JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
Startseite

التعددية الطائفية في العراق مذكرة تخرج

خط المقالة

 

تمهيد:

     لدراسة التعددية الطائفية في العراق و جب علينا التطرق لنشأة تكوين جمهورية العراق لمعرفة اصل و نشأة تكوين هذه الطوائف و الاثنيات  تاريخيا و دراسة التركيبة السكانية للدولة حيث قسمت هذا الفصل إلى مبحثين أولها نشأة الجمهورية العراقية ثم التركيبة الاثنوغرافية للمجتمع العراقي و أسباب الطائفية  في المبحث الثاني .

المبحث الأول: نشأة الجمهورية العراقية

المطلب الأول: مدخل تاريخي للدولة العراقية

     عرفت العراق قديما باسم بلاد الرافدين، والتي كانت موطنا لأقدم حضارات العالم، حيث يمتد تاريخها لأكثر من 10,000 سنة  وبالتالي فقد كانت العراق طرفا أساسيا فيما يعرف بصراع الحضارات، وقد ارتبط نشوء الحضارة وتطورها في العراق منذ عصور ما قبل التاريخ بنهري دجلة والفرات؛ فعلى ضفافهما تأسست القرى الزراعية الأولى مثل بابل وآشور  كما كان للنهرين دور عظيم في قيام حضارة العراق منذ القدم.

أولا-بلاد الرافدين القديمة :إن أقدم سكان وادي الرافدين المعروفين هم السومريون، في الجزء الجنوبي منه. ونحو 3000ق.م، وفدت شعوب سامية إلى وادي الرافدين. وهؤلاء هم الذين عرفوا في التاريخ بالأكَّاديين. لذلك، منذ 3000ق.م كان يعيش بوادي الرافدين شعبان: السومريون في الجنوب و الأكاديون في الشمال، يتكلمون لغتين مختلفتين، إحداهما سامية، وهي اللغة الأكّادية والأخرى غيرسامية، وهي اللغة السومرية. وكان السومريون مؤسسي حضارة وادي الرافدين، وأرقى حضاريًا من الأكاديين عندما قدم إليهم هؤلاء. ولذا تأثر بهم الأكّاديون وورثوا كثيرًا من حضارتهم الراقية، وبخاصة الديانة والأدب ورموز الكتابة.

     و عرف العراق قيام دول ودويلات عدة، كان لبعضها شأن كبير، ابتداءً من أواخر الألف الرابع قبل الميلاد إلى القرن السادس قبل الميلاد حين سقطت بابل الكلدانية أمام الغزو الفارسي. وأهم هذه الدول والدويلات أوماولاغش ونفَّر، وأكاد، وأور الثالثة، والممالك الأمورية في آشور وبابل وإشونة، ومملكتا ميتاني والكاشيين ذواتا الأصول الهندية الأوروبية، وأخيرًا بابل الكلدانية آرامية الأصل. واشتهرت مملكتا آشور وبابل بأنهما كانتا تظهران وتخمدان مرات عدة، وكانت المرة الأخيرة لكل واحدة منهما هي أزهاها. فكان المجد الأخير لآشور فيما عرف في تاريخها بالعصر الآشوري الحديث ما بين القرنين الثامن والسابع قبل الميلاد، كما كان المجد الأخير لبابل المعروفة بالكلدانية، بين القرنين السابع والسادس قبل الميلاد حيث ورثت ملكآشور[1].

1-سومر:كان العراق بحق مهدًا لحضارة عريقة، ففيه بدأت إحدى أقدم محاولات الإنسان في الزراعة وتدجين الحيوان في حدود الألف السابع قبل الميلاد، ونشأت المدن والمراكز الحضارية على شواطئ النهرين العظيمين دجلة والفرات وفيه كانت إحدى أقدم محاولات الإنسان في الكتابة والتدوين، كما ازدهرت فيه نتيجة لذلك التربية والتعليم، والقوانين وتدوين الطب والكيمياء والرياضيات والفلك والفن والأدب والتجارة والصناعة وغيرها. وغدت تلك المحاولات المبكرة الأساس المتين الذي قامت عليه الحضارة العراقية القديمة فيما بعد[2].

