أن يسودها من استقرار وضبط في كل مجالات  الحياة، حتى يتمكن من الاستمرار فى الوجود وأداء وظائفه وأدواره وفق ظروف مناسبة، هذا ما دعا إلى ضرورة إيجاد طرق أخرى للتواصل بين النساء والرجال، والذي أخذ يتقلص إلى أن اقتصر على التواصل بين جماعات معينة تربطهم علاقات مصلحيه أو قرابية.... إلخ.

2- -2تعدد الأزواج والزوجات معا (الزواج الجماعي): وهو نظام يباح بمقتضاه لجماعة معينة من الرجال أن يعاشروا عددا معينا من النساء معاشرة زواجيه، فكل من الرجال والنساء يتمتعون بحقوق زواجيه متساوية إلى حد ما، ولقد أثبتت البحوث التاريخية والإثنوغرافية وجود عدة ممارسات لهذا الشكل من الزواج في مجتمعات بدائية مختلفة، وقد شاع  وجوده أكثر في قبائل التبت والهملايا، حيث يمكن لطائفة من الرجال أن يتزوجوا طائفة من النساء، ويرى بعض الباحثين القدامى أن هذا النوع من الزواج قد كان منتشرا في المجتمعات السامية البدوية من العرب، فقد ذك سترابون المؤرخ اليوناني أن هذه المجتمعات العربية البدوية عرفت الزواج الجماعي، وفى نفس السياق يضيف  هوايت أن تعدد الأزواج والزوجات كان سائدا لدى القبائل الأسترالية القديمة والهند الجنوبية وهذا ما أكده كل من مورجان و فريزر، كما ذكر بعض المؤرخين أن هذا النظام لا يجوز فيه لأي شخص غريب أن ينظم إلى هذه الجماعة حيث أنه غالبا ما يكون مقتصرا على الإخوة أو الأقارب دون سواهم.[7]

إذ تتصل جماعة من الإخوة والأخوات وتكوّن زواجا جماعيا، أو يتفق بعض الأقارب فيما بينهم من رجال ونساء على الاتصال الجنسي ويكونون بذلك زواجا جماعيا في نسق قرابي.

2-3- وحدة الزوجة مع تعدد الأزواج:

هذا الشكل من الزواج يباح فيه أن يشترك جماعة من الرجال بزوجة واحدة، فتكون حقا مشاعا بينهم، وقد وجد هذا الشكل في عدد كبير من المجتمعات البدائية، ولا تزال تمارس في بعض المناطق مثل أمريكا الشمالية والقبائل التي تعيش في نيجيريا وهنود البافيتسو وقبائل الماركيز، كما أشار العديد من الأنتروبولوجين على وجوده في بعض المناطق من الهند والكاشمير وهو منتشر أكثر بين قبائل التبت وذهب إلى ذلك العلامة فريزر في كتاب  غصن الذهب الكلاسيكي والسبب في التوجه نحو هذا الشكل هو الحفاظ على الميراث، إذ أن الإخوة يتزوجون بزوجة واحدة مشتركة بينهم بقطع النظر عن العمر إذ تتزوج المرأة من الصبي الصغير أحيانا حتى لا يتطلب منهم ذلك تقسيم الأرض التي يرثونها من الآباء.[8]

وفى هذا النظام الاجتماعي يعاشر الأخ الأكبر الزوجة دون أن يجد حساسية لدى بقية إخوته، باعتباره يمتلك السلطة كذلك في تلك المجموعة، و هذا الشكل لا يضم الإخوة فقط بالضرورة، بل قد يضم الأقارب كما أشرنا سابقا، ولكن نادرا ما تجمع المجموعة رجالا لا تربطهم صلة قرابة.

2--4 وحدة الزوج مع تعدد الزوجات:

هو نظام يباح فيه للرجل أن يكون في عصمته أكثر من زوجة واحدة، وقد وجد هذا النظام في كثير من المجتمعات في العصور القديمة وحتى الآن، فأشهر المجتمعات القديمة تميزا بهذا النظام هي المجتمعات العبرية والعربية الجاهلية، أما بعض الباحثين الأنثربولوجيين فقد ذهبوا إلى أن هذا النوع من الزواج تعرفه المجتمعات الأكثر تحضرا و نسبته اليوم تفوق نسبة ظهوره في المجتمعات القديمة، حيث ذكر ذلك كل من وسترمارك و هوبهوس  حيث أضافا بأن هذا الشكل من أشكال الزواج أخذ في الاتساع وستأخذ به العديد من المجتمعات  كلما ازدادت نسبة التحضر،[9] فالعلاقة إذا بين التحضر و ظهور هذا النمط علاقة طردية.

بموجب هذا الزواج يجب أن يوفر الزوج منزلا مستقلا لكل زوجة، وتكون المعاشرة مقتسمة عليهن بالتوالي، أما دواعي انتشار هذا النمط فهو غالبا ما يكون بسبب ارتفاع معدل وفيات الذكور جراء الحروب في مقابل ارتفاع نسبة الإناث، وهذا ما يصدق على بعض  المجتمعات في إفريقيا والمجتمع الإسلامي إلا أن كل مجتمع يضع له أسس وقوانين يتم وفقها ممارسة هذا الزواج.

  يبقى أن نقول أن موقف كل من و سترمارك و هوبهاوس نسبي، فقد لا تكون العلاقة طردية بين النمط التعددي للزوجة و نسبة التحضر ملزمة لجميع المجتمعات المتحضرة ذلك أن نظام تعدد الزوجات يقوم في كثير من المجتمعات على أساس ما يحققه من وظائف عديدة سواء بالنسبة للرجال أو النساء، فعلى الرغم من المميزات التي تصاحب هذا النظام، إلا أن انتشاره في العالم ينحصر في أجزاء محددة، ويكاد يتواجد بنسبة ضئيلة في المجتمعات الصناعية البالغة التعقيد في حياتها المختلفة ، حيث تميل غالبا إلى تفضيل الزواج الأحادي نظرا للتغيير السوسيوثقافي والتعليمي والوعي الذي باتت عليه المجتمعات، حيت أصبح الفرد على مستوى من الوعي إلى درجة التخطيط لمستقبله وفقا للتغيرات الحاصلة وخاصة في المجتمع الحضري الذي تبدو فيه الحياة لا تحتمل إضافات على أعباء الأفراد. وهذا ما دفع إلى خلق نوع آخر من الزواج يتلاءم أكثر مع الحياة البشرية للفرد وهو الذي يجمع رجل واحد بزوجة واحدة وهذا ما سنتعرض له في الفقرة الموالية.

