تمهيد:
ينص الامر
المنظم للصفقات العمومية في فصله السابع علي شفافية الاجراءات كأحد المبادئ
الاساسية التي يقوم عليها ابرام الصفقات العمومية الي جانب مبدأ المساواة و تكافئ
الفرص بين المترشحين للطلب العمومي و اللجوء الي المنافسة. و قد صدرت قبل هذا
التاريخ ، عدة مناشير عن الوزير الاول حول ص.ع. و هي تشير الي الشفافية كوسيلة
لضمان نجاعة الطلب العمومي. فتكريس هذا المبدأ فيه مواكبة للتطورات التي عرفتها
عديد من النصوص القانونية علي المستوي الدولي ، من ذلك معاهدة المنظمة العالمية
للتجارة حول ص.ع التي خصصت فصلا ضمن احكامها يتعلق بالشفافية و الاوامر التوجيهية
الاوروبية المتعلقة بالصفقات العمومية.
كذلك اجمع الفقه المقارن علي انه زيادة علي
الاليات القانونية لحماية النفقات العمومية و المنظمة بموجب قوانين الصفقات
العمومية لابد من تنظيم اليات اخري علي مستويات متعددة تكمل الدور الذي يلعبه
القانون في هذا الاطار ، و لعل من اهم هذه الاليات العمل القضائي ، خاصة في ضل
التخصص الذي جنحت له معظم الانظمة القضائية في العالم بإحداث القضاء الاداري كجهة
مستقلة مختصة بالفصل في المنازعات الادارية.
بناءا علي ما
سبق تم تقسيم هذا الفصل الي مبحثين :
المبحث الاول :
نتناول فيه الشفافية في الصفقات العمومية.
المبحث الثاني
: نتناول فيه الرقابة القضائية علي الصفقات العمومية.
المبحث الأول : الشفافية في الصفقات العمومية:
ينص الامر
المنظم للصفقات العمومية المؤرخ في 17 ديسمبر [1]2002
في فصله السابع علي شفافية الاجراءات كأحد المبادئ الاساسية التي يقوم عليها ابرام
الصفقات العمومية الي جانب مبدأ المساواة و تكافؤ الفرص بين المترشحين للطلب
العمومي و اللجوء الي المنافسة. و قد صدرت قبل هذا التاريخ ، عدة مناشير عن الوزير
الاول حول الصفقات العمومية[2]
و هي تشير الي الشفافية كوسيلة لضمان نجاعة الطلب العموم.
فتكريس هذا المبدأ فيه مواكبة للتطورات التي عرفتها
العديد من النصوص القانونية علي المستوي الدولي ، من ذلك معاهدة المنضمة العالمية
للتجارة حول الصفقات العمومية التي خصصت فضلا ضمن احكامها يتعلق بالشفافية[3]
و الاوامر التوجيهية الاوروبية المتعلقة بالصفقات العمومية.[4]
و عليه تم تناول هذا العنصر في مطلبين علي النحو التالي
:
المطلب الاول : نتناول
تكريس الشفافية علي مستوي اجراءات الابرام.
المطلب الثاني : تدعيم
منقوص الشفافية.
المطلب الأول : تكريس الشفافية علي مستوي اجراءات الابرام:
تقتضي دراسة
الشفافية التعرض لعلاقاتها بالدعوة الي المنافسة (الفرع الاول) ، و بواجب الاعلام
المحمول علي المشتري العمومي (الفرع الثاني).
الفرع الاول : الشفافية و دعوي المنافسة:
تتدخل الشفافية
لحماية المنافسة عند الابرام (اولا) ، و كذلك عند التنفيذ (ثانيا).
أولا : الشفافية عند ابرام الصفقة العمومية:
كرس الامر
المنظم للصفقات العمومية مبدأ اللجوء الي المنافسة منذ فصله السابع اذ اعتبره من
المبادئ الاساسية التي يقوم عليها ابرام كل الصفقات العمومية ، و حدد في عديد من
فصوله كيفية الدعوة للمنافسة بين مختلف المترشحين. و يعتبر هذا المبدأ من اقدم
المبادئ التي يخضع لها ابرام ًص.ع و اكثر المبادئ استقرارا في ٌق.ص.ع.[5]
فتكون دعوة للمنافسة في الصفقات العمومية باللجوء الي
شكليات مختلفة تستجيب لواجب اكساء عملية الشراء العمومي بالشفافية. تظهر العلاقة
بين المبدأين وطيدة ذلك ان الشفافية تم اعتبارها من مستلزمات الديمقراطية اذا تعلق
الامر باستعمال الاموال العمومية. و قد وصف احد الفقهاء ص.ع بأنها " مرحلة
متقدمة من الشفافية"[6]
ذلك ان اعلان الادارة عن حاجيات تعتزم تسديدها يؤدي الي تقديم عروض من قبل
المشاركين في ص.ع يجب علي هذه الاخيرة اخذها بعين الاعتبار عند ابرام الصفقة.
تظهر هذه العلاقة بين المنافسة و الشفافية عند ابرام ص.ع
علي مستويين : من جهة المشتري العمومي (1)
و من جهة المشاركين في الصفقة (2).
1 : من جهة المشتري العمومي
:
بعد تحديد
حاجيات الادارة او المنشأة العمومية و ضبط موضوع ًص.ع علي المشتري العمومي اختيار
طريقة ابرام نصت عليها احكام الامر المنظم للصفقات العمومية. ينحصر اختيار المشتري
العمومي في طريقة ابرام مبدئية اي طلب العروض الذي يمكن ان يكون مفتوحا او مسبوقا
بانتقاء ، و طرق ابرام استثنائية تكون فيها المنافسة اما شبه شكلية (طلب العروض مع
المناظرة ، طلب العروض علي مرحلتين[7])
او غير شكلية (الاستشارة الموسعة) او المنعدمة (التفاوض المباشر).
فيجب علي المشتري العمومي (لتلبية حاجياته موضوع الصفقة)
، ان يعبر عن طلبه طبقا لشكليات تضمن شفافية العملية و بالتالي الالتجاء لطريقة
ابرام تكون المنافسة فيها مفتوحة و شكلية. يقتضي مبدأ الشفافية الالتجاء الي
"الاجراء المفتوح"[8]
لضمان مشاركة كل المترشحين دون تمييز.
فتفترض الدعوة الي المنافسة حرية المشاركة في
الصفقات العمومية و مساواة كل المترشحين و هي تتطلب قدرا من الشفافية علي مستوي
طلب م.ع. و لا تضمن كل طرق الابرام ، بالرغم من تعددها ، مشاركة مفتوحة لمختلف
المترشحين الفرضيين. و يعتبر طلب العروض المفتوح ، بعد التخلي عن تنظيم المناقصة
العمومية ، طريقة الابرام المفتوحة ضمن احكام الامر 2002. يضبط الامر اجراءات
الابرام من خلال التنصيص علي جملة من الشكليات علي م.ع احترامها عند اللجوء الي
المنافسة، تستجيب جل هذه الشكليات لمستلزمات و متطلبات الشفافية التي لا توجد الا
من خلال هذه الشكليات.
يفرض الامر 2002 ضمن فصله السابع ، الي جانب اقراره
مبادئ الابرام ، علي م.ع اتباع اجراءات واضحة و مفصلة لكل مراحل ابرام ص.ع ،
فاشتراط الوضوح و التفصيل هو في صميم ما تقتضيه الشفافية. يختار المشتري العمومي
باختياره لطلب العروض المنافسة الشكلية[9]
، ذلك ان الامر يخص هذه الطريقة لإبرام بعديد من الشكليات و خاصة منها طلب العروض
المفتوح الذي يمثل طريقة الابرام التي
حظيت بعديد من القواعد القانونية المتعلقة بكافية مراحل الدعوة للمنافسة.
اما لجوء
الادارة او المنشاة العمومية لطرق الابرام الاستثنائية فيجب تبريره. و حتى في هذه
الحالة يجب الالتزام بقواعد الشفافية و المساواة من قبل م.ع طبقا لأحكام الفقرة
الثانية من الفصل السابع. هذا يعني انه مطالب في كل الحالات بإيضاح و اظهار عملية
الابرام. تجدر الاشارة هنا الي ان طرق الابرام غير خاضعة للمنافسة تبقي استثنائية
جدا و الالتجاء اليها مقيد بترخيص مسبق.[10]
إن التطور
الذي عرفته طرق الابرام ص.ع في القانون التونسي يبين رغبة في ارساء اجراءات تضمن
الشفافية. و يظهر هذا التوجه من خلال اعادة تنظيم طلب العروض و التخلي عن تنظيم
المناقصة العمومية ضمن احكام الامر الحالي لسنة 2002. تعتبر المناقصة العمومية
اجراء شفاف بطبيعته اذ ان جلسات فتح الظروف علنية و اسناد الصفقة العمومية يكون
بصفة الية للعرض الاقل ثمنا.
يجب علي م.ع احترام اجراء ثاني عند الدعوة للمنافسة و هو
الاشهار. اقترن واجب الاشهار في الاوامر التوجيهية الاوروبية.
إعتبرت محكمة
العدل الاوروبية ان الاخذ بعين الاعتبار للتغيرات التي ادخلها المترشح واحد لعرضه
بعد الاجل الاقصي لقبول العروض فيه اخلال بمبدأ المساواة بين مختلف العارضين و مسئ
لشفافية الاجراءات. و اكدت نفس المحكمة ان واجب الشفافية يهدف لضمان احترام مبدأ
المساواة عند معاملة كافة العارضين وانه يجب علي كل طرق ابرام الصفقات العمومية الخاضعة
للأوامر التوجيهية الاوروبية ان تتقيد بالشفافية.
و قد وسعت محكمة العدل الاوروبية[11]
في مجال انطباق مبدأ الشفافية اذ شمل طبيعة معايير اسناد ص.ع التي يضعها المشتري
العمومي.
فأقرت في هذا الشأن ان محتوي مبدأ الشفافية هو ضمان
احترام مساواة المشاركين و حياد إجراءات المناقصة.
فيجب ان تكون معايير الاسناد المختارة بطبيعتها و
بمضمونها تضمن احترام مختلف هذه الشروط.[12]
يبدو واجب الاشهار كأنه ترجمة لمبدأ شفافية الاجراءات في
ًص.ع.
2 : من جهة المترشحين :
يجب علي
المترشح للطلب العمومي احترام بعض الشروط لضمان شفافية الاجراءات. فتقديم العرض
يخضع لمستلزمات الشفافية.
