تمهيد:
نسعى في هذا الفصل الأول إلى تقديم مدخل نظري و
مفاهيمي حول التعددية الطائفية و الأمن
المجتمعي و بعض المفاهيم المشابهة لهما ، بالإضافة إلى تحديد ما إذا كانت هناك
علاقات تربطهما من خلال تعريف التعددية الطائفية و علاقتها بالمفاهيم ذات الصلة في
المبحث الأول ثم مفهوم الأمن المجتمعي في المبحث الثاني، لنصل في الختام إلى الاقترابات
و النظريات الخاصة بالتعددية الطائفية و الأمن المجتمعي الذي سنتطرق إليه في
المبحث الأخير.
المبحث
الأول: مفهوم التعددية الطائفية و علاقته
بالمفاهيم ذات الصلة.
كثيرا ما
نسمع عن مصطلح التعددية الطائفية وأصبح محط اهتمام ودراسة من قبل الباحثين في
القضايا الدولية ، ويكتسي موضوع التعددية الطائفية أهمية كبيرة وذلك للدور الذي
يلعبه التعدد الطائفي في نشأة الصراعات وتطورها وتهديد استقرار وامن الدول ويؤثر
على الجوانب السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية ، ودائما ما يكون هناك أطراف معينة تستفيد من
هذا الوضع الطائفي التنافسي وبالتالي تسعى إلى إذكاء نار الفتنة مستخدمة هذي
التعددية في تحقيق مآربها ، ما جعل الدول
تسعى لإيجاد حلول واليات وأساليب لإدارة ومعالجة هذا التعدد الطائفي ، وفي هذا
المبحث تطرقنا الى مفهوم التعددية الطائفية وعلاقته ببعض المفاهيم ذات الصلة
المطلب
الأول: تعريف التعددية الطائفية و الاثنية و المجموعات الاثنية
لقد تعددت التعاريف بتعدد الدراسات
المتناولة لموضوع الطائفية، ومن بين هذه التعاريف نجد، التعريف اللغوي والتعريف
الاصطلاحي .
أولا:
الطائفية
1-تعريف
الطائفية :
1-1-الطائفية لغة: من
طائِفة: اسم جمعه : طائفات و طوائفُ و الطَّائفَةُ :
الجماعةُ والفِرْقَةُ.
الطائفة
من الشيء الجزء منه، والطائفة جماعة من الناس، وقيل أقلها رجلان وقيل ثلاثة وغير
ذلك[1].
والطائفة
الرجل الواحد إلى الألف، وقيل الرجل الواحد فما فوقه، ويقال طائفة من الناس،
وطائفة من الليل. و طاَئِفَةٌ : جَمَاعَةٌ
مِنَ النَّاسِ، و فِرْقَةٌ (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ
اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا)
(الحجرات آية 09).[2]
1-2-الطائفية
اصطلاحا : هي نظام سياسي اجتماعي متخلف يرتكز
على معاملة الفرد كجزء من فئة دينية تنوب عنه في مواقفه السياسية، ولتشكل مع غيرها
من الطوائف الجسم السياسي للدولة للدولة، أو الكيان السياسي، هو لاشك فيه كیان
ضعيف، لأنه مكون من مجتمع تحكمه الانقسامات العمودية التي تشق وحدته وتماسكه.[3]
من
هذا التعريف يتضح لنا بان الطائفية تدل على أن العوامل الدينية تتدخل في الحياة السياسية
للدولة ، وتشكل مجموعات ذات توجهات مختلفة وتتعارض مع بعضها البعض ، وبالتالي تشكل
كيانًا سياسيًا ضعيفا وهشا ، في هذه الحالة الدولة لا يمكنها احتواء هذه الاختلافات.
خاصة في عملية اتخاذ القرارات السياسية وإرساء السياسة الخارجية ، حيث يكون لكل طائفة
حكمها. ومنه لا يمكن إنشاء دولة منقسمة ومتناقضة أيديولوجيا.
ويعرفها كل من "ماكس فيبر" و
"ارنسترولش" على أنها "مجموعة من المؤمنين بمبادئ معينة ذات
عضوية اختيارية أو تعاقدية ".[4]
فالطائفية انتماء لطائفة معينة دينية أو
اجتماعية ولكن ليست عرقية، فمن الممكن أن يجتمع عدد من القوميات في طائفة واحدة
بخلاف أوطانهم، أو لغاتهم [5].
يعرفها سعيد السامرائي : هي تنشئة تقوم على
الضغينة والنفاق تجاه الطرف الأخر، فهي شعور السني بالضغينة تجاه الشيعي وشعور
الشيعي بالغينة تجاه السني، وهذا كله دون سبب واضح بل نتيجة الشحن بالمشاعر
العاطفية وتلفيقات طرف ضد الأخر[6]
.
نفهم من هذا التعريف بان الضغينة والنفاق
اتجاه الطرف الأخر هو الشعور السائد ، من دون مبرر أو سبب وجيه يرجع إليه الطرفين
لتبرير هذا الشعور ، خاصة في ظل جذب الانتباه من طرف للطرف الأخر ، كما هي عليه
الحالة بين السنة والشيعة نتيجة لعمليات الشحن العاطفي والتلفيقات ضد بعضهما
البعض.
ويعرفها
الدكتور "لطف عبد العظيم خوجة" : الطائفية مصطلح لا يدل على
عدوان، ولا قتال، وإنما تعصب في الانتماء إلى الطائفة، يحمل على استحسان مذهبها
والدفاع عنه وذم غيره، ولو لم يكن كذلك لما اختار الشخص طائفة على غيرها من
الطوائف، ولا يلزم من الطائفية الشخص الاعتداء على الآخرين[7]
.
من تعريف الدكتور "لطف عبد العظيم خوجة
نفهم أن الطائفية لا تدل بالضرورة على العدوان والقتال والعنف ، وإنما هي تعصب في
الانتماء للفرد وليس مهاجمة الطوائف الأخرى ، ويتمتع هذا الانتماء بالسلمية فيختار
الطائفة ويدافع عنها واستحسان مذهبها وذم غيره في الإطار السلمي.
وتتنوع
إلى طائفية سياسية، وطائفية اجتماعية وطائفية دينية وبين هذه الأنواع تداخل وتشابك
غير أنها لا تعطي معنى واحد فمصطلح الطائفية الاجتماعية مثلا : لبيان التنوع
الطائفي للمجتمع، لكنها في ميدان السياسة تستخدم على أنها منقص ومذمة لنبذ وتعبير
اتجاه سياسي ما للدلالة على أنه دون مرتبة اللاطائفية في طرفه السياسي أو ممارسته
العملية في تنظيم علاقته مع الأخر وتعاطيه معه في هذا الشأن وتقترن تارة منفردة
تارة منفردة وتارة مقترنة بالدينية[8]
.
2-
التعددية الطائفية:
2-1-تعريفها لغة : التعددية هو مفهوم ينادي بأن هناك
عِدَّة أنواع من الواقع والحقيقة مع ضرورة قبول الأنماط الثقافيّة والجنسيَّة
والعِرْقيَّة والدينيّة القائمة بين مختلف الجماعات الإنسانيّة
أو هو نظام سياسيّ قائم على تعايش
الجماعات المختلفة والمستقلّة في الإدارة مع تمثيلها في الحكم • التَّعدُّديَّة الحزبيَّة: اعتمادُ
عِدَّة أحزاب سياسيَّة في دولة ما.
ومنه نجد أن
المعنى اللغوي يشير إلى وجود التعدد أي أكثر من شيء واحد عدديا .
2-2-اصطلاحا: يعرفها معجم العلوم الاجتماعية بأنها : تعدد أشكال الروح
الاجتماعية في نطاق كل جماعة، وتعدد الجماعات داخل المجتمع، وتعدد المجتمعات نفسها.
وهناك
من عرفها بأنها وصف لظاهرة مشاهدة محسوسة، إلا وهي التنوع والتباين والاختلاف بين
البشر في ألوانهم وجنسياتهم وآرائهم ومعتقداتهم وقيمهم وثقافاتهم وأديانهم ومناهج
حياتهم[9]
لكن التعددية أصبحت اليوم مصطلحا للمبادئ
والمفاهيم التي تتناول أمرا آخر، إلا وهو منهج التعامل مع ظاهرة التباين والتنوع
في حياة الناس، فالتعددية (Pluralism) بوجهها الأول وصف لظاهرة طبيعية قائمة وواقعية في كل المجتمعات[10]
، والتعددية بوجهها الثاني (هي مصطلح سياسي ينظر من خلاله إلى العالم من زاوية
احتوائه على أنواع عديدة من الهويات السياسية المختلفة التي لا يمكن اختصارها إلى
واحد أو اثنين فقط، ولا بد من الاعتراف بأن العالم قابل لوجود كافة الأنواع
والأطياف السياسية والعرقية والدينية)[11].
فهو تنظيم المجتمع على أساس التباين والتنوع
كظاهرة طبيعية و واقعية ، والاعتراف بوجود كافة الأطياف السياسية والعرقية والدينية
في كل المجتمعات .
إن تعدد الجماعات في أي مجتمع، يعبر عن
التنوع والشراء في جوانب الحياة، وفي الأدوار التي يقوم بها الناس، وهو الأمر الذي
فسر وجوده في التاريخ العربي من قبل بعض الباحثين، بانه نوع من التفكك، ولكن
الواقع يؤكد أن التنوع في الجماعات مرتبط بالوظائف الحياتية، الأمر الذي يجعله
مرتبطا بتعدد ادوار الفرد نفسه[12]
.
إن الاختلاف مظهر طبيعي في الاجتماع الإنساني
وهو الوجه الآخر والنتيجة الحتمية لواقع التعدد ، أي أن التعدد لابد أن يستدعي
الاختلاف ويقتضيه، فالاختلاف من هذه الزاوية، قبل أن یکون حقا، هو أمر واقع ومظهر
طبيعي من مظاهر الحياة البشرية والاجتماع البشري وكما تتجلی هذه الظاهرة الطبيعية
بين الأفراد تتجلى بين الجماعات أيضا، لذلك لا جال لإنكار ظاهرة الاختلاف بما هي
وجود متحقق سواء من حيث الوجود المادي للإنسان أو من حيث الفكر والسلوك وأنماط
الاستجابة[13].
ثانيا:
بعض المفاهيم المشابهة لمفهوم الطائفية.
1-
الإثنية : من
الناحية اللغوية لفظ أثنية مشتقة من الكلمة اليوناينةEthnos،
وهي تشير إلى أصل الشعوب الذين لم يتبنوا النظام السياسي و الاجتماعي لدولة
المدينة Poliscite، والأثنيون عند اليونانيين القدامى هم أفراد مبعدون عن ثقافتهم
لكنهم غير شموليين داخل دولة المدينة ونقصد كذلك بالاثنين الأشخاص غير المسيحيين.[14]
أما من الناحية الاصطلاحية فقد ظهر المصطلح
متأخرا في المعجم العلمي عام 1896، عند "فاشي دولابوج vacher de la poug
"مؤلف كتاب التصنيفات الاجتماعية les selectionsocials،
ويعتبر "جورج منتوندنGeorg
Montondon"، هو أول من استعمل مصطلح الإثنية
ويعتبرها تجمعا طبيعيا يتضمن كل الخصائص الإنسانية، وميز بينها وبين القومية، فيما
بعد "ليود على تطوير المصطلح سنة 1941.[15]
عند
هوروتيز : " مفهوم العرق هو مظلة تحتضن بسهولة جماعات متباينة من اللون،
اللغة، والدين، ويشمل القبائل والأعراق والجنسيات والطبقات.[16]
وباختصار
فإن الجماعة الإثنية هي جماعة اجتماعية يتقاسم ويشترك أعضاؤها في هوية اجتماعية
جماعية تسمى أثنية، مغمورة في ثقافة خاصة بالمجموعة وضعت لضمان حياتهم وعي شهم من
جيل لأخر[17].
