JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
الصفحة الرئيسية

بحث حول شهيد سنة أولى متوسط الشهيدة حسيبة بن بو علي

خط المقالة

 

حسيبة بن بو علي.. أصغر أيقونات الثورة الجزائرية

مقدمة

تُعد الشهيدة حسيبة بن بوعلي واحدة من أبرز رموز الثورة الجزائرية التحريرية، ومن أصغر مناضلاتها سنًا وأكثرهن تأثيرًا. ورغم نشأتها في أسرة ميسورة الحال، لم يمنعها ذلك من التخلي عن حياة الرفاهية والانخراط في صفوف الفدائيين، لتجسد نموذجًا فريدًا للتضحية والالتزام الوطني. وقد سطّرت اسمها في سجل الخالدين باستشهادها دفاعًا عن حرية الجزائر وكرامة شعبها.






أولًا: من هي حسيبة بن بوعلي؟

حسيبة بن بوعلي شهيدة من شهداء المليون ونصف المليون شهيد، ورمز من رموز الكفاح الوطني ضد الاحتلال الفرنسي. أصبحت أيقونة للمرأة الجزائرية المناضلة، وواحدة من الوجوه البارزة في معركة الجزائر، لما قدمته من تضحيات جسام في سبيل استقلال الوطن.


ثانيًا: مولد ونشأة حسيبة بن بوعلي

وُلدت حسيبة بن بوعلي يوم 18 جانفي 1938، ببلدة سنجاس (بوغانفيل سابقًا) عند سفح جبل وارسينيس بالأصنام (ولاية الشلف حاليًا). والدها هو عبد القادر بن بوعلي، الذي كان يعمل بمديرية الزراعة في الحكومة العامة بالجزائر العاصمة، بينما كانت والدتها مناضلة في جبهة التحرير الوطني.

نشأت حسيبة في عائلة برجوازية ميسورة، وتلقت تعليمها الابتدائي في مسقط رأسها، ثم انتقلت مع عائلتها إلى الجزائر العاصمة سنة 1948، حيث واصلت مسارها الدراسي.


ثالثًا: المسار الدراسي وبناء الشخصية

بعد حصولها على شهادة التعليم الابتدائي سنة 1950، التحقت حسيبة بـثانوية ليسيه باستور (ثانوية محمد راسم حاليًا)، حيث أمضت عامين تميزت خلالهما بالاجتهاد والذكاء والانضباط. كما تلقت دروسًا في الموسيقى، الأمر الذي ساهم في صقل شخصيتها الحساسة والمرهفة.


رابعًا: بداية المسيرة النضالية

انضمت حسيبة في سن مبكرة إلى الكشافة الإسلامية الجزائرية، وخلال تنقلاتها واكتشافها لأوضاع الجزائريين، خاصة الفلاحين، ازداد وعيها الوطني. ثم التحقت بـالاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين قبل أن تبلغ السادسة عشرة من عمرها، ما عمّق انخراطها في النضال الوطني.

كما انضمت إلى فريق الدكتور شوليه الذي أنشأ عيادة سرية في حي كلوز سالمبيي (المدنية حاليًا)، لتقديم الرعاية للجرحى. وكانت تمارس مهام التمريض والرعاية الاجتماعية، أحيانًا بدلًا من والدتها المناضلة في جبهة التحرير الوطني.


خامسًا: النشاط الثوري لحسيبة بن بوعلي

مع مطلع سنة 1955، التحقت حسيبة رسميًا بصفوف الثورة التحريرية وهي في سن السابعة عشرة، كمساعدة اجتماعية. غير أن نشاطها الثوري بلغ ذروته في نهاية سنة 1956، حين انضمت إلى إحدى مجموعات الفدائيين في الجزائر العاصمة.

أصبحت عنصرًا نشطًا في فوج الفدائيين المكلف بصناعة ونقل القنابل، حيث كانت مسؤولة عن نقلها وزرعها في الأماكن المستهدفة. وساعدتها ملامحها الأوروبية على التنقل دون إثارة انتباه جنود الاحتلال الفرنسي.

كما تطوعت في مستشفى مصطفى باشا للقيام بدورة إسعافات أولية، ما أتاح لها الوصول إلى المواد المستخدمة في صناعة القنابل. وانضمت إلى ما عُرف بـ**"شبكة القنابل"** التابعة لياسف سعدي، والتي ضمت طلابًا ومناضلين، منهم عبد الرحمن طالب والدكتور دانيال تيمسيت.


سادسًا: الملاحقات والاختفاء في القصبة

في سبتمبر 1956، تمكنت قوات الاحتلال من تعقب إحدى الخلايا السرية في بير خادم، ما أدى إلى اعتقالات واسعة. وفي أكتوبر من العام نفسه، وشى أحد الخونة بحسيبة ورفاقها، فتكثفت عمليات البحث عنها.

