JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->

النشاط البدني الرياضي المعدل -الأنشطة الرياضية المعدلة- Modified sports physical activity Modified sports activities

خط المقالة

 

يعتبر النشاط البدني الرياضي من العمليات التربوية التي تنمي الجوانب البدنية والعقلية الاجتماعية والنفسية لتحقيق النمو المتكامل للفرد. فعندما وضعت أسس وقوانين النشاط الرياضي وجهت أهدافها وفلسفتها إلى أهداف سامية، واهتمت حديثا بمعالجة قضايا الإنسانية ،  ومنها بشكل خاص فئة ذوي الاحتياجات ، فأصبح يهدف إلى مساعدة هذه الفئة في الاندماج في المجتمع وتنمية الصفات المرغوبة لتشكيل شخصية الفرد المعوق ، والتغلب علــــى الآثار النفسية السلبية التي تفرضها الإعاقة.[1]

وسنتطرق في هذا الفصل إلى إعطاء نظرة حول تاريخ ظهور الرياضة المعدلة في العالم ، وفي الجزائر مع تعريف الأنشطة البدنية الرياضية المعدلة ، والغايات المنتظرة من ممارستها ، وأسسها ،  طرق تعديل الأنشطة البدنية و الرياضية المعدلة وتصنيفاتها ، وبعد ذلك سوف نتطرق للمساندة الاجتماعية  لأنها من أهم الروابط الاجتماعية في حياتنا فهي بمثابة الدرع الواقي من اليأس و الاستسلام وهي تمنحنا القدرة على التأقلم و التوازن و مواصلة الحياة و في حالة  انهيار أو تفكك هذه الروابط نكون عرضة لعدم الاستقرار و الفشل حيت تم تعريف المساندة الاجتماعية وأشكالها ومصادرها وأهميتها وشروطها ومقاييسها.

كما تم التــــــــطرق إلى مرضى التوحد والتطور التاريخي للتوحد وأنواعه مع معدلات انتشار التوحد واهـــــم أسبابه وخصائص الأفراد المصابين بالتوحد وكيفيه تشخيص وتقويم التوحد و النظريات المفسرة للتوحد . وفي نهاية هذا الفصل تم ذكر أهم الدراسات السابقة والتعقيب عليها.

  

1-            مفهوم النشاط البدني الرياضي :

              يرى " الخولي أمين أنور" أن استخدام كلمة النشاط البدني كتعبير يقصد به المجال الكلي و الإجمالي  لحركة الإنسان، وكذلك عملية التدريب و التنشيط و التربص في مقابل الكسل و الوهن و الخمول .وفي الواقع فإن النشاط البدني بمفهومه العريض هو تعبير عام ، يتسع ليشمل كل ألوان النشاط البدني التي يقوم بها الإنسان و التي يستخدم فيها بدنه بشكل عام ، وهو  مفهوم أنثربولوجي أكثر منه اجتماعي ، لأنه جزء مكمل، ومظهر رئيسي لمختلف الجـــــوانب الثقافية لبني الإنسان ، فنجد أنه تغلغل في كل المظاهر و الأنشطة الاجتماعية [2] .

ويرى " تشا رلز بيوتشر" أن النشاط البدني الرياضي ذلك الجزء المتكامل من التربية العامة ، وميدان تجريــــــــبــي هدفه تكوين المواطن الصالح اللائق من الناحية البدنية و العقلية و الانفعالية و الاجتماعية ، بواسطة مختلف ألوان النشاط البدني الذي اختير بهدف تحقيق هذه المهام [3] .

أما قاسم حسن حسين فيعتبر النشاط البدني الرياضي ميدان هام من ميادين التربية عموما، و التربية البدنية خصوصا ويعد عنصرا قويا في إعداد الفرد الصالح ، وتزويده بخبرات ومهارات حـــركية تؤدي إلى توجيه نموه البدني و النفسي و الاجتماعي و الخلقي للوجهة الإيجابية ،  لخدمة الفرد نفسه ومن خلاله خدمة المجتمع [4].

2-  النشاطات البدنية و الرياضية المعدلة  :

النشاطات  الرياضية المعدلة هي كل الحركات و التمارين و أنواع الرياضات التي يستطيع ممارستها الـــــــــفرد المحدود القدرات من ناحية قصور بعض الوظائف الجسمية الكبرى .

