JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->
Home

الخلع بين الشرع و التشريع

خط المقالة

 

المبحث الأول مفهوم الخلع:

في هذا المبحث سنتطرق إلى تعريف الخلع و مشروعيته و الحكمة منه، بالإضافة إلى تكييف الخلع وتمييزه عن حالات الطلاق الأخرى كالتالي:



المطلب الأول : تعريف الخلع ومشروعيته والحكمة منه :

الفرع الاول: تعريف الخلع ومشروعيته :

أولا­ تعريف الخلع:

أ­ لغة: الخلع هو الإزالة والنزع، يقال خلع الشيء يَخْلَعُه خُلْعًا واختلعه: كنزعه إلا أن في الخلع مُهْلة، وسَوَّى بَعْضُهُمْ بَيْنَ الخَلْع والنَّزْعِ. وخلَعَ النعلَ والثوبَ والرِّداءَ يَخْلَعُه خَلْعاً: جَرَّده. قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ مِنْ خَلَعْتُ الثَّوْبَ إِذا أَلْقَيْتَه عَنْكَ، وَالِاسْمُ الخُلْعةُ، وَقَدْ تَخالعا، وَخَلَعَ امرأَته خُلْعاً، بالضم، وخِلاعاً فاختلَعَت وخالَعَتْه فَهِيَ مخْتلِعةٌ. وقَال أَبو مَنْصُور: خَلَع امرأَتَه وخالَعها إِذا افْتَدَت مِنْهُ بِمَالِهَا فطلَّقها وأَبانها مِنْ نَفْسِهِ، وَسُمِّيَ ذَلِكَ الفِراق خُلْعاً.[1]

و في حديث كعب: إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة أي أخرج منه جميعه و أتصدق به و أعرى منه كما يعرى الإنسان إذا خلع ثوبه.
و خلع امرأته خلعا بالضم، وخلاعا فاختلعت و خالعته أي أزالها عن نفسه و طلقها على بدل منها له، فهي خالع و مختلعه[2]
و لقد و رد تعريفه في مدونة الإمام مالك بأنʺ الخلع في اللغة الإزالة و الإبانة، من خلع الرجل ثوبه أزاله و أبانه- والزوجان كل منهما لباس لصاحبه " [3]

ب-اصطلاحا:

التعريف الشرعي :

 عرف فقهاء المذاهب الخلع بتعريفات شتى منها:

1­ الحنفية: هو" إزالة ملك النكاح المتوقفة على قبول المرأة بلفظ الخلع أو ما في معناه "[4] أو هو" إزالة ملك النكاح ببذلٍ بلفظ الخلع"[5].

2­المالكية: هو الطلاق بعوض[6]وعرفه ابن رشد بأنه "بذل المرأة العوض على طلاقها".[7]

3­ الشافعية: هو" فرقة بين الزوجين بعوض مقصود راجع لجهة الزوج بلفظ طلاق أو خلع"[8] أو هو" افتراق الزوجين على عوض".[9]

4­ الحنابلة: هو" افتراق الزوج عن امرأته بعوض يأخذه الزوج من امرأته أو من غيرها بألفاظ مخصوصة".[10]

التعريف القانوني للخلع :

 لم يخص التشريع الجزائري تعريفا محددا للخلع لكنه اقتصر على ذكر أسباب تحقيقه من خلال قانون الأسرة الجزائري11/84  المعدل والمتمم بالأمر 05/02 المؤرخ في 27/02/2005 في المادة 54 منه على أنه "يجوز للزوجة دون موافقة زوجها أن تخالع نفسها من زوجها بمقابل مالي، إذا لم يتفق الزوجان على المقابل المالي للخلع يحكم القاضي بما لا يتجاوز صداق المثل وقت صدور الحكم"، ويتضح من خلال هذه المادة أن المشرع في القانون الجزائري يبين أن الخلع هو أحقية الزوجة في مخالعة نفسها بمقابل مالي دونما الحاجة إلى موافقة الزوج، وهذا يتفق مع ما قاله الامام بن رشد في كتابه " بداية المجتهد ونهاية المقتصد " عندما قال: والفقه أن الفداء إنما جعل للمرأة في مقابلة ما بيد الرجل من طلاق، فإنما لما جعل الطلاق بيد الرجل إذا فرك المرأة ( أي كره المرأة للرجل) جعل الخلع بيد المرأة إذا كرهت الرجل[11].

ولقد تم الأخذ بنظام الخلع في العديد من التشريعات العربية فعرفت بعض القوانين العربية الخلع على النحو التالي:

-       المشرع الليبي في المادة 12: "الخلع هو تطليق الزوجة لقاء عوض بلفظ الخلع أو الطلاق وما في معناهما كالمبارءة".

ثانيا­ مشروعية الخلع:

 ثبتت مشروعية الخلع بالكتاب والسنة والإجماع.

أ­ من الكتاب: قال الله تعالى: ]الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ[[12]

وجاء في تفسير ابن كثير أنه إذا تشاقق الزوجان ولم تقم المرأة بحقوق الرجل وأبغضته ولم تقدر على معاشرته فلها أن تفتدي منه بما أعطاها، ولا حرج عليها في بذلها، ولا عليه في قبول ذلك منها[13] وهو دليل على مشروعية الخلع.

ب­ من السنة:

 رواية حديث ابن عباس:" أن امرأة ثابت بن قيس جاءت إلى الرسول r، فقالت: يا رسول الله إني ما أعيب عليه في خلق ولا دين، ولكني أكره الكفر في الإسلام، فقال رسول الله r أتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم، فقال رسول الله r : اقبل الحديقة وطلقها تطليقة".[14]

فهي لا تريد مفارقته لسوء خلقه ولا لنقصان دينه، وإنما كرهت كفران العشير، والتقصير فيما يجب له بسبب شدة البغض له، فأمرها النبي r أمر إرشاد وإصلاح لا إيجاب بردِّ بستانه الذي أمهرها إياه، وهو أول خلع وقع في الإسلام وفيه معنى المعاوضة.[15]

ج­ الإجماع: قال ابن قدامة الحنبلي:" وبهذا - أي بجواز الخلع- قال جميع الفقهاء بالحجاز والشام، قال ابن عبد البر: ولا نعلم أحداً خالف إلا بكر بن عبد الله المزني، فإنه لم يجزه وزعم أن آية الخلع منسوخة بقوله سبحانه وتعالى: ] وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا[[16] ودعوى النسخ لا تسمع حتى يثبت تعذر الجمع وأن الآية الناسخة متأخرة ولم يثبت شيء من ذلك، والقول بالخلع هو قول عمر وعلي وعثمان وغيرهم من الصحابة لم نعرف لهم في عصرهم مخالفا ،فيكون إجماعا".

حكمه والحكمة منه :

أولا ­ حكمه: يختلف الحكم التكليفي للخلع باختلاف الحالة بحيث يكون :

أ­ الخلع المباح: ذهب أئمة المذاهب الأربعة إلى أنه يكون طلب المرأة للخلع مباحا في حالة الشقاق بين الزوجين أو إذا كرهت المرأة زوجها لسبب طبيعي كدمامته وقبح صورته، أو إذا كرهته لسبب شرعي كنقص في ديانته أي تقصيره في أداء ما يجب عليه شرعا، أو لكبر سنه وعجزه عن أداء حقوقها وخشيت أن يؤدي بها ذلك إلى تفريطها بحقه وما يترتب على هذا التفريط من لحوق الإثم بها.[17]

واستدلوا بقوله تعالى:]فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِه[[18] فقد نفى الله سبحانه وتعالى الجناح عند الخوف والتقصير في الحقوق الزوجية بسبب التباغض وهذا يدل على أنه مباح.[19]

ب­ الخلع المكروه: يكون الخلع مكروها إذا كان سببه مكروها، كأن تميل الزوجة إلى غير زوجها وترغب في نكاحه فتخالع زوجها لتنكح من مالت إليه ورغبت فيه فهذا خلع مكروه، لما روي عن النبي r أنه قال: « المنتزعات و المختلعات هن المنافقات»[20] يعني التي تخالع زوجها لميلها إلى غيره.[21] ويكره الخلع كذلك إذا كانت الحياة الزوجية مستقيمة خالية من النزاع والشقاق وطلبت المرأة الخلع لغير سبب أو عذر[22] لحديث النبي r:«أَيُّمَا امْرَأَةٍ اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا مِنْ غَيْرِ بَأْسٍ لَمْ تَرِحْ رَائِحَةَ الجَنَّةِ».[23]

ج­ الخلع المحرم: إذا كان النشوز من قبل الزوج لأجل الافتداء، كأن ينالها بالضرب والأذى حتى تخالعه، أو يضيق عليها أو يمنعها حقا من حقوقها كالنفقة عليها وغيرها من الحقوق حتى تفدي منه نفسها، فهذا الخلع حرام وذلك لانعقاد الإجماع على حرمة أخذ مال المسلم بغير حق لحديث النبي r: «لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ»[24] والزوجة ما طابت نفسها ولا رضيت بل أكرهها وضيق عليها من أجل دفع العوض، في مُكرهة على بذله، ويقول الله تعالى: ]وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ[[25] واختلف الفقهاء في حالة وقوع هذا الخلع على مذهبين:

1­ المذهب الأول: الخلع باطل والعوض مردود وروي هذا عن عبد الله ابن عباس­ رضي الله عنهما­ وعطاء ومجاهد والشعبي، وإليه ذهب المالكية والشافعية والحنابلة واستدلوا بقوله سبحانه وتعالى: ]وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا[ [26] وقال أيضا: ]وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ[[27] ففي الآيتين نهي وحرمة بأعظم الأوصاف، ولأنهن اُكرهن على بذل العوض بغير حق مستحق.

2­المذهب الثاني: قال الحنفية أنه حرام، وأنه آثم عاص والعقد صحيح والعوض لازم ذلك أن الزوج أسقط ملكه عنها بعوض رضيت به والزوج من أهل الإسقاط والمرأة من أهل المعاوضة والرضا.[28]

ثانيا: الحكمة من مشروعيته:

 قال تعالى: ]وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا[[29]  قد يشتد الشقاق وتصبح الحياة غير محتملة ومثلما جعل الإسلام الطلاق بيد الرجل ليتخلص منها إذا أحسَّ بنفرته منها وظن استحالة العيش معها، كذلك رخص للمرأة طلب الخلع لتفتدي نفسها منه ومكنها من الخلاص من الرابطة الزوجية عندما يفوت الغرض المقصود من الزواج فعليها لزوجها مالا لتتخلص مادام النفور من جهتها وذلك ببذل ما قدمه لها من صداق،[30] كما أن الزواج رابطة مقدسة لا تقوم إلا على الرضا والقبول ولا تستمر إلا بهما ونظام الخلع هو الكفيل ببقائهما على الأصول الكريمة وبهذا نجد أن الإسلام يراعي جميع حالات التي تعرض للناس ويراعي جميع القلوب التي لا حيلة للإنسان فيها ولا يقوم الزوجين على حياة ينفرا منها فيتبين لنا مدى سماحة الإسلام وحكمته في تشريعاته .


المطلب الثاني : تكييف الخلع وتمييزه عن حالات الطلاق الأخرى :

 الفرع الاول : التكييف الفقهي للخلع وموقف المشرع الجزائري :

        اختلف الفقهاء عند وقوع الخلع في نوع الفرقة بين الطلاق والفسخ وبين اليمين والمعاوضة

أولا: حول اعتبار الخلع طلاق أم فسخ :

أ­ الموقف الفقهي: انقسمت الآراء الفقهية إلى اتجاهين، اتجاه يرى أن الخلع طلاق ينقص به عدد الطلقات، واتجاه آخر يرى أن الخلع فسخ لا ينقص به عدد الطلقات:

­ القول الأول: يرى أن الخلع طلاق:

            واستدل أصحاب هذا الرأي بحديث ابن ماجة عن ابن عباس: «أن امرأة ثابت بن قيس أتت النبي r فقالت: يا رسول الله، ثابت بن قيس ما اعتب عليه في دين ولا خلق، ولكني أكره الكفر في الإسلام، فقال r:أتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم، فقال رسول الله r: اقبل الحديقة وطلقها تطليقة»[31] ووجه الدلالة أنه r أمره بطلاقها مقابل إرجاع الحديقة بلفظ الطلاق صريحا، وجعله طلاقا، ونوقش استدلالهم أن ما ورد في هذه الرواية لا خلاف فيه لأنه ورد بلفظ الطلاق أي إذا صرح بلفظ الطلاق في الخلع كان طلاقا وكذلك إذا نوى به الطلاق، ولكن في حالة عدم التصريح بلفظ الطلاق؟

   وفي هذا الحديث وردت ألفاظ في روايات أخرى تنافي حكم الطلاق مثل: أمرها الرسولr أن تعتد بحيضة في بعض الروايات وفي رواية خل سبيلها، وفي بعضها: وفارقها... وهذه الروايات بأجمعها أرجح من رواية قوله r: « وطلقها تطليقة».[32]

وكذلك ما روي عن سعيد بن المسيب أن النبي r جعل الخلع تطليقة وهو مروي عن عمر وعلي وابن مسعود ووجه الدلالة أن r أنه جعل الخلع طلاقا، ونوقش هذا الدليل على أن ما جاء من الصحابة والتابعين لا يصلح دليلا إذا كان محل اجتهاد والخلاف على الخلع هل هو فسخ أم طلاق هو محل اجتهاد ورأي الصحابة لا يُحتج به.