2-
العرقية : إن لفظ Ethnicity
مشتق من اللفظ اللاتيني Ethnos والذي يقابلnation بالإنجليزية.ويلاحظ أن هناك
اختلافات كبيرة حول مفهوم الجماعة العرقية، فعلى سبيل المثال، يعرفها "موريس
" بأنها: مجموعة محددة تختلف ثقافتها عن المجتمع الكبير الذي تعيش فيه،
ويعتقد إفرادها أو الآخرون أنهم يرتبطون بأوامر عرقية أو وطنية أو ثقافية مشتركة [18].
هي تشكيل لمجموعة محدودة من المجتمع وتمثل
جزءا منه مرتبطة بعوامل عرقية أو ثقافية أو وطنية مشتركة متميزة عن المجتمع الكبير
الذي تعيش فيه ، كما ترى هذه التشكيلات من الواجب الحفاظ على تميزهم عن الآخرين.
بينما يعرفها البعض بأنها : تجمع بشري يشترك
أفراده في بعض المقومات الفيزيقية (كوحدة الأصل)، أو ثقافية (كوحدة اللغة، الدين،
التاريخ، أو غيرها من المقومات الثقافي[19].
ومن خلال هذا التعريف ، نجد بان أفراد الجماعة
العرقية يتوجب عليهم إدراك هويتهم المتميزة ووعيهم بمقوماتهم العرقية الفيزيقية (أي
أن لهم نفس الأصل) أو الثقافية كوحدة
مميزة لهم .
ويتولد
الوعي العرقي بالذات لدى أفراد الجماعة ما من خلال علاقات الجماعة وتفاعلها مع
الجماعات العرقية الأخرى التي تشاركها ذات الإطار الاجتماعي السياسي المجتمع أو
الدولة)[20].
3-
الأقلية : تم تعريفها في العرف الدولي : يقصد بالأقليات فئات من رعايا دولة من الدول
متميزة من حيث الجنس أو اللغة أو الدين إلى غير ما تنتمي إليه أغلبية رعاياها .
وهناك
عدة مصطلحات للدلالة على الأقليات ، وكثيرا ما تستعمل في اللغة الانجليزية ولا
تستعمل عادة في اللغة العربية ، منها أقلية لغوية ، أقلية لغوية ثقافية ، الأقلية
العرقية , الأقلية الثقافية العرقية ،الأقلية القومية.[21]
إن
الأصل اللغوي لكلمة أقلية في تعريف القاموس المحيط هي من كلمة " قل يقل فهو
قليل " ويقال اقله جعله قليل ، وقوم قليلون و أقلاء قلل وقليلون . وجاء في
منجد اللغة والأعلام ، قل وقلا ضده كثرة ، أما في الموسوعة السياسية نجدها "
مجموعة من سكان قطر أو إقليم أو دولة ما تخالف الأغلبية في الانتماء العرقي[22].
أما
عن تعريف الموسوعة البريطانية الجديدة فالأقلية هي مجموعة متمايزة ثقافيا أو اثنيا
أو عرقيا ضمن مجتمع أكبر وهذا المصطلح عندما يستخدم لوصف مثل هذه المجموعة يحمل
داخله شبكة أكثر من الآثار السياسية والاجتماعية .؟ وفي معجم أخر، نجد تعريف
الأقليات بأنها مجموعة من رعايا دولة ما تختلف عن الأغلبية في الانتماء الاثني أو
القومي أو الديني ، وغالبا ما تشعر الأقليات بالحاجة إلي تشريعات تضمن حمايتها
وحرياتها الدينية والثقافية ومساواتها مع الأكثرية في التمتع بجميع الحقوق المدنية
و السياسية[23]
.
هناك
العديد من التعريفات الاصطلاحية حول مفهوم الأقلية كلا وفق معايير متنوعة ومختلفة،
وكما تطرق إليه الدكتور احمد وهبان" فيمكن تمييز ثلاثة اتجاهات فكرية بصدد
تعريف الأقلية:
أولا:
أنصار معيار العدد أي عدد أفراد جماعة الأقلية مقارنا بعدد باقي أفراد المجتمع [24].
ثانيا
: الاتجاه الثاني ومضمونه أن الأقلية ، هي كل جماعة عرقية مستضعفة( التأكيد على
معيار الوضع السياسي والاجتماعي للأقلية) .
ثالثا
: الاتجاه الثالث وفحواه أن الأقلية هي الجماعة العرقية الأقل عددا والأدنى موقعا [25].
بدأ بالاتجاه الأول وهو اتجاه أنصار معيار
العدد سنتناول بعض التعاريف في هذاالصدد:
1-
الأقلية هي مجموعة مع السكان لديهم عادة جنسية الدولة غير أنهم يعيشون بذاتيتهم ويختلفون
عن غالبية المواطنين في الجنس واللغة والعقيدة والثقافة والعادات . فمفاد هذا
التعريف أن الأقلية هي جماعة عرقية متمايزة عن غالبية سكان مجتمعها بصدد شتی
مقومات الذاتية العرقية .[26]
2-ينصرف
اصطلاح الأقلية على وجه العموم إلى أية طائفة من البشر المنتمين إلى جنسية دولة
بعينها متى تميزوا عن أغلبية المواطنين المكونين لعنصر السكان في الدولة المعينة ،
من حيث العنصر أو الدين أو اللغة ، وهناك من يعرف الأقلية بأنها " جماعة من
بين رعايا الدولة تنتمي بجنسها أو بلغتها أو بدينها إلى غير ما ينتمي إليه غالبية
الرعايا[27]
:
معنى هذا أن الأفراد ينتسبون إلى أصل قومي
يختلف عن الأصل القومي الذي ينحدر منه الغالبية للسكان ، وهم قلة مقارنة مع
المجموع من الناحية العددية وهم جزء من سكان الدولة ويحملون جنسيتها .
وهكذا يتضح في ثنايا ما تقدم تركيز أصحاب
التعريفات السابقة على معيار العدد إذ يستفاد من هذه التعريفات قاطبة أن الأقلية
لا تعدو أن تكون " الجماعة أو الجماعات العرقية ذات الكم البشري الأقل في
مجتمعها إذا كان المعيار العددي فقط ، فيؤخذ على هذا الاتجاه عدم إشارة أتباعه إلي
الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية للأقليات ووزنها داخل الدولة كجماعة
صغيرة تتميز بخصائص معينة هذا من جهة أنصار معيار العدد[28]
.
يرون أصحاب الاتجاه الثاني بان الأقلية هي
الجماعة العرقية المضطهدة من الناحية السياسية والاجتماعية ، ولا يرون في المعيار
العددي هو الفارق ، وركزوا على الوضع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي للجماعة ، فهم
يعتبرون أن الجماعة العرقية المستضعفة والمهمشة ومهضومة الحقوق من الجوانب
الاقتصادية والاجتماعية والسياسية هي الأقلية بغض النظر على عددها مقارنة بما
تمثله من أغلبية سكانية .
فهذا المعيار يمكن أن يسمي بالمعيار
السوسيولوجي أو معيار الأهمية ، وفي هذا الصدد هناك تعريف يري أن الأقلية هي
مجموعة من الأشخاص في الدولة ليست لها السيطرة أو الهيمنة ، تتمتع بجنسية الدولة
إلا أنها تختلف من حيث الجنس أو الديانة أو اللغة عن باقي الشعب ،تصبو إلى حماية
ثقافتها وتقاليدها ولغتها الخاصة بها "فالأقلية حسب هذا المعيار هي الربط بين
ثلاثة عناصر هي المقومات الثقافية أو الطبقية، الشعور بالتمايز بموجبها و المصالح
المستقاة من الحرص عليها.[29]
يتضح من خلال هذا التعريف بان المعيار
السوسيولوجي أو معيار الأهمية هو الذي يصنف الجماعة بأنها أقلية ، حيث يعتقد أصحاب
هذا الاتجاه بان الأقلية هي جماعة عرقية تتمتع بجنسية الدولة وتختلف من حيث الجنس أو
الديانة أو اللغة عن باقي الشعب ولا تملك السيطرة أو الهيمنة ، ويمارس ضدها
التمييز ومعاملة قوامها عدم المساواة في عديد المجالات ، وبالتالي ينمو عندهم شعور
بان هناك تمييز جماعي يمارس ضدهم .
و فضلا عما سبق فهناك تعريف أخر قوامه أن
الأقلية جماعة من الناس تختلف عن الآخرين في مجتمع ما من حيث العرق أو القومية أو
الدين أو اللغة و تریهذه الجماعة كجماعة متميزة فعلاوة على ذلك فهذه الجماعة بعيدة
عن السلطة و من ثم تكون عرضة للإستبعاد و التمييز و المعاملة المختلفة[30].
نستنتج مما سبق ان أنصار هذا الاتجاه يعرفون
الأقلية بأنها جماعة عرقية حيث ان معيار العددية لا يهم فالمعيار عندهم هو الأهمية
أي ان تكون الجماعة العرقية الأدنى مستوى وغير مسيطرة ومضطهدة وتعاني من التمييز والتهميش وبالتالي ليست
الأقلية هي الأقل عددا بل هي الأقل هيمنة واهمية على المستوى الاجتماعي والسياسي
والاقتصادي.
أما الاتجاه الثالث فيرى أنصاره أن الأقلية هي
كل جماعة عرقية اقل عددا والأدنى موقعا
معا، فهم يجمعون بين معيار العدد والأهمية وفي تعريفاتهم نجد تركيزهم
يتمحور على أن الأقلية هي جماعة ذات كم بشري اقل ووضعية سياسية واقتصادية
واجتماعية أدنى وهي غير مسيطرة في أي مجال من المجالات مقارنة بباقي المجتمع .
ومن
بين تعريفاتهم نجد :
هي مجموعة من مواطني الدولة تختلف عن أغلبية
الرعايا من حيث الجنس أو الدين أو اللغة أو ثقافة و غير مسيطرة و غير مهيمنة و
تشعر بالاضطهاد مستهدفة حماية القانون الدولي لها.[31]
في عام 1985 تبنت اللجنة الفرعية لمنع التميز
و حماية الأقليات تعريفا قدمه أحد أعضائها للأقلية: " أنها جماعة من
المواطنين في دولة ما يشكلون أقلية عددية و يكونون في وضع غير مسيطر في هذه الدولة
و لهم خصائص عرقية دينية أو لغوية تختلف عن خصائص أغلبية السكان و يكون لديهم شعور
بالتضامن فيما بينهم و يشجعه وجود - ولو ضمنيا - إرادة جماعية للبقاء كجماعة
متميزة، و هدفه هو تحقيق المساواة مع الأغلبية في الواقع و القانون.
3-
التطرف : التطرف
في اللغة معناه : الوقوف في الطرف : فهو يقابل التوسط و الاعتدال، إذن فهو على هذا
يصدق على التسبب، كما يصدق على المغالاة، وينتظم شكله بالإفراط والتفريط على حد
سواء، لان في كل منهما جنوحا إلى طرف أخر بعيدا عن الجادة و الوسط[32].
وهو يعني المغالاة والإفراط والعصبية، وهي
عكس الوسطية و الاعتدال في جميع نواحي التفكير اتجاه المعتقدات، والأفكار وعلى هذا
الأساس فان التطرف هو : "مجموعة من المعتقدات والأفكار التي تجاورت المتفق
عليه سياسيا واجتماعيا، ودينيا داخل الدول"، ومن هنا تنشأ ظاهرة الإرهاب، لأن
التطرف مقدمة حتمية للإرهاب[33].
فالظاهر أن مفهوم التطرف والتعصب مفهومين
متلازمين، بكون الأول يظهر نتيجة للثاني إلا أنه بالتمعن والنظر في حقيقة مفهوم
التطرف تظهر بوادر الاختلاف تتمثل في أن التطرف قد يكون نابعا من أي فرد أي ينسب
إلى شخص معين، بينما التعصب يكون مرجعية من جماعة عريضة سواء كانت، طائفية أو
قبلية أو إثنيات معينة[34]
.