2-بابل وآشور: اصطلح المنقبون الغربيون مطلع القرن 18 على الأرض التي قامت عليها حضارة بلاد بابل والجزء الشمالي الشرقي من حضارة الاشوريين ببلاد مابين النهرين أو وادي الرافدين حيث ظهرت اول كتابة في التاريخ في مدينة أور في الناصرية جنوب العراق حاليا والتي ولد فيها النبي ابراهيم(ع) حيث ظهر فيها الكتابة الصورية. وحضارة بابل هي مزيج من الأقوام الأكادية المتحدرة من اليمن والجزيرة العربية من سلالة سام ابن نوح (ع) والسومريون وهم من بقايا الأقوام المحلية التي سكنت هضبة بادية الشام[3] .

3-الامبراطوريةالأكادية: في عهد الحضارة الأكادية أسسسرجون الأول الدولة الأكادية على أنقاض مملكة سومر، ويرجع أصل الأكاديين إلى العرب المهاجرين من شبه الجزيرة العربية وامتدت دولة الأكاديين لتشمل كل منطقة الهلال الخصيب تقريبا وبلاد العيلاميين وبعض الأناضول، وتقبل الأشوريون  الحضارة الأكادية لقربها منهم . وقد اشتهر الأكاديون بصناعة البرونز. وفي سنة 2200 قبل الميلاد سقطت الدولة الأكادية إثر غارات الغوتيين والقبائل الجبلية الأخرى[4].

4-حكم الأخمانيين والسلوقيين: احتل الفرس الميديون (من ميديا) في زمن ملكهم قورش العراق في القرن السادس قبل الميلاد في فترة ضعف بابل الكلدانية. وعُرف ملكهم بملك الأخمينيين. ونشر الفرس نظام الإقطاع ووزع ملكهم الأراضي على جنوده. ونجح الفرس في تحقيق أرباح كثيرة من الزراعة ونشطت التجارة وتراكمت الأموال الهائلة لدى الملك الفارسي.

     انتهى احتلال الفرس ليحل محله احتلال الإسكندر المقدوني ملك الإغريق الذي هزم داريوس الثالث في الثلث الأخير من القرن الرابع قبل الميلاد. ولما مات الإسكندر، واقتسم قواده ملكه، كان العراق مع بلاد الشام من نصيب سلوقس، وعرفت هذه الفترة بالسلوقية. ثم جاء الغزو الفارسي الجديد بقيام الفرس الفرثيين (البارثيين) وسيادتهم على المنطقة.

     شهدت بلاد الرافدين تحت حكم السلوقيين والتي ترجع أصولهم إلى مقدونيا، الكثير من الحروب انتهت بسقوط الدولة السلوقية على يد البارثينيينParthiansسنة 141 ق.م.

5-البارثانيون و الرومان: تعود أصول البارثانيون إلى إيران، واستقرت بلاد ما بين النهرين في عهدهم. واستمرت دولة البارثينيين حتى تم اسقاطها على يد الساسانيين سنة 224م.

6-الساسانيون: عين الساسانيون ملكا عربيا من أسرة اللخميين من قبيلة تنوخ لينوب عنهم في إدارة العراق، وفي سنة 602 عين الساسانيون حاكما فارسيا استمر في حكم العراق حتى انهزم الفرس على أيدي المسلمين في معركة القادسية بقيادة سعد بن أبي وقاص سنة 637م/ 14هـ، وسقطت المدائن بعد شهرين من معركة القادسية[5].

ثانيا: العراق بعد الاسلام

1-الفتح الاسلامي: بعد أن قضى أبو بكر على المرتدين وحافظ على الدولة الإسلامية، قرر مواصلة الجهاد بدءًا ببلاد الشام. وفي عهد الخليفة عمر بن الخطاب حقق المسلمون انتصارهم على البيزنطيين الروم، وقرر الخليفة عمر كذلك إرسال الصحابي سعد بن أبي وقاص إلى العراق ضد الفرس، فانتصر عليهم في موقعة القادسية الشهيرة يؤازره المُثَنَّى بن حارثة الشيباني. وكان ذلك يوم 6 محرم 15هـ، 19 فبراير 636م. وهكذا أنهت معركة القادسية السيادة الفارسية في العراق. كما تابع المسلمون ملاحقة الفرس في بلادهم فدخلوا المدائن ونهاوند بعد معركة فاصلة، هزم فيها الفرس[6].

