1- مفهوم النقد الثقافي:
يتكون مصطلح النقد
الثقافي من لفظتي: " نقد، ثقافي " حيث جاءت لفظة نقد منسوبة إلى
الثقافة، وسنتناول مفهوم الكلمتين كل على حدا:
1 -1- مفهوم كلمة نقد:
1-1-1: تعريف النقد لغة:
تعددت تعاريف لفظة
النقد في المعاجم العربية، فهي بمعنى إخراج زيف الدراهم من جيدها عند ابن منظور
فهو يرى أن النقد هو" نقد الدراهم، أي أخرج منها الزيف، وناقدت فلانا، إذا
ناقشته بالأمر ".[1]
وقد ورد النقد في
الشعر العربي بمعني نوع من الشياه (الغنم) قبيح المنظر وقوي البنية، وقد أشار إليه
أبو نواس في قوله: (الرجز)
خلالها شجر في فيئه نقـــــــــــــد
لا يرهب الذئب فيه
الكبش والحمل[2]
كما يأتي النقد بمعنى كشف
العيوب، فقد جاء عن أبي الدرداء قوله: " إن نقدت الناس نقدوك"[3]
في حين يذهب ابن فارس في مقاييس اللغة إلى تعريف
النقد على اعتبار أنه " النون والقاف والدال أصل صحيح يدل على إبراز شيء،
وبروزه.
ومن ذلك النقد في
الحافر: تقشيره، والنقد في الضرس: تكسيره، ونقد الدرهم، ذلك أن يكشف عن حاله في
جودته، وغير ذلك، ودرهم نقد: واز جيد، كأنه قد كشف عن حاله فعلمه".[4]
- وبذلك يكون المعنى
اللغوي للنقد هو الكشف، أو تمييز جيد الشيء وسيئ، والنقد في الكلام تمييز جيد
الكلام من غيره، وهو أيضا بمعنى التقشير، والتكسير.
2-1-1-تعريف النقد اصطلاحا:
إذا كان النقد في
اللغة هو التمييز بين الجيد والسيء من الأشياء، فإنه في الأدب هو مجموع الآليات والإجراءات
والقواعد التي ندرس بها نصا من النصوص الأدبية، فقد عرفه أحمد أمين بأنه:
"تلك القواعد التي نحكم على القطعة الأدبية أجيدة أم غير جيدة"[5]،
والنقد عند إحسان عباس تعبير عن مواقف النقاد، ذلك إن: " النقد في حقيقته
تعبير عن موقف كلي متكامل في النظرة إلى الفن عامة، وإلى الشعر، خاصة يبدأ بالتذوق
أي القدرة على التمييز، ويعبر منها إلى التفسير والتعليل، والتحليل والتقسيم،
خطوات لا تغني إحداها عن الأخرى، وهي متدرجة على هذا النسق، كي يتخذ الموقف نهجا
واضحا مؤصلا على قواعد جزئية أو عامة مؤيدا بقوة الملكة بعد قوة التمييز"[6].
وبذلك يجعل إحسان
عباس النقد ينطلق من ملكة الذوق، غير إنه يحتاج الى مراحل يمكن اعتبارها قواعد
حتى يستقيم هذا النقد، بداية من القدرة على التمييز، ثم يأتي التفسير والتعليل
والتحليل، وفي هذا المجال يتفق مع أحمد أمين في جعل قواعد للنقد يقوم عليها الناقد
في عمله، فالنقد يقوم على قواعد مأخوذ بعضها من الفلسفة، وبعضها من علم النفس،
وبعضها من الأخلاق وعلم الجمال، ثم يخضع هذا النقد القطعة الأدبية إلى تفسير
والتحليل لينتج بعد ذلك الأحكام.[7]
بذلك يكون النقد في
الاصطلاح هو مجموع الآليات والإجراءات والقواعد التي ندرس بها نص من النصوص، تختلف
هذه الآليات وفق المناهج التي تتم مقاربة هذا النص من خلالها.
1-2-الثقافة:
الثقافة هي ذلك المجال
الواسع من المعارف في مختلف العلوم والاتجاهات الفكرية، وهي بذلك قد حظيت بتعدد
مفهومها وفقا لمجال المعرفة الذي تمثله، فالثقافة عند اللغوي لها تعريفها، وعند
الفيلسوف لها تعريفها، وعند الأديب لها تعريفها، وقبل أن أم إلى تعريف الثقافة من
الناحية الاصطلاحية كان ضروريا ضبط تعريفها لغويا ثم التطرق للمفهوم الاصطلاحي بعد
ذلك.
1-2-1-تعريف الثقافة لغة:
تعددت معاني الثقافة
في المعاجم العربية، فقد جاءت في لسان العرب عند بن منظور تحمل معان متعددة المادة
(ثقف) فنقول: " ثقف الرجل ثقافة، أي صار حاذقا، وثقف الشيء حقه، ورجل ثقف
لقف، أي بين الثقافة واللقافة، والثقاف هوما يسوى به الرمح، وفي حديث عائشة (رضي الله
عنها) تصف أباها . أبا بكر . وأقام وأودها بثقافة، أي أنه سوي عوج المسلمين "[8].
ورغم أن مصطلح الثقافة لم يرد في الساحة
النقدية إلا في العصر الحديث، إلا أن لفظة (ثقف) موجودة في الشعر العربي القديم
ومن ذلك الشاعر الأموي عدي بن الرقاع العاملي (المتوفي عام 95 م) في قوله (الكامل):
وقصيدة قد بت أجمع
بينهــــــــــــا حتى أقوم ميلها
وسنادها
نظر المثقف
في كعوب قناته حتى يقيم ثقافة منادهـــــــــا
أما النابغة الشيباني، وهو شاعر أموي
أيضا (ت127 ه) فقد أشار إلى الثقافة في قصيدة يمدح فيها الوليد بن عبد الملك
(البسيط):
ومت منها فلا زيغ ولا
أود كما
أقام قنا الخطى تثقيف [9]
وقد استخدم الشعراء
القدامى لفظة (ثقف) للإشارة على مقدرتهم على تثقيف الشعر أي إخراجه في أفضل صورة،
وتقويمه، وقد أشار الجاحظ في البيان والتبين إلى ذلك من خلال قوله: " وكانوا
مع ذلك إذا احتاجوا إلى الرأي في معاظم التدبير ومهمات الأمور بيتوه في صدورهم، وقيدوه
على أنفسهم فإذا قوامه التقاف وأدخل الكير أبرزوه محكما منقحا ومصفى من الأدناس
مهذبا ".[10]
تقترب كلمة ثقافة في
المعنى نفسه عند الغربيين من التهذيب والصقل والتقويم إذ إن كلمة ثقافة في
الفرنسية تقابل اللفظة culture
وتعني أيضا حراثة الأرض وتسويتها استعدادا لزراعتها، وهي أيضا مجموع المميزات
الروحية والفكرية والمادية والعاطفية التي تميز مجتمع ما عن باقي المجتمعات.[11]
1-2-2- تعريف الثقافة
اصطلاحا: إذا اعتبرنا الثقافة من الناحية
اللغوية هي التقويم والتعديل والصقل والتهذيب فإن التعاريف الاصطلاحية تختلف بين
الأديب، وعالم الاجتماع والمفكر والناقد، وغيرهم لذا سأورد أهم هذه التعاريف في
حدود ما توصلت له:
-تايلور فريديريك Fredrik
Taylor (1856م-1915م مهندس ميكانيك أمريكي) عرف
الثقافة على
أنها: " ذلك الكل المتكامل الذي يشمل المعرفة، والمعتقدات والفنون
والأخلاقيات، والقوانين والأعراف والقدرات الأخرى .. وعادات الانسان المكتسبة
بوصفه عضوا في المجتمع".[12]
-توماس.س.إليوت Thomas Stearns Eliot
: (1988م-1965م) شاعر ومسرحي وناقد أدبي
أمريكي يرى بأن الثقافة مختلفة المعاني
حسب طبيعة الفرد ومكانته في المجتمع فيقول: " تختلف ارتباطات كلمة الثقافة
بحسب ما تعنيه من نمو فرد، أو نمو فرد، أو نمو فئة أو طبقة، إن ثقافة الفرد تتوقف
على ثقافة المجتمع كله الذي تنتمي إليه تلك الفئة أو الطبقة، وبناء على ذلك فإن
ثقافة المجتمع هي الأساسية "[13]
، بذلك يكون إيليوت قد جعل من الثقافة مرتبطة بالمجتمع وفئاته وطبقاته.
- ريمون ويليامز Raymond Henry William (1921م-1988)،
وهو مفکر مارکسي، روائي وناقد بريطاني
واضع أسس الدراسات الثقافية حيث أنه يعتبر الثقافة بأنها " نظام دلالي يفضي
حتما بالنظام الاجتماعي المعين إلى حتمية التبادل الاتصالي بين أفراده، وحتمية
إعادة إنتاجه، وحتمية معايشته، وحتمية استكشافه ".[14]
وهو بذلك يجعل من
الثقافة نظاما اجتماعيا يقوم على الاتصالية بين أفراده بالإضافة إلى كونه نظاما
دلاليا محدودا، وهوما اتفق فيه ريمون مع غيره في مفهوم الثقافة. وحظيت أيضا
الثقافة بمجال واسع لدى المفكرين العرب ونذكر من ذلك:
-مالك بن نبي
(1905م - 1973م)، مفكر ومجاهد جزائري من قسنطينة أحد رواد النهضة الفكرية
الإسلامية في القرن العشرين حيث يعرف بن نبي الثقافة باعتبارها " مجموعة من
الصفات الخلقية، والقيم الاجتماعية التي تؤثر في الفرد منذ ولادته، وتصبح لا
شعوريا العلاقة التي تربط سلوكه بأسلوب الحياة في الوسط ".[15]
وبذلك يربط بن نبي
الثقافة بسلوك الفرد وحياته ضمن مجتمعه الذي تؤثر فيه صفاته الخلقية وكذا قيمة
الاجتماعية، بالمقابل كانت للثقافة تعريفات أخرى منها:
- محمد عبد المطلب مصطفى:
(ناقد وأكاديمي مصري من أعماله البلاغة والأسلوبية، النقد الأدبي، بناء الأسلوب في
شعر الحداثة، هكذا تكلم النص).
