JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->

بحث حول بطلان العقد سنة ثانية حقوق

خط المقالة

 

مقدمة:

 

يقوم العقد  على جملة من الأركان حتى يكون صحيحا، وتتمثل في التراضي والمحل والسبب والشكلية في بعض العقود، فإذا استوفت كل هذه الاركان وتوفرت شروط الصحة من الأهلية وخلوه من عيوب التراضي كان صحيحا، وأما إذا تخلفت إحداها كان العقد باطلا. والبطلان هو الجزاء الذي رتبه المشرع الجزائري على تخلف إحدى هذه الشروط أو

الأركان هو ما يسمى بنظرية البطلان .

فنظرية البطلان ظهرت قديما عند الرومان، فهي تضرب بجذورها أعماق التاريخ فيعتبر البطلان من النظريات العامة والمعقدة في نفس الوقت.

حيث أن المشرع الجزائري فرض البطلان كجزاء، وذلك لتحقيق مصلحة عامة أو مصلحة خاصة.

أهمية دراسة الموضوع

تتجلى أهمية الموضوع في الخصوصية التي يتميز بها البطلان ضمن نصوص القانون المدني الجزائري، حيث أنها تعتبر أهم النظريات التي يجب التفرقة فيها بين أنواع البطلان وكذلك التفرقة بين أركان العقد وشروط صحته بالإضافه إلى أنه يجب الإشارة إلى ما يتشابه مع البطلان من مصطلحات قانونية.

و نظرا لشساعة نطاق المعاملات بين الأفراد و سهولة الاتصال بين الشعوب و الدول جعل التصرفات التي يقوم بها الأفراد أكثر عرضة لحدوث البطلان و ذلك بسبب تخلف أحد أركان العقد أو شروط صحته ، و استنادا الى هذا فان الاشكالية المطروحة لموضوعنا هي:

ما هو بطلان العقد في نظر المشرع الجزائري؟

و الاجابة على هذه الاشكالية يقودنا للتعمق في نظرية البطلان و طرح التساؤلات الفرعية التالية:

-       ما المقصود بالبطلان؟

-       ماهي تقسيمات البطلان حسب المشرع الجزائري؟

-       فيما تتمثل آثار بطلان العقد في القانون الجزائري؟

و لانجاز بحث كامل يجيب على كل هذه التساؤلات اتبعنا المنهج الوصفي لمعرفة نظرية البطلان و وصف بعض التعاريف و الآراء الفقهية، كما استعملنا المنهج التحليلي  في تحليل المواد و النصوص القانونية المتعلقة بالموضوع.

 و قد قمنا بتقسيم دراستنا إلى مبحثين الأول تناولنا فيه مفهوم البطلان و عرفناه في المطلب الأول منه و تطرقنا إلى  أنواعه في مطلبه الثاني.

أما المبحث الثاني فكان حول الآثار المترتبة عن بطلان العقد.



 

المبحث الأول: مفهوم البطلان

المطلب الأول: تعريف البطلان و تمييزه عن المصطلحات المشابهة

الفرع الأول : تعريف البطلان

أولا: تعريف البطلان لغة

" البطلان من بطل يبطل ، بطلا وبطولا وبطلانا أي فسد  وسقط حكمه، ذهب خسرا وضياعا، فهو باطل، و بطله عطله، أبطل الشيء بالباطل فهو مبطل الشي ذهب به ضياعا، جعله باطلا، و الباطل، ضد الحق جمعه  أباطيل[1].

و هو بمعنى الضياع و الخسران و الفساد و سقوط الحكم.

ثانيا: التعريف الفقهي للبطلان

عرفه السنهوري بقوله:  بطلان العقد هو الجزاء القانون على عدم إستجماع العقد لأركانه كاملة مستوفية لشروطها .[2]

ويذهب الأستاذ نصر الدين محمد زغلول إلى تبني فكرة أن البطلان هـو انعدام للأثـر القانوني الذي ينبغي وضعه بالفعل ونشير إلى أن لفظ إنعدام الأثر القانون يعني أن البطلان جزاء لتخلف الأوضاء التي تطلبها القانون.