اولي هذه الشروط ، احترام المترشح لقواعد المنافسة
الشريفة اي ان الاتفاقات ممنوعة حيث قد تجعل هذه الاتفاقات المشتري العمومي يخطئ
عند اسناده للصفقة العمومية. تخضع اتفاقات المترشحين للصفقة العمومية. تخضع
اتفاقات المترشحين للصفقة العمومية و المخلة بالمنافسة لمراقبة مجلس المنافسة.[13]حيث
يفرض قانون المنافسة علي المترشحين نزاهتهم في التنافس و يسلط جزاء عند الاخلال
بهذه القواعد.[14]
يقر هنا الامر الترتيبي المنظم للصفقات العمومية شفافية
التنافس.
حيث يمنع علي
صاحب الصفقة العمومية ابرام عقد المناولة موضوعه تكليف غيره بتنفيذ ص.ع إلا اذا
حصل علي ترخيص كتابي من قبل المشتري العمومي يؤول عدم احترام هذا الشرط الي تمكين
هذا الاخير من فسخ الصفقة العمومية ، اذ لا تطبق الشفافية علي مستوي التقدم و
المشاركة في الصفقة العمومية فقط بل علي مستوي اخر متمثل في مصداقية و امانة
المترشح للصفقة العمومية.[15]
تتغير وضيفة
الشفافية لتصل الي مستوي تنفيذ عقد الصفقة العمومية. فكل مترشح عليه عند تقديم
عرضه ان يقدم مجموعة من السندات تبين مدي قدرته علي تنفيذ ص.ع.
ثانيا : الشفافية عند تنفيذ الصفقة العمومية :
لا تخضع مرحلة تنفيذ الصفقة العمومية مبدئيا للشفافية ،
فالصفقة هي عقد و العلاقة التعاقدية تطغي عليها المعطيات الشخصية التي تتعارض مع
الشفافية. لكن هذا لا يمنع من اخضاع مرحلة التنفيذ لبعض القواعد التي تستجيب
لمستلزمات الشفافية.
يجب علي كل صفقة عمومية ان يتم في شانها ختم نهائي يعرض
علي لجنة الصفقات المختصة.[16]
عادة ما
يكون في الواقع ثمن الصفقة العمومية عند الخلاص مختلفا عن الثمن الاصلي المضمن بها
و اسباب ذلك متعددة و مرتبطة بظروف تنفيذ ص.ع.
يقتضي مد
لجنة الصفقات المختصة بمعلومات حول خلاص الصفقات تقديم تبريرات حول الفوارق بين
الثمن الذي تضمنته ص.ع و المبلغ النهائي الذي تسلمه صاحب الصفقة. فيشترط ان يقدم
م.ع مع مشاريع الختم النهائي للصفقة العمومية تقريرا مفصلا و ممضيا من قبله يتضمن
تقييما لكيفية الانجاز و تحليلا للفوارق بين التقديرات و كشف الحساب النهائي.[17]
يمكن للجنة الصفقات ، من خلال هذه الامكانية ، التثبت من
مراحل تنفيذ الصفقة العمومية و التفطن لمدي توفر زيادة و تضخيم في ثمن الخلال
النهائي. وبالتالي يمكن ، التثبت في مرحلة لاحقة لإبرام الصفقة العمومية من مدي
نزاهة المنافسة ، وهل ان اسناد ص.ع كان نتيجة تواطئ بين الطرفين. فقد يعمد المترشح
تقديم ثمن منخفض لقناعة تولدت لديه او وعد من طرف الادارة او المنشاة العمومية ان
ابرام ملحق او ملاحق تتضمن الترفيع في ثمن الصفقة العمومية ممكن بعد الشروع في
التنفيذ اذ ان مراجعة الثمن تبقي واردة في حالة تحديد شروط المراجعة ضمن بنود
الصفقة العمومية(فان تضمنت الصفقة امكانية تعديل الاسعار يحق مبدئيا لصاحب الصفقة
العمومية الانتفاع بذلك[18]).
اذن ، تمكن
شفافية تنفيذ الصفقة العمومية من حماية المنافسة عند ابرام الصفقة ، حماية تمارس
بصفة رجعية من خلال اقرار اجراءات و قواعد تهدف لإدخال الشفافية في مرحلة التنفيذ.
تعرض مشاريع
تلك الملاحق علي مراقبة لجنة الصفقات العمومية المختصة. لئن لم يمنع الامر
الترتيبي م.ع من ابرام ملاحق طبقا لحرية التعاقد و نظرا لكون الملحق ذا طابع
تكميلي و فرعي ، فانه يجب علي الاطراف ان لا يسيئوا استعمال هذه الحرية بإعطاء صفة
الملحق لعقد هو في الاصل لا يمثل امتدادا للصفقة العمومية ذلك ان هذه الوسيلة قد
تفضي في اخر الامر الي ابرام صفقات عمومية جديدة دون اخضاعها لإجراءات الابرام.[19]
تكون باطلة حسب مجلس الدولة الفرنسي ، الملاحق التي تمثل
عقودا جديدة.[20] و تقر
المحكمة الادارية بعبارات عامة انه لا يحق للإدارة تعديل موضوع الصفقة او تغيير
طبيعة اللالتزامات التي تم الاتفاق عليها. لا يمكن للملحق مبدئيا تغيير طبيعة
الالتزام الاصلي. يكون العقد جديدا اذا كان موضوعه غير قابل للاستيعاب من قبل
العقد الاصلي. فيجب ان يكون الموضوع جديد قابل في نفس الوقت للاستجابة لمصالح
الاطراف و يمكن من تحقيق الهدف الذي لتحقيقه الاتفاق الاصلي. تبقي في خلاف ذلك
قابلية الاستيعاب منقوصة و تؤدي لفشل التغيير و انحلاله و بالتالي بعث التزام
جديد.[21]
لكن تبقي هذه الحماية للمنافسة من خلال ترسيخ نظام اعلام
عن تنفيذ ص.ع و بالتالي رقابة علي طرفي العقد محدودة ضمن احكام الامر.
لئن يهدف هذا الاجراء الي اخضاع الملاحق ذات القيمة
المالية الهامة لرقابة هيئة المتابعة و بالتالي الي تقييد حرية المشتري العمومي في
تنفيذ الصفقة العمومية ، فانه يطرح اشكالا بالنظر من الجهة ، الي المبادئ التي
يقوم عليها الطلب العمومي و خاصة منها مبدأ اللجوء الي المنافسة.
و نتساءل هل
ان الملحق الذي يؤدي الي الترفيع في المبلغ الاجمالي للصفقة العمومية بخمسين
بالمائة او اكثر له صبغة تكميلية ام يمثل عقدا جديدا يجب ابرامه و اخضاعه للمنافسة
و الاشهار؟
اذا رفع
الملحق في ثمن ص.ع بأكثر من خمسين بالمائة فقد تصل قيمته في اغلب الحالات الي
السقف المحدد بالفصل 3 من الامر 2002 الموجب لإبرام صفقة كتابية فهو بالتالي
منطقيا ابرام صفقة عمومية جديدة. لكن تبقي مسالة موكلة لاجتهاد هيئة المتابعة و
المراجعة.[22]
و قد اقرت
المحكمة الادارية في هذا الشأن انه "ما كان علي الادارة ان تلجا في صورة
الحال الي الالتزام بطريقة الملحق لكونه يشكل احد طرق التعاقد بالاتفاق
المباشر".
تضيف المحكمة انه " ما كان علي الادارة ان تلتزم
بطريقة الطلبية لان هذه الطريقة لا يخولها لها الفصل الثاني من الامر (1989) إلا
بالنسبة للأشغال التي تقل قيمتها عن العشرين الف دينار" . معني ذلك انه اذا
بلغت قيمة الطلب العمومي موضوع الملحق السقف الترتيبي المحدد لإبرام صفقة عمومية
كتابية علي الادارة اعمال المنافسة. و تؤكد المحكمة الادارية علي ان هذه "
الاحكام تهم النظام العام لتعلقها بحسن التصرف في الاموال العمومية و انها ملزمة
بان تثير الاخلال بها من تلقاء نفسها و ترتب عليها بطلان الاعمال التي لم يقع فيها
مراعاتها".[23]
الفرع الثاني : الشفافية وواجب الاعلام:
اذا كانت الشفافية تفيد الاظهار ، فان الاعلام عن الصفقة
العمومية يمثل الوسيلة لتحقيق ذلك. فالبحث عن شفافية النشاط الاداري حسب احد
الفقهاء يقتضي اما تقديم المعلومة بصفة احادية ، او اكثر من ذلك مخاطبة مختلف
الاطراف المعنية و بعث تحاور فعلي يفترض الاخذ بعين الاعتبار الاجابات بتنوعها.[24]
اذا كان واجب الاعلام محمولا علي المشتري العمومي
باعتباره المنظم للمنافسة و لكامل عملية الشراء العمومي ، فان كيفية و طبيعة
الاعلام تختلف حسب اختلاف المعنيين به ان كان مترشحا للصفقة العمومية (اولا) او
هيئة المراقبة و الرأي العام (ثانيا).
يكون الاعلام اما عن شروط المشاركة في الصفقة العمومية و
هو مرتبط بالتالي بالدعوة للمنافسة (1) او اعلام عن الصفقة ذاتها (2).
1 : الاعلام بشروط المشاركة
:
لا يكتفي الامر المنظم للصفقات العمومية بإقرار مبادئ
الابرام ، بل يعطي بعض العناصر التي تمكن من تحديد مضمونها و انعكاساتها علي مستوي
واجبات المشتري العمومي.