يرى محمد عبد المطلب
أن الثقافة هي تلك: " الإضافات البشرية للطبيعة التي تحيط بها سواء أكانت
إضافة خارجية في إعادة تشكيل الطبيعة، أم تعديل ما فيها إلى آخر هذه الإضافات التي
لا تكاد توقف، بل إن هذه الإضافة الخارجية تضمن قائمة العادات والتقاليد
والمهارات، والابداعات الداخلية، بمعنى أنها تتعلق بما هو غريزي، وفطري، وبيولوجي
في الكائن البشري [16]"
، وبذلك جعل محمد عبد المطلب من الثقافة كل إضافة تصدر عن الانسان نحو الطبيعة،
هذه الإضافات تجعل من الانسان يتصرف بهذه الطبيعة ويحاول إعادة تشكيلها من جديد
وفق ما يتناسب ومتطلبات حياته.
-ويرى عبد الكريم
الجزائري أن الثقافة " هي نضج في العقل، ووعي في القلب، وإرهاف في
الشعور، واستقامة في السلوك، وحذق في الأشياء علما وعملا "[17]،
فقد جعل من الثقافة عملا عقليا لكنه ليس مجرد من العاطفة والشعور ، بل هو عمل
وسلوك على علم و معرفة.
وقد جمع عبد الكريم
الجزائري شروطا لتحقق الثقافة عند الفرد من خلال توفره على العقل والإحساس والعلم
واتقان العمل .
يمكن أن نستخلص من
التعاريف السابقة مفهوما أو مجموعة أفكار تقترب لمفهوم الثقافة بين العرب والغرب
في كون الثقافة هي:
·
المعرفة
بكل أقسامها، من فنون، وأخلاق، وقوانين.
·
كل
معرفة ارتبطت بالمجتمع وطبقاته وعلاقاته بالأفراد ضمن التشكيل الاجتماعي
·
نظام
اجتماعي لا يمكن للفرد أن يحيد عنه كونها تشمل كل ما يربط هذا التشكيل الاجتماعي
خاصة الجانب الديني، كون الثقافة ترتبط بالمعتقد ضمن المجتمع
·
الثقافة
هي العلاقة التي تربط سلوك الفرد ضمن المجتمع، وطريقة للعيش وتكييف الطبيعة لصالح
الفرد.
·
الثقافة
هي مركب بين نتاج العقل والشعور الواعي واتقان العمل.
1-3- النقد الثقافي:
يتألف النقد الثقافي
من مركب مزجي بين لفظتي "نقد، وثقافة " وهذا التركيب من ناحية المفهوم
متعدد الدلالات والتعريفات، كونه متعدد الروافد والسياقات المعرفية فهو عند ميجان
الرويلي وسعد البازغي: " نشاط فكري يتخذ من الثقافة بشموليتها موضوعا
لبحثه، وتفكيره، ويعبر عن مواقف إزاء تطوراتها وسماتها "[18]،
بذلك يكون النقد الثقافي شامل الدلالة كونه يتخذ من الثقافة مادته.
ترجع بدايات النقد
الثقافي للدراسات الثقافية خاصة ما جاء عند مدرستي فرانكفورت، وبرمنجهام، اللتان
عنيتا بالدراسات النقدية وفق منهج سوسيولوجي نقدي وفق معطيات ثقافية ، وقد كان
لهذه الدراسات الأثر البالغ في ميلاد النقد الثقافي في ثمانينيات القرن الماضي على
يد الأمريكي فنشان ليتش Leitch
Vincent.[19]
هذا النقد الجديد الذي
جاء به ليتش ليس من قبيل الصدفة بل هو نتاج التغيرات في الساحة النقدية الأدبية
التي اعتبرت الدراسات السابقة ينقصها شيء خاصة بعد أزمة البنيوية، وما نتج عنها من
ظهور مناهج ما بعد البنيوية، مرورا بالتفكيكية وما دعت إليه الدراسات الثقافية
التي تعد أوربا مهدا لها.
وتجدر الإشارة بأن
ليتش أفاد من مدرسة فرانكفورت مع هورکهایمر وهابرماس، وفلسفتهم، ومجهوداتهم
النقدية، أيضا مجهودات ميشال فوكووجان لاكان ودریدا وغريماس من المدرسة الفرنسية،
طبعا نذكر أيضا فنشتاین و هوجارت من مركز برمنجهام، كذا أعمال أمبرتو إيكو من
المدرسة الإيطالية.[20]
1-3-1-النقد
الثقافي عند الغرب:
يعود المجهود النظري
للنقد الثقافي سابقا لـ ليتش بمدة ليست بالقليلة، إذ يمتد
لفترة سابقة من اصدار كتابه " النقد الأدبي الأمريكي " الذي أشار فيه إلى
مصطلح "النقد الثقافي"، فمن الناحية النظرية نجد كلا من باختين Mikhail Bakhtin،
وتودوروف Tzvetan
Todorov، وبارت Rolond Barthes،
وجاك دريدا Jacques
Derrida، وإدوارد سعيد ldward Said،
و مشال فوكو Michel
Foucault، وبول دي مان paul de Man،
وأمبيرتو إيكو Umberto
Eco، سبقوه، ذلك أنهم أشاروا إلى المفاهيم
النظرية للنقد الثقافي.[21]
تتمثل هذه المجهودات من خلال
"هدف باختين
إلى خلخلة منولوجات[22]
الخطابات الدغمائية[23]
السائدة، في حين كان بارت يقصد إلى توظيف السيميائية لنقد ثقافة اليوم المعيش،
الذي تهيمن عليه قيم الطبقية البرجوازية، أما تودوروف فقد عمد إلى الكشف عن
اللغات التي تقتضي الآخر، وركز إدوارد سعيد على نقد الخطاب الاستشراقي
والامبريالي، وإنجاز ما سماه النقد المدني، وخصص أمبرتو إيكو بعض كتاباته
النقد التوجيهات العنصرية في أوربا، وقد جاء كل ذلك في إطار ما يعرف بتوجهات ما
بعد البنيوية، أو ما بعد الحداثة "[24]
بذلك يكون النقد الثقافي جمع من الاتجاهات النقدية التي سبقت ظهوره انطلاقا من
الشكلانية ثم النقد الجديد والمادية الماركسية والدراسات التفكيكية والثقافية، غير
أن هذا الجمع كان عاما لا قواعد محددة له.
بذلك يكون النقد
الثقافي كممارسة ظهر قبل ليتش، غير أن المنهج ظهر معه من خلال كتابه "النقد
الأدبي الأمريكي 1988، بعد أن كانت الدراسات الثقافية هي الشائعة في الاستعمال،
أما كلفظة ومصطلح فقد ظهر قبل ليتش بزمن مع تيودور أدورنوTheodor Adorno
[25]
1949م حين أشار إليه في مقالة: "عنوانها النقد الثقافي والمجتمع، في المقالة
هجوم على ذلك اللون من النشاط الذي يربطه الكاتب بالثقافة الأوربية عند نهاية
القرن التاسع عشر" [26]،
كما أشار هابرماس إلى ذات المصطلح " في كتابه المحافظون الجدد: النقد الثقافي
والحوار التاريخي".[27]
1-3-2-
النقد الثقافي عند العرب:
يعد النقد الثقافي بمرجعياته
الفكرية ذا نشأة غربية، فهل يعني هذا أن النقد العربي بمرجعياته لم يعرف النقد
الثقافي ؟، وهل أخذ نقادنا هذا النقد جاهزا؟ وإن كانت له ارهاصات في الدرس النقدي
العربي، فإلى أي حد تعود تلك الارهاصات؟
حاولنا - من خلال ما
اطلعنا عليه - جمع بعض الآراء والمرجعيات التي أشارت إلى النقد الثقافي، أو نقد
الثقافة عند العرب، وقد انطلقت من تعريف عز الدين مناصرة للنقد الثقافي
الذي يقول فيه: " النقد الثقافي هو الأخذ من كل علم بطرف".[28]
يرجعنا هذا القول الى عبد
الرحمان بن خلدون إلى العلم الموسوعي، والأخذ من كل شيء معرفة، وهو تقريبا
يمكن اعتباره إحدى تعاريف الثقافة، وبالعودة إلى النقد الثقافي حديثا عند العرب،
سيظهر للعيان طه حسين الذي يدور نقده في نطاق الدراسات الثقافية مع كتابه مستقبل
الثقافة في مصر 1938 م، كذلك كل من عبد العظيم أنيس ومحمود أمين العالم من خلال
كتابهما في الثقافة المصرية 1956 م.[29]
تعد الجزائر أيضا ممن
شهد الارهاصات الأولى للنقد الثقافي من خلال كتاب مالك بن نبي "مشكلة
الثقافة" 1959 م، إذ يعد هذا الكتاب ثالث عمل يشير للنقد الثقافي[30].
كما لا ننسى دور
المستشرق الفلسطيني إدوارد سعيد من خلال كتابه "الاستشراق" سنة
1978 م وكتابه "العالم والنص" والناقد 1983 م، وأخيرا من خلال كتابه
"الثقافة والامبريالية" سنة 1993 م، كما لا أغفل دور مصطفى الأشرف من
خلال كتابه "الجزائر أمة ومجتمع" سنة 1983 م.[31]
بالمقابل نجد الناقد
العراقي حسين قاصد يشير للمفكر العراقي علي الوردي في كتابه النقد
الثقافي، ريادة وتنظير، وتطبيق - العراق رائدا على اعتبار إنه من رواد النقد
الثقافي من خلال كتابه أسطورة الأدب الرفيع سنة 1994 م، هذا وقد أشار الغذامي
في كتابه النقد الثقافي ل علي الوردي في إشارة للأنساق الثقافية على اعتبار أنه
حدد القيم القبلية الشعرية.[32]
عبد الله محمد الغذامي
رائدا للنقد الثقافي العربي وذلك بعد
تأليفه لكتاب النقد الثقافي، قراءة في الأنساق الثقافية العربية سنة
2000 م، والذي جعل من النقد الثقافي: "فرع من فروع الألسنية معنى بنقد
الأنساق المضمرة، التي ينطوي عليها الخطاب الثقافي بكل تجلياته، وأنماطه وصيغه
"[33].