2-5- الزواج الأحادي أو وحدة الزوج والزوجة:

هو النظام الذي لا يصح بمقتضاه أن يكون للرجل أكثر من زوجة واحدة في وقت واحد، ولا للمرأة أكثر من زوج واحد، وقد أخذت به بعض المجتمعات الإنسانية القديمة مثل قدماء اليونان و الرومان، ويسير عليه في العصر الحالي الكثير من المجتمعات لاسيما المجتمع الأوروبي، وذلك بدعوى تحقيق العدل والمساواة بين الجنسين من أجل منح فرص متكافئة لكل فرد في الحصول على زوج(ة)، ولقد بين ذلك صموئيل جونسون بقوله: لا يستطيع الإنسان أن يمتلك زوجتين إلا إذا حرم إنسان آخر من امتلاك زوجة.[10]

إن مثل هذا القول يصرح علنا بأن إتحاد أكثر من زوج يكون تعديا على حقوق الآخرين، كما توصل ميردوك في دراسة إثنوغرافية له أجراها على عينة في مناطق مختلفة من العالم أن نسبة  %24 من مجموع 565 أسرة يسودها الزواج الأحادي، وعلى الرغم من أن هذا الشكل غير منتشر فالديانة المسيحية تجعل منه المثل الأعلى للزواج ونموذجه المثالي، على الرغم من أنه لم يرد في ذلك نص صريح في الإنجيل يحرم تعدد الزوجات حيت يعتبر الزواج الأحادي الشكل الطبيعي للزواج، إلا أنه في ضوء الثقافات المختلفة للمجتمعات يكون نسبيا من حيث تفضيله.[11] كما أن النظم والقواعد الاجتماعية التي تنظم هذا الشكل من الزواج هي في الحقيقة ترتبط ارتباطا وثيقا بنمط الحياة السائد في المجتمع، فقد وضح علماء الاجتماع الذين قاموا بدراسات عن اختيار الزواج أن الأنظمة الزواجية تفرضها طبيعة الممارسة الاجتماعية، ونجد ضمن هذا النظام أنواعا أخرى من الزواج منها ما يسمى بالإنضوائي ومنها ما يسمى الاغترابي، فالأول يفرض الاقتران بأحد أفراد الدائرة القرابية، أين يتم الزواج بين الأقارب فقط، كما ترتبط القيود التي تفرضها نظم التحريم بعوامل أخرى منها العرق والطبقة الاجتماعية... الخ، وذلك بتأكيدها (القيود) على الاعتبارات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية وهو ما سنتطرق إليه في أحد العناصر الموالية، أما الثاني (الاغترابي) فهو يشير إلى الزواج من خارج الدائرة القرابية أين تنعدم القيود والروابط المختلفة التي توجه معايير الاختيار للزوجة.

3- الزواج في الإسلام

يعرف الزواج من حيث الاصطلاح الفقهي على أنّه عقد وضعه المشرع ليفيد اختصاص الرجل بالتمتع بامرأة لم يمنع مانع شرعي من العقد عليها، وحل استمتاع المرأة به.

ويفيد هذا التعريف أن الزواج يحل استمتاع كل من الزوجين بالآخر متى تم العقد ، وأن الزوج يختص بالتمتع بزوجته فلا يحل لأحد أن يتمتع بها ما دام العقد قائما، أما الزوجة فيحل لها التمتع بزوجها دون أن تختص بذلك التمتع حيث يباح له أن يضم إليها ثانية وثالثة ورابعة ، أما هي فلا يحل لها ذلك.

3-1- شرعية الزواج: استخلف الله الإنسان في الأرض بقوله سبحانه وتعالى: وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ . (سورة البقرة- الآية 30)

وجعل منه الزوجين الذكر والأنثى، وأودع في كل منهما ما يجعله يميل إلى الآخر ليتم الازدواج بينهما ويكون من ثمرات ذلك التناسل، ليبقى النوع الإنساني يعمر الأرض.

لكن المولى سبحانه الذي كرم بني آدم لم يتركهم إلى ما تمليه عليهم طبيعتهم وغرائزهم في أمر الازدواج كبقية المخلوقات الأخرى من الحيوانات، بل سن لهم طريقة خاصة تتفق ومنزلتهم بين سائر المخلوقات، فشرع الزواج الذي يختص فيه الرجل بالمرأة التي لا يشاركه فيها غيره ليسلم العالم من شر الإباحة وطغيان الشهوات التي تجعل الإنسان حيوانا لا يعرف رباط العائلة، ولا يفقه معنى الرحمة ولا يفطن لسر المودة فيضيع النسل وتتفكك الروابط والعلاقات بين الآباء والأبناء، لذلك لم تخلو الشرائع السماوية من النظم والقوانين التي تؤدب وتنظم العلاقة بين الجنسين، فقد عنيت آخر هذه الشرائع (الإسلام) بعقد الزواج عناية خاصة، وأضفت عليه قدسية تجعله فريدا بين سائر العقود الأخرى لما يترتب عليه من آثار خطيرة لا تقتصر على عاقديه ولا على الأسرة التي توجد بوجوده، بل يمتد إلى المجتمع، فهو أهم علاقة ينشئها الإنسان في حياته لذلك تولاه المشرع بالرعاية من حين ابتداء التفكير فيه إلى أخر مرحلة منه والتي تكون بالموت أو الطلاق.

 

 

3-2- أهداف الزواج: إن تشريع الخالق للزواج منذ بداية البشرية والعناية التي أولاها بهذا العقد إنما تدل على أهميته الكبرى في حياة الأفراد و المجتمعات، وحيث يعتبر الوسيلة الوحيدة للتكاثر و إعمار الأرض من خلال إباحة العلاقة بين الرجل والمرأة لكن عن طريق عقد شرعي يستوفي كل الشروط والأركان التي سنها المشرع. فالزواج ضرورة شرعية وحياتية لأنه الطريقة المثلى التي يتم بها إشباع الرغبات، وإقامة العلاقات الاجتماعية لاستمرار التواصل بين الأسر لذلك كان الهدف من الزواج هو تحقيق الاستقرار النفسي والاجتماعي، وطلب المودة والرحمة بين الزوجين وتقاسم أعباء الحياة ومسؤولياتها، ومن الأمور البديهية في مبادئ الشريعة الإسلامية أنها حاربت لكونها تتعارض مع فطرة الإنسان وتتعارض مع ميوله، فالزواج في الإسلام فطرة إنسانية يحمي بها الفرد نفسه لذلك كان للزواج أهداف كثيرة بما أنه البداية السليمة لتكوين الأسرة والمجتمع، ومن بينها نذكر ما يلي:[12][بتصرف]

- المحافظة على النوع الإنساني

- المحافظة على الأنساب

- سلامة المجتمع من الانحلال الخلقي وتفشي الرذيلة.