ثالثا: التعريف الاصطلاحي  للبطلان

يمكن استخلاص أن البطلان هو الجزاء الذي يوقعه القانون لعدم توافر أركان العقد وشروط صحتها وقد نظم القانون المدني الجزائري البطلان من المادة 99 منه لغاية 105 متناولا أحكامه ومحددا أنواعه[3].

حيث نصت المواد على النحو التالي:

-       المادة 99: إذا جعل القانون لأحد المتعاقدين حق في إبطال العقد فليس للمتعاقد الآخر أن يتمسك بهذا الحق.

-       المادة 100 يزول حق إبطال العقد بالإجازة الصريحة أو الضمنية وتستند الإجازة إلى التاريخ الذي تم فيه العقد، دون إخلال بحقوق الغير.

-       المادة 101: يسقط الحق في إبطال العقد اذا لم يتمسك به صاحبه خلال خمس ( 5) سنوات. ويبدأ سريان هذه المدة في حالة نقص الأهلية من اليوم الذي يزول فيه هذا السبب وفي حالة الغلط او التدليس من اليوم الذي يكشف فيه، وفي حالة الإكراه من يوم انقطاعه غير انه لا يجوز التمسك بحق الابطال لغلط او تدليس او اكراه اذا انقضت عشرة (10) سنوات من وقت تمام العقد.

-       المادة 102: اذا كان العقد باطلا بطلان مطلقا جاز لكل ذي مصلحة أن يتمسك بهذا البطلان ، وللمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها ولا يزول البطلان بالاجازة. وتسقط دعوى البطلان بمضي خمسة عشرة سنة من وقت ابرام العقد

-       المادة 103: يعاد المتعاقدان إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد في حالة بطلان العقد أو إبطاله فان كان هذا مستحيلا جاز الحكم بتعويض معادل. غير أنه يلزم ناقص الأهلية إذا أبطل العقد لنقص أهليته إلا برد ما عاد عليه من منفعة بسبب تنفيذ العقد.

-       المادة  104: إذا كان العقد في شق منه باطلا أو قليلا للإبطال فهذا الشق وحده هو الذي يبطل ،إلا إذا تبين أن العقد ما كان ليتم بغير الشق الذي وقع باطلا ، أو قليلا للإبطال فيبطل العقد كله.

-       المادة :105: إذا كان العقد باطلا أو قابل للإبطال وتوفرت فيه أركان عقد آخر فإن العقد يكون صحيحا بإعتباره العقد الذي توفرت أركانه ، إذا تبين أن نية المتعاقدين كانت تنصرف إلى إبرام هذا العقد.

الفرع الثاني: تمييز البطلان عن المفاهيم المشابهة

إن البطلان يرجع إلى تخلف ركن من أركان العقد أو إختلاله، حيث يتميز البطلان عن بعض النظم الأخرى وهي كالتالي:

أولا: البطلان والفسخ.

البطلان وصف يلحق التصرف القانوني المعيب فيترتب جزاءه بافتقار التصرف لقوته الملزمة، أما الفسخ فهو حل رباط التعاقد لعدم تنفيذ الإلتزامات التي يرتبها العقد، والفسخ باعتباره نظام قانوني لا يلحق إلا التصرفات الملزمة للجانبين، والبطلان وإن اشترك مع الفسخ في عدم ترتيب الآثار القانونية على التصرف إلا أن بينهما فروقا جوهرية.

إلا أنه يترتب على كل من البطلان والفسخ العقد نفس الاثر وهـو الـزوال الكلي لآثــار العقد .

