JavaScript is not enabled!...Please enable javascript in your browser

جافا سكريبت غير ممكن! ... الرجاء تفعيل الجافا سكريبت في متصفحك.

-->

بحث حول السياسة الزراعية في الجزائر و مصر دراسة مقارنة

خط المقالة

 

مقدمة:

        يعتبر القطاع الزراعية من القطاعات الإستراتيجية والحساسة التي تساهم بشكل كبير في عملية التنمية، باعتباره المصدر الرئيسي والوحيد للغذاء، كما يشكل مجالا واسعا لتشغيل اليد العاملة وإمتصاص البطالة المتفشية في المناطق الريفية بكثرة، وكذا يعمل على تحقيق الرفاهية فهو بمثابة القلب النابض والعصب الحساس لإقتصاديات البلدان المتقدمة، فالأمة التي تهتم بقطاعها الزراعي لتضمن العيشة الكريمة لشعبها وذلك من خلال تحقيق أقصى ما يمكن من الإنتاج الزراعي هي أمة جديرة بالإحترام تهتم بمتطلبات الشعب وضرورة تحقيق مستوى معيشي جيد، يمكن القول أنه مهما كانت الخلفيات الإستراتيجية للقطاع الزراعي فلابد أن يحظى بأهمية بالغة لكونه يؤثر في القطاعات الأخرى بدرجة كبيرة، وكذا تأثره هو كذلك بالقطاعات الأخرى وضعفه يؤدي إلى التبعية وتدهور الكيان الاقتصادي وهذا ما يلاحظ في العديد من الدول النامية، وبإعتبار الجزائر من بين الدول النامية التي وقعت ضحية تراجع الإهتمام القطاع الزراعي وتدهور أولويته بين باقي القطاعات الأخرى ، فمنذ الإستقلال كانت تسعى جاهدة إلى تنميته من خلال السياسات والإصلاحات التي مرت بها التسيير الذاتي الثورة الزراعية إعادة الهيكلة المستثمرات الفلاحية، والمخططات التنموية، وكلها كانت تهدف إلى تحريك عجلة تنمية القطاع الزراعي، إلا أنها لم تصل إلى الأهداف المرجوة والسبب يرجع بالدرجة الأولى إلى تهميشه في مجال الإعتمادات الإستثمارية مما نتج عنه تراجع في معدلات النمو مما زاد توسيع الفجوة بين الطلب والعرض خاصة مع النمو الديموغرافي المتزايد ومنه زيادة التبعية الغذائية، فارتفعت فاتورة الواردات الغذائية إلى جانب إرتفاع أسعار موادها.

وعليه ومن خلال ما سبق فان الاشكالية المطروحة هي: ماهي الفروقات بين السياسة الزراعية في الجزائر و نظيرتها في مصر؟

 

 

 

 

المبحث الأول: مدخل إلى السياسات الزراعية

المطلب الأول: الأهمية الاقتصادية للقطاع الزراعي.

يحتل القطاع الزراعي في الجزائر مركزا مهما في البنيان الاقتصادي من الناحيتين الاقتصادية والاجتماعية، وبالرغم من الأهمية الملموسة لهذا القطاع فإن القصور الذي اتسم به دور هذا القطاع يظهر جليا من خلال مساهمته المتواضعة في الناتج المحلي الإجمالي، وتسعى السياسات الزراعية المتبعة إلى تحقيق نسبة عالية من الأمن الغذائي، حيث أن الجزائر بعد تحصلها على إستقلاليتها من الإستعمار الفرنسي خرجت بإقتصاد متخلف وضعيف الهياكل القاعدية، وقد سطرت لهذا عدة سياسات تنموية شاملة لجميع قطاعاتها الحيوية منها قطاع الزراعة، حيث بدأت بإنتهاج نظام التسيير الذاتي الذي مرّ بمرحلتين مختلفتين (مرحلة أولى إنتقالية، ومرحلة التخطيط المركزي)[1].

ويرجع المهتمين بميدان الزراعة على ضرورة تنمية القطاع الزراعي بما يضمن له إمكانيات المنافسة العالمية، والقدرة على النهوض بقطاع التصنيع الزراعي والذي يعد النهوض به من أهم متطلبات استمرار المدخلات البشرية والمادية بأسعار اقتصادية ملائمة لقطاع التصنيع الزراعي، كما أنها تعني رفع مستوى الدخل بالقطاع الزراعي بما يؤدي إلى زيادة الطلب على مخرجات قطاع التصنيع الزراعي بل وخلق مزيد من الطلب على مدخلات ومخرجات القطاع الزراعي ذاته[2] ومن ناحية أخرى قبل النهوض بقطاع التصنيع الزراعي يعني مزيدا من الطلب العالمي على القطاعين كنتيجة طبيعية لنموها[3]، غير أن القطاع الزراعي قد واجه العديد من المشاكل والصعوبات الموروثة على فترة الاستعمار ، أما في المراحل اللاحقة فلعل جانبا هاما من مشكلة القطاع الزراعي في الجزائر والدول النامية عموما، يتمثل بصفة عامة في وقوعه ضحية السياسات المتبعة منذ بداية مخططات التنمية باعتمادها الكامل على إستراتيجية التصنيع كأساس للتنمية، بإتباع نهج إستراتيجية التنمية غير المتوازنة التي تولي قطاع المحروقات وبعض فروع الصناعة الثقيلة أهمية قصوى وإهمال القطاعات الأخرى، خصوصا تلك المرتبطة بالاستهلاك الجماهيري الواسع كالقطاع الفلاحي والصناعات الغذائية.[4]

وخلاصة القول فإنّ إسهامات القطاع الزراعي في مختلف مجالات الاقتصاد يمكن حصرها في المجالات تتمثل في الإسهام في المجال الإنتاجي وفى المجال السوقي وكذلك في المجال الموردي والإسهام بالمواد الخام.

المطلب الثاني: مفهوم السياسة الزراعية وأهدافها

تتجسد السياسة الزراعية في مجموعة متكاملة من الإجراءات والتشريعات التي تتخذها السلطات العامة في الدولة وتساهم فيها بعض الهيئات الخاصة بغية تحقيق أهداف محددة تتضمنها الخطط التنموية الزراعية، وباعتبار السياسة الزراعية عبارة عن برامج تشمل كيفيات التعامل مع القطاع الزراعي على المدين القريب والبعيد فهي تتباين من منطقة لأخرى ومن فترة زمنية لغيرها.