وينحى الناقد الجزائري
بعلي حفناوي منحى ایزبرجر في جعل النقد الثقافي حقلا من حقول
المعرفة متعدد المرجعيات، على اعتبار إله: " نشاط وليس مجالا معرفيا قائما في
ذاته، وهولا يدور حول الفن والأدب فحسب، وإنما حول دور الثقافة في نظام الأشياء
بين الجوانب الجمالية والأنثروبولوجيا ".[34]
بذلك يكون النقد
الثقافي هو النقد الذي يهتم بدراسة الممارسات الخطابية داخل النص، فهو لا يهتم
بالأدبيات فحسب، بل يهتم بالمضمر الكامن بين ثنايا هذا الخطاب، على اعتبار أن النص
مادة خام فالنص حيلة من حيل الثقافة التي تمرر أنساقها، فيكون دور النقد الثقافي
هنا الغوص في ما وراء النص من أجل الكشف عن خباياه[35].
وهنا يكون النقد
الثقافي استراتيجية قرائية واكبت تحولات المجتمعات المعاصرة وكانت نتيجتها في
الوقت نفسه"[36].
وأشار عبد العزيز
حمود إلى النقد الثقافي من خلال إلحاقه بمرحلة ما بعد البنيوية التي اتسعت مع
التاريخانية الجديدة، والماركسية، والنقد الثقافي والنقد النسوي، والمادية
الثقافية[37]
وهو بذلك يجعل من النقد الثقافي مشروعا نقديا بديلا للمناهج النصية الحديثة، دون
أن يقدم تعريفا له، ورغم أن هذه الاتجاهات الخمسة مختلفة التوجهات إلا أنها تتفق
في ضرورة إعطاء أهمية للسياقات المنتجة للنص سواء أكانت هذه السياقات تاريخية أو
سياسية، ثقافية صرفة أو اجتماعية أو سياقات الجنس[38]
ويكون أن أعد النقد الثقافي قد تجاوز الدراسات اللغوية والجمالية للنصوص إلى دراسة
" ثقافة العلوم والتكنولوجيا والمجتمع والرواية التكنولوجية والخيال العلمي،
وثقافة الصورة، والميديا ... "[39]
، من هنا فالنقد الثقافي يدرس النص باستخلاص الأنساق المضمرة، وهنا يتجاوز الناقد
النص إلى ما خلفه من مضمرات .
2-الدراسات الثقافية:
2-1-مفهوم الدراسات الثقافية :
هي فرع دراسة أو تخصص أكاديمي يُعنى
بالتحليل الثقافي نظريًا وسياسيًا وتجريبيًا، ويركز على الديناميكا السياسية
للثقافة المعاصرة.[40]
تعود نشأتها إلى عدد من الأكاديميين البريطانيين
وتطورت فيما بعد حتى تم تحويلها من قبل العديد من علماء التخصصات المختلفة في جميع
أنحاء العالم، الدراسات الثقافية المصرح بها يمكن في بعض الأحيان أن ينظر إليها
على أنها متعددة التخصصات، وكما كتب باحث الدراسات الثقافية توبي ميلر:
"للدراسات الثقافية ميل في مختلف التخصصات، بدلا من الالتزام في حد
ذاته"، على الرغم من أن معظم الممارسين للدراسات الثقافية هم أكاديميين
محترفين، وناقش جيلبرت رودمان في كتابه بعنوان "لماذا الدراسات الثقافية؟"،
يجب أن يُفهم هذا المجال لاشتماله بعض المحللين والممارسين الثقافيين غير
الأكاديميين.[41]
ولدت الدراسات الثقافية، علمًا
مستقلًّا في إنجلترا الصناعية، في أواخر خمسينيات القرن العشرين؛ حيث اعتُبرت ثورة
ضد منهج الدراسات الأدبية الكلاسيكية، وضد المفهوم التقليدي للثقافة، التي كانت
تُوصف بأنها أفضل ما فكر فيه المجتمع وأنتجه - على حد التعبير الواضح لـ ماثيو
أرنولد في كتابه المشهور «الثقافة والفوضى» سنة 1869- وهو يعني روائع كبار
المؤلفين والفنانين وكبار الفلاسفة. لقد تم الترويج لمشروع الدراسات الثقافية من
خلال برنامج تعليم الكبار، ورفض النظام التعليمي السائد المتصلب، الذي كان
يُعَبِّرُ عن مجتمعٍ طبقيٍّ متنازعٍ عليه من قِبل الحكومات الاشتراكية في ذلك
الوقت، وسرعان ما اتخذت الدراسات الثقافية شكل الدفاع والتعبير عن الثقافة غير
المكرسة، وهي الثقافة الشعبية من ناحية، والمعاصرة من ناحية أخرى. وقد تعاقب جيلان
من الباحثين في هذا الشأن، أولًا في مركز برمنجهام
«CCCS مركز الدراسات الثقافية المعاصرة»، ثم
في جميع أنحاء المملكة المتحدة. كان الجيل الأول سليل الدراسات الأدبية
والتاريخية، وتمثّل في مؤلفين مثل: هوجارت، ورايموند وليامز، وتومسون. وسرعان ما
جاء بعدهم «في وقت موجة البنيوية الكبيرة» كتَّاب مثل: ستيوارت هول، الذي تمثّل
فكر جرامشي وألتوسير تمامًا - بالنسبة إلى تأثير لاكان فقد كان في وقت متأخر عن
ذلك، على الرغم من كونه أكثر استدامة - وخصوصًا لنزوعهما الكبير نحو التأمل النظري
تمامًا.[42]
وفي خلال قرابة عقدين، ظلت الدراسات الثقافية ظاهرة معزولة نسبيًّا، على الرغم من نجاح بعض الدراسات التي كانت تهتم بشكل أساس بالموضة وثقافة الشباب، وربما يكون هذا أحد أسباب اهتمام الدراسات الثقافية المتزايد بدراسة وسائل الإعلام (السينما والتليفزيون)، التي استُخدمت همزةَ وصلٍ في الولايات المتحدة الأمريكية، التي اخترقتها الدراسات الثقافية سريعًا، وبشكل مذهل في ثمانينيات القرن العشرين[43]
2-2-إشكالية التسمية (الدراسات الثقافية) بالانصهار
الأدبي الثقافي :
مصطلح الدراسات الثقافية من المصطلحات
التي يشوبها الغموض والتعقيد، فهو زئبقي المفهوم مراوغ ومخادع ومضلل في دلالته،
لذلك يصعب على أي دارس أو ناقد فهمه، سواء من حيث منهجه أو من حيث مراميه وأهدافه
المعلنة والخفية، حتى عند تقاد جماعة برمنجهام، وهو من إفرازات ما بعد الحداثة،
وإن كان له جذور تعود إلى عصور سابقة تصل إلى القرن 19م، فالدراسات الثقافية
«تتألف مع ما بعد الحداثة أو تحمل سمات ما بعد الحداثة» [44]،
فهي ولدت في حضن فلسفتها التي انطلقت معطياتها من إفراز المعطى الكوني لوصف ثقافة
بعينها، وقد عد(بوردیو) ذلك احتكارا کوئيا، وخلاصة عمل ينحو للكوئية ويتحقق في
داخل الحقل البيروقراطي ويفرض اللغة والثقافة السائدتين بوصفهما شرعيتين، واستبعاد
خصوصيات الثقافات الأخرى، وهنا تتم السيطرة الرمزية للمعطى الكوني القائمة على
الاعتراف بمبادئ نقدية وثقافية تتم من خلال ممارسة فعل التسلط»، لذلك خلفت لنا
عاصفة ما بعد الحداثة خطابات جديدة تمارس عنفا رمزيا في حق الثقافات، لتحاول
إخضاعها بشكل أو بآخر والإيقاع بها في سجن الثقافة الكونية، التي هي من إنتاج
المركزية الغربية، التي فرضت شبكة من العلاقات التي تحكم منظومة الثقافة، وأكسبتها
شرعية دولية لتبرير استراتيجية الهيمنة والسيطرة[45]،
وهذا المال لا مفر من شراكه لذلك فمغامرة وضع مفهوم جامع ودقيق وموحد للدراسات
الثقافية، تبقى محفوفة بالعديد من المخاطر الإبستمولوجية والمزالق المنهجية التي
يمكن أن تنزاح بالباحث عن جادة الصواب، فليس من السهل وضع تعريف دقيق للدراسات
الثقافية لأن
مفهوم الثقافة نفسه يتميز بكثير من التعقيد والغموض كما يرى الناقد الثقافي
رايموند ويليامز ، من هذا المنطلق تقر بأن الدراسات الثقافية يصعب تصنيفها ضمن شكل
من أشكال المعرفة وحقولها المتشعبة، « فالدراسات الثقافية ليست نظرية بما يعنيه
مفهوم النظرية من تجانس في المفاهيم، وانتمائها انطولوجيا إلى حقل معين في المعرفة
وإنما هي مزيج من النظريات والمقاربات والنماذج والأسئلة، التي توظف لقراءة
الممارسات الخطابية وأنماط القوى الاجتماعية والثقافية وارتباطها بالهويات
والجماعات»[46]،
حيث خلقت لنفسها وجودا ضمن المنظومة العلمية لدراسة العنصر الثقافي، ومفعوله
السياسي والإيديولوجي، وهذا بفضل مجموعة من الممارسات النقدية الرائدة التي
استثمرت استراتيجياتها، للكشف عن الإيديولوجيا المضمرة ضمن حقل الثقافة فكان همها
الأكبر هو إدراك العلاقة بين المؤسسات السياسية والثقافة، وما يخفيه هذا النوع من
المؤسسات من فرضيات خفية وألغام خطيرة تهدد مستقبل المجتمعات والثقافات الهامشية،
كما أن « الدراسات الثقافية سواء في نظامها الداخلي أو في قواعدها النظرية تبقى
حيوية في محيط الأسئلة العامة، والتي من النادر أن تتوحد في برنامج واحد يضم على
نحو جيد كل اهتماماتها». مما يصعب من مهمة القبض عن مسارها العلمي والبحثي، ومع
ذلك نجد من النقاد والدارسين من
يرى بأن الدراسات الثقافية سارت في اتجاهين «المنحى الأول تمثل في النزعة
الإنسانية المتحررة وكل التراث الإنساني نحو كل ما هو دراسة ثقافية تنزع إلى تكريس
فكرة الإنسانية.[47]
3-الفرق
بين النقد الثقافي و الدراسات الثقافية:
أولا : النقد الثقافي.