وتم الرد عليهم بأن هذا ليس رأي صحابي بل هو حديث مرسل أي قول رسول الله r لا اجتهاد فيه وكونه مرسل لا يعني عدم الأخذ به.

وأدلتهم كذلك أن الزوجة بذلت العوض للفرقة، والفرقة التي يملك الزوج إيقاعها هي الطلاق دون الفسخ ولأن الفرقة جاءت بعد تمام النكاح تكون طلاقا كذلك نوقش بأن هذا لا يصلح دليلا لأن هناك من الفرق التي تحدث بعد النكاح وبعد فسخ كالفرقة للعيب. [33]

­ القول الثاني : الخلع فسخ:

 وهو رواية أحمد بن حنبل والشافعي في أحد اقواله، وقول ابن عباس وعكرمة واسحاق واستدلوا ذلك بالكتاب والسنة :

- من الكتاب : بقوله عز وجل: ]الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ[ إلى أن قال:] فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ[[34] ووجه الدليل من ذلك أنه لو كان الخلع طلاقا لصار مع الطلقتين المتقدمتين ثلاثا، وحرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره، ولما قال بعده: فإن طلقها يعني الثالثة فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره لأنه قد طلقها الثالثة وصار التحريم متعلقا بأربع لا بثلاث، نوقش هذا الدليل على أنه لو كان كل مذكور في هذه الآيات لا يعد طلاقا لوقوع الزيادة على الثلاث لما كان قوله تعالى: ]أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ[ طلاقا، لأنه يزيد به عن الثلاث، ولا يفهم هذا إلا غبي أو متغاب، لأن الله عز وجل قال: ]الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ[ فإن وقع شيء من هذا الطلاق بعوض كان ذلك راجع إلى الأولى والثانية دون الثالثة التي هي ]أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ[ حسبما تقدم فلا جناح عليه فيه، فإن طلقها ثالثة فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره كان بفدية أو بغير فدية وقد تبين فساد قولهم الخلع فسخ.[35]

- من السنة النبوية الشريفة :

واستدلوا من السنة النبوية بما روي عن امرأة ثابت التي اختلعت منه فأمرها النبي r: «أن تعتد بحيضة»[36] .

ووجه الدلالة أن النبي r أمر المختلعة أن تعتد بحيضة واحدة، مع أن عدة المطلقة ثلاث حيضات لقوله تعالى: ]وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ[ [37]وورد على هذا الحديث أنه مضطرب في سنده ومتنه، أما عن اضطرابه في سنده فجاء في المحلى[38] أن حديث عبد الرزاق ساقط لأنه مرسل، أما عن اضطرابه في متنه فقد جاء في أحاديث أن النبي r جعل عدة المختلعة حيضة ونصفا وروي عن مالك أيضا: عدة المختلعة عدة المطلقة.

           وتظهر ثمرة الاختلاف  من خلال ما تقدم من الأدلة والمناقشات فنجد :

- أن الذين اعتبروا الخلع فسخا منحوا الفرصة لإمكانية إعادة العلاقة الزوجية فما كان أقرب للمصلحة كان أقرب للشرع، على أن يعيدها بعقد نكاح جديد ومهر جديد وإن تكرر منه الخلع لأن الفسخ لا يتقص من عدد الطلقات .

- الذين اعتبروا الخلع طلاقا حسموا المسألة لزوجة كارهة و باغضة العيش في علاقة زوجية مستحيلة.

ومن خلال ما سبق لا يوجد مانع من المزاوجة بين من اعتبر الخلع فسخا ومن اعتبره طلاقا.[39]

فيعتبر الخلع فسخا لا ينقص به عدد الطلقات، فله أن يراجعها حتى وإن سبق بطلقتين كما أنه لا يقع متعددا ولو قصد به أكثر من واحدة، وعدة المختلعة تكون حيضة واحدة.

أما على اعتبار الخلع طلاق فيحسب به عدد الطلقات فله أن يعدد أكثر من خلع بلفظ واحد، فيقع ما عدده عند من يجيز تعدد الطلقات وعدة المختلعة ثلاث حيضات كما هي المطلقة، وزيادة على ذلك لزوم الكثير من الأحكام كنفقة العدة وثبوت النسب لأن الطلاق لا ينقص العقد ولا يزيل الحل، كما أنه للزوج له أن يراجع زوجته بعقد ومهر جديدين ما لم يكن الخلع مسبوقا بطلقتين.[40]

واختلف الفقهاء الذين اعتبروا الخلع طلاق حول ما إذا كان هذا الأخير طلاق بائن أم رجعي

فأما ان قلنا انه بائن فإنه ينقص من عدد الطلقات التي يملكها الزوج عليها فان :

أ- كان قد طلقها مرة واحدة ثم خالعها، ثم عقد بنكاح جديد عليها فإنها تعود اليه وانه يملك عليها طلقة واحدة .

ب- إن لم يكن قد طلقها قبل الخلع ثم خالعها ثم أعادها بعقد نكاح جديد فإنها تعود اليه وهو يملك عليها تطليقتين لأن مخالعته لها تعتبر تطليقة بائنة انقص من عدد التطليقات 3 التي كان يملكها فبقيت له واحدتان فتعود اليه وهو يملك عليها تطليقتين أو طلقتين.

ج - إن الفرقة التي هي طلاق إذا كانت قبل الدخول أو الخلوة الصحيحة، توجب الزوجة نصف المهر او المتعة، أما الفرقة التي هي فسخ اذا وقعت قبلها، فلا توجب لها شيئا سواء كان من جانب الزج أو الزوجة[41].

د – معظم الذين جعلوا الخلع طلاقا قالو أن عدة المختلعة هي عدة الطلاق، ومن جعلوها فسخا قالوا أن عدة المختلعة حيضة واحدة إلا الامام أحمد بن حنبل الذي قال إن عدة المختلعة 3 حيضات رغم كون الخلع فسخا [42].

ب­ موقف المشرع الجزائري: كان واضحا موقف المشرع منذ الوهلة الأولى بحيث تبنى الاتجاه القائل بأن الخلع يعد طلاقا لا فسخا وذلك واضح من خلال الترتيب الذي جاء به قانون الأسرة فقد خص الفصل الثالث للفسخ تحت عنوان النكاح الفاسد والباطل وذلك في المواد من 32 إلى 35 منه.

 كما أنه أورد الطلاق في الباب الثاني تحت عنوان (انحلال الزواج) وذلك في المادة 47 منه التي تنص على طرق انحلال الرابطة الزوجية سواء بالطلاق أو الوفاة، ثم تطرق في الفصل الأول المعنون (بالطلاق) من المادة 48 التي نصت على أن عقد الزواج ينحل بإرادة الزوج أو بتراضي الزوجين أو بطلب من الزوجة في حدود ما ورد في المادتين 43 و 54 من نفس القانون، والمادة 54 تنص على الخلع كصورة من صور فك الرابطة الزوجية والموجودة في خانة الفصل الخاص بالطلاق وهذا يؤكد تبني المشرع للرأي القائل بأن الخلع طلاقا لا فسخا.

        والفسخ في مفهوم المشرع هو وجود عيب يشوب العقد ويتمثل أساسا في اختلال أحد أركان العقد واشتماله على مانع أو شرط يتنافى ومقتضياته بينما الأمر يختلف عليه في الخلع إذ يرد على علاقة زوجية صحيحة لم يعتريها أي عارض يعيب العقد وإنما يتعلق الأمر بظهور عناصر خارجية وظروف ما خارجة عن العقد تستهدف حل الرابطة الزوجية،[43] وأكد ذلك اجتهاد المحكمة العليا في قرار شهير المؤرخ في 05/02/1969:(لا يلحق الطلاق إلا التي عقد عليها بنكاح صحيح).

أما فيما يتعلق بنوع الطلاق في كونه طلاقا رجعيا أم بائن فالمشرع لم يتطرق في المادة 54 من قانون الأسرة، وبما أن قانون الأسرة مستنبط من الشريعة الإسلامية وأن المذهب السائد في الجزائر هو المذهب المالكي الذي يعتبر أن الطلاق بائن، فالفرقة عن طريق الخلع طلاق بائن خصوصا بعد أن حوله المشرع إلى حق خالص للزوجة يمكنها أن تستعمله متى شاءت دون موافقة الزوج فلا يمكن أن نعتبره حقا محضا للزوجة ثم يكون رجعيا،[44] وفي قرار صادر عن المحكمة العليا: (من المتفق عليه فقها وقضاء في أحكام الشريعة الإسلامية أن الطلاق الذي يقع من الزوج هو الطلاق الرجعي وأن حكم القاضي به لا يغير من رجعته لأنه إنما نزل على طلب الطلاق، أما الطلاق البائن فهو الذي يقع ما قبل الدخول أو وقع بناء على عوض تدفعه الزوجة لزوجها للتخلص من الرابطة الزوجية معه، كذلك الطلاق يوقعه القاضي بناءا على طلب الزوجة لدفع الضرر عنها وحسم النزاع بينهما وبين زوجها.

وأن القضاء بما يخالف هذا المبدأ يعد خرقا لأحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية ولذلك يستوجب نقض القرار الذي اعتبر الطلاق بإرادة الزوج طلاقا بائنا[45] فمن خلال هذا القرار يتضح أن موقف القضاء من الخلع أنه طلاق بائن وذلك بعبارة الطلاق البائن هو الذي يقع بناء على عوض تدفعه الزوجة لزوجها للتخلص من الرابطة الزوجية.

ثانيا ­ موقف القضاء الجزائري: لم تعتبر القرارات الصادرة من المحكمة العليا وقضاء المجلس الأعلى الخلع حقا للزوجة بل كان يشترط قبول الزوج وعلى ذلك ليس للقاضي مخالعة الزوجين دون رضا الزوج وتبعا لذلك نص المجلس الأعلى في قرار له بتاريخ 11/06/1984 (متى كان من المقرر شرعا أن الخلع يعتبر عقدا رضائيا ولا يجوز حينئذ للقاضي أن يحكم به من تلقاء نفسه، فإن القضاء بما يخالف أحكام هذا المبدأ يعد انتهاكا لقواعد الشريعة الإسلامية في الخلع).[46]

وفي قرار آخر صادر عن المحكمة العليا بتاريخ 23/04/1991 ( من المقرر شرعا وقانونا أنه يشترط لصحة الخلع قبوله من طرف الزوج ولا يجوز فرضه عليه من طرف القاضي، ومن ثم فإن القضاء بما يخالف هذا المبدأ يعد خرقا لأحكام الخلع وخطأ في تطبيق القانون.

        ولما كان من الثابت في قضية الحال أن قاضي الموضوع فرض على الزوج (الطاعن) الخلع بالرغم من أنه لا يتدخل إلا في حالة عدم الاتفاق على مبلغ الخلع يكون بقضائه كما فعل أخطأ في تطبيق القانون ومتى كان كذلك استوجب نقض الحكم المطعون فيه).[47]

ولما كانت المحكمة تعمل على تطوير اتجاهها السابق، أخذت أخيرا في قاعدة جديدة، وهي التي تقوم على أساس جواز النطق بالطلاق عن طريق الخلع حتى بدون رضا الزوجين، بل يمكن للقاضي الاكتفاء بإرادة الزوجة دون موافقة الزوج عليه وتجسد هذا التغيير من خلال قراراتها، نذكر منها القرار الصادر بتاريخ 21/07/1992 الذي جاء فيه (من المقرر قانونا أنه يجوز للزوجة أن تخالع نفسها من زوجها على مال يتم الاتفاق عليه فإن لم يتفقا على شيء يحكم القاضي بما لا يتجاوز صداق المثل وقت الحكم دون الالتفات إلى عدم قبول الزوج للخلع الذي تطلبه الزوجة لأن ذلك يفتح الباب للابتزاز والتعسف الممنوعين شرعا وعليه فإن قضاة الموضوع في قضية الحال لما قضوا بتطليق الزوجة خلعا دون موافقة الزوج طبقوا صحيح القانون ومتى كان كذلك استوجب رفض الطعن).[48]

كما قضت في قرار آخر صادر بتاريخ 30/07/1996 بأن الخلع حق للزوجة لوحدها لا يشترط فيه موافقة الزوج والحكم بحفظ حق الزوج في التعويض تطبيق صحيح القانون.[49]

ومن خلال هاته القرارات يتضح لنا تحول رأي القضاء الجزائري في مسألة الخلع بعد أن كان يعتبر رضاء الزوج واجب والحكم بالخلع دون رضائه مخالف لأحكام القانون والشريعة الإسلامية ها هو الآن يتحول من اعتبار الخلع رخصة للزوجة إلى حق أصيل، وهذا ما استقر عليه اجتهاد القضاء إلى غاية صدور الأمر 05/02 الذي أزال الغموض عن نص المادة 54 منه.[50]

الفرع الثاني: تمييز الخلع عن حالات الطلاق الأخرى :

هناك حالات طلاق أخرى تعبر عن الفرقة الزوجية بين الرجل والمرأة، الطلاق على مال والتطليق فهما هو الفرق بينهما وبين الخلع؟

أولا­ الفرق بين الخلع والطلاق على مال: لم يتطرق المشرع الجزائري إلى فكرة الطلاق على مال في قانون الأسرة لا قبل التعديل ولا بعد التعديل بل اكتفى بنصه الخلع كنوع من أنواع الطلاق على مال.