3- مفهوم النشاط البدني الرياضي المعدل:

-تعريف حــــــلـــــمي إبراهيم ليلى السيد فرحات : يعني الرياضات والألعاب والبرامج التي يتم تعديلها لتلائم حالات الإعاقة وفقا لنوعها وشدتها ،ويتم ذلك وفقا لاهتمامات الأشخاص  غير القادرين وفي حدود قدراتهم[5]

-تعريف ســـتور ( stor) : نعني به كــــــــــــــل الحركات والتمرينات وكل الرياضات التي يتم ممارستها من طرف أشخاص محدودين في قدراتهم من الناحية البدنية ،النفسية ،العقلية ،وذلك بسب أو بفعل تلف أو إصابة من بــــــــعض الوظائف الجسمية الكبرى

4- الـــــــــتطور التاريخي للنشاط البدني الرياضي المعدل:

ويعود الفضــل في بعث فكرة ممارسة النشاط البدني الرياضي من قبل المعوقين إلى الطبيب الإنجليزي لــــــدويج جوتمان LEDWIG GEUTTMAN  وهو طبيب في مستشفى ) استول مانديفل بانجلترا)  وبدأت هذه النشاطات في الظهور عن طريق المعاقين حركيا ، وقد نادى هذا الطبيب بالاستعانة بالنشاطات الرياضية لإعادة التكيف الوظيفي للمعاقين والمصابين بالشلل في الأطراف السفلية PARAPLIGIQUE لإعادة التأهيل البدني والنفسي لأنها تسمح للفرد المعوق  لإعادة الثقة بالنفس واستعمال الذكاء والروح التنافسية والتعاونية وقد نظم أول دورة في مدينة استول مانديفل شارك فيها 81 معوق وكانوا من المشلولين الذين تعرضوا لحــــــــــادث طارئة أثناء حياتهم وضحايا الحرب العالمية الثانية الذين فقدوا أطرافهم.

5-  النشاط البدني والرياضي المعدل في الجزائر :

تم تأسيس الفيدرالية الجزائرية لرياضة المعوقين في 19 فيفري 1979 وتم اعتمادها رسميا بعد ثلاثة سنوات من تأسيسها في فيفري 1981 وعرفت هذه الفيدرالية عدة صعوبات بعد تأسيســــها خاصة في الجانب المالي وكذا من انعدام الإطارات المتخصصة في هذا النوع من الرياضة وكانت أول مشاركة للجزائر في الألعاب الاولمبية الخاصة بالمعوقين سنة 1992 في برشلونة بفوجين  أو فريقين يمثلان ألعاب القوى وكرة المرمى وكان لظهور عدائين ذوي المستوى العالمي دفعا  قويا لرياضة المعوقين في بلادنا وهناك 36رابطة ولائية تمثل مختلف الجمعيات تظم أكثر من 2000 رياضي لهم إجازات وتتراوح أعمارهم بين35.16 سنة .[6]

وتمارس  حـــــــوالي 82 اختصاصات رياضية معدلة من قبل المعوقين كل حسب نوع إعاقته                                  ودرجتها وهذه  الاختصاصات هي نوع الإعاقة :

 

 

المعوقين المكفوفين

المعوقين الحركيين

المعوقين الذهنيين

ألعاب القوى

ألعاب القوى

ألعاب القوى

كرة المرمى

كرة السلة فوق الكراسي المتحركة

كرة القدم بلاعبين

السباحة

رفع الأثقال

السباحة

الجيدو

السباحة

تنس الطاولة

التندام ( الاستعراضي )

تنس الطاولة

كرة الطائرة

وقد سطرت الفيدرالية الجزائرية لرياضة المعوقين أهداف عدة متكاملة في بينها وفي مقدمتها تطوير النشاطات البدنية و الرياضية المعدلة الموجهة لكل أنواع الإعاقات باختلافها ويتم تحقيق هذا الهدف عن طريق :

-   العمل التحسيسي والإعلام الموجه

-   للسلطات العمومية لمختلف الشرائح الشعبية وفي كل أنحاء الوطن وخاصة منهم الأشخاص المعوقين.

-   العمل  على تكوين إطارات متخصصة في هذا الميدان ) ميدان النشاط البدني والرياضي الــــمعدل ( وهذا بالتعاون مع مختلف المعاهد الوطنية والوزارات .

