JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->

مدخل للصفقات العمومية

خط المقالة

 

تمهيد:

     تعتبر الصفقات العمومية نوع من التصرفات القانونية التي تقوم بها الإدارة في إطار أداء وظيفتها فأبرز مظهر تتميز به الصفقات العمومية عن غيرها من العقود وخاصة المدنية والتجارية.

 إن الصفقة العمومية تخول جهة الإدارة ممارسة جملة من السلطات تتمثل في سلطة الإشراف والرقابة وسلطة التعديل وتوقيع الجزاءات وإنهاء الصفقة، وهي من حيث التأصيل القانوني عبارة عن عقد إداري يختلف عن باقي العقود الأخرى في بعض الخصوصيات.   فضلا عن ذلك احتوائها على بعض الجوانب الفنية وتعلقها بانجاز مشاريع ذات تقنيات  وخيرات معينة، جعلها بذلك تنفرد بالعديد من الأحكام التشريعية والتنظيمية مقارنة بالعقد بمفهومه العام الذي يكفي فيه تطابق الإرادتين على إحداث الآثار القانونية.[1]

من خلال ما سبق تم تقسيم هذا الفصل إلى مبحثين على النحو الأتي :

المبحث الأول: نتناول فيه الإطار المفاهيمي للصفقات العمومية.

المبحث الثاني: نتناول فيه الكتابة في الصفقات العمومية و طرق إجراءات الصفقة.

المبحث الأول: الإطار المفاهيمي للصفقات العمومية:

تلعب الصفقات العمومية دورا بارزا في الحياة الاقتصادية للدولة، فهي تعتبر محورا هاما للنهوض بالتنمية في أيّة دولة وسندا للنهوض باقتصادها، كما تعدّ الصفقات كذلك الأداة الإستراتيجية التي وضعها المشرع في أيدي السلطة العامة لانجاز العمليات المالية المتعلقة بإدارة المرافق العامة، وتخضع الصفقات العمومية لنظام قانوني متميز مقارنة بالعقود الأخرى المبرمة سواء في إطار القانون الخاص أو تلك المسماة بالعقود الإدارية.[2]

حيث تم تقسيم هذا المبحث إلى مطلبين من خلال تناول:

تطور نظام القانوني للصفقات العمومية و مفهومه في (المطلب الأول)، ثم شروط صحة الصفقات العمومية و تقسيماته في ضل المرسوم الرئاسي 15/247 في (المطلب الثاني).

المطلب الأول: تطور نظام  القانوني للصفقات و مفهومه:

سنتناول هنا، تطور نظام القانوني للصفقات العمومية في (الفرع الأول)، ثم مفهوم الصفقات العمومية في (الفرع الثاني).

الفرع الأول: تطور النظام القانوني للصفقات:

سنتناول في هذا الفرع مرحلة النظام الاشتراكي (أولا)، ثم مرحلة نظام اقتصاد السوق (ثانيا).

أولا: مرحلة النظام الاشتراكي:

لقد مرّ النظام القانوني للصفقات العمومية بمجموعة من المراحل شهد خلالها تطورات عديدة جاءت تماشيا مع النظام الاقتصادي المنتهج في كل مرحلة، فخلال الفترة الاستعمارية كان النظام القانوني للصفقات العمومية تحكمه نصوص أساسية مطبقة على الصفقات العمومية الفرنسية، وتم تمديد العمل بالقانون الفرنسي في الجزائر حتى  بعد الاستقلال وذلك بصدور القانون رقم 62/157 إلى غاية صدور قانون جزائري.[3]

بداية تم إصدار المرسوم رقم 64/103 المؤرخ في 26/03/1964 التي قرر بموجبه إنشاء اللجنة المركزية للصفقات العمومية التي عهد لها اختصاص اتخاذ الأحكام القانونية  وإجراءات تنفيذ الصفقات العمومية، واستوجبت المعطيات المستجدة ومقتضيات المصلحة العامة إصدار نصوص تنظيمية كان أولها الأمر رقم 67/90، وفي محاولة من المشرع لتفادي النقص الوارد به وتماشيا مع التيار الاشتراكي لجا إلى إصدار المرسوم رقم 82/145.[4]

ثانيا: مرحلة نظام اقتصاد السوق:

نتيجة للتطورات الاقتصادية الحاصلة المتمثلة في انخفاض عائدات البترول وكذا انخفاض المستوي المعيشي وسوء الأوضاع الاجتماعية، وفي محاولة للاستجابة لها وجد المشرع نفسه مضطرا إلى مسايرتها مما أدى إلى تبني تحولات جذرية مست النشاط الاقتصادي التي دفعت البلاد إلى دخول في اقتصاد السوق.

لهذا ظهرت الحاجة إلى وجود تعديل يتماشى وهذه الظروف وهو ما تم فعلا بصدور المرسوم التنفيذي رقم 91/434، هذا الأخير الذي عرف بدوره عدّة تعديلات تماشيا مع الأوضاع السائدة آنذاك، أهمها تعديل 1996 الذي تزامن مع التعديل الدستوري.[5]

بعد ذلك تم إصدار المرسوم الرئاسي رقم 02/250 في ظل النقائص التي خلفها المرسوم السابق، جاء هذا المرسوم في وقت عرفت فيه السوق العالمية ارتفاع لأسعار المحروقات وانتعاش لمدا خيل الجزائر، وجاء استجابة لتوجهات الدولة نحو تحرير الأنشطة الاقتصادية، كما شهد هذا المرسوم هو الأخر تعديلين، الأول بموجب المرسوم الرئاسي رقم 03/301، والثاني بموجب المرسوم الرئاسي رقم 08/338، بغرض رفع عتبته إبرام الصفقات العمومية وتخفيف الضغط عن اللجنة الوطنية للصفقات وإدخال مبادئ المنافسة الحرة في الصفقات العمومية.[6]

ونتيجة ضغوط الالتزامات الدولية التي تواجهها الدولة الجزائرية في المجال الاقتصادي، خاصة وبعد المصادقة على اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، وكذلك سعيها الحثيث للانضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة، بالإضافة إلى الملائمة المالية والمشاريع العملاقة والبرامج الرئاسية للإنعاش والنمو الاقتصادي وفي ظل التحديات الراهنة من عدم إتمام انجاز المشاريع في مواعيدها ومكافحة الفساد، الأمر الذي دفع بالدولة إلى إصدار المرسوم الرئاسي رقم 10/236 الذي أحدثه المشرع لتفادي النقص الحاصل و التناقض الموجود بالتشريعات السابقة من جهة، ومحاولة منه لمواكبة التطور العلمي السريع ومحاولة تحرير الاقتصاد من جهة أخرى، كما تعرض هذا المرسوم كسابقيه إلى عدّة تعديلات أوّلها تعديل 2011 بموجب المرسوم الرئاسي رقم 11/98، والثاني تعديل 2011 بموجب مرسوم رئاسي رقم 11/222، والثالث تعديل 2012 بموجب المرسوم الرئاسي رقم 13/03.

لكن مع إثبات عدم نجاعة وصعوبة التطبيق الميداني للنصوص السابقة الناجم عن عدم وجود فراغات قانونية انجرّ عنها تأخر في انجاز المشاريع وتعطيل عجلة التنمية من جهة، وانهيار أسعار البترول من جهة أخرى، دفع بالمشرع إلى إصدار تشريع جديد يواكب هذه التحديات ويستجيب لمتطلبات الدولة الراهنة، هذا التشريع الذي يؤخذ عنه انه يمتاز بالدقة والتحيين المتكامل لأغالب النصوص السابقة من اجل تسيير أحسن للأموال العمومية و هو المرسوم الرئاسي رقم 15/247.

 هذا الأخير الذي حمل في طياته العديد من الأمور المستحدثة التي تم اقتراحها بهدف تخفيف وتسهيل إجراء إبرام الصفقات العمومية، وعليه فان الغاية المرجوة من هذا الإصلاح هي السماح للمصالح المتعاقدة بتلبية حاجياتها في جو من الشفافية والمصداقية و الحرية التعاقدية والمساواة بين المتعاقدين من جهة، وكذا العمل علي ترشيد استعمال المال العام وحمايته من شتى مظاهر وأشكال الفساد.[7]

كانت هذه جملة المحطات التي مرّت بها النظام القانوني للصفقات العمومية بداية من أول نص تشريعي وصولا إلى أخر تشريع، فيّا ترى كيف تم تعريف الصفقة العمومية في ظل هذه القوانين المتعاقبة ؟ وما موقف القضاء والفقه من ذلك؟

الفرع الثاني: مفهوم الصفقات العمومية:

يعتبر تنظيم الصفقات العمومية من أكثر التنظيمات ارتباطا بالواقع السياسي والاقتصادي للبلاد والدليل على ذلك هو أنّه عرف الكثير من التطورات حسب التغيرات إلى كانت تعرفها البلاد، وبهدف تسليط الضوء على تعريف الصفقة العمومية يقتضي منا الأمر إعطاء تعريف تشريعي (أولا)، ثم إعطاء تعريف قضائي وفقهي(ثانيا).

أولا: التعريف التشريعي و القضائي للصفقات العمومية:

لقد عرف المشرع الجزائري الصفقة العمومية عبر القوانين المتعاقبة المنظمة للصفقات العمومية، وبالتالي وجب أن نستعرض هذه التعريفات مراعين في ذلك الترتيب الزمني لصدور هذه القوانين.

1: في إطار الأمر رقم 67/90 :

عرفت المادة الأولي من هذا الأمر الصفقات العمومية بأنّها: "عقود مكتوبة تبرمها الدولة أو العملات أو البلديات أو المؤسسات أو المكاتب العمومية قصد انجاز أشغال أو توريدات أو خدمات ضمن الشروط المنصوص عليها في هذا القانون"[8].

 وما يلاحظ علي هذا التعريف انه مستوحي بصفة كبيرة من التشريع الفرنسي مع بعض الخصوصيات نتيجة الهيكلة القانونية للاشتراكية علي المستوي الاقتصادي.

2: في إطار المرسوم رقم 82/145 : 

عرف هذا المرسوم الصفقات العمومية بأنّها:" صفقات المتعامل العمومي وهي عقود مكتوبة حسب مفهوم التشريع الساري على العقود المبرمة وفق الشروط الواردة في هذا المرسوم قصد انجاز الأشغال واقتناء المواد والخدمات"[9].

3: في إطار المرسوم التنفيذي رقم 91/434" :

إن التعريف الذي جاء به هذا المرسوم لم يبتعد عن سابقيه كثيرا حيث عرف الصفقات العمومية بأنّها: "عقود مكتوبة حسب التشريع الساري على العقود المبرمة وفق الشروط الواردة في هذا المرسوم قصد انجاز الأشغال واقتناء المواد والخدمات لحساب المصلحة المتعاقدة "[10].