نستخلص مما سبق بان التطرف يمثل أسلوب يتسم
بعدم القدرة على تقبل أية معتقدات تختلف عن معتقدات الشخص أو على التسامح معها، أو
هو الخروج عن النظام السائد في المجتمع،
ورفض للواقع المحيط بالفرد. و التعصب هو اتجاه أو موقف متشدد يتبناه الفرد ويرى
أنه هو الحق الوحيد والحقيقة المطلقة .
4-
المذهبية : في الاصطلاح الفقهي " يطلق
المذهب في بداية ظهور المدارس الفقهية الكبرى على ما ذهب إليه إمام من الأئمة من
الأحكام الاجتهادية تطلق عما بعده على ما قاله الإمام هو أصحابه على طريقته نسب إليه
مذهب لكونه يجري على قواعده، وأصله الذي بني عليه مذهبه، وليس المراد ما ذهب إليه
وحده دون غيره من أهل من مذهبه. " [35]
فلم يكن ظهور الفرق والمذاهب في الإسلام
فجائيا، أو منطلق من فراغ ن بل له خلفيات و وأرضية مناسبة، وعوامل واقعية مشدودة
إلى ساحة الخلافات الفكرية والسياسية معا، مما زاد الهوة حاجة في بلورة تكليفهم
الشرعي، مما حمل الفقهاء، والمتكلمين عن بلورة أفكار متباينة تلاؤم حاجة الكلام
إلى اتجاهات الشرعية، تناقص الاتجاهات التي تخالفهم فكريا وسياسيان من أجل توفير
عطاء ديني يدعم ممارستهم السياسية، مما أدى إلى بناء طائفي مستقل محوره الفرق
والمذهب، وهي عديدة في تاريخ الإسلام، كالمذهب المالكي، المذهب الشافعي، المذهب
الجعفري، السني و الشيعي .
ومن هنا فالطائفية غير مذهبية فليس ضروريا
أن يكون الطائفي متدينا أو ملتزما دينيا، ومذهبيا، على عكس المذهبي الذي يفترض به
التقيد بقواعد مذهبية فكريا وسلوكيا[36].
5-
القومية: قبل أن نخوض في التعريف بمفهوم القومية
تجدر بنا الإشارة إلى أن هذا المفهوم قد تعددت تعريفاته و ذلك لتعدد الباحثين
المنشغلين بهذا المفهوم، فمصطلح القومية حديث النشأة و لم يكن شائعا إلا في العصر
الحديث، مصدرها اللغوي من القوم أي جماعة تجمع بينهم رابطة معينة و في الدلالة
السياسية للمفهوم يرتبط مفهوم القومية بمفهوم الأمة ، في الانتماء إلى الأمة
المحددة[37].
فالقومية هي مجموعة الصفات و المميزات و الخصائص
و الإرادات التي ألفت بين الجماعة وكونت منهم أمة، كوحدة الموطن و اللغة و الثقافة
و التاريخ و المصير و أحيانا العرف و الدين و العادات و التقاليد... الخ، فهناك
تلازم بين مفهوم القومية و مفهوم الأمة و الشعور القومي، أي الشعور بالانتماء إلى
وطن، إلى امة[38].
هناك من يعرفها على أنها "الميل و
الشعور بالانتماء إلى جماعة حضارية معينة، ورغبة في المجتمع و الترابط لتحقيق غايات
و أهداف مشتركة في ظل إحساس عام بوحدة المصير[39].
أما المفهوم السياسي للقومية فمفاده [40]أن
القومية هي عقيدة سياسية قوامها الشعور القومي الذي يدفع أبناء الأمة إلى الاعتقاد
بأنهم مجموعة بشرية متمايزة عن غيرها من الجماعات، لها كيانها الذاتي و تطلعاتها
القومية، كما أن لها الحق في أن تنتظم في وحدة سياسية مستقلة عن غيرها، و أن تنظم
كيانها القومی تنظیما اجتماعيا و سياسيا و اقتصاديا بما يحقق شخصيتها القومية.
و نجد
"هنسلي" Hinsley" في كتابة " Nationalism
and internationalSystem يعرف القومية بأنها حالة عقلية من خلالها
يصبح الولاء السياسي للفرد يكون نحو أمته.[41]
ومنه فالقومية هي حالة شعورية وإدراك وإحساس
بالانتماء إلى جماعة أو امة ذات تراث مشترك أو وطن تربط بين مكوناته غايات وأهداف
ومصير مشترك يدل على وحدة العقيدة
السياسية وولائها للأمة نفسها .
و لعل
من أكثر التعريفات شمولا و أوسعها إحاطة بمفهوم القومية حسب"أحمد وهبان"
هو ذلك التعريف الذي مفاده أن القومية تعني مجرد التعبير عن ذات الأمة في مجال
جماعة الأمم ( الجماعة الإنسانية الشاملة). وهي من الداخل تعبير عن إحساس الفرد
بارتباطه بالحياة المشتركة بمفاهيمها و أساليبها التي تختص بها أمته و هو إحساس
يؤدي إلى تضامن أبناء الأمة تضامنا طبيعيا يستتبعه من تقيد الأنانية الفردية
تقييدا ذاتيا مصدره ذات الفرد من أجل صالح الجماعة[42].
هناك من يخلط بين مفهومي "الوطنية و
القومية و تجدر الإشارة إلى الاختلاف بين المصطلحين فمفهوم الوطنية يشير إلى جانب
الوطن أو إلى الارتباط الفرد بإطاره الإقليمي و من يقطنه من أفراد، و ما يسوده من
نظم، و بالتالي يكون ولاء الفرد لوطنه، و الشعور الوطني غريزة طبيعية تدفع إلى
التعصب للوطن و التضحية في سبيله، وهو شعور لازم الإنسان منذ انضمامه إلى غيره من
بني البشر في حياة مشتركة مستقرة ، أما القومية فهي مفهوم يشير إلى حب الأمة ، أي ارتباط
الفرد بجماعة من البشر تعرف اصطلاحا بالأمة، وبالتالي فان الشعور القومي يعد حديث
العهد إذا ظهر بمظهر فكرة القومية ، وذلك فان ثمة اختلافا بائنا بين الشعور الوطني
والشعور القومي ، إذ يقتصر الأول على الوعي بمشاكل الدولة التي ينتمي إليها الشخص
.أما الشعور القومي فينصرف إلى مشاكل الأمة وتطلعاتها القومية .[43]
ومما سبق نستنتج أن التعاريف تعددت حول
مفهوم القومية واتفقت على أن القومية هي مجموعة الصفات والخصائص التي تميز وتربط
بين الجماعة وتخلق الشعور بالانتماء إليها والتمايز على باقي الجماعات وهذا على
جميع الأبعاد اجتماعيا سياسيا واقتصاديا ، وكذا التضامن والتالف والتطلع لتحقيق
الأهداف والغايات لصالح هذه الأمة ، كما أنها تختلف عن مفهوم الوطنية فالشعور
الوطني يقتصر على الإقليم أو الدولة أما الشعور القومي فينصرف إلى مشاكل الأمة
القومية .
المطلب
الثاني : عوامل ظهور الطائفية
أولا:
العامل الديني في الحضارات غير الإسلامية: سنتطرق
للعامل الديني من خلال الديانة اليهودية والديانة المسيحية.
1. الديانة اليهودية : افترق
اليهود بسبب خلافهم في دينهم بعد تخریب بیت المقدس الذي بناه النبي سليمان عليه
السلام إلى أربعة فرق، وهم الطائفة الربانية، وطائفة القراء وطائفة العنانية
وطائفة السمرة، فالطائفة الربانية يعدلون في أحكام التشريعية على التلمود، وهي لا
تعمل بالنصوص اللاهية وهناك من يعتبرهم بعيدين تماما البعد عن الأصول الحقيقية
للديانة اليهودية، أما طائفة القراء يحكمون نصوص التوراة ولا يعترفون، بمن خالفها
ويلزمون النص دون تقليد، وفيما يخص الطائفة العنانية تخالف هاته الطائفة وتطعن في
الطائفة الربانية والقراء، وأعم الخلافات نجدها في دعوتهم للإقرار بنبوة محمد صلی
الله عليه وسلم، وأنه أرسل للعرب وإجمال القول في عيسى عليه السلام، واستعمال
الأهلة لمعرفة الشهور كما هو عند المسلمين، وكذلك قضية التوراة التي يرون أنها لم
تنسخ ويبقى العمل بها، وبالنسبة للطائفة الأخيرة السمرة فإنها تتنكر بنبوءة داوود
ومن بعد من الأنبياء، ويرفضون فكرة أن يكون بعد موسى نبي[44].
نستنتج مما سبق أن اغلب هذه الطوائف اختلفت
مع بعضها البعض مما أدى إلى نشوء الخلاف فيما بينها ، وأصبح لكل طائفة منهجا تتبعه
وتعتبره هو الأصلح والأصح وبالرجوع للجانب الديني نجد أن هذه الطوائف يختلف
استيعابها وفهمها لديانتها اليهودية ولا يربطها أي تشارك بينها وبين بقية الطوائف
من هذه الناحية .
2. الديانة المسيحية : انقسمت
المسيحية إلى ثلاث طوائف، وذلك بعد اعتناق الإمبراطور قسطنطين المسيحية وذلك حسب
المراحل التالية [45]:
المرحلة
الأولى: منذ بدء انتشار المسيحية إلى ظهور الإسلام، كان
الاختلاف حول شخصية السيد المسيح هو الله نفسه ؟ هل المسيح هو الله نفسه ؟ هل
المسيح فيه جزء بشري وجزء إلهي ؟ هل المسيح ابن الله ؟ هل الابن المسيح أو الأب في
الجوهر ؟
المرحلة
الثانية : منذ ظهور الإسلام حتى الحروب
الصليبية، وكان الخلاف حول وسائل التقرب من السيد المسيح، فيما يتعلق بالصور
والتماثيل، هل يمكن التقرب بها أم لا ؟ وذلك لتأثيرها بتعاليم الحضارة الإسلامية
المبغضة للشرك، والتقرب إلى الله بكل ماهو مجسد سواء صورة أو صنم.
المرحلة
الثالثة : من الحروب الصليبية إلى الإصلاح
الديني، وقد تميزت بتشكيل الأحزاب الدينية وصراعها فيما بينها أي بين أتباع
الديانة المسيحية، وذلك بعد تعايش المسيحيين مع المسلمين،واقتناع الكثير بالعقيدة
الإسلامية، وكان من نتائج هذا الصراع انفصال الكنيسة اليونانية الأرثوذكسية عن
الكنيسة الكاثوليكية.[46]
من خلال هذه المراحل الثلاثة نرى أن الديانة
المسيحية انقسمت وتطور الخلاف بين طوائفها ، فمن الخلاف حول شخصية السيد المسيح
إلى الكيفية والوسائل التي تمكن من التقرب اليه ، ومنه صار الخلاف انقساما ثم
انفصالا صريحا عن بعضها البعض ، وهذا بعد الاحتكاك بالديانة الإسلامية .
ثانيا:
العامل السياسي في الحضارة الإسلامية :
مما لاشك فيه أن كتب التاريخ الإسلامي أجمعت
على أن الأنصار عقب وفاة الرسول (صلی الله عليه وسلم)، أسرعوا إلى الاجتماع في
سقيفة بني ساعده الأنصاري ليختاروا خليفة للمسلمين وأنه لم يكن أحد من المهاجرين
موجودا، وذلك خوفا من أن يستأثر المهاجرون لها، وخاصة أن فيهم الطلقاء والمؤلفة
قلوبهم، وفيهم عتاه المشركين و رؤوسهم منهم من قتل الأنصار أو اشتركوا في قتال
أقربائهم ...
إن الأنصار اجتمعوا بطريقة سرية لمناقشة
قضية الخلاقة والشؤون السياسية واختيار من يحكمهم دون استشارة المهاجرين هؤلاء
الذين كانوا مشغلون بأمر وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم .وكان الحاكم أو الخليفة
الذي اختاروه لهذا الشأن هو أبو بكر الصديق.[47]
نفهم من هذا أن القيادة السياسية تختلف على
المرجعية الدينية والاختيار هو بالمشورة والاتفاق والمبايعة وهي مدرسة الخلافة ،
وما إن ينصب الخليفة تعقد له الولاية ووجبت له الطاعة ، ومع مرور الوقت ظهرت
المذاهب لعقيدة أهل السنة والجماعة .