والفيدرالــــــــــــــية الجزائرية لرياضة المعوقين منخرطة في عدة دول وعالمية منها :

-       اللــــــــــــــجــــــــــــنة الدولية للتنسيق والتنظيم العالمي لرياضات المعدلة  I.C.C

-       اللجنة الدولية للتنظيم العالمي لرياضة المعوقين ذهنيا

-       الجمعية الدولية لرياضة المتخلفين والمعوقين ذهنيا

-       الفيدرالية الدولية لرياضات الكراسي المتحركة

-       الفيدرالية الدولية لكرة السلة فوق الكراسي المتحركة

-       الجمعية الدولية للرياضات الخاصة للأشخاص ذوي إعاقات حركية مخية وفيها من الفيدراليات والجمعيات واللجان الدولية العالمية .

وقد كان للمشاركة الجزائرية في مختلف الألعاب على المستوى العالمي وفي مقدمتها الألعاب الأولمبية سنة 1962 في برشلونة وسنة 1996 في اطلنطا نجاحا كبيرا وظهور قوي للرياضيين المعوقين الجزائريين وخاصة في اختصاص ألعاب القوى  ومنهم علاق محمد في اختصاص100-200-400 متر وكذلك بوجليطية يوسف في صنف b3 معوق بصري ( وفي نفس الاختصاصات وبلال فوز ي في اختصاص5000 متر و 800 و 1500 متر.

6- أسس النشاط البدني الرياضي المعدل:

إن أهداف النشاط البدني الرياضي للمعاقين ينبع أساسا من الأهداف العامة للنشاط الرياضي من حيث تحقيق النمو العضوي والعصبي والبدني والنفسي والاجتماعي، حيث أوضحت الدراسات إن احتياجات الفرد المعاق لا تختلف عن احتياجات الفرد العادي ، فهو كذلك يريد أن يسبح، يرمي بقفز.

يشير انارينو وآخرون "إن كل ما يحتويه البرنامج العادي ملائم للفرد المعاق، ولكن يجب وضع حدود معينة لمستويات الممارسة والمشاركة في البرنامج تلاءم إصابة أو نقاط ضعف الفرد المعاق. يرتكز النشاط البدني الرياضي للمعاقين على وضع برنامج خاص يتكون من ألعاب وأنشطة رياضية وحركات إيقاعية وتوقيتية تتناسب مع ميول وقدرات وحدود المعاقين الذين لا يستطيعون المشاركة في برنامج النشاط البدني الرياضي العام ، ويرعى عند وضع أسس النشاط البدني الرياضي المعدل  ما يلي :

-العمل على تحقيق الأهداف العامة للنشاط البدني الرياضي

-إتاحة الفــــــــرصة لجميع الأفراد للتمتع بالنشاط البدني وتنمية المهارات الحركية الأساسية والقدرات البدنية

-أن يهدف  البرنامج إلى التقدم الحركي للمعاق والتأهيل والعلاج

-أن ينفذ البرنامج في المدارس الخاصة أو في المستشفيات والمؤسسات العلاجية

       وبشكل عام يمكن تكييف الأنشطة البدنية والرياضية للمعاقين من خلال الطرق التالية :

-تغيير قواعــــد الألعاب ( التقليل من مدة النشاط ، تعديل مساحة الملعب ، تعديل ارتفاع الشبكة أو  هدف السلة، تصغير أو -تكبير أداة اللعب ، زيادة مساحة التهديف )

-الحد من  نمط الألعاب التي تتضمن عزل أو إخراج اللاعب

-الاستعانة  بالشريك من الأسوياء أو مجموعة من الوسائل البيداغوجية ، كالأطواق والحبال ...

-إتاحة الفرصة لمشاركة كل الأفراد في اللعبة عن طريق السماع بالتغيير المستمر والخروج في حالة التعب.

-تقسيم النشاط على اللاعبين تبعا للفروق الفردية وإمكانيات كل فرد  [7]

7- طرق تعديـــــــل الأنشطة البدنية و الرياضية المعدلة :

أ-   التعديل في النواحي القانونية : هناك قوانين تحكم كل نشاط رياضي وتنظم ممارسته يمكن لك كمدرب أو مدرس أن تقوم أثناء التدريب بتعطيل بعض النواحي القانونية مثلا :  يمكن إلغاء قاعدة التسلل في كرة القدم .