4: في إطار المرسوم الرئاسي رقم 02/250 :

تمّ تعريف الصفقة العمومية في ضل هذا المرسوم المعدل والمتمم بموجب المرسوم الرئاسي رقم 08/338، على أنّها: "عقود مكتوبة في مفهوم التشريع المعمول به تبرم وفق الشروط المنصوص عليها في هذا المرسوم قصد انجاز الأشغال واقتناء المواد والخدمات  والدراسات لحساب المصلحة المتعاقدة "[11].

5: في إطار المرسوم الرئاسي رقم 10/236[12] :

من خلال هذا المرسوم نلاحظ بان المشرع الجزائري قد ابقي علي نفس تعريف الصفقة العمومية الوارد في المرسوم رقم 02/250، وإنّما اكتفي فقط باستبدال مصطلح المواد بمصطلح اللوازم كونه أشمل وأعم رغم التعديلات التي طرأت عليه مثلما سبق وأشرنا.

فمن خلال تحليلنا للتعريفات السابقة، يتضح بأنّها في مجملها تنصب في معنى واحد  وإنّما التغيير فقط يكمن في اختلاف التعابير والصيغ اللفظية لا غير، فيا ترى كيف عرّفها المرسوم الرئاسي رقم 15/247 المتضمن تنظيم الصفقات العمومية وتفويض المرافق العامة؟

6: في إطار المرسوم الرئاسي 15/247:

لقد نص هذا المرسوم وتحت القسم الأول من الباب الأول المعنون بتعاريف ومجال التطبيق على تعريف الصفقة العمومية بأنّها :"عقود مكتوبة في مفهوم التشريع المعمول به تبرم بمقابل مع متعاملين اقتصاديين وفق الشروط المنصوص عليها في هذا المرسوم لتلبية حاجات المصلحة المتعاقدة في مجال الأشغال واللوازم والخدمات والدراسات".

وما يؤخذ على هذا التعريف أنّه قد اشتمل على مجموعة من العناصر تتمثل في:

ـ الطابع الشكلي للصفقة أنها عبارة عن عقد مكتوب.

ـ بالنسبة لإجراءاتها فأنها تخصص للتشريع المعمول به.

ـ تبرم الصفقة العمومية نظير مقابل مالي.

ـ تبرم الصفقات العمومية مع متعاملين الاقتصاديين وفقا للشروط المحددة قانونا.

ـ حدد هذا التعريف أصناف الصفقات العمومية.

لذلك يمكن القول بان التعريف الذي أورده هذا المرسوم قد اشتمل علي كل عناصر الصفقة العمومية لاشتماله على معايير وشروط إبرامها على خلاف التشريعات السابقة، وكل هذا هو ثمرة الجهود الطويلة للمشرع الجزائري لما يحمله من خصوصية في تنظيم الصفقات.

ثانيا: التعريف القضائي والفقهي للصفقات العمومية :

رغم أن المشرع الجزائري قد حرص على تعريف الصفقات العمومية في مختلف قوانين الصفقات العمومية المتلاحقة، فان القضاء الإداري وهو بصدد الفصل في منازعات الصفقات العمومية قد يورد تعريفا لها، بالرغم من أنّه غير ملزم بالتقييد بالتعريف التشريعي لأنه قد يحصل في بعض الأحيان وتفرض الظروف إعطاء تفسير وتحليل لهذا التعريف، في هذا الطرح نجد أن مجلس الدولة قد حاول تقديم تعريف قضائي للصفقة العمومية.

 وذلك في قرار له غير منشور مؤرخ في 17 ديسمبر 2002 حول قضية رئيس المجلس الشعبي البلدي لبلدية ليوه بولاية بسكرة تحت رقم 6215 فهرس 873 الذي نص على أنّها ".... وحيث أنه تعرف الصفقة العمومية على أنها عقد يربط الدولة بالخواص حول مقاولة أو انجاز مشروع أو انجاز خدمات..." .[13]

يبدو من خلال هذا الجزء من التعريف، أن مجلس الدولة قد حصر مفهوم الصفقة العمومية على أنها رباط عقدي يجمع الدولة بأحد الخواص، في حين إن العقد الإداري أو الصفقة العمومية يمكن أن تجمع طرفا آخر غير الدولة مثلا في الولاية أو البلدية أو المؤسسة الإدارية.

 وكذلك نجد بان هذا التعريف يخلو من أي إشارة للشكل الذي يجب أن تصب فيه الصفقة العمومية، وكذلك ما يأخذ عليه انه استعمل أحد المصطلحات القانون المدني ـمقاولةـ في حين أّنه كان من المفروض تفادي ذلك.

كذلك لقد وردت بعض التعريفات الفقهية للصفقات العمومية من بينها ما تبناه الفقيه الفرنسي أندري ديلويادر فعرّفها على أنّها :"عقود بمقتضاها يلتزم المتعاقد القيام بإعمال لفائدة الإدارة العمومية مقابل ثمن محدود "، وورد في تعريف أخر أن الصفقة العمومية عقد مكتوب بين طرفين أو أكثر يلتزم فيه الأطراف بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه.[14]

كما عرف الفقه كذلك العقد الإداري على أنّه :" العقد الذي يبرمه شخص من أشخاص القانون العام بقصد إدارة مرفق عام أو بمناسبة تسييره، وتظهر فيه نيته في الأخذ بأسلوب القانون العام، وذلك بتضمين العقد شرطا أو شروط غير مألوفة في عقود القانون الخاص".

المطلب الثاني:  شروط صحة الصفقات وتقسيماته في ضل المرسوم الرئاسي 15/247:

إن المرسوم الرئاسي 15/247 قد حدد جملة من الإجراءات والشروط التي يجب مراعاتها قبل إبرام الصفقة، كما أخذ هذا المرسوم في الحسبان التطورات الاقتصادية التي تشهدها البلاد و التي تتميز بالركود نتيجة انهيار أسعار المحروقات وكذا انخفاض قيمة الدينار الجزائري في السوق العالمية، وفي خضم هذه الظروف قام المشرع بإدخال تنقيحات وإصلاحات التي من شأنها إعادة هيكلة وتنظيم الصفقات العمومية، عكس ما كان عليه الحال في ظل المرسوم 10/236 السابق الذي جاء في ظل ظروف اقتصادية ملائمة عرفت من جهة وفرة مالية كبيرة نتيجة التهاب أسعار البترول، و من جهة أخرى وللأسف تفشي ظاهرة الفساد والفضائح المالية بشكل كبير.

 الأمر الذي دفع بالمشرع إلى وضع منظومة قانونية وتنظيمية تستجيب لهذه التحديات قصد ضبط وحماية المال العام بالدرجة الأولى ونظرا للطابع المميز للصفقة العمومية فإنّ تقسيماتها المختلفة تتيح للدولة التعاقد مع الأشخاص سواء طبيعيين أو معنويين، جزائريين أو أجانب بغية الحصول على:

ـ انجاز الأشغال ـ اقتناء اللوازم ـ انجاز الدراسات ـ تقديم الخدمات.[15]

وفي هذا الإطار سوف نتطرق إلى المعايير التي يجب مراعاتها في إبرام الصفقة العمومية في ظل المرسوم الرئاسي 15/247 (الفرع الأول)، وكذلك نتطرق إلى التقسيمات الأساسية للصفقة العمومية (الفرع الثاني).

الفرع الأول: شروط صحة إبرام الصفقات العمومية:

من خلال تفحص نصوص المرسوم أعلاه و خاصة التعريف الذي أورده بشأن الصفقة العمومية نستنتج أنّه اشتمل على جملة من الشروط تختلف حسب المعايير المعتمدة في تحديد شروط أي صفقة عمومية لذلك نجد المعيار العضوي والمادي (أولا)، ثم هناك المعيار الشكلي والمالي (ثانيا).

أولا: المعيار العضوي والمادي:

يقصد بالمعيار العضوي هو تحديد الجهة التي تملك حق إبرام ص . ع واصطلح عليها م.ج بالمصلحة المتعاقدة، وتتمثل هذه الأخيرة في:

ـ الدولة ـ الجماعات الإقليمية ـ المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري ـ المؤسسات العمومية الخاضعة للتشريع الذي يحكم النشاط التجاري وذلك عندما تكلف بانجاز عملية ممولة كليّا أو جزئيا بمساهمة مؤقتة أو نهائية من الدولة أو الجماعات الإقليمية.

والحاجة المتزايدة للمصالح العمومية المتعاقدة إلى اقتناء أملاك جديدة، لوازم تجهيزات  خدمات هي الدافع إلى قيامها بإبرام هذه الصفقات من أجل الاستجابة لحاجات المنفعة العامة، هذه الأخيرة التي تعدد السبب الرئيسي في توسع دور الطلبات العمومية في الحياة الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، وبالنسبة للدولة فإن الصفقات العمومية تمثل تحديّا بالنظر إلى ضخامة المبالغ المالية المرصودة لها فهي تقدر ب 50%  من إجمالي النفقات العمومية حيث إن صرف هذه الأموال يحتاج إلي وضع إجراءات تحمي المنافسة بين المتعاملين المرشحين والتي تسمح باستخدام الموارد العمومية استخداما عقلانيا يضفي النزاهة والشفافية علي نشاط المصالح العمومية.[16]

أمّا الطرف الثاني في الصفقة العمومية هو المتعامل الاقتصادي الذي هو في اغلب الأحوال شخص من أشخاص القانون الخاص، فالمادة 6 من المرسوم 15 / 247 قد حددت المعيار العضوي بدّقة وعددت المصالح المتعاقدة والمادة 7 منه جاءت ببعض الاستثناءات التي تخرج بعض المصالح من إطار إبرام الصفقات العمومية وهي :

ـ العقود المبرمة من طرف الهيئات والإدارات العمومية و المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري فيما بينها.

ـ العقود المبرمة مع المؤسسات العمومية المنصوص عليها في المحطة الأخيرة من المادة 06، عندما تزاول هذه المؤسسات نشاط لا يكون خاضعا للمنافسة.

ـ العقود المتعلقة بالإشراف المنتدب على المشاريع.

ـ العقود المتعلقة باقتناء أو تأجير أراضي أو عقارات.

ـ العقود المبرمة بموجب إجراءات المنظمات و الهيئات الدولية، أو بموجب اتفاقات دولية.[17]

ـ العقود المتعلقة بخدمات الصلح والتحكيم.

ـ العقود المبرمة مع محامين بالنسبة لخدمات المساعدة والتمثيل.

ـ العقود المبرمة مع هيئة مركزية للشراء الخاضعة لأحكام هذا الباب وتتصرف لحساب المصالح المتعاقدة.