ثانيا: البطلان وعدم النفاذ

عدم النفاذ هو عدم جواز الإحتجاج بالعقد ولو كان صحيحا في مواجهة الغير، أي عدم سريانه في حق الغير ، فهو الجزاء المترتب على مخالفة قاعدة تغاير قواعد الخاصة بإبرام العقد، يخلط البعض بين البطلان وعدم نفاذ التصرف في بعض الاشخاص على الرغم من خلل بين.

ثالثا : البطلان والانحلال

الإنحلال يرد على كل عقد نشأ صحيحا ثم ينحل، وهو إما بإتفاق الطرفين أو بالإرادة المنفردة لأحد العاقدين، أما البطلان هو جزاء على عدم توافر أركان العقد أو شروط صحته، ومن هنا يتشابه البطلان والإنحلال من حيث الاثر المترتب عليهما وهو زوال العقد.

 

 

 

المطلب الثاني: أنواع البطلان

إختلف الفقه في تقسيمه للبطلان إذ منهم من قسمه تقسيما ثلاثيا ومنهم من اعتمد على التقسيم الثنائي إذ أن التقسيم الثلاثي يتضمن ثلاثة أنواع من البطلان وهي:

الإنعدام،  البطلان المطلق والبطلان النسبي، أما بالنسبة للتقسيم الثنائي ينحصر في نوعين هما البطلان المطلق والبطلان النسبي وهذان المصطلحان لم يردا في القانون المدني الجزائري وانما ورد فيه ما يدل عليهما، حيث استخدم اصطلاح (العقد الباطل) مقابلا للبطلان النسبي، وأيا كان الامر فإن القانون المدني الجزائري يأخذ بالتقسيم الثنائي للبطلان.

الفرع الأول: البطلان المطلق

سنتطرق من خلال هذا الفرع إلى المقصود بالبطلان المطلق وحالاته

أولا: المقصود بالبطلان المطلق

إن العقد بالنسبة لهذا النوع من البطلان لم ينعقد تماما فهو منعدم الوجود ولا حاجة لتقرير البطلان ويلحق هذا النوع من البطلان العقد الذي لم يستوفي أركانه، كإنعدام تطابق الإرادتين، أو انعدام المحل أو السبب، أو عدم مشروعية محله أو سببه، أو الإخلال بـركن شكلية بالنسبة للعقود الشكلية، والعقد الباطل بطلانا طلقا لا تلحقه اجازة ولا يتقادم بطلانه لأنه لم ينعقد أو لأنه مخالف للنظام العام والآداب العامة فهو غير موجود قانونا.

وهذا ما نصت عليه المادة 102 من القانون المدني الجزائري: " إذا كان العقد باطلا بطلانا مطلقا جاز لكل ذي مصلحة أن يتمسك بهذا البطلان وللمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها ولا يزول البطلان بالإجازة.

وتسقط دعوى البطلان بمضي خمسة عشر سنة من وقت ابرام العقد .

ويعد البطلان من النظام العام أي (بطلان مطلق) بناء على هذه الأسس في الأحوال التالية:

- مباشرة اجراءات تمس سلامة الجسم بوصفها أمرا محظورا على الإطلاق.

- مباشرة الإجراءات من غير جهات القضاء أو ما في حكمها خاصة إذا كانت تمس حرية التنقل أو الحق في الحياة الخاصة.

- مباشرة جهات غير قضائية لبعض الإجراءات خارج الأحوال الإستثنائية المسموح بها قانونا لهذه الجهات

- مخالفة القواعد التي تكفل الإشراف القضائي على الإجراءات الجنائية.

ويتميز البطلان المطلق بالأحكام الآتية:

- يجوز التمسك بالبطلان المطلق في أي حالة كانت عليها الدعوى حتى ولو كان أمام محكمة النقض ولأول مرة، إلا أن الدفع به ولأول مرة لدى محكمة النقض يتطلب وأن لا يقتضي أمر الفصل به إجراء تحقيق موضوعي وهو الأمر الذي يخرج عن إختصاص محكمة النقض.