أولًا: مفهوم السياسة الزراعية

إن السياسة الاقتصادية هي عبارة عن خطة محددة تستهدف تحقيق هدف معين في فترة زمنية معينة، وتتضمن السياسة الاقتصادية مجموعة من السياسات الصناعية و الزراعية والخدماتية وغيرها.[5]

وتعرف السياسة الزراعية بأنها فرع رئيسي للسياسة الاقتصادية العامة يتم رسمها وإعدادها وتطبيقها في القطاع الزراعي، ويتم التنسيق والتكامل بينها وبين غيرها من السياسات الاقتصادية الأخرى لتحقيق أهدافها المسطرة .

إن السياسات مهما إختلفت فيما بينها فهي تتضمن مجموعة من السياسات الفرعية يتعلق بعضها بسياسات الاستثمار والتمويل، وبعضها الآخر بسياسة الأسعار والضرائب كما يتعلق بعضها بسياسات البحث العلمي والإرشاد ونقل التكنولوجيا ... الخ، وكلها تعتبر مكونات وعناصر لهذه السياسات.

وتتمثل السياسة الزراعية في مجموعة من الإجراءات والتشريعات والقوانين التي تتخذها الدولة اتجاه القطاع الزراعي، وهي تمثل في نفس الوقت أسلوب إدارة الدولة للقطاع الزراعي في سبيل تحقيق أهداف محددة تتضمنها الخطط الزراعية".

ثانيا : أهداف السياسة الزراعية.

تهدف السياسة الزراعية إلى تحقيق هدفين وهما:[6]

- يتمثل في تحقيق الإشباع لمستهلكي السلع الزراعية.

-يتمثل في تحقيق تعظيم الربح للمنتجين الزراعيين، أي تحقيق الكفاءة الإنتاجية القصوى للموارد الزراعية، والحصول على أعلى ناتج بأقل جهد اجتماعي ممكن وأي غياب أو تقصير في الآليات الكفيلة بذلك يؤدي إلى الاختلال الهيكلي في الإنتاج والاستهلاك وبالتالي قصور في مثل هذه السياسة.

المطلب الثالث: أنواع السياسات الزراعية

لاختلاف تاريخ التطور الاقتصادي لكافة دول العالم لا نجد أي دولة لم تتدخل حكومتها في تبني سياسة زراعية معينة، وفقا للأهداف التي تبتغيها في حل المسألة الزراعية ويمكن تصنيف هذه السياسات إلى

الأنواع التالية :[7]

 

 

أولا: سياسة التوجيه الزراعي.

ويسود بشكل واضح بين الدول الرأسمالية (أوروبا الغربية وتجمع سياسة التوجيه الزراعي بين مبدئي الحرية الاقتصادية والتدخل الحكومي، بحيث انطلقت هذه الأخيرة من هدف أساسي هو تحسين فعالية النشاط الزراعي ولم تتدخل الحكومات إلّا إذا كان التدخل ضروريا لخدمة هذا الهدف، ولقد أعطت هذه السياسات ثمارًا اقتصادية بزيادة الفائض الاقتصادي في الزراعة ومن ثم خلق المقدّمات الضرورية لتحقيق الثورة الصناعية.

ثانيا: سياسة الإصلاح الزراعي.

وقد طبقت في معظم البلدان النامية من آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية وبعض الدول الأوروبية الأخرى كإسبانيا وإيطاليا ... الخ، وكانت منطلقات هذه السياسات الإصلاحية تتحدد في:[8]

-تحديد الملكية بسقف أعلى.

-توزيع الأراضي المصادرة على الفلاحين الذين لا يملكون الأراضي.

- فرض التزامات محددة على المستفيدين من الإصلاح الزراعي.

وإن الهدف الاقتصادي من الإصلاحات الزراعية هو تجاوز علاقات الإنتاج القديمة، وتشجيع أساليب الاستغلال الزراعي الرأسمالي بهدف زيادة فعالية النشاط الزراعي والعمل على إيجاد نوع من التوازن في مجال الاستثمار بين الزراعة والصناعة على أساس أن تحديد الملكية الزراعية سوف يضطر الكثير من المستثمرين إلى الاستثمار في مجال الصناعة .[9]

رغم النتائج التي حققتها سياسة التوسع الزراعي، ولعل السبب ليس في سياسات الإصلاح الزراعي في حد ذاتها بقدر ما تعود إلى عوامل عديدة تتوزّع بين عوامل موضوعية وسياسية وإقتصادية، أو تعود إلى المصداقية والكفاءة والتصميم في التنفيذ.[10]

ثالثا: سياسة الثورة الزراعية.

يجب الإشارة إلى الإصلاح والثورة قبل كل شيء بحيث أنّهما أسلوبان من أساليب التغيير الاجتماعي، وهما يختلفان من حيث البعد الزماني والمكاني والبعد الإيديولوجي، فإذا كانت الثورة تعني التغير الشامل والكامل'، وطبقت هذه الأخيرة في الدول التي كانت تتبنى النظام الاشتراكي وتقوم على إعادة ملكية الأرض إلى الشعب إلى أنها باءت بالفشل، في حين كان مفهوم الإصلاح يعني ترميم وتعديل ما هو موجود بالفعل، كما يمكن تقسيم السياسات الزراعية إلى ثلاثة أنواع أخرى نذكرها فيما يلي :[11]

1. السياسة السعرية الزراعية:

وتعتبر من بين أهم السياسات الاقتصادية الزراعية بحيث تلعب دورًا كبيرًا في مستوى أداء القطاع الزراعي، ويقصد بها مجموعة الإجراءات والقوانين التي تؤدي إلى تكوين هيكل الأسعار في شتى المجالات الإنتاجية والاستهلاكية وبذلك تؤثر على مستوى المعيشة، وهي تستخدم ضمن مجموعة من الإجراءات اللازمة للإصلاح الاقتصادي وتصحيح الإختلالات الهيكلية في قطاع الزراعة.