أمّا المعيار الموضوعي (المادي)، حيث يتمحور هذا المعيار حول م.ص.ع أو م.ع،  ويقصد بمحل الصفقة العمومية هو موضوع الخدمة التي يقدمها المتعاقد مع الإدارة لهاته الأخيرة المتعاقد معه، ولا يقصد به موضوع أو محل الالتزامات الوارد بالقانون الخاص محل الصفقة العمومية هو الأشكال التي تم إيرادها في نص المادة الثانية 02 من المرسوم الرئاسي 15/247 وهي :

ـ الأشغال ـ اقتناء اللوازم ـ الخدمات ـ الدراسات.

ثانيا: المعيار الشكلي والمالي:  

طبقا للمادة 2 من المرسوم 15/247 فإنّ ص . ع هي عقد مكتوب، ومن هنا فإن م.ش للصفقة يقصد به القالب الذي تفرغ فيه الصفقة وهو الطابع الكتابي، كما أن ع . ص.ع يشترط فيه توافر مجموعة من الوثائق والبيانات وهو ما يبرر الطابع الكتابي لها ويرجع السبب في اشتراط الكتابة والتأكيد عليها في ق.ج إلى أحد الأمرين:

ـ اعتبار الصفقات العمومية أداة من أدوات تنفيذ مخططات التنمية الوطنية والمحلية وأداة لمختلف البرامج الاستثمارية.[18]

ـ بالنظر إلى اعتبار المبالغ الضخمة التي تصرف بعنوان الصفقات العمومية لجهاز مركزي أو مرفقي أو محلي أو هيئة وطنية مستقلة تتحمل أعبائها الخزينة العامة.

إنّ المشرع الجزائري في ظل هذا المرسوم ورغم تشديده على عنصر الكتابة في مختلف فوانيين الصفقات العمومية كقاعدة عامة، إلا أنّه أورد استثناء عليها وهو الاستثناء المتعلق بحالة الاستعجال الملح، هذه الأخيرة التي يسبق بموجبها التنفيذ علي مرحلة الإبرام ولكن ذلك يكون بناء على شروط محددة قانونا تضمنتها المادة 12َ من المرسوم 15/247 وهي:

ـ توافر الاستعجال الملح المعلل بخطر داهم يتعرض له ملك أو استثمار قد تجسد في الميدان

ـ ضرورة وجود الترخيص بموجب مقرر معلل يحتوي على الأسباب التي دفعت لهذا الإجراء.

ـ وجوب اقتصار هذه الخدمات علي ما هو ضروري فقط لمواجهة الظروف الواردة بالمادة 12.
ـ إرسال نسخة من المقرر المذكور أعلاه إلى مجلس المحاسبة وإلى الوزير المكلف بالمالية.[19]

أمّا المعيار المالي، يتضمن فكرة الاتفاق العمومي أي صرف الأموال العمومية من جهة، ومن جهة أخرى فكرة العتبة التي تعرف على أنّها الحد الأدنى الذي يجب أن تتجاوزه الصفقة والصفقات العمومية كما سبق أشرنا فهي محل نفقات وبذلك تستبعد الإيرادات، وهذا الأمر ليس بالأمر الجديد وإنّما الجديد في هذا المرسوم هو استبعاد المزايدة من طرق الإبرام وتغيير بعض التسميات في  مجال طرق الإبرام (المادة 42) حيث إنّ:

ـ المناقصة المفتوحة يقابلها طلب العروض المفتوح.

ـ المناقصة المحدودة يقابلها طلب العروض المفتوح مع اشتراط القدرات الدنيا.

ـ الاستشارة الانتقائية يقابلها طلب العروض المحدود.[20]

والصفقة العمومية تشترط حد مالي ادني لاعتبار العقد صفقة عمومية، والملاحظ أنّ المرسوم الرئاسي 15/247 قد رفع من المبلغ التقديري للصفقات العمومية على خلاف باقي القوانين.

حيث تنص المادة 13 منه على أنّه: " كلّ صفقة عمومية يساوي فيها المبلغ التقديري لحاجات المصلحة المتعاقدة اثني عشر مليون دينار(12.000.000 دج) أو يقلّ عنه للأشغال أو اللوازم، وستة ملايين دينار (6.000.000 دج) للدراسات أو الخدمات لا تقتضي وجوبا إبرام صفقة عمومية ".

كما تم الرفع من المبلغ الأدنى للحد المطلوب اللجوء إلى الاستشارة التي هي شكلية لإبرام العقود، حيث أنّه في المادة 21 من المرسوم الرئاسي 15/247  نص على أنّه :"لا تكون محل استشارة وجوبا الطلبات التي مجموع مبالغها حسب طبيعتها، أشغال أو لوازم أو دراسات أو خدمات خلال نفس السنة المالية عن مليون دينار جزائري (1.000.000 دج) فيما يخص الأشغال أو اللوازم، وعن خمسمائة ألف دينار جزائري (500.000 دج) فيما يخص الدراسات أو الخدمات، وتحسب هذه الطلبات بالرجوع لكل ميزانية على حدا، وهذا خلافا للمادة 06 من المرسوم الرئاسي 10/236 التي حددت خمسمائة ألف دينار جزائري (500.000 دج) للأشغال أو اللوازم ومائتي ألف دينار جزائري (200.00 دج) للدراسات والخدمات.[21]

الفرع الثاني: تقسيمات الصفقات العمومية في ظل المرسوم الرئاسي 15/247: [22]

تصنف الصفقات العمومية بحسب محلها تبعا للمرسوم أعلاه أربعة أصناف أساسية حيث نجد الصفقة العمومية لانجاز الأشغال ولاقتناء اللوازم (أولا)، ثم الصفقة العمومية لانجاز الدراسات و لتقديم الخدمات (ثانيا).

أولا: الصفقة العمومية لانجاز الأشغال ولاقتناء اللوازم:

تمثل الصفقة العمومية لانجاز الأشغال واحدة من أهم الصفقات في القانوني الجزائري وفي القانون المقارن ، حيث نصت عليها جميع القوانين المنظمة للصفقات العمومية منذ سنة 1967، ولقد عرفت الصفقات العمومية للأشغال لأول مرة في المادة 13 من المرسوم الرئاسي 10/236 التي تنص على أنّه :" تهدف صفقة الأشغال إلى قيام المقاول ببناء أو صيانة أو تأهيل أو ترميم أو هدم منشأة أو جزء منها، بما في ذلك التجهيزات المشتركة الضرورية لاستغلالها، في ظل احترام البنود التي تحدّدها المصلحة المتعاقدة صاحبة المشروع ".[23]

أمّا المرسوم الرئاسي 15/247 فالملاحظ عليه انه سطر تعريف من خلاله حدد المقصود بمحل صفقة الأشغال ـ المنشأة ـ كما قام بتغيير و تدقيق بعض التسميات حاول من خلالها تحديد الهدف من صفقة إنجاز الأشغال وتحديد مشتملاتها وهي أساس هذه الصفقة  فنصت المادة 29/3 منه علي :"تهدف الصفقة العمومية للأشغال إلى انجاز منشأة أو أشغال بناء أو هندسة مدنية من طرف مقاول.

 في ظل احترام الحاجات التي تحددها المصلحة المتعاقدة صاحبة المشروع، وتعتبر المنشأة مجموعة من أشغال البناء أو الهندسة المدنية التي تستوفي نتيجتها وظيفة اقتصادية أو تقنية، تشمل الصفقة العمومية للأشغال بناء أو تجديد أو صيانة أو تأهيل أو تهيئة أو ترميم أو إصلاح أو تدعيم أو هدم منشأة أو جزء منها، بما في ذلك التجهيزات المرتبطة بها الضرورية لاستغلالها" .[24]

من خلال التعريف أعلاه نستنتج بأنّ صفقة انجاز الأشغال تستوجب توافر 3 أمور أساسية:

ـ أن ينصب العقد على منشأة (عقار أو عقار بالتخصيص) كانجاز سكنات أو طرق أو جسور....
ـ أن يتم العمل لحساب شخص معنوي عام (المحدد بنص المادة 06 من المرسوم 15/247).

ـ ضرورة تحقيق المنفعة العامة كغاية أساسية من وراء عقد صفقة الأشغال.

أمّا الصفقة العمومية لاقتناء اللوازم، حيث نص المرسوم الرئاسي 15/247 على هذه الصفقة بموجب المادة 02 والمادة 29 منه، وهو الأمر الذي نصت جميع القوانين المنظمة للصفقات العمومية المتعاقبة، ولقد عرفها المشرع انطلاقا من تحديد هدفها بقوله في نص المادة 29/06 على :" تهدف الصفقة العمومية للوازم إلى اقتناء أو إيجار أو بيع بالإيجار بخيار أو بدون خيار الشراء من طرف المصلحة المتعاقدة لعتاد أو مواد مهما كان شكلها موجهة لتلبية الحاجات المتصلة بنشاطها لدي مورد.

 وإذا أرفق الإيجار بتقديم خدمة فإن الصفقة العمومية تكون صفقة خدمات، وإذا كانت الأشغال وضع وتنصيب اللوازم المدرجة ضمن الصفقة العمومية ولا تتجاوز مبالغها قيمة هذه اللوازم فإن الصفقة العمومية تكون صفقة لوازم، إذا كان موضوع الصفقة العمومية خدمات ولوازم و كانت قيمة اللوازم تفوق قيمة الخدمات فإن الصفقة العمومية تكون صفقة لوازم .[25]."

ثانيا: الصفقة العمومية لانجاز الدراسات ولتقديم الخدمات:

إنّ الصفقة العمومية لانجاز الدراسات هي عبارة عن عقود تبرمها المصلحة المتعاقدة مع متعامل متعاقد معها ، بهدف تقديم الخدمات وبالرجوع إلى المادة 29/10 من المرسوم 15/247 نجده قد حدد هذه الخدمات تحت تسمية "خدمات فكرية".

 وفي نفس السياق يذهب الفقه إلى اعتبار أن صفقة انجاز الخدمات هي التي تبرم بين الإدارة المتعاقدة وشخص آخر طبيعي أو معنوي يلتزم بمقتضاه هذا الأخير بانجاز دراسات محددة في الصفقة لقاء مقابل تلتزم الإدارة بدفعه تحقيقا للمصلحة العامة.[26]

أمّا الصفقة العمومية لتقديم الخدمات، حيث أن هذا النوع من الصفقات تناوله المشرع الجزائري في كل فوانيين الصفقات العمومية الجزائرية، إلا أنّ تعريفها لم يتطرق إليه المشرع إلا بداية من المرسوم الرئاسي 10/236 ، في المادة 13 منه التي تنص على :" صفقة تقديم الخدمات هي كل صفقة تختلف عن صفقات الأشغال أو اللوازم أو الدراسات"، ثم جاء المرسوم الرئاسي 15/247 وأعطاها تعريف لا يختلف كثيرا عن التعريف الذي أورده المرسوم الرئاسي 10/236، حيث تنص المادة 29 الفقرة الأخيرة من المرسوم 15/247 على أنّه :" تهدف الصفقة العمومية للخدمات المبرمة مع تعهد خدمات إلى انجاز تقديم خدمات و هي صفقة عمومية تختلف عن صفقات الأشغال أو اللوازم أو الدراسات ".