بعد أن أتمت الدولة الإسلامية فتح العراق، أصبح جزءًا من الدولة الإسلامية التي تعلو فيها كلمة الله، ويسود فيها الإسلام عقيدة ومنهجًا وشريعة. ويتساوى فيها أفراد الأمة في الحقوق والواجبات، ويعملون جميعًا وفق منهج القرآن والسنَّة النبوية من أجل قوة هذه الدولة ومنعتها.

    كان الخلفاء الراشدون الثلاثة الأوائل يقيمون في المدينة، حيث نشأت دولة الإسلام، وحيث يقيم الصحابة الأولون الذين رافقوا الرسول  وجاهدوا معه في بناء الدولة وتثبيت دعائمها وتفهُّم الإسلام، وظل هؤلاء الخلفاء يقيمون في المدينة ما عدا الإمام علي كرم الله وجهه، الخليفة الرابع الذي أقام معظم أيام خلافته في الكوفة، فكان يشرف خلال ذلك على شؤون العراق مباشرة، ولما انتقلت الخلافة إلى معاوية بن أبي سفيان أصبح مركزها دمشق، في بلاد الشام، وانحصرت الخلافة في الأسرة الأموية، وأصبح الخليفة يختار ولي عهده ثم يدعو الناس لمبايعته، بينما كانت مبايعة الخلفاء الراشدين تتم في المدينة[7].

2-الأمويون و العباسيون: تحولت العراق إلى حكم الأمويين وصار ولاتها يعينون من دمشق عاصمة الدولة الأموية، وشهد العراق إبان الحكم الأموي العديد من الحروب بين مؤيدي أبناء علي بن أبي طالب وبين الدولة الأموية، واستمرت العراق تدين للأمويين إلى أن قامت الدولة العباسية عام 750م/132هـ.

     بقيام الخلافة العباسية انتقلت إدارة الدولة الإسلامية للعراق بعد أن كانت في دمشق، وتألقت بغداد التي بناها العباسيون لتصبح عاصمة العلم والترجمة عن مختلف الحضارات السابقة التي كانت تتم في بيت الحكمة الذي أسسه المأمون سنة 830م. وبرزت في الدولة العباسية العديد من الأسر التي يرجع أصلها إما إلى العرب مثل بني المهلب ، أو إلى الفرس مثل البرامكة، والسلاجقة الذين حكموا باسم السلطان ما بين 1055 - 1152م، وتعرضت العراق في عهد العباسيين إلى العديد من الثورات والحروب الداخلية إلى أن سقطت على يد القائد المغولي هولاكو خان سنة 1258م/656هـ[8].

3-المغول: دخل المغول بغداد في 5 صفر 656 هـ، 1258م بعد مقاومة عنيفة، وفتكوا بأهلها سبعة أيام أو تزيد، وتم تخريب المدينة وحرقها وقتل سكانها؛ وبذلك انتهى الحكم العباسي واستطاع أحد أفراد الأسرة العباسية النجاة وهو أبو القاسم أحمد بن الظاهر بأمر الله الذي أعلنه سلطان مصر الظاهر بيبرس سنة 659هـ، 1260م خليفة باسم المستنصر بالله، ولم يكن له من السلطة إلا الاسم.