أ­ أوجه التشابه:

-       الطلاق على مال هو أن تمنح الزوجة مبلغا من المال إلى الزوج يكون قد طلبه منها مفارقتها فإذا قبلت الزوجة وقع الطلاق، ويتفق مع الخلع بأن كلا منهما طلاق بائن ويزول بها قيد الزواج الصحيح في الحال لأن المرأة إنما قبلت دفع البدل لتتخلص من سلطان الزوج عليها، ولا يتحقق ذلك إلا بالطلاق[51] .

-       إن كلا من الخلع والطلاق على مال يشترط فيهما أن تقبل الزوجة البدل الذي جعل في مقابل الطلاق على مال أو الخلع ذلك لأن المرأة حينما رضيت بدفع البدل في مقابل افتداء نفسها من الزوج كان معاوضة في حقها، والمعاوضة يلزم فيها قبول من يلزمه دفع العوض، ومتى وجد القبول من الزوجة وقع الطلاق، وصار البدل دينا في ذمتها ووجب على الزوجة أداؤه للزوج، أما إذا لم تقبل فلا يقع الطلاق ولا يلزمها شيء.[52]

ب­ أوجه الاختلاف: أما الأحكام التي يختلف فيها الخلع والطلاق على مال فهي كمايلي:

-       إن عقد الخلع يكون بلفظ الخلع أو ما في معناه كالمبارأة، أما الطلاق على مال فإن صيغته لا تكون إلا بلفظ الطلاق أو ما في معناه كأن يقول الزوج لزوجته طلقتك على ألف دينار أو أبنتك بألف.

-       إن الطلاق على مال يقع بائنا فينقص به عدد الطلقات التي يملكها الزوج على زوجته، وأما الخلع فقد اختلف فيه الفقهاء هل هو فسخ أم طلاق، فمن قال أنه فسخ لعقد النكاح لا ينقص به عدد الطلقات عن الثلاث وهي التي يملكها الزوج على زوجته، فلهذا إذا أعادها بعقد جديد عادت إليه.

-       إذا حصل الخلع وتم فإنه يسقط به كل حق ثابت لأحد الزوجين قبل الآخر وقت الخلع بسبب الزواج الذي حصل منه الخلع، أما الطلاق على مال فإنه لا يسقط به أي حق من حقوق الزوجين إلا إذا نص عليه.[53]

-       إذا بطل البدل في الخلع بأن كان المسمى ليس مالا متقوما في حق المسلم كالخمر والخنزير وقع الطلاق بائنا، أما في الطلاق على مال إذا بطل البدل وقع الطلاق وكان رجعيا، لأن لفظ الطلاق صريح في الطلاق والصريح يقع به طلقة رجعية، أما لفظ الخلع فهو كناية في الطلاق وليس صريحا فيه.[54]

ثانيا­ الفرق بين الخلع والتطليق

                نص المشرع الجزائري على الخلع والتطليق كطرق لفك الرابطة الزوجية بطلب من الزوجة:

أ­ أوجه التشابه: يتفق الخلع والتطليق في:

-       في نوع الفرقة كونها مبادرة من الزوجة حيث أقرت الشريعة الإسلامية للزوجة الحق في طلب المفارقة سواء عن طريق الخلع أو التطليق وعلى ذلك نص قانون الأسرة.

-       تتم الفرقة بحكم قضائي فإذا رفعت الزوجة أمرها إلى القضاء لتختلع من زوجها حكم لها القاضي بالفرقة دون الالتفات إلى موافقة الزوج من عدمها، وكذلك الحال في التطليق إذا أثبتت الزوجة الضرر الحاصل لها من زوجها وفق ما قررته المادة 53 من قانون الأسرة.

-       يقع بهما الطلاق بائنا وفقا للقاعدة الفقهية (الطلاق الذي يوقعه القاضي طلاق بائن) حيث تحتفظ الزوجة في التطليق أو الخلع بنفقة العدة ولا توارث بينهما.

-       في الأحكام الصادرة عنها تكون غير قابلة للاستئناف إلا ما تعلق بالأمور المادية طبقا للمادة 57 من قانون الأسرة.[55]

ب­ أوجه الاختلاف: يختلف الخلع عن التطليق فيما يلي:

-       من حيث سببه فسبب الخلع يكون ذاتي ومعنوي يكمن في بغض الزوجة لزوجها وعدم طاقتها العيش معه، حيث يصلح كسبب ترفع به الزوجة أمرها إلى القضاء طالبة الحكم لها بالفرقة دون أن تكون ملزمة بإثبات هذا البغض والكراهية بل ولا يحق للقاضي مساءلتها، بينما يرتكز الطلاق على أسباب مادية ذكرتها المادة 53 من قانون الأسرة وينبغي على الزوجة إثباتها أمام القاضي حتى يقضي لها بالطلاق.[56]

-       في مسألة التعويض في التطليق، للقاضي أن يحكم للمطلقة بالتعويض عن الضرر اللاحق بها، على خلاف ما هو معمول به في الخلع حيث تفتدي المختلعة من زوجها مقابل مبلغ من المال وبمعنى آخر في التطليق تكون هي المستفيدة في الجانب المادي بينما في الخلع تكون هي الباذلة للعوض.

-       في موضوع الإيجاب والقبول نجد في الخلع بإمكان الزوجة أن تبادر بالإيجاب لزوجها كأن تقول له :خالعني على ألف دينار، فيقول : قبلت، كما يمكن للزوج أن يبادر بالإيجاب كأن يقول لها: خالعتك بألف، وتقول هي: قبلت، على عكس التطليق الذي يتم عرضه من طرف الزوجة فقط دون الزوج.

-       عند وقوع الخلع تسقط كافة الحقوق المترتبة للزوجين ماعدا التي أنشأت بعد الفرقة فيسقط الحق في المهر المؤجل وفي النفقة الغذائية بخلاف التطليق حيث تحتفظ الزوجة بحقها في طلب النفقة.

-       نفقة الأطفال واجبة على الزوج في حالة التطليق أما في حالة الخلع فقد تسقط إذا كان الاتفاق أن تلتزم الزوجة بالنفقة مقابل الخلع.[57]

المبحث الثاني: أركان الخلع:

اختلف الفقهاء حول أركان الخلع حيث يرى الحنفية أن ركن الخلع هو الإيجاب والقبول، إذا كان الخلع في نظير عوض فإن كان الزوج قد بدأ بالخلع كما إذا قال لها: خالعتك على ذلك كانت المرأة قابلة وإذا كانت المرأة مبتدئة كان الزوج قابلا، أما إذا لم يكن في نظير عوض كان طلاقا[58]، ويرى جمهور الفقهاء أن أركان الخلع خمسة هي: المخالع والمختلعة والمعوض والصيغة والعوض.[59]

أما المشرع الجزائري ذكر في المادة 54 من قانون الأسرة المعدل تحت رقم 05­-02 ثلاثة أركان هي الزوج والزوجة وعوض الخلع الذي حدده بمال يتفق عليه أو بمال لا يتجاوز قيمة صداق المثل وقت الحكم في حالة عدم حصول الاتفاق بين الزوجين حول مقداره[60]، وفي دراستنا لأركان الخلع سنتطرق إلى أربعة أركان: الزوجة والزوج والصيغة والعوض، أما بالنسبة للمعوض نشير إليه ضمن ركن الزوجة.         

المطلب الأول : طرفا الخلع:

لا يمكن قيام الخلع بدون الزوجة والزوج ويسميان بالمختلعة و المخالع ولذلك أثرنا وصفهما بالأركان لأهميتهما وضرورتهما في الخلع، إلا أنه قد يتولى الخلع  شخص آخر قد يكون وكيلا عن الزوج أو الزوجة أو عنهما معا، وسنتحدث على هذا الأخير بعد التحدث في طرفي الخلع مع مجمل الشروط التي تلحق بكل ركن:

الفرع الأول: الزوج المخالع:

ويسمى أيضا الخالع، فهو طرف في عقد الخلع مع زوجته التي هي الطرف الثاني في هذا العقد وحتى يكون الزوج طرفا في عقد الخلع لا بد من توافر شروط معينة، وهناك قاعدة اتفق عليها فقهاء المذاهب الأربعة و"هي كل من صح طلاقه صح خلعه"[61] فمن الحنفية قالوا:

وشروطه كشروط الطلاق، وهو أهلية الزوج.[62]

   والمالكية قالوا: موجب الخلع زوج مكلف لاصبي مجنون[63]، والشافعية قالوا: شرط الخلع زوج يصح طلاقه[64]والحنابلة قالوا: يجوز الخلع من كل زوج يصح طلاقه[65]، لأن الخلع طلاق بعوض فإذا جاز الطلاق بلا عوض فجوازه بالعوض من باب أولى ومنه شروط المخالع نفسها شروط المطلق.

أولا: الأهلية:

يشترط في الزوج أن يكون بالغا، عاقلا لأنه بالعقل والبلوغ تكمل أهلية الأداء التي تتوقف عليها صحة التصرفات.[66]

فالحنفية: قالوا لا يصح خلع الصبي وطلاقه باطل، لأنه ليس له قصد معتبر شرعا خصوصا فيما يضره وهذا لما بينا أن اعتبار القصد ينبني على الخطاب، والخطاب ينبني على اعتدال الحال، وكذلك فعل أبيه عليه في الطلاق باطل، لأن الولاية إنما تثبت على الصبي، بمعنى النظر له ولتحقق الحاجة إليه وذلك لا يتحقق في الطلاق والعتاق، أما المعتوه والمغمى عليه من مرض بمنزلة الصبي في ذلك، لانعدام القصد الصحيح منهما.[67]

المالكية: أجازوا الخلع للأب أو وصي الصبي بقوله موجب الخلع زوج مكلف لا صبي مجنون ولو كان الزوج المكلف سفيها لأن له إن يطلق بغير عوض فالأولى أن يخالع.[68]

الشافعية: قالوا يشترط في الزوج أن يكون ممن ينفذ طلاقه فلا يصح خلع الصبي والمجنون ويصح خلع المحجور عليه بفلس أو سفه، سواء إذن الولي أم لا، وسواء كان العوض مهر المثل أو دونه، لأن طلاقها مجانا نافذا، ولا يجوز للمختلع تسليم المال إلى السفيه، بل يسلمه إلى الولي فإن سلمه إلى السفيه وكان الخلع على عين المال أخذها الولي من يده، فإن تركها في يده حتى تلفت بعد علمه بالحال، ففي وجوب الضمان على الولي وجهان.

وإن تلف في يد السفيه ولم يعلم بالتسليم رجع على المختلع بمهر المثل على الأظهر وبقيمة العين على قول آخر.[69]

الحنابلة: أجازوا الخلع من كل زوج يصح طلاقه كان مسلما أو ذميا، ويصح خلع الرشيد والصبي المميز والسفيه، لأن كل واحد منهم زوج يصح طلاقه فصح خلعه قياسا، ويصح من أب صبي ومجنون، إن صح طلاقه عليهما فإن كان محجورا عليه دفع المال إلى وليه كسائر حقوقه .[70]

ثانيا: خلع السكران:

إذا شرب الإنسان مسكرا كخمر ونحوها، فإما أن يكون غير آثم كأن يشربها مكرها أو يشربها جاهلا بها، فهذا حكمه حكم المجنون والمعتوه لارتفاع الإثم عنه ولا يقع خلعه.

أما إذا أخذ الإنسان بنجا[71] أو ما في معناه لقصد التداوي سواء بالشرب أو بالحقن لم يقع طلاقه ولا يصح خلعه ويكون في حكم المغمى عليه لأنه مباح لا يؤاخذ به.