وتعرف هذه الصفقة كذلك بأنها اتفاق بين الإدارة وشخص أخر طبيعي أو معنوي قصد تقديم خدمات يحتاجها المرفق العام في إدارته وتسييره، كانت تلجأ الجامعة إلى التعاقد مع مؤسسة التنظيف، أو تتعاقد البلدية مع مؤسسة متخصصة بالإعلام لإقامة شبكة نظام للإعلام الآلي بمقر البلدية.[27]

 

المبحث الثاني: الكتابة في الصفقات العمومية و طرق إجراءات الصفقة:

 

يهتم رجال الاقتصاد بالصفقات العمومية باعتبارها طريقة لصرف المال العام و تحقيق البرامج التنموية المبنية علي قيام الدولة بضخ المال في السوق الوطنية لتفعيله، غير إن الصفقات العمومية موضوع يثير لدي رجال القانون نوعا مختلفا من الاهتمامات  فالصفقة العمومية في نظر رجل القانون هو عقد يتضمن حقوقا و التزامات متبادلة.

 يخضع في انعقاده و تنفيذه و انفساخه لمجموعة من الشروط موزعة بين القانون والاتفاق، ومن بين المسائل التي قلما اهتم بها رجال القانون في مجال الصفقات العمومية  مسالة الكتابة ، وهناك طرق إجراءات الصفقة، حيث سنتطرق إلى الكتابة في الصفقات في الصفقات العمومية (المطلب الأول)، ثم طرق و إجراءات الصفقة العمومية (المطلب الثاني).

المطلب الأول: الكتابة في الصفقات العمومية:

إن مسألة الكتابة تكتسي أهمية بالغة بالنظر إلى تعلقها أساسا بصحة الصفقة وبإثبات التزامات الأطراف من مصلحة متعاقدة ومتعامل متعاقد، ناهيك عن أن كثير من مواد ذات صلة بموضوع الكتابة، والتي وردت في أحكام المرسوم الرئاسي  15/247 المتضمن تنظيم الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام، تحتاج بالفعل إلى تفسيرها لبيان مضمونها.

 والبحث في مدى مطابقتها أو تناقضها مع التشريع المعمول به، وكذا البحث في مدى أخذ م.ج لأحكام الكتابة الالكترونية التي استحدثها بموجب التعديل الذي ادخل علي التقنين المدني من خلال القانون 10/05 المؤرخ في 2005/06/20، حيث سنحاول من خلال هذا المطلب التعرض لها من خلال تناول الكتابة في ذات الصفقة وفي إجراءات إعداد الصفقة (الفرع الأول)، ثم الكتابة الالكترونية في الصفقات (الفرع الثاني).

 

الفرع الأول: الكتابة في ذات الصفقة وفي إجراءات إعداد الصفقة :

سوف نتناول في هذا الفرع الكتابة في ذات الصفقة (أولا)، ثم الكتابة في إجراءات إعداد الصفقة (ثانيا).

أولا: الكتابة في ذات الصفقة :

نصت المادة 2 من المرسوم الرئاسي 15/247 علي ما يلي :" الصفقات العمومية عقود مكتوبة في مفهوم التشريع المعمول به، يبرم بمقابل مع كمتعاملين اقتصاديين وفق الشروط المنصوص عليها في هذا المرسوم لتلبية حاجات المصلحة المتعاقدة في مجال الأشغال واللوازم والخدمات والدراسات" .

ويظهر من خلال التعابير الواردة في هذه المادة أن المشرع اعتبر أن الصفقات العمومية هي عقود تتطلب تبعا لطبيعتها توفر إرادتين على الأقل لإمكانية إبرامها، و القول بأنها عقد في مفهوم التشريع المعمول به يعني بان مجمل الشروط المحددة في المواد 54 وما بعدها من التقنين المدني ، يجب أن تتوفر فيها ، من حيث الرضا و سلامته من العيوب  المحل، السبب، والآثار.[28]

إن المشرع لم يقصد الإحالة على التشريع المعمول به فقط في مجال الطبيعة العقدية للصفقات العمومية، إنما أيضا في مجال الكتابة من خلال قوله :" مكتوبة في مفهوم التشريع المعمول به ..."ومن ثم تصبح الأحكام المتعلقة بالكتابة والواردة في التشريع المعمول به جزء من " النظام القانوني للكتابة " في مجال الصفقات العمومية.

وبالرغم من أن الدراسة السطحية لمفهوم المادة 02 أعلاه يوحي بان شروط و شكل الكتابة يخضعان فقط لأحكام التشريع المعمول به فيما عدا المرسوم الرئاسي 15/247، إلا أن الاطلاع على أحكام هذا الأخير تثبت عكس ذلك.[29]

فالمادة 95 من ذات المرسوم وفي مجال حديثها عن البيانات الإلزامية في الصفقات نصت على :"يجب أن تشير كل صفقة عمومية إلى التشريع والتنظيم المعمول بهما وإلى هذا المرسوم، ويجب أن تتضمن على الخصوص البيانات الآتية :

ـ التعريف الدقيق بالأطراف المتعاقدة .

ـ هوية الأشخاص المؤهلين قانونا لإمضاء الصفقة وصفتهم.

ـ موضوع الصفقة محددا وموصوفا وصفا دقيقا.

ـ المبلغ المفصل والموزع بالعملة الصعبة والدينار الجزائري، حسب الحالة.

ـ شروط التسديد

ـ اجل تنفيذ الصفقة

ـ بنك محل الوفاء

ـ شروط فسخ الصفقة

ـ تاريخ توقيع الصفقة ومكانه.

ويجب أن تحتوي الصفقة العمومية فضلا عن ذلك، علي البيانات التكميلية الآتية:

ـ كيفية إبرام الصفقة

ـ الإشارة إلى دفاتر البنود الإدارية العامة ودفاتر التعليمات التقنية المشتركة المطبقة على الصفقات التي تشكل جزءا لا يتجزأ منها.

ـ شروط عمل المناولين واعتمادهم، إن وجدوا.

ـ بند التحين ومراجعة الأسعار.

ـ بند الرهن الحيازي، إن كان مطلوبا.

ـ نسب العقوبات المالية وكيفية حسابها، وشروط تطبيقها أو النص على حالات الإعفاء منها

ـ كيفية تطبيق حالات القوة القاهرة.

ـ شروط دخول الصفقة حيز التنفيذ.

ـ النص في عقود المساعدة التقنية على أنماط مناصب العمل، وقائمة المستخدمين الأجانب ومستوى تأهيلهم، وكذا نسب الأجور والمنافع الأخرى التي تمنح لهم.

ـ شروط استلام الصفقة.

ـ القانون المطبق و شروط تسوية الخلافات.

ـ بنود السرية والكتمان.

ـ بند التأمينات.

بنود التأمينات.

ـ بنود العمل التي تضمن احترام قانون العمل.

ـ البنود المتعلقة بحماية البيئة و التنمية المستدامة.

ـ البنود المتعلقة باستعمال اليد العاملة المحلية و بالإدماج المهني للأشخاص المحرومين من سوق الشغل والمعوقين.

وتعميما للفائدة ، نعتقد قبل أن نتطرق لتفسير هذه المادة أن الإشارة إلى انعدام أي أساس للتفرقة بين المجموعة الأولى والمجموعة الثانية من البيانات لكونها كلها بيانات إلزامية حسب الحالة.

 فالإشارة  إلى بند التحين ومراجعة الأسعار، وكذلك كيفيات تطبيق القوة القاهرة وشروط دخول الصفقة حيز التنفيذ وشروط استلامها، مسائل لا غنى عنها في كل الصفقات العمومية ، لكونها بيانات جوهرية ، و المشرع لم يبرر اعتبارها تكميلية في نظره بأي مبرر  لذلك نعتقد بأن التمييز بينها يفتقر لأي أساس لا قانوني ولا واقعي .[30]

ثم  إن المشرع الخطأ أيضا في استخدام تعبير :"...التشريع و التنظيم المعمول بهما  وإلى هذا المرسوم..." لأن إضافة المرسوم إلى التشريع، يعني انه في تقدير المشرع لا يعتبر تشريعا، في حين أن المرسوم الرئاسي 15/247 يعتبر تشريعا حتى بالنظر لصدوره في شكل مرسوم، لأن التشريع ليس القانون المكتوب عن السلطة التشريعية، إنما عن السلطة المختصة سواء كانت تنفيذية أو تشريعية.

وتفسيرا لأحكام المادة 95 من المرسوم الرئاسي 15/247، نلفت الانتباه إلى أنها المادة التي تقابل المادة 324 مكرر 04 من التقنين المدني التي تحكم العقود الناقلة أو المعلنة عن الملكية العقارية، والتي اشترط فيها القانون مجموعة من البيانات الإلزامية حددها المشرع في المادة 324 مكرر 4 من التقنين المدني .[31]

ويترتب علي اعتبار البيانات المحددة في نص المادة 95 من نفس المرسوم بيانات إلزامية أن الصفقة العمومية التي لا تحتوي على أحد تلك البيانات تعتبر باطلة، بالنظر إلى الطبيعة الآمرة للمادة 95 أعلاه والذي يمكن التدخل فيها من التعابير المستخدمة وخاصة تعبير "يجب" ، وبالتالي فإن المشرع في مجال الصفقات لم يكتف باشتراط الكتابة على نحو ما هي محدودة في التشريع، إنما اشترط في الكتابة أن تتضمن مجموعة من البيانات تحت طائلة بطلان الصفقة.

أحال المشرع بموجب نص المادة 02 من نفس المرسوم علي التشريع المعمول به لتحديد مدلول الكتابة المشترطة في الصفقات العمومية.

وتجدر الإشارة ابتداء إلى أن المشرع خص التشريع الذي يحدد شروط الكتابة في الصفقات العمومية بقوله "المعمول به"، وهو ما يدّل على أن التشريع الساري المفعول، ويبدو هذا الأمر للوهلة الأولى تزيدا لا معنى له، لأنّه من الناحية المنطقية لا يمكن إعمال قانون غير ساري المفعول، لكن في الحقيقة إن هذا التخصص له أهمية كبري، لأن القصد من ذلك هو أن مفهوم الكتابة في ص.ع لا ينصرف فقط إلى مدلولها في ظل التشريع الذي هو ساري عند صدور المرسوم أعلاه.