والسياسة السعرية الزراعية تأخذ عدة أشكال عند التطبيق تختلف حسب اقتصاد كل دولة، فبالنسبة للجزائر فهي تتدخل في رسم الأسعار الزراعية لتجنب مختلف الآثار السلبية التي قد تكون إذا ما تركت إلى السوق الحر، التي تؤدي إلى عدم استقرار الإنتاج الزراعي كما من الممكن أن تؤثر على الاستثمارات الزراعية التي ترتفع بدرجة كبيرة، وذلك من خلال زيادة الطلب على السلع الزراعية ويكون أكبر من معدل الزيادة في الإنتاج مما يؤثر على الاقتصاد ومن هنا تصبح الحاجة إلى التدخل الحكومي في مجال السياسة الزراعية من أجل توفير الأمان للمنتجين الزراعيين، ولهذا فإن السياسة السعرية الزراعية لها دورًا هامًا يساعد على ذلك ويكون هذا من خلال العمل على نجاح أهدافها المتمثلة في ما يلي:[12]

-تحقيق الاستقرار في دخول المزارعين وتحقيق التوازن بين الإنتاج والاستهلاك.

-الحفاظ على مستويات معيشية مقبولة.

-تحقيق العدالة في توزيع الدخل القومي بين القطاع الزراعي والقطاعات الأخرى.

-تعديل هيكل الصادرات والواردات بما يحسن ميزان المدفوعات.

-تحقيق الترابط والتكامل بين الزراعة والقطاعات الاقتصادية الأخرى.

وتتمثل إجراءات وسائل تنفيذ السياسة السعرية من دولة إلى أخرى وهنا يتم الإشارة إلى أهم الإجراءات[13]:

-تحديد سعر

-ثابت للمنتوج مع ضمان أسعار دنيا.

-تحديد أسعار إجبارية للمنتوج.

-إجراءات تحديد أسعار للمستهلك وتقييد الأسعار العليا .

-إجراءات دعم مستلزمات الإنتاج وذلك للتشجيع على زيادة الإنتاج.

2. السياسة التسويقية الزراعية

تعاني الزراعة في البلدان النامية من مختلف المشاكل التي تؤدي إلى محدودية السوق الزراعية وتدني فعاليتها، بحيث يتمثل التسويق الزراعي في كافة الأنشطة المتعلقة بتحويل وتخزين ونقل المنتجات الزراعية للمستهلك المحلي والأجنبي، وبالتالي فهو يساهم بقدر كبير في توفير مناصب توظيف للاقتصاد كما يمكننا اعتباره مؤشر إيجابي، وتتولى المهام التسويقية بمجموعة من المشروعات والتعاونيات والتعاضديات الزراعية، كل هذا إلا أنها لم تحظى بالعناية الأزمة بحيث كان التركيز على سياسات الإنتاج والأسعار باعتبار أن الأسواق تتطور بذلك وهذا مفهوم خاطئ، ولهذا يجب إتباع مجموعة من الأهداف لتحقيق عملية التسويق الزراعي[14].

-ضمان الاستقلال الوطني.

-تحسين مستوى المعيشة من خلال زيادة الناتج الاجتماعي وذلك من خلال تشجيع استخدام التكنولوجيا وتنمية الموارد البشرية.

-السعي لتحقيق العدالة الاجتماعية من خلال العمل على استقرار الأسعار الزراعية.

ويعتبر الفشل التسويقي من بين أهم العوامل التي أدت إلى وقوع أزمة الكساد العالمي 1929، ولتفادي ذلك قامت بريطانيا بسن قوانين لتنظيم التسويق الزراعي 1931 1933، في حين قامت الدول النامية ومن بينها الجزائر إلى فرض نظام تسويقي واحد للإنتاج بحيث تسهر المجمعات الحكومية على تحقيق استقرار أسعار المنتج والمستهلك وذلك من خلال دعم مباشر لبعض السلع الأساسية بحيث تحافظ على السعر مقارنة بسعره في السوق العالمي.

3. السياسة الهيكلية الزراعية:

وتكون هذه الأخيرة موجهة للجانب الهيكلي البنائي للقطاع الزراعي وتهدف هذه السياسة إلى تشجيع التغير في حجم المشاريع الزراعية أو تنظيمها، و التقليل من حدة الصعوبات التي قد تطرأ[15].

كما تحدث تغيرات مختلفة وتحدث من خلال عملية التحول من الزراعة التقليدية إلى الزراعة الحديثة و كذا جراء التغير الفني الذي يغيّر علاقات المدخلات والمخرجات لنظام زراعي قائم، ومن بين أهم السياسات الزراعية الهيكلية . هي تلك التي تتمس التغيّرات الهيكلية مثل تغيّر نسبة السكان العاملين في الزراعة إلى إجمالي السكان من فترة إلى أخرى، وذلك من خلال الاعتماد على التكنولوجيا أو نتيجة لاستقطاب الجانب الصناعي لليد العاملة وهذا ما يؤدي بها إلى إعادة الهيكلة.

وتوجد مجالات مختلفة تتدخل فيها هذه السياسة تتمثل في كل ما يتعلق بالموارد المائية والملكية العقارية، إلى جانب الاهتمامات البيئية والآثار المتبادلة بين العمل الزراعي والمحافظة على البيئة، وهذا ما أدى بالسياسة الهيكلية الزراعية إلى تفادي أي إخلال بالبيئة وتدهور مواردها إلى جانب الاستغلال العقلاني لهذه الموارد.[16]

المبحث الثاني: السياسة الزراعية في الجزائر ومصر

تتجسد السياسات الزراعية العربية في حزمة متكاملة من الإجراءات والتشريعات اليت تسنها الدولة لتحقيق أهداف محددة تتضمنها الخطط التنموية الزراعية ، هذه الأهداف تسعى في أغلب الأحيان إلى زيادة الإنتاج لتحسين الأمن الغذائي وصولا إلى تحقيق درجات عليا من الاكتفاء الذاتي ورفع معدلات تغطية الصادرات للواردات بالتوازي مع تضييق الهوة بين الطلب على الغذاء وإنتاجه وقد اعتمدت السياسات الزراعية العربية خلال مطلع القرن الحالي على آليات السوق، إذ تم تنفيذ سياسات وإصلاحات زراعية متدرجة تمثلت في تحرير التجارة الزراعية في أغلب الأقطار العربية، التي تهدف في مجملها إلى تحقيق الرفاهية وتطبيق مبدأ العدالة في توزيع الدخول، وتقليل التباين بين الريف والحضر.