فضرورة اتباع اجراءات واضحة و مفصلة لكل مراحل ابرام
الصفقة اقترن بواجب اعلام المشاركين بها.يربط
النص صراحة بين مبادئ الابرام (المساواة امام الطلب
العمومي ، شفافية الاجراءات و اللجوء الي المنافسة)
وواجب اعلام
المشاركين بشروط المشاركة ، فتقتضي الشفافية مد المؤسسات المشاركة في الطلب
العمومي بالمعلومات المتعلقة بمختلف مراحل ابرام ص.ع لتمكينهم من المشاركة في
المنافسة. سوف يمكن الاعلام هنا المتنافسين الفرضيين من ممارسة حقهم في التقدم
للصفقة العمومية ، فمبدأ حرية المشاركة ان لم تفصح عنه صراحة التراتيب المتعلقة
بالصفقات العمومية علي غرار المبادئ الاخري ، فان تكريسه بالنص التشريعي لا جدال
فيه.[25]
و عليه ، فان
حق كل مشارك في التقدم للصفقة العمومية المستمد من مبدأ حرية المشاركة يخول له
الحق في الحصول علي المعلومات الكافية للممارسة هذه الحرية ، ومن ثم ، فان واجب
اعلام المترشحين بشروط المشاركة ان كان يمثل احد مظاهر الشفافية ، فهو يمكن من
ممارسة احدي الحريات التي يقوم عليها ق.ص.ع.حيث لم يفرض واجب الاعلام علي المشتري
العمومي ، بل اكد كذلك علي سرعة الاعلام بإجراءات الصفقة العمومية و فرض كذلك
تقديم اجابة للمشاركين الذين يطالبون باستفسارات قبل انقضاء التاريخ الاقصي لقبول
العروض بعشرة ايام علي الاقل. يمثل تحديد اجل الاعلام قاعدة شكلية هامة ، اذ يعطي
لواجب الاعلام كل معناه و الوظيفة المرجوة منه و المتمثلة في تمكين المشاركين من
التقدم للصفقة العمومية. فإجابة الادارة بصفة متأخرة قد يفوت علي المشارك الذي طلب
توضيحات متعلقة بشروط المشاركة فرصة التقدم للصفقة العمومية و الفوز بها.[26]
يظهر واجب اعلام المترشحين بإجراءات الابرام كذلك من
خلال واجب تضمين الاعلان عن المنافسة تاريخ و مكان جلسة فتح الظروف الفنية ، ان
كانت علنية. تمكن هذه المعلومة كل المترشحين من حضور جلسة فتح الظروف اذا اقر
المشتري العمومي علنيتها. يظهر الاعلام هنا كوسيلة لتحقيق شفافية جلسة فتح الظروف.[27]
كذلك يفرض علي المشاركين الذين قبلت عروضهم الفنية ،
تقديم عروضهم المالية مباشرة للجنة فتح الظروف ، و كأنه يحث او يجبر من خلال هذا
الاجراء العارضين علي حضور الجلسة.
و تبدو كذلك
شفافية جلسة فتح الظروف المالية من خلال الطريقة التي يفرضها النص في التصريح عن
محتوي العروض . فلابد ان تقوم اللجنة خلال الجلسات العلنية بقراءة الاسماء و
المبالغ المالية و كذلك التخفيضات المقترحة بصوت مسموع وواضح. يتعلق هذا الشرط بكل
الجلسات العلنية و بالتالي ينطبق علي جلسات فتح الظروف الفنية عندما يتم اختيار
علانيتها.[28]
2 : الاعلام عن الصفقة
العمومية :
لا يقتصر واجب الاعلام علي تقديم معلومات عن شروط
المشاركة في الصفقة بل يتعلق كذلك بإسناد الصفقة العمومية و بأسباب رفض عروضهم.
توجب عدة فصول من الامر الترتيبي علي الادارة او المنشاة
العمومية اعلام المشاركين بالأسباب التي رفضت من اجلها عروضهم. يقدم المشتري
العمومي علي اثر عملية فتح الظروف، كتابيا لكل مشارك يطلب ذلك اسباب رفض عرضه ،
يلزم كذلك المشتري العمومي ، عند اسناد ص.ع لصاحبها ، اعلام كل مشارك يطلب ذلك ،
عند سبب اقصاء عرضه. اذا تم اعلان طلب العروض غير مثمر نفس الواجب محمول علي
الادارة او المنشاة العمومية.[29]
يفرض اخيرا الامر علي المشتري العمومي نشر نتائج طلب
العروض علي لوحة اعلانات موجهة للعموم. فواجب الاعلام عن صاحب ص.ع هنا غير موجه
للمشاركين فقط بل للكافة.
ما تجدر
ملاحظته هنا ، هو عدم تكريس الامر المنظم للصفقات العمومية لواجب نشر الاعلان عن
صاحب الصفقة العمومية. يقتضي مبدأ توازي الشكليات مبدئيا ، الاشهار عند اسناد
الصفقة العمومية علي غرار ما اعتماده عند بداية اجراءات الابرام.[30]
ثانيا : واجب اعلام الهيئات الادارية :
يجب علي الادارة مد بعض الهيئات الادارية بمعلومات عن
الصفقات العمومية.
فواجب الاعلام المحمول هنا علي المشتري العمومي غايته:
*المراقبة اي تمكين لجنة الصفقات من التثبت من شرعية
اجراءات اللجوء الي المنافسة و إسناد الصفقات العمومية و مصداقيتها و شفافيتها و
التأكد من الصبغة المقبولة لشروطها الادارية و المالية و الفنية.
*يعرض علي لجنة الصفقات المختصة تقرير خاص تعده الادارة
يتضمن مجموعة من المعلومات .
من أهم العناصر التي يجب ذكرها عند تحرير هذا التقرير ،
تبريرات الصيغة المقترحة لإجراء المنافسة اذا اعتمد م.ع طريقة ابرام دون طلب
العروض المفتوح. يجب ان يكون اللجوء للاستثناءات الواردة علي المنافسة الشكلية له
ما يبرره ، و علي الادارة اعلام لجنة الصفقات بذلك.
*يتوجب علي المشتري العمومي تقديم توضيحات في تقريره حول
توزيع الطلب العمومي او عدم توزيعه الي اقساط ، حول المدة الفاصلة بين الاشهار و
الاجل الاقصي لتقديم العروض....الخ وغير ذلك من المعلومات و التي ستمكن لجنة
الصفقات من التثبت من مدي احترام م.ع لمبدأ اللجوء إلى المنافسة.[31]
*يمكن واجب الاعلام ثانيا من تجميع معطيات لغاية احصائية
متعلقة بالصفقات العمومية. من المعلوم ان هذه النوعية من العقود التي تبرمها
الادارة تمثل حوالي 7.5 من الدخل الوطني الخام و تقريبا 21% من ميزانية الدولة لسنة 2006[32]
، لذلك لابد من تقديم المشترين العموميين لمعلومات للمرصد الوطني للصفقات العمومية قصد تمكينه من
اجراء احصاء سنوي عام.
المطلب الثاني : تدعيم منقوص الشفافية :
يبدو أن
الرغبة في جعل عملية الشراء العمومي تتسم بطابع شفاف كانت دافعا لتدخل المشرع من
جهة ، لإقرار جريمة خاصة بالصفقات العمومية ، و لبعث هيئة ادارية مختصة في تتبع
هذه العملية و الحد من التجاوزات المخلة بمبادئ و القواعد التي تحكم الطلب العمومي
لغاية تحقيق شفافية التصرفات من جهة أخرى (الفرع الاول) ، رغم هذا ، تبقي نجاعة
هذه المحاولات محدودة و فعالية الشفافية منقوصة (الفرع الثاني).
الفرع الاول : إضفاء أكثر شفافية علي تصرفات الاطراف المعنية بإبرام الصفقات
العمومية:
ليس
هناك جدال في أن اهمية الصفقات العمومية من حيث قيمتها المالية ادي الي ارتباطها
في مرحلة التطبيق بعمليات ارتشاء في جل أنحاء العالم. و قد اعتبر في هذا السياق
منذ بداية القرن العشرين ، إن الادارة ان رأت حريتها مقيدة في المادة التعاقدية
فلأنها في بعض الاحيان كانت مرتشية.[33]و
قد تدخل المشرع الجزائري للحد من ظاهرة الرشوة و ادرج ضمن أحكام المجلة الجنائية
جريمة جديدة متعلقة بالصفقات العمومية لا نظير لها في التشريع السابق.
تتمثل هذه
الجريمة في قبول موظف[34]
أو ما شابهه لنفسه أو لغيره بدون حق سواء بصفة مباشرة او غير مباشرة عطايا او
وعودا بالعطايا أو هدايا او منافع كيفما كانت طبيعتها لمنح الغير إمتيازا لا حق له
فيه و ذلك بمقتضي عمل مخالف للأحكام التشريعية و الترتيبية الضامنة لحرية المشاركة
و لتكافؤ الفرص في ص.ع.
ينطوي هذا التدخل التشريعي ضمن توجه عام نحو اضفاء مزيد
من الاخلاقية علي ابرام الصفقات العمومية و من وراء ذلك البحث عن الشفافية. و الذي
اقر هذه الجريمة قانون مكافحة الفساد.[35]
يبدو إن المشرع الجزائري تفطن الي ان ص.ع تخضع لعدة اصناف من الرقابة تتميز
بطابعها الشكلي ، بمعني إن الرقابة تسلط فقط علي الاجراءات.[36]
فلا يخضع خرق
احكام الامر الترتيبي المنظم للصفقات العمومية لجزاء تقره احدي هيئات الرقابة أو
القاضي الاداري أو المالي ، إلا في حالة التي يكون فيها ابرام الصفقة العمومية ظهر
و تجسد من خلال إجراءات اختيار معاقد الادارة ، فلا تمارس الرقابة إلا في اطار إحترام
الشكليات التي تفرضها النصوص القانونية.
لكن الاشكال
الذي يطرح في مادة الشراء العمومي لا يتعلق فقط باحترام النصوص القانونية، ذلك أنه
يمكن تطبيق احكام الامر و إحترام كل الاجراءات التي تضمنها دون التقيد بروح النص أي
بدون اشتراط النزاهة و الشرف الذين تفترضهما عملية إبرام الصفقة العمومية.[37]
فقد تكون
ممثلا الصفة الشرعية من حيث احترامها لشكليات الابرام و لكن في الواقع هي نتيجة
لتصرفات مخلة بالمبادئ التي يقوم عليها الطلب العمومي و أحيانا سابقة لبداية
الاجراءات كإعطاء معلومات لتمييز مؤسسة علي حساب اخري و بالتالي تمكينها من الفوز
بالصفقة العمومية. لا يمكن في هذه المرحلة للرقابة الادارية او المالية ان تمارس
بعد.
من ثمة ، و لمكافحة مثل هذه التجاوزات مكن المشرع القاضي
الجنائي من التدخل و تسليط عقوبة جزائية.[38]
فإذا كان
تجريم الاعتداءات علي حرية المشاركة و علي المساواة بين المترشحين في ص.ع يندرج في
اطار مكافحة الارتشاء و إضفاء مزيد من الاخلاقية علي عملية الشراء العمومي و غايته
الوقاية و الردع ، فان هدف المشرع من ذلك البحث عن شفافية التصرفات المتدخلين في
عملية ابرام الصفقات العمومية. تمكن الشفافية إذن ، معرفة ان كان التصرف موجب
للعقاب أم لا ، و تهدف خطورة الجزاء إكساء الطلب العمومي بطابع شفاف اي تحقيق
الغاية المرجوة من اقرارها.