ب- التعديل في عدد اللاعبين: كل نشاط رياضي له عدد معين من اللاعبين في مبارياته .

-  كرة السلة مثلا يمكن أن نزيد عدد اللاعبين ويمكن في كرة القدم أن نقلل عدد اللاعبين

ج- التعديل في الأداء المهاري للحركة : لكل مهارة حركية في أي نشاط رياضي طرق فنية في الأداء وعند عملية التعليم لابد أن نطبق هذه الفنية وكذلك مع التلاميذ أو اللاعبين ذوي الاحتياجات الخاصة ويمكن الاستغناء عن بعض الحركات على سبيل المثال :

- يمكن ممارسة الوثب الطويل من الثبات بدلا من الحركة .

- وفي كرة السلة يمكن الاستغناء عن مهارة تنطيط الكرة للاعبي الكرسي المتحرك [8].

د- التعديل في الأدوات : لكل نشاط رياضي أدوات نستخدمها أثناء الممارسة فمثلا :

- استخدام كرسي كبير ثابت أثناء دفع الجلة لحالات بتر الطرف السفلي .

- تصغير مساحة الملعب أو تكبيره حسب الحاجة إلى ذلك .

- استخدام  أجهزة خاصة للرقود على الظهر في رياضة رفع الأثقال لتناسب مثلا حالات الشلل  وموت الأطراف .

 8- تصنيفات النشاط البدني الرياضي المعدل :

8-1  النشاط الرياضي الترويحي : هو نشاط يقوم به الفرد من تلقائي نفسه بغرض تحقيق السعادة الشخصية التي يشعر بها قبل أثناء أو بعد الممارسة وتلبية حاجاته النفسية والاجتماعية ، وهي سمات في حاجة كبيرة إلى تنميتها وتعزيزها للمعاقين.

يعتبر الترويح الرياضي من الأركان الأساسية في برامج الترويح لما يتميز به من أهمية كبرى في المتعة الشاملة للفرد، بالإضافة إلى أهميته في التنمية الشاملة الشخصية من النواحي البدنية والعقلية والاجتماعية  .

إن مزاولة النشاط البدني سواء كان بغرض استغلال وقت الفراغ أو كان بغرض التدريب للوصول إلى المستويات العالية، يعتبر طريقا سليما نحو تحقيق الصحة العامة، حيث أنه خلال مزاولة ذلك النشاط يتحقق للفرد النمو الكامل من النواحي البدنية والنفسية والاجتماعية بالإضافة إلى تحسين عمل كفاءة أجهزة الجسم المختلفة كالجهاز الدوري والتنفسي والعضلي والعصبي [9].

8-2 النشاط الرياضي العلاجي :

فالنشاط الرياضي من الناحية العلاجية يساعد مرضى الأمراض النفسية والمعاقين على التخلص من الانقباضات النفسية وبالتالي استعادة الثقة بالنفس وتقبل الآخرين له ، ويجعلهم أكثر سعادة وتعاونا، ويسهم بمساعدة الوسائل العلاجية الأخرى على تحقيق سرعة الشفاء ، كالسباحة العلاجية التي تستعمل في علاج بعض الأمراض كالربو وشلل الأطفال وحركات إعادة التأهيل ، كما أصبح النشاط الرياضي يمارس في معظم المستشفيات والمصّحات العمومية والخاصة وفي مراكز إعادة التأهيل والمراكز الطبية البيداغوجية وخاصة في الدول المتقدمة ،ويراعى في ذلك نوع النشاط الرياضي، وطبيعة ونوع الإصابة، فقد تستخدم حركات موجهة ودقيقة هدفها اكتساب الشخص المعوق تحكم في الحركة واستخدام عضلات أو أطراف مقصودة [10]

8-3 النشاط الرياضي التنافسي : ويسمى أيضا بالرياضة النخبة أو رياضة المستويات العالية ، وهي النشاطات الرياضية المرتبطة باللياقة والكفاءة البدنية بدرجة كبيرة نسبيا ، هدفه الأساسي الارتقاء بمستوى اللياقة والكفاءة البدنية واسترجاع أقصى حد ممكن للوظائف والعضلات المختلفة للجسم .