- سلامة المجتمع من الأمراض الناجمة عن الاتصال الجنسي غير المنظم.

- تحقيق السكن الروحي والنفسي.

- تعاون الزوجين في بناء الأسرة وتربية الأولاد.

- تأجيج عاطفة الأبوة والأمومة.

3-3- أركان الزواج في الإسلام (شروط عقده): الزواج هو عقد أو ميثاق غليظ شرعه الله عز وجل على عباده بموجبه يحل لكل من الزوجين التمتع بالآخر وتحقيق أيّ من أهدافه السالفة الذكر، إلاّ أن عقد هذا الزواج في الإسلام لا يتم إلا إذا توفرت مجموعة من الشروط والأركان التي لا يصح إلا بها العقد، والتي تتمثل فيما يلي:

3-3-1- الولي:  وجوده أحد أركان العقد الشرعي للزواج وهو الأقرب للفتاة من العصبة بالنسب، كالأب والجد والأخ والعم ...، ويشترط في الولي كمال الأهلية بالبلوغ والعقل والحرية والذكورة واتفاق دين الولي والمولى عليه، والولي واجب في نكاح القاصرة والبالغة على حد سواء لقوله تعالى : وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ .

(سورة النساء- الآية :25)، ولقوله رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا نكاح إلاّ بولي".

3-3-2- الشاهدان: المراد بالشاهدين هو أن يحضر العقد اثنان فأكثر من الرجال العدول المسلمين لقوله تعالى: فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف وأشهدوا ذوي عدل منكم وأقيموا الشهادة لله ذلكم يوعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ومن يتق الله يجعل له مخرجا (سورة الطلاق- الآية: 2)، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا نكاح إلاّ بولي وشاهدي عدل"، لذلك فعقد الزواج لا يصح إلاّ بحضور شاهدين ويشترط فيهما العقل والبلوغ، وسماع كلام المتعاقدين مع فهم أن المقصود به عقد زواجهما.

3-3-3- صيغة العقد: هي الإيجاب والقبول بين طرفي العقد وهما ولي الزوجة والزوج، ويشترط في الصيغة أن تكون بألفاظ مخصصة تدل صراحة على انعقاد الزواج، وأن يتم الإيجاب والقبول في مجلس واحد دون فاصل بينهما ودون أي اختلاف في المعنى، وصيغة العقد هي قول الزوج أو وكيله في العقد زوجني ابنتك أو وصيتك فلانة، وقول الولي زوجتك أو أنكحتك ابنتي فلانة وقول الزوج قبلت زواجها من نفسي، واستعمال هذه الصيغة إنما تدل على قبول ورضا الطرفين وتوافق إرادتيهما هي الركن الحقيقي لعقد الزواج.

3-3-4 الصداق (المهر): الصداق هو ما يعطى للمرأة لحلّية الاستمتاع بها وهو واجب لقوله تعالى: ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفا (سورة النساء- الآية: 4)، والنِّحلة هو ما يمنح عن طيب نفس دون أن يكون عوضا عن شيء، والمهر في الإسلام لا يعتبر عوضا عن شيء يملكه الرجل في المرأة كما يظن الكثير من الناس وإنما هو آية من آيات المحبة والتقدير، ولم تحدد قيمة المهر في الشريعة الإسلامية بالرغم من وجوبه وإنما ترك أمرا يتفق عليه الطرفان المشتركان في عقد الزواج وذلك حسب قدرة كل شخص وظروفه الاجتماعية والاقتصادية.

4- تأخر سن الزواج في الجزائر وأهم مسبباته

يعتبر السن الأول للزواج المستوى العمري الذي يتوسط أعمار الزواج في بلد ما ، وهو السن الذي يشهد ارتفاعا مستمرا منذ استقلال الجزائر إلى يومنا هذا ، أما السن القانوني للزواج  فهو السن الذي يحدده قانون الأسرة الجزائري حيث يجوز عند استيفائه للشاب أو الشابة الزواج وتكوين أسرة دون مراعاة الأسباب التي تحول دون ذلك، والذي حدده بـ 19 سنة بالنسبة للفتاة و21 سنة بالنسبة للفتى في آخر قانون للأسرة ، ويعتبر تأخراً عن الزواج كلما امتدت الفترة التي بين سن الزواج  القانوني والزواج الفعلي للشباب سواء عند المرأة أو الرجل. والشريعة الإسلامية أو غيرها لم تحدد سنًّا معين للزواج إنما في القوانين الوضعية فقد اختلفت الدول في تحديده وهذا تبعا لاختلاف المعطيات الثقافية والفكرية للمجتمعات، إضافة إلى الظروف الاجتماعية والاقتصادية لكل بلد.

إن متوسط السن عند أول زواج يعتبر مؤشرا رئيسيا لقياس مدى تأخر أو تقدم سن الزواج في مختلف البلدان، فظاهرة عزوف الشباب على الزواج أو تأخيره استفحلت بشدة عبر الوقت وخاصة في الجزائر منذ الاستقلال إلى يومنا هذا، وهو ما أكدته العديد من الدراسات والإحصاءات الديموغرافية والتي تشير برمتها  إلى أن السن المتوسط للزواج في ارتفاع متواصل،  وهذا ما يوضحه الجدول الذي استقريئته من خلال بعض الإحصائيات الوطنية من 1977 إلى سنة 2006.

الجدول رقم (02): يوضح تطور سن الزواج الأول عند كلا الجنسين من 1977 إلى غاية 2006 حسب استقراء الإحصائيات والتحقيقات الوطنية.

الجنس

1977

1984

1985

1987

1992

1998

2002

2006

ذكر

25.3

27.2

27.1

27.6

30.1

31.3

33

33.5

أنثى

20.9

21

22

23.7

25.9

27.8

29.6

30

- المصدر: مستقرأ من مختلف الإحصاءات الوطنية الموجودة في المراجع المعتمدة.

يلاحظ من الجدول أن سن الزواج الأول في ارتفاع رهيب، و بالمقارنة بين أول تحقيق وطني حول سن الزواج الأول الذي أجري في سنة 1977 وآخر الإحصائيات التي أجريت في سنة 2006 نجد أن الفارق لكلا الجنسين يصل إلى حوالي ثمن سنوات ونصف (08.5) بالنسبة للذكور و عشر(10) سنوات بالنسبة للإناث.