الفرع الثاني : فعالية محدودة الشفافية:
لئن مكن
المشرع القاضي الجزائي من تسليط العقاب و الردع بحثا عن الشفافية ، فان قضاة في
حاجة ماسة لمساعدة هيئات إدارية مستقلة و جماعية و باختصاصات مختلفة بإمكانها
الخروج من الاطار الاداري البحث لتقديم نظرة خارجية. فتدخل السلطات الادارية و
خاصة المستقلة منها ، للتعديل و الاصلاح من شانه أن يساهم في إقرار طريقة لتدخل
عمومي مقبول و مشروع معمول بها في كل الدول المتقدمة.[39]
فتشريك هيئات مختلفة في إجراء أبحاث و تحريات
حول الظروف التي أبرمت فيها الصفقة العمومية لغاية تمكين القاضي من تسليط الجزاء
ضروري خاصة وان تشعب و تعدد المتدخلين في عملية الشراء العمومي إن كانت غايتها
الشفافية ،فقد تفضي إلي إنحلال المسؤوليات و صعوبة تحديد الشخص المسئول.
غير أن إقرار
جريمة خاصة بالصفقات العمومية لم يكتمل ببعث هيئة إدارية مختصة في اجراء الابحاث
الازمة لاكتشاف الافعال المكونة للجريمة. فلم يسند النص لهيئة المتابعة و المراجعة
صلاحيات واسعة تمكنها من مساعدة القاضي الجزائي ولا حتى الهيئات القضائية الاخرى.
فبالنظر إلى
تكوين هذه الهيئة و الطابع الاستشاري للآراء التي تبديها ، هناك محدودية للدور
الذي احدثت من اجله ، ذلك انه في حالة التأكد من طرف الهيئة من وجاهة المطاعن
المتعلقة بمدي شرعية اسناد الصفقات العمومية تقوم بتبليغ رأيها الي الوزير الاول و
لرؤساء الهياكل العمومية المعنية ووزارات الاشراف و لجنة الصفقات ذات النظر. فتوحي
وضيفة التحقيق[40] التي
اسندت للهيئة مبدئيا بان الافعال هي المستهدفة ، و لكن مهام الهيئة تبقي غير
كافية.
حيث كان
بإمكان المشرع إقرار التعاون فعلي مع السلطات القضائية العدلية عند اجراء
التحقيقات و الابحاث و بالتالي تمكين الهيئة من سلطات اوسع قد تعطي نجاعة اكثر
لتدخلها علي غرار ما أقره المشرع الفرنسي. مكن هذا الاخير الهيئة الادارية المختصة
في التحقيق في شروط شرعية و حياد تحضير و إبرام او تنفيذ الصفقات العمومية و عقود
تفويض المرفق العام المحدثة سنة[41]1991
، من صلاحيات واسعة ترتقي بها إلى درجة معاون فعلي للقضاء المختص في استقصاء جنحة
خاصة بالصفقات العمومية و التي اقرها نفس القانون[42].
هذا التعاون
،إن مكن في التطبيق القاضي الجنائي من ادانة عديد من أعوان العموميين في عملية
الشراء و بالتالي اضفاء اكثر شفافية علي التصرفات ، إلا أن طول و تعقد اجراءات
الابرام في ص.ع ادي الي حماية بعض الافراد و الحد من الادانات.
لا تتعلق هذه
الخصوصية بالقانون المقارن فقط ، بل تنسحب كذلك علي قانون الصفقات العمومية
الجزائري ، إن العلم الجيد و الدقيق بهذا القانون هو في اغلب الاحيان حكرا علي بعض
المختصين المكلفين بتطبيقه. و من تبدو مساعدة هؤلاء المتخصصين للقاضي الجزائي
ضرورية ، فليس باستطاعة هذا الاخير التدخل إلا اذا توصل الي اكتشاف و معرفة مرتكبي
الافعال. فلكي يتمكن من تسليط الجزاء و من وراء ذلك فرض احترام قانون الصفقات
العمومية ، علي القاضي ان يجمع كل العناصر الازمة التي تمكنه من معرفة مدي توفر
اركان الجريمة و بالتحديد العنصرين المادي و القصدي.
يرتبط
التجريم في الواقع ، شديد الارتباط بالمعلومات التي تصل الي علم القاضي. لكن يبدو
ان الفعل الجنائي في مادة الصفقات هو في غالب الامر نتيجة تقديم منافع ايا كانت
مقابل تمييز احد المشاركين لاتفاق بين الطرفين ، و بالتالي يصعب علي القاضي تجميع
وسائل الاثبات الازمة لمعرفة مدي توفر اركان الجريمة.[43]
تتميز مرحلة ابرام ص.ع بتنوع و تعدد الاطراف المشاركة في
هذه العملية. و تساهم التركيبة الهرمية للمرافق العامة و مبدأ التسلسل الاداري في
صعوبة ضبط الاختصاصات كل عون عمومي بدقة الكافية و بالتالي تحديد مرتكب الفعل
الجنائي اي المسئول عن الانتهاكات مبدأ تكافؤ الفرص و حرية المشاركة في ص.ع.
لذلك وجب تدعيم مراقبة الحياة الاقتصادية من قبل هيئات
ادارية باختصاصات متنوعة و متكاملة.
فالتوسيع في صلاحيات هيئة المتابعة و
المراجعة و كذلك تمكين المرصد الوطني من تجميع المعلومات حول عمليات الارتشاء في
ص.ع و تقديمها للقاضي ليمكنه ، ان اقتضي الامر ، من ادانة بعض الافراد ، فيه تدعيم
للشفافية و اعطاء اكثر نجاعة للمبادئ التي يقرها ق.ص.ع. فمن شأن هذا التدخلات
لمراقبة الحياة الاقتصادية ، ان تبعث سلطة مضادة تمكن من الحد و تفادي تجاوزات
الادارة.
المبحث الثاني : رقابة القضاء علي الصفقات
العمومية:
مهما كان حجم
و طبيعة الاضافات التي جاء بها القانون الجديد ، تبقي فعاليتها نسبية في تحقيق
الاهداف المرجوة من اصدار تنظيم الصفقات العمومية ، لاسيما الوقاية من الفساد في
هذا المجال ، لذلك اجمع الفقه المقارن علي انه زيادة علي الاليات القانونية لحماية
النفقات العمومية لابد من تنظيم اليات اخري علي مستويات متعددة تكمل الدور الذي
يلعبه القانون في هذا الاطار ، و لعل من اهم هذه الاليات التي اجمع الفقه علي
اهميتها ، العمل القضائي ، خاصة في ظل التخصص الذي جنحت له معظم الانظمة القضائية
في العالم بإحداث القضاء الاداري كجهة مستقلة مختصة بالفصل في المنازعات الادارية
علي غرار المحاكم الادارية و مجلس الدولة و محكمة التنازع في الجزائر التي تم
احداثها بموجب التعديل الدستوري لسنة 1996 و تم تنظيمها بموجب قوانين خاصة لاحقا.
حيث سنتناول
رقابة القضاء الاداري علي الصفقات (المطلب الاول) ، ثم نتناول رقابة القضاء
الجزائي علي الصفقات في (المطلب الثاني).
المطلب الاول : رقابة القضاء الاداري علي الصفقات العمومية :
نظم م.ج
الاختصاص القضائي للمنازعات الادارية عموما ، دون ان يشير صراحة للاختصاص القضائي
لمنازعات الصفقات العمومية ، حيث يتبين بالرجوع الي المادتين 800/2 و 801 من
ق.ا.م.ا ان المشرع قد اعتمد المعيار العضوي في تحديد الاختصاص القضائي للمنازعات
الادارية ، و هو ما جاء في نص المادة 801 المذكور اعلاه و كذا المادة 02 من
المرسوم الرئاسي رقم 10/236[44]
المتعلق بتنظيم الصفقات العمومية.
ان اختصاص القضاء الاداري في مجال الصفقات العمومية يمكن
رده الي نوعين رئيسيين ، قضاء الالغاء و قضاء الكامل (الفرع الاول) ، اضافة الي
الاحكام الجديدة التي جاء بهاق.ا.م.ا و المتعلقة بتدخل القاضي الاستعجال الاداري
في مجال العقود و الصفقات العمومية(الفرع الثاني).
الفرع الاول : قضاء الالغاء و قضاء الكامل في
مجال الصفقات العمومية :
سوف نتناول في هذه الفرع قضاء الالغاء (اولا) ، ثم القاء
الكامل (ثانيا).