يقول الغدامي (إنَّ النقد الثقافي فرع من النقد النصوصي العام
و من ثم فهو احد علوم اللغة ، معني بنقد الانساق المضمرة التي ينطوي عليها الخطاب
الثقافي بكل تجلياته و انماطه . و هو نقد غير مؤسساتي و غير رسمي ، فهو غير معني
بكشف الجماليات كالنقد الادبي ، وانما هَمُه الكشف عن اقنعة المخبوء جمالياً و
بلاغيا)[48].
و يضيف بسام قطوس: (النقد الثقافي ليس
صرعة مثل باقي الصرعات الحديثة ، إنما هو نظرية السنية ذات مضمون ثقافي ، يدرس
النصوص النخبوية وغير النخبوية في سياقاتها الثقافية ليفضح أنساقها المخاتلة و
المضمرة و التي تمر امام النقاد متخذة من الجمالية ستاراً سميكاً لها)[49] .
ثانيا : الدراسات الثقافية
تركز الدراسات الثقافية على مختلف
الخطابات الثقافية التي تنتجها المجموعات البشرية المختلفة والمتنوعة، وعلى مستوى
المثاقفة بين تلك الثقافات، وعلى أنواع من الثقافات الخاصة والعامة والهامشية،
وبالخصوص الهيمنة الثقافية. وقد ظهرت النظريات المؤثرة للهيمنة الثقافية وفعلها من
حركة الدراسات الثقافية مثلما هو الشأن بالنسبة لمعظم نظرية التواصل التي تحاول
تفسير القوى الثقافية الموجودة وراء النظام العالمي الجديد، وبالعولمة.
و قد جمع (زيودين ساردار و فان بولن )
خصائص الدراسات الثقافية بأربعة محاور[50]:
أ-الدراسات الثقافية تتناول الموضوعات
المتعلقة بالممارسات الثقافية و علاقتها بالسلطة و تهدف الى اختيار مدى تأثير تلك
العلاقات على شكل الممارسات الثقافية
ب-الدراسات الثقافية ليست مجرد دراسة
للثقافة فالهدف منها هو فهم الثقافة بجميع اشكالها المركبة و المعقدة و تحليل
السياق الاجتماعي و السياسي و الادبي في اطار ماهو جلي في حد ذاته.
ج-تهدف الدراسات الثقافية الى ان تكون
التزاماً فكرياً و براغماتياً في آن واحد.
د- تلتزم الدراسات الثقافية بالارتقاء بأخلاقيات المجتمع الحديث و
اعادة هيكلة البناء الاجتماعي و فهم اشكال الهيمنة السياسية و الثقافية و الادبية.
أهم الفروقات بين الدراسات الثقافية و
النقد الثقافي حسب دليل مصطلحات الدراسات الثقافية و النقد الثقافي:
– الخطاب في النقد الثقافي يكون جماهيريا ومقبولا ومستهلكا على
الأغلب بينما الدراسات الثقافية لا تميز هذا عن ذاك فقد يكون الخطاب نخبويا وليس
جماهيريا ولكنها تقوضه وترفض سياقاته وأنظمته بقوة[51].
– النقد
الثقافي يتعامل مع نسق مضمر ما ورائي لا يظهر على سطح النص أو الخطاب بينما تهتم
الدراسات الثقافية بظواهر ثقافية لها حضور في الخطاب أو النص وفيها نسق ظاهر ومنها
ما ورائية الدلالة المنسجمة مع السياق الثقافي الكامن في الخطاب وهذا في رأيي أهم
فرق بينهما. بمعنى أن الدراسات الثقافية تبحث عن حضور ثقافي في النص أو الخطاب وقد
تقوضه أو تحلله أو تصنفه أو تدعو إلى رفضه في بعده المعرفي أو الثقافي أو التاريخي
أو السياسي أو الاجتماعي. أما إذا اختلف البعد الماورائي مع الخطاب بنسقه الثقافي
فذلك يعني دخوله في عناية النقد الثقافي. وباختصار أن الدراسات الثقافية تتعامل مع
الماورائي إذا كان مطابقا للخطاب الحامل للنسق الثقافي المرئي فيه.[52]
-الدراسات الثقافية تشبه النقد الثقافي في مواجهة الخطابات
المؤسساتية وتفكيكها ولا تستجيب لها بل تهتم بالمهمل والمهمش والمقصى في الخطاب
بوصفه شعبياً[53].
-هناك أدوات شبه إجرائية في النقد الثقافي وهو يبحث عن النسق
المضمر والعيوب النسقية لخصها عبد الله الغذامي بالجملة الثقافية والتورية
الثقافية وغيرها وذلك لا وجود له في الدراسات الثقافية.
-تهتم
الدراسات الثقافية بالسياقات الثقافية المنتجة وأبعادها المعرفية والفلسفية
والاجتماعية والتاريخية بينما النقد الثقافي لا ينشغل بذلك كثيراً.[54]
الفصل الأول: الأنساق المضمرة نحو وعي
نقدي جديد بقراءة ثقافية للنص.
1-النسق الثقافي:
تعد الأنساق الثقافية، من أهم
المفاهيم التي ارتكز عليها النقد الثقافي، بل هي أساس هذا النقد، حيث إن هذا النقد
- كما تمت الإشارة له سابقا - يعتمد على استخلاص المضمرات من النصوص، لذا كان
لزاما التعرف على الفسق، فما المقصود بالنسق الثقافي؟ وهل يختلف النسق الثقافي عن
الدراسات النسقية التي واكبت البنيوية؟ هذا ما سنعرفه من خلال تتبع تعاريف النسق
من الناحية اللغوية ثم من الناحية الاصطلاحية.
1-1-تعريف النسق لغة:
تعددت التعاريف اللغوية لمفهوم النسق
لغويا، فقد جاء في معجم العين للخليل بن أحمد الفراهيدي إن: " النسق من الشيء
: ما كان على نظام واحد عام في الأشياء، ونفثه نسقا، ونفثة تنسيقا، ونقول انتسقت
هذه الأشياء ببعضها إلى بعض أي تنسقت"[55].
ويعرف بن منظور النسق باعتبار :
" النسق من كل الشيء : ما كان على طريقة نظام واحد عام في الأشياء إلى بعض،
أي، تنسقت، وروى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قال بين الحج والعمرة، قال
شهر معنی ما سيقوا وتابعوا وواتروا، يقال ناسق بين أمرين أي تابع ما بينهما ....
والنسق ما جاء من الكلام على نظام واحد، والنسق الرجل إذا تكلم سجعا.[56]
ويعرف المعجم الوسيط: " النسق
(نسق) الشيء: نظمه، يقال نسق الدر ونسق كتابه والكلام عطف بعضه على بعض (ناسق بين
أمرين، تابع بينهما، ولاءم (نسقه) ما كان على نظام واحد من كل شيء ، يقال جاء قوم
نسلها، ويقال نسق مستوى البنية حسن التركيب، يقال كلام نسق: متلائم في نظام
واحد".[57]
ولا يتعدى مفهوم النسق حسب ما سبق
مفهوم نظم الشيء الآخر أو لضمه، لكن هل يحمل النسق ذات المعني من الناحية
الاصطلاحية؟ أم أنه اتخذ بعدا آخر؟
1-2-تعريف النسق اصطلاحا:
تنوعت التعاريف التي تشير لمفهوم
النسق، فمحمد مفتاح يعرفه بأنه:" انتظام بنوي يتناغم وينسجم فيما بينه ليولد
نسقا أعم وأشمل، وعلى سبيل المثال يصف المجتمع بأنه نسق اجتماعي عام ينتج عنه
مجموعة أنساق فرعية انتظمت معه وشكلته، فتولد عنه نسق سياسي وأخر اقتصادي، وعلمي وثقافي،
تنسج علاقاتها فيما بينها في مسافات متفاعلة ومتداخلة ".[58]
يتضح من خلال تعريف محمد مفتاح أن
النسق انطلق من البنيوية، التي عنيت بدراسة النص ضمن نسقة الداخلي، على اعتبار أن
النسق البنيوي احدى مظاهر النسق العام فالنسق: " البنيوي مظهر من مظاهر النسق
العام، فقد يكون هذا النسق مغلقا كما تطرحه البنيوية، يكون مفتوحا كما هو الشأن
بالنسبة إلى المناهج النقدية الأخرى مثل السيميائيات، والتأويليات المعاصرة، وتبعا
للتصورات التي تقدمها القراءة للنسق تتحدد طبيعته ".[59]
يعد انطلاق البنيوية من النسق المغلق
هو سبب أفولها وأزمتها حيث إن الاهتمام بالشكل، ووهم المحايثة قيد الخوض في المضامين والتأويلات، وعدم منح
الذات الناقدة حرية، لذا أدى إلى انسداد المنهج، الشيء الذي دفع بالسيميائيات
والتأويليات لفتح المجال أمام النسق، فظهر النسق المفتوح وتطورت استخداماته خاصة
مع الدراسات الثقافية والنقد الثقافي، اللذين ضربا التحليل المحايث عرض الحائط.
ويعتبر ليفي شتراوس Claude Levi
Strauss من أوائل الذين
نقلوا مصطلح النسق إلى الحقل الثقافي في دراسته الانثروبولوجية البنيوية سنة 1957،
حيث أكد على وجود کلي أو عالمي سابق على الأنساق، فاللغة والثقافة ذات طابع واحد،
ويعد فردينان دي سوسير De Ferdinand Sausure
من أوائل الذين استخدموا لفظة النسق في تعريفاته، فاللغة عنده نظام من العلامات،
أوهي نسق من المعلومات، للتعبير عن الأفكار مثلها مثل نسق الكتابة ونسق الإشارة
عند الصم البكم وغيرها من الإشارات غير اللغوية.[60]
ويكون بذلك النسق كمصطلح ظهر مع
البنيوية، على اعتبار أن البنيوية تدرس النص کنسق مغلق، مهملة كل السياقات التي
انتجت النص، الشيء الذي أدى لأزمة البنيوية، والمناهج النصائية التي تلته، الشيء
الذي دفع بنقاد ما بعد البنيوية للاهتمام بالسياقات الخارجية، وهو ما سينجم عنه
تغير معنى الفسق واتخاذه منحى جديد خاصة مع النقد الثقافي، على اعتبار أنه يقوم
على النسقية.