ومن خلال هذا فقد دعت الضرورة إلى دراسة ظاهرة تأخر السن الأول للزواج لارتباطها بعدة ظواهر أخرى قد تخل بالتوازن الديموغرافي للمجتمع وخاصة منها الخصوبة ، ووجب معرفة توجهاتها وكشف مسبباتها والتي ترجعها الكثير من الأبحاث إلى عوامل مختلفة أهمها:

4-1- التعليم: يعتبر التعليم و لا يزال من أهم المحددات والعوامل المساهمة في تطور الخصوبة، وهو لا يقل أهمية في تأثيره على سن الزواج الأول خاصة بالنسبة للمرأة. فحسب دراسة جاك فالين التي أجراها في الجزائر سنة 1970 عن المحددات السوسيواقتصادية المؤثرة على سن الزواج عند النساء تبين أن التعليم يبقى العامل الأكثر تأثيرا على هذا المؤشر وقد ميز هذا الباحث بين عاملين مؤثرين، الأول مباشر وهو أن طول فترة تمدرس الإناث قد يؤخر سن زواجهن لسنوات عديدة، أما العامل الثاني فهو غير مباشر ويكمن في أن المرأة كلما زاد مستواها التعليمي كلما قل تأثير العادات والقيم الاجتماعية المرتبطة بالزواج المبكر عليها، واتسعت دائرة الحرية في اختيار الشريك المناسب لها في التوقيت المناسب لها.[13]

بالحديث عن الجزائر نجد أنه حسب نتائج التحقيق الوطني الديموغرافي لسنة 1969/1970 تبين أن هناك اختلافات مهمة في سن الزواج الأول حسب مستوى التعليم وحسب الجنس، والتباين كان أكبر بالنسبة للنساء حيث بلغ سن الزواج عند الأميات حوالي 18.5 سنة بينما وصل إلى حدود 24 سنة عند المتحصلات على المستوى الثانوي أو العالي أي بفارق خمس سنوات تقريبا، ومع مرور السنوات زاد سن الزواج عند كل الفئات والمستويات التعليمية لكن مع استمرار الفروق والاختلاف بين مستوى و آخر، ومن خلال المقارنة بين التحقيقين الوطنيين لسنتي 1992 و 2002 بينت النتائج أن سن الزواج الأول يرتفع مع زيادة المستوى التعليمي للإناث والذكور أيضا.وهذا ما سنوضحه في الجدول التالي:

الجدول رقم (03): يبين تطور سن الزواج الأول لكلا الجنسين حسب المستوى التعليمي  في الفترة بين 1992 و 2002

Féminin

masculin

Niveau d'instruction

2002

1992

2002

1992

23.3

23.6

31

27.4

Analphabète

28.7

25.6

32.2

29.7

Lire et/ou écrire

29.3

25.6

33.4

31

Primaire

30.7

26.9

33.2

30.9

Moyen

33.2

30.3

35.5

31.6

Secondaire et+

29.6

25.9

33

30.1

total

        - المصدر: التحقيق الوطني حول صحة الأسرة لسنة 2002 [14]

يتضح من خلال الجدول أن سن الزواج الأول لكلا الجنسين بين تحقيقي 1992 و 2002 وعلى جميع المستويات الدراسية قد ارتفع خلال هذه العشرية ولكن حدته تبدوا أكثر عند النساء التي لا يقل أدنى مستوى من الفارق بين التحقيقين عن 3 سنوات عدا في الفئة الأولى للتحقيق.

وحسب آخر تحقيق للديوان الوطني للإحصاء ووزارة الصحة الذي أجري سنة 2006 بهدف معرفة وضعية النساء والأطفال في الجزائر تبين أن سن الزواج الأول عند كلا الجنسين مستمر في الارتفاع بالمقارنة مع تحقيق 2002 فقد بلغ عتبة 33.5 سنة عند الذكور مقابل 30 سنة عند الإناث. وإذا ما ربطناه بالتعليم نجد أن الكثير من الشباب من الجنسين يلتحقون بالمراحل العديدة للتعليم بالإضافة إلى سنوات أخرى للتخصص ثم البحث على الاستقرار المادي وهو ما يجعل الزواج من آخر أولوياتهم.

4-2- التحضر: لقد أشارت مجمل الدراسات والتقارير إلى أنه هناك عدّة عوامل أخرى إلى جانب التعليم لها أثر بالغ على تغير التركيبة الديموغرافية للمجتمع الجزائري، وخاصة فيما يتعلق بالأسرة والزواج وتأخر السن الأول للزواج لدى الشباب، والتي نذكر منها الظروف المادية الصعبة التي صاحبت التغيرات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في الجزائر، والتي من أبرز صورها التحضر.

إن مفهوم التحضر يختلف كثيرا حسب وجهات النظر المتعددة وحسب الزمان والمكان، فمن وجهة نظر الديموغرافيين التحضر يعني زيادة تمركز السكان في منطقة معينة مما يوسع حجم سكان الحضر، في حين أن النظرة الاجتماعية ترى بأن التحضر هو عملية اجتماعية تشمل التغير في عادات وتقاليد وسلوكيات السكان الاجتماعية وهي خصائص تميز الحياة الحضرية، وتلعب هذه التغيرات في أنماط المعيشة دورا مهما في تطور الحالة الزواجية للسكان وكذا المؤشرات المرتبطة بها، فحسب المعطيات الإحصائية للتعدادات السكانية للجزائر تبين أن هناك اتجاه واسع لحركة السكان من الريف نحو المدن، فقد سجلت نسبة الإقامة بالمناطق الحضرية قفزات كبيرة حيث انتقلت من 20% إبان الثورة التحريرية إلى 30% في أول تعداد عام 1966 ثم 50% سنة 1987 لتصل إلى 60% سنة 1998 وقد تصل إلى حدود 80% حسب تقديرات لتعداد 2008، وبذلك فإن معدلات زيادة سكان الحضر سجلت نسبا عالية تفوق معدل الزيادة الطبيعية للسكان.

فخلال ثلاثين سنة ما بين أول وآخر تعداد سكاني (1966-1998) عرفت نسبة زيادة التحضر تضاعفا يفوق 4.6 مرات حيث انتقل عدد السكان من 3.7 إلى 17.1 مليون نسمة.[15]، ومن جهة أخرى فإن شبكة المدن الحضرية عرفت هي الأخرى زيادة ملحوظة كما شهدت بعض المدن تضخما كبيرا في عدد السكان ما انعكس على قدرة هذه الأخيرة في توفير كل متطلبات الحياة الحضرية لكل الأفراد.