اولا : قضاء الالغاء في مجال الصفقات :
القاعدة
العامة في المنازعات المتعلقة بالتدابير و الاجراءات التي تتخذها الادارة في
مواجهة المتعامل المتعاقد معها ، تندرج ضمن ولاية القضاء الكامل ، حتى و لو كان
النزاع يتعلق بطلب الغاء قرار اداري اصدرته الادارة اتجاهه ، و اساس ذلك ، ان ما
تصدره الادارة من قرارات تنفيذا للصفقة او لدفتر الشروط مثل القرارات الصادرة
بتوقيع احد الجزاءات التعاقدية ، كغرامات التأخير مثلا او فسخ العقد او انهائه او
الغائه ، دائما يدخل في منطقة العقد ، و تكون المنازعات المتولدة عن تلك القرارات
و الاجراءات ، هي منازعات حقوقية تدخل ضمن اختصاص القضاء الكامل دون قضاء الالغاء
، و مقتضي ذلك عدم تقييد الطعن بالإجراءات و المواعيد المتعلقة بدعوي الالغاء.[45]
فالقرارات
التي تصدر عن المصلحة المتعاقدة ، في مجال تنفيذ موضوع ص.ع ، و هي في حقيقتها ليست
قرارات ادارية ، و إنما هي اجراءات تتخذها الجهة الادارية في منطقة العقد اثناء
سريانه ، كما ان اعمال التنفيذ في غالبيتها العظمي متصلة بالعقد و غير قابلة للفصل
، و كذلك الحل بالنسبة للمتعامل المتعاقد مع الادارة ، فإذا كان يستطيع ان يستعمل
الطعن بالإلغاء في الاعمال القابلة للفصل في مرحلة انعقاد العقد و يؤسسه علي
مخالفة القرار المنفصل لقواعد المشروعية ، فان الوضع هنا يختلف تماما لأن كل أعمال
التنفيذ التي تكون له مصلحة في الطعن فيها ، انما تخالف الشروط التعاقدية ، و
مخالفة للعقد لا يمكن ان يبني عليه الطعن بالإلغاء.[46]
أورد القضاء
المقارن استثناء علي هذا المبدأ العام ، حيث اجاز للمتعاقدين مع الادارة الطعن
بالإلغاء ضد قرارات التي تصدر عنها باعتبارها سلطة عامة ، و ليس بصفتها مصلحة
متعاقدة ، فإذا حدث و ان اصدرت الادارة قرارات بشأن تنفيذ الصفقة المبرمة ، سواء
بناء علي دفتر الشروط ، أو على أساس الصفقة ذاتها تعتبر قراراتها غير قابلة للطعن
بالإلغاء استقلالا عن العقد ، لأنها صادرة عن الادارة باعتبارها مصلحة متعاقدة ، أما
إذا اصدرت الادارة قراراتها باعتبارها سلطة عامة ، و ليس باعتبارها مصلحة متعاقدة
و لكنها تؤثر علي تنفيذ العقد ، مثل قرارات الضبط الاداري التي تصدر عن الادارة
لتحقيق اهداف حماية الامن العام ، او السكينة العامة ، أو الصحة العامة ، فأن هذه
القرارات تكون محل للطعن بالإلغاء مستقلة عن العقد الاداري ، حتى و ان كان لها
الاثر في تنفيذه.[47]
ثانيا : القضاء الكامل في مجال الصفقات العمومية:
أطلق علي هذا
النوع من الدعاوي القضاء الكامل ، نظرا لتعدد و اتساع سلطات القاضي المختص في هذه
الدعوي ، مقارنة بسلطته المحدودة في دعاوي الالغاء و التفسير و فحص مشروعية
القرارات الادارية ، و من ثم فهي تشمل مجموعة دعاوي إدارية ، يرفعها ذوي الصفة و
المصلحة أمام القضاء المختص بهدف المطالبة و الاعتراف لهم بوجود حقوق شخصية مكتسبة
، و التقرير أن الادارة من خلال اعمالها القانونية و المادية قد مست بهذه الحقوق
الذاتية بصفة غير شرعية ، ثم تقدير الاضرار المادية و المعنوية الناجمة عن ذلك ،
ثم التقرير بإصلاحها و جبرها ، و هذا اما اعادة الحالة التي كان عليها المدعون علي
اساس القانون ، او دفع مبلغ مالي مستحق ، او التعويض عنها ، و الحكم علي السلطات
الادارية المدعي عليها بالتعويض او تثبيت حق مؤسس قانونا.[48]
القضاء
الكامل هو صاحب اختصاص الاصيل في منازعات الصفقات العمومية ، و هو اختصاص شامل و مطلق لكل المنازعات المتعلقة
بالحقوق و الالتزامات التي تنشأ عن الصفقة العمومية ، و أساس هذا الحكم ، أن كافة
المنازعات المتعلقة بالعقود الادارية ، تندرج ضمن ولاية القضاء الكامل ، و علي ذلك
متي توافرت في المنازعة حقيقة العقد الاداري ، فأنها تدخل في نطاق القضاء الكامل
دون ولاية قضاء الالغاء ، سواء كانت المنازعة خاصة بانعقاد العقد ، او صحته ، او
تنفيذه او انقضائه باستثناء المنازعات التي تندرج ضمن اختصاص القضاء الكامل ، و
التي تتمحور نظرية القرارات القابلة للانفصال.[49]
و تتخذ دعاوي القضاء الكامل صور متعددة نذكر منها مايلي:
1 : الدعوي الحصول علي
المبالغ المالية :
سواء كانت
هذه المبالغ ، في صورة ثمن ، أو أجر متفق عليه في العقد ، أو تعويض عن اضرار تسبب
فيها الطرف المتعاقد ، أو لأي سبب من الاسباب الاخري التي تؤدي الي الحكم بالتعويض
، و هو ما اخذ به القضاء الجزائري في الكثير من قراراته من بينها قضية المعهد
الوطني للوقود و الكمياء ضد مكتب الدراسات
العمرانية ببرج منايل المؤرخ في 03 ـ 05 ـ 1999.[50]
2 : المنازعات المتعلقة
بفسخ الصفقة العمومية :
سواء كانت هذه المنازعة ، في شكل دعوي الفسخ التي يرفعها
المتعامل المتعاقد مع الادارة ضدها في حالة قياسها بتعديل احد بنود الصفقة ، بشكل
يؤدي الي زيادة معتبرة في التزاماته ، ذلك أن المتعامل المتعاقد له ان يطالب بفسخ
الصفقة مع الادارة في حدود معينة ، و دعواه في هذا الصدد تندرج ضمن القضاء الكامل
، أو منازعة المتعامل المتعاقد للإدارة في حالة قيامها بالفسخ بإرادتها المنفردة ،
حيث أن قانون الصفقات العمومية سمح للمصلحة المتعاقدة بذلك دون المتعامل المتعاقد
في المادة 112 التي جاء فيها ما يلي :"اذا لم ينفذ المتعاقد التزاماته ، توجه
له المصلحة اعذارا ليفي بالتزاماته التعاقدية في اجل محدد.[51]
و ان لم يتدارك المتعاقد تقصيره في الاجل الذي حدده
الاعذار المنصوص عليه اعلاه ، يمكن المصلحة المتعاقدة ان تفسخ الصفقة من جانب
واحد" ، و عليه فإذا رأي المتعامل المتعاقد ، أن قرار الفسخ بالإرادة
المنفردة لم يكن مبررا ، يمكن له ان ينازع
الادارة في ذلك امام القضاء.
الفرع الثاني :الاستعجال الاداري في مجال
الصفقات العمومية:
لقد نظم م.ج
أحكام الاستعجال الاداري في مادة الصفقات العمومية ، بموجب القانون 08 ـ 09[52]
المتضمن ق.ا.م.ا في المادتين 946 و 947 منه ، و ذلك بهدف تعزيز اليات حماية المال
في اطار ص.ع علي اساس ان قضاء الاستعجال ، من شأنه ان يشكل وقاية من جرائم الفساد،
التي يمكن ان ترتكب عند ابرام او تنفيذ الصفقات العمومية.
حيث نصت المادة 946/1 ، 2 ، 3 منه علي ما يلي :
"يجوز اخطار المحكمة الادارية بعريضة و ذلك في حالة
الاخلال بالتزامات الاشهار و المنافسة التي تخضع لها عمليات ابرام العقود الادارية
و الصفقات العمومية.
يتم هذا الاخطار من قبل كل من له مصلحة في إبرام العقد و
الذي قد يضرر من هذا الاخلال ، و كذلك لممثل الدولة علي مستوي الولاية اذا ابرم
العقد او سيبرم من طرف جماعة اقليمية أو مؤسسة عمومية محلية.
يجوز اخطار المحكمة الادارية قبل ابرام العقد" .
يفهم من النص
المذكور اعلاه ان الاستعجال في مادة الصفقات العمومية ، هو حق كل شخص له مصلحة في
ابرام العقد ، لاسيما ممثل الدولة علي مستوي الولاية اذا ابرم العقد او سيبرم من
طرف جماعة اقليمية او مؤسسة عمومية محلية في الطعن القضائي لدي المحكمة الادارية
المختصة ، بموجب عريضة و ذلك في حالة الاخلال بالتزامات الاشهار و المنافسة ، التي
تخضع لها عمليات ابرام العقود الادارية و الصفقات العمومية.[53]
يأخذ الاستعجال في مجال الصفقات العمومية صورتين
اساسيتين:
1 : الاستعجال بعد ابرام
العقد :
و هي الحالة التي نص عليها م.ج بقوله (اذا ابرم العقد) ،
اي بعد ابرام العقد.
تجدر الاشارة الي ان هذه الصورة غير معروفة في القانون و
القضاء المقارن ، بما في ذلك القضاء الفرنسي الذي رفض الاستعجال في العقود و
الصفقات التي ترفع بعد ابرام الصفقة.
2 : الاستعجال قبل التعاقد
:
ادخل
الاستعجال ما قبل التعاقد لأول مرة في القانون الفرنسي سنة 1992 ، تحت تأثير قانون
المجموعة الاوروبية للصفقات العمومية ، و ذلك من اجل ضمان انفتاح اكبر نحو
المنافسة ، بغرض تحقيق التجانس و التعايش بين القوانين الوطنية ، و الشفافية في
منح الصفقات العمومية.فحسب قواعد الاختصاص القضائي المحلي ، المنصوص عليها في
المادة 804 من ق.ا.م.ا ، فأن الدعوى الاستعجالية في مجال ص.ع ، ترفع وجوبا في
المحكمة التي يقع في دائرة اختصاصها مكان ابرام العقد أو تنفيذه في مادة العقود
الادارية مهما كانت طبيعتها.[54]
هذا و نصت
المادة 947 من ق.أ.م.أ[55]
علي أنه يجب علي القاضي أن يفصل في الدعوي في أجل عشرين يوما حيث جاء فيها ما يلي
:"تفصل المحكمة الادارية في اجل عشرين يوما تسري من تاريخ اخطارها بالطلبات
المقدمة لها طبقا للمادة 946 اعلاه" .
يتبع القاضي في دعوي الاستعجال في مجال الصفقات العمومية
بثلاثة سلطات هي توجيه أوامر للإدارة لتصحيح التزاماتها و الحكم بالغرامة
التهديدية و تأجيل امضاء العقد الي نهاية الاجراءات.
1 : توجيه الاوامر للإدارة
لتصحيح التزاماتها :
إعتمد القضاء
الجزائري قاعدة مقتضاها ، إنه لا يمكن للقاضي الاداري توجيه الاوامر للإدارة
تماشيا مع المبدأ الذي كان معروفا في فرنسا ، إلا ان المشرع تخلي علي هذه القاعدة
، بموجب المادة 946/4 التي نصت على أنه يمكن للمحكمة الادارية ، ان تأمر المتسبب
في الاخلال بالالتزامات المتعلقة بالمنافسة و الاشهار الامتثال لالتزاماته في اجل
معين.