في مقابل هذا الرأي لمدرسة الخلافة كان
هناك رأي أخر لأهل البيت (عليهم السلام ) وفي طالعتهم الإمام علي بن أبي طالب
(عليه السلام )، وفاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وسلم )، والعباس عم النبي،
والحسنان سيدا شباب أهل الجنة، وبعض الصحابة، حيث يرون أولوية الإمام علي بخلافة
رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) وتبلور هذا الرأي خاصة بعد استشهاد الإمام الحسين
في كربلاء وظهرت الاتجاهات الشيعية المختلفة، أبرزها المذهب الجعفري الإثنا عشري،
والزيدية و الإسماعيلية .[48]
ينظر إلى المسألة المذهبية في الإسلام أنها
تمثل اختلاف الاجتهادات والروي في الفكر والتشريع الإسلامي.[49]
المطلب
الثالث : أهداف ووسائل الطائفية .
أولا
- أهداف الطائفية .
1-
تحقيق مبدأ المساواة : يتمثل هذا الهدف في
سعي الأقلية إلى أن تتعامل وفقا لمبدأ المساواة في علاقاتها مع الجماعات الأخرى، هذا يعني اعتراف باقي أفراد المجتمع التي
تتواجد فيه، مهما كانت الصفات التي تميزها عنهم، مع خضوعها لمساواة قانونية بعيدة
عن التميز[50].
2-
ضم الأقليات والأقاليم : من بين الأهداف المهمة
للطائفية وهو لم الشمل وكذلك ضم المساحات والأقاليم التي يتواجد فيها أنصار وأصحاب
الطائفة في الدول المجاورة ، وخلق كيانات داخل الدول والسعي لضمها في إطار الدولة
الأم ، وهذا بمساعدة الشعور بالانتماء القومي والمصير المشترك والرغبة في تحقيق
الأهداف والغايات المشتركة.
3-
الحكم الذاتي : يعتبر هذا الهدف بمثابة مرحلة
متقدمة، بالمقارنة مع الهدفين السابقين، ويمكن تعريف الحكم الذاتي بأنه: "حق
الدولة أو منطقة رئيسية منها في إدارة شؤونها، داخلية بكل حرية دون الخضوع
لتوجيهات أو أوامر من أي دولة خارجية، أي أن الأقاليم التي تتمتع بهذا النظام تسير
من خلال حكومة ومجلس قوانین، لا تخضع لرقابة السلطة المركزية وفقا لهذا النظام فإن
الجماعات من خلال حركتها المنتظمة قد تعمل للوصول إلى تحقيق استقلال ذاتي[51].
من خلال هذا التعريف يتضح لنا أن الحكم
الذاتي هو مرحلة ما قبل النهائية لخطوة الاستقلال ، وانه تحقيق لهدف مهم للجماعة ،
وهذا يجعل الجماعة تتحرك بحرية اكبر وتسير شؤونها بأريحية والمطالبة بالهدف الكبير
وهو الاستقلال ، وهناك أمثلة كثيرة على هذا النحو فالعديد من الأقليات استطاعت
تحقيق الحكم الذاتي داخل دولها وتحقيق الاستقلال لاحقا مثل كرواتيا وسلوفينا في
جوان 1991.
4-الانفصالية
:بعض الجماعات التي تمثل أقلية في
الدولة، نجد أن استمرار تعایشها مع غيرها من الجماعات الأخرى المختلفة عنها لا
يلبي مطالبها ولا يحقق طموحاتها بل يرتب النزعة والدعوة إلى الانفصال عن المجتمع،
وإذا كان الانفصال يتموقع في قمة الهرم والأهداف للأقلية فإنه مثل كذلك أهم
المتغيرات المؤثرة في الاستقرار السياسي للدول، خاصة إذا كان تواجد الأقلية يمتد
طبيعيا الدول الجوار، الشيعة في لبنان، الأكراد في العراق، حيث لا توجد، أي على أن
الانفصال يعد الحل الأمثل لاحتواء الفروقات وعدم التجانس العرقي أو الديني أو
الحضاري داخل الدولة[52].
ومنه
فان الانفصال ما هو إلا حل جذري للمشكلة ،مع انعدام الامل في التعايش مع غيرها م
الجماعات .
ثانيا
- وسائل الطائفية :
1-
الوسائل
السلمية : وهي كل الطرق والسبل السلمية لتحقيق أهدافها
.
تتضمن أن تعمل الأقليات في إطار سلمي من
اجل تحقيق أهدافها، ذلك من خلال تنظيم عمل ذو طابع اجتماعي بإنشاء الأحزاب
السياسية، الجمعيات، الحركات الثقافية، أو منظمات للدفاع، عن مبادئها، ويغلب على
نشاطها أسلوب الحوار وطرح الحجج حتى يستجاب لمطالبها ، حيث تعمل على المشاركة في
الحياة السياسية والاجتماعية داخل الدولة، كالمشاركة في العمليات الانتخابية وفي
التنمية المحلية والوطنية وكمثال على ذلك الحزب الكيبكي في كندا الذي يطالب
بالاستقلال الذاتي السياسي الإداري الثقافي لمقاطعة الكبيك[53].
2-
الوسائل
العنيفة : وهي وسائل تلجا إليها عادة بعض الطوائف
في حالة الرفض أو عدم تحقيق المطالب والأهداف ، وبعض حالات التوتر والاحتقان
الطائفي .
تتمثل هذه الوسائل فيما يسمى بصفة عامة
بالتمرد، وهو يعبر عن حالة الرفض والمقاومة
للسلطة، وللنظام السائد، ويتخذ التمرد أشكالا عديدة، فقد يكون تمردا معنويا
من خلال رفض الأفكار و العلاقات القائمة داخل النظام السياسي، كما يمكن إن يتخذ
شكل التمرد الفردي، حيث يتم استخدام العنف لمنع العناصر الممثلة السلطة من أداء
مهامها، لكن اخطر الأشكال هو التمرد الجماعي لأنه غالبا ما يقترن بالسلاح، حيث
يهدف إلى التأثير في النظام السياسي القائم و حتى تغييره جذريا، الأمر الذي أمن الدولة
ووحدتها الوطنية[54].
إن هذه الحالة من الفوضى والأشكال المختلفة
من العنف يشكل تهديدا حقيقيا على امن واستقرار الدول ، وهذا ما يحدث في العديد من
الدول وخاصة ما تعلق منها بأمتنا العربية ، مثل العراق وسوريا ولبنان ...الخ .
وأخطر
أشكال العنف هو الذي يترافق مع التطرف الديني أو المذهبي أو العرقي والتي يرقى
بعضها إلى مستوى الجرائم الدولية[55]
.
المبحث
الثاني: مفهوم الأمن المجتمعي
من الحاجيات الأساسية التي يتطلبها المجتمع
الإنساني هو الأمن المجتمعي ، حيث من خلاله يقاس تطور واستقرار الأوطان ، فهو
ضمانة لأمن وسلامة الأفراد والجماعات ويساعد في تحقيق الأهداف والخصوصيات دون
تهميش أو اضطهاد ، ويؤدي إلى الاندماج القومي للمواطنين في بناء مجتمع تعددي وعادل
.
المطلب الأول: مفهوم الأمن
المجتمعي
1-تعريف الأمن لغة: أمن يأمن أمانة، فهو أمين، أمن الرجل:
حافظ على عهده وصان ما أؤتمن عليه… أمن الرجل أي اطمئن ولم يخف, و أمن البد اطمأن
بأهله وقوله تعالى:﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً
آمِناً ﴾ (الآية 162، سورة البقرة)[56].
1-2-تعريف الأمن اصطلاحا: تتفق معظم الأدبيات التي قامت بتعريف مفهوم الأمن على أن
المفهوم يشير عموماً إلى تحقيق حالة من انعدام الشعور بالخوف، وإحلال شعور الأمان
ببعديه النفسي والجسدي محل الشعور بالخوف، والشعور بالأمان قيمة إنسانية كونية
مرغوبة لا تقتصر على فئة اجتماعية معينة أو مرتبطة بمستوى الدخل، فالفقير مثل
الغني يحتاج إلى الشعور بالأمان ويسعى إلى تحقيقه وإن اختلفت درجات المتمتع به،
ونظراً لصعوبة تحقيق الأمان الكامل، فقد أصبح يُنظر للأمن على أنه مسألة نسبية
مرهونة بالسعي لتعزيز أفضل الشروط لتوافره.[57]
2-تعريف
الأمن المجتمعي: عبر عن الأمن في الأصول اليونانية بمصطلح "Asphaleia"، والذي يعني الأمن واليقين والسلامة والمشتق من
"Sphallo" ، الدالعلى التعثر والسقوط و إقتراف الأخطاء[58].
وفي اللغة الأجنبية
ترجع الكلمة الإنجليزية Security" ، إلى أصلها اللاتيني " securitas/ "securus "
المستنبطة من الكلمة المركبة "Sine,cura" ، حيث تعني Sine "بدون"، أو "sans" باللغة الفرنسية، وتعني " cura" إضطراب، ومنه تعني Sine cura "إضطراب ولا أمن". وهناك من وجد
أن "cura" تعني السلامة أي " sine cura" تعني السلامة والأمن[59].
و من الناحية الإصطلاحية لمفهوم الأمن ، فإنه
يصعب حصره في مفهوم واحد. فدراسةمفهوم
الأمن تتسم بالاختلاف والتوسع الكبيرين والمهتمين بالأمن ، و بسبب عدم وجود تعريف
شامل وفاصل للأمن دفع بالبعض إلى الاعتقاد بأن الأمن لا يجب أن يكون له تعريف معمم
و ثابت ، بل لابد من إعادة تعريفه في كل مرة تبعا للحالة موضع التحليل ، وتجدد
التهديدات والفواعل في الساحة الدولية. لذلك فإنه من الصعب إعطاء تعريف محدد لما
تعنيه كلمة الأمن شأنها شأن الكثير من الكلمات المتداولة التي تفتقر إلى تعريف
محدد لها يمكن تقديره بشكل قاطع[60].
ومن
بين المحاولات التي وضعت تعريفا محددا لمفهوم الأمن نجد:
-تعريف: “باري بوزان”:(العمل على التحرر من التهديد، وفي
سياق النظام الدولي فإنه يعني قدرة الدول والمجتمعات على الحفاظ على كيانها
المستقل، وتماسكها الوظيفي ضد قوى التغيير التي يرونها معادية). أو هو خلق توازن
فعلي بين الخصوصية (الثقافية، الدينية، اللغوية، العرقية ) وضرورة بناء منطق الاندماج
القومي للمواطنين في بناء مجتمع تعددي وعادل.[61]
-نبيل سكندر[62] فيعرفه: كل الاجراءات والخطط
السياسية والاقتصادية والثقافية…الخ, الهادفة لتوفير ضمانات شاملة تحيط كل شخص في
المجتمع بالرعاية اللازمة, وتوفر له سبيل تحقيق أقصى تنمية لقدراته وقواه, واقصى
قدرة من الرفاهية في إطار من الحرية السياسية والعدالة الاجتماعية[63].
-فرانك
تراجر ، وفرانك سيموني ، يعتبران الأمن
الوطني هو ذلك الجزء من السياسة الحكومية ، الذي يعني خلق الشروط الملائمة وطنيا
ودوليا لحماية وتوسيع القيم الحيوية ضد أعدائها الحقيقيين والمحتملين".
-دومينيك دافيد :يرى أن الأمن في معناه
الواسع يتمثل في خلو وضع ما من التهديد أو أي شكل للخطر، وتوفر الوسائل اللازمة
للتصدي لذلك الخطر في حال أصبح أمرا واقعا [64].