9-أهمية النشاط البدني الرياضي المعدل :

قررت الجمعية الأمريكية للصحة والتربية البدنية والترويح في اجتماعها السنوي عام 1978 ، بأن حقوق الإنسان تشمل حقه في الترويح الذي يتضمن الرياضة إلى جانب الأنشطة الترويحية الأخرى، ومع مرور الوقت بدأت المجتمعات المختلفة في عدة قارات مختلفة تعمل على أن يشمل هذا الحق الخواص، وقد اجمع العلماء في مختلف تخصصاتهم في علم البيولوجيا والنفس والاجتماع بأن الأنشطة الرياضية والترويحية هامة عموما وللخواص بالذات وذلك لأهمية هذه الأنشطة بيولوجيا، اجتماعيا، نفسيا، تربويا، اقتصاديا وسياسيا.

9-1 الأهمية البيولوجية :

إن البناء البيولوجي للجسم البشري يحتم ضرورة الحركة حيث اُجمع علماء البيولوجيا المتخصصين في دراسة الجسم البشري على أهميتها في الاحتفاظ بسلامة الأداء اليومي المطلوب من الشخص العادي، أو الشخص الخاص، برغم اختلاف المشكلات التي قد يعاني منها الخواص لأسباب عضوية واجتماعية وعقلية فإن أهميته البيولوجية للخواص هو ضرورة التأكيد على الحركة يؤثر التدريب وخاصة المنظم على التركيب الجسمي، حيث تزداد نحافة الجسم وثقل سمنته دون تغيرات تذكر على وزنه وقد فحص ويلز وزملائه تأثير خمسة شهور من التدريب البدني اليومي على 12 مراهقة وأظهرت النتائج تغيرات واضحة في التركيب الجسمي، حيث تزداد نمو الأنسجة النشطة ونحافة كتلة الجسم في مقابل تناقص في نمو الأنسجة الذهنية[11]  .

9-2 الأهمية الاجتماعية :

إن مجال الإعاقة يمكن للنشاط الرياضي أن يشجع على تنمية العلاقة الاجتماعية بين الأفراد ويخفف من العزلة والانغلاق (أو الانطواء) على الذات، ويستطيع أن يحقق انسجاما وتوافقا بين الأفراد، فالجلوس جماعة في مركز أو ملعب أو في نادي أو مع أفراد الأسرة وتبادل الآراء والأحاديث من شأنه أن يقوي العلاقات الجيدة بين الأفراد .

ويجعلها أكثر إخوة وتماسكا، ويبدو هذا جليا في البلدان الأوربية الاشتراكية حيث دعت الحاجة الماسة إلى الدعم الاجتماعي خلال أنشطة أوقات الفراغ لإحداث المساواة المرجوة والمرتبطة بظروف العمل الصناعي.

فقد بين قبلهم Veblen في كتاباته عن الترويح في مجتمع القرن التاسع عشر بأوربا أن ممارسة الرياضة كانت تعبر عن انتماءات الفرد الطبقية، أو بمثابة رمز لطبقة اجتماعية خصوصا للطبقة البورجوازية، إذ يتمتع أفرادها بقدر أوفر من الوقت الحر يستغرقونه في اللهو واللعب منفقون أموالا طائلة وبذخا مسرفا متنافسون على أنهم أكثر لهوا وإسرافا . .وقد استعرض كوكيلي الجوانب والقيم الاجتماعية للرياضة و الترويج فيما يلي : الروح الرياضية التعاون تقبل الآخرين بغض النظر عن الآخرين، التنمية الاجتماعية، المتعة والبهجة، اكتساب المواطنة الصالحة، التعود على القيادة والتبعية، الارتقاء والتكيف الاجتماعي.

9-3  الأهمية النفسية :

بدأ الاهتمام بالدراسات النفسية منذ وقت قصير، ومع ذلك حقق علم النفس نجاحا كبيرا في فهم السلوك الإنساني، وكان التأكيد في بداية الدراسات النفسية على التأثير البيولوجي في السلوك وكان الاتفاق حينذاك علي أن هناك دافع فطري يؤثر على سلوك الفرد، واختار هؤلاء لفظ الغريزة على أنها الدافع الأساسي للسلوك البشري، وقد أثبتت التجارب التي أجريت بعد استخدام كلمة الغريزة في تفسير السلوك أن هذا الأخير قابل للتغير، وفق ظروف معينة إذ أن هناك أطفالا لا يلعبون في حالات معينة عند مرضهم عضويا أو عقليا، وقد اتجه الجيل الثاني إلى استخدام الدوافع في تفسير السلوك الإنساني وفرقوا بين الدافع والغريزة بان هناك دوافع مكتسبة على خلاف الغرائز الموروثة .