1-3-
النسق الثقافي:
يعد
النسق من منظور النقد الثقافي شيئا مختلفا تماما عما جاء في المفهوم البنيوي
للنسق، رغم أنه استفاد من الدرس اللساني ثم وجهه وجهة أخرى، فالنسق الثقافي لا
يتمثل في اللغة وتركيبة النص، بل هو نسق دلالي يتجلى في المضمون الثقافي للنص
وحمولاتها.[61]
ويذهب الأنثروبولوجي الأمريكي كليفورد غيرتز 1926م-2006م إلى اعتبار النسق:" نتاج حقلين أساسيين
هما الأنثروبولوجيا، والنقد الحديث، من خلال التداخل بينهما".[62]
بذلك
يكون النسق الثقافي حسب غيرتز تجاوز لمفهوم البناء الاجتماعي الذي يعتبر الثقافة
مجموعة من الأنظمة المحسوسة والأنماط السلوكية، والعلاقات الاجتماعية واختلاف
العادات والتقاليد، كما أنه يتجاوز كذلك البنيات اللاشعورية الثابتة ، فالنسق عنده
نتاج تداخل بين الأنثروبولوجيا والنقد متجاوزا بذلك المفهوم القديم للثقافة
واختلافات العادات والتقاليد وكل البنيات اللاشعورية المتعارف عليها، والنسق وفق
ذلك يختزن بداخله كما ثقافيا مضمرا.[63]
أما
النسق الثقافي عند العرب فقد ظهر في البداية عند الغذامي من خلال اضافته الوظيفة
النسقية للنموذج الاتصالي عند رومان جاكبسون Roman Jakobson،
حيث أصبح هذا النموذج الاتصالي يتألف من ( مرسل، مرسل إليه، الرسالة، السياق،
الشيفرة - السنن - قناة الاتصال ) مضافا إليه عنصر النسق، هذا النسق حسب الغذامي
مضمر وليس ظاهر فهو" مضمر ولاشعوري ليس في وعي المؤلف ولا في وعي القارئ هو
مضمر نسقي ثقافي لم يكتبه كاتب فرد لكنه أنوجد عبر عمليات من التراكم والتواتر حي
صار نسقيا يتلبس الخطاب ورعية الخطاب من مؤلفين وقراء"[64].
كما
اعتمد يوسف عليمات على النسق الثقافي في دراسته للشعر العربي القديم من
خلال كتابه الموسوم ب" النسق الثقافي، قراءة ثقافية في أنساق الشعر العربي
القديم"، غير أنه لم يقدم تعريفا للنسق بل جعله يرتبط بالصورة الفنية، لكنه
مختفي، يحمل الطبيعة السردية، متحرك في حبقة متقنة، تجعله يحمل أقنعة متعددة لعل
أهمها اللغوية الجمالية المستقاة من البلاغة وعلومها.[65]
ومفهوم
النسق الثقافي لم يكتمل إلا على يد الناقد المغربي عبد الفتاح كيليطو الذي قدم له
تعريفا شاملا، حين عرفه بقوله بأنه" مواضعة اجتماعية، دينية، أخلاقية
استيتيقية تفرضها في لحظة معينة من تطورها الوضعية الاجتماعية والتي يقبلها ضمنيا
المؤلف وجمهوره".[66]
2-
مراكز النقد الثقافي
تعددت
الدراسات التي اهتمت بالجانب الثقافي، والتي يمكن اعتبارها مراكز أسهمت في میلاد
النقد الثقافي بصورته الحالية، هذه المركز أسهمت في تطوير النقد، وأعطت نظرة جديدة
للنص الأدبي، وهي:
2-1 -مدرسة فرانكفورت:
هي
مدرسة ألمانية اشتهرت بنظريتها النقدية من أبرز أعلامها ماكس هوركهايمر(1895-1976)
و تيودور
أدورنو
(1903-1969) ويورغن هابرماس (1929 م) حيث
شنت النظرية النقدية عندهم " حملة شعواء على تحويل العقل إلى مجرد آلة..
فانتقدوا النزعة الوضعية، والفلسفة البراغماتية، ويمكن هنا أن تجد القراءة النسقية
في مدرسة فرانكفورت خلاصها من ذلك التصور الأوحد للنسق".[67]
ويعد
اعلام هذه المدرسة من تلاميذ مدرسة الجشطالت[68]،
وخاصة علم النفس - هذا - العلم الذي سنتعرف لاحقا على أنه أحد العلوم التي ساهمت
في النقد الثقافي - ودعت هذه المدرسة إلى عدم التقيد بالعقل في دراسة النصوص، بل
الاهتمام بالجوانب الأخرى التي تحيط بالنص، وقد تبنى مثقفو نيويورك أفكار هذه
المدرسة الشيء الذي ساهم على بناء أفكار جديدة لتعلن عن ميلاد النقد الثقافي.
ويذكر
ليتش وفي هذا الصدد اعتماد بعض النقاد على منهج التحليل النفسي الذي تعد
ألمانيا رائدة فيه: "وقد اعتمد الكثير من مثقفي نيويورك على التحليل النفسي
في ممارساتهم للنقد الثقافي، مثل ادموند ويلسن، في الجرح والقوس 1941 م، كما يضع تريلنج
التحليل النفسي في سياق النقد الثقافي".[69]
2-2-مدرسة النقد الجديد:
وهي
مدرسة ظهرت في القرن العشرين، وهي المدرسة التي ظهرت في فرنسا في النصف الثاني
للقرن العشرين، والتي استخدم أصحابها مناهج العلوم مختلفة مثل التحليل النفسي،
والاجتماعي والدراسات الأنثروبولوجية ومختلف الإيديولوجيات من أجل تحليل النص[70].
ويعتبر
رولان بارت أهم رواد هذه المدرسة، حيث تميل تحليلاته الى النفسية والسيميولوجية في
تحليل النص الأدبي إلى الأنساق الدلالية، والتي تعد جزء من النسق العام
الثقافي"، وقد طبق بارت ذلك من خلال دراسته لمسرح راسين، فقد كان" تطبيق
بارت للبنيوية بمثابة هجوم على الأساس الذي قام عليه خطاب النقد الأكاديمي، وعلى
الجوانب السياسية المتضمنة في هذا الخطاب". [71]
وقد
جعل بارت من العلاقة بين اللغة والكلام تحمل مفهوم الوعي الجمعي الذي جاء به إيميل
دوكايم (1858 م-1917 م)، وكشف بارت عن مفهوم اللغة اللاواعية في الكتابة من خلال
تتبع الرغبات والانفعالات ضمن الحياة الاجتماعية والسياسية، وكذا وسائل الاعلام
ووسائطه.
2-3-مرکز
برمنجهام للدراسات الثقافية المعاصرة:
هو
مركز للدراسات الثقافية تأسس في مدينة برمنجهام البريطانية، يهتم بالدراسات
الثقافية، ويعود الفضل لظهور مصطلح الدراسات الثقافية للمركز: " فقد ظهر
مصطلح الدراسات الثقافية لأول مرة سنة 1964 م عندما أسس ريتشارد هوجارت مرکز
برمينجهام للدراسات الثقافية المعاصرة، وصاحبه بالمركز ستيورت هول وزملائه، حيث
تمكنوا من تنمية حركة فكرية دولية توظف
الماركسية في الدراسات الثقافية".[72]
وقد
تطورت الدراسات الثقافية بعد ذلك في الولايات المتحدة الأمريكية لتشمل الاقتصاد
والسياسة والصناعة وحتى الثقافة الشعبية، فقد ركزت هذه الدراسات الثقافية على
موضوعات الاجتماع والتكنولوجيات.[73]
وقد
أفاد النقد الثقافي من المراكز الثقافية الثلاثة أيما افادة، ذلك إله جمع بينها
وكون مجالا معرفيا يجمع بين مضامين المدارس الثلاثة، وجعل من النسق الخفي داخل
النصوص الأدبية مادته النقدية، على اعتبار أن النص ليس نتاج الكتابة فقط بل هو
تراكم معرفي يظهر بين كلمات هذا النص، ليتكفل النقد الثقافي باستخراج هذه المعارف.
3-روافد
النقد الثقافي:
لم
يقتصر النقد الثقافي على الدراسات التي اهتمت بالثقافة ونقدها فحسب، بل اهتم
بتفسير الظواهر التي تحيط بالظاهرة البشرية على اعتبار إنها ذات أهمية في الجانب
الاجرائي للنقد الثقافي، خاصة العلوم الثلاثة: السيميائية وعلم النفس وعلم
الاجتماع.
3-1-علم النفس:
أفاد
النقد الثقافي من نظرية سيغمند فرويد في التحليل النفسي وظهر ما يعرف
بالنقد الثقافي النفسي، حيث ركز فرويد على الجوانب النفسية في العمل الأدبي ومدى
تأثر هذ العمل باللاشعور والعقل الباطن مبينا أن في داخل كل منا عقلا باطننا قد
يتفوق على العقل الواعي بسبب كبح هذه الأصوات في العالم الواعي، فإنها تعود للظهور
في النصوص الأدبية.[74]
3-2-
علم الاجتماع:
ظهر
النقد الثقافي الاجتماعي نتيجة تأثر النقاد بأعمال إيميل دوركايم وكارل مارکس حيث:
"كان نقد العلامات الاجتماعية الذي أنجزه کارل مارکس يقوم على افتراض أن
القيم الثقافية نفسها إنما تكون أكثر فهما وأشد تأثيرا من خلال العلاقة بفكرة
الطبيعة الاجتماعية للحياة الإنسانية".[75]
كما
أشار کارل ماركس إلى وجود بني محجوبة لا واعية يحاول كل مجتمع اخفاءها وبخاصة
الرأسمالية والصناعية فهي تبقي هذه البنى معماة ومخفية حتى تتمكن من إعادة انتاجها
لتتحكم في المجتمعات.[76]
3-3-السيميائية:
يعتبر علم العلامة أو السيميائية العام الثالث
الذي أفاد منه النقد الثقافي، ذلك أنه جمع بين العلوم السابقة بالإضافة إلى عالم
الإشارة ولغة الجسد، والعلامات الاشارية غير اللغوية التي تترجم في النصوص وتظهر
کرسائل ضمنها.