-هنري
كيسنجر يرى بأنه تصرفات يسعي المجتمع عن
طريقها إلى حفظ حقه في البقاء"، يراه " روبرت ماكنمار" بأنه يعني
التطور والتنمية سواء منها الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية في ظل حماية
مضمونة..."[65]
المطلب
الثاني: دور الأمن و أبعاده و مستوياته.
بعدما تطرقنا إلى مفهوم الأمن المجتمعي و
جب علينا الكشف عن دوره لأهميته البالغة بالإضافة إلى مستويات تحقيقه وذكر مجالاته
بالنظر إلى تطور التهديدات في المجتمعات ممثلة في أبعاده.
1-دور
الأمن: للأمن
ثلاث أدوار رئيسية لتحقيق الطمأنينة والاستقرار المجتمعي هي:[66]
1-1-الدور الوقائي:يتمثل الدور
الوقائي للأمن فياتخاذ
عدد من التدابير من شأنها الحيلولة دون الخروج على قواعد الضبط الاجتماعي، و إشاعة
الطمأنينة في نفوس الأفراد، والحيلولة دون وقوع الجريمة.
1-2-الدور القمعي:وهو قيام أجهزة العدالة الجنائية للتصدي
لكل من تسول له نفسه الخروج على قواعد الضبط الاجتماعي وتقديمه للعدالة حتى ينال
جزاء ما اقترف من ذنب طبقا للقواعد والأنظمة والقوانين.
1-3الدور العلاجي:يتمثل دور
الأمن العلاجي فيالتصدي
للمشاكل الأمنية والحد من آثارها السيئة، عن طريق تأهيل المجرمين حتى يعودوا إلى
مجتمعهم مرة أخرى.
2-مستويات الأمن: و لأن الأمن هو محصلة لجميع الاجراءات
اللازمة للحماية ضد كل ما يحد من تقدمه لتحقيق أهدافه فإنهناك اتفاق أنه توجد ثلاث
مستويات تعزز من تحقيق الأمن ذكرت في عديد الموسوعات السياسية وهي المستوى الأسري
و المجتمعي و الدولي، نلخصها كالآتي:
2-1-المستوى الأسري: كما هو معلوم ان بين الأمن والأسرة ترابط وثيق يكمل احدهما
الآخر, وهذا لا يتحقق إلا في ظل أسرة واعية تحقق في أبنائها الأمن النفسي، والجسدي
، والغذائي ، والعقدي, والاقتصادي، والصحي بما يشبع حاجاتهم النفسية وهذا بدوره
ينعكس على طمأنينة المجتمع ككل, وكذلك غرس مفاهيم حب الوطن والانتماء وترسيخ معاني
الوطنية لدى الأبناء وتذكيرهم بأن كل الخدمات المقدمة من مدارس ومنتزهات وحدائق
عامة ومستشفيات …. الخ.هي من اجل راحة المواطن وجب الحفاظ
عليها ، مع حرص الآباء على متابعة أبنائهم في اختيارهم الرفقة الصالحة التي بدورها
تنعكس على سلوكيات أبنائهم.
2-2-المستوى المجتمعي:
بناء
قوة الوجود الاجتماعي الذاتية، على الاندفاع والفعل المؤثر, فمثلا ظاهرة الرشوة
وقبولها اجتماعيا، ليست ظاهرة وليدة الانحراف الخلقي فحسب، بل هي ظاهرة يشترك
الكثير من الأنساق والسياسات والسياقات الاجتماعية والاقتصادية في إيجادها, وكون
الأخطاء الإنسانية التي لم تتحول إلى ظاهرة، يكون للوعظ والنصيحة الدور الفعال في
إنهائها،أما إذا تحولت هذه الأخطاء إلى ظواهر، فإن العاطفة بوحدها لا تنهي تلك
الظاهرة. فالإنسان لا يستبطن فقط الجوانب الأخلاقية بل معها نوازع وحوافز شتى تؤثر
على مسيرة الإنسان، وقناعاته الفكرية ومواقفه السلوكية[67].
2-3-المستوى الدولي: إن قضايا الأمن القومي ارتبطت
بالمجتمع منذ فجر البشرية ، و لأن أمن دولة ما مرتبط بدول الجوار و عدم استقرار
دولة ما قد يؤثر على كل دول العالم (مثل أسعار البترول و المحروقات عموما ) و
الحربين العالميتين خير دليل على المستوى الدولي للأمن فقامت المدارس والجامعات
ومراكز البحث في إجراء البحوث والبحوث ذات الصلة ، وتجلى في ضمانات الحفاظ على
الأسرار السياسية والعسكرية ، وتوفير الإمكانات اللازمة لحماية حدود الأمة والدفاع
عنها.
3-أبعاد الأمن: يشتمل
الأمن على العديد من المجالات أو القطاعات والتي تتعدى البعد العسكري ، وذلك نظرا
لظهور مصادر جديدة للتهديدات، والتي تستدعي العمل الجاد لمواجهتها ، وهي القطاع
السياسي والقطاع الاقتصادي ، القطاع البيئي والقطاع المجتمعي ، وهو ما يعني تجاوز
التصور التقليدي للتهديد الذي حدد في السابق في النظرية التقليدية للأمن في القطاع
العسكري ، ليصبح أمنا متعدد الأبعاد ومكونا ومركبا وليس أحادي التركيب ، وأي اختلال
يشهده قطاع من هذه القطاعات سریعا ما يتحول إلى مصدر كامن للصراعات ليس فقط بين الدول ،بل وعلى مستويات أعلى أو
أدني على حد سواء ، فإلى جانب البعد العسكري نجد:
أ-
الأمن السياسي: والذي يفهم في استقرار مؤسسات
النظام السياسي ، ويستند على شرعية النظام وأيديولوجيته.
ب-
الأمن الاقتصادي: من وجهة نظر
التوسيعيين يترجم القطاع الاقتصادي ، من خلال الدخول المضمون والمنتظم للأسواق
الخارجية ، والوصول للمصادر المالية بصفة دائمة ومستمرة ، وما تفرزه هذه التفاعلات
من اشتداد حدة التنافس بين الدول ، خاصة ضمن المستوى الإقليمي للحصول على صفقات مع
قوى اقتصادية كبرى، وللاقتراب أكثر من أبعاد الأمن الاقتصادي نشير إلى المؤشرات
التالية[68]:
-
يشكل التناقض بين الشمال الغني والجنوب الفقير، أو ما يسمى بالمركز والمحيط المظهر
الأكثر خطورة وتغذية للأمن.
_
التنافس الدولي الحاد على مصادر الطاقة ، والوصول إلى الأسواق الاستهلاكية من خلال
استغلال التبعية الاقتصادية أو حتى استحداث آليات الشراكة الاقتصادية أو ما شابه.
_
التخوف من تكرار سيناريو الأزمات الاقتصادية العالمية ، خاصة مع حساسية العلاقات
الطاقوية الدولية التي يشكل النفط أهم فواعلها الأساسيين.
-
هشاشة الاقتصاديات الوطنية ، التي أصبحت مهددة بفعل عولمة الاقتصاد الدولي ،
وهيمنة الشركات الكبرى ، فالأمن الاقتصادي لدى النقديين يعني بالدرجة الأولى ضمان
الرخاء والرفاهية للفرد ، مما يعني إنعتاقه من الفقر والجوع ليكون مؤمنا اقتصاديا
في سياق نظام اقتصادي غير عادل ولا متوازن ، ما ينعكس على النظام البيئي الذي يشكل
هو الآخر بعدا أمنيا أشد حساسية[69].
ج-
الأمن البيئي: ويعرف بحفظ البيئة و إبتعادها عن
مخاطر التهديد من الكوارث الطبيعية و التلوث و التصحر ، فقد يتدهور النظام البيئي
بفعل الحروب والنزاعات المسلحة من خلال مؤشرات تراجع الإنتاج الغابي ، التلوث
البيئي ، انقراض أنواع حيوانية ونباتية ، ومن جهة أخرى ارتباط الأزمات الأمنية
بمظاهر النذرة في الموارد الطاقوية والطبيعية ، والتي غالبا ما تثير نزاعات وأزمات
حول كيفية استغلالها ، مثلا يشكل الماء المؤشر الأكثر خطورة والقادر على أن يكون
سببا في نشوب نزاعات أو أزمات ضمن أو بين الدول... وفي هذا السياق يذهب كل من "هومرديكسون"
و "بارسيفال" إلى التأكيد على أن الديناميكيات الديموغرافية في تفاعلها
مع الأنظمة البيئية ، قد تؤدي إلى حدوث صراعات عنيفة ، خاصة ما تعلق بالسعي إلى
الوصول ، أو مراقبة المصادر المائية أو حتى ما تعلق بالتطور العمراني والهجرة
الذين بدورهما أصبحا مصدرا للعنف البنيوي. فالنتائج الخطيرة الأضرار التدهور
البيئي كما يرى " كيث كروس"
أصبحت تدرك على أنها أكثر أولوية من التهديدات الخارجية ، إذ بإمكانها أن
تفرز عنفا مسلحا ، و أكثر من ذلك تعتبر رفاهية الأفراد أكثر أهمية من المصلحة
الوطنية والسيادة[70].
فالأمن البيئي سواء بالنسبة لتصورات الموسعين في
إطار " مدرسة بحوث السلام" أو الموقف الذي تتبناه الدراسات الأمنية
النقدية بعد الاعتراف بخطورة التدهور البيئي كتهديد عبر وطني " ، ضد النظام
الإيكولوجي ورفاهية و ازدهار الإنسان ، فإنه يرتبط بالدرجة الأولى بحماية النظام
الإيكولوجي الذي يرتكز بدوره على بقاء و استمرار الأصناف و الأنواع والحضارة
البشرية ، ولكن يبقى الكائن البشري الموضوع الأولى بالاهتمام من غيره من الأصناف
الحية... وبناء على ما سبق ، فإن الأمن البيئي يتعلق بالمحافظة على المحيط الحيوي
المحلي والكوني كأساس تتوقف عليه كل الأنشطة الإنسانية[71].
د-
الأمن المجتمعي: يفهم الأمن المجتمعي بحفظ ودعم الاستقرار
الثقافي ، كاللغة والهويات الموجودة في المجتمع ، ويعتبر القطاع المجتمعي أحد
الميادين الأساسية للأمن بمفهومه الموسع ، من خلال إثارة مفهوم الأمن
المجتمعي والذي سنتناوله في المطلب
الموالي ، كون أن الدراسة التي نحن بصددها تتمحور حول العلاقة بين التعدد العرقي والأمن
المجتمعي.
-وكخلاصة
لما سبق نجد أن البعد العسكري للأمن صار تقليديا رغم عدم الاستغناء عنه و أصبحت
الأبعاد الحديثة للأمن تحظى بأهمية بالغة و ذلك لتعقد شبكة العلاقات الدولية في
الوقت الراهن، إذ لا بد من تكامل كل
الأبعاد ، و كمثال على ذلك جائحة كورونا حيث فشلت كل الدول تقريبا في احتوائها مما
كبد دول العالم خسائر بشرية و اقتصادية فادحة .
المبحث
الثالث : الاقترابات و النظريات الخاصة بالتعددية الطائفية و الأمن المجتمعي.
المطلب
الأول : الأطر النظرية لتفسير الحراك الطائفي.
بالنظر إلى التعارضات القائمة بين النظريات
والمدارس الرئيسية للعلاقات الدولية حول المناهج الحالية للأمن ، وجب علينا معالجة
الأطر النظرية لشرح الحركات الطائفية وحركات التمرد في معضلة الضمان الاجتماعي.