- يجوز الدفع به والتمسك به من أي خصم ودون إشتراط مصلحة مباشرة من تقرير البطلان. - يجب على المحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها حتى ولو لم يطلبه الخصوم.

- عدم قابليته للتصحيح بواسطة رضا الخصم بالإجراء الباطل سواء كان الرضا صريحا أو ضمنيا .

ثانيا حالات البطلان المطلق

ويتضح من الأحكام الواردة في المواد من 99 إلى 105 من القانون المدني الجزائري أن البطلان المطلق يلحق العقد الذي يتخلف ركن من أركانه، وعليه فيكون العقد باطلا بطلانا مطلق في الحالات الآتية:

1- إذا انعدام ركــن الرضا، امـا لعدم تطابق الإرادتين، أو لأن أحد المتعاقدين عديم الإرادة كالصغير غير المميز والمجنون والمعتوه.

2- عدم وجود محل العقد، أو كان المحل غير معين أو مستحيلا، أو كان خارجا عن دائرة التعامل أو كان غير مشروع

3- إذا لم يوجد سبب للإلتزام، أو أن سبب العقد غير مشروع.

4- تخلف الشكل الذي يتطلبه القانون لإنعقاد العقد في العقود الشكلية.

وهذا ما نصت عليه المادة 883 من القانون المدني الجزائري المتعلقة بالرهن الرسمي " لا ينعقد الرهن إلا بعقد رسمي أو حكم أو بمقتضى القانون ".

فإذا أمعنا النظر في هذه الحالات، نجد أن بعض أسباب البطلان ترجع إلى اعتبارات فنية يقتضيها ابرام العقد، والبعض الآخر يرجع إلى هدف حماية المجتمع من مخالفة نظام العام والآداب العامة، كما في حالتي عدم مشروعية محل العقد، وعدم مشروعية سببه .

الفرع الثاني: البطلان النسبي

سنتطرق من خلال هذا الفرع إلى المقصود بالبطلان النسبي وحالاته:

أولا: المقصود بالبطلان النسبي

العقد الباطل بطلانا نسبيا هو ما اختل فيه شرط من شروط صحة التراضي، فإذا صدر العقد من ناقص الأهلية كان باطلا بطلانا نسبيا، أي باطلا من جهة واحدة هي جهـة ناقص الاهلية، ذ البطلان قد تقرر لمصلحته. وإذا كان رضا أحد العاقدين مشـوبـا بعيـب بـأن وقـع هـذا العاقد في غلط أو تدليس أو اكراه كان العقد باطلا بطلانا نسبيا.

ويقصد بالبطلان النسبي أو القابل للإبطال كمـا جـاء فـي القـانون المدني الجزائري أن العقد صحيح، ومرتب لجميع آثاره إلا أنه مهدد بالزوال، إذا قام أحد طرفي العقد الذي قرر القانون له حق الإبطال ابطال العقد - نتيجة تخلف شرط من شروط الصحة، ويقال في هذه الحالة أن العقد قابل للإبطال، وبالتالي تلحقه الإجازة وتكون من صاحب الحق الذي يقرر لمصلحته الإبطال دون الطرف الآخر في العقد.

تختلف أحكام البطلان النسبي عن تلك المتعلقة بالبطلان المطلق لاختلاف طبيعة المصلحة المحمية في كل منها، فإذا كانت حماية المصلحة العامة والنظام العام هي هدف فكرة البطلان المطلق، فإن مصلحة الخصوم غاية البطلان النسبي، الأمر الذي جعل هذا الأخير يتميز بأحكام ومميزات خاصة تتمثل في الآتي:

- إن إرضاء صاحب المصلحة المحمية إجرائيا بالعمل الإجرائي الباطل بطلانـا نسبيا يسقط البطلان ويحقق الإجراء.

- له أن يتنازل من الدفع بالبطلان صراحة أو ضمنيا.