    أُلغيت الدواوين وبقي ديوان الوزير وديوان الزمام ثم أدمج الديوانان في ديوان واحد صار رئيسه صاحب الديوان، وهو الحاكم الأعلى في العراق، وهو الذي يعين كبار الموظفين وغيرهم. وإلى جانب صاحب الديوان، هناك كاتب السلة، وهو مسؤول عن كتاب الولاية وبيده أسرارها. وهناك قاضي القضاة. وأهم الوظائف العسكرية الشحنة (القائد العسكري الأعلى) ومهمته المحافظة على الأمن والقضاء على الثورات وكذلك وظيفة نائب الشرطة. أما إدارة الدولة فهي لا مركزية.[9]

4-الصفويون: احتل الشاه إسماعيل الصفوي بغداد عام 914هـ، 1508م واتبع سياسة تفريق صفوف الأمة الواحدة، وباضطهاد السكان وتخريب مزارعهم. غير أن العثمانيين لم يمكنوهم من البقاء. فقد هزم السلطان العثماني سليم الأول الصفويين في موقعة جالديران عام 920هـ، 1514م. وقد أدى انتصار العثمانيين على الصفويين إلى مد النفوذ العثماني إلى شمال العراق في الجزيرة والموصل وأربيل وكركوك. وقد زعزع انتصار العثمانيين النفوذ الإيراني الفارسي في المنطقة[10].

5-الحكم المملوكي و العثماني: استولى العثمانيون على بغداد في 24جمادى الثانية 941هـ،31 ديسمبر 1534م في عهد السلطان سليمان القانوني، الذي هزم الصفويين. وبذلك سيطر العثمانيون على أهم الطرق التجارية الرئيسية التي تربط الشرق الأقصى بأوروبا. وترتبت على ذلك مسؤوليات دفاعية ضد البرتغاليين في منطقة الخليج العربي. فأمر السلطان بإعداد الأسطول العثماني لمنازلة البرتغاليين. ووقع السلطان سليمان صلحًا مع الشاه طهماسب الصفوي تخلى فيه السلطان سليمان عن تبريز مقابل تعهد الشاه بعدم الاعتداء.

      سادت العراق حقبة من الاستقرار دامت قرابة نصف قرن، تخللها عدد من الاضطرابات في منطقة البصرة نتيجة الثورات الفكرية، وقد أدرك السلطان سليمان القانوني أهمية العراق وأن ضياعه يعني تجدد الأطماع الفارسية في الأناضول، فعمل على التمسك به، وجند في سبيل ذلك إمكانات مالية وعسكرية كبيرة تحديًا لفارس وإصرارًا على الوقوف أمام أطماعها. وأصبحت السياسة العثمانية في عهده تقوم على الحفاظ على العراق وعدم التساهل في التنازل عن أي جزء منه. فنشط ولاة العراق في تأمين النظام داخل المدن وصد اعتداءات الصفويين على الحدود. وشيد بعض الولاة عددًا من الجوامع والمدارس، ونشطت التجارة في هذه الحقبة.

       ثم أخذ الوضع العام في العراق في التدهور، وبدأت الفوضى وعدم الاستقرار في الانتشار مع مطلع القرن السابع عشر الميلادي، وكثرت الحركات الانفصالية، فاستغلها الصفويون الذين احتلوا بغداد ومناطق أخرى في عام 1623م. واستعاد العثمانيون بغداد مرة أخرى سنة 1638م بعد محاولات مستمرة. وأدت هذه الحروب إلى الكثير من الخراب والدمار، وكثرة الاضطرابات وحركات التمرد.

     وتكررت محاولات الصفويين للاستيلاء على البصرة وبغداد، وانتهت هذه المحاولات بتوقيع معاهدة أرضروم عام 1847م بين الدولتين تم فيها اعتراف بلاد فارس بتبعية العراق للعثمانيين.

    أدى ضعف السلطة المركزية، والانحسار الفعلي للوجود العثماني المباشر عن أقاليم عديدة، إلى قيام سلطات محلية قوية تمكنت من ملء الفراغ الناجم عن ذلك الانحسار، فظهرت سلطة المماليك في العراقالتي تميزت بتعاقب ولاة مماليك على السلطة في بغداد، وظهور دور ملحوظ للقوى الأوروبية في إسناد ترشيح أحد الأغوات المماليك لولاية بغداد ممن يجدون في تعيينه ما يحقق لهم مزيدًا من المصالح في العراق، الأمر الذي أضاف عاملاً جديدًا في إبقاء السلطة بيد المماليك وترسيخ السيطرة العثمانية غير المباشرة، فكان تعيين سليمان باشا الكبير سنة 1194هـ، 1780م بدعم كل من المقيم البريطاني في البصرة والسفير البريطاني في إسطنبول. كما جاء تعيين خلفه علي باشا سنة 1802م بتدخل من المقيم البريطاني في بغداد، بينما وصل سليمان باشا الملقب بالصغير إلى الحكم سنة 1808م بمساندة ودعم من الفرنسيين، وكان آخر الولاة داود باشا[11].