 ولكن مدلول الكتابة يتغير بحسب تغير التشريع المعمول به، بمعنى أنّه يجب أن تكيف الكتابة في الصفقات مع التعديلات المستحدثة أو تلك التي يمكن استحداثها على التشريع الذي يحكم الكتابة، وهو الأمر الذي يعني في النهاية أن الكتابة في ص.ع طبقا لنص المادة 02 من ذات المرسوم مفهوم متغير وليس ثابت .[32]

هل الصفقات العمومية عقد رسمي ؟

لم تحدد المادة 02 من نفس المرسوم طبيعة الكتابة المشترطة في ص.ع ، هل هي كتابة رسمية أم عرفية، ذلك أن الفارق بين الكتابتين كبير خاصة فيما يتعلق بالشروط الشكلية، ولأجل معرفة ذلك يتوجب تكييف الصفقات بالنظر إلى الشروط الخاصة بالكتابة الرسمية لمعرفة ما إذا كانت تنطبق عليها أم لا.

وبهذا الصدد فان المادة 324 من التقنيين المدني تنص على أّنه :"العقد الرسمي عقد يثبت فيه موظف عام أو ضابط عمومي أو شخص مكلف بخدمة عامة ما تم لديه أو ما تلقاه من ذوي الشأن، وذلك طبقا للأشكال القانونية وفي حدود سلطته واختصاصه".[33]

ويستنتج من ذلك أن الورقة الرسمية تشترط توافر شرطين أساسيين أولهما صدور الورقة عن موظف عام أو ضابط عمومي أو شخص مكلف بخدمة عامة، وأن يتم ذلك في حدود سلطته واختصاصه، وثانيهما مراعاة الأشكال المحددة في القانون.

ولأجل بحث مدى اعتبار الصفقات العمومية عقودا رسمية، يجب إثبات صدورها عن موظف عام أو ضابط عمومي أو شخص مكلف بخدمة عامة أولا. وفي هذا الصدد فإنّ المادة 06 من المرسوم الرئاسي 13/247 حددت " المصالح المتعاقدة " وهي الدولة الجماعات المحلية الإقليمية أي البلدية والولاية والمؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري والمؤسسات العمومية الخاضعة للقانون التجاري.

 حينما تكلف هذه الأخيرة بإنجاز مشاريع ممولة كليّا أو جزئيا بصورة نهائية أو مؤقتة من ميزانية الدولة أو الجماعات الإقليمية، بينما حددت المادة 04 من ذات المرسوم الأشخاص الذي يجب أن يوافقوا على الصفقات حتى تكون صحيحة ونهائية، وهم مسئول الهيئة العمومية، الوزير، الوالي، رئيس المجلس الشعبي البلدي، المدير العام أو مدير المؤسسة العمومية.[34]

بقي أن نبحث في مدي توافر الشرط الثاني وهو مراعاة الأشكال القانونية في الصفقات، والحقيقة أن أحكام المرسوم الرئاسي 15/247[35] تنص على شكليات يجب مراعاتها بمناسبة التحضير لإبرام الصفقات وبمناسبة الإبرام، بل وحتى في مجال مضمون الصفقات، على اعتبار أن المادة 95 مثلما سبق بيانه من المرسوم حددت البيانات الإلزامية في عقود الصفقات، لذلك نعتقد بأن مجمل شروط العقد الرسمي المحددة بالمادة 324 من التقنين المدني متوفرة في الصفقات العمومية.

 الأمر الذي يجعل منها عقودا رسمية في مفهوم القانون وليست عقودا عرفية .

ثانيا: الكتابة في إجراءات إعداد الصفقة :

بالرغم من أن ظاهر نص المادة 2 من المرسوم الرئاسي 15/247 سابق الذكر يشير إلى أن الكتابة المشترطة فقط في ذات الصفقة أي في العقد النهائي المبرمة بين المصلحة المتعاقدة والمتعامل المتعاقد، إلا أن الاطلاع على باقي أحكام المرسوم يثبت بان الكتابة المقصودة بنص المادة 02 تمتد أيضا إلى إجراءات إعداد الصفقة.

1 : الكتابة في الوثائق الصادرة عن المصلحة المتعاقدة : 

يصدر عن المصلحة المتعاقدة أولا تعبيرا عن الإيجاب توجهه لمن يرغب في التعاقد معها خلال الإعلان عن الدعوة إلى المنافسة للحصول على الصفقة التي تريد إبرامها ويتخذ هذا الإعلان الشكل المكتوب.

كما تصدر المصلحة المتعاقدة بمناسبة دعوتها للمنافسة دفتر الشروط طبقا للمادة 26 من المرسوم 15/247 الذي يتخذ هو الأخر شكلا مكتوبا.[36]

2 : الكتابة في الوثائق الصادرة عن المتعامل المتعاقد :

بعد الدعوة إلى المنافسة الذي تصدره المصلحة المتعاقدة بشكل مكتوب، يرد المتعامل المتعاقد على المصلحة المتعاقدة من خلال ترشحه بشكل مكتوب، ويتضمن ملف الترشح خصوصا رسالة التعهد والتصريح الشرفي اللذان يتمان بصورة مكتوبة، إضافة إلى العرض المالي والعرض التقني الذي يتم أساسا بصورة مكتوبة طبقا للمادة 67 من المرسوم 15/247 الذي ينص على :"يجب أن تشتمل العروض على ملف الترشح وعرض تقني وعرض مالي ..."كما أن المادة 69[37] من ذات المرسوم التي تنص على :"لا تطلب الوثائق التي تبرر المعلومات التي يحتويها التصريح بالترشح...." ، اشترطت الوثائق المثبتة للمعلومات التي يحتويها التصريح الشرفي ، و هي كلها وثائق مكتوبة.

3 : الكتابة في الوثائق اللاحقة لإبرام الصفقة :

لا تقتصر الكتابة على ذات الصفقة وعلى الوثائق السابقة لها، إنّما تمتد أيضا إلى الوثائق اللاحقة للصفقة، ويظهر ذلك جليا في الصفقات التطبيقية التي تلي إبرام الصفقات المسماة عقود البرامج طبقا لنص المادة 32 من المرسوم 15/247 السابق.

كما تظهر الكتابة شرطا أيضا في مجال إبرام الملاحق التي تستهدف تعديل بنود الصفقة طبقا للمادة 135 من المرسوم الرئاسي 15/247 .[38]

كما يشترط أيضا في إجراءات فسخ الصفقة، الكتابة بدءا بالاعتذارات التي تصدرها المصلحة المتعاقدة للمتعامل المتعاقد بغرض إجباره على احترام بنود الصفقة طبقا للمادة 149[39] من نفس المرسوم، وانتهاء بقرار فسخ الصفقة الذي تصدره بصورة انفرادية المصلحة المتعاقدة طبقا للمادة 150[40] من ذات المرسوم.

كما أن الكتابة تعتبر كذلك شرطا في الفسخ ألاتفاقي للصفقة العمومية، عندما يكون مبررا بظروف خارجة عن إرادة المتعاقد، حسب الشروط المنصوص عليها صراحة لهذا الغرض...".

الفرع الثاني: الكتابة الالكترونية في الصفقات العمومية:

حيث سنتناول في هذا الفرع الكتابة الالكترونية في التشريع المعمول به (اولا) ، ثم الكتابة الالكترونية في المرسوم الرئاسي 15/247 (ثانيا).

أولا: الكتابة الالكترونية في التشريع المعمول به: 

بموجب التعديل الذي ادخل علي التقنين المدني من خلال القانون 10/05 المؤرخ في 2005/06/20 أدرج نص المادة 323 مكرر 1 من التقنين المدني التي تنص على "يعتبر الإثبات بالكتابة في الشكل الالكتروني كالإثبات بالكتابة علي الورق، بشرط امكانية التأكد من هوية الشخص الذي أصدرها، وأن تكون معدة ومحفوظة في ظروف تضمن سلامتها" .

وبالرغم من أن المشرع يتحدث عن القيمة القانونية للإثبات بالكتابة التي تتم في الشكل الالكتروني، إلا أنه حدد شروط الكتابة الالكترونية، وهي امكانية التأكد من هوية الشخص التي أصدرها وأن تكون معدة ومحفوظة بشكل يضمن سلامتها، وهي كلّها شروط تقنية لا يعتبر رجل القانون مؤهلا لإثباتها.

 بل يتطلب ذلك إجراء خبرة تقنية من أهل الاختصاص في حالة المنازعة في ذلك طبقا لنص المادة 125 و ما بعدها من تقنين ا.م.ا ، والحقيقة أن اعتبار المسالة تقنية يفتح المجال واسعا حول جدل قد يثور بخصوص مدى توافر الشروط القانونية في آية كتابة تتم في الشكل الالكتروني، ويصبح فيه أصحاب الخبرة التقنية أكثر تحكما في المنازعات من رجال القضاء، ناهيك عن أن المسالة برمتها هي محل تطور يشهده العالم، الأمر الذي قد يثبت في القريب العاجل أن ما كان يمكن الحكم علي انه "ظروف تسمح سلامة الكتابة الالكترونية"، ستصبح ظروفا لا تحفظ السلامة، وتصبح معه الأحكام التي استندت إلى الخبرات التي تقول بسلامة الظروف منافية تماما لنص المادة 323 مكرر 1 من التقنين المدني.[41]

ثانيا: الكتابة الالكترونية في المرسوم الرئاسي 15/247:

نظم م.ج بموجب أحكام المواد 203 إلى 206 من ذات المرسوم الاتصال وتبادل المعلومات بالطريقة الالكترونية.

ويظهر جليا من خلال ملاحظة عنوان (الباب، القسم) أن استعمال الكتابة الالكترونية قاصر في مجال ًص.ع على الاتصال وتبادل المعلومات بين المصلحة المتعاقدة والمتعامل المتعاقد.

إلا إن الاطلاع على نص المادة 204 من نفس المرسوم التي تنص على أن المشرع سمح باستعمال الكتابة في شكل الالكتروني في مراحل إعداد الصفقة من خلال الدعوة للمنافسة الذي يصدر عن المصلحة المتعاقدة ، و الرد الذي يصدر عن المتعامل المتعاقد  وهو الأمر الذي تم تأكيده من خلال نص المادة 206 من ذات المرسوم من خلال السماح بإجراء المزاد الالكتروني أو الاطلاع على الفهارس الالكترونية للمتعهدين بغرض اختيار أحسن عرض من حيث الامتيازات الاقتصادية، وبالتالي فان ك.ا المسموح بها في إطار أحكام المرسوم الرئاسي 15/247 هي تلك التي تشمل فقط المراحل التحضيرية لإبرام الصفقة.[42]

المطلب الثاني: طرق وإجراءات الصفقة العمومية :

إن الملاحظ علي التشريعات المتعاقبة المنظمة للصفقات العمومية من الأمر 67 ـ 90 إلى غاية المرسوم الرئاسي 12 ـ 23 نجد أن المناقصة كأصل عام والتراضي كاستثناء هما طريقة إبرام الصفقات العمومية، لذلك كان لزاما التطرق ولو بإيجاز لتعريفهما وبيان أهم أشكالهما، في ظل المرسومين الرئاسيين 10 ـ 236 الذي يعتبر ما قبل الأخير والمرسوم 12 23 الأخير في هذا الشأن والذي تضمن بعض التحديثات في بعض المواضيع التي سنبينها من خلال هذا العنصر (الفرع الأول)، كذلك هناك إجراءات لإبرام الصفقات (الفرع الثاني). 