وأما إذا شرب الخمر أو نحوها مختارا عالما بحرمتها فقد اختلف الفقهاء في حكم وقوع الخلع منه على مذهبين:

القول الأول: طلاق السكران واقع وخلعه جائز وبه قال عطاء والحسن البصري وسعيد بن المسيب وإليه ذهب الحنفية والمالكية والشافعية في المشهور عندهم والحنابلة في رواية[72]، واستدلوا بقوله تعالى:]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى[[73] ووجه الدلالة أن السكران مخاطب فإذا صادف تصرفه محله نفذ كالصاحي، فإن كان في حال سكره فهو نص، وإن كان خطابا له قبل سكره فهو دليل على أنه مخاطب في حال سكره، لأنه لا يقال: إذا جننت فلا تفعل كذا وبما أنه مكلف فقد صح طلاقه وخلعه.[74]

     ومن الأدلة أيضا قولهr: "كل طلاق جائز إلا طلاق الصبي والمعتوه"[75] ووجه الدلالة أن النبيr  لم يستثني السكران مما يدل على وقوع طلاقه وبالتالي وقوع خلعه.[76]

القول الثاني: طلاق السكران غير واقع وخلعه باطل وبه قال عثمان بن عفان وعمر بن عبد العزيز، والقاسم بن محمد وعطاء، وطاووس وغيرهم، وإليه ذهب من الحنفية الطحاوي و الكرخي ومن الشافعية المزني والإمام أحمد في رواية[77]واستدلوا بقوله تعالى:]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ[[78] ووجه الدلالة أن الله سبحانه و تعالى بين حال السكران وأنه لا يعلم ما يقول، ومن أخبر الله تعالى أنه لا يدري ما يقول فلا يحل أن يلزم شيئا من الأحكام لا طلاقا ولا غيره، لأنه غير مخاطب، إذ ليس من ذوي الألباب.[79]

ثالثا: خلع المكره:

اختلف الفقهاء في خلع المكره على مذهبين:[80]

المذهب الأول: خلع المكره لا يقع، وروى هذا عن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس وغيره وإليه ذهب المالكية والشافعية والحنابلة وابن حزم الطاهري والزيدية واستدلوا بقوله تعالى:] إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ[[81] ووجه الدلالة أن الله سبحانه وتعالى قد أبطل حكم من أكره على الكفر لأن الكفر قول كذلك حكم ما في مثله كالطلاق والخلع[82].

وما روي عن النبي r قال:" رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه"[83] ووجه الدلالة أن أفعال المكره وأقواله مدفوعة عنه لا يؤاخذ بها.

المذهب الثاني: خلع المكره جائز وواقع، وبه قال أبو قلابة والشعبي والنخعي والزهري والثوري وقتادة وإليه ذهب الحنفية واستدلوا على وقوعه ما روي أن امرأة كانت تبغض زوجها فوجدته نائما فأخذت شفرة وجلست على صدره ثم حركته فقالت لتطلقني ثلاثا أو لأذبحك فناشدها الله تعالى فأبت، فطلقها ثلاثا، ثم جاء إلى رسول الله r  فسأله على ذلك فقال رسول الله r "لا قيلولة في الطلاق" فدل هذا على وقوع طلاق المكره[84].

 

 

 

 

رابعا: خلع المريض مرض الموت:

اتفق الأئمة الأربعة على جواز الخلع من المريض مرض الموت وأنه نافذ قياسا على طلاقه فإن من جاز طلاقه جاز خلعه، لكن اختلفوا في مدى حق الزوجة المختلعة في الارث من زوجها إذا مات بعد إجراء المخالعة معها ونوجز ذلك فيما يلي:[85]

أ­ الحنفية: قالوا إن اختلعت الزوجة وهي صحيحة والزوج مريض، فالخلع جائز بالمسمى قل أو كثر، لأنه لو طلقها بغير مرض كان صحيحا فبالعوض القليل أولى ولا ميراث لها منه، لأن الفرقة إنما وقعت بقبولها فكأنه طلقها بسؤالها.[86]

ب­ الشافعية: قالوا يصح خلع المريض مرض الموت بدون مهر المثل، لأن الزوجة لا تنتقل إلى الورثة بموته، أي أن الزوجة لا ترث من زوجها المخالع لوقوع البينونة بينهما، أما الخلع فصحيح ولو كان بدل الخلع أقل من مهر مثلها.[87]

ج­ المالكية: مع قولهم بصحة الخلع قضاءا ذهبوا إلى عدم جوازه ديانة لأنه يؤدي إلى إخراج وارث من الميراث في مرض موته ولكنه إذا أقدم عليه في هذه الحالة صح قضاء، وقد خالف الإمام مالك الأئمة في مسألة إذا ما خالع الزوج ثم توفي قبل أن يبرأ من مرضه، فإنها ترثه عند مالك خلافا للأئمة الثلاثة، وسواء في ذلك وفاته أثناء عدتها أم بعد انتهائها، وسواء تزوجت بغيره أم لم تتزوج وذلك لإقدام الزوج على ما يتسبب عنه إخراج وارث من تركة كان له فيها حق، والمدخول بها وغير المدخول بها سواء في هذا الحكم عنده.[88]

د­ الحنابلة: قالوا يصح خلع المريض مرض الموت سواء كان بمهر مثلها أو أكثر أو أقل، ولا يعتبر من الثلث لأنه لو طلق بغير عوض لصح، فلأن يصح بعوض أولى، ولأن الورثة لا يفوتهم بخلعه شيء فإنه لو مات وله امرأة لبانت بموته، ولم تنتقل إلى ورثته، فأما إن أوصى لها بمثل ميراثها، أو أقل صح لأنه لا تهمة في أنه أبانها ليعطيها ذلك، فإنه لو لم يبينها لأخذته بميراثها وإن أوصى لها بزيادة عليه فللورثة منعها ذلك، لأنه اتهم في أنه قصد إيصال ذلك إليها، لأنه لم يكن له سبيل إلى إيصاله إليها وهي في حباله، فطلقها ليوصل إليها ذلك فمنع منه، كما لو أوصى لوارث.[89]

الفرع الثاني:

الزوجة المختلعة:

الزوجة عادة وغالبا هي التي تجري عقد الخلع بنفسها فيشترط أن تكون بالغة عاقلة رشيدة أي أهلا للتبرع، ثم أن الزوجة قد تكون صغيرة أو مجنونة أو سفيهة أو مريضة مرض الموت فهل يصح منها الخلع؟[90].

ونبين ذلك في ما يلي:

أولا: خلع الصغيرة والمجنونة:

بالنسبة للصغيرة غير المميزة والمجنونة، إذا تولت الخلع بنفسها فالخلع باطل لا يترتب عليه أي أثر، لأنه علق خلعها على قبولها، وهو غير معتبر فلم يتحقق الشرط الذي علق عليه الطلاق، أما إذا تولى أبوها الاتفاق مع الزوج على خلعها أو طلاقها في نظير مال التزم به فيقع الطلاق بائنا في الحالتين، لأن الزوج علقه على قبول الأب وقبوله معتبر هنا، ويلزمه المال للزوج، ولا يسقط بهذا الخلع شيء من حقوق الزوجة التي تسقط بالخلع عند أبي حنيفة.

أما إذا قبل الأب الخلع أو الطلاق على مال ولكنه لم يلتزم دفع البدل من مال نفسه بل أضافه في قبوله إلى مال ابنته وقع الطلاق في الخلع بائنا وفي الطلاق على مال رجعيا، ولا يلزم المال للأب لأنه لم يلتزم به ولا الصغيرة لأن الأب أضافه إلى مال لا يملك التبرع منه.[91]

أما بالنسبة الصغيرة المميزة فاختلف الفقهاء على ذلك :

أ­ الحنفية: إذا كانت الزوجة صغيرة مميزة مدركة لمعنى النكاح ولمعنى الخلع، وما يترتب عليهما من آثار فإن عبارتها حينئذ معتبرة شرعا، فإن قبلت وقع الطلاق ولا يلزمها المال لأن التزامها المال كان في مقابل ما ليس بمال فكان تبرعا، وهي ليست من أهل التبرع.[92]

وهل للأب أن يختلع ابنته الصغيرة؟ الجواب أنه إذا اختلعها بمالها، أو بمهرها وقع الطلاق، ولا يلزمها شيء، وإذا اختلعها الأب على مالها وهي صغيرة ثم كبرت وأجازت صح الطلاق ولزمها البدل، أما إذا اختلعها الأب بماله فإنه يصح الخلع ويلزمه المال بلا كلام وكذا إذا اختلعها على مال وضمنه فإنه يلزمه، وليس للأب أن يختلع بنته الكبيرة سواءا كانت بكرا أو ثيبا، فإذا فعل ذلك وقع الخلع موقوفا على إجازتها فإن أجازته فإنه يصح ويلزمها المال وإن لم تجزه لم يقع ولا يلزمها مال.[93]

ب­ الشافعية: جاء في مغني المحتاج أنه لا يصح خلع الصغيرة سواء كانت مميزة أو غير مميزة وكذلك لا يصح خلع المجنونة.[94]

ج­ المالكية: إن خلع الصغيرة والمجنونة إذا باشرت الخلع بنفسها غير جائز ولكنهم يفرقون بين حالتين:

الحالة الأولى: إذا لم يعلق صيغة الخلع على استحقاق المال فيقع الطلاق، وفيه رد المال إن كان قد قبضه.

الحالة الثانية: إذا علق الخلع على استحقاق المال فلا يقع الطلاق ولم يجب المال.

وإذا خالع الأب عن ابنته الصغيرة فالخلع صحيح سواء كان من ماله أو من مالها، وسواء كان بإذنها أم بدون إذنها.[95]

د­ الحنابلة: قالوا يشترط في ملتزم العوض أن يكون أهلا للتصرفات المالية، فلا يصح الخلع بعوض من الصغيرة والمجنونة ولو بإذن الولي لأن مال الخلع تبرع ولا إذن للولي في التبرعات، وهذا هو المشهور وقال بعضهم أن الأظهر صحته بإذن الولي إذا كان فيه مصلحة.[96]

ثانيا: خلع السفيهة:

السفه "هو تبذير المال وتضييعه على خلاف الشرع"[97] واختلف الفقهاء في حكم خلع السفيهة عن نفسها فهل يصح الخلع ويلزم المال أم لا؟

أ­ الحنفية: قالوا إذا بلغت المرأة مفسدة فاختلعت من زوجها بمال جاز الخلع لأن وقوع الطلاق في الخلع يعتمد القبول وقد تحقق منها، ولم يلزمها المال لأنها التزمته لا لعوض هو مال ولا لمنفعة ظاهرة فتُجعل كالصغيرة فإن كان طلقها تطليقة على ذلك المال يملك رجعتها لأن وقوعه بالصريح لا يوجب البينونة إلا بوجوب البدل بخلاف ما إذا كان بلفظ الخلع فإن الطلاق يقع بائنا.[98]

ب­ الشافعية: قالوا يشترط في ملتزم العوض المالي أن يكون مطلق التصرف المالي، فلا يكون محجورا عليه حجر سفه سواء كانت الملتزمة الزوجة أو غيرها، سواء كان قابلا أو ملتمسا، ولو أذن ولي الزوجة المحجور عليها لسفه في مخالعة زوجها على مال ففعلت لا يلزمها المال، لأنها ليست من أهل الالتزام وليس لوليها أن يبذل مالها في مثل عوض الخلع إلا إذا خشي ضياع مالها بواسطة الزوج فأذنها بالإختلاع منه صيانة لمالها فإنه يصح في هذه الحالة.[99]

ج_ المالكية: لا يصح الخلع من السفيهة بغير إذن الولي، وإذا إختلعت وسلمت البدل وجب رده إليها لعدم جواز البدل منها في الخلع لأنه تبرع وهي ليست من أهل التبرع [100].

د_ الحنابلة: قالوا إن خالعته المحجور عليها لم يصح الخلع سواء أذن لها الولي أم لا، ولأنه لا إذن له في التبرع و قيل يصح إذا أذن لها الولي، إن كان فيه مصلحة صح بإذنه[101].

ثالثا: خلع المريضة مرض الموت:

المريضة مرض الموت أهل لكل التصرفات الشرعية لأن المرض لا يوجب الحجر إلا إذا كان سببا في ضعف العقل فيحجر على المريض لذلك، لا لذات المرض[102]، فإذا خالعت المرأة وهي في مرض الموت صح الخلع عند جمهور الفقهاء ويلزمها العوض إلا أنهم اختلفوا في مقدار عوض الخلع في هذه الحالة:

أ-الحنفية: قالوا في هذه الحالة يستحق الزوج عوض الخلع بشرط عدم الزيادة على ثلث التركة ولا عن نصيبه في الميراث إن ماتت وهي في العدة، لأن موتها يجعل سبب الميراث قائما من وجه، وخشية أن يكون القصد من الخلع محاباة الزوج بأكثر من ميراثه، لذلك فلا يزيد بدل الخلع عليه، ثم إن بدل الخلع تبرع في مرض الموت، فهو في حكم الوصية والوصية يجب أن تتقيد بالثلث ولا تتجاوزه، وإن تجاوزته فلا تنفذ إلا بإجازة الورثة.