أولا:
المعضلة الأمنية باعتمادنا على المقاربات المنتمية للنمط العقلاني ، وأهمها
النيوواقعية ، و الإثنوواقعية. النيوليبرالية ، و النيوماركسية والتركيز على
تفسيرها للمعضلة الأمنية المجتمعية نجد[72]:
حسب "النيوو اقعية" تمثل ظاهرة
الجوار السيئ "" التي جاء بها "براون"
كإحدى العناصر الأساسية في الإثيولوجيا التي تقف وراء انتشار وتغذية التوترات
والصدامات الطائفية ، بالإضافة إلى ترابط التصعيد الطائفي مع ظاهرة الدول العاجزة
، يتيح للنيو واقعية تحليل ديناميكية الحرب...فالفوضى تعني بالأساس غياب التسلسلية
حيث يتمتع كل فاعل بحق الاعتراض ويسعى لتنفيذ خياراته بشكل منفرد ، مما يؤدي إلى
صورة من صور المأزق الأمني أو المعضلة الأمنية ، بين أقطاب مجتمعين يقتسمون إقليما
مشتركا ،ويعتبر مفهوم المأزق الأمني الناجم عن الإدراكات ، والتي يطرحها "جيفيس"
إحدى المفاهيم الواقعية الرائدة ، فعندما يدرك الأفراد أن الحكومة عاجزة ، أو أنها
تفتقد لإرادة حماية الجميع، فإنهم يلجؤون إلى شكل تنظيمي أخر وهو المجموعة الطائفية
، كإطار يتكفل بالدفاع عنهم في وجه التهديدات التي تستهدف بقاءهم و استمرار هم،
وفي ظل مأزق كهذا ، فإن محاولة أية مجموعة طائفية تعزيز أمنها ، يتم تفسيرها من
قبل المجموعات الأخرى على أنها خطوة عدائية باتجاه التصعيد ، ومثل هذه الحركية حسب
باري بوزان، تزيد من فرص التعبئة لأغراض غير دفاعية، وتقوي احتمالات الحرب
الوقائية ، حيث تشن مجموعة طائفية الهجوم بغية حماية بعض الجيوب التي يقطنها أفراد
من نفس الطائفة ، وذلك بذريعة الدفاع عنها قبل أن يقوم الخصم بتصفيتها وهو ما يؤدي
في واقع الأمر إلى الحرب الشاملة، وذلك ما أبرزته تجربة ما بعد الحرب الباردة خاصة
في البوسنة[73].
يترتب عن المعضلة الأمنية الفعل و رد الفعل
عندما يتوفر الشرطان:
أ-
عندما
تكون القوات العسكرية الهجومية والدفاعية أكثر أو أقل تشابها ، لأن أية قوة ملائمة
للدفاع هي ملائمة للهجوم.
ب-مدى فعالية الهجوم عن فعالية الدفاع ،
فإذا كانت العمليات الهجومية أكثر نجاحا من العمليات الدفاعية ، فتختار الدول
الهجوم إذا أرادت البقاء على قيد الحياة ، فمزايا الهجوم يمكن أن يتسبب في حرب
وقائية إذا اعتقدت أن ذلك يحقق لها مزايا عسكرية[74].
ويرى باري بوزان أن المعضلة الأمنية تكون في داخل الدولة عندما
تتوفر الشروط المشابهة لحدوث المعضلة الأمنية على المستوى الدولي، وهذا معناه
تطبيق حالة الفوضى التي تحدث في النظام الدولي على النظام الداخلى ، الذي يتميز
بالفوضى و انعدام الأمن ، ولا يمكن للمجموعات الطائفية أن تعتمد على الدولة
لحمايتها، لأنها منهارة ومفككة على أسس عرقية ، فكل مجموعة إثنية يجب عليها أن
تتجند وتتولى بنفسها الدفاع عن أقاربها ، وهذا هو التهديد الحقيقي للمجموعات
العرقية الأخرى ويرجع ذلك إلى سببين:
-أن
القوميين يتبعون سياسة التجنيد والحشد ، وهذا دليل على وجود رغبات هجومية ،
تعتبرها المجموعات الأخرى تهديدا لأمنها وسلامتها.
-القدرات
العسكرية المستعملة للدفاع يمكن استعمالها للهجوم ، ومزايا الهجوم أكثر من الدفاع
في النزاع الطائفي[75].
ويترك انهيار الدولة فراغا وفجوة أمنية
كبيرة، وهي فرصة يمكن اغتنامها من طرف زعماء المجموعة الطائفية لحشد وتجنيد
عرقيتهم لإنشاء وطن خاص بهم على حساب الطائفة الأخرى.
-
وبمنطق آخر، تؤكد " الإثنوواقعية على أهمية الخوف في النزاعات الطائفية و
الاثنية ، فهي تعتمد على متغير الخوف كأساس للتحليل ، وحسب "دافيد لاك "
، هناك نوعين من الخوف ، الخوف من التعرض للإستيعاب وهيمنة الأخر داخل المجتمع
الواحد مثل ( الكييك والخوف من الأنجلزة)، والخوف من القضاء على الحياة والبقاء،
والتهديد الذي يصاحبه بسبب التمييز العرقي أو الديني أو اللغوي ، وهذا الخوف هو
الأكثر تبريرا في حالة ما إذا جماعة طائفية قوبلت بالتمييز وإنتهاك الحقوق، وخاصة
في حالة غياب الانسجام بين الجماعات[76].
ويمكن أن تتفاقم هذه المخاوف لحالة الفوضى
( بمفهوم هوبز، والقوة بمفهوم ميكيافلي)، أي نفس المنطلقات الفلسفية والمعرفية
التي ينطلق منها الواقعيون، فعندما تغيب الدولة أو ليس بمقدورها ضبط الأمن وفرض
الشروط الأمنية ، بمعنى أن الدولة لا تتدخل لفرض النظام بين الجماعات العرقية (
نفس المفهوم في غياب الدولة فوق القومية عند الواقعيين) ، هنا يتعاظم الخوف وتفقد
الإثنيات الثقة في السلطة المركزية ، ويزيد الاحتماء خلف الهوية و الطائفية[77].
ثانيا:
أسباب التمرد .
بالبحث عن العلاقة بين النزاعات و التعددية
الطائفية نجد نظريات مفسرة للعنف ، مثل
نظرية " تيد روبرت جير" والتي تقوم على أن الأزمة تنشأ نتيجة لوجود فقر
وقهر، وإذا قمنا بإسقاط هذين المفهومين على الأزمة في العراق بين حركة تحرير الأكراد
تحت راية الحزب الكردساتني العراقي والحكومة العراقية لوجدناهما قريبين من مفهوم التهميش الذي يجعل
منه الأكراد تلك المنطقة ذريعة لتبرير تمردهم، ولقد كان هدف
"روبرت جير" من وراء طرح نظريته هذه ، هو محاولة الإجابة عن السؤال :
لماذا يتمرد البشر؟.[78]
وقد استعمل مصطلح الحرمان النسبي ، بحيث يرى
أن نسبة النزاع والتمرد تكون كبيرة، حين تكون هناك مجموعة أو إثنية معينة تعاني الحرمان
الاقتصادي و الاجتماعي والسياسي، وهو نفس الوقت سبب لكثير من الحروب الداخلية في
الوقت الراهن ، فالتفاوت المطبق عبر خطوط التجمعات الطائفية والتقسيم الاجتماعي
والشعور بالحرمان النسبي مقارنة بالوضعية العامة السائدة تؤدي إلى انفجار الأوضاع[79].
و انطلاقا من الفرضية التالية: يختلف الواقع
الكامن وراء العنف الجماعي ، اختلافا قويا من شدة الحرمان النسبي ونطاقه بين أفراد
جماعة من الجماعات ،يعرف الحرمان النسبي بأنه إدراك الأطراف الفاعلين للتناقض بين
توقعاتهم وقدراتهم المتعلقة بالقيم ، وتركز الفرضية على إدراك الحرمان يمكن للبشر
أن يشعروا بالحرمان ذاتيا بالنسبة لتوقعاتهم على الرغم من أن مراقبا موضوعيا قد لا
يرى أنهم معوزون، كما أن وجود ما يرى المراقب أنه فقر مدقع أو حرمان مطلق ، لا يرى
الذين يعانون منه بالضرورة أنه غير منصف أو غير قابل للعلاج.لقد أستخدم مفهوم الحرمان
النسبي أول مرة في أربعينات القرن العشرين، من قبل مؤلفي ( الجندي الأمريكي) للدلالة على مشاعر الفرد الذي
يفتقر إلى مركز ما أو إلى ظروف يعتقد أنه يجب أن تتوفر له ، وبصورة عامة فإن
معاييره المتعلقة بما يجب أن يكون لديه تتحدد بالنسبة لما يمتلكه شخص ما أو جماعة
أخرى، ويستخدم هذا المفهوم على نطاق واسع في الأبحاث السوسيولوجية ، حيث يفترض
بصفة عامة لأغراض عملية أن معايير القيم تتحدد بالإشارة إلى مجموعة ما أو إلى مركز
يتباهى الفرد به أو يعتقد أنه يتباهی به[80].
و يلجأ الناس لاستخدام العنف بغية حل
النـزاعات بينهم حول مصالح معينة في البداية كانت القوة العضلية هي التي تقرر
الملكية والسيطرة و بعد دخول السلاح إلى الميدان بدأ التفوق الفكري يحل محل القوة
العضلية و الدافع للعنف الجماعي هو استعداد أفراد إحدى الطوائف للقيام بتصرف عنيف
ضد الآخرين .
يكتب "تيد روبرت جير" : يرى أرسطو
أن السبب الرئيسي للثورة هو الطموح إلى تحقيق المساواة الإقتصادية أو السياسية من
جانب عامة الشعب الذين يفتقرون إليها، وطموح القلة الحاكمة إلى تحقيق المزيد من
عدم المساواة التي لديهم ، أي التناقض في كلتا الحالتين ، بين ما لدى الناس من المصالح
السياسية و الاقتصادية بالنسبة لما يعتقدون أنها تخصهم بحق. ويؤكد إدواردزEdwards"، الذي كتب بعد نحو ثلاثة وعشرين قرنا أن جميع الثورات تنشأ
عن " قمع الرغبات الأساسية" ، وأن العنف الذي تمارسه أي ثورة يتناسب مع
درجة ذلك القمع وينشأ الشعور بالقمع أو "النزعة المحبطة ، عندما يصبح الناس
يشعرون بأن طموحاتهم وأفكارهم المشروعة يجري قمعها أو صرفها، وأن رغباتهم
وطموحاتهم اللائقة تعوق وتخذل. ويشبه مفهوم "بيتي" للتقييد يشبه أيضا
الحرمان النسبي فالناس يشعرون بأنهم مقيدون فالناس يشعرون بأنهم مقيدون عندما يجدون أن تلبية حاجاتهم الأساسية إلى
الحرية و الأمن موضع معارضة، ويعتبرون علاوة على ذلك أن هذا القمع غير ضروري ويمكن
تفاديه ، فهو غير مبرر[81].
المطلب
الثاني : المقاربة الأثنو-واقعية
تعتبر الواقعية الدول هي الفاعل الرئيسي
في الساحة الدولية، وهي رؤية تجعل من بقية الفواعل الأخرى مجرد أدوات في يد الدول،
غير أن بعض الدارسين طالب بتغيير سلم الواقعية، حيث اقترح بأن تتعدى الواقعية إطار
الدولة لتدرس ما يحدث داخلها، لذا برزت فئة من الواقعيين الذين يدرسون النزاعات
الإثنية المنشغلين بتطوير وتوسيع الإطار التحليلي لديهم، ومن هنا نشأ الإثنواقعيون
الذين اعتمدوا في تحليلهم لظاهرة النزاعات الإثنية على مداخل الدولة باعتبار
الجماعة الإثنية هي وحدة التحليل، واعتمدوا في تفسيرهم لأسباب النزاع الإثني على
ظاهرة الخوف أو القلق وعلاقته بحدوث النزاع.
وحسب
دافيد لاك David Lake هناك نوعان من القلق يمكن تحديدهما:
-
الخوف من التعرض للهيمنة الثقافية.