الفرع الأول: طرق إبرام الصفقات العمومية:

حيث لابد من الوقوف على أحكام المرسوم 15 ـ 247 وهو موضوع حديثنا إذ نجده أخذ مأخذا جديدا و بتسمية جديدة ممثلا في طلب العوض في نصوصه القانونية بدا من الأساس القانوني الدعم لذلك المادة (39).

كما يكون لنا التركيز في ورقتنا البحثية محصورة في المجال القانوني للمواد 39 ـ 52، حيث سنتطرق إلى طريقة المقاصة (أولا)، ثم طريقة التراضي (ثانيا).

أولا: طريقة المناقصة:

إن طلب العروض (المقاصة) على خلاف ص.ع قد حظيت بعدة تعريفات سواء فقهية أو قانونية، سنركز على التعريفات القانونية في مجال دراستنا لنقف علي التغيرات التي مرّ بها هذا المصطلح من خلال التطرق إلى العناصر الآتية:

1 : تعريف طلب العروض :

سنقوم بتعريفهما في المرسومين الرئاسيين الأخيرين من خلال ما يلي مع إجراء مقارنته مع أحكام المرسوم 15 ـ 247 .

أ : تعريف المناقصة في المرسوم الرئاسي 02 ـ 250[43]:

لقد عرفها المرسوم الرئاسي 02 ـ 250 في المادة 21 على أنها: المناقصة هي إجراء يستهدف الحصول على عروض من عدّة متعهدين متنافسين مع تخصيص الصفقة للعارض الذي يقدم أفضل عرض ".

لقد سايرت هذه المادة سابقتها ولم تربط مسالة اختيار المتعهدين المتنافسين بالمعيار المالي بل ربطته بالأفضلية فاتحة المجال أمام الإدارة في أعمال سلطتها في تقدير معايير الأفضلية، هذا وقد انتقد جانب من الفقه مصطلح المناقصة على أساس أن مصطلح طلب العروض هو الأفضل.

ب : تعريف المناقصة في المرسوم الرئاسي 10 ـ 236 :

لقد عرف هذا المرسوم أيضا المناقصة في المادة 26 بذات التعريف الوارد في المرسوم السابق دون أي تعديل وهذا هو المعمول به لأن المرسوم الرئاسي أيضا 12 ـ 23 لم يحدث هذه المادة.

ت : تعريف طلب العروض في المرسوم الرئاسي 15 ـ 247:

عرف م.ج طلب العروض في فحوي المادة 40 التي أحالتنا إليها المادة 39 بالاتي: هو إجراء يستهدف الحصول على عدّة عروض من متعهدين متنافسين ما تخصيص الصفقة للمتعهد الذي قدم أحسن عرض من حيث المزايا الاقتصادية.

كما نجد أنه قنن وصرح بصورة تأكيدية عن الحالات التي تظهر فيها عدم الجدوى في المحطات الثلاثة :

ـ عدم استلام غي عرض.[44]

ـ عدم مطابقة أي عرض لموضوع الصفقة ولمحتوى دفتر الشروط بعد تقييم العروض.

ـ ضمان التمويل.

من خلال استقراءنا أيضا لنص المادة تضيف على ما قلناه سابقا أن م.ج أخذ مأخذ طلب العروض كأصل عام بصورة ضمنية لا صريحة.

كما انتقل من مصطلح أفضل العروض إلى مصطلح أحسن العروض وله أيضا قول في ذلك بالرجوع إلى مجموعة من النصوص القانونية.

2: أشكال المناقصة في أحكام المراسيم السابقة : 

للمناقصة أشكال متعددة بينتها المادة 28 من المرسوم الرئاسي 10 ـ 236 سواء كانت وطنية أو دولية يمكن إجمالها فيما يلي :

أ: المناقصة المفتوحة:

هي حسب المادة 29 من المرسوم السابق إجراء يمكن من خلاله أي مترشح مؤهل أن يقدم تعهدا.[45]

 

 

ب: المناقصة المحدودة :

هي حسب المادة 30/1 إجراء لا يسمح فيه بتقديم تعهد إلا للمرشحين الذين تتوفر فيهم بعض الشروط و لمتمثلة في مجال التأهيل والتصنيف والمراجع المهنية المتناسبة مع طبيعة المشروع ومتطلباته.

ت: الاستشارة الانتقائية:

حيث عرفتها المادة 31 المعدلة والمتممة بموجب المادة 6 من المرسوم الرئاسي 12 ـ 23 بأنّها إجراء يكون المرشحون المرخص لهم بتقديم عرض فيه هم المدعوون خصيصا للقيام بذلك بعد انتقاء أولي.

 

هنا نلاحظ من خلال نص المادة أن م.ج قد منح للإدارة قدرا واسعا من الحرية من خلال السماح لها الاتصال بالمتعاملين وانتقائهم بكل حرية.[46]

ث: المزايدة:

هي حسب المادة 33 من ذات المرسوم إجراء لمنح الصفقة للمتعهد الذي يقدم العرض الأقل ثمنا، وتشمل العمليات البسيطة من النمط العادي ولا تخص إلا المؤسسات الخاضعة للقانون الجزائري.

ح: المسابقة:

عرفتها المادة 34 المعدلة والمتممة بموجب المادة 6 من المرسوم الرئاسي 12 ـ 23 بأنها ذلك الإجراء الذي يضع رجال الفن في منافسة قصد انجاز عملية تشتمل على جوانب تقنية أو اقتصادية أو جمالية أو فنية خاصة.

وهي تتم بموجب جملة من الإجراءات المنظمة بموجب المادة أعلاه التي يتبين من خلال استقرائها بأن المسابقة إجراء مخصص للأشخاص الطبيعيين دون المعنويين لأنه يركز على الجانب الفني مما يجعل المادة جدا مقارنة بالغرض المرجو من إجراء المتمثل في إبرام المناقصة التي قد تتم من طرف أشخاص طبيعيين أو معنويين.[47]

3: أشكال طلب العروض في أحكام المرسوم 15 ـ 247:

لطلب العروض أشكال متعدّدة بينتها المادة 42 من المرسوم الرئاسي 15 ـ 247 سواء كانت وطنية أو دولية يمكن إجمالها فيما يلي:

أ: طلب عروض مفتوح:

وهي إجراء يمكن من خلاله أي مرشح مؤهل أن يقدم تعهدا. أي أنه لم يأتي بجديد في النقطة المتعلقة بهذا الشكل.

 

ب: طلب العروض المفتوح مع اشتراط قدرات الدنيا:

وهي حسب المادة 44/1 إجراء لا يسمح فيه بتقديم تعهد إلا للمرشحين الذي تتوفر فيهم بعض الشروط الدنيا المؤهلة التي تحددها المصلحة المتعاقدة مسبقا.[48]

وحددت الفقرة الثانية من المادة أعلاه هذه الشروط والمتمثلة في مجال التأهيل والتصنيف والمراجع المهنية المتناسبة مع طبيعة المشروع ومتطلباته، مع بيان قوة ودفتر الشروط في هذا النوع من الأشكال.

ت: طلب العروض المحدود: 

حيث عرفتها المادة 45 و 46 إجراء يكون المرشحون المرخص لهم بتقديم عرض فيه هم المدعوون خصيصا للقيام بذلك بعد انتقاء أولي .

هنا نلاحظ من خلال نص المادة أن م.ج قد منح للإدارة قدرا واسع من الحرية من خلال السماح لها بالاتصال بالمتعاملين وانتقادهم بكل حرية. كما أكد على ضرورة احترام مبادئ قيام الصفقة العمومية وأعطى الحيز القانوني للعملية الإجرائية من خلال بيان اللجوء إليها أما على: مرحلتين أو على مرحلة واحدة مع بيان المتطلبات وكيفيات الانتقاء الأولي بصورة تبعد الإدارة من دائرة التهمة والشك.

إضافة إلى ذلك حدّد المجال المغلق للاستشارة لبيانه عدد المتنافسين ولم يحدد العدد الأدنى للعارضين مما طرح أيضا تساؤل ... ولماذا عكس ما أخذ به المرسوم 10 ـ 236 وما تلاه من تحديثات إلي غاية 13 ـ 03.[49]

ث: المزايدة:

تم استبعادها في أحكام هذا المرسوم كشكل من أشكال طلبات العروض.

ح: المسابقة:

عرفتها المادة 47 ودعمتها المادة 48 الإجراء الذي يضع رجال الفن في منافسة قصد انجاز عملية تشتمل على جوانب تقنية أو اقتصادية أو جمالية أو فنية خاصة.

ثانيا: التراضي:

يعتبر التراضي أسلوبا استثنائيا من أساليب إبرام الصفقات العمومية يختلف عن الرضي الذي يعتبر شرطا لإبرام العقود، فالتراضي هنا هو مصطلح فرنسي تم استبداله بمصطلح التعاقد بناءا على مفاوضة، والذي يهمنا هو تعريف هذا المصطلح في التشريع المعمول به في مجال الصفقات العمومية[50]، لذلك سنحاول من خلال العناصر الآتية الوقوف على تعريفه(1) وبيان أنواعه (2) وأهم إجراءاته(3).

1: تعريف التراضي في المرسوم 15 ـ 247:

لقد اهتم المشرع الجزائري بتعريف التراضي عبر المراحل التشريعية المختلفة للصفقات العمومية، 19 إلى أن عرفه في المادة 27 من المرسوم الرئاسي 10 ـ 236 بأنه ذلك الإجراء الهادف لتخصيص الصفقة لمتعامل متعاقد واحد دون المرور بالإجراءات الشكلية التي سبق الحديث عنها في المناقصة، كما أن المشرع اعتبره طريقا استثنائيا مقيدا بمجالات حددها حصرا في المادة 43 من ذات المرسوم.