 فخلال الفترة الممتدة بين 1966 و1977 ارتفع عدد المدن من و96 إلى 211 وهو ما أدى إلى توزيع سكاني غير عادل، فالمناطق الحضرية والمدن الكبرى تزداد تضخما في حين يقل عدد سكان الريف نتيجة لحركة الهجرة الواسعة. فحوالي 25 مدينة كبرى من تلك التي يفوق عدد سكانها 50000 نسمة يقطنها حوالي 63% من مجمل السكان القاطنين بالحواضر.[16]

إن ظاهرة نمو المدن بهذا الشكل الكبير لا تنفرد بها الجزائر فقط وإنما العديد من دول العالم الثالث ولا بد من التأكيد على أن النمو المفرط والزائد لسكان الحضر لم يأت نتيجة لحركة التصنيع والنمو الاقتصادي كما حدث في الدول الأوربية، وإنما كان نتيجة لعوامل مختلفة منها لجوء سكان الأرياف وخاصة فئة الشباب إلى المدن بحثا عن العمل وتحسين ظروف الحياة.

إن التحول الكبير إلى نمط الحياة الحضرية وما يتبعها من متطلبات واسعة للعيش كان له أثر كبير على تغير نموذج الحياة في الجزائر فتعقيدات الحياة الحضرية ألزمت الشباب في كثير من الحالات إلى تأخير زواجهم لأعمار متقدمة جدا، فتوفير فرص التعليم والتكوين والعمل خاصة للنساء من أهم مميزات الحياة في المدن وهي بذلك تفتح أبوابا عديدة لتحسين ظروف الحياة وتمنح المرأة الاستقلالية الاقتصادية مما يحررها من بعض القيود والقيم الاجتماعية وخاصة المرتبطة بالزواج سواء في توقيته أو في الاختيار المناسب للشريك، لذلك يمكن الوصول إلى نتيجة فحواها أن الحياة في المدن أو التحضر تؤدي إلى تراجع سن الزواج عند الجنسين بنسبة أكبر من الريف، مع الاتفاق على أن الزيادة في هذا المؤشر لامست في الآونة الأخيرة المناطق الريفية أيضا ولكن ليس بنفس الدرجة.

وكمثال على ذلك لدينا الجدول التالي الذي يوضح لنا مدى ارتفاع سن الزواج الأول لكلا الجنسين حسب منطقة السكن (ريف- حضر) فقط لعشرية واحدة.

الجدول رقم (04): يبين تطور سن الزواج الأول لكلا الجنسين حسب محل الإقامة في الفترة بين 1992 و 2002.

Féminin

masculin

Milieu de résidence

2002

1992

2002

1992

30

26.9

33.7

31.2

urbain

29.1

24.5

31.9

28.8

rural

        - المصدر: التحقيق الوطني حول صحة الأسرة لسنة 2002[17]

يبين الجدول تطور السن عند أول زواج للذكور والإناث حسب محل الإقامة في التحقيقين الوطنيين 1992 و 2002، والملاحظ من النتائج أن سن الزواج الأول يكون مرتفع في الوسط الحضري عنه في الوسط الريفي، ففي سنة 1992 كان المؤشر عند الذكور حوالي 31.2 في المناطق الحضرية بينما سجل معدل أقل في الوسط الريفي وهو 28.8 سنة بفارق 2.4 سنوات، ونجد تقريبا نفس الفارق حصل عند الإناث، غير أن هذا المؤشر اليوم يتجه نحو التقارب بين الوسطين وهو ما أكده تحقيق 2002 حيث سجل الفارق نسبة 1.8 عند الذكور و0.9 فقط عند الإناث.

لعل الاختلافات القائمة بين الريف والحضر مرتبطة بالقيم والمعايير الاجتماعية والثقافية والاقتصادية المميزة لكل وسط، ففي الريف ما تزال العادات والتقاليد تشجع على نمط الزواج المبكر خاصة عند الإناث، في حين أن الحياة في المدينة بكل متطلباتها تؤثر على قيم الزواج التقليدي وتلبسه طابعا جديدا يتماشى مع التصورات والمتطلبات المتجددة عن الحياة الحضرية، خاصة مع الغزو الفكري الغربي لمجتمعاتنا العربية التي أصبحت ترى في النموذج الأوروبي للأسرة المصغرة مثالا للحياة المتقدمة.[18]

 

 

 

 

 

5- الزواج الداخلي (زواج الأقارب) في الجزائر أبعاده وعوامل انخفاضه:

كما سبق وأن أشرت فإن للزواج ـــ حسب العديد من الدراسات والأبحاث السوسيولوجية والأنثروبولوجية ـــ قدسية كبيرة في جميع المجتمعات، حيث توليه أهمية كبيرة وتعدّ له نظما وطقوسا تختلف باختلاف ديانة و ثقافة كل مجتمع عن الآخر. ولعلّ من بين أبرز الخطوات في الزواج التي تحكمها النظم الاجتماعية في بعض المجتمعات مرحلة اِختيار الشريك المناسب للزّواج، حيث أن هذه الخطوة تعدّ ركيزة الحديث عن الزّواج كلّه، وهي ترتبط ارتباطا وثيقا بثقافة المجتمع. وهنا نجد شكلين للاختيار سبق وأن أشرنا إليهما يتمثلان في الزّواج الاغترابي (الخارجي) وهو اختيار الزّوجة من خارج الجماعة، والزواج الإنضوائي كما يسمّيه بعض العلماء، أو الزواج الداخلي (زواج الأقارب) وهو أن يقع اختيار الزّوج على أحد قريباته أي داخل الجماعة التي ينتمي إليها ثقافيا أم دينيا أم اجتماعيا واقتصاديا.