و لعل من اهم هذه المبررات التي دفعت بالمشرع الي اعتماد
هذا المبدأ الجديد نذكر ما يلي:
Ø
أن تمكين القاضي الاداري من توجيه اوامر للإدارة ، يشكل تطبيقا فعليا
لمتطلبات دولة القانون و حماية لمبدأ المشروعية ، و بهذا ستتخذ الادارة اثناء
مباشرة نشاطها كل الاحتياطات الازمة ، لتفادي مخالفة القانون و توجيه القاضي
لأوامر لها ، مما يحقق فعالية و نجاعة النشاط الاداري ، و يضفي طابع الصرامة و
الجدية علي ممارسة الادارة لعملها.[56]
Ø
ان الاعتراف للقاضي بسلطة توجيه الاوامر للإدارة مصحوبة بغرامات تهديدية ،
يجعل الادارة ملزمة بالتنفيذ ، و قد يكون له اثر ايجابي ، يتمثل في مباشرة الادارة
لأعمالها بجدية متوخية في ذلك مقتضيات مبدأ المشروعية ، اذا ما تأكدت بان اعمالها
ستكون محل رقابة فعالة الي درجة الزامها بفعل شيء و الحكم عليها بغرامة تهديدية.
Ø
إن تطبيق المبدأ يعني اجتناب تهرب الادارة من التنفيذ ، و يمثل ثورة علي
الافكار التقليدية ، التي ارست قناعة لدي المسئولين علي الادارات العمومية ، انها
غير معنيين و غير ملزمين بالقرارات القضائية.
Ø
إن السماح للقاضي بتوجيه أوامر الادارة ، لا يؤدي الي شل اعمالها و عرقلتها
بالشكل الذي يمس المصلحة العامة او النظام ، لان هذه السلطة الممنوحة للقاضي لا
تتعدي اعادة الامور الي نصابها دون ان تصل الي درجة حلول القاضي محل الادارة.[57]
2 : الحكم بالغرامة
التهديدية :
ساد في القضاء الجزائري ، مبدأ عدم السماح للقاضي
الاداري النطق بالغرامة التهديدية في مواجهة الادارة ، حيث قضي مجلس الدولة بذلك
بموجب القرار رقم 014989 المؤرخ في 08 ـ 04 ـ 2003 الصادر بشأن النزاع بين وزارة
التربية الوطنية و السيد (ك ، م) حيث جاء في هذا القرار ما يلي :"حيث انه وفي
الاخير ، و بما ان الغرامة التهديدية التزام ينطبق به القاضي ، فأنه ينبغي ان يطبق
عليها مبدأ قانونية الجرائم و العقوبات ، و بالتالي يجب سنها بقانون.
حيث انه لا يجوز للقاضي في المسائل الادارية
النطق بالغرامة التهديدية ما دام لا يوجد اي قانون يرخص صراحة بها. و ان القرارات
المستأنف بإرفاقه قرار الطرد بغرامة تهديدية قد تجاهل هذا المبدأ ، مما يستوجب
بالنتيجة قبول طلب وقف التنفيذ"[58]
نتيجة تكييف القاضي الجزائري للغرامة التهديدية كعقوبة ،
و بالتالي خضوعها لمبدأ الشرعية ، تدخل المشرع في قانون الاجراءات و المدنية و
الادارية ، و اعترف للقاضي بسلطة الحكم بالغرامة التهديدية علي الادارة ، اذا رفضت
القيام بالتزاماتها التعاقدية في الاجل المحدد بموجب الامر الذي وجه لها تطبيقا
لمقتضيات الفقرة الرابعة من المادة 946 اعلاه.
حيث نصت المادة 946/5[59]
من هذا القانون علي ما يلي :"..و يمكن لها ايضا الحكم بغرامة تهديدية تسري من
تاريخ انقضاء الاجل المحدد..."
3 : تأجيل ابرام الصفقة الي
غاية نهاية الاجراءات:
نصت المادة 946/6 من ق.ا.م.ا علي ما يلي :"ويمكن
لها كذلك و بمجرد اخطارها ، ان تأمر بتأجيل امضاء العقد الي نهاية الاجراءات و
لمدة لا تتجاوز عشرين يوما" .
المطلب الثاني : رقابة القضاء الجزائي علي
الصفقات العمومية:
يخضع القاضي
الجزائي لمبدأ الشرعية ، و عليه لا يمكن له أن يعاقب علي اي سلوك في مجال الصفقات
العمومية ما لم يكن مجرم بنص قانوني ، و في هذا الاطار نظم المشرع جرائم الصفقات
العمومية في المواد 26 و 27 و 34 من قانون الوقاية من الفساد و مكافحته الصادر في
20 ـ 02 ـ 2006[60] ، و
التي تأخذ ثلاث صور ، المحاباة و استغلال النفوذ (الفرع الاول) ، و الرشوة (الفرع
الثاني).
الفرع الاول : جريمة المحاباة و استغلال النفوذ :
سوف نتناول في هذا الفرع جريمة المحاباة (اولا) ، ثم
جريمة استغلال النفوذ (ثانيا).
تقوم جريمة
المحاباة ، علي توافر ثلاثة اركان هي : صفة الجاني ، و الركن المادي و القصد
الجنائي ، فالركن الاول يتعلق بصفة الجاني ، حيث يشترط ان يكون مرتكب
الجريمة موظف بمفهوم قانون الوقاية من
الفساد و مكافحته. و يقصد بالموظف العمومي في اطار هذا القانون :
v
ـكل شخص يشغل منصبا تشريعيا ، او تنفيذيا ، او اداريا ، او قضائيا ، او في
احد المجالس الشعبية المحلية ، سواء اكان معينا ، او منتخبا ، دائما او مؤقتا ،
مدفوع الاجر ، او غير مدفوع الاجر ، بصرف النظر عن رتبته.
v
كل شخص اخر يتولى و لو مؤقتا وظيفة ، او وكالة باجر ، أو بدون أجر ، و
يساهم بهذه الصفة في خدمة هيئة عمومية ، أو مؤسسة عمومية ، او اية مؤسسة اخري تملك
الدولة كل او بعض رأسمالها ، أو اي مؤسسة اخري تقدم خدمة عمومية.[61]
v
كل شخص اخر معروف بأنه موظف عمومي ، او من في حكمه طبقا للتشريع و التنظيم
المعمول بهما فقد كانت المادة 128 مكرر من قانون العقوبات الملغاة ، تدرج ضمن
مفهوم الموظف العمومي ، كل من يعمل لصالح الدولة ، او الجماعات المحلية ، أو احدي
الهيئات الخاضعة للقانون العام ، مما يحمل علي الاعتقاد بأنه ليس بالضرورة ان يكون الجاني موظفا او من في
حكمه ، علي اعتبار انه من الجائز ان تلجأ ادارة عمومية او هيئة عمومية ، الي شخص
يمارس مهنة حرة ، كأن يكون مستشارا ، او صاحب مكتب دراسات ، و تكلفه بانجاز عملية
تقتضي منه ابرام عقد مع الغير لصالح الجهة المستخدمة.[62]
أما الركن المعنوي فيتمثل في قيام الجاني بإبرام ص.ع او إتفاقية أو ملحق او
تأشيره او مراجعة دون مراعاة الاحكام التشريعية او التنظيمية الجاري بها العمل و
ذلك بغرض اعطاء امتيازات غير مبررة للغير.
يقصد بالركن
المعنوي ، القصد العام و القصد الخاص في ارتكاب الجريمة ، و ذلك بقيام الجاني
بإعطاء امتيازات غير مبررة ، مع العلم بأنها غير مبررة ، حيث يمكن استخلاص هذا
القصد من اعتراف المتهمين بأنهم تجاوزوا الاجراءات بإرادتهم المحضة ، و في حالة
تكرار العملية يمكن استخلاص القصد الجنائي من الوعي التام بمخالفة القواعد
الاجرائية ، او من استحالة تجاهلها بالنظر الي الوظيفة التي يمارسها الجاني.[63]
ولا يؤخذ بعين الاعتبار الباعث او الدافع الي مخالفة
الاحكام التشريعية او التنظيمية ، حيث
تقوم الجريمة حتى و لو كان من اعطي الامتياز غير المبرر لا يبحث عن فائدته
الخاصة ، و إنما عن فائدة مؤسسة عمومية.
وصف المشرع
جريمة المحاباة في قانون الوقاية من الفساد و مكافحته بأنها جنحة ، و اقر لها في
المادة 26/1 منه عقوبة الحبس من سنتين (2) الي عشرة (10) سنوات و بغرامة من
200.000 دج الي 1.000.000 دج ، مع الاشارة الي انه تطبق علي الشخص المعنوي غرامة
من 1.000.000 دج الي 5.000.000 دج.[64]
ثانيا : جريمة استغلال النفوذ :
جرم المشرع
استغلال النفوذ ، في قانون المتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته ، التي الغت
المادة 128/2 مكرر من قانون العقوبات ، و التي اشترطت ثلاثة اركان ، لقيام هذه
الجريمة ، تتمثل في صفة الجاني و السلوك الاجرامي و القصد الجنائي.
بالنسبة لصفة الجاني ، يشترط ان يكون الجاني ،
تاجرا ، او صناعيا ، او حرفيا ، او مقاولا ، من القطاع الخاص ، او اي شخص طبيعي ،
او معنوي ، يمارس نشاطا في مجال القطاع الخاص.
أما
الركن المادي او السلوك الاجرامي ،
فيتمثل في ابرام الجاني ، عقدا ، او صفقة مع الدولة أو احد الهيئات التابعة لها ،
و يستفيد من سلطة او تأثير اعوان هذه الهيئات للحصول علي امتيازات غير مبررة تتمثل
في الزيادة في الاسعار التي يطبقها الجاني عادة ، أو تعديل لصالحه في نوعية المواد
او الخدمات او اجال التسليم أو التموين.[65]
في حين يقصد بالركن
المعنوي علم الجاني بنفوذ اعوان الدولة ، و إرادة إستغلال هذا النفوذ لفائدته
مع توافر نية الحصول علي امتيازات مع العلم انها غير مبررة.
تطبق علي جريمة استغلال نفوذ الاعوان العموميين نفس
الاحكام المقررة لجنحة المحاباة ، سواء تعلق الامر بالإجراءات او بالعقوبات ، و
عليه يعاقب القانون علي جنحة استغلال النفوذ ، بالحبس من سنتين (2) الي عشر (10)
سنوات و بغرامة من 200.000 الي 1.000.000 دج ، و تطبق علي الشخص المعنوي غرامة من 1.000.000
دج الي 5.000.000 دج .[66]
من خلال ما تقدم يتضح أن هناك فرق بين جريمتي الرشوة و إستغلال
النفوذ ، يتجلى في نقطتين اساسيتين :
إن القانون لا يشترط في الجاني مستغل النفوذ ان يكون
موظفا عموميا ، فهو شخص من اشخاص القانون الخاص ، خلافا للمرتشي الذي يشترط ان
يكون موظفا عاما ، مع الاشارة الي انه اذا كان مستغل النفوذ موظفا عاما او من في
حكمه فان ذلك يعتبر ظرفا مشددا.