- لا يجوز لغيره من الخصوم ولا حتى للمحكمة التمسك بالبطلان فهو قاصـر علـيـه وحـده دون سواه.

- يزول الحق بالتمسك بالبطلان إذا كان من شرع لمصلحة هو الذي بسبب البطلان.

- البطلان النسبي قابل للإجازة والتصحيح من طرف من تقرر هذا البطلان لمصلحته سواء كان هذا القبول صريحا أو ضمنيا .

ثانيا حالات البطلان النسبي

يكون العقد باطلا بطلانا سبيا أو قابل للإبطال اذا تخلف شرط من شروط الصحة كنقص الأهلية الازمة لإبرام العقد لدى كل المتعاقدين، أو فساد الإرادة بأحد عيوب الرضـا وهـي الغلط والإكراه والغبن والإستغلال، كما يوجد حالات معينة يقرر فيها القانون البطلان النسبي

وتتمثل هذه الحالات في ما يلي:

1- نقص الأهلية: وقد إعتبر المشرع الجزائري نقص الأهلية سببا من أسباب البطلان النسبي إذ أنـه نـص

في المادة 101 الفقرة 1 المعدلة " يسقط الحق في إبطال العقد إذا لم يتمسك به صاحبه خلال خمس (5) سنوات "يبدأ سريانها في حالة نقص الأهلية من يوم الذي يزول فيه هذا السبب.

2-عيوب الرضا: إذا اصاب ارادة أحد المتعاقدين بعيب من عيوب الرضا كالغلط أو التدليس أو الإكراه أو الإستغلال، وتناولت هذه الحالات المواد 81 إلى 91 من القانون المدني

3- حالات خاصة للبطلان النسبي:

* الحالة الأولى أورد المشرع الجزائري كذلك في نصوص متفرقة حالات خاصة للبطلان النسبي، من ذلك أن يكون العقد قابلا للإبطال في حالة بيع النائب لنفسه.

*أما الحالة الثانية قد نصت المادة 412 قانون مدني على أنه يصح البيع في الأحوال المشار إليها في المادتين 410 و 411 إذا اجازه من تم البيع لحسابه".

*ومن الحالات الخاصة للبطلان النسبي أيضا بيع ملك الغير، والإبطال هنا مقرر لصالح المشتري وهذا ما نصت عليه المادة 397 قانون مدني.

المبحث الثاني: تقرير البطلان

بعد معالجتنا في المبحث الأول لماهية البطلان ،وأنواعه، تقتضي الضرورة دراستنا إلى عرض الجانب العلمي والمتمثل في كيفية تقرير البطلان والمتمثلة في من هو صاحب الحق

- وليد طالبي، المرجع السابق، ص20.

2- محمد حسين منصور، النظرية العامة للإلتزام مصادر الإلتزام"، طبعة 2006 ، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية،

2007، ص 247 248

3 علي فيلالي، المرجع السابق، ص 260.

- محمد حسين منصور، المرجع السابق، ص 249.

في التمسك بالبطلان وهذا ما تطرقنا له في المبحث الأول، ثم في المطلب الثاني بينا كيفية

سقوط الحق في التمسك بالبطلان.

المطلب الأول: صاحب الحق في التمسك بالبطلان

سنتطرق من خلال هذا المطلب إلى صاحب الحق في التمسك بالبطلان المطلق (الفرع

الأول) وصاحب الحق في التمسك بالبطلان النسبي (الفرع الثاني).

الفرع الأول: صاحب الحق في التمسك بالبطلان المطلق

يحق لكل ذي مصلحة أن يتمسك ببطلانه وتنص المادة 102 قانون مدني جزائري، على أنه: " إذا كان العقد باطلا بطلانا مطلقا جاز لكل ذي مصلحة أن يتمسك بهذا البطلان وللمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها ولا يزول البطلان بالإجازة.