المطلب الأول: السياسة الزراعية في الجزائر

انتهجت الجزائر منذ مطلع الألفية الجديدة حزمة من السياسات التنموية لتأهيل قطاعها الزراعي وتطويره بهدف رفع معدل مساهمته في النمو والتنمية الاقتصادية وتحسين الأمن الغذائي[17]، بحيث اعتمدت على مجموعة من المخططات التنموية وهي كالتالي:

-البرنامج الوطني للتنمية الفلاحية (2000-2004)

-البرنامج التكميلي لدعم النمو (2005-2009)؛

-برنامج توطيد النمو الاقتصادي (2010-2014).

1-البرنامج الوطني للتنمية الفلاحية (2000-2004):

يهدف البرنامج إلى تحسين مستوى الأمن الغذائي وتحسين مستوى تغطية الاستهلاك بالإنتاج الوطني، بالإضافة إلى تنمية قدرات الإنتاج للمدخلات الزراعية[18]، بالإضافة إلى توسيع المساحات الصالحة للزراعة من خلال عملية استصلاح الأراضي الزراعية وترقية التشغيل ورفع مداخيل المزارعين .[19]

2-البرنامج التكميلي لدعم النمو (2005-2009):

يطلق عليه أيضا المخطط الخماسي الأول، ويهدف إلى ترقية الصادرات الفلاحية ولاسيما المنتوجات المحلية والفلاحية الحيوية (البيولوجية)، بالإضافة إلى استحداث مناصب الشغل في القطاع الفلاحي من خلال دعم اندماج الشباب ذوي الشهادات وكذلك الإدماج الفعلي للتشغيل الفلاحي ضمن ترتيب الحماية الاجتماعية، فضلا عن تطوير وسائل مكافحة الآفات الزراعية بما فيها الجراد والطفيليات والوقاية منها، بما في ذلك رد الاعتبار لوسائل العمل الجوي[20].

3-برنامج توطيد النمو الاقتصادي 2010-2014:

يطلق عليه أيضا المخطط الخماسي الثاني وهي عبارة عن محاولة الوصول إلى استدامة الأمن الغذائي الوطني من خلال استراتيجيات تعتبر محور هذه السياسة، ففي المدى المتوسط تبحث في المتغيرات والآثار المهمة في البنية التحتية التي تؤسس دعامة الأمن الغذائي وتؤسس شراكة بين القطاع العام والخاص مع تأثير جميع الفاعلين في عملية التنمية وبروز حوكمة جديدة للفلاحة والأقاليم الريفية .[21]

4-المخطط الخماسي (2015-2019):

خصصت له الحكومة 300 مليار دينار سنويا لتطوير ودعم المكننة المتخصصة ووسائل القطف والغرس والري من أجل عصرنة المستثمرات الزراعية كمدخل لتحقيق الأمن الغذائي، وتعتزم الجزائر من خلال هذا المخطط الوصول لمليوني هكتار من الأراضي المسقية كما تعتزم إنتاج 200 ألف طن من الأسماك في المزارع المائية مع مطلع عام 2019.  [22]

المطلب الثاني: السياسة الزراعية في مصر.

يعد قطاع الزراعة المصري ركيزة أساسية وناجحة في الاقتصاد المصري، فدلتا النيل الخصبة توفر مساحات لزراعة مجموعة متنوعة من المحاصيل التي تشمل الحبوب والقطن والسكر والفواكه والخضروات، لكن في ظل وجود تلك الإمكانات الراسخة بالقطاع تلوح العديد من التحديات التي يعد أبرزها النمو المتسارع لعدد السكان بمصر والذي وصل 104.25 ملايين نسمة، والمتوقع أن يصل إلى 160 مليونا بحلول عام 2050، الأمر الذي يطرح دائما قضية التحضر وارتفاع عدد الأفراد الذين يعيشون في المناطق الحضرية، والذي من المتوقع أن يرتفع إلى 85 مليونا بحلول عام 2050 مقابل حوالي 40 مليونا في الوقت الحالي، ذلك الأمر يؤكد أهمية مواجهة تلك التحديات المتعلقة بالغذاء وهو الأمر الذي تدركه الدولة المصرية التي أدخلت العديد من السياسات الإصلاحية للتخفيف من حدة تلك المشكلات وتعزيز زراعة المحاصيل الزراعية، بالاتساق مع تنفيذ سياسات مائية تحاول تقليل الفاقد وتساهم في علاج النقص من الماء[23].

ويلعب القطاع الزراعي دورا مهما في الاقتصاد المصري حيث يساهم في توفير الغذاء للسكان، وتوفير مستلزمات الإنتاج للقطاعات الأخرى[24]، كما يساهم بنحو 30% من إجمالي القوة العاملة، وتساهم الصادرات الزراعية بنحو %20 الصادرات السلعية للعالم خلال سنة 2014.[25] 

تتبنى مصر الاستراتيجيات كإطار عام للتوجهات من أجل تحقيق أهداف تتطلب أفقا زمانيا طويلا، مع تحديد واضح للسياسات والآليات الواجب إتباعها لتحقيق هذه الأهداف، وبناءًا عليه فقد عرفت الزراعة المصرية إستراتيجيتين مطلع الألفية الحالية :[26]

-إستراتيجية التنمية الزراعية (2003-2007)؛

-إستراتيجية التنمية الزراعية المستدامة (2007-2030).

المطلب الثالث:  المقارنة بين السياسة الزراعية الجزائرية و المصرية

إن محاولات الإصلاح الزراعي التي قامت بها كل من الجزائر ومصر في مختلف السياسات الزراعية لم تحقق النتائج المرجوة للنهوض بالتنمية الزراعية العربية وتقليص الفجوة الغذائية ويرجع ذلك لمجموعة من الأسباب يمكن ذكر أهمها: [27]

- ضعف الكفاءة الاقتصادية في تطبيق السياسات الزراعية

-ضالة الاستثمارات الموجهة للقطاع الزراعي.