والذي ذهب في السياق نفسه أحكام المرسوم 15 ـ 247 مؤكدا على ذلك بصورة صريحة على أن التراضي استثناء وليس بأصل حيث قنن بمواد مستدركة في نص المادة 51 منه.[51]

2: أشكال التراضي:

إن التراضي الذي يعتبر طريقا استثنائيا لإبرام الصفقات العمومية، حتى لا تلجأ الإدارة إليه كسبيل للتخلص من القيود القانونية المفروضة عليها في اختيار المتعاقد عن طريق المناقصة، يتخذ حسب نص المادة 27/1 من المرسوم الرئاسي 10 ـ 236 شكلين أساسيين هما:

أ- التراضي البسيط:

وهو الأساس بالنسبة لإبرام ص .ع  عن طريق التراضي حيث اهتم م.ج ببيان حالاته بدقة في المرسوم الرئاسي 12 ـ 23 في المادة 6 التي عدلت وأتممت المادة 43 من المرسوم الرئاسي 10 ـ 236 بإضافة الفقرتين 1 و 2 والمادة 4 من المرسوم الأول التي عدلت المادة 7 من المرسوم الثاني، حيث لا يمكن للمصلحة المتعاقدة اللجوء لهذا الطريق إلا في الحالات الآتية:

قبل الشروع في تنفيذ الخدمات في حالة وجود خطر يهدد استثمارا أو ملكا للمصلحة المتعاقدة أو الأمن العمومي.[52]

في حالة تتم تنفيذ خدمات على وجه الاستعجال تتعارض في طبيعتها مع إجراءات إبرام الصفقة على أن تتم الموافقة على ذلك أثناء اجتماع الحكومة.

عند عدم إمكانية تنفيذ الخدمة إلا على يد متعامل متعاقد وحيد يحتكر هذا النشاط لمقتضيات فنية أو تكنولوجية.

عند الاستعجال الملح نتيجة خطر داهم يهدد ملك أو استثمار.

في حالة تموين مستعجل التي تشبه لحد بعيد الحالة السابقة ما عدا في تخصيصها للتموين.

      في حالة مشروع ذي أهمية وطنية مع ضرورة الموافقة المسبقة من مجلس الوزراء وهنا تم إضافة تقييد أخر يتمثل في المعيار المالي حيث لابد أن يفوق عشرة ملايير دينار (10.000.000.000) د.ج، وإذا كان المبلغ اقل من ذلك فلابد من الموافقة المسبقة أثناء اجتماع الحكومة.[53]

ب- التراضي بعد الاستشارة:

هو كذلك إجراء استثنائي تقوم المصلحة المتعاقدة بموجبه بعقد صفقات بعد استشارة مسبقة يكون فيها عدم الجدوى السمة الأساسية لهذا النوع من التعاقد أي بعد عدم وجود منافسين للمرة الثانية.

       وكذلك في حالة الصفقات المتعلقة بالدراسات واللوازم والخدمات الخاصة التي لا تستلزم اللجوء إلى طلب العروض.

ضف إلى ذلك الصفقات الممنوحة مسبقا وكانت محل فسخ ، وكانت لا تتلاءم وطلب عروض جديدة ، حيث يمكن للمصلحة المتعاقدة استشارة المتعهدين المشاركين في طلب العروض وفق رسالة استشارة بنفس الشروط المعلنة سابقا ، مع تقليص مدة تحضير العروض.

وفي حالة استشارة متعهدين جدد لم يشاركوا من قبل لابد من المرور بالإعلان عن طريق النشر وفق الأحكام المتخذة في المناقصات

وهذا حسب ما جاء في المادة 51 من المرسوم الرئاسي رقم 247/15 المتضمن تنظيم الصفقات العمومية وتفويضات المرفق العام. [54]

 

الفرع الثاني: إجراءات الصفقات العمومية:

سنتناول في هذا الفرع إعداد المشروع ودفتر الشروط (أولا)، ثم طرح الأعمال للتناقص وإيداع العروض (ثانيا)، ثم مرحلة إرساء الصفقة (ثالثا).

أولا: إعداد المشروع ودفتر الشروط:

يمرّ إعداد المشروع بالمراحل الآتية :

1 ـ اختيار المشروع وفقا للحاجات الاجتماعية والاقتصادية.

2 ـ دراسة الجدوى الفنية للمشروع، والتي جاء فيها دراسة امكانية تنفيذ المشروع من الناحية الفنية، ملائمة الموقع، توفر المواد اللازمة والإمكانيات اللازمة للتنفيذ.

3 ـ دراسة الجدوى الاقتصادية، وهي دراسة تكاليف المشروع ومقارنتها بالمردود الاقتصادي أو الأثر الاجتماعي والبيئي للمشروع.

4 ـ التصميم المبدئي للمشروع، ويتم فيها إعداد التصور العام للمشروع وتحديد وظائف العناصر المختلفة منه ودراسة المواد التي سيتم استخدامها وإعداد التكلفة التقديرية للمشروع ومن ثم مناقشة ذلك مع مالك المشروع لإقراره أو إدخال ما يلزم من تعديلات.

5 ـ التصميم التفصيلي للمشروع، ويشمل إعادة كافة التفاصيل المعمارية والإنشائية والأعمال الميكانيكية والكهربائية والصحية وخلاف ذلك.

6 ـ إعداد التصميم النهائي، بعد مراجعة التصميم التفصيلي، واعتماده يتم إعداد التصميم النهائي والذي يتضمن كافة التفاصيل الجزئية اللازمة لضمان دقة التنفيذ، وكذلك إعداد المواصفات الفنية العامة والخاصة، وجداول الكميات والجدول الزمني المقترح لتنفيذ المشروع والتكلفة التقديرية وشروط الدعوى للعطاء، والشروط العامة والخاصة لعقد التنفيذ.[55]

     أما بالنسبة لدفتر الشروط، فهي العناصر مكونة للصفقات العمومية إذ تكون معينة دوريا، حيث توضع الشروط التي تبرم وتنفذ وفقها الصفقات وهي تشمل بالأساس على ما يأتي

1 : دفاتر البنود الإدارية العامة: المطبقة على كل صفقات الأشغال واللوازم والدراسات والخدمات الموافق عليها بموجب قرار وزاري مشترك.

2 : دفاتر التعليمات المشتركة: التي تحدد الترتيبات التقنية المطبقة على كامل الصفقات المتعلقة بنوع واحد من الأشغال واللوازم والخدمات الموافق عليها بقرار من الوزير المعني.[56]

3 : دفاتر التعليمات الخاصة :

التي تحدد الشروط الخاصة بكل صفقة.

ثانيا: طرح الأعمال للتناقص وإيداع العروض:

يضم طرح الأعمال للتناقص ما يلي :

 

1: الإعلان عن الصفقة :

يهدف الإعلان عن الصفقة إلى إضفاء الشفافية على العمل الإداري، حيث يتم إعلام المعنيين (المقاولين ، الموردين....الخ)، ممّا يفسح المجال للمنافسة بينهم، ويضمن احترام مبدأ المساواة، ويسمح للإدارة باختيار أفضل العروض والمرشحين.

2: طبيعة الإعلان:  يجب اللجوء إلى الإشهار الصحفي إلزاميا في الحالات الآتية: المناقصة المفتوحة، المناقصة المحدودة، الدعوة إلى الانتقاء الأولي، المسابقة، المزايدة.[57]

3: محتوى الإعلان: يجب أن يحتوي إعلان المناقصة على البيانات الإلزامية الآتية:

العنوان التجاري، وعنوان المصلحة المتعاقدة، كيفية المناقصة (مفتوحة أو محددة، وطنية أو دولية) أو المزايدة، أو عند اقتضاء المسابقة، موضوع العملية (مفتوحة  أو محددة، وطنية أو دولية)، موضوع العملية، الوثائق التي تطلبها المصلحة المتعاقدة من المرشحين، تاريخ أخر أجل ومكان إيداع العروض، إلزامية الكفالة، عند الاقتضاء، التقديم في ظروف مزدوج مختوم تكتب فوقه عبارة "لا يفتح" ومراجع المناقصة، ثمن الوثائق عند الاقتضاء.[58]

4 : طبيعة الإعلان :

يجب أن يحرر الإعلان، طبقا للمادة 43 منه، أن:

ü    ينشر إجباريا، في النشرة الرسمية لصفقات المتعامل العمومي وعلى الأقل في جريدتين يوميتين وطنيتين .

ü    يمكن إعلان المناقصات الولاية والبلدية والمؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري الموضوعة تحت وصايتها والتي تتضمن صفقات أشغال أو توريدات . ودراسات وخدمات التي يساوي مبلغها، تبعا لتقييم إداري. على التوالي، خمسين مليون دينار أو يقل عنها عشرين مليون دينار أو يقل عنها، أن تكون محل إشهار محلي، حسب الكيفيات الآتية:

ü    نشر الإعلان عن المناقصة في يوميتين محليتين أو جهويتين.

ü    إلصاق إعلان المناقصة بالمقرات المعنية: للولاية، لكافة بلديات الولاية، للمديرية التقنية المعنية في الولاية، لغرفة التجارة والصناعة، الحرف والفلاحة.[59]

5: لغة الإعلان: يجب أن تكون كما ينص المادة 43 من ق.ص.ع على ما يلي :" يحرر إعلان المناقصة باللغة الوطنية وبلغة أجنبية واحدة على الأقل ..." وكان من المفروض لو اقتصر تطبيق هذه الشروط على المناقصات الدولية، حفاظا وحماية ودعما للثوابت الوطنية المنصوص عليه في الدستور، وخاص اللغة العربية (المادة :3 من الدستور).

أمّا إيداع العروض، بعد الإعلان عن الصفقة، يتقدم المتعهدون بعطاءاتهم وعروضهم إلى الجهة الإدارية المختصة، وفقا للقواعد التالية :" يجري أجل إيداع العروض ابتدءا من تاريخ أول صدور للإعلان عن المناقصة في ن.ر لصفقات المتعامل العمومي أو في اليوميات الوطنية، الجهوية أو المحلية" .[60]

تحدّد الإدارة أو المصلحة المتعاقدة، بما لها من سلطة تقديرية وتبعا لطبيعة الصفقة وتعقيدها، أجلا ومدّة لتقديم العروض (30 يوما مثلا) بداية من تاريخ الإعلان في الجريدة بصورة تكفل الإعلام الكافي للمتنافسين، كما يمكن للمصلحة المتعاقدة أن تمدد ذلك الأجل  ويبقي المتعهد ملتزم بعطائه طيلة مدّة الآجل. لصحة العطاء اشترطت المادة 45 من المرسوم الرئاسي ما يلي:

"رسالة التعهد، التصريح بالاكتتاب (تحدد نماذج رسالة التعهد و التصريح بالاكتتاب بقرار من الوزير المكلف بالمالية) ، يعدّ العرض في حد ذاته وفق دفتر الشروط، كفالة التعهد الخاصة بصفقات الأشغال واللوازم التي لا يمكن أن تقل في أي حال عن  1%من مبلغ التعهد، كل الوثائق التي تخص تأهيل المتعهد في الميدان المعني (شهادة التأهيل والترتيب لصفقات الأشغال والاعتماد لصفقات الأشغال والاعتماد لصفقات الدراسات وكذا المراجع المهنية، كل الوثائق الأخرى التي تشترطها المصلحة المتعاقدة، كالقانون الأساسي للمؤسسة المتعهدة والسجل التجاري والحصائل المالية والمراجع المصرفية، الشهادات الجبائية وشهادات هيئات الضمان الاجتماعي بالنسبة للمتعهدين الوطنيين والمتعهدين الأجانب الذين عملوا في الجزائر، مستخرج من صحيفة السوابق القضائية للمتعهد عندما يتعلق الأمر بشخص طبيعي، وللمسير أو المدير العام للمؤسسة عندما يتعلق الأمر بشركة" .[61]

إن الهدف من كل ذلك أن تتمكن المصلحة المتعاقدة من:

التأكد من الأهلية القانونية في التعاقد من الناحية والمفضلة بين المتعهدين المتنافسين بناء على أسس ومعايير موضوعية من ناحية أخرى.