وتسقط دعوى البطلان بمضي خمسة عشر سنة من وقت إبرام العقد"

أولا من هو صاحب المصلحة

هو كل صاحب حق يتأثر بصحة العقد وبطلانه، أي أن يكون من شأن صحة أو بطلان العقد لتأثير في حقوق طالب البطلان ويتحقق ذلك بالنسبة لكل من المتعاقدين والخلف العام والخلف الخاص والدائنين.

1- يجوز لأي من المتعاقدين طلب البطلان مثال ذلك التعاقد على توريد صفقة من المخدرات

أو إنجاز عمل غير مشروع.

2 ويجوز للخلف الخاص التمسك بالبطلان وذلك ذا كان حقه يتأثر بوجود أو بطلان العقد الذي أبرمه السلف، فالخلف الخاص هنا هو كل من تلقى من أحد المتعاقدين حقا يتأثر ببطلان العقد وصحته، مثال ذلك يجوز لمشتري الشقة أن يطلب بطلان عقد الإيجار الذي أبرمه البائع عليهما.

ثانيا : المحكمة:

يجوز للمحكمة أن تقضي من تلقاء نفسها في أي حالة تكون عليها الدعوى لأن العقد الباطل ليس له وجود قانوني بل ويجب على المحكمة الحكم بالبطلان المطلق حتى ولو لم يطلبه منها أحد الخصوم وذلك لتعلق الأمر بالمصلحة العامة والنظام العام.

- محمد صبري السعدي، الواضح في شرح القانون المدني، المرجع السابق، ص 246. 2 محمد حسين منصور، المرجع السابق، ص 246

فإذا رفع البائع دعوى على المشتري يطالبه بالثمن فيتبين للقاضي ببطلان العقد بطلانا مطلقا لعدم

مشروعية المحل.

ثالثا: النيابة العامة

للنيابة العامة التمسك بالبطلان في الحدود المقررة لها قانونا مثال ذلك الدعاوى الخاصة بعديمي

الأهلية والدعاوى التي ترى النيابة التدخل فيها لتعلقها بالنظام العام. 2

الفرع الثاني: صاحب الحق في التمسك بالبطلان النسبي.

حيث سنتطرق إلى من هو صاحب المصلحة وكذلك هل للمحكمة الحق في التمسك بالبطلان

النسبي وأيضا بالنسبة للنيابة.

أولا: من هو صاحب المصلحة

نصت المادة 99 قانون مدني " إذا جعل القانون لأحد المتعاقدين حقا في إبطال العقد فليس للمتعاقد الآخر أن يتمسك بهذا الحق وهذا الحكم نتيجة منطقية يرتبها البطلان النسبي، فما دام يتعلق الأمر بمصلحة خاصة فيكون حق الإبطال قاصرا على صاحب المصلحة أو من يقوم مقامه دون

غيرهما 3

فإذا كان أحد طرفي العقد ناقص الأهلية أو شاب إرادته عيب من عيوب رضا، فله الحق في طلب الإبطال، أما المتعاقد الآخر الكامل الأهلية والذي سلمت إرادته من العيوب فليس له هذا حق، كما أنه لا يجوز للغير الأجنبي الذي يراد الإحتجاج عليه بالعقد القابل للإبطال أن يتمسك بإبطال العقد.

والبطلان النسبي يجوز أن يثيره الخلف العام للمتعاقد أو خلفه الخاص ( أي يمكن أن يتنقل للورثة، كذلك ينتقل لدائني المتعاقد، عن طريق دعوى غير مباشرة، ويجب التمسك بعقد البطلان خلال سنة واحدة من تاريخ ابرام العقد متى تعلق الأمر بعيب الإستغلال وخلال 10 سنوات من تاريخ اكتشاف

الغلط أو التدليس أو من تاريخ إكتشاف الإكراه.

- محمد حسين منصور، المرجع السابق، ص 248

2- المرجع نفسه، ص 249.