ثالثا : الانتداب البريطاني و مملكة العراق:

     يرجع اهتمام بريطانيا بالعراق والخليج العربي وتطلعها إلى السيطرة عليهما منذ القرن السابع عشر الميلادي، وذلك لموقعهما الجغرافي وأهميتهما الاستراتيجية لوقوعهما على طريق مواصلات بريطانيا إلى الهند، درة التاج البريطاني آنذاك؛ هذا فضلاً عن أهمية العراق الاقتصادية، ووجود النفط في أرضه، وقربه من حقول النفط البريطانية في بلاد فارس (إيران).

      بدأ تسرب النفوذ البريطاني إلى العراق عن طريق دخول التجار والرحالة الإنجليز إلى ربوعه منذ أواخر القرن السادس عشر الميلادي، ثم عن طريق شركة الهند الشرقية البريطانية التي أنشأت أول وكالة لها في البصرة سنة 1053هـ، 1643م، ثم أصبح لوكيل الشركة مهمة سياسية، إضافية لعمله فيها، عندما أصبح قنصلاً لدولته. وازداد نفوذ بريطانيا في العراق في أعقاب قدوم الحملة الفرنسية على مصر.[12]

     غير أن النفوذ الإنجليزي لم يلبث أن واجه منافسة خطرة من روسيا التي احتلت شمالي فارس (إيران)، في محاولة منها للوصول إلى الخليج العربي فالمحيط الهندي، وتحويل تجارة فارس (إيران) والهند وآسيا الوسطى لمصلحة روسيا. فلجأت بريطانيا ـ كما أشرنا ـ إلى تشكيل شركة ملاحية وهي شركة لنش للملاحة والتجارة في نَهْري دجلة والفرات، وكانت لها سفن وبواخر كثيرة، كما اتسعت أعمالها وازدادت مالاً ونفوذًا. وكانت الحكومة البريطانية تدعمها، لأن الشركة المذكورة كانت تعمل على تقوية النفوذ البريطاني في العراق حتى تفاقم وأصبح خطرًا على كيانه، ولا سيما بعد أن أصبح الإنجليز يشرفون على الملاحة في شط العرب وعلى عملية إرشاد السفن فيه، الأمر الذي حدا بنواب العراق في (مجلس المبعوثان) العثماني النيابي سنة 1327هـ، 1909م لإثارة البحث حول وضع الشركة.

     وظلت إنجلترا تعزز نفوذها السياسي في العراق سواء عن طريق التجارة أو خطوط البريد والبرق وإرسال البعثات للكشف عن آثار العراق، أو إقامة مشروعات، وتحرص على جعل هذه الأمور محصورة فيها دون غيرها من الدول، حتى واجهت المشروع الألماني الخاص بسكة حديد برلين ـ بغداد، فأوقفت المشروع ببسط نفوذها على الكويت عام 1317هـ، 1899م، وظلت بريطانيا تقاوم كل المحاولات الدولية الرامية للسيطرة على الخليج والعراق حتى قيام الحرب العالمية الأولى.

     وعندما اندلعت الحرب العالمية الأولى، تقدمت قوة بريطانية واحتلت البصرة في 5 نوفمبر 1914م لتبدأ عملياتها الحربية ضد الدولة العثمانية التي دخلت الحرب إلى جانب ألمانيا، فقامت بريطانيا بإرسال حملة بحرية لتحتل العراق بالقوة وتحقيق ما كان التجار والبحارة والسياسيون والسياح والخبراء قد مهدوا له ووضعوا أسسه خلال ثلاثة قرون[13].