- القلق على حياة الفرد
وسلامته الجسدية، حيث إن هذا القلق له ما يبرره إذا كانت هناك أقلية تمثل هدفا
للتمييز وانتهاك الحقوق من قبل الجماعات الأخرى، خاصة إذا ما كانت الخلافات كبيرة
جدا، هذا الخوف يمكن أن يتفاقم حالة الفوضى، فعندما لا تريد الدولة التدخل الفرض
النظام سواء بسبب انهيارها أو فشلها، أو بهدف خلق جو من اللااستقرار يفيد النخبة
الحاكمة في تحقيق مصالحها الشخصية ما بين الإثنية، وهنا بالطبع تحدث الفوضى.
ويصرح لاك دائما بأن الفوضى ليست ناجمة فقط
عن غياب الوسائل وانهيار البني، بل من الممكن أن تكون نتيجة لغياب إرادة الدولة في
فرض احترام النظام، فالتوترات الإثنية تولد قلقا يتفاقم بحالة الفوضى، وحينها نكون
أمام مفهوم المأزق الأمني[82].
قبل دراسة المعضلة الأمنية في النزاعات الإثنية[83] ،
تجدر الإشارة إلى أن الفرق بين الواقعية والإثنواقعية يؤسس للانتقال الأتولوجي
الذي جعل من الجماعة الإثنية قاعدة للتحليل، ويعني هذا أنه من الآن فصاعدا صارت
الجماعات الإثنية" هي القواعد الأساسية للتحليل، وهذا التكيف ضروري، لأن
الدول لا يمكن أن تعتبر كوحدة تحليل في النزاعات الإثنية، لأن الجماعات الإثنية هي
التي تراقب وتحدد الجو السياسي. وحسب الواقعيين، يتميز النظام الدولي بالفوضوية،
لأنه يفتقر إلى سلطة عليا تنظم سلوك الفواعل وتفرض الاتفاقات والالتزامات، فالفوضى
في الواقع الإثني ليست بسبب غياب سلطة رسمية وحسب وإنما لغياب سلطة شرعية، ووجود
توتر بين الجماعات الإثنية يؤدي إلى خلق جو من القلق والخوف، وهي وضعية تؤدي إلى
تعزيز وتغذية الفوضى السائدة داخل الدولة نتيجة لانعدام التنظيم وغياب سلطة
الدولة، وفي نهاية المطاف تتجلى المعضلة الأمنية[84].
المطلب
الثالث :المقاربة الليبرالية والمقاربات البنائية :
1- المقاربة الليبرالية :
تساهم الليبرالية في فهم النشاط السياسي من خلال تسلطيها الضوء على كيفية
اعتناق الأفراد للأفكار والمثل (مثل حقوق الإنسان، الحرية، الديمقراطية)، وكيف
يمكن للقوى الاجتماعية (الرأسمالية، الأسواق، والمؤسسات السياسية الديمقراطية،
التمثيل)؛ من أن تؤثر مباشرة على قرارات صناع السياسية، فالليبرالية تطمح إلى فتح
العلبة السوداء الخاصة بنشاط الدولة، وتركز على تأثيرات التنوع الفكري والمصالح
والمؤسسات .[85]
في الواقع، شهد المجال السياسي المحلي في
كثير من الدول الليبرالية درجة كبيرة من التقدم، حيث تهتم المؤسسات بالنظام
والعدالة، وارتبط نجاح الليبرالية بزيادة عدد الأنظمة الليبرالية، من ثلاثة أنظمة
وجدت مع بداية القرن التاسع عشر (بريطانيا، فرنسا، الولايات المتحدة الأمريكية)،
إلى أكثر من مئة نظام موجود حاليا. رغم ذلك لازالت الشؤون الداخلية بحاجة ماسة إلى
معالجة مشاكل عملية هامة، كتشجيع المواطن على المشاركة في الحياة السياسية، وتوزيع
المنافع الامتيازية (الوظائف
الهامة مثلا)، ومراقبة البيروقراطية، وتخفيض حجم البطالة، والاستجابة للطلب
المتزايد المتعلق بالخدمات الاجتماعية، وتخفيض معدل التضخم، وبناء قاعدة متينة
تستجيب للمنافسة الخارجية المتعاظمة[86].
ويعتقد أنصار المذهب الليبرالي - إيمانويل
كانط وجيرمي بنثام-
أن النظام الطبيعي قد أفسده قادة الدول والسياسات التي عفا عليها الزمن، ومن منطلق
توجيهي يعتقد هذا المذهب أن تحقيق السلام يحتاج إلى إقامة عقد فيدرالي بين
الأشخاص، لأن الدول الفيدرالية تمكنت من تحويل هويتها، من هوية مستندة على المصالح
المتصارعة إلى فيدرالية أكثر سلمية. ويلاحظ أن هذه الخطط الرامية إلى تحقيق سلام
دائم، تعني ضمنيا حماية العقد الاجتماعي بين أفراد المجتمع داخل الدولة، وبعبارة
أخرى إخضاع الأفراد إلى نظام من الحقوق والواجبات القانونية .[87]
ويعود حدوث النزاعات الإثنية
حسب الليبراليين إلى العوامل الآتية:
- غياب منطق حقوق الإنسان عن
طريق إلغاء حق الآخر في الحياة والأمن والكرامة ومحاصرة كل أفكار التنوع الإثني.
- غياب العملية الديمقراطية
التي تمنع الجماهير من تجسيد مشاركتهم السياسية ومعرفة حقوقهم وواجباتهم تجاه
أوطانهم.
- عدم وجود تقسيم متكافئ
للثروة (العائدات الوطنية)، وتركها في يد قلة تسمى النخبة، التي من شأن سياساتها
أن تخلق طبقة فقيرة كادحة ناقمة على الأوضاع تسعى إلى تغييرها حتى بالعنف.
- انغلاق الدول التي تشهد نزاعات على نفسها،
وعدم السماح للمؤسسات الدولية بالمساعدة عن طريق مهمات حفظ وتوطيد السلام، مما
يدفع نحو تغذية النزاعات وتأجيجها واستمرارها.[88]
2-المقاربات البنائية: تؤكد
المقاربات البنائية أهمية تأثيرات الأفكار، وتعتبر أن مصالح وهويات الجماعات نتاج
طيع لعمليات تاريخية معينة. وقد أولى البنائيون عناية خاصة بالسياق السائد في
المجتمع، لأن السياق يعكس ويشكل المعتقدات والمصالح ويرسخ معايير السلوك المقبولة.
وبالنظر إلى أننا نعيش في عصر تتعرض فيه المعايير القديمة للتحدي، وأخذت الحدود
التي كانت يوما واضحة في التلاشي، وأصبحت قضايا الهوية الأكثر بروزا، فليس من
المستغرب أن ينجز الأكاديميون إلى مقاربات تضع هذه القضايا في قلب اهتماماتها،
والواقع أن القضية المحورية في عالم ما بعد الحرب الباردة من المنظور البنائي في
كيف يمكن للجماعات المختلفة أن تحقق هويتها
ومصالحها؟ ومع أن القوة ليست مستبعدة هنا، إلا أن البنائيين يؤكدون على
كيفية خلق الأفكار والهوية، وكيف تتطور[89].
وفي سياق تركيزها على عنصر الهوية، تحرص
البنائية على كيفية تعامل الهويات مع الطريقة التي تستوعيها الوحدات السياسية
(الدول) وتستجيب لمطالبها، وأصبح ذلك أكثر وضوحا مع بروز قضايا الأقليات، بعدما
تحول الصراع من صراع بين الدول إبان الحرب الباردة إلى صراع داخل الدول في مرحلة
ما بعد الحرب الباردة، بالإضافة إلى اللعب على أوتار النعرات الذاتية والانتماءات العرقية
والثقافية
والطائفية من طرف صناع
القرارات في تلك الوحدات السياسية[90].
وتجدر
الإشارة إلى أنه على المستوى المنهجي، استخدمت البنائية المنهج العلمي السلوكي في
معالجة بعض المسائل مثل: حركية وسيرورة الأحداث الدولية، ومعتقدات وإدراكات
الفاعلين ومواقفهم، ومسألة الهوية. وإلى جانب هذا المنهج، لجأت البنائية إلى
الاستعانة بتقنية تحليل المضمون في تحليل الخطاب، لا سيما في قضايا الهوية، سواء
ذلك الخطاب الرسمي الصادر عن صناع القرار، أو ذلك الخطاب السائد داخل المجتمع الذي
يعبر عن مجموع القيم والمعتقدات المكونة لهوية مجموعة معينة من الأفراد.[91]
[1] ابن منظور، لسان العرب ، ط1 ،
دار المعارف للنشر والتوزيع ، مصر 1981 ، ص 2723.
[2] حسان حلاق و عباس صباغ، معجم المعاني الجامع، باب طاف. ص
473.
[3] عبد الوهاب الكيالي وآخرون ، موسوعة السياسة، ج3، ط2،
المؤسسة العربية للدراسات والنشر، لبنان، 1997، ص 745.
[4] جلال الدين محمد صالح ، الطائفية الدينية بواعثها واقعها
ومكافحتها ، دط، دار جامعة نايف للنشر ، المملكة العربية السعودية ، 2016 ، ص
32.
[5] عبد الحسين صالح الطائي ، مفهوم الطائفية تحليل جذورها الفكرية
والإجتماعية والإقتصادية ، مدونة الحزب الشيوعي العراقي على النت، مقال منشور
على الموقع: http://iraqicparchives.com/ تاريخ الاطلاع: 06/04/2022 على الساعة: 21:47.
[6] سعيد السامرائي ، الطائفية في العراق ، ط1 ، مؤسسة الفجر ،
لندن ، 1993 ، ص 43.
[7] خالد مزابية ، الطائفية السياسية وأثرها على الاستقرار السياسي
دراسة حالة لبنان ، مذكرة ماستر جامعة قاصدي مرباح ورقلة ، كلية الحقوق
والعلوم السياسية ، قسم العلوم السياسية ، 2012-2013، ص 5.
[8] جلال الدين محمد صالح ، مرجع سابق ، ص 17.
[9]بسطامي محمد سعيد خير، رؤية
اسلامية لقضية التعدد
، نقلا عن أثر التعددية الاثنية في العراق
لكردستان لسالم سعيد، مركز كردستان للدراسات الاستراتيجية، السليمانية 2008، ص12.
[10] المرجع نفسه، ص 63.
[11] رعد صالح الألوسي، التعددية السياسية في جنوب لبنان، دار
مجدلاوي، ط1، 2006، ص 19
[12] بسطامي محمد سعيد خير، مرجع سابق، ص 63.
[13] بسطامي محمد سعيد خير، مرجع سابق، ص 63.
[14] آسيا مزغم، تداعيات الطائفية على بناء الدولة
العراقية المعاصرة، مذكرة مكملة لنيل شهادة الماستر الاكاديمي، كلية الحقوق جامعة
المسيلة، 2016/2017، ص 18.
[15] حيزية بركات ، أزمة
الهوية الطائفية في العراق بعد الاحتلال الأمريكي
، مذكرة ماستر ، جامعة محمد بوضياف الحقوق والعلوم السياسية ، قسم العلوم السياسية
والعلاقات الدولية ، 2015-2016، ص 23.
[16] سمية بلعيد ، النزاعات
الإثنية في افريقيا وتأثيرها على مسار الديموقراطية فيها
، جمهورية الكونغو الديموقراطية نموذجا ، مذكرة ماجستير ، جامعة منتوري ، قسنطينة
، كلية الحقوق والعلوم السياسية ، قسم العلوم السياسية ، 2009-2010 ص .19
[17]KanchanChadra"
what is ethnic | dentity and does't mater ", in the Annual Review of
political science , USA,2005, p.02.
[18] تداعيات الطائفية على بناء الدولة العراقية المعاصرة، مرجع سابق ،
ص 19.
[19] بهاء الدين مكاوي محمد قبلي ، تسوية النزاعات في السودان
نيفاشا نموذجا ،د ط، مركز الراصد للدراسات ، 2006 ، ص 30.
[20] أحمد وهبان،
الصراعات العرقية واستقرار العالم المعاصر، دار فاروس العلمية ، كلية التجارة ،
قسم العلوم السياسية ، جامعة الإسكندرية، 2007، ص 118.