وما
تقدمه لنا السيميائية هو فك لتلك العلامات والإشارات وتحليل النصوص وفق الثقافات
المختلفة، لذا لا يستغني النقد الثقافي عن السيميائية كجزء في الجانب الاجرائي
والكشف عن المضمرات داخل النصوص.[77]
4-الأنساق المضمرة:
4-1-تعريف النسق المضمر:
المضمر
لغة:
المضمرة في اللسان العربي مؤنث المضمر وهما من
الجذر اللغوي ضمر. وجاء في معجم مقياس اللغة بأن أحدهما يدل: «ضمر الضاد والميم
والراء أصلان صحيحان: على دقة في الشيء، الآخر يدل على غيبة و تستر»[78]
كما جاء غي معجم لسان العرب العرب فيما يخص هذا الجذر اللغوي وما تعلق به : «تضم
وجهه: انضمت جلدته من الهزال، والضمير: السر وداخل الخاطر، والجمع الضمائر (...) الضمير
الشيء الذي
تضمره
في قلبك، تقول: أضمرت صرف الحرف إذا كان متحركا فأسكنته، وأضمرت في نفسي شيئا،
والاسم الضمير، والجمع الضمائر. والمضمر الموضع والمفعول (...) قال الأعشى[79]:
أرانا إذا أضمرتك البلاد نجفي وتقطع منا الرحم».[80]
من هذه التعريفات اللغوية السابقة لمصطلح مضمر
يمكننا تحديد ما ينطوي عليه من معاني وفق الآتي:
-الدقة
-السر
والخفاء
-الغياب
بالموت أو السفر.
فيكون
معنى المضمر في اللغة موضع الدقة أو موضع الخفاء والستر أو موضع الغياب فالمضمرة
وفق هذا الأساس تعرف بمكمن الخفاء والسر ومكان الغياب، وبالجمع بين المصطلحين
"النسق " و "المضمرة" يمكن أن نحدد مفهوم "النسق
المضمر" في هذا السياق أنه «كل دلالة نسقية مختبئة تحت غطاء الجمالي ومتوسلة
بهذا الغطاء لتغرس ما هو غير جمالي في الثقافة[81]» ،
كما يعرفه عبد الله الغذامي بقوله: «ذو طبيعة سردية، يتحرك في حبكة متقنة، لذلك
فهو خفي ومضمر وقادر على الاختفاء دائما، ويستخدم أقنعة كثيرة أهمها قناع الجمالية
اللغوية، وعبر البلاغة وجمالياتها تمر الأنساق آمنة مطمئنة من تحت هذه المظلة
الوارفة[82] »
فالنسق المضمر إذن سردي ويتحرك بحبكة متقنة و يتخفى آمنا تحت أقنعة جمالية لغوية
كانت أم بلاغية. بالإضافة إلى خاصية التخفي تحت القناع والغطاء يضيف المفهوم
التالي الاختفاء تحت الترسبات فهو إذن مجموعة من الترسبات تتكون عبر البيئة
الثقافية والحضارية، ويتقن الاختفاء تحت عباءة النصوص المختلفة تمارس على الأفراد
سلطة من نوع خاص وهي حاضرة في فلتات الألسن والأقلام بصورة ألية، وينجذب نحوها
المتلقون دونما شعور منهم، لأنها أصبحت تشكل جزءا هاما من بنيتهم الذهنية
والثقافية»[83] على الرغم من الاختلاف الموجود في بعض ألفاظ هذه المفاهيم المذكورة سابقا إلا أنها
تتفق كلها حول مفهوم النسق ومميزاته، فهناك من يطلق عليها أحيانا تسمية أقنعة
والأخر أغطية وترسبات، حيث تبدو هذه الترسبات في دلالتها أكثر سمكا من الأغطية
والأقنعة والعباءات وهذا ما يجعل مهمة الكشف عن ما تخبئه من أنساق تستلزم التنقيب
والحفر وهي مهمة أصعب من كشف ونزع الغطاء أو القناع. تطلق عليها كذلك تسمية
«الأنساق الثقافية تاريخية أزلية وراسخة ولها الغلبة دائما، وعلامتها هي اندفاع
الجمهور إلى استهلاك المنتوج الثقافي المنطوي على هذا النوع من الأنساق وكلما
رأينا منتوجا ثقافيا أو نصا يحظى بقبول جماهيري عريض وسريع فنحن في لحظة من لحظات
الفعل النسقي المضمر»[84]
يجب التحرك إذن للبحث عن ذلك النسق المضمر فسرعة الاستجابة لاستهلاكه تدل على
فعاليته وغليته الدائمة وهو أمر يستدعي «كشفه والتحرك نحو البحث عنه، فالاستجابة
السريعة والواسعة تنبئ عن محرك مضمر يشبك الأطراف ويؤسس للحبكة النسقية[85]» ،
وهنا يكمن لب البحث عن الأنساق وجوهره، فربما يكون النسقي ثويا في الخطابات
اللغوية كما هو الحال في الرواية التي نحن بصدد دراستها والكشف عن أنساقها.
كما
يمكن أن تكمن هذه الأنساق كذلك في «الأغاني أو في الأزياء أو الحكايات والأمثال
مثلما هو في الأشعار والإشاعات والتكت. كل هذه وسائل وحيل البلاغة اجمالية تعتمد
على المجاز والتورية وينطوي تحتها نسق ثقافي ثار في المضمر ونحن نستقبله التوافقه
السري وتواطئه مع نسق قديم منغرس فينا (...) وهو جرثومة قديمة تنشط إذا ما
وجدت الطقس الملائم»[86].
ونستنتج من كل هذه المفاهيم أن النسق المضمر ليس إلا تواضعا اجتماعيا ودينيا
وفلسفيا وأخلاقيا وجماليا وغيرها من مسميات الموضوعات غير معلنة مترسبة ومتمركزة
في اللاشعور الجمعي عبر الزمن.
4-2-خصائص الأنساق المضمرة:
حدد
النقاد والمشتغلون في النقد الثقافي خصائصا أربعة للنسق المضمر، حددها الغذامي في
كتابه (النقد الثقافي)، بقوله: يتحدد التسوق عبر وظيفته، وليس عبر وجوده المجرد،
والوظيفة النسقية لا تحدث إلا في وضع محدد ومفيد، وهذا يكون حينما يتعارض نسقان أو
نظامان من أنظمة الخطاب أحدهما ظاهر والآخر مضمر، ويكون المضمر ناقضا وناسخا
للظاهر، ويكون ذلك في نص واحد، أو في ما هو في حكم النص الواحد. ويشترط في النص أن
يكون جماليا، وأن يكون جماهيريا. ولسنا نقصد الجمالي حسب الشرط النقدي المؤسساتي،
وإنما الجمالي هو ما اعتبرته الرعية الثقافية جميلا[87].
وقد
أشار لومان نيكولاس Niklas Luhmann في كتابه لمدخل إلى نظرية الأنساق، إلى هذا
الترابط بين النسقين الثقافي والاجتماعي، بقوله: " الثقافة يجب أن تتماس ، أي
أن يتم إعدادها اجتماعيا، وتكون قابلة للاستعمال الاجتماعي[88].
تداخل الثقافة في النسق الشخصاني تكون عبر
التربية الاجتماعية : الأفراد يجب أن يتكيفوا اجتماعيا عبر اللقاءات الاجتماعية
لكي يتمكنوا من إنجاز مساهمتهم في نسق الفعل.[89]
الخفاء والتجلي للأنساق الثقافية:
يتواجد
النسق الثقافي في النصوص الأدبية عبر مظهرين هما: النسق الظاهر المعلن والنسق
المضمر الخفي، وهما متلازمان بحيث لا ينفك أحدهما يجادل الآخر ويناقضه، ولا تتحقق
الوظيفة النسقية "إلا في وضع محدد ومقيد، وهذا يكون حينما يتعارض نسقان أو
نظامان من أنظمة الخطاب، أحدهما ظاهر والآخر مضمر، ويكون المضمر ناقضا وناسخا
الظاهر[90] ،
ويمكننا القول إن العلاقة بين النسق الظاهر في النص
الأدبي
عبر ظهوراته اللغوية، والنسق المضمر في ضوء علائقه بالمرجعيات والشيفرات الثقافية،
تبدو علاقة اعتباطية بحيث يولد النسق الجمالي أنساقا سيميائية ثقافية مفتوحة"
.
إن
لعبة الظهور والتخفي التي يمارسها النسق داخل النص الأدبي هي محور الاهتمام في
النقد الثقافي، فكل نسق ظاهر يخفي نسقا مستترا وكامنا، لكن مدار الاهتمام في
الحقيقة هو النسق المضمر لا الظاهر، فلا ختم بالنسق الظاهر إلا بقدر الكشف عن
المضمر المتواري خلفه، من خلال الإشارات والإيحاءات التي يحملها في تشكيلة العلني،
"فالظاهر يعلو القول في النص الثقافي، في حين يتوارى المضمر ويتراجع ليقبع في
باطن النص ") فالنسق المضمر خطر، وتكمن خطورته في أنه كامن، يمارس لعبته
بعيدا في هدوء دون رقيب، بل هو "جرثومة قديمة تنشط إذا ما وجدت الطقس الملائم
")، وتتخذ المضمرات أهمية كبيرة، وتضطلع بدور جوهري، وتستحق - مهما بلغت
غرابة وصفها - عناء الخوض في تحليلها وتفسيرها، وهي مهمة ليست بالسهلة، بحيث يحتاج
الناقد فائضا من العمل التأويلي ومهارة تحليلية، تعضدها ثقافة واسعة ودراية كبيرة
بفنون الخطاب وآليات التأويل "فالنسق بوصفه عنصرا مركزيا في الحضارة والمعرفة
والثقافة والسياسة والمجتمع، إذ يتسم من حيث
هو نظام بالمخاتلة واستثمار الجمالي والمجازي، ليمرر جدلیاته ومضمراته التي لا
تنكشف إلا بالقراءة الفاحصة، ولا يمكن استبارها إلا بتكوين جهاز مفاهیمي ومعرفي
متكامل "[91])،
كما تزداد هذه المهمة صعوبة حينما نعلم بأننا نتعامل مع نسق يجيد التحايل
والتمظهر، والتخفي في أعماق النص عبر أقنعة كثيرة منها "قناع الجمالية
اللغوية، وعبر البلاغة وجمالياتها تمر الأنساق أمنة مطمئنة من تحت هذه المظلة
الوارفة "[92])،
والأنساق لها قدرة على التكرار والتجدد والتوالد "فتشظيات النسق داخل البني
النصية يسمح بتشكيل أنساق أخرى مولدة بالغة التداخل والجاذبية، فهي أنساق شبيهة
بكيمياء الخلايا على حد تعبير بارسونز، وينطبق عليها أيضا وصف الصندوق الأسود،
بحيث لا يمكن التعرف على على باطن النسق كما يقول بارسونز نفسه، ولايمكن تحليله
لأنه شديد التعقيد، كما لايمكن استنتاج حتمية وجود ميكانيكية ما تفسر موثوقية النسق،
وإمكانية تقديره، والتنبؤ مخرجاته لدى مدخلات محددة معروفة، إلا من خلال انتظام
علاقات النسق الخارجية [93].