     كان الاحتلال البريطاني تنفيذا لجزء من اتفاقية سايكس - بيكو التي اقتسم بها الإنجليز والفرنسيون مناطق النفوذ والسيطرة الاستعمارية في الشام والعراق، ولكن العراقيين كانوا يأملون تحقيق الاستقلال نظرًا لوعود بريطانيا للشريف حسين من جهة خاصة بعد نجاح الثورة العربية ضد الأتراك العثمانيين، وكذلك وعود بريطانيا لهم بالاستقلال والحرية من جهة أخرى، مما دفعهم لعدم مساعدة الأتراك خلال الحرب.

النضال ضد الانتداب البريطاني: بدأ العراقيون مواجهتهم للإحتلال البريطاني منذ اللحظة الأولى التي وطأت فيها أقدام قوات الإحتلال أرض العراق. وقد واجهت المقاومة الوطنية العراقية الوجود البريطاني لإصرار قوات الاحتلال على استمرار سيطرتها على العراق لأهميته الاستراتيجية والاقتصادية. فاستبدلت بريطانيا الانتداب بمعاهدة تحالف عقدتها مع العراق عام 1922م، وكانت صورة مستورة لصك الانتداب الذي يمقته العراق.

    غير أن فيصل الذي لم يكن راضيًا تمامًا عن المعاهدة، اتبع سياسة خذ وطالب التي تؤدي إلى الاستقلال خطوة بعد أخرى[14]. وأخذ العراقيون يعملون على إزالة الحكم المزدوج الذي تمتع فيه البريطانيون بمشاركة العراقيين في إدارة البلاد، وظلت العناصر الوطنية تنظر إلى معاهدة 1922م على أنها كبدت العراق عبئًا ثقيلاً في قيودها وشروطها ومسؤولياتها. ولذا عُدّل عُمْر المعاهدة من عشرين سنة إلى أربع سنوات فقط، ثم استبدل بها عام 1926م معاهدة أخرى من أجل قضية الموصل. وجرت مفاوضات بين الحكومتين العراقية والبريطانية بشأن تعديل الاتفاقيتين المالية والعسكرية، وانتهى الأمر بالتوقيع على معاهدة جديدة تحل محل المعاهدتين السابقتين في 14 ديسمبر 1927م. وأدت هذه المعاهدة إلى تقليل الرقابة والإشراف البريطاني على الشؤون العسكرية والمالية في العراق، كما تضمنت المعاهدة وعدًا من جانب بريطانيا بتأييد ترشيح العراق لعضوية عصبة الأمم في عام 1351هـ، 1932م.

     وتأزَّم الموقف بين العراق وبريطانيا حيث كان الشعب يطالب بالاستقلال وإلغاء الانتداب، في حين كانت الحكومة البريطانية تصر على عقد معاهدة جديدة في شكل لا يختلف بمضمونه عن المعاهدات السابقة. ونتيجة لذلك أُصيب الشعب بخيبة أمل واستقالت عدّة وزارات لأنها لم تستطع تلبية رغبات الشعب في الحرية والاستقلال لأن الوضع في العراق كان قائمًا على أساس حكومة وطنية خاضعة لنفوذ المستشارين البريطانيين.

     هاج الشعب وقامت مظاهرات صاخبة ضد تدخل المندوب السامي البريطاني، وتأزمت العلاقات من جديد. ولم ينه هذا الصراع إلا تشكيل وزارة جديدة برئاسة نوري السعيد، الذي بدأ المفاوضات مع الجانب البريطاني في بغداد وانتهت بالتوقيع على المعاهدة في 18 يوليو 1930م. وقد ألّف نوري السعيد كما أشرنا حزب العهد الموالي لبريطانيا والمدافع عن المعاهدة، في حين شكلت المعارضة الوطنية حزب الإخاء الوطني برئاسة ياسين الهاشمي[15].






[1] أحمد محمد عوف، موسوعة العالم، الجزء الرابع، بلاد الرافدين، تاريخ مجهول، ص 111.

[2]عادل فائق رشيد، تاريخ العراق القديم، دار ألوان للطباعة و النشر و التوزيع، 2020، ص 16.

[3] المرجع نفسه، ص 25.

[4]تاريخ العراق القديمة، مقال منشور على موقع: https://www.marefa.org/ ، تاريخ الاطلاع: 27/05/2022، على الساعة: 17:30.