ب-الشافعية: قالوا لا يجب أن يتعدى بدل الخلع ثلث التركة إذا زاد على مهر المثل لأنها تملك حق التصرف في مالها إلا في قضية التبرع فليس لها أن تتبرع بأكثر من الثلث، فإذا كان العوض يساوي مهر المثل فإنه ينفذ، أما إذا كان أكثر منه فإن الزيادة تعتبر ملغاة شرعا، وإن كانت أقل من الثلث فله أخذها بدون اعتراض وإن كانت أكثر من ذلك فلا ينفذ إلا بإجازة الورثة.[103]

ج­ المالكية: قالوا يحرم على الزوجين أن يتخالعا في زمن المرض ولكن إذا وقع الخلع بينهما في مرض الزوجة فإن الطلاق البائن ينفذ ولا يتوارثان، ولو ماتت وهي في العدة لأن الطلاق البائن يقطع علاقة الزوجة، أما المال الذي التزمت الزوجة به فإنه ينظر فيه فإن كان يساوي ميراثه منها يوم الخلع أو ينقص به يملكه الزوج ولا يتوارثان بعد ذلك أما إذا زاد على ميراثه فإن الزيادة لا تكون حقا له ويجب عليه ردها إن كان قد قبضها ويجب أن لا يتصرف الزوج في المال قبل موتها لأن المعتبر في تقدير المال يوم وفاتها لا يوم الخلع.[104]

د­ الحنابلة: قالوا إذا خالعت الزوجة وهي مريضة مرض الموت فإن كان العوض أكثر من ميراثه منها فإنه لا يملك إلا ما يساوي ميراثه، أما إذا كان أقل من ميراثه فإنه يأخذه بدون زيادة لأنه أسقط الزيادة باختياره فلا يستحقها، فتعين استحقاقه للأقل، فإن صحت من مرضها الذي خالعته فيه كان له الحق في كل المبلغ الذي خالعته عليه.[105]

رابعا: خلع الحائض: اتفق الجمهور على أنه لا بأس بالخلع سواء كانت الزوجة في حيض أم في الطهر الذي أصابها فيه، لأن المنع من الطلاق في الحيض عندهم هو من أجل الضرر الذي يلحقها بطول العدة وبما أن الخلع يقصد به إزالة الضرر الذي يلحقها لسوء العشرة والبقاء مع من تكرهه وترغب في فراقه وذلك أعظم من ضرر طول العدة فجاز دفع أعلاهما بأدناهما، وهي قد رضيت به مما يدل على رجحان مصلحتها ولأن الرسول r لم يسأل زوجة ثابت بن قيس حين خلعها.[106]

وذهب بعض المالكية إلى منع الخلع في الحيض، لأن علة المنع هي التعبد، وقالوا لا يجوز الخلع في الحيض لأنه بدعة ولا أثر لرضى الزوجين، ومن قال أن علة المنع هي عدم تطويل العدة، قالوا لا بدعة فيه لأن الخلع قد تم برضاها.[107]

خامسا: خلع المكرهة:

اتفق الفقهاء على أنه إذا كانت الزوجة بالغة عاقلة راشدة، مختارة يصح خلعها والتزامها بالعوض، وإذا كانت الزوجة مكرهة على الخلع فلم يلزمها المال بسببه قولا واحدا، لأن الالتزام بالمال مع الإكراه غير صحيح اتفاقا، إما ترتيب الطلاق عليه فالمسألة اختلف فيها الفقهاء على قولين:

القول الأول: لا يقع به الطلاق بناءا على أن الخلع يتضمن تعليق الطلاق على استحقاق الزوج ما جعله بدلا عنه من المال وبما أنه لم يستحق المال فلا يقع الطلاق، لأن الطلاق لا يقع بالإكراه فكذلك الخلع، وبه قال ابن عباس وعطاء ومجاهد والنخعي ومالك والشافعي وأحمد بن حنبل وغيرهم.

القول الثاني: إن الطلاق في الخلع معلق على مجرد قبولها وقد قبلت فيقع طلاقها رجعيا لأن الطلاق ليس في مقابله عوض، وقد علق قبولها فقبلت، ويحتمل أن يكون طلاقا بائنا لأن الخلع من كنايات الطلاق التي يقع بها بائنا.[108]

 

سادسا: خلع المعتدة من طلاق رجعي:

اتفق الجمهور من فقهاء المذاهب الأربعة على أن خلع المعتدة من طلاق بائن هو مجرد طلاق لا يجب به عوض، لأن المقصود من الخلع هو بذل المال من الزوجة لتملك عصمتها، وبما أنها قد ملكت عصمتها بالطلاق البائن السابق وزالت أسباب الزوجية، فلا يصح أن تدفع مالا فيما هو واقع فعلا ويجب على الزوج رد ما أخذه منها، إن كان آخذه.

   وذهبوا إلى صحة خلع المعتدة من طلاق رجعي لكونها لا زالت في حكم الزوجية في كثير من الأحكام وبما أن الزوج بإمكانه إرجاعها إليه فقد صح منها بذل المال عوض لخلعها.[109]

سابعا: خلع الأجنبي عن الزوجة:

الأجنبي الذي يخالع عن الزوجة هو الفضولي الذي ليست له صفة تخوله إجراء المخالعة عنها، إذ ليس بولي عنها ولا بوكيل عنها والذي يباشر عقدا عن غيره دون ولاية له يسمى فضوليا، واختلف الفقهاء فيه على قولين:

1­ صحة خلع الأجنبي: هو قول الجمهور منهم الحنابلة والشافعية والمالكية والحنفية واستدلوا بمايلي:

-       أن الأجنبي بذل ماله في مقابل إسقاط حق عن غيره كما لو قال" اعتق عبدك وعلي ثمنه".

-       قد يكون فيه غرض ديني بأن يراهما لا يقيمان حدود الله أو يجتمعان على محرم والتفريق بينهما ينقذهما من ذلك فيفعل ذلك طلبا في الثواب.

2­ عدم صحة خلع الأجنبي: هو قول الظاهرية، الزيدية والجعفرية، والإمام أبي ثور ولقد استدلوا بما يلي:

-       أن مخالعة الأجنبي ببذله ماله سفه منه، لأنه يبذل منه في مقابل ما لا منفعة له فيه، فإن الملك لا يحصل له بهذا الخلع بل يحصل للزوجة إذ تملك نفسها وتتخلص من قيد النكاح.

-       أن الخلع من عقود المعاوضات، فلا يجوز لزوم العوض لغير صاحب العوض، ولأن الله تعالى أضاف الفدية إلى الزوجة.[110]

وتجدر الإشارة إلى انه يصح التوكيل من الزوجين في الخلع، فكل من صح خلعه لنفسه جاز توكيله ووكالته حرا كان أو عبدا ذكر أو أنثى، مسلما كان أو كافرا، محجور عليه لسفه أو رشيد، لأن كل واحد منهم يجوز أن يوجب الخلع، فصح أن يكون وكيلا وموكلا فيه كالحر الرشيد ولأن الخلع عقد معاوضة كالبيع.[111]

فبالنسبة للزوج إذا حدد لوكيله العوض فخالع به أو بما زاد عليه صح الخلع ولزم العوض، أما إذا خالع بأقل منه ففيه وجهان عند الحنابلة، أما إذا وكله وكالة مطلقة صح التوكيل والمستحب تقدير العوض للوكيل.

وبالنسبة للزوجة إن وكلت وكيلها بمهرها صح الخلع وإن زاد عما عينته عن مهرها كذلك صح الخلع، أما إذا خالف الوكيل جنس العوض أو خالفه بجعله مؤجلا لم يصح في هذه الحالة.

كما يصح أن يكون شخص وكيل عن الزوجين في المخالعة فقد جاء في فقه الحنابلة أنه لو كان وكيل الزوج و الزوجة واحدا فله أن يتولى العقد كالنكاح، وعند الشافعية لا يصح أن يتولى شخص واحد الوكالة عن الزوجين.[112]

الفرع الثالث:

موقف المشرع الجزائري:

بالرجوع إلى المادة السابعة من قانون الأسرة التي تشترط من الذي يريد الزواج أن يكون بالغا واحدا وعشرين سنة إلا إذا ادعت الضرورة إلى خفضها نجد أنها تكفي للتكلم عن شرط الأهلية إذ الزوج يجب أن يكون مؤهلا عند مخالعة زوجته.

والخلع بالنسبة للزوجة تصرف مالي مصحوب بتصرف شخصي وعليه يتطلب أهلية التبرع التي نصت عليها مادة 203 ق.أ لأن العوض المالي في الخلع من قبيل التبرعات فيأخذ حكمه، وإذا كانت سفيهة لا تستطيع الإلتزام بمبلغ من المال لأن السفيهة في القانون الجزائري ناقصة أهلية فهي كالمجنونة والمعتوهة والصغيرة عديمة التمييز، فإن أرادت أن تخالع نفسها وهي على هذا الحال فإن أباها هو الذي يتكفل بذلك، والقاضي ولي من لا ولي له.

أما الصغيرة التي لم تبلغ سن الرشد القانوني فقد أباح لها المشرع الجزائري في المادة 7 منه برخصة من القاضي بالزواج إن دعت لذلك مصلحة أو ضرورة وذلك بعد أن حددت سن الزواج القانوني بواحد وعشرين للذكر وثمانية عشر سنة للأنثى.

بالنسبة للمريضة مرض الموت فتخضع لأحكام المادتين 204 و185 من ق.أ حيث تنص الأولى( الهبة في مرض الموت والأمراض والحالات المخيفة تعتبر وصية) وتنص الثانية على أنه (تكون الوصية في حدود ثلث التركة وما زاد على الثلث يتوقف على إجازة الورثة) وعلى ذلك فإن خلع المريضة يأخذ حكم أحد الفروض التالية:

1)   أن تموت المختلعة قبل نهاية العدة وفي هذه الحالة فإن زوجها يرثها فيأخذ ربع التركة أو نصفها طبقا للمادة 144\1 وكذلك المادة 145\1 بحسب الأحوال.

2)   أن تموت بعد نهاية العدة وفي هذه الحالة تكون الرابطة الزوجية قد انقطعت بينهما فلا توارث بين الزوجين وعليه فإن سهم الميراث غير موجود ولكن يوجد سهمان فقط أحدهما هو مبلغ الخلع وثانيهما ثلث التركة الناتج له من التبرع وهنا يأخذ أصغر السهمين، فلو كان مبلغ الخلع هو كل تركتها كان له أن يأخذ الثلث فقط، وإن كان مبلغ الخلع أقل من ثلث التركة أخذ المبلغ المتفق عليه لأنه أصغر الأمرين.

3)   أنها تمرض ثم تشفى بعد هذا المرض وتخالعه وهي في مرض الموت فيكون شفاؤها قرينة على أنها لم تكن في مرض الموت فينتفي وجه تطبيق أحكام مرض الموت ويعتبر الخلع قد تم في حال الصحة فينفذ في المبلغ المتفق عليه.[113]

أما عن الوكالة فالمشرع الجزائري من خلال الأمر الذي جاء به 05\02 ألغى نص المادة 18التي كانت تسمح بالوكالة في عقد الزواج ومن ثم لا توجد وكالة في الخلع.

إلا أن الاجتهاد القضائي أخذ بالتوكيل من خلال القرار الصادر عن المحكمة العليا رقم 110096 الذي قضى فيه أنه (يتعين القول أن للزوج الذي وكل والده نيابة عنه لمتابعة إجراءات التقاضي في دعوى الطلاق كان بناءا على وكالة رسمية التي تحدث آثارها القانونية).[114]


المطلب الثاني: العوض والصيغة:

العوض هو ما تلتزم به الزوجة لزوجها في مقابل خلاص نفسها منه والصيغة هي اللفظ الدال على إيقاع الخلع من الزوج وقبوله من الزوجة، في هذا المطلب سنحاول أن نتناول العوض كفرع أول و الصيغة كفرع ثاني.

الفرع الأول: العوض:

يكره للزوج أخذ أي شيء مما دفعه للزوجة إذا كان النشوز من جهته إلا في حالة اشتداد النزاع بينهما و مخافة ألا يقيما حدود الله فهذا يجوز أن يأخذ منها ما تفتدي به نفسها مقابل طلاقها والعوض هو المقابل الذي تدفعه الزوجة .