9-4 الأهمية التربوية :

بالرغم من أن الرياضة والترويح يشملان الأنشطة التلقائية فقد اُجمع العلماء على ان هناك فوائد تربوية تعود على المشترك، فمن بينها ما يلي :

*تعلم مهارات وسلوك جديدين : هناك مهارات جديدة يكتسبها الأفراد من خلال الأنشطة الرياضية على سبيل المثال مداعبة الكرة كنشاط ترويحي تكسب الشخص مهارة جديدة لغوية ونحوية، يمكن استخدامها في المحادثة والمكاتبة مستقبلا.

*تقوية الذاكرة : هناك نقاط معينة يتعلمها الشخص أثناء نشاطه الرياضي والترويحي يكون لها أثر فعال على الذاكرة، على سبيل المثال إذا اشترك الشخص في ألعاب تمثيلية فان حفظ الدور يساعد كثيرا على تقوية الذاكرة حيث أن الكثير من المعلومات التي تردد أثناء الإلقاء تجد مكان في مخازن المخ ويتم استرجاع المعلومات عند الحاجة إليها عند الانتهاء من الدور التمثيلي وأثناء مسار الحياة العادية.

*اكتساب القيم : إن اكتساب معلومات وخبرات عن طريق الرياضة والترويح يساعد الشخص على اكتساب قيم جديدة إيجابية، مثلا تساعد رحلة على اكتساب معلومات عن هذا النهر، وهنا اكتساب لقيمة هذا النهر في الحياة اليومية، القيمة الاقتصادية، القيمة الاجتماعية كذا القيمة السياسية.

9-5  الأهمية العلاجية :

يرى بعض المختصين في الصحة العقلية، أن الرياضة الترويح يكاد يكون المجال الوحيد الذي تتم فيه عملية التوازن النفسي" حينما تستخدم أوقات فراغنا استخداما جيدا في الترويح :

تلفزيون، موسيقى، سينما، رياضة، سياحة ... شريطة ألا يكون الهدف منها تمضية وقت الفراغ، كل هذا من شأنه أن يجعل الإنسان أكثر توافقا مع البيئة وقادرا على الخلق والإبداع

وقد تعيد الألعاب الرياضية والحركات الحرة توازن الجسم، فهي تخلصه من التوترات العصبية ومن العمل الآلي، وتجعله كائنا أكثر مرحا وارتياحا فالبيئة الصناعية وتعقد الحياة قد يؤديان إلى انحرافات كثيرة، كالإفراط في شرب الكحول والعنف، وفي هذه الحالة يكون اللجوء إلى ممارسة الرياضة و البيئة الخضراء والهواء الطلق والحمامات المعدنية وسيلة هامة للتخلص من هذه الأمراض العصبية، وربما تكون خير وسيلة لعلاج بعض الاضطرابات[12].

10- النظريات المرتبطة بالنشاط البدني الرياضي المعدل :

10-1 نظرية الطاقة الفائضة  (نظرية سينسر وشيلر)

تقول هذه النظرية أن الأجسام النشيطة الصحيحة، وخاصة للأطفال، تختزن أثناء أدائها لوظائفها المختلفة بعض الطاقة العضلية والعصبية التي تتطلب التنفيس الذي ينجم عنه اللعب .

وتشير هذه النظرية إلى أن الكائنات البشرية قد وصلت إلى قدرات عديدة، ولكنها لا تستخدم كلها في وقت واحد، وكنتيجة لهذه الظاهرة توجد قوة فائضة ووقت فائض، لا يستخدمان في تزويد احتياجات معينة، ومع هذا فان لدى الإنسان قوى معطلة لفترات طويلة، وأثناء فترات التعطيل هذه تتراكم الطاقة في مراكز الأعصاب السليمة النشطة ويزداد تراكمها وبالتالي ضغطها حتى يصل الى درجة يتحتم فيها وجود منفذ للطاقة واللعب وسيلة ممتازة لاستنفاذ هذه الطاقة الزائدة المتراكمة .[13]

10-2 نظرية الإعداد للحياة :

يرى كارل جروس الذي نادى بهذه النظرية بأن اللعب هو الدافع العام لتمرين الغرائز الضرورية للبقاء في حياة البالغين، وبهذا يكون قد نظر إلى اللعب على أنه شيء له غاية كبرى، حيث يقول : أن الطفل في لعبه يعد نفسه للحياة المستقبلية، فالبنت عندما تلعب بدميتها تتدرب على الأمومة، والولد عندما يلعب بمسدسه يتدرب على الصيد كمظهر للرجولة .