إن مستغل النفوذ لا يهدف الي القيام بنفسه بالعمل أو
الامتناع المتعلق بالرشوة ، و انما يرمي الي استخدام نفوذه الحقيقي او المزعوم
لحمل الموظف العام علي القيام بعمل ، فالجاني غير مختص بالعمل و لا يزعم و لا
يعتقد به خطأ ، بينما في الرشوة يفترض انه مختص به.[67]
الفرع الثاني : الرشوة في مجال الصفقات
العمومية :
للرشوة تعريفات متعددة نذكر منها ما يلي :
v
تتمثل الرشوة في الاتجار بأعمال الوظيفة او الخدمة او استغلالها ، بأن طلب
الجاني أو يقبل او يحصل علي عطية او وعد بها ، أو اية منفعة أخرى لأداء عمل من
اعمال وظيفة او الامتناع عنه.
v
كما عرفت انها سلوك ينطوي علي طلب او قبول او اخذ نقود او اية فائدة اخري ،
من جانب موظف ، او من في حكمه ، و ذلك لنفسه او لغيره ، مقابل اداء عمل ، او
الامتناع عن اداء عمل او الاخلال بواجبات الوظيفة مع علمه بذلك .[68]
v
و عرفت ايضا انها اتجار موظف عام بأعمال وظيفته ، و تقوم علي اتفاق او
تفاهم بين الموظف و صاحب الحاجة ، يعرض عليه هذا الاخير عطية او فائدة يقبلها
لأداء عمل او الامتناع عن عمل يدخل في نطاق وظيفته او فيما يتصل بها من سلطة .
v
أما الرشوة في مجال الصفقات العمومية ، فيقصد بها ، كل تصرف يقوم به الموظف
العمومي بأن يقبض ان يحاول ان يقبض ، لنفسه او لغيره ، بصفة مباشرة او غير مباشرة
، اجرة او منفعة ، مهما يكن نوعها ، بمناسبة تخضير أو اجراء مفاوضات قصد ابرام او
تنفيذ صفقة او عقد او ملحق باسم الدولة او الجماعات المحلية او المؤسسات العمومية
ذات الطابع الاداري او المؤسسات العمومية ذات الطابع الصناعي و التجاري او
المؤسسات العمومية الاقتصادية .[69]
و من ثم
جريمة الرشوة في مجال الصفقات العمومية تقوم علي ثلاثة اركان هي صفة الجاني و
الركن المادي و القصد الجنائي.لقيام جريمة الرشوة في هذا المجال ، يجب ان يتمتع
الجاني بصفة الموظف العمومي ، وفقا للمعني المحدد في المادة 2 من قانون
الوقاية من الفساد و مكافحته.اما الركن المادي ، فيتحقق بقبض او محاولة قبض
الموظف العمومي عمولة (اجرة ، او فائدة) بمناسبة تحضير او اجراء مفاوضات او ابرام
او تنفيذ عقد او صفقة أو ملحق ، باسم الدولة أو احدي الهيئات الخاضعة للقانون
العام ، و عليه ينقسم الركن المادي في هذه الجريمة الي عنصرين هما : النشاط
الاجرامي و المناسبة.[70]
يتمثل النشاط
الاجرامي في قبض او محاولة قبض الموظف العمومي عمولة تكون ذات طبيعة مادية
كالنقود ، او الذهب ، او السيارات ، أو العقارات ، أو المأكولات ، أو الملابس ، أو
سداد الديون ، كما قد تكون العمولة ذات طبيعة معنوية ، كحصول الجاني علي ترقية ،
او الاستفادة من اعارة الشيء يستفيد منه ثم يرده ، كأن يقدم الجاني سيارته الي
الموظف العمومي علي سبيل الاعارة لمدة معينة.
اما المناسبة
فيقصد بها ان يقبض الجاني عمولته بمناسبة تحضير أو اجراء مفاوضات أو ابرام او
تنفيذ صفقة أو عقد او ملحق بإسم الدولة و احد الهيئات التابعة لها ، المخولة
قانونا ابرام الصفقات العمومية كأن يقبض هذه العمولة بمناسبة ارساء الصفقة لصالح
الجاني ، أو عند التوقيع عليها ، او بمناسبة التوقيع علي محضر الاستلام النهائي ،
او عند استلام الاشغال ، أو عند توقيع شهادة حسن التنفيذ.
و يشمل النشاط الاجرامي في هذه الجريمة الطلب و القبول ،
فالطلب يعني إبداء الموظف رغبته في الحصول علي مقابل لأداء وظيفته او الامتناع
عنها ، و يعتبر هذا الطلب قائما حتى وان لم يصدر القبول من صاحب الحاجة ، كما
يستوي ان يكون طلب الرشوة لنفسه او لغيره ، كما يستوي تقديم الطلب من الموظف
العمومي مباشرة او توكيل شخص اخر للقيام به .[71]
أما
القبول فيقصد به موافقة الموظف العمومي علي رغبة صاحب المصلحة في ارتشائه في
المستقل ، علي شرط ان يكون العرض جادا و حقيقيا ، و يستوي بعد ذلك أن يكون القبول
صراحة او ضمنيا و عليه تتحقق الجريمة بهذه الصورة حتى و لو لم تتحقق النتيجة.
تتطلب جريمة الرشوة في مجال الصفقات العمومية قيام القصد
الجنائي المتمثل في قبض الاجرة او الفائدة مع العلم بأنها غير مبررة او غير
مشروعة.
تنص المادة
27 من قانون الوقاية من الفساد و مكافحته علي العقوبات المقررة لهذه الجريمة، حيث
يعاقب بالحبس من سنتين (2) الي عشر (10) سنوات و بغرامة من 1.000.000 دج الي
2.000.000 دج بالنسبة للشخص الطبيعي اما الشخص المعنوي فيعاقب طبقا للمادة 53 من
قانون الوقاية من الفساد و مكافحته و المادة 18 مكرر 1 من قانون العقوبات بغرامة
من 2.000.000 دج الي 10.000.000 دج .[72]
يمارس القضاء الاداري الرقابة علي الصفقات
العمومية في اطار الشفافية هذه الصفقات بواسطة ثلاثة وسائل هي قضاء الالغاء و
القضاء الكامل و قضاء الاستعجال ، ذلك انه و علي الرغم من ان الصفقة عمل اداري
تعاقدي إلا انها ليست بعيدة علي رقابة قاضي الالغاء شرط توافر شروط نظرية القرارات
الادارية القابلة للانفصال ، زيادة علي ذلك منح قانون الاجراءات المدنية و
الادارية سلطات واسعة لقاضي الاستعجال الاداري لاسيما اصدار الاوامر للمصالح
المتعاقدة للامتثال لالتزاماتها في حالة الاخلال بقواعد المنافسة ، في حين يبقي
قاضي الموضوع علي مستوي المحاكم الادارية صاحب الولاية العامة في الرقابة علي
الصفقات العمومية في اطار قواعد الاختصاص النوعي للمنازعات الادارية.
اما
القضاء الجنائي فيمارس عملية الرقابة علي الصفقات العمومية في اطار مبدأ شرعية
القاضي لأنه لا جريمة و لا عقوبة إلا بنص قانوني ، ذلك ان المشرع الجزائري وضع
احكاما خاصة لجرائم الصفقات العمومية و النصوص المكملة له لاسيما قانون الوقاية من
الفساد و مكافحته.
[1] امر عدد 3158 لسنة 2002 كما وقع
تنقيحه بالأمر عدد 6381 لسنة 2003 المؤرخ في 4 اوت 2003 و الامر عدد 2551 لسنة
2004= =المؤرخ في 2 نوفمبر 2004 و الامر عدد 2167 لسنة 2006 المؤرخ في 10 اوت 2006
و الامر عدد 1329 لسنة 2007 المؤرخ في 4 جوان 2007 ، الرائد الرسمي عدد 46 في 8
جوان 2007 ، ص 1915.
[2] علي سبيل المثال المنشور عدد 22
في 11 افريل 2001 و قبل ذلك المنشور التطبيقي عدد 45 لأمر 22 افريل 1989 المتعلق بالصفقات العمومية.
[3]الفصل السابع عشر من المعاهدة الموقعة في مراكش يوم 15/افريل /1994.
[4] في غياب كل ترجمة رسمية لهاته
النصوص القانونية ، نعتمد كلمة اوامر توجيهية لترجمة DIRECTIVE لكن مع
التأكيد انها نصوص قانونية تختلف عن الاوامر في القانون الداخلي decrets لذلك نضعها بين قوسين للتمييز.
[5] ـحسب عبارة مندوب الحكومة الفرنسيthery في تعليقه علي قرارا مجلس الدولة ordre des architectes المؤرخ في 29 افريل 1981 ، مجموعة
lebon ، ص 179.
[6] ـpaillet M ."De La Loi Sapin ou nouveau code pénal ـintroduction générale" ,journéesorganisées par la fac .de toulon , L .p.An 110 du 13 sept .1995, p.3.
[7]الطريقة الجديدة لإبرام الصفقات العمومية التي اضافها الامر 10 اوت 2006 ،
حول المسألة انظر سهير الفراتي "مبدأ اللجوء الي المنافسة و طرق ابرام
الصفقات العمومية يومي 6 و 7 ديسمبر 2006 حول " الجديد في الصفقات
العمومية" ، دراسات قانونية عدد 14.
[8] ـ ch.bréchon ـMoulénes "transparence et marché publics " , rev . jusp . comm . 1993 ,numéro spécial ,p44.
[9] المنافسة الشكلية Mise en concurrence formalisée
[10] المنشور عدد 37 المؤرخ في 6 ديسمبر 2004 (استشارة موسعة و تفاوض مباشر) .
[11] ـ cour de justice des commuunautés européennes .
[12]ـ c.j.c.e , 12 déc.2002 ,n cـ 470 /99 , universale ـ Bou AG , BJCDP 2002 , P . 196 , CONCL . S . ALBERet note Ph . Terneyre.
[13]ـطلاش خديجة ، اصلاح النظام القانوني للصفقات العمومية :
نظام الرقابة ، مذكرة لنيل شهادة ماجستير في اطار مدرسة دكتوراه ، حقوق ، فرع دولة
و مؤسسات عمومية ، جامعة الجزائر 1، 2012 ـ 2013 ، ص 16.
[14] المرجع نفسه ، ص 16.
[15] المرجع نفسه ، ص ص 16 ـ 17.