[5] أحمد محمد عوف، موسوعة العالم، المرجع السابق، ص 115.

[6]عبد الحميد حسين، الفتح الاسلامي في العراق و الجزيرة، ساعدت وزارة المعارف العراقية على نشره، مطبعة شفيق، بغداد، 1961، ص 18.

[7]مايكل ج موروني، العراق بعد الفتح الاسلامي، ترجمة حيدر عبد الواحد راشد، دار الرافدين، ملخص منشور على موقع: https://www.neelwafurat.com/ .

[8]عبد الحميد حسين، مرجع سابق، ص 64.

[9] فؤاد عبد المعطي الصياد ، المغول في التاريخ، فصل سقوط بغداد، دار النهضة العربية، ص ص 73-75.

[10]عمر بن عبد الستار السامرائي، العراق تحت الاحتلال الصفوي، دراسة في الأحوال السياسية و الاجتماعية، دار الامام مسلم للنشر و التوزيع، منشور على موقع: https://fac.umc.edu.dz/ تاريخ الاطلاع: 28/05/2022 .

[11]مايكل ج موروني، العراق بعد الفتح الاسلامي،المصدر السابق.

[12]لويددولبران، العراق من الانتداب إلى الاستقلال، ترجمة الدار العربية للموسوعات، ملخص منشور على موقع: https://www.noor-book.com/ ، تاريخ النشر: 01 يناير 2002.

[13]لويددولبران، المصدر السابق.

[14] أحمد محمد عوف، موسوعة العالم، المرجع السابق، ص 119.

[15]المرجع السابق، ص 121.

[16]https://ar.wikipedia.org/wiki تاريخ الاطلاع: 28/05/2022.

[17]حيدر زكي عبد الكريم، الجمهورية العراقية، دراسة تأريخية، من ثورة 14 تموز/يوليو 1958 إلى حركة 18 تشرين الثاني/نوفمبر 1963، دار نينوى ، ص 27.

[18] عبد الرزاق الحسني، تاريخ العراق السياسي الحديث، ج 3 ، ملخص منشور على موقع: https://books-library.net/

[19] عبد الرزاق الحسني، المصدر السابق.

[20] أحمد محمد عوف،المرجع السابق، ص 312.

[21] حرب الخليج الثانية... الزلزال الذي عصف بمنطقة الخليج، مقال منشور على موقع الجزيرة،  https://www.aljazeera.net/ تاريخ النشر: 07/11/2016.

[22] أحمد محمد عوف،نقلا عن مصطفى علي العبيدي، صفحات احتلال العراق، مشاهدات صحفي من حرب لا تنتهي 2003-2007.الدار العربية للعلوم. ص ص 314-316.

[23]جغرافية العراق، للصف النهائي، المديرية العامة للمناهج، وزارة التربية العراقية ط 34، 2016، ص 6.

[24]https://ar.wikipedia.org/wiki تاريخ الاطلاع: 26/05/2022.

[25] جغرافية العراق، المرجع السابق، ص 10.

[26] جغرافية العراق ، المرجع السابق، ص 09.

[27] جغرافية العراق ، المرجع السابق، ص 20.

[28]تحديث   2022/01/21بواسطة الجهاز المركزي للإحصاء، عن هيئة التخطيط العراقية، منشور على موقع هجرة: https://hijra.news/ ، تاريخ الاطلاع: 25/05/2022 على الساعة : 22:54

[29]تحليل الوضع السكاني في العراق، اللجنة الوطنية للسياسات السكانية، 2012، التقرير الوطني الثاني حول حالة السكان في اطار توصيات المؤتمر الدولي للسكان و التنمية و الأهداف الانمائية للالفية، ص 18.

[30] جغرافية العراق ، المرجع السابق، ص 105.

[31] المرجع نفسه، ص 106.

[32] عادل بن عمر،الديمقراطية التوافقية و إدارة التعدد الطائفي في العراق، المجلة الجزائرية للأمن و التنمية، م9، ع 2 ، 31/07/2020، جامعة باتنة1، 2020.