إن العديد من المجتمعات والأسر العربية عموما والمجتمع الجزائري خصوصا ينتشر فيها هذا النوع من الزواج ولكن بمعدلات مختلفة،  و في صدود الحديث عنه لا بد أن نشير إلى أن اختيار الزوجة فيه لا يرجع عادة للزوج وحده فقط، فلقد أوضحت الدراسات سواء تلك التي قام بها علماء الأنثروبولوجيا أو علماء الاجتماع، أن الزواج ليس مجرد تعاقد بين فردين، ولكن يعتبر في نفس الوقت تعاقدا بين أسرتين، وفي هذه الحالة غالبا ما تسر الأسرة على أن يتزوج أبناؤها بأفراد يماثلونهم في العقيدة الدينية وفي عضوية الجماعة وفي المكانة الاقتصادية الاجتماعية.[19] وهنا عادة ما ترجع أسرة الزوج إلى أقرب الأسر (نفس الحي، أو القرية، القبيلة أو العرش) التي تراها تناسب ابنها لمصاهرتها حيث تكون على دراية بمستوى هذه الأسرة وثقافتها وسلوكيات وأخلاق ابنتهم التي يرونها تلاءم ابنهم، مع النظر إلى أن هذا الزواج سيقوي الأواصر و الروابط بين الأسرتين، وهذا الطابع كان الأكثر انتشار في الجزائر وخاصة في المناطق الريفية إلى فترة قريبة من الزمن.

إضافة إلى مراعاة عامل التناسب والتوافق بين الأسرتين فقد كانت هناك مجموعات اجتماعية عبر الزمن وفي مختلف المناطق من العالم تراعي عوامل أخرى منها ما يتمثل في المحافظة على نسل أو ميراث الأسرة، أو ديانة مجموعة معينة و حضارتها بأن لا تندثر، ولتحقيق ذلك كان لابد من التشجيع على الزواج من داخل هذه المجموعة التي كثيرا ما تصل نظمها إلى تحريم الزواج من خارجها.

 

 

 

 

 

5-1- أبعاد الزواج الداخلي (زواج الأقارب):

إن الزواج الداخلي بكلّ أشكاله كان إلى وقت غير بعيد الزواج المفضل في المجتمع الجزائري، حيث حضي بقيمة مهمة في ثقافة مجتمعنا لما له من أبعاد تتركز إيجابيتها أكثر في الجانب الاجتماعي، والتي يمكن حصرها إضافة إلى بعض الأبعاد الأخرى فيما يلي:

- تركيز الثروة وعدم بعثرتها في حالة الأسر الغنية وتهدف من هذا النوع من الزواج إلى الاحتفاظ بالثروة داخل الأسرة، ويعلل هذا أن المرأة عند زواجها- في المجتمع الإسلامي الجزائري- تنقل ميراثها إلى رجل داخل الأسرة كأن يكون ابن عمها مثلا، أو أن ترث من أهل الزوج ويمكن أن يرجع ميراثها إلى أهلها إن كانت خارج العائلة في حالة وفاة الزوج، أما إذا كانت من داخل العائلة كابنة العم فإن ميراث زوجها سيعود إلى عمه فقط ولا يتنقل إلى عائلات أخرى.

- لا تسمح العادات والتقاليد والقيم التقليدية والإسلامية للأسر الجزائرية المحافظة بتكوين أو إنشاء علاقات موسعة بين الشباب من الجنسين، تلك العلاقات التي تتيح فرص اللقاءات التي يتم فيها الحديث والتفاهم مع أبناء وبنات خارج العائلة قصد الزواج ، مما يضيق دائرة تعارف الشباب على البنات والتي قد تنحصر فقط على بنات الأقرباء.

- الزواج من الأقارب أكثر ضمانا وتجنبا للطلاق، هذا لأن الزوجة القريبة من العائلة تكون أكثر تكيفا معها ولا تجد أي صعوبة في الاندماج معهم.

- العلم بأخلاق الفتاة، فزواج الأقارب تمهد له عدة عوامل منها أن الزوج يكون على دراية تامة بسلوك قريبته ، وثقافتها وميولاتها، وكثيرا ما كانت تسمى البنت لأحد أقربائها منذ ولادتها (أن يقال فلانة لفلان) وهذا ما حدث كثيرا في بعض الأسر.

- ترى الكثير من الأسر أن زواج الأقارب وسيلة للمحافظة على وشائج القربى وتقوية لأواصر المحبة والوحدة، وفيه تماسك للأزواج بأقربائهم أكثر من أن يكون الزواج من غير الأقرباء.

- ومن العوامل التي تكرس نمط الزواج الداخلي سهولة التفاوض على أمور الزواج وتوابعه، كقلة المهر الذي يطلبه أهل الزوجة مثلا فقد يراعى فيه ظروف الزوج و اِعتبارات القرابة أو الدم.

_ المكانة الاجتماعية لبعض الأسر من علم أو مال أو جاه أو نسب حيث يتبع الزواج الداخلي الذي يرمي إلى المحافظة على نسب العائلة ومكانتها.

- الخصائص البيولوجية لأسرة معينة كالجمال، أو الذكاء إلى غيرها من الصفات التي عادة تجعل الأسرة تحبّذ الحفاظ عليها، مما يشجعها على الزواج من داخل الأسرة التي تحمل هذه الخصائص.

من هنا يمكنني القول أن الاختيار الزواجي منذ القدم كان للأسرة يد فيه إلى حد كبير ، إلاّ أنه في زماننا الحاضر وخاصة في الجزائر فقد تراجع دور الأسرة في عملية الاختيار وتقلص كثيرا، وخاصة مع مختلف التغيرات الاجتماعية و الثقافية والاقتصادية وهذا ما صاحبه انخفاض في معدلات انتشار الزواج الداخلي.

5-2- عوامل انخفاض معدلات الزواج الداخلي (زواج الأقارب) في الجزائر     

5-2-1- العوامل الصحية: لقد كثر الحديث عن علاقة زواج الأقارب بالأمراض الوراثية في الأبناء، وهذا ما أكده التقدم العلمي في علوم الوراثة في عصرنا الحاضر، وما صاحب ذلك التقدم من اكتشاف لكثير من الحقائق العلمية و التي لم تكن مفهومة في العصور الماضية، ولحدّة هذا الموضوع كان لابد أن نشير إلى العوامل الصحية أولا والتي أدت بالفعل إلى نقص كبير في معدلات هذا النوع من الزواج نتيجة التخوف من مخلفاته.

وحتى نفهم هذا الموضوع فهما علميا نحاول أن نفهم أولا الأسس العلمية التي على أساسها تنتقل الأمراض الوراثية من الآباء إلى الأبناء. فالدراسات العلمية البيولوجية أوضحت أن المنطقة الرحمية في الرحم تتكون من أمشاج الذكر والأنثى، وتحمل تلك الأمشاج العوامل الوراثية من كل من الأب والأم، وهكذا تنتقل الصفات الوراثية من الآباء إلى الأبناء والأحفاد.[20]

إن الزوجين القريبين من بعضهما يحملان الجينات التي ورثاها عن والديهما الذين يكونون أكثر قرابة من الزوجين، والتي يمكن أن تكون جيناتهم متماثلة، وهنا إذا كان كلا من والدا الزوج ووالدا الزوجة قد ورّثوا نفس الجينات السلبية لأبنائهم عندها تكون التشوهات الجسمية والعقلية للأبناء، هذا لأن الأبناء يحملون نفس الطفرات التي يرثونها عن الأب وعن الأم فكلاهما مورث.