ثالثا: مرحلة إرساء الصفقة:

تمر عملية إرساء الصفقة أو العطاء بمرحلتين متمايزتين، تختص بكل واحدة منها لجنة إدارية:

1 : لجنة فتح الأظرف : طبقا لنص المادة 107 من المرسوم الرئاسي رقم (02 ـ 250) : "يحدد مسئول المصلحة المتعاقدة بمقرر، تشكيلة اللجنة المذكورة في إطار الإجراءات القانونية والتنظيمية المعمول بها" .[62]

تتمثل المهمة الأساسية للجنة في التحضير المادي لملفات وعروض المتعهدين  حيث نصت المادة 108 منه على ما يلي :" تتمثل مهمة لجنة فتح الأظرف فيما:

ـ تثبت صحة تسجيل العروض علي سجل خاص.

ـ تعد وصفا مختصرا للوثائق التي يتكون منها التعهد.

ـ تحرر المحضر أثناء انعقاد الجلسة، الذي يوقعه جميع أعضاء اللجنة الحاضرين.

ـ تحرر لجنة فتح الأظرف، عند الاقتضاء، محضرا بعدم جدوى العملية يوقعه الأعضاء الحاضرون . يجب أن يحتوي المحضر على التحفظات التي قد يدلي بها أعضاء اللجنة.

 

 

2: لجنة تقييم العروض: تحدث لدي كل مصلحة متعاقدة لجنة لتقييم العروض.

يعين مسئول المصلحة المتعاقدة أعضاء اللجنة والتي تتكون من أعضاء مؤهلين يختارون نظرا لكفاءاتهم.

 

 

خلافا لاختصاص لجنة فتح الأظرف، تتمتع لجنة تقويم العوض بسلطات فنية وتقنية تتمثل أساسا فيما يلي:

 دراسة وتحليل العروض، وبدائل العروض، عند الاقتضاء.

ـ تقديم الاقتراح أو الاقتراحات المناسبة للجهة المختصة باتخاذ القرار النهائي في إبرام الصفقة، والتي "....لا يمكنها اختيار سوي ما بين المرشحين المقبولين من طرف لجنة تقييم العروض."

  ملخص الفصل الأول .

إن الصفقات العمومية مرتبطة إرتباطا وثيقا بالخزينة العامة والمال العام حيث تكلف اعتمادات مالية ضخمة نتيجة تعدد الهيئات الإدارية، فلاشك فيه أن هذه الأموال الضخمة لابد أن تكون محلا لجلب متعاملين اقتصاديين على اختلاف أنواعهم وأشكالهم لمحاولة تحقيق رغباتهم في الربح من جهة، وتحقيق المصلحة العامة من جهة أخرى، مع ترشيد نفقات المال العام محل الصفقات.



[1] ـفيصل نسيغة ، النظام القانوني للصفقات العمومية و اليات حمايتها ، مجلة الاجتهاد القضائي ، كلية الحقوق و العلوم السياسية ، جامعة بسكرة ، العدد الخامس ، 2011 ، ص 112.

[2] تياب نادية، آليات مواجهة الفساد في مجال الصفقات العمومية، مذكرة لنيل شهادة دكتوراه، تخصص قانون إداري ، كلية  الحقوق ، جامعة مولود معمري تيزي وزو، 2013، ص 116.

[3] تياب نادية، مرجع نفسه، ص 116 ـ 117.

[4] ـ المرجع نفسه، ص 117.

[5] فيصل نسيغة، مرجع سابق، ص 113.

[6]ـ المرجع نفسه، نفس الصفحة.

[7] ناصر لباد، الوجيز في القانون الإداري، ط 4، دار المجدد للنشر و التوزيع، سطيف الجزائر، دون سنة نشر، ص 19.

[8] الأمر 67/90 المؤرخ في 17 جوان 1967، المتضمن تنظيم الصفقات العمومية، الجريدة الرسمية عدد 52، الصادرة في 27 جوان 1967.

[9]  المرسوم  82/145 ، المؤرخ في 10/ أفريل 1982، المتضمن تنظيم صفقات المتعامل العمومي، الجريدة الرسمية عدد 15 ، الصادرة في 13 أفريل 1982.

[10]  المرسوم التنفيذي 91/434، المؤرخ في 09/11/1991، المتضمن إعادة تنظيم الصفقات العمومية، الجريدة الرسمية عدد 57، الصادرة في 13/11/1991 .

[11]  المرسوم الرئاسي 02/250، المؤرخ في 24 جويلية 2002، المتضمن تنظيم الصفقات العمومية، الجريدة الرسمية عدد 52، الصادرة في 27 جويلية 2002.

[12] المرسوم الرئاسي 10/236، المؤرخ في 03 أكتوبر 2010، المتضمن تنظيم الصفقات العمومية، الجريدة الرسمية عدد 58 الصادرة في 07 أكتوبر 2010.

[13] أحمد دغيش ، الجرائم المتعلقة بالصفقات العمومية في إطار الوقاية من الفساد وحمايته، مداخلة رقم 09، جامعة بشار، ص 62.

[14] أحمد دغيش ، مرجع نفسه، ص ص 62 - 63.

[15] عبد الرحمان تيشوري، الرقابة القضائية على أعمال الإدارة ـ القضاء الكامل المرفق، مقال منشور يوم 27/07/2015 على الساعة  25 : 04، ص 32.

[16] بوشارب الزهرة، نظرية فعل الأمير وأثرها في المادة الإدارية، مذكرة لنيل شهادة ماستر، جامعة قاصدي مرياح، ورقلة  2013 ـ 2014، ص 51.

[17]بوشارب الزهرة، المرجع السابق، ص ص51- 52.

[18] مفتاح خليفة عبد الحميد و حمد محمد حمد الشلماني، العقود الإدارية وأحكام إبرامها، دار المطبوعات الجامعية  الإسكندرية، 2008  ، ص 70.

[19] عمار بوضياف، شرح تنظيم الصفقات العمومية، جسور للنشر والتوزيع، ط 3، الجزائر، 2011، ص 15.

[20] المرجع نفسه ، ص 15 ـ 16.

[21] فتوح حمامة، عملية إبرام الصفقات العمومية في القانون الجزائري ،  ط2، ، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2006، ص 14.

[22] المرسوم الرئاسي  15/247، المؤرخ في 16 سبتمبر 2015، المتضمن تنظيم الصفقات العمومية و تفويضات المرفق العام، الجريدة الرسمية، العدد 50.

[23] عبد العالي سمير، الصفقات العمومية والتنمية، ط 1، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، 2010، ص 32.

[24] المرجع نفسه، ص ص 32 - 33.

[25] عبد العالي سمير ، مرجع نفسه ، 33.

[26] سليمان محمد الطماوي ، الأسس العامة للعقود الإدارية ، دراسة مقارنة ، د .ط ، دار الفكر العربي ، 2001 ، ص 80.

[27] سليمان محمد الطماوي، مرجع نفسه، ص 80 ـ 81.

[28] لطيفة بهي، آليات الرقابة الإدارية علي الصفقات العمومية في الجزائر، مجلة الندوة للدراسات القانونية، كلية الحقوق و العلوم السياسية، جامعة الوادي، العدد الأول، 2013، ص 77.

[29] المرجع نفسه ، ص ص 77 ـ 78.

[30]فيصل نسيغة ، المرجع السابق، ص 34.

[31] المرجع نفسه ، نفس الصفحة.

[32] خضري حمزة ، عنوان المداخلة الرقابة علي الصفقات العمومية في ضوء المرسوم الجديد ، يوم دراسي حول التنظيم الجيد للصفقات العمومية و تفويضات المرفق العام ، كلية الحقوق ، جامعة المسيلة ، 23 فيفري 2016. ، ص 12.

[33] خضري حمزة ، مرجع نفسه ، ص 12 ـ 13.

[34] فيصل نسيغة ، مرجع سابق ، ص 35.

[35] المرسوم الرئاسي 15/247 ، مصدر سابق.

[36] ـلطيفة بهي ، مرجع سابق ، ص 80.

[37] المادة 69 المرسوم الرئاسي 15 /247 ، مصدر سابق.

[38] المادة 32 من المرسوم الرئاسي 15 /247 ، مصدر سابق.

[39] المادة 149 من المرسوم الرئاسي 15/247 ، مصدر سابق.

[40] المادة 150 من المرسوم الرئاسي 15/247 ، مصدر سابق.

[41] خضري حمزة، مرجع سابق، ص 17.

[42] عبد العالي سمير، مرجع سابق، 93.

[43]المرسوم الرئاسي 02/250 ، المؤرخ في 24 جويلية 2002 ، المتضمن تنظيم الصفقات العمومية ، الجريدة الرسمية عدد 52 ، الصادرة في 27 جويلية 2002 ، ص 39.

[44] ـفتوح حمامة، مرجع سابق، ص 16.

[45]  عبد العالي سمير، مرجع سابق، ص 36.

[46] عبد العالي سمير، مرجع سابق، ص 36 ـ 37 .

[47]ـفتوح حمامة ، مرجع سابق ، ص ص 16 ـ 17.

[48] المرجع نفسه ، ص 17.

[49]ـلطيفة بهي، مرجع سابق، ص 82.

[50]  ناصر لباد، مرجع سابق، ص 22.

[51]  ناصر لباد، مرجع سابق، ص 22 ـ 23.

[52]  تياب نادية، مرجع سابق، ص 120.

[53]  تياب نادية، مرجع سابق، ص 120 ـ 122.

[54] أنظر المادة 51 من المرسوم الرئاسي 15/247 ، المرجع السابق.

[55] ـاحمد دغيش، مرجع سابق، ص 62.

[56]المرجع نفسه، ص ص 62 -63.

[57] ـفتوح حمامة، مرجع سابق، ص 18.

[58] المرجع نفسه، ص ص 18 - 19.

[59]  خضري حمزة، مرجع سابق، ص 19.

[60] المرجع نفسه، ص ص 19-ـ 20.

[61] عبد العالي سمير، مرجع سابق، ص 40.

[62] المرجع نفسه، ص ص 40 - 41.

الاسمبريد إلكترونيرسالة