والحقيقة
أننا - ونحن بصدد الدراسة النقدية الفاحصة للنصوص الأدبية - نتعامل بالأساس مع
المستوى اللغوي الذي يحمل ثقافة النص، ومنه فدراسة الأنساق اللغوية مهمة جدا
لإدراك المضمر والظاهر منها، فالاهتمام بدراسة الأنساق اللغوية داخل الثقافة، يمنح
الثقافة معناها الجوهري لا المعنى الظاهري المزيف، لأنه وحده الذي يؤسس للاتصال
الجمعي، ويؤطر لنظام الخطاب داخل الثقافة، فوحدها إذن المقاربة اللغوية الثقافية تسمح
بفهم الأنساق اللغوية بماهيتها المزيفة والمعلنة، وبإيديولوجيتها الحقيقية
المضمرة"[94].
5-أنواع الأنساق المضمرة:
يوجد
نوعان من الأنساق، أنساق أصلية ثابتة وراسخة وأنساق هامشية معارضة ورافضة وهذا حسب
تحديد "عبد االله الغدامي" في كتابه النقد الثقافي (قراءة في الأنساق
الثقافية العربية) ، فالأنساق تنقسم من منظوره إلى:
أ-
أنساق أصول:
إن
كلمة أصل هي جامعة تعمل كدال رمزي على منظومة من الصفات الجامعة التي تختبئ في
المضمر فإنها لا تنبئ عن نفسها إلا في وقت الحاجة مما يجعلها ملجأ نفسيا ذاتيا
تحظر لحسم اللحظات الغامضة والحرجة التي لا يملك الإنسان فيها لغة أخرى لمواجهة
الموقف والتعبير عنه، وتأتي هذه الكلمات في المخزن العميق لتتكلم بالإنابة عنا[95].
بمعنى أنه إذا توفرت هذه الصفات المضمرة التي
تكون مخزنة في المضمر فهذه الصفات لا تظهر إلا عند حاجتنا لها أو استعمالها، فهذه الأصول
قديمة قدم اللغة ذاتها، فعن طريق استخدامنا المتكرر والمستمر فنحن كذا نعيد تمثيل القيم
الذهنية المترسخة في اللغة دون أن نعي بها، وهذا ما يجعلنا سجناء النسق.[96]
ب-الأنساق
الهامشية:
وتسمى
أيضا بأنساق الرفض والمعارضة «نجد أمثلة منها في القصص المروية في حكايات الشعراء
وأخبارهم وهي قصص ليست حقيقة وهذا هو ما يمنحنها قيمة ثقافية إذ أنها هي لسان حال
الثقافة في الاعتراض والنقد ومحاولة التعرية»[97].
وعليه
فالثقافة إذا كانت عبارة عن كل جامع لأنساق مختلفة فلابد لهذه الأنساق أن تتعارض
وتصارع فيما بينها، فالأنساق تتشكل عن طريق الاختلاف والتعارض، هذا بالنسبة للتصور
الذي قدمه لنا "الغدامي" وهناك تصور آخر وهو ما ذهب إليه "كليمان
موزان" الذي يرى أن «الظاهرة الأدبية، التاريخ الأدبي مجرد نسق فرعي، ضمن نسق
کلي، هو الثقافة، على اعتبار أنها نسق اجتماعي، كل يكثف أنساق فرعية آخر كالفن
والقانون والسياسة واللغة[98]»،
فهو يرى أن النسق لا يتحدد بذاته إنما يكون مرتبط بمرجعيات أخرى، فهي غير مكتفية بذاتها فتصور
"موزان" النسقي يدعو للتخلي عن فكرة التطور، (فالتحليل النسقي حسب
كليمان يفضي بنا إلى فكرة التقدم، بل إلى فكرة الحركة التي تتصل بها فكرة السكون
اللتان تعتبران خاصية الأنساق ...).[99]
[1] لسان العرب:
أبو الفضل بهاء الدين بن منظور، دار صادر، بیروت، د ط، دت مادة (نقد) ج14، ص:245.
[2] الديوان: أبو
الحسن بن هانئ الشهير بأبي نواس، دار صادر، بیروت، د ط، دت، ص: 502.
[3] لسان العرب:
ابن منظور، المرجع نفسه، ص: 254.
[4] مقاييس اللغة:
أحمد بن فارس بن زكريا، المركز الثقافي العربي، بیروت، د ط، دت، ج2، ص: 577.
[5] النقد الأدبي:
أحمد أمين، المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية، الرغاية، الجزائر، د ط، 1992 م، ص:
8.
[6] تاريخ النقد
الأدبي عند العرب: إحسان عباس، دار الثقافة، بيروت لبنان، ط4، دت، ص: 577.
[7] النقد الأدبي:
أحمد أمين، ص9
[8] لسان العرب:
ابن منظور، مادة ثقف، ص: 125
[9] الديوان: نابغة
بني شيبان، القسم الأدبي بدار الكتاب المصري، مصر، د ط، 1982 م، ص65.
[10] البيان
والتبين: عمرو بن بحر بن محبوب الجاحظ، تح عبد السلام محمد هارون، مكتبة الخانجي،
ج2، القاهرة، د ط، دت، ص: 14.
[11] مفهوم الثقافة: مقال منشور على موقع: http://desert-warrior.com/openshare/Behoth/Mnfsia15/Culture/sec01.doc_cvt.htm تاريخ الاطلاع:
03/04/2022 على الساعة: 21:43
[12] الدراسات
الثقافية: زيود بنسار دار وبورين فان لور، تر وفاء عبد القادر، المجلس الأعلى
للثقافة القاهرة مصر، ط 1 ،2003 م، ص: 08.
[13] ملاحظات نحو
تعريف الثقافة: ت. س. إيليوت، ترجمة: شكري عياد ضمن كتاب دراسات في الأدب
والثقافة، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة، مصر، د ط 2000 م، ص: 379.
[14] دليل النقد
الثقافي، إضاءات لأكثر من سبعين تيارا ومصطلحا نقديا معاصرا: ميجان الرويلي، وسعد
البازغي، المركز الثقافي العربي الدار البيضاء، المغرب، ط 3، 2002 م، ص: 140-141.
[15] مشكلة الحضارة:
مالك بن نبي ترجمة: عبد الصبور شاهين، دار الفكر بيروت، لبنان، د ط، 2000، ص: 379.
[16] النقد الأدبي:
محمد عبد المطلب، الهيئة العامة لقصور الثقافة، القاهرة، مصر، ط1، 2003 م، ص: 90.
[17] الثقافة ومأسي
رجالها، محمد بن عبد الكريم الجزائري، دار الشهاب للنشر والتوزيع، باتنة الجزائر،
د ط، د ت، ص : 21-22.
[18] دليل النقد
الثقافي: ميجان الرويلي وسعد البازغي، ص: 305.
[19] فنسان ليتش ،
ناقد أمريكي يعد رائد النقد الثقافي من اعماله : النقد الثقافي ، النقد الأدبي
الأمريكي (ينظر دليل النقد الثقافي ص 300.
[20] مدخل في النقد
الثقافي المقارن، بعلي حفناوي، منشورات الاختلاف، الجزائر العاصمة الجزائر، 2007
م، ص: 14، 15.
[21] مدخل في النقد
الثقافي المقارن، بعلي حفناوي، منشورات الاختلاف، الجزائر العاصمة الجزائر، 2007
م، ص: 14.
[22] المنولوجات: ج
م منولوج: وهو في عالم السرد ما يعرف بالحوار الداخلي.
[23] الدغمائية: أو
الجزمية، حالة من الجمود الفكري، والتعصب للأفكار الخاصة ورفض أفكار الآخر.
[24] مجهود الغذامي
في النقد الثقافي بين التنظير والتطبيق: محمد لافي الشمري، رسالة ماجيستير، اشراف حامد
كساب عياط، قسم اللغة العربية وآدابها، جامعة اليرموك الأردن، 2008/2009. ص 19.
[25] تيودور آدورنو
أحد أعلام مدرسة فرانكفورت، فيلسوف ألماني عمل على مبدأ تفكيك مبدأ الهوية (انظر القراءة
النسقية ل أحمد يوسف، ص 38)
[26] دليل النقد الثقافي: ميجان الرويلي وسعد البازغي، ص: 306.
[27] دليل النقد الثقافي: ميجان الرويلي وسعد البازغي، ص: 307.
[28] الهويات
والتعددية اللغوية، قراءات في ضوء النقد الثقافي المقارن، عز الدين مناصرة، الصايل
للنشر والاشهار، عمان، الأردن، د ط، 2014 م، ص 7.
[29] الهويات
والتعددية اللغوية، قراءات في ضوء النقد الثقافي المقارن، عز الدين مناصرة، الصايل
للنشر والاشهار، عمان، الأردن، د ط، 2014 م، ص 7.
[30] الهويات
والتعددية اللغوية، قراءات في ضوء النقد الثقافي المقارن، عز الدين مناصرة، الصايل
للنشر والاشهار، عمان، الأردن، د ط، 2014 م، ص 7-8.
[31] الهويات
والتعددية اللغوية، قراءات في ضوء النقد الثقافي المقارن، عز الدين مناصرة، الصايل
للنشر والاشهار، عمان، الأردن، د ط، 2014 م، ص 9-10.
[32] النقد الثقافي
ريادة وتنظير، العراق رائدا، حسين قاصد، التجليات للنشر والترجمة والتوزيع،
الجيزة، القاهرة طا، 2013 م، ص: 11 والنقد الثقافي عبد الله الغذامي، ص: 101.