-غياب التخطيط الجيد في استصلاح الأراضي.

-عدم ملائمة السياسات السعرية العربية.

-إهمال الصناعات الزراعية الغذائية.

-إهمال البحث العلمي الزراعي.

 

 

 

1 – سياسات توفير الغذاء:

تعتمد سياسة الغذاء بشكل مباشر على السياسات الزراعية والاقتصادية وهي انعكاس لدرجة نجاح تلك السياسات، ونظرا الى عدم وجود سياسات محددة وواضحة في هذا المجال في كل من الجزائر ومصر ، فان ما يستشف من مقاربة تطور مؤشرات المكونات الغذائية للفرد ونسبة الاكتفاء الذاتي منها، تعطي فكرة ما على نتائج هذه السياسات .

أما لجهة حاجة الفرد على المستوى العالمي من السعرات الحرارية فتقدر من 2400 سعرة إلى 2500 ، فيما تقدر حاجة الفرد من البروتين من 56 الى 65 غرام بروتين يوميا. وتفيد الدراسات ان سكان الجزائر ومصر، يحصلون على احتياجاتهم من السعرات الحرارية.

أما متوسط ما يحصل عليه الفرد في هذين البلدين 2706 سعرة، فيما يحصل على 75 غرام بروتين يوميا.

أما لجهة مساهمة الحبوب في الطاقة للفرد فقد انفضت في العقود الثلاثة الماضية في كل من الجزائر ومصر، ما يعكس واقع تحين الغذاء في هذه الدول.

أما على المستوى العام فقد انخفضت نسبة مساهمة الحبوب في الطاقة في البلدين من 88% في فترة السبعينيات إلى 61% في الثمانينيات ؛ فيما سجل ارتفاع حصول الفرد من البروتين من 17% في الفترة الاولى إلى 20% في الفترة الثانية ، علما ان المستوى العالمي بلغ في تلك الفترة 35%.

أما بخصوص الاكتفاء الذاتي، فقد سجلت الدراسات انخفاضا في فترة مطلع الألفية على الرغم من ارتفاع الإنتاج المحلي من الطاقة الغذائية، حيث اعتمدت غالبية البلدان العربية على سد حاجاتها الغذائية من مصادر خارجية .[28]

2- سياسات التمويل والاستثمار

ترتكز سياسة دعم القطاع الزراعي على السياسات الاستثمارية والتمويلية في البلدين، وعلى الرغم من تخصيص موازنات معينة لتنمية هذا القطاع، فمن الملاحظ انخفاض هذه النسب مقارنة مع غيرها من القطاعات كالصناعة والتجارة والخدمات.

وقد عمدت الدولتين إلى إنشاء مؤسسات الإقراض الزراعي بهدف تحفيز الأفراد والمؤسسات على توجيه جزء من مدخراتهم في الأنشطة الزراعية، كما عمدت إلى زيادة رؤوس أموالها في هذه المؤسسات.

وينحصر عمل المؤسسات الإقراض الزراعي في البلدين في تقديم القروض في شروط ميسرة، ، كما تقدم بعض هذه المؤسسات القروض للأفراد والتعاونيات والبعض الآخر للأفراد فقط، وذلك بمختلف أنواع النشاط الزراعي ولفترات قصيرة ومتوسطة وطويلة الأجل.

ومن المفيد الإشارة إلى أن كل من البلدين  تتوفر لديها موارد طبيعية وبرية جاهزة لتنمية الزراعة، ولكن تنقصها الموارد المالية

ويمكن إيجاز مصادر تمويل الاستثمار الزراعي في كل من الجزائر ومصر في:[29]

- قروض محلية

- قروض خارجية مباشرة لتمويل الاستثمار الزراعي

- تمويل ذاتي من قبل الأفراد والمؤسسات

- قروض مصرفية، سواء من البنوك الزراعية المتخصصة او البنوك التجارية

- صناديق التنمية الزراعية

- مؤسسات التمويل العربية

ويمكن التعرف على أنواع السياسات الاستثمارية والإقراضية من واقع تجارب الدول العربية بالإقراض والائتمان كما يلي:

أ - التخطيط المركزي:  حيث تتولى السلطات العامة المركزية توفير الأموال اللازمة للقروض الزراعية، وفقا للخطط المقررة من الأجهزة المركزية، والتي تتحدد من خلالها كمية الأموال اللازمة للتنفيذ، وكذلك أسعار الفائدة، كما تتولى المؤسسات العامة والشركات عمليات الاستيراد والتوزيع، وقد تحدد هذه الاجهزة كمية الصادرات والموارد اللازمة لتلبية الطلب على العملات الاجنبية اللازمة للتنفيذ.

ب - الاقتصاد الحر: وهذا وفقا لنظام السوق، حيث تتم عمليات الإقراض عبر الشركات الخاصة ، ويتسم الإقراض والائتمان في هذه الدول بسيطرة القطاع الخاص مع بقاء القطاع العام ليقوم بتأمين مستلزمات الإنتاج المستوردة من الخارج . وقد اتسم الأداء العام لهذه المجموعة بالاستقرار إذ زادت حصة الزراعة من إجمالي القروض الممنوحة في كل من مصر والجزائر.[30]

ومن الملاحظ أن معظم التمويلات في القطاع الزراعي يتم في القطاعات الأقل مخاطرة كقطاع الأراضي المروية، وكذلك في المناطق مضمونة الأمطار، أما المناطق القليلة الأمطار فتتم عبر التمويل الذاتي.

3 - سياسات التسعير:

تلعب الأسعار والسياسة التسعيرية للمواد الزراعية أهمية بالغة لجهة توجيه الموارد بين مختلف أنواع الإنتاج وتوزيع الإنتاج بين المستهلكين، إضافة إلى التأثير في توزيع المداخيل وتأثيره على حجم الاستهلاك وكذلك على العائد الصافي للتجارة الخارجية الزراعية. كما تلعب دورا أساسيا في حجم المدخرات وبالتالي الاستثمارات الزراعية وأخيرا التأثير على المزارعين والمستهلكين.