[21] مرابط رابح ، أثر المجموعة العرقية على استقرار الدول ،
دراسة حالة كوسوفو، مذكرة مكملة لنيل الدكتوراه، كلية الحقوق و العلوم السياسية
جامعة الحاج لخضر، باتنة، 2008/2009، ص15
[22] ظاهر الزاوي الطرابلسي، ترتيب القاموس المحيط: ج3،
القاهرة، مطبعة الاستقامة، 1959،ص04.
[23] حيدر إبراهيم وميلاد حناء ازمة الأقليات في الوطن العربي،
ط1 (دمشق: دار الفكر ،2002)، ص 21.
[24] الكيلاني عبد الوهاب، الموسوعة السياسية، ط3، ج1 ، بيروت،
المؤسسة العربية للدراسات والنشر ،1990،ص244.
[25] وهبان أحمد، الصراعات العرقية واستقرار العالم المعاصر ، ص
151
[26] محمد سامي عبد الحميد، أصول القانون الدولي العام، ج 1
،(الجماعة الدولية، مؤسسة الثقافة الجامعية بدون تاریخ 151.
[27] حافظ غانم محمد، مبادئ القانون الدولي العام ،ط3، القاهرة:
دار النهضة العربية، 1972 ، ص523.
[28] مقلد إسماعيل صبري ، العلاقات السياسية، القاهرة، المكتبة
الأكاديمية، 1991، ص 106.
[29] نيفين عبد المنعم
مسعد، الأقليات والاستقرار السياسي في الوطن العربي،
( القاهرة مكتبة النهضة، 1988)، ص 19.
[30] السيد محمد جبر، المركز الدولي للاقليات في القانون الدولي العام
مع المقارنة بالشريعة الإسلامية، الإسكندرية منشأة المعارف، 1990، ص97.
[31] اعلام وائل أحمد،
حماية حقوق الأقليات في القانون الدولي العام،
القاهرة: دار النهضة العربية، 1994، ص08
[32] صلاح الصاوي ، التطرف الديني الرأي الأخر، دط، الأفاق
الدولية للإعلام ، 1993، ص8
[33] أنس محمد الصراوية ، التطرف والإرهاب ما بين الفكر والفعل
، المركز الديمقراطي للدراسات الإستراتيجية والاقتصادية ، قسم الدراسات الدينية
والجماعات الاسلامية، من ورقة عمل لمكتب الأمم المتحدة، منشور على موقع: https://www.unodc.org تاريخ
الاطلاع: 07/04/2022 على الساعة 00: 04.
[34] عبد الوهاب الكيالي وأخرون ، موسوعة السياسة ، ج 1، د ط،
المؤسسة العربية للدراسات والنشر، لبنان ، 1979 ، ص 768.
[35] محمود حامد الزناتي ، تعريف المذهب الفقهي، قسم البحوث
الاسلامية بوزارة الوقاف و الشؤون الاسلمية، قطر 1994. ص 84.
[36] هشام عوكل ، الطائفية والمذهبية السياسية الحديثة ، ديوان
العرب، 18 مارس 2017 .
[37] إسماعيل صبرتي، العلاقات
السياسية الدولية، مرجع سابق ،ص 97.
[38] أمرابط رابح، أثر
المجموعة العرفية على استقرار الدول، دراسة حالة
كوسوفو، مرجع سابق، ص 20.
[39] ظاهر حسين، معجم
المصطلحات السياسية والدولية، مرجع سابق ،ص 97.
[40]وهبان أحمد، الصراعات
العرقية و استقرار العالم المعاصر، مرجع
سابق، ص 52.
[41]المرجع نفسه، ص 53.
[42]المرجع السابق، ص 55.
[43]المرجع نفسه، ص 57.
[44]خالد مزابية، المرجع السابق، ص 2.
[45] تداعيات الطائفية على بناء الدولة العراقية المعاصرة، مرجع سابق،
ص 20.
[46]خالد مزابية، المرجع السابق، ص 3.
[47] تداعيات الطائفية على
بناء الدولة العراقية المعاصرة، مرجع سابق، ص 21.
[48] خالد مزابية ، المرجع السابق ، ص 3.
[49] حسن موسى الصفار ، الطائفية بين السياسة والدين ، ط1 ،
ددن، دب، 2009، ص 176.
[50] فايز علي سلهب ، إسلام بلا طوائف ، طا ، دار الفرقد
للطباعة والنشر والتوزيع، سوريا ، 2008، ص 187.
[51] ويفي خيرة ، تأثير المسالة الكردية على الاستقرار الاقليمي
، مذكرة ماجستير ، جامعة منتوري قسنطينة ، كلية الحقوق ، قسم العلوم السياسية ،
2004- 2005، ص 17.
[52] سمية بلعيد ، مرجع سابق ، ص 47.
[53] حسان بن نوي ، مرجع سابق ، ص ص 68-69 .
[54] ويفي خيرة ، مرجع سابق ، ص ص ، 19-20.
[55] حنا عيسى ، التطرف يؤرق الوطن العربي، مدونة دنيا الوطن
الالكترونية ، pulpit.alwatanvoice.com تاريخ الاطلاع: 09/04/2022، على الساعة: 22:11.
[56] نشوان بن سعيد الحميري، المعجم الصغير، باب شمس العلوم- الأمن،
ص 573.
[57]منذر سليمان، الأمن
الدولي و استراتيجيات التغيير و الاصلاح، دار أسامة للنشر و التوزيع، ص 30.
[58]لزهر عبد العزيز، التطورات
الابستمواوجية لمفهوم الأمن في ظل التحولات الكبرى، مجلة الدراسات القانونية و السياسية، م 5 ، ع 01 ، 2019، ص14.
[59]قسوم سليم، الإتجاهات
الجديدة في الدراسات الأمنية، دراسة في تطور مفهوم الأمن عبر منظرات العلاقات
الدولية، رسالة لنيل شهادة الماجستير في العلوم السياسية والعلاقات الدولية،
كلية العلوم السياسية والإعلام، جامعة الجزائر 03،2010، ص 18.
[60] سليمان عبد الله الحربي، مفهوم الأمن: مستوياته وصيغ تهديداته
دراسة نظرية في المفاهيم والأطر ، المجلة العربية للعلوم السياسية، العدد19،(
صيف 2008)،ص،09.
[61] بوزان ويفر ودي وايلد، الهوية و الهجرة و الأجندة الأمنية
الجديدة في أوروبا، معهد أبحاث الدراسات الاستراتيجية ، طهران، 1998، ص 22.
[62] نائب مدير دائرة التوجيه المعنوي للقوات المسلحة العراقية،
سنوات2019-2021.
[63] شيماء علي العموري، الأمن المجتمعي، المصدر السابق.
[64]Thierry
Balzac, « Qu'est ce que la sécurité nationale » la revue internationale et
strategique, (Hiver,n52,2003-2004),p38.
[65] التعددية الاثنية و الأمن المجتمعي: دراسة حالة مالي، مرجع سابق،
ص 60.
[66]علاق جميلة، الأمن
المجتمعي مقاربة في المفهوم و العناصر، مجلة البحوث السياسية و الادارية، 2008، الجزائر، ص 333.
[67]سيماء علي المعموري، الأمن
المجتمعي، مفهومه و مستوياته و تهديداته،
مقال منشور على موقع: https://mqqal.com/ ، تاريخ
الاطلاع: 28/05/2022، على الساعة: 23:56.
[68] سليمان عبد الله الحربي، مفهوم الأمن: مستوياته وصيغ تهديداته
دراسة نظرية في المفاهيم والأطر ، المجلة العربية للعلوم السياسية، العدد19،
2008،ص13.
[69] سليمان عبد الله الحربي، مفهوم الأمن، المرجع السابق، ص
14.
[70] حجار عمار، المرجع السابق، ص، 66.
[71] بن عنتر عبد النور، البعد المتوسطي للأمن الجزائري الجزائر ،
أوروبا والحلف الأطلسي، (الجزائر ، المكتبة العصرية، 2005)، ص، 16.
[72]التعددية الاثنية و الأمن المجتمعي، مرجع سابق، ص 91.
[73]زقاع
عادل ، المعضلة الأمنية المجتمعية، مرجع سابق ،ص، 120.
[74]زقاع
عادل، تدخل الطرف الثالث في النزاعات الاثنية
:فحص افتراضات وإسهامات المداخل النظرية المنتمية
لنمط التحليل العقلانی، المؤسساتي و اليضانی، موقع سياسة: http://www.politics-ar.com/ar/index.php/permalik.3064.html.26/05/2011.
[75]التعددية الاثنية و الأمن المجتمعي، مرجع سابق، ص 91.
[76]. Lake
David.A, Rotchild Donald, The international spread of Ethnic
conflict:fear,diffusion and Escalation, Princeton, NJ, Princeton university
Press, 1998, p.08
[77]صایج
مصطفى، تحليل النزاعات الدولية : موقع : http://boulemkahel.yolasite.com/ تاريخ الاطلاع: 12/05/2022 على الساعة: 11:26.
[78] تركي الحمد، لماذا يتمرد الناس ، ص 01. الموقع: http://www.gulfissues.net/mpage/paperart/turki.html.
[79] ظريف شاكر ، البعد الأمني الجزائري في منطقة الساحل والصحراء
الإفريقية، التحديات والرهانات، رسالة لنيل شهادة الماجستير في العلوم
السياسية والعلاقات الدولية كلية الحقوقجامعة باتنة 2008،ص43.
[80]تيد
روبرت جير لمانا بتمرد البشر؟، (ترجمة مركز الخليج للأبحاث)،دبي الإمارات
العربية المتحدة، مركز الخليج للأبحث ط1 ،2003 ص
ص 67-75.
[81]التعددية الاثنية و الأمن المجتمعي، مرجع سابق، ص 97.
[82]سمية بلعيد، النزاعات الاثنية في إفريقيا وتأثيرها على مسار الديمقراطية فيها: جمهورية الكونغو
الديمقراطية نموذجا، مذكرة ماجستير غير منشورة، جامعة منتوري، كلية الحقوق، قسم
العلوم السياسية والعلاقات الدولية، قسنطينة، الجزائر) 2010، ص 34.
[83]لمزيد
من الشرح حول العلاقة بين القومية والنزاع الإثني، يمكن الرجوع إلى: ستیفن ريان،
القومية والنزاع الإثني"، برایانوایت وريتشارد لیتل و مایکل سميث (محررون)،
قضايا في السياسة العالمية، مركز الخليج والأبحاث (مترجم)، ط1، (دبي: مركز الخليج
للأبحاث، 2001)، ص 178.
[84] سمية بلعيد، المرجع
السابق، ص 35
[85]محمد شاعة، مستقبل السياسة الخارجية: دراسة تحليلية تأثير ظاهرة العولمة على حقل
السياسة الخارجية، أطروحة دكتوراه غير منشورة، جامعة الجزائرة، كلية العلوم
السياسية والإعلام قسم العلوم السياسية والعلاقات الدولية، الجزائر، 2013)، ص
63-64
[86]Michael W. Doyle, "Liberalism And Foreign
Policy". Steve Smith and Amelia Hudfield and Tim Dunne (Eds), Foreign
Policy: Theories, Actors, Cases, (New York: Oxford University Press, 2008)
P51-52.
[87]تيموثي دن، "الليبرالية"،
جون بيليس وستيف سميث (محرران)، عولمة السياسة العالمية، مركز الخليج للأبحاث
(مترجم)، (دبي: مركز الخليج للأبحاث، 2004)، ص318-321
[88] سمية بلعيد، المرجع
السابق، ص 36.
[89]ستيفن
والت، العلاقات
الدولية عالم واحد... نظريات عدة، منير كمال (مترجم)، الثقافة
العالمية، العدد 86، (1998/7)، ص 16-17.
[90] عبد الناصر جندلي، التنظير
في العلاقات الدولية بين الاتجاهات التفسيرية و النظريات التكوينية، دار الخلدونية، الجزائر ، 2007، ص 324.
[91]عبد الناصر جندلي، المرجع السابق، ص 324.
.jpg)