علي فيلالي الإلتزامات النظرية العامة للعقد، ص341.

4- محمد صبري السعدي، الواضح في شرح القانون المدني، المرجع السابق، ص 248.

5- دربال عبد الرزاق، الوجيز في النظرية العامة للإلتزام مصادر الإلتزام، دار العلوم للنشر والتوزيع، د.ط، 2004،

ص 50، 51.

ثانيا: المحكمة

حيث تمنع خصوصية هذا الحق المحكمة من الحكم بالإبطال من تلقاء نفسها، كما أنه ليس للغير أيضا أن يحتج به ، واعتبرت المحكمة العليا تطبيقا لهذه القاعدة أن الشخص الذي شارك في مزايدة (ط. س) لا ينشأ له أي حق على العقار محل المزايدة وملك للمؤسسة الإقتصادية "إيكوطــاكس" ، يسمح له طلب إبطال عقد بيع ذلك العقار الذي تصرفت فيـه المؤسسة الإقتصادية بعد فشل عملية المزايدة لفائدة شخص آخر (الطاعن) بعقـد توفيقي مشهر .2

:ثالثا ممارسة التمسك بحق الإبطال من قبل النائب

إلى جانب حالات النيابة القانونية، حيث يقوم النائب مقام النائب عنه وله أن يمارس حقوق هذا الأخير بما فيها التمسك بحق الإبطال ولحساب الأصيل هناك ثلاث أوضاع قانونية لا بد الإشارة إليهم وهي الخلف العام الذي يخلف السلف في ذمته المالية أو جزء منها وله بهذه الصفة الحق في التمسك بإبطال العقد لأنه يمارس حق السلف الذي تلقاه ضمن التركة، الخلف الخاص لم يختلف الفقهاء حول حق الخلف الخاص في التمسك بإبطال العقد وغنما تتمحور إختلافهم حول أساس هذا الحق فهناك من يرى أنهم يستطيعون التمسك بإبطال العقد عن طريق الدعوى غير المباشرة طبقا للمادة 189 قانون مدني" لكل دائن ولو لم يحل أجل دينه أن يستعمل جميع حقوق هذا المدين، إلا من كان منها خاص بشخص أو غير قابل للحجز .."، حيث أن الدائن العادي عند توفر الشروط المقررة قانونا له الحق ان يتمسك إبطال العقد عن طرق الدعوى غير المباشرة، فهو يستعمل في حق مدينه بإعتباره نائبا عنه ولا تخرج هذه الحالة عن المبدأ العام 3

المطلب الثاني: سقوط الحق في التمسك بالبطلان

يجب رفع دعوى لتقرير البطلان أي كان نوعه مطلق أو نسبي)، ويجوز التمسك بالبطلان عن طريق الدفع، وعليه يسقط الحق في التمسك بالبطلان إما بالإجازة أو بالتقادم

وهذا ما سنعرضه في الفرعين التاليين:

علي فيلالي، المرجع السابق، ص 341.

2- قرار صادر من الغرفة العقارية، ملف رقم 335706، بتاريخ 2006/02/08 ، م..م ع، 2006 ،1 ،ص423.

علي فيلالي المرجع السابق، ص 342 343 334



[1] فؤاد افرام البشاني، منجد الطلاب ،ط45 دار المشرق، بيروت، لبنان، 1986، ص36

[2] عبد الحكيم فودة، الموسوعة العلمية في ضوء الفقه وقضاء النقض البطلان في القانون المدني والقوانين الخاصة، مج 1، ج 1 (د.ط) دار فكر الجامعي، الإسكندرية (د.ت.ن)، ص17، 18.

[3] خليل أحمد حسن قدادة ، الوجيز في شرح القانون المدني الجزائري، ج 1، مصادر الإلتزام، ديوان المطبوعات الجامعية، دون طبعة الجزائر، 1994، ص 81.

NameEmailMessage