كما للأسعار الزراعية تأثير مباشر على مستوى التضخم والبطالة والنمو الاقتصادي، وعليه فمن الأهمية بمكان معرفة رد الفعل المباشر على رفع الأسعار من قبل المستهلكين والمنتجين.

ومن حيث المبدأ هناك مجموعتين لكل منهما مصالحها من سياسة الأسعار الزراعية، وتتمثل الاولى في فئة المزارعين والمنتجين ومن يمثلهم في الهيئات المحلية والمركزية في الدولة؛ والفئة الثانية وهي فئة المستهلكين التي يهمها ثبات الأسعار وعدم تقلبها ارتفاعا حفاظا على مستوى المعيشة .

وبما أن الزراعة ومنتجاتها مرتبطة بالعديد من العوامل والظروف المتغيرة بشكل مستمر ما يؤثر في أسعار المنتجات ارتفاعا بشكل عام، ما يستدعي في غالب الأحيان تدخلا حكوميا لاتخاذ وتنفيذ الإجراءات الملائمة للوضع الطارئ .وهناك طرق عدة من الممكن أن تنتهجها الحكومات ومنها، ترك الأمور دون التدخل بداية لكي يأخذ العرض والطلب مداه ولتستقر الأسعار بعدها، أو القيام بالتدخل في تحديد أسعار المنتجات الزراعية ومتطلباتها دون الأخذ بعين الاعتبار موضوعي العرض والطلب ، وفي هذه الحالة يكون التدخل تدخلا حمائياَ لبعض السلع الحيوية للمواطنين كالقمح  وبشكل عام لقد استهدفت السياسات التسعيرية في كل من مصر و الجزائر عدة مسائل أبرزها:[31]

- حل موضوع التنافس بين المنتجات الزراعية والقطع الزراعية المحدودة.

- زيادة الإنتاج الغذائي لعدم الاعتماد على الخارج

- تحقيق الاستقرار في الأسعار وبالتالي استقرار المداخيل الزراعية وتأمين حماية المستفيدين من الإنتاج الزراعي.

- رفع مستوى معيشة العاملين في المجال الزراعي عبر تطوير استخدام الموارد المتاحة لاستصلاح الأراضي وزيادة إنتاجيتها وتقديم الحوافز كالقروض الميسرة للمزارعين.

- تحقيق فائض في المنتجات الزراعية بهدف زيادة التصدير وإدخال العملات الصعبة,

- زيادة الإنتاج الزراعي بهدف الاكتفاء الذاتي وتحسين نصيب الزراعة في الميزان التجاري.

أما أهم السياسات التسعيرية التي تمّ اللجوء إليها في بعض البلدان العربية فأبرزها:

- سياسة تحديد الأسعار بمختلف مراحلها، بدء من وسائل الإنتاج وصولا إلى المنتجات.

- سياسة الدعم على مستلزمات الإنتاج ،الصادرات والواردات؛وقد يكون الدعم مباشرا عبر تأثر كل القطاع الزراعي به؛وقد يكون غير مباشر عبر إلغاء أو تخفيض الرسوم الجمركية، أو تحديد الحكومة حجم معين من مشترياتها الزراعية المحلية حفاظا على سعر معين للمنتجات.

- سياسة الإعانات المالية وتتخذها الحكومات في الدول الغنية لتشجيع زراعة معينة.

- سياسة الأسعار التشجيعية التي تهدف إلى التوسع في إنتاج بعض الزراعات ، حيث تفرض سعر تشجيعي لشراء سلع معينة .

- سياسة الأسعار الجبرية حيث تحدد الحكومة سعر السلعة حماية للمستهلكين والمنتجين وبخاصة المواد الغذائية الحيوية كالحبوب واللحم والألبان والأجبان.

- سياسة ضريبة الدخل حيث تلجأ الحكومات إلى إعفاء المزارعين من ضريبة الدخل، والإعفاء الجمركي للأدوات التي تدخل في دورة العمل الزراعي كالآلات الزراعية والمبيدات الحشرية والأسمدة.

3-فشل سياسات البحث والإرشاد الزراعي: إن نشر واستخدام التكنولوجيا الزراعية المحسنة والممارسات الزراعية الجيدة في مناطق مختلفة من العالم يعود لآلاف السنين، حيث ظهرت في عدة دول منها الصين وبلاد الرافدين ومصر والأمريكتين، ويعود أصل الإرشاد الزراعي إلى ايرلندا والمملكة المتحدة خلال منتصف القرن التاسع عشر، وفي الولايات المتحدة الأمريكية تم توسيع عمل الجامعات خارج الحرم الجامعي وداخل المجتمعات المجاورة، حيث تم منح الأراضي للجامعات التي أنشأت أصلا من مؤسسات تعليمية خلال العام 1860 ، وأضيفت أنشطة البحوث في عام ، وكانت أنشطة الإرشاد بدأت في 1890 ثم أضيفت رسميا في عام 1914، لتصبح جزءا من مهام الجامعة الرسمية[32].

ويهدف الإرشاد الزراعي إلى تدريب العمالة الزراعية على أسس علمية حديثة ترتكز أساسا على تبني النماذج والتقنيات الزراعية الحديثة، بهدف تخفيض التكاليف وتحسين الإنتاجية النوعية بالإضافة إلى التعرف على العقبات التي يصادفها المنتجون الزراعيون ومحاولة تشخيصها ، ونقلها إلى مراكز البحث والإرشاد الزراعي لدراستها وتحديد الطرق المناسبة للتعامل معها. ويعتبر دعم البحث الزراعي سلاحا ذوا حدين فمن جهة يساهم في تحسين الأمن الغذائي العربي الذي تزداد حدته كل يوم، ومن جهة ثانية له دور فعال في تطوير القطاع الزراعي، وبذلت الدول العربية جهودا كبيرة في هذا الشأن حيث فتحت أغلبها معاهد ومخابر مختصة في البحث والإرشاد الزراعي غير أنها لم تصل إلى مستوى تحقيق أهدافها المرجوة. [33]

4- تواضع التقدم التقني في الإنتاج الزراعي في الجزائر ومصر وضعف الخدمات الزراعية المساندة:

يتمثل التحدي الحقيقي للزراعة العربية في القدرات على التوسع في استخدام التقنيات الزراعية الحديثة لزيادة الإنتاج الزراعي، ولمواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة الناجمة عن عجز الإنتاج الزراعي عن تغطية الاحتياجات الاستهلاكية من سلع الغذاء الرئيسية، حيث بلغ معدل استخدام المكننة الزراعية لعام 2014 (1 جرار  لكل 1000 هكتار) بحوالي 11 مقابل 20 عالميا، أما استخدام الأسمدة: بحوالي 84,4 مقابل 141,3 عالميا وهذا ما أثر على الإنتاجية التي بلغت حوالي 1,82 مقابل 3,85 عالميا.[34]

مما يزيد من اتساع الفجوة التقنية القصور الواضح في الاستثمارات الموجهة للبحوث والتطوير التقني الزراعي في البلدان العربية، وضعف الإرشاد الزراعي بصفة خاصة، ويمكن القول أنه من الممكن أن تزيد الدول العربية من الإنتاجية الزراعية عن طريق تطوير تطبيقات نقل التقنية الحديثة ويتم ذلك من خلال زيادة الاستثمار في هذه المجالات وتعزيز الحوافز المقدمة للبحوث الزراعية في البلدان العربية وإشراك القطاع الخاص في الاستثمار في الخدمات الزراعية.[35]

5- مشاكل التسويق الزراعي:  يعرف التسويق الزراعي على أنه : انجاز للأنشطة التجارية التي تتضمن تدفق السلع والخدمات من نقطة ظهور المحاصيل والمنتجات لغاية وصولها وبأس شكل كان إلى المستهلك الأخير، ويهدف التسويق الزراعي إلى تسهيل تبادل السلع الزراعية والغذائية والخدمات المرتبطة بها بالأسعار والنوعيات المناسبة والمقبولة من كافة أطراف العملية الزراعية[36].

إن دراسة التسويق الزراعي مهم لعدة اعتبارات تكتنف الإنتاج الزراعي منها أن هذا الأخير يتميز بالتخصص في الإنتاج وخضوعه للعوامل الطبيعية كنوعية التربة التي تفرض منتج زراعي معين، بالإضافة إلى التأثر بالموسمية الإنتاجية، كما أن الإنتاج الزراعي لا يعرف النمطية الموجودة في الصناعة، فبالنسبة للمنتج الواحد توجد اختلافات كبيرة نتيجة اختلاف التربة والمناخ بالإضافة إلى اختلاف وسائل الإنتاج الشيء الذي يتطلب عملية الفرز، كما أن الإنتاج الزراعي معرض للتلف.[37]

 

 

 

 

خاتمة:

من خلال المقارنة بين السياسة الزراعية في كل من مصر و الجزائر خلصنا إلى ما يلي:

-يعتبر ملف الأمن الغذائي من الموضوعات الحساسة التي تواجه الزراعة في البلدين  نظرا لما له من أبعاد اقتصادية وسياسية وبيئية واجتماعية، ويرتبط ارتباطا مباشرا بالقطاع الزراعي كونه المسئول عن إنتاج السلع الغذائية وتوفير متطلبات السكان من الغذاء؛

-رغم الجهود المبذولة من طرف الدولتين  بهدف رفع كفاءة قطاعها الزراعي، إلا أن غياب إرادة سياسية قوية يحول دون تحقيقها لذلك؛

-الإصلاحات الزراعية التي تبنتها الدولتان مطلع الألفية الجديدة لم تحقق تقدما يذكر بسبب، تغليب الأهداف السياسية على الاقتصادية، بالإضافة لعدم كفاءة الموارد البشرية؛

-ضعف الاستثمارات الموجهة لقطاع الزراعة وعزوف القطاع الخاص عن الاستثمار في المجال الزراعي كونه في نظره قليل الربحية مقارنة بالقطاعات الأخرى؛

-إهمال البلدان للصناعات الزراعية الغذائية، رغم دورها الفعال في تحقيق الأمن الغذائي بالإضافة إلى نقص الكوادر المتخصصة في هذا النوع من الصناعات؛

-تهميش البحث العلمي الزراعي، مما أثر سلبا على مردودية القطاع الزراعي في الدولتين، وساهم في تدني الإنتاج والإنتاجية، مما نتج عنه تراجع في مستويات الأمن الغذائي العربي المشكلات والعقبات التي تعاني منها الزراعة في البلدين تعوق زيادة الإنتاج، وتحول دون توفير الغذاء الآمن والصحي للسكان.

ومن خلال ما تم التطرق إليه من استنتاجات وما جاء في هذا البحث فإننا نقترح جملة من التوصيات:

-يجب على كل من الجزائر و مصر وضع القطاع الزراعي ضمن استراتيجيات التنمية العملاقة كما هو الشأن لقطاعي السلع الأولية والخدمات، وتدعيمه بكل الوسائل المادية والبشرية والمحافظة على الموارد الطبيعية والتي من شأنها أن تدفع بعجلة التنمية الاقتصادية عن طريق إدخال عنصر البحث والتطوير في المجال الزراعي، والاستخدام الأمثل للتقنية الحديثة؛ وإتباع أسس سليمة ووضع سياسات زراعية إستراتيجية دقيقة ومحددة وذات أهداف واقعية وعقلانية ولها خلفيات إستراتيجية يترتب عنها تحسين أمنها الغذائي والمساهمة في ترقية وتطوير الصادرات خارج الإطار النفطي، بالإضافة إلى  إطلاق مزيد من برامج التنمية الريفية بامتيازات عالية للحد من ظاهرة الهجرة الريفية بهدف إعادة إعمار الريف وبعث روح زراعة الأرض من جديد، هذا ما يؤدي إلى إعطاء مكانة مناسبة للقطاع الزراعي ضمن باقي القطاعات الاقتصادية.

 



[1] هيشر أحمد التيجاني، مدى مساهمة قطاع الزراعة الجزائري في الإقتصاد الوطني من خلال دراسة سلوك متغيران حساب الإنتاج وحساب الإستغلال للفترة 1974-2012 ، رسالة دكتوراء في العلوم الإقتصادية فرع إقتصاد كمي، جامعة أبو بكر بلقايد، تلمسان، 2015-2016، ص 31.