[16] ـمداخلة سفيان موري ، مدي فاعلية
اساليب الرقابة الداخلية علي الصفقات العمومية ، ملتقي وطني حول دور قانون الصفقات
العمومية في حماية المال العام ، كلية الحقوق ، جامعة المدية ، 20/05/2013.
[17] ـخضري حمزة ، اليات حماية المال
العام في اطار الصفقات العمومية ، اطروحة لنيل شهادة الدكتوراه العلوم في الحقوق
تخصص قانون عام ، جامعة الجزائر ، 2014 ـ 2015 ، ص 142.
[18] المحكمة الادارية قضية عدد 21826
اس في 17/12/1999 ، م.ع.ن..د في حق وزارة الدفاع الوطني ضد /شركة كاميلياري ،
المجموعة ، ص 525.
[19] ـمداخلة د ، خضري حمزة ، يوم
دراسي حول التنظيم الجديد للصفقات العمومية و تفويضات المرفق العام ، مرجع سابق.
[20]ـ CE 28 Juillet 1995 , prèfet de région lle ـ de ـ France c / Soc . de gérance jeanne dArc ; p. D. P . 1996 , 569 , Concl . fratacci.
[21] ـمداخلة العقون مراد ، لقاء حول الصفقات العمومية
بالبلديات ملتقي بدائرة بريكة حول مرسوم الصفقات العمومية الجديد 10 ديسمبر 2015.
[22] ـحاحا عبد العالي ، الاليات
القانونية لمكافحة الفساد الاداري في الجزائر ، اطروحة مقدمة لنيل شهادة دكتوراه
علوم في الحقوق ، تخصص قانون عام ، كلية الحقوق ، جامعة بسكرة ، 2012 ـ 2013 ، ص 444.
[23] عمار بوضياف ، المرجع في المنازعات الادارية ، القسم الثاني (الجوانب
التطبيقية للمنازعة الادارية) ، ط1 ، جسور
للنشر و التوزيع ، المحمدية الجزائر ، 2013 ، ص ص 325 ـ 326.
[24]امل بعيش تمام ، سلطات القاضي الاداري في توجيه اوامر
للإدارة رسالة دكتوراه ، جامعة محمد خيضر بسكرة ، ص 409.
[25] نصيبي الزهرة ، الاختصاص النوعي
بين مجلس الدولة و المحاكم الادارية في الجزائر ، مذكرة ماجستير ، 2011 ـ 2012 ، ص
69.
[26] المرجع نفسه ، ص 69.
[27] مسعود شيهوب ، المبادئ العامة
للمنازعات الادارية ، جزء 2 ، نظرية الاختصاص ، ديوان المطبوعات الجامعية ،
الجزائر ، دون سنة نشر ، ص 128.
[28]المرجع نفسه ، نفس الصفحة.
[29]ـ عمار عوا بدي ،
عملية الرقابة علي اعمال الادارة العامة في النظام الجزائري ، ط3 ، ديوان
المطبوعات الجامعية بن عكنون، الجزائر ، 1994 ، ص 103.
[30] عمار عوا بدي ، مرجع نفسه ، ص ص 103 ـ 104.
[31] حاحا عبد
العالي مرجع سابق ، 447.
[32] رضا دريرة ، مدير عام بالوزارة
الاولي ـ اللجنة العليا للصفقات "كراسات ألشروط " مداخلة في الملتقي
الذي نظمته جمعية البحوث للتنمية الاقتصادية و الاجتماعية ، 6 و 7 ديسمبر 2006.
[33] عادل بوعمران ، النظرية العامة للقرارات الادارية و العقود الادارية ، د.ط
دار الهدي ، عين ميلة ، الجزائر ، 2010 ، ص 77.
[34]
عادل بوعمران ، مرجع نفسه ، ص 77.
[35] انظر رضا خماخم "جرائم
الرشوة في القانون عدد 33 لسنة 1998 المؤرخ في 23 ماي 1998 المتعلق بتنقيح و اتمام
بعض الاحكام من المجلة الجنائية
"مجلة القضاء و التشريع جوان 1998 ، ص 11.
[36] عادل بوعمران ، مرجع نفسه ، ص ص
77- 78.
[37]ـ مسعود شيهوب ، مرجع سابق ، ص 129.
[38]ـ المرجع نفسه ، ص ص 129 - 130.
[39] جمال عباس احمد عثمان ، النظرية
العامة و تطبيقاتها في مجال الغاء العقود في الفقه و قضاء مجلس الدولة ، د.ط ، المكتب العربي الحديث ، الاسكندرية ، مصر ،
2007 ، ص 168.
[40] تجدر الملاحظة ان النسخة الفرنسية للأمر تستعمل كلمة "Enquète" و التي تقترب في مدلولها من كلمة تحقيق التي تتماشي اكثر مع
الدور الذي بعثت من اجله الهيئة . هيئة المتابعة و المراجعة تسمي Comité de suivi et d enquéte.
[41] ـ Loi n 91 ـ 3 du 3
janvier 1991 précité.
[42] الفصل 14 ـ 432 من المجلة الجنائية
الفرنسية ، النص الفرنسي لا يشترط في اركان الجريمة المتعاقدة بالفعل الجنائي
الارتشاء ذلك انه لقيام الجنحة يجب توفر ثلاثة شروط في الفعل : اولا : ان يتمثل في
منح احد المشاركين في الصفقة امتيازا لا مبرر له فيه ، ثانيا : ان يكون ارتكاب
الفعل بنية سيئة ثالثا : ان يكون يمثل اعتداء علي حرية التقدم و مساواة المشاركين
في الصفقة العمومية.
النص الفرنسي فيه اكثر تشديد علي الافراد المتدخلة في
عملية الشراء العمومي . فالرغبة في الردع و تهذيب الاخلاق و من ورائه شفافية
التصرفات ادي بالمشرع الي وضع اركان لهذه الجنحة سهلة التحقيق في الواقع مما ادي
الي تكاثر تطبيقاتها من قبل القاضي الجنائي.
[43]ـ prebissy ـ schnall , précité , p
, 330.
[44]المادة 2 من المرسوم الرئاسي 10/236 ، المؤرخ في 03
اكتوبر 2010 ، المتضمن تنظيم الصفقات العمومية ، الجريدة الرسمية عدد 58 الصادرة
في 07 اكتوبر 2010.
[45] باية سكاكسني ، دور القضاء الاداري
بين المتقاضي و الادارة ، دار هرمة ، ط 02 ، بوزريعة ، الجزائر
، 2006 ، ص 33.
[46] المرجع نفسه ، ص 33.
[47] ـسليمان محمد الطماوي ، الاسسس
العامة للعقود الادارية ـ دراسة مقارنة ـ
دار الفكر العربي ، ط 5 ، القاهرة ، 1991 ، ص 44.
[48] شنطاوي علي خاطر ، موسوعة القضاء
الاداري ، مكتبة دار الثقافة للنشر و التوزيع ، الجزء الاول و الثاني ، ط 1 ، عمان
الاردن ، 2004 ، ص 23.
[49] شنطاوي علي خاطر ، مرجع نفسه ، ص ص
23 ـ 24.
[50] ـ سليمان محمد الطماوي ، مرجع
سابق ، ص 45.
[51] عادل بوعمران ، النظرية العامة للقرارات الادارية و العقود الادارية ، دار
الهدي ، د.ط ، عين مليلة ، الجزائر ، 2010 ، ص 18.
[52] القانون رقم 08/09 المؤرخ في 18/صفر/1429 ، الموافق ل : 25 /فبراير/2008 ،
المتضمن قانون الاجراءات المدنية و الادارية.
[53] كلوفي عز الدين ، نظام المنازعة في
مجال الصفقات العمومية علي ضوء قانون الاجراءات المدنية و الادارية ، دار النشر
جيلطي ، دون طبعة ، الجزائر ، 2012 ، ص 30.
[54] كلوفي عز الدين ، مرجع نفسه ، ص
31.
[55] المادة 947 من القانون رقم 08 ـ 09 ، مصدر سابق.
[56] ـشنطاوي علي خاطر، مرجع سابق ، ص 26.
[57] ـباية سكاكسني ، مرجع سابق ، ص 37.
[58] جمال عباس احمد
عثمان ، مرجع سابق ، ص 171.
[59] المادة 946 من القانون رقم 08 ـ 09
، مصدر سابق.
[60] المواد 26 و 27 و 34 من القانون رقم 06/01 المؤرخ في 21 محرم 1427 ،
الموافق ل : 20 / فبراير/2006، المتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته.
[61] جباري عبد الحميد ، قراءة في قانون الوقاية من الفساد و مكافحته ، مجلة
الفكر البرلماني ، العدد 15 فيفري 2015 ، ص 50.
[62] عبد الغاني حسوني ، الكاهنة زواوي ، الاحكام القانونية الجزائية لجريمة
اختلاس المال العام ، مجلة الاجتهاد القضائي ، العدد الخامس سبتمبر 2009 ، ص 100.
[63] عبد الغاني حسوني ، مرجع سابق ، ص
ص 100 ـ 101.
[64] عبد الغاني حسوني ، الكاهنة زواوي ، الاحكام القانونية الجزائية لجريمة
اختلاس المال العام ، مجلة الاجتهاد القضائي ، العدد الخامس سبتمبر 2009 ، ص 52.
[65] بن بشير وسيلة ، مرجع نفسه ، ص ص
52 ـ 53.
[66] ـخلف الله كريمة ، منازعات
الصفقات العمومية في التشريع الجزائري ، مذكرة ماجستير ، جامعة قسنطينة ، الجزائر
، 2012 ـ 2013 ، ص 43.
[67] ـخلف الله كريمة ، مرجع نفسه ، ص
43.
[68] ـمانع عبد الحفيظ ، طرق ابرام
الصفقة العمومية و كيفية الرقابة عليها في ظل القانون الجزائري ، مذكرة لنيل شهادة
الماجستير في القانون العام ، جامعة ابي بكر بالقايد ، تلمسان ، 2007 ـ 2008 ، ص
25.
[69] ـخلف الله كريمة ، مرجع نفسه ، ص
ص 25 ـ 26.
[70] خلف الله كريمة ، مرجع نفسه ، ص 26.
[71] علال قاشي ، الرشوة مظهر من مظاهر الفساد الاداري و
اساليب معالجته ، الملتقي الوطني حول الاليات القانونية لمكافحة الفساد ، كلية
الحقوق و العلوم الاقتصادية ، قسم الحقوق ، جامعة ورقلة بتاريخ 02/03/سبتمبر/2008
، ص 18.
[72] علال قاشي ، مرجع نفسه ، ص 18.