10-3 نظرية الإعادة والتخليص :

يرى ستانلي هول الذي وضع هذه النظرية أن اللعب ما هو إلا تمثيل لخبرات وتكرار للمراحل المعروفة التي اجتازها الجنس البشري من الوحشية إلى الحضارة، فاللعب كما تشير هذه النظرية هو تخليص وإعادة لما مر به الإنسان في تطوره على الأرض، فلقد تم انتقال اللعب من جيل إلى آخر منذ أقدم العصور .من خلال هذه النظرية يكون ستانلي هول قد اعترض لرأي كارول جروس ويبرر ذلك بأن الطفل خلال تطوره يستعيد مراحل تطور الجنس البشري، اذ يرى أن الأطفال الذين يتسلقون الأشجار هم في الواقع يستعيدون المرحلة القردية من مراحل تطور الإنسان[14]

10-4  نظرية الترويح :

يؤكد "جتسي مونس" القيمة الترويحية للعب في هذه النظرية ويفترض في نظريته أن الجسم البشري يحتاج إلىاللعب كوسيلة لاستعادته حيويته فهو وسيلة لتنشيط الجسم بعد ساعات العمل الطويلة .

الراحة معناها إزالة الإرهاق أو التعب البدني والعصبي وتتمثل في عملية الاستراحة، الاسترخاء في البيت أو في الحديقة أو في المساحات الخضراء أو على الشاطئ …… إلخ  [15].

10-5  نظرية الاستجمام :

تشبه هذه النظرية إلى حد كبير نظرية الترويح، فهي تذهب إلى أن أسلوب العمل في أيامنا هذه أسلوب شاق وممل، لكثرة استخدام الفضلات الدقيقة للعين واليد، وهذا الأسلوب من العمل يؤدي إلى اضطرابات عصبية إذا لم تتوفر للجهاز البشري وسائل الاستجمام واللعب لتحقيق ذلك .هذه النظرية تحث الأشخاص على الخروج إلى الخلاء وممارسة أوجه نشاطات قديمة مثل : الصيد والسباحة والمعسكرات، ومثل هذا النشاط يكسب الإنسان راحة واستجماما يساعدانه على الاستمرار في عمله بروح طيبة.

11- النشاط البدني الرياضي المعدل و المتوحدين :

11-1التنمية البدنية :

يعبر هدف التنمية البدنية والرياضية عن إسهام النشاط البدني والرياضي في الارتقاء بالأداء الوظيفي الإنساني ولأنه يتصل بصحة المعاق، ولياقته البدنية ، فهو يعد من أهمية النشاط البدني والرياضي إن لم يكن أهمها على الإطلاق ويطلق عليها أهم المدارس المختصة في التنمية العضوية لأنه يعتمد على تحسين وظائف الجسم من أجل الأنشطة البدنية المركبة المختارة وكذلك المحافظة على مستوى أداء هذه الوظائف وصيانتها وتتمثل أهمية هذا الهدف على أنه من الأهداف المقصورة على النشاط الرياضي. [16]

11-2التنمية النفسية :

يعتبر هدف التنمية النفسية للمعاق من خلال مختلف القيم والخبرات والخصال الانفعالية المقبولة تكسب برامج النشاط الرياضي والبدني الممارس لها بحيث يؤثر النشاط الرياضي والبدني على الحياة الانفعالية للمعاق حركيا لأنه يتغلغل إلى مستويات السلوك فباكتساب المهارة الحركية تنمي مفهوم الذات وتكسب الثقة بنفس المهارة الحركية توفر طاقة للعمل وتساعد على اكتساب اللياقة البدنية ، فالمهارة الحركية تمكن الفرد من الدفاع عن النفس وزيادة فرص الامان .[17]

11-3التنمية الاجتماعية :

النشاط الرياضي البدني يساعد بلا شك كثيرا في إعادة تأهيل الأشخاص المعاقين ويساعدهم على التخلص من الضغوطات النفسية ويدعمهم معنويا فالمعاق له الحق في الاندماج الاجتماعي كغيره من الأسوياء وكذا محاولة تكييفه مهنيا ويستفيد من كل الامتيازات الحياتية والعادية العامة والاجتماعية الحديثة لحضاراتنا، فالمعاق هو فرد مثل الآخرين لكن بوسائله وطرقه المختلفة .