أولا: شروط العوض:

اختلف الفقهاء في اشتراط وجود الشقاق بين الزوجين لجواز أخذ الزوج العوض من زوجته فمنهم من لا يشترط وجود الشقاق بل يجوز مع الكراهة أخذ العوض من الزوجة في حالة الوفاق بين الزوجين وهو قول الحنفية ،المالكية والشافعية والحنابلة، ومنهم من لا يجيز أخذ المال إلا بوجود الكراهية منها أو منهما معا وهذا قول الظاهرية وأحمد في رواية وابن المنذر.[115]

أما من ناحية شرط عدم العضل فقد اتفق الفقهاء على أنه لا يجوز عضل الزوج زوجته وإساءة عشرتها ليحملها على افتداء نفسها منه، ولكن إذا فعل ذلك فقد اختلفوا في أخذ العوض منها فذهب الحنفية إلى أنه لا يجوز للزوج أن يعضل زوجته ولا يبطل بعضله الخلع إذا طلبت المخالعة ولكن لا يطيب له أخذ العوض، أما الجمهور من المالكية الشافعية والحنابلة فقالوا إن الخلع باطل في هذه الحالة والعوض مردود عليها ويقع به طلاق رجعي.[116]

أما شروط العوض العامة ففيه تفصيل المذاهب :

1­ الحنفية: قالوا ما جاز أن يكون مهرا جاز أن يكون بدلا، فإن كان العوض هو الصداق فحكمه أن الصداق إن كان مقبوضا فعليها أن ترده للزوج وإن كان غير مقبوض فإنه يسقط عن الزوج[117]،وإن كان الخلع على خمر أو خنزير وقبل فلا شيء للزوج عليها والفرقة بائنة إذا خالعته على مال مغصوب ليس ملكا لها فإن الخلع يصح والتسمية تصح ثم إذا أجازه المالك أخذه الزوج وإن لم يجزه كان له قيمته، يصح إن خالعته على شيء محتمل كأن قالت له: خالعتك على ما في بطون الغنم أو ثمر نخلي فإن وجدوا كان له ذلك وإن لم يكن موجودا لزمها رد ما قبضت من المهر.

كما أنها إذا خالعته على مال غير معين، فذلك على ثلاثة أوجه أحدها: أن لا تذكر مالا أصلا كأن قالت له: خالعني على ما في بيتي، ثانيها: أن تذكر مالا ليس موجودا في الحال ولكن يوجد بعد، ثالثها: أن تذكر مالا مجهولا ولكنه موجود في الحال، كما إذا قالت خالعني على الولد الذي في بطن هذه الناقة، أو على الثمر الموجود على النخيل.

   ويصح الخلع على نفقة العدة والمتعة ولكن بشرط أن ينص عليها في الخلع ويصح أيضا على نفقة الولد مدة معينة سواء كان رضيعا أو فطيما.[118]

2­ الشافعية: قالوا يشترط في العوض أن يكون مقصودا، أي له قيمة وأن يكون راجعا إلى جهة الزوج وأن يكون معلوما وأن يكون مقدورا على تسليمه، وأن يكون حلالا غير فاسد.

فيشترط في العوض ما يشترط في الصداق، ويرد عليه أن الصداق يصح على تعليم بعض القرآن بنفسه، فإنه يصح أن يكون صداقا ولا يكون بدل خلع لأنها لو خالعته على أن تعلمه بعض القرآن بنفسها فإنه لا يصح لأنها تكون بعد الخلع أجنبية عنه لا يجوز أن تعلمه.

وعليه إذا كان العوض مالا مقصودا صح الخلع ووجب المال، فإن لم يكن له قيمة مالية أصلا وقع الطلاق رجعيا، وإن كان مقصودا ولكنه فاسد كالخمر والخنزير وقع الطلاق بائنا بمهر المثل، ومثله إن كان مقصودا ولكنه لا يقبل بمال كحد القذف والتعزير أما المقصود الذي يقبل بمال كالقصاص فإنه يصح ويرتفع القصاص.[119]

3­ المالكية: لا فرق في أن يكون عقارا أو منقولا، ولا فرق أن يكون مالا معلوما أو مجهولا أو مستقبليا كالثمار ويصح أن ينصب على الغرر الذي لا يكون صلاحه مضمونا كالجنين الذي في بطن أمه والجمل الشارد والثمرة التي لم يبدأ صلاحها، ما يثمر النخل في السنة، وما تلد الغنم في العام وكذلك ما يملك بالهبة والوصية .

   ولو خالعها على خمر أو خنزير أو ما لا يحل من تعجيل دين مؤجل نفذ الخلع وبطل العوض وبقي الدين المؤجل إلى أجله ويكون الطلاق بائنا.[120]

4­ الحنابلة: قالوا يشترط في عوض الخلع أن يكون مالا حلالا فإذا خالعها على خمر أو

خنزير أو نحوهما وهما يعلمان تحريمه فإن الخلع يقع فاسدا أما إذا كان لا يعلمان تحريمه فإنه يصح الخلع وتلزم المرأة بدفع العوض، ولا يشترط فيه أن يكون معلوما فيصح الخلع بالمجهول ولا يشترط أن يكون موجودا فيصح أن يكون بالمعدوم الذي ينتظر وجوده كما إذا خالعها على حمل ناقتها أو حمل غنمها أو بقرها أو نحو ذلك، وقد يكون العوض على إرضاع ولده لمدة معينة دون أن يدفع لها النفقة أثناء تلك الفترة.[121]

ثانيا: مقدار العوض:

وقع خلاف بين الفقهاء حول مقدار العوض فقال بعضهم يتحدد مقدار العوض بما أعطاها وقال بعضهم يجوز بأكثر ما أعطاها.

القول الأول: قالوا أنه لا يجوز للزوج أن يأخذ أكثر مما أعطاها فإن خالعها على ذلك وقع الخلع بقدر المهر الذي قد أعطاها، وبطُل الزائد، ولو وقع الخلع معلقا على التزامها بما زاد على المهر لم يقع لعدم تحقق ما علق عليه، وإليه ذهب عطاء والأوزاعي وطاوس، وأبو بكر من الحنابلة[122]، واستدلوا بقوله تعالى:]وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا [ ثم قال: ]فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ[[123] ووجه الدلالة من الآية إلى أن العوض راجع إلى ما أعطاها[124].

وما روي عن ابن عباس أن امرأة ثابت بن قيس أتت النبي r وقالت له: والله ما أعتب على ثابت في دين ولا خلق ولكني أكره الكفر في الإسلام، لا أطيقه بغضا. فقال لها النبيr: أتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم، فأمره النبي r أن يأخذ منها حديقته ولا يزداد[125]، ووجه الدلالة أن النبي r نهى عن أخذ الزيادة ولو كان جائزا لما أمره بالاقتصار على ما أعطاها.

ولأن العوض بدل في مقابل فسخ عقد فلم يزد على قدره في ابتداء العقد كالإقالة في البيع، ورد عليهم بأن قياس الخلع على الإقالة في البيع قياس مع الفارق، لأن البيع معاوضة محضة، والنكاح ليس كذلك.

القول الثاني: قالوا أن مقدار العوض يتحدد بما يتفق عليه الزوجان في المخالعة دون اعتبار لما أعطاها الزوج من مهر أو غيره سواء تجاوز المهر الذي أعطاها أو ساواه أو كان أقل منه، وبه قال الحنفية[126] والشافعية[127] والمالكية[128] والحنابلة[129] وابن حزم من الظاهرية[130] وقد استدلوا بقوله تعالى:]فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ[[131].

ووجه الدلالة أن العوض عام في كل ما تعطيه الزوجة فداء لزوجها قليلا كان أو كثيرا زائدا عن المهر أو أقل منه وكذلك روي أن امرأة نشزت في عهد عمر بن الخطاب على زوجها، فرفعها إليه فذكر له القصة ،فقال عمر لزوجها :اخلعها ولو من قرطها.[132]  

وعن نافع مولى ابن عمر عن مولاة لصفية بنت أبي عبيد أنها اختلعت من زوجها بكل شيء، فلم ينكر ذلك ابن عمر، كما استدلوا كذلك أن المرأة لا ترضى في عقد النكاح إلا بالصداق الكثير فكذلك للزوج أن لا يرضى عند المخالفة إلا بالعوض الكثير، لا سيما وقد أظهرت الاستخفاف بالزوج حيث كرهته وأظهرت بغَضا له.[133]

ثالثا: موقف القانون الجزائري من العوض:

لم يتعرض المشرع الجزائري إلى شروط العوض في قانون الأسرة، والعوض لا يمكن أن يكون إلا مبلغا من المال والمال كما نص عليه قانون الأسرة يمكن أن يكون من النقود والأوراق المالية المعروفة والمتداولة داخل الوطن وخارجه، كما يمكن أن تكون من الأشياء التي يمكن تقويمها بالمال وبعبارة أدق كل ما صح أن يكون صداقا شرعا، صح أن يكون بدل الخلع، وعلى هذا الأساس يمكن القول أن يكون مبلغا من الدينارات الجزائرية أو سيارة أو بيت كما يمكن أن يكون دينا للزوج على الزوجة أو أي شيء متقوم بالمال، كما يمكن أن يكون العوض مؤجل صداق الزوجة أو نفقة المحضون أو نفقة العدة المقررة شرعا، ولا يجوز أن تتنازل الزوجة عن حضانة أولادها مقابل الخلع لأن الحضانة فيها حق المحضون وليس حق الزوجة، أما إذا لم يتفقا على مقابل الخلع يتدخل القاضي بموجب م 54 من قانون الأسرة المعدل تحت رقم 05/02 ليحسم الخلاف بين الزوجين على مقابل الخلع على أن لا يتجاوز صداق المثل،[134] وبقوله في المادة (إذا لم يتفق الزوجان ) دل هذا على أن المشرع الجزائري أخذ بالرأي الثاني في مسألة مقدار العوض القائلين أن العوض يتحدد بما يتفق عليه الزوجان وفي حالة لم يتفقا يتدخل القاضي.

الفرع الثاني: الصيغة:

الصيغة هي اللفظ الدال على إيقاع الخلع من الزوج وقبوله من الزوجة وصيغة العقد هي ما يتحقق به الإيجاب والقبول فهي صورته في الخارج التي يوجد بها.

وفي الأصل أن الصيغة عند إنشاء العقود تكون باللفظ، فإذا تعذر اللفظ كما في الأخرس والخرساء فالإيجاب والقبول يكون بالإشارة، وقد تكون الصيغة بالمعاطاة أي بأفعال يقوم بها طرفا العقد أو أحدهما.[135]

 

كما يجب أن تتوافر مجموعة من الشروط في الصيغة وهذا ما سنبينه في الآتي:

أولا: ألفاظ الصيغة:

أ­ الصيغة  باللفظ: تعددت الألفاظ بين فقهاء المذاهب الأربعة:

- الحنفية: قالوا ألفاظ الخلع خمسة: خالعتك، باينتك، بارئتك، فارقتك، طلقي نفسك على كذا ويزاد على هذه الألفاظ: لفظ البيع والشراء كبعت نفسك أو طلاقك على كذا وهو لفظ صريح.[136]

- الشافعية: قالوا إن صيغة الخلع هي كل لفظ من ألفاظ الطلاق صريحة وكناية ومن كناياته لفظ: بيع وفسخ فإذا قال لها: بعتك نفسك بألف ناويا بذلك الطلاق فقالت: قبلت كان خلعا صحيحا تبين به ويلزمها العوض أما إذا قال لها: فسخت نكاحك بألف في هذه الحالة يكون لفظ الفسخ طلاقا ينقص عدد الطلقات، ومثال صريح الطلاق أن تقول له طلقني على عشرين، فقال طلقتك على ذلك، فإنه يكون طلاقا صريحا بائنا يقع بدون نية.[137]

- المالكية: عندهم إيقاع الطلاق بلفظ الجمع وما في معناه ولو بدون عوض حيث يقع طلاق بائن ومن هذه الألفاظ :الصلح والإبراء والافتداء، كما لو قال لها: صالحتك أو أنا مصالح لك أو أنت مصالحة، أو أنا مبريك، أو أنت مبرأة أو أنا مفتد منك أو أنت مفتداة.[138]

-الحنابلة: عندهم ألفاظ الخلع تنقسم إلى صريح وكناية، الصريح ثلاثة ألفاظ هي: خالعتك،

المفاداة وفسخت نكاحك، فإذا أتى بأحد هذه الألفاظ وقع الخلع من غير نية، وما عدا هذه

الألفاظ :ابنتك، بارأتك فهو كناية.[139]

وقال الظاهرية: الخلع هو الافتداء، للزوجة أن تفتدي من زوجها ويطلقها إن رضي هو[140]، ويبدو من قولهم أنهم لا يشترطون لفظا معينا للصيغة، فعندهم كل فرقة على مال تعتبر خلعا.

