JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->

مقالة فلسفية أثر اللاشعور على الادراك

خط المقالة

 

أثر اللاشعور على الادراك

مقدمة:

لعله من البديهي القول إن اطلاعنا على العالم الخارجي هو إطلاع مباشر بواسطة عمليتي الاحساس والإدراك.و هذا الاخير هو عملية ذهنية بها نؤول ونفسر ما يحيط بنا،و من الشائع عند الناس و حتى الخواص من المفكرين أن الإدراك هو نشاط واعي شعوري،الا أن هناك من له تفسير مغاير جاهعلا من اللاشعور عاملا وراء هذه العملية يتأثر به دون وعي منا.و هذا ما نراه صوابا و يغفل عنه الكثير ،لذا يدفعنا الموقف إلى تبني هذه القولة ،فما هي حجج هذا الطرح و ما هي أدلتنا في إثبات صدقها وابطال مخالفيها؟

محاولة حل المشكلة:

أن الإدراك كعملية تاويل و تفسير للعالم الخارجي و طريقة للتكيف معه -تأثيرا و تأثرا- لا تخلو من أثر اللاشعور ،سواء كان هذا الإدراك حسي أو أدراك ذهني،وهذا ما يذهب إليه أنصار التحليل النفسي،بحيث أن الإدراك ما هو إلا نتيجة لجملة فعاليات كثير منها لا نعيه لأسباب عدة.هذا ما يراه فرويد حيث يقول:أن الخطأ في الادراك هو ادراك صحيح.و قد أشار في كتابه "مستقبل وهم" إلى كثير من المسائل التي تكون تحت تأثير العادات الاجتماعية و تأثير الثقافة والحضارة(كالاخلاق و الدين الخ).بمعنى أن معرفتنا لمحيطنا خاضعة دوما لعوامل ذأتية ليست كلها مدركة من طرف داركها.

و ما يثبت هذا التأثير هو ظاهرة الكبت في تحريف مداركنا مثل ظاهرة الاسقاط والتحويل و التبرير كعوامل تحرف ما ندركه.و كذا الوهم و أحلام اليقظة فمثلا البخيل قد يرى كل الناس بخلاء ومن يكن كرها لامه قد يكره غيرها من النساء.

إضافة إلى تأثير اللاشعور الجمعي و انتقاله بين الأجيال و تأثيره في سلوكنا ،لذلك نلاحظ أن كثير من تأويلاتنا و تفسيراتنا للمحيط يختلف من وسط ثقافي لآخر-خاصة في المدرجات الذهنية- فمثلا قد يعرض علينا موضوعا واحدا(حسي كان أو ذهني،فيلم أو قراءة كتاب أو أو فتكون تأويلاتنا و انطباعاتنا مختلفة).

عرض الخصوم و نقدهم:

هناك من خص الإنسان بالادراك دون غيره من الكائنات نظرا لتميزه بملكة العقل أو الفكر كما ذهب إلى ذلك افلطون و سقراط و ديكارت،حيث جعلوا من العقل ماهية الإنسان و هو مركز الكون،و منه والإدراك كمعرفة هو قدرة ذهنية تعي كل ما يحيط بها بدءا بالذات و صولا للموضوع المدرك.فما سوء الفهم أو عدم المعرفة إلا نتيجة لنسبية الحواس و سجن الجسد كما يرى أفلاطون و سقراط،او نتيجة الشعور العفوي السطحي حسب ديكارت،لكن في التأملي يمكن ادراك الحقائق..فلا. شيء حسبه يحدث خارج الروح

و ليس بعيدا عن هذا الطرح الظواهري سواء مع هوسرل أو ميرلوبنتي.

نقد: أن التنكر المطلق لتأثير اللاوعي هو تنكر نظري لا واقعي نتيجة الأحكام المسبقة التي يتسبب فيها التعصب للمذهب.ان مسلمات هذه الاتجاهات مشكوك في مصداقيتها لأن العقل هو بنية متحولة حسب باشلار،و كما أن هناك عقل ظاهر هناك عقل باطن،و كما هناك وعي هناك اللاوعي.فالإنسان ليس عقل محض، و الإدراك ليس هو حصيلة الحاضر المباشر مفصولا فصلا كليا عن خبرات الماضي و عن رغبات و تخيلات الفرد،و الإدعاء بأن الشعور حاضر في تصرفاتنا و مداركنا قول فيه شطط و جهل بالحقائق النفسية.فالحياة الشعورية الواعية ليست هي كل السلوك،فان كان كل شعور سلوك فليس كل سلوك شعور .

الدفاع عن الأطروحة:

أن إدراك الحاضر هو منتوج لجملة نشاطات متداخلة متفاعلة و متراكمة وهذا التراكم بلا شك لا يخلو من أثر اللاشعور .

و حجتنا في ذلك هي:

أثر اللغة في مداليلها و مدلولاتها حيث تحمل إرث ثقافة كل مجتمع وهي لا تخلو من أثر اللاشعور و منه فإدراكنا متأثر بها فمثلا كلمة حرام او جنس لهما اثر نفسي تجعلنا ندرك الموضوع إدراكا خاصا.

و الحاجة اليومية أو الدائمة أو الرغبة والميل و الأهواء كلها عوامل قد تشرط و توجه إنتباه الأفراد دون وعي منهم.

الخلفية الفكرية للفرد و العرف و الفكر اليومي عموما له أثره في ما ندركه دون شعور منا فإدركنا مثلا لإمرأة تدخن في المحيط الجزائري لا يكون له نفس الانطباع عند الفرد الغربي.

لذا للعوامل الذاتية دور في تحديد الموضوع المدرك،فتفسير و تاويل العالم لظاهرة طبيعية أو اجتماعية تختلف عن تفسير شخص مشبع بمعتقد ديني.و الإنسان البدائي تختلف مداركه عن الإنسان المتحضر و هكذا.

أن تجربة صور روشاخ أظهرت أثر الاسقاط في تأويل المواضيع المدركة واختلافها بين الأفراد.

خاتمة:

بناءا على تحليلنا السبق نخلص إلى أن الأطروحة القائلة"أن الاراك لا يخلو من تأثير اللاشعور" مقولة صحيحة و مطابقة للواقع والحياة النفسية-المغرفية،لذا تم تبنيها و الدفاع عنها،و التنكر لهذا الأثر يجعلنا أمام كثير من المدركات دون فهم.لذا قيل أننا ندرك بأعين الآخرين.و بالتالي كثيرا ما نكون تحت تأثير عوامل لا نعيها،منقادين منفعلين فيها لا فاعلين ،و هذا يعني أن الإدراك هو نتيجة لجملة نشاطات نفسية ،و فهمنا هو خلاصة لتراكماتها.

ملاحظة: نرجو من الجميع إثراء الموضوع من خلال نقدكم،لان السؤال كموضوع مدرك هو الآخر قد تكون له عدة تفسيرات وتأويلا تختلف من استاذ لآخر نتيجة فعالية اللاشعور و عوامل أخرى داخلة فيه.

 

 

NomE-mailMessage