 


الخلاصة:

        استنتجنا من خلال العرض التحليلي لهذا الفصل أنه بواسطة النشاط البدني الرياضي المعدل يتمكن المعاق من الاحتكاك بأكبر قدر ممكن من الأفراد الآخرين، والتعامل معهم بطريقة عادية وجيدة، والخروج من عزلته متناسيا آلامه، وتحقيق راحته النفسية وإعادة ثقته بنفسه من خلال ما يقدمه من نشاطات وأعمال تبين مسؤوليته وقدرته على العطاء والتعبير شعوره.

فالنشاط البدني الرياضي المعدل يساعد المعوق في وضع حدود لصورته الجسدية ويعلمه الصبر والهدوء والاستقرار والتحكم في السلوك والتصرفات، كما يساعده في اكتساب الثقة بالنفس.


[1]   إبراهيم رحمة : تأثير الجوانب الصحية على النشاط البدني الرياضي ، دار الفكر للطباعة والنشر،ط1،عمان ، 1998،ص22

[2]  أمين أنور الخولي : الرياضة و المجتمع ، عدد 216 ، سلسلة عالم المعرفة ، الكويت ، 1996، ص 65

[3] حمد عوض البسيوني: نظريات وطرق التربية البدنية والرياضية، ديوان المطبوعات الجامعية، ط 2، الجزائر، 1992 ، ص 99

[4]  قاسم حسن حسين، علم النفس الرياضي ومبادئه وتطبيقاته في مجال التدريب، مطابع .التعليم العالي، بغداد،1990 ص 65

[5]  حلمي إبراهيم ، د /ليلى السيد فرحات : التربية الرياضية و الترويح للمعوقين ، دار الفكر العربي .ط 1 القاهرة1998 ، ص 223

 

[6] منشورات الفيدرالية الجزائرية لرياضة المعاقين ،سنة 1996،ص54

[7]  حلمي إبراهيم ، د /ليلى السيد فرحات : التربية الرياضية و الترويح للمعوقين ، دار الفكر العربي .ط 1 القاهرة1998 ، ص 74-79

[8]  عبد الرحمن العسوي : الأمراض النفسية وعلاجها ، دار المعرفة الجامعية ، القاهرة ،2005 ص 12

[9]  إبراهيم رحمة : تأثير الجوانب الصحية على النشاط البدني الرياضي ، دار الفكر للطباعة و النشر .ط 1 عمان ، 1998 ، ص 09

[10]  Roi (B) , activité physique et sportive adaptée aux handicapes mentaux, poa,50RM , 1993.P5-6

 

[11]  أمين أنور الخولي ، أسامة كامل راتب : التربية الحركية للطفل ، دار الفكر العربي ،ط 2 ، القاهرة 1996 ، ص 150

[12] A. Domort & al " Nouveau larousse mèdical "- librairie- larousse paris-1986،P589.

[13]  محمد عادل خطاب : النشاط الترويحي و برامجه ، ملتزم الطبع و النشر ، مكتبة القاهرة الحديثة، 1994،ص56-57

[14] آمال درويش ، أمين الخولي : أصول الترويح و أوقات الفراغ ، دار الفكر العربي ، ط 1 ، القاهرة  1990 ، ص 227

[15] A. Domort & al " Nouveau larousse mèdical "- librairie- larousse paris-1986  ، P221.

 

[16]أمين أنور الخولي ، الرياضة و المجتمع ، عدد 216 ، سلسلة عالم المعرفة ، الكويت ، 1980 ، ص 134.

[17] عصام عبد الخالق، التمرين الرياضي نظريات وتطبيقات، دار الكتب الجامعية 1986 . ، ص 17

NameEmailMessage