ب-الصيغة بالمعاطاة :اختلف الفقهاء في صحة إيقاع الخلع بالمعاطاة بأن تقوم الزوجة بفعل معين يدل على إرادتها إيقاع الخلع فيعتبر ذلك إيجابا منها ويقوم الزوج بما يدل على قبوله كأن يستلم البدل منها ولا يمنعها من الخروج من بيت الزوجية[141]،وفي هذه المسألة قولين:

القول الأول: يرى جواز الخلع بالمعاطاة وإليه ذهب المالكية وبعض الحنابلة والزيدية على ما يستفاد من أقوالهم فقد جاء في فقه المالكية: (وكفت المعاطاة في الخلع عن النطق بالطلاق أن جرى لها عرف –أي المعاطاة-كأن يجري عرفهم بأنها متى دفعت له إسورتها أو عقدها فأخذه وانصرف، كان ذلك خلعا ومثله قيام القرينة)[142] واستدلوا أصحاب هذا القول بالعرف لأنهم قالوا بجواز الخلع بالمعاطاة بناء على جريان العرف بذلك، ومنهم من علق الجواز بجريان العرف به ولا شك أن للعرف الصحيح اعتبارا في الشرع، واستدلوا بقصة خلع زوجة ثابت بن قيس جاء فيها قول النبي r« أتردين عليه الحديقة» قالت: نعم ففرق النبيr بينهما وقال: «خذ ما أعطيتها ولا تزداد» ولم يستدعي منه لفظا.[143]

القول الثاني: لا يجيز عقد الخلع بالمعاطاة وهو قول الشافعية والحنابلة وأدلتهم أن الخلع تصرف في البضع –أي في رفع قيد النكاح- بعوض فلم يصح بدون اللفظ كعقد النكاح وإيقاع الطلاق وأخذ المال قبض لعوض، فلم يقم بمجرده مقام الإيجاب كقبض أحد العوضين في البيع، والخلع إن كان طلاقا فلا يقع بدون صريحه أو كنايته وإن كان فسخا فهو أحد طرفي عقد النكاح فيعتبر فيه اللفظ كابتداء العقد، كما استدلوا بحديث ابن عباس لما قال النبي r: «اقبل الحديقة وطلقها تطليقة» وهذا صريح في اعتبار اللفظ.[144]

ثانيا: شروط الصيغة

شروط الصيغة فيها تفصيل المذاهب:

1-الحنفية: يشترط في صحة الصيغة أن تكون الزوجة عالمة بمعنى الخلع فإذا كانت أعجمية ولقنها زوجها بالعربية كلمات-اختلعت منك بالمهر ونفقة العدة- فقالت هذه الكلمات وهي لا تعرف معناها وقبل الزوج فإنها تطلق منه بائنا، ولا شيء له قبلها، ثم إن الخلع بالنسبة للزوج يمين فلو ابتدأ الخلع لا يملك الرجوع عنه وكذا لا يملك فسخه، ولا نهي المرأة عن قبوله، وله أن يعلقه بشرط ويضيفه إلى وقت، كما يصح للزوج الخيار في بدل الخلع إذا وجد به عيبا فاحشا، أما العيب اليسير فلا خيار له فيه، كذلك يشترط مطابقة الإيجاب للقبول ولا يشترط أن تكون النية في ألفاظ الخلع.

2-المالكية: اشترطوا ثلاثة شروط بأن يكون لفظا فإذا كان عملا بدون نطق فإنه لا يقع به الطلاق إلا إذا جرى به العرف كما ذكرنا سابقا، والشرط الثاني أن يكون القبول في المجلس إلا إذا علقه الزوج بالأداء أو القبض، والشرط الثالث أن يكون بين الإيجاب والقبول توافق في المال.

3-الشافعية: اشترطوا أن يكون أن يكون كلام كل واحد منهما مسموعا للآخر ولمن يقرب منه الحاضرين وأن يقصد كل منهما معنى اللفظ الذي ينطق، فإن جرى على لسانه بدون أن يقصد معناه فإنه لا يصح، وأخيرا أن لا يتخلل بين الإيجاب والقبول كلام وأن يتفق الإيجاب مع القبول، فإذا قال لها: "طلقتك بألف" فقالت "قبلت بألفين" لا يقع شيء، وإذا قال لها "طلقتك ثلاثا بألف" فقالت: "قبلت واحدة بألف"، فإن الثلاث تقع بألف، فإنه إن لم يوافق القبول الإيجاب في الطلاق يوافقه في المال.

4-الحنابلة: قالوا يشترط في صيغة الخلع أن تكون لفظا فلا يصح أن تكون بالمعاطاة ولو نوى بها الطلاق فلا بد من إيجاب وقبول، وأن يكون الإيجاب والقبول في المجلس فإذا قال: خالعتك بكذا ثم قام من المجلس قبل قبولها فإنه لا يصح وكذلك إذا قامت هي ولم تقبل.

كما اشترطوا أن لا يضيف الخلع إلى جزء منها كأن يقول لها: خلعت يدك أو رجلك بكذا، وقبلت كان لغوا، وأن لا يعلقه على شرط، فإذا قال لها: "إن بذلت لي كذا فقد خالعتك " فإن الخلع لا يصح ولو بذلت له ما سماه، وإذا اجتمع الشرط مع الخلع فإن الخلع يصح والشرط يبطل[145].

ثالثا: موقف المشرع الجزائري من الصيغة:

لم يتطرق المشرع الجزائري لمسألة الصيغة في المادة 54 منه تاركا ذلك لمبادئ الشريعة الإسلامية تطبيقا لنص م 222من ق أ التي تنص على :"كل ما لم يرد نص عليه في هذا القانون يرجع فيه لأحكام الشريعة الإسلامية"، غير أن هاته المادة أصبح لا جدوى لها بعد التعديل بحيث أهمل المشرع إرادة الزوج في تعديل المادة 54 من الأمر 05/02 بعد أن كان صيغة المادة غير مفهومة منها اشتراط إرادة الزوج أم لا .

        وعليه بما أن المشرع أغفل إرادة الزوج بوقوع الخلع دون موافقته فلا حاجة القبول منه ولا حاجة لمجلس العقد ولا حتى لإيجاب الزوجة في مخالعتها.



[1] -ابن منظور، لسان العرب، المجلد الثامن، دار صادر، بيروت، (دت)، ص76.

[2]  -ابن منظور، لسان العرب، المجلد الثاني، المصدر نفسه، ص297.

[3] - الامام مالك بن انس الاصمعي، المدونة الكبرى، ج4، سنة 1422 هـ، ص 156.

[4]- ابن نجيم، البحر الرائق شرح كنز الدقائق، ط2، ج4، دار الكتاب الإسلامي، (دم ن-د ت ن )،ص77.

[5]- نظام الدين البلخي ولجنة علماء، الفتاوى الهندية، ط2، ج1، دار الفكر، (د م ن )، 1310هـ ،ص488.

[6] ­الدسوقي، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير،ج2، دار الفكر، بيروت ، لبنان، (دت ن)،ص347

[7]- ابن رشد، بداية المجتهد ونهاية المقتصد، ج3، دار الحديث، القاهرة، 1425 هـ-2004م، ص 89.

[8]- الشربيني، مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، ط1، ج4، دار الكتب العلمية، (د م ن )، 1994 ،ص 430.

[9]- الماوردي، الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي، تحقيق علي محمد معوض، ط1، ج10، دار الكتب العلمية، لبنان، 1999، ص3

[10]- البهوتي، كشاف القناع عن متن الإقناع، ج5، دار الكتب العلمية، (د.م.ن)، (د.ت.ن)، ص212.

[11] باديس  ديباني: صور فك الرابطة الزوجية على ضوء القانون في الجزائر، ط2007، دار الهدى، عين مليلة، ص 60.

[12]- سورة البقرة، الآية 229.

[13]- ابن كثير، تفسير القرآن العظيم، تحقيق سامي بن محمد سلامة، ط2، ج1، دار طيبة، (د م ن)، 1999، ص 613.

[14]- ابن ماجه، سنن ابن ماجه، كتاب الطلاق، باب المختلعة تأخذ ما أعطاها، حديث رقم 2057، ط1، ج1، المكتبة العصرية، لبنان، 2006، ص356.

[15]- وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، ط4، ج9، دار الفكر، دمشق، سوريا ،1427 هـ-2006م ،ص7009.

[16]- سورة النساء، الآية 20.

[17]­ عبد الكريم زيدان، المفصل في أحكام المرأة والبيت المسلم في الشريعة الإسلامية، ط1، ج8، مؤسسة الرسالة، بيروت، لبنان، 1993م ، ص119.

[18]­ سورة البقرة، الآية 229.

[19]­ جمال عبد الوهاب عبد الغفار، الخلع في الشريعة الإسلامية، دراسة مقارنة، دار الجامعة الجديدة، مصر، 2003، ص44.

[20]­ النسائي، كتاب الطلاق، باب ما جاء في الخلع، حديث رقم 3463، ص548.

[21]­ الماوردي، مرجع سابق، الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي، تحقيق علي محمد معوض ،ج 10، ص6.

9­ ابن قدامة المقدسي، المغني لابن قدامة، ج7، مكتبة القاهرة، (د.م.ن)، 1968، ص326

[23]­ سنن ابن ماجة، كتاب الطلاق، باب كراهية الخلع للمرأة، حديث رقم 2055، ص365.

­[24]البيهقي، السنن الكبرى، تحقيق محمد عبد القادر عطا، كتاب الغصب، باب من غصب لوحا، حديث رقم11545، ط3، ج6، دار الكتب العلمية، لبنان، 2003، ص166.

[25]­ سورة البقرة، الآية 231.

[26]­ سورة النساء، الآية 20.

[27]­ سورة النساء، الآية 19.

[28]­ جمال عبد الوهاب عبد الغفار، الخلع في الشريعة الإسلامية، ص46­49

[29]­ سورة النساء، الآية 19.

[30]­ منال محمود المشني، الخلع في قانون الأحوال الشخصية، ط1، دار الثقافة ، الأردن ،2009، ص56.

[31]­ ابن ماجه، سنن ابن ماجه، كتاب الطلاق، باب المختلعة تأخذ ما أعطاها، حديث رقم 2057، ط1، ج1، المكتبة العصرية، لبنان، 2006، ص14..

[32] ­عامر سعيد الزيباري، احكام الخلع في الشريعة الاسلامية، دار حزم، بيروت 1997 ، ص225.

[33]­ عامر سعيد الزيباري، مرجع سابق، ص226، 228.

[34]­ سورة البقرة، الآية 229­230.

[35]­ ابن العربي، احكام القرآن، ط3، ج1، دار الكتب العلمية، لبنان، 2003، ص264.

[36]­  الدار قطني، سنن الدار قطني، تحقيق شعيب الارنؤوط وآخرون، كتاب الطلاق والخلع وغيره، حديث رقم 4026، ط1، ج5، مؤسسة الرسالة، لبنان، 2004، ص83

[37]­ سورة البقرة، الآية 227

[38]­ ابن حزم، المحلى بالآثار، دار الفكر، بيروت، (د ت ن المحلى بالآثار، ج9، دار الفكر، بيروت، (د ت ن). ، ج9، ص516.

[39]­ سليم سعدي، الخلع بين احكام تشريع الأسرة والاجتهاد القضائي، ( رسالة ماجيستير)، جامعة الجزائر،بن يوسف بن خدة، كلية الحقوق، ص59.

[40]­ منال محمود المشني، الخلع قانون الاحوال الشخصية، ص67.

[41] جلال الدين السيوطي، سنن النسائي، ج5، دار الفكر بيروت، ص 168.

[42] احمد شامي: قانون الاسرة الجزائري طبقا لأحدث التعديلات، دراسة نقدية وفقية  مقارنة، دار الجامعة الجديدة، الاسكندرية، 2010، ص 222-221

[43]- باديس ذيابي، صور فك الرابطة الزوجية على ضوء القانون والقضاء في الجزائر، دار الهدى، الجزائر، 2007، ص68-69.

[44]­ سليم سعدي، مرجع سابق، الخلع بين احكام تشريع الاسرة والاجتهاد القضائي ص60­61.

­[45] المحكمة العليا، (غرفة الأحوال الشخصية)، قرار رقم 39463، بتاريخ 10/02/1986، قضية (ع. ح) ضد (ن.أ)، المجلة القضائية،العدد1، 1989، ص115.

­[46]  المحكمة العليا، (غرفة الأحوال الشخصية)، قرار رقم 33652، بتاريخ11/06/1984، قضية(ض الله)ضد (بن.م ع)، المجلة القضائية، العدد3، 1989، ص38.

­[47]  المحكمة العليا، (غرفة الأحوال الشخصية)، قرار رقم 73885، بتاريخ23/04/1991، قضية(ش م)ضد (اع)، المجلة القضائية، العدد2، 1993، ص55 .