[2] عزيزان يوسف، ملتقى حول السياسات الزراعية وأثرها على أوضاع الأمن الغذائي في الجزائر (بالإشارة إلى إنتاج القمح 2000 -2012) ، الإثنين 23 صفر ديسمبر 2004، ص 4.

[3] محمد عمرة حماد أبو دوح، منظمة التجارة العالمية واقتصاديات الدول النامية الدار الجامعية، الإسكندرية، 2003، ص126.

[4] دوح مسيكة بوفامة، فوزية غربي، الإصلاحات في قانون الاستثمار وتأثير ذلك على مناخ الاستثمار " مجلة علوم الاقتصاد والتسيير والتجارة"، جامعة الجزائر، عدد 15، 2006، ص 40

[5] علي يوسف خليفة، القواعد الاقتصادية الزراعية بين النظرية والتطبيق في مصر وبعض المقتصدات الزراعية العربية، منشأة المعارف، الإسكندرية 2001، ص 300

[6] مخلوفي نبيلة، حمرراس خيرة، السياسة الزراعية في الجزائر،مذكرة مكملة لنيل شهادة الماستر في العلوم الاقتصادية، قسم العلومالاقتصادية، جامعة يحي فارس، المدية، الجزائر، 2016/2017، ص 05.

[7] فوزية ،غربي الزراعة الجزائرية بين الاكتفاء والتبعية أطروحة دكتوراه دولة في العلوم الاقتصادية فرع ا اقتصاد جامعة منتوري قسنطينة 2007/2008، ص 75.

 

[8] مخلوفي نبيلة، حمرراس خيرة، السياسة الزراعية في الجزائر، المرجع السابق، ص 06.

[9] منى رحمة، السياسات الزراعية في البلدان العربية، سلسلة أطروحات الدكتوراء 36، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت- لبنان، 2000، ص 71.

[10] عبد الرزاق الهلالي، المجتمع الريفي العربي والإصلاح الزراعي، دار الكتاب العربي للطباعة والنشر، القاهرة، ص 589.

[11] مبروك مقدم، الإتجاهات الزراعية وعوائق التنمية الزراعية في البلدان النامية ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1993، ص24.

[12] فوزية غربي، المرجع السابق ، ص 86.

[13] مخلوفي نبيلة، حمرراس خيرة، السياسة الزراعية في الجزائر، المرجع السابق، ص 07.

[14] فوزية غربي، المرجع السابق ، ص 89.

[15] المرجع نفسه ، ص 89.

[16] مخلوفي نبيلة، حمرراس خيرة، السياسة الزراعية في الجزائر، المرجع السابق، ص 09.

[17] حركاتي فاتح، اسهامات الزراعة في التنمية الاقتصادية في الجزائر"، المجلة العلمية للبحوث والدراسات التجارية، المجلد 28 العدد الرابع الجزء الأول، كلية التجارة وإدارة الأعمال 2014، ص 341

[18] المجلس الوطني الاقتصادي الاجتماعي "مشروع دراسي حول استراتيجية التنمية الفلاحية"، الدورة 18 جويلية 2001، ص: 48.

[19] وزارة الفلاحة " المخطط الوطني للتنمية الفلاحية"، "نظام الدعم عن طريق الصندوق للضبط والتنمية الفلاحية"، ص ص: 71-72.

[20] زرمان كريم، " التنمية المستدامة في الجزائر من خلال برنامج الإنعاش الاقتصادي (2001-2009)، أبحاث اقتصادية وإدارية، العدد السابع جوان 2010، المركز الجامعي خنشلة، ص 209.

[21] حركاتي فاتح ، اسهامات الزراعة في التنمية الاقتصادية في الجزائر، مرجع سابق، ص 325.

[22] وكالة الأنباء الجزائرية البرنامج الخماسي 2018-2019 الأولوية للقطاعات المنتجة". www.aps.dz

[23] أحمد بيومي، تنمية القطاع الزراعي في مصر، المركز المصري للفكر و الدراسات الاستراتيجية، https://ecss.com.eg/ .

[24] فوزي عبد العزيز الشاذلي وآخرون، "التركيب المحصولي في ظل المخاطر و النتغيرات المحلية والدولية، "مؤتمر نحو وضع سياسات جديدة للنهوض بالقطاع الزراعي في مصر"، مركز البحوث والدراسات الاقتصادية والمالية، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، 2 أكتوبر، مصر، 2009 ، ص2.

[25] التقرير الاقتصادي العربي الموحد، المدونة الإحصائية، 2015 ، ص ص: 576-579.

[26] وزراة الزراعة واستصلاح الأراضي المصرية eg.gov.egypt-agr.www

[27] منى رحمة، السياسات الزراعية في البلدان العربية، مركز دراسات الوحدة العربية، الطبعة 01، بيروت، لبنان، 2000، ص 24.

[28] خليل حسين، السياسات الزراعية في الدول العربية، دار المنهل البناني، بيروت 2006، ص ص 128-129.

[29] خليل حسين، السياسات الزراعية في الدول العربية، المرجع السابق، ص 130.

[30] خليل حسين، السياسات الزراعية في الدول العربية، المرجع السابق، ص 132.

[31] خليل حسين، السياسات الزراعية في الدول العربية، المرجع السابق، ص ص 133-138.

[32] البنك الدولي، تقوية الارشاد الزراعي و الخدمات الاستشارية، ترجمة: جمال محمد الرشيدات و آخرون، 2014، ص ص 1-2.

[33] تواتي بن علي فطيمة، الاندماج الاقتصادي و استراتيجيات تحقيق الأمن الغذائي العربي، اطروحة دكتوراه في العلوم الاقتصادية، جامعة حسيبة بن بو علي ، الشلف، الجزائر، 2014، ص 214.

[34] المنظمة العربية للتنمية الزراعية، أوضاع الأمن الغذائي العربي، 2014، ص 02.

[35] المرجع نفسه، ص 10.

[36] محمد عبيدات، التسويق الزراعي، دار وائل للنشر، عمان، 2000، ص 17.

[37] محمود ياسين، القتصاد الزراعي-إدارة المزارع- التسويق، مديرية الكتب الجامعية، دمشق، 1977، ص 147.

NomE-mailMessage