ورغم ذلك، تمكنت من الإفلات من الاعتقال، واضطرت إلى مغادرة بيت عائلتها نهائيًا، والاختباء في القصبة العتيقة، حيث واصلت نشاطها الثوري في سرية تامة.


سابعًا: ملامح شخصية الشهيدة حسيبة بن بوعلي

وُصفت حسيبة خلال مسيرتها الدراسية والنضالية بأنها مجتهدة، ذكية، جادة، وصاحبة حس عالٍ بالمسؤولية. ورغم صغر سنها، تحملت مع رفاقها عبء تحرير الوطن من الاحتلال الفرنسي.

كانت ملتزمة بقضيتها إلى أبعد الحدود، ولم تُثنها الملاحقات والتهديدات عن مواصلة النضال. كما عُرفت بالشجاعة والجرأة والإقدام، إذ أنجزت مهامًا خطيرة دون تردد، ولم تخشَ الموت، بل كانت تتمنى الشهادة في سبيل الجزائر.

ورغم صلابتها، اتسمت شخصيتها بالحنان والرقة، وتأثرت بالموسيقى التي كانت تعزفها، ما أكسبها جمالًا في الروح والملامح.


ثامنًا: ألقاب الشهيدة حسيبة بن بوعلي

أُطلقت على حسيبة عدة ألقاب، من أبرزها "زهرة المقاومة"، و**"La Benjamine"** أي أصغر أفراد المجموعة، وذلك لكونها الأصغر سنًا بين رفاقها الفدائيين.


تاسعًا: استشهاد حسيبة بن بوعلي

في يوم الأحد 8 أكتوبر 1957، كانت حسيبة رفقة المجاهدين علي لابوانت، عمر الصغير، وحميد بوحميدي في منزل يقع بـ5 شارع عبد الرحمن بالقصبة.

وبعد وشاية من أحد الخونة، علمت قوات الاحتلال بمكان تواجدهم، فحاصرت المنزل عند حلول الظلام، وطالبت المجموعة بالاستسلام. ولما رفضوا ذلك، قام المظليون الفرنسيون بتفجير المنزل، لتستشهد حسيبة، البالغة من العمر 19 عامًا ونصف، مع رفاقها تحت الأنقاض.

وقد قاد العملية الجنرال مارسيل بيجار، وأسفر التفجير عن انهيار مبانٍ مجاورة، ومقتل 24 جزائريًا، بينهم 8 أطفال. وبحسب أرشيف وزارة الدفاع الفرنسية، تم التعرف على هوية الشهداء من قبل عائلاتهم.

ودُفن جثمان الشهيدة حسيبة بن بوعلي في مقبرة سيدي محمد بالجزائر العاصمة.


عاشرًا: رسالة حسيبة بن بوعلي الأخيرة

في رسالتها الأخيرة إلى والديها بتاريخ 15 سبتمبر 1957، كتبت الشهيدة:

"إنه لأمر فظيع كيف تُفتقد الأسرة عندما تكون بعيدًا عنها… يستحيل عليّ أن أقف مكتوفة الأيدي… إن مت، لا تبكيا عليّ، لأني سأموت سعيدة".

وتُعد هذه الرسالة وثيقة إنسانية خالدة تُجسد عمق وعيها الوطني واستعدادها للتضحية.


حادي عشر: بطولات الشهيدة حسيبة بن بوعلي

برز دور حسيبة بشكل خاص خلال سنة 1956، حيث كانت من العناصر الفاعلة في خلية الفدائيين، وشاركت في نقل وصناعة القنابل، مستفيدة من عملها كممرضة للحصول على المواد الكيميائية اللازمة.

كما شاركت في إضراب الثمانية أيام، وفي تفجيرات استهدفت مواقع للوجود الاستعماري وسط الجزائر العاصمة، وكان لها دور محوري في إشعال فتيل معركة الجزائر بعد التحاقها النهائي بالمجاهدين في حي القصبة.


خاتمة

تُجسد سيرة الشهيدة حسيبة بن بوعلي أسمى معاني التضحية والوفاء للوطن، وتؤكد الدور الريادي الذي لعبته المرأة الجزائرية في الثورة التحريرية. فقد كانت مثالًا للشباب الواعي، والمرأة المناضلة، والإنسانة المؤمنة بقضيتها حتى آخر لحظة من حياتها.

وستظل حسيبة بن بوعلي رمزًا خالدًا في الذاكرة الوطنية الجزائرية، وشاهدة على عظمة الثورة الجزائرية وعدالة قضيتها.


حسيبة بن بوعلي، الشهيدة حسيبة بن بوعلي، الثورة الجزائرية، معركة الجزائر، المرأة في الثورة الجزائرية، علي لابوانت، فدائيو القصبة، شهداء الجزائر.



الاسمبريد إلكترونيرسالة