[33] النقد الثقافي،
قراءة في الأنساق الثقافية العربية، عبد الله الغذامي، المركز الثقافي العربي،
الدار البيضاء، المغرب، ط1، 2000، ص: 83
[34] مدخل في نظرية
النقد الثقافي المقارن، بعلي حفناوي، ص: 15.
[35] الثقافة
العربية والمرجعيات المستعارة: تداخل الأنساق والمفاهيم ورهانات العولمة: عبد الله
إبراهيم، المركز الثقافي العربي، بیروت د ط، 1999 م نقلا عن لافي الشمري رسالة
ماجستير، ص: 21.
[36] العين الثالثة،
تطبيقات في النقد الثقافي وما بعد الكولونيالي، حياة أم السعد وآخرون، تقديم وحيد
بن بوعزيز، دار میم للنشر، الجزائر، ط1، 2018 م، ص: 26.
[37] الخروج من
التيه، دراسة في سلطة النص، عبد العزيز حمود، سلسلة عالم المعرفة، المجلس الوطني
للثقافة والفنون والآداب الكويت، ط 1، 2003 م، ص 221.
[38] الخروج من
التيه، دراسة في سلطة النص، عبد العزيز حمود، سلسلة عالم المعرفة، المجلس الوطني
للثقافة والفنون والآداب الكويت، ط 1، 2003 م، ص 224.
[39] مدخل في نظرية
النقد الثقافي المقارن: بعلي حفناوي، ص: 11.
[40] الدراسات
الثقافية: مقدمة نقدية، ديورنغ، سايمون مجلة عالم المعرفة العدد 425 يونيو 2015. ترجمة ممدوح
يوسف عمران.
[41] عز الدين إسماعيل: في الإبداع والنقد والأدب والشعر، ص 129
[42] جون باتنز: - الدراسات الثقافية.. التاريخ – المادة – المنهج -
الأهداف، ترجمة: لطفي السيد منصور، من موقع: https://moodle.univ-chlef.dz/ar/course/info.php?id=1422 تاريخ الاطلاع:
12/04/2022 على الساعة: 21:03.
[43] المصدر نفسه.
[44] عز الدين إسماعيل: في الإبداع والنقد والأدب والشعر، ص 130.
[45] عبد القادر الرباعي: جماليات الخطاب في النقد الثقافي رؤية جدلية
جديدة، دار جرير للنشر والتوزيع، الأردن، ط1، 2015، ص 17
[46] المرجع السابق ، نفس الصفحة.
[47] عز الدين إسماعيل: في الإبداع والنقد والأدب والشعر ، ص 114-115.
[48] الغذامي ، النقد الثقافي قراءة في الانساق الثقافية، ص 80.
[49] بسام قطوس ، المدخل الى مناهج النقد المعاصر ص 229.
[50] محلة اللغة العربية، عن المجلس الدولي للغة العربية: مقال للدكتور طارق
زياد، عدد مارس 2021.
[52] مروة علي عطا الله عبد الغني: الفرق بين النقد الثقافي
و الدراسات الثقافية ، كلية دار العلوم/ جامعة المنيا - جمهورية مصر العربية 2020 ص 08.
[53] المرجع نفسه، ص 19.
[54] المرجع نفسه ، ص 24.
[55] معجم العين، الخليل بن أحمد الفراهيدي، تح: مهدي المخزومي وإبراهيم
السامرائي، دار الهلال مصر د ط، دت، ج5، ص:85.
[56] لسان العرب، ابن منظور، ص: 179.
[57] المعجم الوسيط،
إبراهيم مصطفى وآخرون، المكتبة الإسلامية اسطنبول تركيا، ج1، طا، دت، ص
918-919.
[58] التشابه والاختلاف نحو
منهجية شمولية: محمد مفتاح المركز العربی بیروت لبنان، ط1، 1996 م ص: 156، 157
[59] القراءة النسقية، سلطة
البنية ووهم المحايثة: أحمد يوسف، منشورات الاختلاف، الجزائر العاصمة، الجزائر،
ط1، 1428 ه 2007 م، ص: 116.
[60] اللسانيات النشأة والتطوير، أحمد مومن،
ديوان المطبوعات الجامعية بن عكنون، د ط، 5005م، ص:43.
[61] جدلية الأنساق الثقافية المضمرة في النقد الثقافي، سحر كاظم الشجري دار
الحوار، سوريا، ط1، 2017 م ص: 75.
[62] تاويل الثقافات؛ كلود غيرتز، تر محمد بدوي مركز دراسات الوحدة العربية،
بيروت، ط1، 2009 م، ص: 221.
[63] تمثلات الأخر، صورة السود في المتخيل العربي: نادر کاظم، المؤسسة
العربية للدراسات والنشر بيروت، ط 1، 2014، ص 95.
[64] النقد الثقافي، عبد
الله الغذامي، ص: 71.
[65] بنظر النسق الثقافي، قراءة في أنساق الشعر العربي القديم، يوسف عليمات،
عالم الكتب الحديث للنشر والتوزيع إربد وجدارا للكتاب العلمي للنشر والتوزيع، عمان
الأردن، ط1، 2009، ص: 124.
[66] المقامات، السرد والأنساق الثقافية، عبد الفتاح كيليطو، تر: عبد الكبير
الشرقاوي دار توبقال الدار البيضاء المغرب، ط1، 2000، ص: 8.
[67] القراءة النسقية، سلطة البنية ووهم المحايثة: أحمد يوسف، ص: 39-38.
[68] الجشطالت، و الجشطالتية: كلمة ألمانية تعني الشكل والصقة والنمط و
ارتبطت بعلم النفس خاصة الأدرك قانونها الأساسي " الكل أكبر من مجموع أجزائه.
[69] النقد الأدبي الأمريكي: انسان ليتش، تر محمد يحي، المجلس الأعلى
للثقافة والمشروع القومي للترجمة القاهرة مصر، طا، 2000 م ص: 109.
[70] النقد الأدبي الأمريكي ، ليتش ، ص: 89.
[71] النقد الثقافي، فضايا وقراءات وعبد الفتاح العقيلي، مكتبة الزهراء
الرياض، السعودية، ط1، 2009م، ص: 90.
[72] النقد الثقافي فضايا و قراءات ، عبد الفتاح العقيلي ، ص: 91.
[73] المرجع نفسه، ص: 92.
[74] المرجع السابق،
ص: 45.
[75] اسئلة النقد الثقافي، مصطفى الضبع، مؤتمر أنباء مصر في الأقاليم،
المنيا مصر، أيام 26 - 27 ديسمبر 2003 ، ص: 42.
[76] المرجع نفسه، ص 28.
[77] المرجع السابق، ص 07.
[78] ابن فارس: معجم مقاييس اللغة، ج 3، ص 371.
[79] الأعشى: (57 ه/629م) ميمون بن قيس بن جندل، من
بني قيس بن ثعلبة الوائلي، أبو البصير، المعروف بأعشى قيس ويقال له أعشى بكر بن
وائل، الأعشى الكبير: من شعراء الطبقة الأولى في الجاهلية وأحد أصحاب المعلقات.
(...) كان غزير الشعر يسلك فيه كل مسلك، وليس أحد مما عرف قبله الشعر منه. وكان
يغني بشعر، فسمي (صناجة العرب) قال البغدادي: كان يفد على الملوك ولاسيما ملوك
الفرس، لذلك كثرت الألفاظ الفارسية في شعره. عاش عمرا طويلا، أدرك الإسلام ولم
يسلم ولقب بالأعشى لضعف بصره وعمى في أواخر عمره، مولده ووفاته في قرية (منفوحة)
باليمامة فيها داره وقربه، جمع شعره في ديوان سمي (الصبح المنير) ترجم بعض شعره
إلى الألمانية المستشرق الألماني جاير. انظر: خیر الدين الزركلي: الإعلام، دار
العلم للملايين، لبنان ج7، ط5، 1970
[80] ابن منظور الافريقي: لسان العرب، فصل الضاد
المعجمة، ج 4، ص ص 2606-2607.
[81] عبد الله الغذامي، عبد النبي اصطيف: ثق ثقافي أم
نقد أنبي ؟، دار الفكر، دمشق، سوريا، ط1، 2004، ص 33
[82] عبد الله الغذامي: النقد الثقافي قراءة في الساق
الغاية، ص 79.
[83] إسماعيل خلباص حمادي، إحسان ناصر: "النقد
الثقافي مفهومه، منهجه إجراءاته، مجلة كلية التربية، جامعة العراق، ع13، 2013، ص
17.
[84] عبد الله الغذامي: النقد الثقافي قراءة في الأنساق
الثقافية، ص ص، 79-80.
[85] المرجع نفسه، ص 80.
[86] المرجع نفسه، الصفحة نفسها.
[87] عبد الله الغذامي: النقد الثقافي قراءة في الأنساق
الثقافية، ص 97.
[88] مكتبة التربية العربي لدول الخليج، معجم العلوم
الإنسانية، الكويت، المركز العربي للبحوث التربوية، الطبعة الأولى، 2013، ص 343.
[89] عبد الله الغذامي: النقد الثقافي قراءة في الأنساق
الثقافية، ص 99.
[90] محمد الشكيري، دروس في التركيب، دار الأمان
للنشر و التوزيع، الرباط، ط 1 ، 2005، ص 71.
[91] يوسف محمود عليمات، النقد النسقي، ص 09.
[92] حفناوي بعلي، مدخل نظرية النقد الثقافي المقارن،
الدار العربية للعلوم، منشورات دار الاختلاف، ط1، 2007، الجزائر، ص 50.
[93] يوسف محمود عليمات، النقد النسقي، ص 21.
[94] عبد الفتاح أحمد، قراءة النص و سؤال الثقافة،
عالم الكتب الحديثة، 2009، ص 92.
[95] عبد الله الغذامي: النقد الثقافي قراءة في الأنساق
الثقافية، ص 85.
[96] المرجع نفسه، ص 88.
[97] المرجع نفسه، ص 89.
[98] خالد زيغمي، نحو أفق دراسة نسقية للظاهرة
الأدبية و تاريخ الأدب، جامعة محمد لمين دباغين، سطيف2، مجلة العلوم الاجتماعية، ع
23 ديسمبر 2016، ص 278.
[99] عبد الله الغذامي: النقد الثقافي قراءة في الأنساق
الثقافية، ص 78.