[48] المحكمة العليا، (غرفة الأحوال الشخصية)، قرار رقم 83603، بتاريخ21/07/1991، قضية (ع. م)ضد (ب. د.ن)، عدد خاص، 2001، ص134.

[49]­ المحكمة العليا، (غرفة الأحوال الشخصية)، قرار رقم141262، بتاريخ30/07/1996، قضية (م.د) ضد (ر.م)، المجلة القضائية، العدد1، 1998، ص120.

[50]­ نور الدين عماري، "الخلع من رخصة الى حق أصيل للزوجة بين أحكام القضاء وقانون الأسرة الجزائري"، مجلة دفاتر السياسة والقانون، العدد13، 2015، ص112.

[51] بدران ابو العينين بدران، الفقه المقارن للاحوال الشخصية، دار النهضة العربية، لبنان 1967،ص 410.

[52]­ بدران أبو العينين بدران، الفقه المقارن للأحوال الشخصية، دار النهضة العربية، لبنان، 1967، ص410­ 411.

[53]­ عامر سعيد الزيباري، مرجع سابق، احكام الخلع في الشريع الاسلامية ص245­246.

[54]­ بدران أبو العينين بدران، الفقه المقارن للأحوال الشخصية، مرجع سابق، ص411.

[55]­ نورة منصوري، التطليق والخلع وفق القانون والشريعة الإسلامية، دار الهدى، الجزائر، 2010، ص156.

[56]­ الرشيد بن شويخ، شرح قانون الأسرة الجزائري المعدل، ط1، دار الخلدونية، الجزائر، 2008، ص209.

[57]­ سليم سعدي، مرجع سابق، الخلع بين احكام تشريع الاسرة والاجتهاد القضائي ص40­42.

[58]­ عبد الرحمن الجزيري، الفقه على المذاهب الأربعة، ط2، ج4، دار الكتب العلمية، لبنان، 2003، ص352.

[59]­ جمال عبد الوهاب عبد الغفار، مرجع سابق، الخلع في الشريعة ص 57.

[60]­ سليم سعدي، مرجع سابق، ص 22.

[61]­ عبد الكريم زيدان، مرجع سابق، ، المفصل في أحكام المرأة والبيت المسلم في الشريعة الإسلامية، ط1، ج8، مؤسسة الرسالة، بيروت، لبنان، 1993م ، ص 134.

[62] ­ابن عابدين، حاشية رد المحتار على الدر المختار، ط2، ج3، دار الفكر، لبنان، 1992 ، ص441.

[63]­ الدسوقي، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، ج2، دار الفكر، بيروت، لبنان، ( د ت ن). ،ص 352.

[64]­ الشربيني،  مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج، ط1، ج4، دار الكتب العلمية، (د م ن)، 1994م.،ص431.

[65]­ المرداوي، الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، ط2، ج8، دار إحياء التراث العربي، (د م ن –د ت ن)، ص385 .

[66]­ عامر سعيد الزيباري، مرجع سابق، احكام الخلع في الشريعة، ص 93.

[67]­ السرخسي، مرجع سابق، المبسوط، دار المعرفة، لبنان، 1424ه-1993م ،ج 6 ،ص 178.

[68]­ الدسوقي، مرجع سابق، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، ج2، ص 352.

[69]­ النووي، روضة الطالبين وعمدة المفتين، تحقيق زهير الشاويش، ط3، ج7، المكتب الإسلامي، دمشق،عمان، 1991، ص383.

[70]­ ابن مفلح الحنبلي، المبدع في شرح المقنع، ط1، ج6، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، سنة 1997، ص 270.

[71] - البنج: الأصل والبنج ضرب من النبات، قال ابن سيده: وأُورى الفارسي قال أنه مما ينتبذ به أو يقوى به النبيذ، للمزيد ينظر، ابن منظور، مرجع سابق، ج2، ص216.

[72]­ جمال عبد الوهاب عبد الغفار، مرجع سابق، ص 59.

[73]­ سورة النساء، الآية 43.

[74]­ السرخسي، المبسوط، ج 6، ص 176

[75]­ ابو عبد الله القرطبي، الاستذكار، تحقيق سالم محمد عطاء، محمد علي معوض، ط1، ج6، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان،  2000، ص207

[76]­ الكاساني، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، ط2، ج3، دار الكتب العلمية،(د م ن)، 1986،ص99

[77]­ جمال عبد الوهاب عبد الغفار، الخلع في الشريعة، مرجع سابق، ص60

[78] ­ سورة النساء، الآية 43

[79]­ ابن حزم الظاهري، المحلى بالاثار، مرجع سابق، ج9، ص 472

[80]­ جمال عبد الوهاب عبد الغفار، الخلع في الشريعة مرجع سابق، ص 74، 76.

[81]­ سورة النحل، الآية 106.

[82]­ جمال عبد الوهاب عبد الغفار، مرجع سابق، ص 68.

[83]­ الشوكاني، نيل الأوطار، تحقيق عصام الدين الصبابطي، ط1، ج6، دار الحديث، مصر، 1993 ، ص 279.

[84]­ المظهري، التفسير المظهري، تحقيق غلام نبي التونسي، ج 5، مكتبة الرشيدية، باكستان، 1412، ص381

[85]­ عبد الكريم زيدان، مرجع سابق، المفصل في احكام المرأة والبيت المسلم في الشريعة الاسلامية، ج 8 ،ص 135

[86]­ السرخسي، مرجع سابق، المبسوط، ج 6، ص 193.

[87]­ عبد الكريم زيدان، مرجع سابق، ج 8، ص 136

[88]­ عامر سعيد الزيباري، مرجع سابق، احكام الخلع في الشريعة الاسلامية ، ص 104-105

[89]­ ابن قدامة المقدسي، المغني لابن قدامة، مكتبة القاهرة، ( د م ن)، 1968م ،ج 7، ص 356.

[90]­ عبد الكريم زيدان، المفصل في احكام المرأة والبيت المسلم في الشريعة الاسلامية ج 8، ص 139

[91]­ محمد مصطفى شلبي، أحكام الأسرة في الإسلام دراسة مقارنة، ط 4، الدار الجامعية، بيروت، لبنان، 1972، ص 561.

[92]­ عامر سعيد الزيباري، مرجع سابق، احكام الخلع في الشريعة، ص 113.

[93]­ عبد الرحمان الجزيري، مرجع سابق، الفقه على المذاهب الاربعة، ج 4 ،ص 353.

[94]­ عبد الكريم زيدان، مرجع سابق، ج8، ص 154.

[95]­ عامر سعيد الزيباري، مرجع سابق، احكام الخلع في الشريعة ،ص115.

[96]­ عبد الرحمن الجزيري، مرجع سابق، ج4، ص 358.

[97]­ ابن عابدين، حاشية رد المختار على الدر المختار، ج 3، ص 458.

[98]­ ابن عابدين، حاشية رد المختار على الدر المختار ج 3، ص 358.

[99]­ عبد الرحمن الجزيري، مرجع سابق، الفقه على الم\اهب الاربعة، ج 4، ص 357.

[100]­ عبد الكريم زيدان، مرجع سابق،المفصل في احكام المرأة والبيت المسلم في الشريعة  ج 8، ص 157.

[101]­ المرداوي، الانصاف في معرفة الراجح من الخلاف، ج 8،ص391 .

[102]­ محمد أبو زهرة، الأحوال الشخصية، ط3، دار الفكر العربي، مصر، 1957، ص 338

[103]­ عامر سعيد الزيباري، مرجع سابق، احكام الخلع في الشريعة، ص 109.

[104]­ عبد الرحمن الجزيري، مرجع سابق، الفقه على الم\اهب الاربعة، ج 4، ص 355.

[105]­ عبد الرحمن الجزيري، مرجع سابق، ج 4، ص 358.

[106]­ عامر سعيد الزيباري، مرجع سابق، احكام الخلع في الشريعة،  ص 119.

[107]­ المرجع نفسه، ص 120.

[108]­ عامر سعيد الزيباري، مرجع سابق، احكام الخلع في الشريعة، ص 123- 124.

[109]­ المرجع نفسه، عامر سعيد الزيباري ص 121-122.

[110]­ عبد الكريم زيدان، مرجع سابق، المفصل في احكام المرأة والبيت المسلم في الشريعة الاسلامية،ج 8، ص 146-149.

[111]- وهبة الزحيلي، الفقه الاسلامي وادلته، ج 9، ص 7019.

[112]- عبد الكريم زيدان، مرجع سابق، المفصل في احكام المرأة والبيت المسلم في الشريعة الاسلامية، ج 8، ص 209-211.

[113]­ فضيل سعد، شرح قانون الأسرة الجزائري في الزواج والطلاق، ج 1،المؤسسة الوطنية للكتاب، الجزائر، 1986، ص308-313.

[114]­ المحكمة العليا، (غرفة الأحوال الشخصية)، قرار رقم 110096، بتاريخ 15/11/1994، قضية (ز.هـ) ضد(ج. أ)، المجلة القضائية، العدد 3، 1994، ص 79 .

[115]­ عامر سعيد الزيباري، مرجع سابق،احكام الخلع في الشريع الاسلامية ص 151.

[116]­ عامر سعيد الزيباري، احكام الخلع في الشريعة، ص 157-158.

[117]­الكاساني، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، ط2، ج3، دار الكتب العلمية، ( د م ن)، 1986.،ج3،ص 151.

[118]­ عبد الرحمن الجزيري ،مرجع سابق، الفه على الم\اهب الاربعة ،ج4 ،ص 359-362.

[119] ­ عبد الرحمن الجزيري، مرجع سابق، ج4، ص364-365.

[120]­ أبو الوليد الباجي ،المنتقى شرح الموطأ، ط1، ج4، مطبعة السعادة ، مصر، 1332هـ ،ص 63

[121]­ عبد الرحمن الجزيري، مرجع سابق، ج 4،الفقه على الم\اهب الاربعة ص 366-367.

[122]­ ابن قدامة المقدسي، مرجع سابق، المغني لابن قدامة،  ج 7، ص 325.

[123]­ سورة البقرة، الآية 229.

[124]­ ابن قدامة المقدسي ،مرجع سابق ، المغني لابن قدامة، ج 7،ص 325 .

[125]­ ابن ماجة، سنن ابن ماجة، كتاب الطلاق، باب المختلعة تأخذ ما أعطاها، حديث رقم 2056، ص 355.

[126]­ السرخسي، مرجع سابق، المبسوط،  ج6 ص 183

[127]­ الماوردي، مرجع سابق، الحاوي الكبير في فقه مذهب الامام الشافعي  ج10، ص12.

[128]­ ابن رشد، مرجع سابق،بداية المجتهد ونهاية المقتصد، ج 3 ص 90.

[129]­ ابن قدامة المقدسي، مرجع سابق ،ج 7، ص 325.

[130]­ ابن حزم، مرجع سابق، المحلى بالاثار، ج 9، ص 511.

[131]­ سورة البقرة، الآية 229

[132]­ ابن حزم، مرجع سابق، ج 9، ص 520.

[133]­ عامر سعيد الزيباري، مرجع سابق، احكام الخلع في الشريعة ص 168-170.

[134]­ عبد العزيز سعد، مرجع سابق، الزواج والطلاق في قانون الأسرة الجزائري، ط3، دار هومة، الجزائر، 1996. ص 249-250.

[135]­ عبد الكريم زيدان ،مرجع سابق، المفصل في احكام المرأة والبيت المسلم في الشريعة ،ج 8 ص164.

[136]­ المرجع نفسه،عبد الكريم زيدان، المفصل في احكام المرأة والبيت المسلم في الشريعة، ج8 ص 168.

[137]­ عبد الرحمن الجزيري، مرجع سابق، الفقه على الم\اهب الاربعة، ج4 ،ص 371.

[138]­ الدسوقي، مرجع سابق، ج 2 ،ص 351.

[139]­ عبد الكريم زيدان، مرجع سابق ،ج8 ص 170.

[140]­ ابن حزم، مرجع سابق، المحلى بالاثار، ج 9، ص 521

[141]­ عبد الكريم زيدان، مرجع سابق ، المفصل في احكام المرأة والبيت المسلم في الشريعة ج 8 ،ص 165.

[142]­ الصاوي المالكي ،حاشية الصاوي على الشرح الصغير ،ج2، دار المعارف، (د.م. ن)،(د.ت. ن) ،ص 531.

[143]­ عبد الكريم زيدان، مرجع سابق ، ج 8 ،ص 166.

[144]­ المرجع نفسه ، عبد كريم زيدان، ج8 ،ص 167-168.

[145] ­عبد الرحمن الجزيري، مرجع سابق، الفقه على المذاهب الاربعة، ج 4، ص 368-373.


NameEmailMessage