[33] الطائفية في العراق  مقاربات في الجذور و سبل الخروج من المأزق، مجموعة من الباحثين ، معهد الأبحاث و التنمية الحضارية، دار الحضارة،  دار الحضارة، بغداد، 2007. ص 06.

[34] المرجع نفسه، ص 12.

[35] المرجع نفسه، ص 17.

[36] المرجع نفسه، ص 22.

[37] المرجع نفسه، ص 23.

[38]التشكيلات السكانية في العراق، من موقع https://www.aljazeera.net/ تاريخ النشر 05/10/2005.

[39] محمود الشناوي، العراق التائه بين الطائفية و القومية، هذا ما جرى بعد الصدمة و الرعب، مكتبة الياسمين، 2010، جمهورية مصر العربية، ص 32.

[40] المسألة الطائفية و صناعة الأقليات في الوطن العربي، مجموعة من المؤلفين، المركز العربي للأبحاث و دراسة السياسات، ملخص منشور على موقع: https://www.dohainstitute.org/ar/booksandjournals/pages/artc1d7f287.aspx تاريخ الاطلاع: 13/04/2022 على الساعة : 16:32.

[41] المصدر نفسه.

[42] المركز الدبلوماسي للدراسات الإستراتيجية 2004، ص. 94

[43] عادل بن عمر،الديمقراطية التوافقية و إدارة التعدد الطائفي في العراق، مرجع سابق، ص 15.

[44] التوزيع الطائفي و العرقي في العراق، من موقع https://www.aljazeera.net/ تاريخ النشر 05/10/2005.

[45] المسألة الطائفية و صناعة الأقليات في الوطن العربي، مصدر سابق.

[46] سعيد السامرائي، الطائفية في العراق الواقع و الحل، مؤسسة الفجر، لندن بدون تاريخ، ص 28.

[47] عبد الخالق حسين، الطائفية السياسية و مشكلة الحكم في العراق، ردمك، 2017، ص 57.

[48] المرجع نفسه، ص 59.

[49] المسألة الطائفية و صناعة الأقليات في الوطن العربي، مصدر سابق.

[50] تداعيات الطائفية على بناء الدولة العراقية المعاصرة، مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماستر الأكاديمي ، اعداد الطالبة مزغم آسيا، كلية الحقوق و العلوم السياسية ، جامعة المسيلة، 2016/2017. ص 43.

[51] المرجع السابق، ص 44.

[52] المرجع نفسه، ص 44.

[53]الكانتون هو عبارة عن تقسيم إداري. عمومًا، الكانتونات صغيرة نسبيًا من حيث المساحة والسكان عندما تقارن بالتقسيمات الأخرى مثل المحافظات أو الإدارات أو الأقاليم. أشهر الكانتونات وأهمها سياسيًا هي تلك في سويسرا، والكانتونات في كوستاريكا.

[54] احمدي عيسی سلمان، انعكاسات الإستراتيجية الأمنية على دول الخليج العربي بعد حرب الخليج الأولى 19882014 ، مذكرة ماستر ، جامعة قاصدي مرباح ورقلة ، كلية الحقوق والعلوم السياسية ، قسم العلوم السياسية ،2014-2015، ص ص 51-54.

[55] حمدي عيسی سلمان، مرجع السابق، ص 45.

[56] تداعيات الطائفية على بناء الدولة العراقية المعاصرة، مرجع سابق ص 52.

[57] تركيا والعراق (أخطار وإمكانات الجوار) ، تقرير صادر عن معهد السلام الأمريكي، الوثيقة رقم 1200.

[58] حارث حسن، الأزمة الطائفية في العراق، ارث من الإقصاء، مركز كارنيغي للشرق الأوسط لبنان ،2014،ص 25.

[59] سناء كاطع ، مرجع سابق، ص 133.

[60] خير الدين حسيب ، العراق من الاحتلال الى التحرير ،ط1، مركز دراسات الوحدة العربية ، لبنان، 2006، ص 311.

[61]  طه نوري ياسين الشكرجي، الحرب الأمريكية على العراق، د ط مكتبة الرائد العلمية، الأردن،2000، ص 155.

NameE-MailNachricht