والأمراض الوراثية تنتقل من جيل إلى آخر، وتتميز الأمراض الوراثية بوجود عطب أو تلف (طفرة) في كلا نسختي المورث، إن الشخص الذي لديه نسخة تالفة واحدة فقط لا يصاب بالمرض، بل يكون حاملا للمرض أو حاملا لمورث تالف، ويطلق على هذا الشخص بالحامل والسبب الذي يجعل حامل المرض غير مصاب مع وجود الطفرة أو التلف في إحدى مورثاته هو وجود نسخة سليمة أخرى تفي بأداء المهمة وسد النقص.[21]

        لقد أثبت العلم الحديث الذي تناول موضوع القرابة بين الزوجين والآثار الصحية الناجمة عن زواجهما وجود عدة أنواع من الأمراض أهمها على سبيل المثال لا الحصر: الثلاسيميا (فقر الدم)، التخلف العقلي، فقر الدم المنجلي، بعض التشوهات الخلقية الناتجة عن ضعف الخلايا ونقص أنزيمات معينة ، أمراض التكيس الرئوي الوراثي، وأمراض الجهاز العصبي الوراثية التي تشمل ضمور المخ والمخيخ وأمراض الصرع المستعصية.

إن العامل الصحي في عصرنا الحديث كان عاملا بارزا في التقليص من حدة ظاهرة زواج الأقارب  وخاصة مع زيادة الوعي الثقافي والديني للمجتمعات خاصة وأن الدين الإسلامي يحثنا كذلك على التباعد وهذا مصداقا لحديث النبي علي الصلاة والسلام: "تباعدوا تصحّوا"، إضافة لتغير المستوى الثقافي للأفراد في مختلف المجتمعات وهذا ما يجعلنا نسلط الضوء على أحد العوامل الأخرى وهو العامل السوسيوثقافي.

5-2-2- العوامل السوسيوثقافية: ترتبط هذه العوامل بعدة مؤشرات منها العمل والتعليم اللذان أصبحا من مؤشرات الحياة الحضرية فالجزائر كغيرها من الدول وضعت سياسة معينة للقضاء على الأمية والجهل الذي خلفه الاستعمار فعممت التعليم المجاني في مختلف المناطق الريفية والحضرية ولكلا الجنسين وخاصة بعد الاستقلال، وهنا وجد الأبناء أنفسهم مجبرين على إرسال أبنائهم إلى المدارس مع وجود تحفظ عند بعضهم في تعليم البنات وخاصة في مراحل متقدمة منه لعدة اعتبارات، وهو ما نلاحظه من تدني في نسبة المسجلات في المؤسسات الثانوية والعليا في إحصاءات على المستوى الوطني لسنة 1973 التي قدرت بـ: 24.4% مقارنة مع الذكور 37.66% مثلما أشار إليه مصطفى بوتفنوشات.

رغم هذا التحفظ والصعوبات التي واجهت المرأة الجزائرية في الخروج للتعليم وبعده إلى العمل، إلا أن الفتيات اتجهن إلى التعليم ولو لبضع سنوات محدودة، وهذا التحدي كوّن لهن فضاءات للتعارف وتكوين علاقات مع الجنس الآخر مما وسع لهن مجال الاختيار للزواج والخروج من نطاق العائلة وسيطرتها. حيث تشير معطيات الديوان الوطني للإحصاء أنه في سنة 1984 بلغت نسبة المتزوجات من الأقارب ذوات المستوى التعليمي الجامعي 35% واللواتي لهن مستوى ابتدائي 43% في حين كانت نسبة الأميات 65% من اللواتي يقبلن على هذا النمط من الزواج.[22]

هذه النسب تشير إلى أنه كلما ارتفع المستوى التعليمي للفتاة كلما قل اتجاهها نحو زواج الأقارب وذلك وعيا منها بمخاطره الصحية على الأبناء وعلى ما يتضمنه من مساوئ اجتماعية كضيق دائرة التعارف، وقد برز هذا التوجه الجديد بصفة ملحوظة في الوسط الحضري في اختيار القرين خاصة عند فئة الموظفين والمثقفين أكثر من غيرهم ، فالعامل الثقافي كان له أثر كبير في انخفاض نسبة الزواج القرابي وفي إدخال مفاهيم وقيم ومعايير جديدة لم تعرفها الأسرة الجزائرية من قبل على حد سواء، وهو ما صاحبه تبلور كبير لفكرة الاختيار الحر للشريك الذي بدأ يبرز أكثر فأكثر في الجزائر بعد الاستقلال وخاصة في المدن والأوساط الحضرية، وهذا يعود إلى التحرر النسبي لدى أفراد المجتمع من العصبية العشائرية (القبلية) والضغوط العائلية، خاصة مع جملة التحولات التي شهدها المجتمع الجزائري في نمط المعيشة ونمط السكن والعمران حيث أصبحت المدينة تعجّ بمختلف الأصناف من المجتمع وامتزجت الثقافات وانصهرت تلك القومية فيها، ولعل النمط العمراني الأفقي الذي كان من مميزات الوسط الحضري سمح كذلك للأسر بصفة غير محسوسة بالتفتح على بعضهم البعض وأصبحوا يميلون إلى التعايش مع من ليسوا منهم، إضافة إلى ذلك لا بد أن نشير كذلك إلى عامل آخر وهو الحراك الاجتماعي والمتمثل في الهجرة والحركة السكانية من الأرياف إلى المدن وما يصاحب ذلك من تحولات في المهنة وأساليب الحياة ونمط المعيشة للأفراد، وما انجر عنه من دفع للعلاقات الأسرية إلى النزوع نحو الفردية والقضاء على روح الجماعة وتقلص حجم العائلة.

إن التحول الكبير في بناء الأسرة الجزائرية وتغير الأنشطة الاجتماعية والاقتصادية وتبدل العلاقات الاجتماعية التي أصبحت تتجه أكثر نحو الرسمية، كل هذا أثر على العلاقات القرابية وذلك من خلال توزع العائلات في المجال الجغرافي إلى أحياء متباعدة تحت تأثير العمل والسكن، ما أدى إلى تقلص في فرص التقاء وتجمع الأقارب وهو الشيء الذي يدعم الزواج من خارج العائلة والدائرة القرابية، إضافة إلى أن الحياة الحضرية تعطي فرصا كثيرة للشباب والشابات للتعارف فيما بينهم مما يساعدهم في ضوء هذه الحرية على مراعاة الميل العاطفي للشاب أو الشابة لاختيار الشريك و التفاهم معه في جميع خطوات الزواج  وموعده قبل أن يُعقد حتى تتضح الرُّؤى بينهما وتتقلص دائرة الاختلاف فيما بعد، ليأتي دور العائلة أو الأسرة بعد ذلك في إبداء الرأي وتوضيح بعض النقاط والإعداد لإقامة حفل الزفاف.

5-2-3- العوامل الاقتصادية: لابد من الإشارة إلى أن هناك تداخل وتقاطع كبير بين العوامل السوسيوثقافية والعوامل الاقتصادية هذا لأن مختلف الظروف والتحولات التي شهدها المجتمع الجزائري مسّت كلا الجانبين، فتغير نمط الحياة في أي مجتمع يلحقه تغيّر في النمط الاقتصادي له، وهذا ما نلاحظه في المجتمع الجزائري وخاصة في الأوساط الحضرية فالتعليم والعمل المتساويان فرصهما لكلا الجنسين في الجزائر صاحبهما تغير في نموذج الحياة الاقتصادية للأسرة حيث أصبح بمقدور النساء المشاركة في الدخل العائلي وتغيير الميزانية داخل الأسرة، وهذا نتيجة دخولها لسوق العمل وهو ما جعلها ترقى إلى مكانة اجتماعية عالية حيث اتسعت دائرة مشاركتها في عمليات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، حيث عملت في الدواوين والمكاتب ومناصب قيادية وأصبحت تشارك في العمل الاجتماعي والسياسي وقد وصلت إلى مناصب وزارية وتنفيذية وقضائية.

إن خروج المرأة للعمل كان استجابة لعدة ظروف وارتبط بدور السياسيين والمفكرين الذي نادوا بضرورة مشاركة المرأة في النشاط الاقتصادي وفي الحياة العامة كما ارتبط بالعمل السياسي الذي فرضت نفسها من خلاله، بالإضافة إلى دور التصنيع الذي يمثل العامل الأكثر أهمية لدفع المرأة الجزائرية إلى العمل، ومن هنا فإننا نقول أن عمل المرأة الجزائرية خارج البيت والتفتح على العالم الخارجي مكن من تغيير قيم كثيرة لديها حيث أتاحت لها فرصة الاستقلال الاقتصادي وتحقيق المساواة بين الجنسين والذي ساهم إلى حد كبير في خروجها من الضغط الاجتماعي والعائلي وخاصة فيما يتعلق بالزواج وبالتالي التخلص من فكرة إجبارية الزواج القرابي وهذا ما أدى إلى انخفاض معدلاته في الوسط الحضري.

 

 

خلاصة:

لقد حاولت في هذا الفصل ومن خلال مطالبه الخمسة تسليط الضوء على موضوع نظام الزواج وما يحيط به من العناصر التي تخدم موضوع دراستي كتأخر سن الزواج وزواج الأقارب وخاصة في الأسرة الجزائرية، وهذا بعد إعطاء مفاهيم أوسع حول الزواج، وتبيان أشكاله الخمسة، وتناوله من زاوية الدين الإسلامي ورؤيته للزواج الذي يقدسه ويحدد له أركان تم الحديث عليها، كل هذا حتى أضع مقاربة سوسيولوجية ليتسنى لي الغوص في البحث مع رؤية حادة، والتي استشفها من خلال الجانب النظري، وبعد تبيان ما سبق سأتناول في الفصل النظري الموالي عامل التحضر لارتباطه الوثيق بمجال دراستي البشري وهو الأسرة الحضرية.



[1] توفيق الواعي: استراتيجيات في تربية الأسرة المسلمة، دار الخلدونية للنشر والتوزيع، الجزائر، 2006، ص 45.

[2] محي الدين صابر: المعجم العربي الأساسي للناطقين باللغة العربية ومتعلميها، المنظمة العربية للتربيةو الثقافة، تونس، 1986، ص 561.

[3] عطا الله فؤاد الخالدي ، دلال سعد الشاذلي : الارشاد الأسري والزواجي ، دار الصفاء ، عمان ،2008، ص81.

[4] وزارة العدل ،قانون الأسرة ، المادة الرابعة ،الجزائر :الديوان الوطني للأشغال التربوية ،الطبعة الثالثة ،2002 ، ص5.

[5] علي عبد الواحد وافي: الأسرة والمجتمع، مطبعة النهضة المصرية ط 7، مصر، 1977، ص11.

[6] أونيسة مرنيش: المرجع السابق، ص 39.

[7] محجوب عطية الفائدي: مبادئ علم الاجتماع والمجتمع الريفي، ط1، جامعة عمر المختار، الدار البيضاء، المغرب، 1992، ص 217.

[8] سامية حسن الساعاتي: الاختيار للزواج والتغير الاجتماعي، دار النهضة العربية، للطباعة والنشر، بيروت ، لبنان، 1972, ص 52.

[9] علي عبد الواحد وافي: المرجع السابق، ص ص 76-77.

[10] عبد الفتاح تركي موسى: البناء الاجتماعي للأسرة، المكتب العلمي للنشر والتوزيع، مصر، 1998 ، ص 42.

[11] محمد سيد الغامري: مقدمة في الأنثربولوجيا العامة، ديوان المطبوعات الجامعية، الساحة المركزية بن عكنون، الجزائر، 1991، ص78.

[12] عبد الله ناصح علوان: تربية الأولاد في الإسلام وإحياء التراث العربي، ط 3 ، لبنان، بيروت، د س، ص 30.

[13] عمرية ميمون: المرجع السابق، ص 90.

[14] عمرية ميمون: المرجع السابق، ص 91.

[15] عمرية ميمون: المرجع السابق، ص 92.

[16] نفس المرجع، ص 92.

[17] عمرية ميمون: المرجع السابق، ص 91.

[18] نفس المرجع، ص 94.

[19] وسيلة بويعلي: المرجع السابق، ص 92.

[20] وسيلة بويعلي: المرجع السابق، ص 99.

[21] نفس المرجع، ص 99.

[22] أونيسة مرنيش: المرجع السابق، ص 89.

NameE-MailNachricht